
كييف عادت "مستباحة".. كيف تعلم الروس خداع "باتريوت" الأميركي؟
كييف- بعد يوم صاخب بصافرات الإنذار وأصوات الضربات الصاروخية الروسية، ثم سيارات الإسعاف والإطفاء والشرطة والدفاع المدني وغيرها، دخل سكان العاصمة كييف في صمت وحداد لم يشهدوه منذ بداية الحرب ، حزنا على 12 قتيلا و87 مصابا، هم سكان مبنى سكني، استهدف -أول أمس الخميس- داخل حي سفياتوشينسكي بالمدينة، فدُمر بالكامل.
لاحقا، كشف الأوكرانيون عن أن الصاروخ الذي استخدم لضرب المبنى "باليستي كوري شمالي من طراز كي إن-23″، قامت روسيا بتطويره ليصبح عالي الدقة، وفشلت الدفاعات الجوية في اعتراضه.
وجدد وصول الصاروخ إلى هدفه تساؤل الأوكرانيين عامة، وسكان كييف خاصة، عن حقيقة قوة ونجاعة دفاعاتهم الجوية، التي يتصدرها نظام " باتريوت" الأميركي، بعد سنوات من "أمان نسبي" عززته تلك الدفاعات.
وتعرضت العاصمة كييف لعدة ضربات خلال الأسابيع الماضية، من الصواريخ و المسيّرات الهجومية ، رغم أنها تمت بأعداد قليلة نسبيا، إذا ما قورنت بضربات العامين 2023 و2024.
تكتيك التركيز
أول إجابة عن هذه التساؤلات قدمتها القوات الجوية الأوكرانية، بالإشارة إلى أن الروس اتبعوا تكتيكا جديدا منذ نحو 40 يوما، يركزون من خلاله على ضرب أهداف في مقاطعة أو مدينة معينة أكثر من غيرها يوميا، ومن عدة جهات في آن واحد، ثم ينتقلون في اليوم التالي إلى أهداف في مقاطعة أو مدينة أخرى.
بهذا، تُكثف الضربات على منطقة معينة، الأمر الذي يصعّب على دفاعاتها تدمير كل الصواريخ والمسيرات، ومن ثم يحقق نجاحا أكبر للروس، زادت نسبته من نحو 30% في بداية 2024 إلى ما يتجاوز 60% مؤخرا.
خداع "باتريوت"
وبسبب التكلفة العالية لمنظومات باتريوت الأميركية و" إريس" الألمانية وغيرها، أحجمت أوكرانيا عن استخدام هذه النظم المتطورة لإسقاط المسيّرات المنخفضة التكلفة والمحدودة الأثر، وخصصتها لاعتراض الصواريخ الباليستية و المجنحة و الفرط صوتية حصرا.
لكن هذه النظم أخفقت مؤخرا في اعتراض كثير من تلك الصواريخ -كما حدث في كييف- والسبب يكمن في قدرة الروس على "خداع باتريوت"، حسبما يرى الخبير فاليري رومانينكو، الباحث في جامعة "ناو" للطيران.
وقال رومانينكو للجزيرة نت إن نظام الدفاع الجوي باتريوت هو الوحيد القادر على تدمير الصواريخ الباليستية، لكن الروس طوروا صواريخهم على النحو التالي:
عززوا قدرتها على المناورة وسلوك مسارات ملتوية ومعقدة، تصعب اعتراضها، خاصة أن نظام "باتريوت" يحدد قبل إطلاق صواريخه نقطة التقاء مع الهدف الجوي.
اعتمدوا "الفخاخ" في صواريخ "إسكندر" الباليستية ، وهي أجسام مدمجة مع الصاروخ، يصل عددها إلى 6، وعندما تنفصل في لحظة معينة، تشتت قدرة نظام الدفاع الجوي، وقد تخدعه بنجاح.
عيوب باتريوت
ويتطرق الخبير كذلك إلى "عيوب" تكشفت في نظام باتريوت، حدّت من قدرته على مواجهة الصواريخ المطورة بالتكتيكات الروسية الجديدة.
يوضح ذلك للجزيرة نت بقوله إن "الروس يأخذون بالاعتبار حقيقة أن رادار باتريوت يعمل بشكل مقطعي مقداره 90 درجة قبل أن يغير الزاوية إلى أخرى، وليس بطريقة الدوران 360 درجة التقليدية".
ويضيف أن "صواريخ باتريوت المضادة تنطلق على مسافة تتراوح بين 25 و35 كيلومترا من اقتراب الهدف الجوي، فإذا كانت الصواريخ قادمة من اتجاهات مختلفة نحو هدف واحد، وتبتعد عنه مسافة متقاربة، فلن يكون لدى باتريوت ببساطة الوقت لإعادة التصويب على جميعها. لقد استفاد الروس من هذا العيب استفادة كاملة".
إعلان
هذا بالإضافة إلى عجز باتريوت عن اعتراض الصواريخ الباليستية التي تسلك مسارات غير تقليدية، ملتوية ومعقدة، وفق ما ذكره الخبير أعلاه.
مطالب بمزيد
ومع ذلك، يبقى باتريوت أفضل نظام دفاع جوية تستخدمه أوكرانيا منذ أواخر عام 2022، لأنه "فعال للغاية"، كما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل أسابيع.
وجدد زيلينسكي، أمس الجمعة، مطالبة "الشركاء" في الدول الغربية بمزيد من "باتريوت" وغيره من نظم الدفاعات الجوية، وكذلك فعلت وزارة الخارجية.
لكن الأمر لا يسير كما تشتهي أوكرانيا بسبب إحجام الإدارة الأميركية عن تخصيص أي دعم عسكري جديد لكييف، أو مباركة أي مبادرة غربية في هذا الصدد.
بدوره، كشف المحلل العسكري إيفان ستوباك -وهو خبير في "المعهد الأوكراني للمستقبل"، ومستشار سابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني- عن أنه "بوصول الرئيس ترامب إلى الحكم في الولايات المتحدة، تعثرت محاولات أوكرانيا لشراء أنظمة باتريوت اعتمادا على أموال الأصول الروسية المجمدة في الغرب".
ولفت في حديث للجزيرة نت إلى أن "سعر النظام الواحد ارتفع من 1.5 مليار دولار في أولى سنوات الحرب إلى 1.8 مليار حتى فبراير/شباط الماضي، وهذا يصعب الأمر على ميزانية البلاد، التي تعتمد بنسبة كبيرة على دعم الحلفاء".
حلم البدائل
ويبدو كأن أوكرانيا في طريق مسدود مخرجه الوحيد ما يتكرم به "الحلفاء"، إن صح التعبير، والمحاولات المحلية لتطوير أنظمة بديلة. ولمّح الرئيس زيلينسكي فعلا إلى ذلك في 23 فبراير/شباط الماضي، في أثناء مؤتمر صحفي عقد بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لبداية الحرب (في 24 فبراير/شباط 2022)، إذ قال إن بلاده تعمل على تطوير نظام محلي على غرار باتريوت.
وهذا الحلم قد يكون تحقيقه صعبا وبعيدا، لكنه ممكن، حسب الخبير رومانينكو، الذي يرى أن "أوكرانيا طورت كثيرا من أنظمتها الصاروخية الهجومية منذ بداية الحرب، وتحولت للاعتماد بنسبة 96% على المسيّرات الفعالة محلية الصنع بدءا من الصفر".
ومن ثم، يضيف رومانينكو، "لا نستبعد قدرتها على إحداث نقلة نوعية في مجال الدفاع الجوي، لاعتراض الصواريخ أو المسيرات بكفاءة وتكلفة أقل".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 أيام
- الجزيرة
كيف تفاعل رؤساء أميركيون مع نبأ إصابة بايدن بسرطان شرس؟
03:04 شبكات أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورؤساء سابقون للبيت الأبيض عن تعاطفهم مع جو بايدن الذي أعلن مكتبه عن إصابته بالسرطان. اقرأ المزيد المصدر : الجزيرة


الجزيرة
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
بايدن يتهم ترامب باسترضاء روسيا
اتهم الرئيس الأميركي السابق جو بايدن خليفته دونالد ترامب بـ"استرضاء موسكو" معتبرا ضغوط خليفته الجمهوري على أوكرانيا للتخلي عن أراضٍ لصالح روسيا بأنه "أحد أشكال الاسترضاء العصري. لكن لن تشبع موسكو أبدا". وفي مقابلة حصرية هي الأولى له منذ مغادرته البيت الأبيض، قال بايدن لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتقد أن أوكرانيا جزء من "روسيا الأم" مضيفا أن "أي شخص يعتقد أنه سيكف عن هذا فهو أحمق". واقتبس بايدن تعبير "الاسترضاء العصري الحديث" من رئيس الوزراء البريطاني الراحل نيفيل تشامبرلين ، الذي سعى أواخر ثلاثينيات القرن الماضي إلى استرضاء مطالب الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر في محاولة فاشلة لتجنب حرب كارثية شاملة في أوروبا. قلق الحلفاء ونهم بوتين وقال بايدن -في المقابلة التي جرت أول أمس الاثنين وبثتها "بي بي سي" اليوم الأربعاء- مبديا رأيه في بوتين "لا أفهم كيف يظن الناس أننا إذا سمحنا لدكتاتور، بلطجي، بالاستيلاء على مساحات كبيرة من أرض لا تخصه فإن ذلك سيشبعه..لا أفهم على الإطلاق". كما عبر الرئيس الديمقراطي السابق أيضا عن قلقه من أن "أوروبا سوف تفقد الثقة في أميركا وقيادتها، وأن قادة أوروبا "يتساءلون: ماذا نفعل الآن؟.. هل يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة؟". كما أعرب عن خشيته من أن بعض دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) المجاورة لروسيا قد "تقول ببساطة إن علينا تقديم تسوية" لبوتين إذا تخلت أوكرانيا في النهاية عن أراضٍ. وأعرب بايدن -الذي تحدث بالتزامن مع احتفال دول الحلفاء بالذكرى الـ80 لـ"يوم النصر" في أوروبا- عن قلقه إزاء انهيار العلاقات الأميركية الأوروبية في عهد ترامب الذي قال إنه سيُغير "التاريخ الحديث للعالم". وردا على سؤال عن معاملة الإدارة الحالية لحلفاء الولايات المتحدة، أدان بايدن دعوات ترامب للولايات المتحدة لاستعادة قناة بنما، والاستحواذ على غرينلاند، وجعل كندا الولاية رقم 51. وقال بايدن "ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم؟ أي رئيس يتحدث بهذه الطريقة؟ هذا ليس من طبيعتنا". نحن ندافع عن الحرية والديمقراطية والفرص، لا عن المصادرة". وردا على سؤال آخر حول ما إذا كان قد قدم دعماً كافيا لكييف لضمان انتصارها في الحرب بدلا من الاكتفاء بمقاومة الغزو الروسي الشامل، قال بايدن "لقد قدمنا لهم كل ما يحتاجونه لضمان استقلالهم، وكنا مستعدين للرد بقوة أكبر إذا تحرك بوتين مجدداً". وفي إجابته عن سؤال آخر حول "أول 100 يوم" لترامب في منصبه، قال بايدن عن حالة البلاد عندما غادر البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني "كان اقتصادنا ينمو. كنا نسير باتجاه يشهد ارتفاعا حادا في سوق الأسهم. كنا في وضعٍ يوسع نفوذنا حول العالم بشكل إيجابي، ونزيد حجم التجارة".


الجزيرة
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
هجوم أوكراني بكورسك والناتو يسعى لتزويد كييف بمنظومات باتريوت إضافية
شنت قوات أوكرانية، اليوم الاثنين، هجوما داخل منطقة كورسك غرب روسيا باستخدام مركبات مدرعة لعبور الحدود وحقول الألغام، في حين يبحث حلف شمال الأطلسي (الناتو) تزويد كييف بأنظمة دفاع جوي إضافية من طراز "باتريوت". وذكر المدون العسكري الروسي "آر في فوينكور" على منصة تلغرام أن القوات الأوكرانية فجرت جسورا بصواريخ ليلية وبدأت بالتوغل في الصباح بمركبات مدرعة وأخرى مخصصة لإزالة الألغام وسط اشتباكات عنيفة على الحدود. من جهتها، قالت قناة روسيا اليوم إن "قوات خاصة ووحدات روسية أخرى تصدوا لمحاولة توغل جديدة للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك، حيث تمكنت الطائرات المسيرة والقصف المدفعي الدقيق من منع تسلل قوات كييف وهزيمتها". وكان رئيس أركان الجيش الروسي قد أعلن الشهر الماضي إنهاء أكبر توغل أوكراني منذ الحرب العالمية الثانية ، بعد طرد القوات الأوكرانية من كورسك، وإنشاء منطقة عازلة داخل منطقة سومي الأوكرانية المجاورة. من جهته، أعلن الجيش الأوكراني أنه استهدف -أمس الأحد- وحدة قيادة الطائرات المسيرة الروسية قرب قرية تيوتكينو في كورسك، وهي المنطقة التي تحاول كييف التقدم نحوها، وفق مدونين عسكريين روس. تزويد أوكرانيا بأنظمة باتريوت وفي غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة وشركاءها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يناقشون تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي إضافية من طراز "باتريوت"، في ظل تزايد الحاجة الأوكرانية لإسقاط الصواريخ الروسية. وقالت صحيفة " نيويورك تايمز" الأميركية إن واشنطن تخطط لإرسال منظومة "باتريوت" من مخزونها في إسرائيل بعد تحديثها، بينما يناقش الحلفاء خيارات لوجستية في ألمانيا أو اليونان لتأمين نقل المنظومات الإضافية. ويذكر أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ناقش هذه المسألة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقاء جمعهما على هامش جنازة البابا فرانشيسكو في الفاتيكان الشهر الماضي. وأكد زيلينسكي سابقا استعداد كييف لشراء 10 وحدات من منظومة "باتريوت". وحسب موقع "ديفينس إكسبريس" الأوكراني، تمتلك أوكرانيا حاليا 7 أنظمة باتريوت قيد التشغيل حتى أبريل/نيسان الماضي. ورغم تداول اسم اليونان كمزود محتمل، نفت أثينا مشاركتها في أي خطة لتسليم أنظمة "باتريوت" لأوكرانيا، مؤكدة أن خلافاتها الأمنية مع تركيا تجعل هذه الخطوة غير واردة. وقال مسؤول من الحكومة اليونانية لرويترز "لا مجال لأن تزود اليونان أوكرانيا بأنظمة باتريوت".