
بزشكيان إلى أرمينيا وبيلاروسيا وسط قلق من حضور أميركي في القوقاز
زيارة رسمية
هي الأولى له إلى البلدين منذ توليه منصبه قبل عام، مؤكداً أن زيارته إلى
أرمينيا
تأتي استكمالاً لسلسلة زيارات إلى الدول الجارة، التي تضعها طهران في صلب أولويات سياستها الخارجية.
وقال بزشكيان في تصريحات بمطار طهران قبيل مغادرته إلى يريفان، إن إيران "ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الدولة الصديقة والجارة أرمينيا"، مشدداً على أهمية تعزيز "العلاقات في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية". وأوضح أن مباحثاته ستتناول مشروع ممر الشمال ـ الجنوب، إضافة إلى بحث إمكانيات تطوير خط التجارة من الشرق إلى الغرب، وجعله مساراً فاعلاً في توسيع التبادلات الإقليمية.
ويُعدّ "ممر الشمال - الجنوب" أحد أضخم مشاريع النقل الدولي، وقد طُرح لأول مرة خلال قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1992، باعتباره الممر التاسع من بين عشرة ممرات استراتيجية مقترحة. وفي عام 2000، وقّعت كل من إيران والهند وروسيا الوثيقة الأولى لإنشائه في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، ليشكّل ذلك النواة الرسمية للمشروع. وعام 2016، انضمّت مجموعة من الدول إلى المبادرة إلى جانب الدول الثلاث المؤسسة، وهي: سلطنة عمان، تركيا، كازاخستان، أرمينيا، قرغيزستان، طاجيكستان، بيلاروسيا، أوكرانيا، سورية، وبلغاريا.
تقارير دولية
التحديثات الحية
اتفاق أرمينيا وأذربيجان برعاية ترامب: تكريس تراجع دور روسيا
ويتكوّن هذا الممر من شبكة متكاملة من الخطوط البحرية والبرية وسكك الحديد، تمتد لمسافة تُقدَّر بنحو 7200 كيلومتر. وينطلق من مدينة بومباي الهندية، رابطاً المحيط الهندي ومنطقة الخليج ببحر قزوين عبر الأراضي الإيرانية، ثم يتجه شمالاً نحو مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، ومنها إلى شمال القارة الأوروبية، وصولاً إلى العاصمة الفنلندية هلسنكي.
وتأتي زيارة بزشكيان إلى يريفان، بعد توقيع
اتفاق سلام
بين رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في الولايات المتحدة، برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التاسع من الشهر الحالي في البيت الأبيض، تضمن بناء ممر تحت إدارة أميركية، بمحاذاة الحدود الإيرانية ـ الأرمينية، بهدف ربط جمهورية نخجوان بإقليم أذربيجان الرئيسي، الأمر الذي أثار غضب طهران واحتجاجها باعتبار الخطوة محاولة لتغيير الجغرافيا السياسية لجنوب القوقاز.
وحول هذه المخاوف، أوضح بزشكيان أن القلق الإيراني يتمحور حول "إمكانية دخول الشركات الأميركية إلى المنطقة تحت غطاء الاستثمار، في حين أن التجارب السابقة أظهرت أن لأنشطتها أهدافاً أخرى"، مؤكداً أن هذه الهواجس ستكون مطروحة للنقاش خلال الزيارة.
من جهته، شدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في تصريح لوكالة "إرنا" الحكومية، اليوم الاثنين، على أن بلاده "لن تقبل بأي تعديل في الحدود الجيو- سياسية لجنوب القوقاز"، مضيفاً أن زيارة الرئيس إلى أرمينيا ستتناول هذا الملف بشكل أساسي. وأوضح أن المقصود بالتغييرات الجيو-سياسية هو "المساس بالحدود المعترف بها دولياً، أو نقلها، أو الانتقاص من سيادة أي من دول المنطقة ووحدة أراضيها"، محذّراً من أي استغلال لأراضٍ أرمينية قد يقود إلى احتلال أو إضعاف السيادة الوطنية.
وفي جانب آخر، أشار بزشكيان إلى أن زيارته لبيلاروسيا تكتسب أهمية خاصة، لافتاً إلى أن مواقف البلدين "تتقارب في السنوات الأخيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فضلاً عن التعاون الثقافي والعلمي". وأشاد بمواقف مينسك في المحافل الدولية، خاصة "الدفاع عن مواقف الجمهورية الإسلامية والإدانة القاطعة للهجمات الإسرائيلية وتبنّي مواقف حازمة إزاء ما يجري في غزة". وأضاف الرئيس الإيراني أن "انسجام الدول المتقاربة في المواقف يتيح تجاوز القيود المفروضة عليها، ويفتح المجال لتعزيز النمو والتجارة والصناعة والثقافة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 7 دقائق
- العربي الجديد
المكارثية المتجددة... أوامر ترامب تثير قلق ومخاوف الأجانب
يمضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إثارة الخوف والقلق لدى الأجانب في البلاد. فقد ظهر، منذ تسلّمه مهامه في إطار ولايته الرئاسية الثانية، مصرّاً على ضبط الوجود الأجنبي في الولايات المتحدة الأميركية ومكافحة الهجرة. منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، صار القلق رفيق كثيرين من المهاجرين ، وكذلك من سكان الولايات المتحدة الأميركية الذين تُعَدّ أوضاعهم قانونية. يحصل ذلك على خلفية الأوامر الرئاسية التي راح يصدرها ترامب منذ اليوم الأول لتولّيه الرئاسة، والتي تطاول جوانب مختلفة من حياة هؤلاء، منها ما يتعلّق مباشرة بالهجرة ومنها ما يحكم حرية التعبير وشؤوناً أخرى. إذاً، لا يقتصر القلق على الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأميركية بطريقة "غير قانونية" فحسب، بل يشمل الذين يحملون تأشيرات عمل أو دراسة، خصوصاً أولئك المدافعين عن القضية الفلسطينية . ويستقرّ أجانب كثيرون، من عرب وغيرهم، في الولايات المتحدة الأميركية، ويعملون فيها بصورة قانونية في حين يتابعون دراستهم. سحر واحدة من هؤلاء، وهي طالبة دراسات عليا من أصول فلسطينية تعيش في البلاد منذ أكثر من عشر سنوات، شارفت على إنهاء رسالة الدكتوراه في العلوم السياسية حول فلسطين والقانون الدولي. والشابة، التي فضّلت التعريف عن نفسها بمجرّد اسم سحر، تخبر "العربي الجديد" بأنّها تعمل في مجال التدريس في إحدى الجامعات الأميركية ، مشيرةً إلى أنّ واحدة من المواد التي تقدّمها لطلابها تتعلّق بالنظام الدولي والكولونيالية وما بعد الكولونيالية. ولا تخفي سحر مخاوفها، "على الرغم من أنّ وضعي قانوني ولديّ تأشيرتَي عمل وإقامة"، بحسب ما تؤكد. وتعزو ذلك إلى "اتهامات باطلة بمعادة السامية قد تُوجَّه ضدّي بسبب تدريسي مواد عن فلسطين وعن إسرائيل بوصفها نظاماً استعمارياً". وتشرح سحر أنّ "ما نشهده في الوقت الراهن هو تعمّد طلاب صهاينة أو يمينيّين تقديم شكاوى ضدّ أساتذتهم لمجرّد تدريسهم مواضيع نقدية عن السياسات الإسرائيلية"، مبيّنةً أنّ "تلك الشكاوى قد تؤدّي إلى وقف الأساتذة عن التدريس أو إخضاعهم لتحقيقات" في مكارثية جديدة تعيشها الولايات المتحدة في زمن الشعبوية اليمينية. وتلفت إلى أنّه "على الرغم من أنّ هذه الشكاوى أو المضايقات ليست جديدة وحدثت في عهد (الرئيس جو) بايدن أيضاً، فإنّه قبل (ولاية) ترامب كانت ثمّة حماية ما، على الأقلّ من الناحية النظرية، خصوصاً في ما يتعلّق بالتأشيرة"، مضيفةً أنّه في السابق "لم نشهد تحريضاً حكومياً مباشراً على أسماء معينة في الحركة الطالبية، أو اختطاف أشخاص في وضح النهار لترحيلهم على الرغم من وجودهم القانوني (على أراضي الولايات المتحدة الأميركية). أمّا اليوم، فجامعات عدّة تخضع للتحقيق بمزاعم مختلفة". وتتابع سحر: "لا يهمّ إن كانت الاتهامات باطلة، فجامعات كثيرة تخضع للمطالب الحكومية (في نهاية المطاف) بسبب تهديدها بوقف الهبات والمنح أو سحبها منها، وقد طاول ذلك جامعات مرموقة وذات نفوذ كبير، مثل جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك". وتكمل: "ولعلّ السؤال الذي يطرحه كثيرون يبقى: إذا كانت جامعة مثل كولومبيا خضعت للضغوط الحكومية وتنازلت عن عدد من أساسيات حرية التدريس والاستقلالية، فكيف لي أنا بصفتي فرداً أعزل أن أقف في وجه هذا العملاق الحكومي؟". تدعم سحر كلامها بالإشارة إلى توقيف هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية عدداً من الطلاب الجامعيين الأجانب في البلاد، على الرغم من أنّهم كانوا يعيشون ويعملون بصورة قانونية في الولايات المتحدة الأميركية، من بينهم الشابة التركية روميسا أوزتورك والشاب الفلسطيني محمود خليل. وكانت أوزتورك طالبة دكتوراه وقد نشرت مقال رأي في صحيفة جامعتها، انتقدت فيه سياسات إسرائيل وحرب الإبادة التي تُرتكب في حقّ الفلسطينيين في قطاع غزة. وقد اعتقلتها سلطات الهجرة الأميركية في إدارة ترامب بعد حملة شنّها البيت الأبيض على عدد من رموز الحراك الطالبي المناهض للحرب والإبادة. واحتُجزت الطالبة التركية ستّة أسابيع في مركز للهجرة، قبل أن يُطلَق سراحها بأمر من قاضٍ في محكمة فيدرالية. روميسا أوزتورك بعدما أطلق سراحها في بوسطن، 9 مايو 2025 (فرانس برس) من جهته، اعتُقل الفلسطيني محمود خليل، الذي كان يحمل "غرين كارد"، أي إقامة دائمة، علماً أنّ زوجته تحمل الجنسية الأميركية وكانت حاملاً بأوّل طفل لهما وُلد في فترة احتجازه. وقد تصدّرت قضية خليل عناوين وسائل الإعلام، ولا سيّما أنّ إدارة ترامب حاولت ترحيله من دون أيّ تهم ضدّه. استمرّ اعتقاله لأكثر من ثلاثة أشهر، لكنّ السلطات ما زالت تحاول ترحيله من دون أن تقدّم حتى اللحظة أيّ دليل ضده يثبت ارتكابه جرماً ما. يُذكَر أنّ خليل كان من ضمن فريق الطلاب في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك الذي فاوض الجامعة بشأن احتجاجاتهم المناهضة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في سياق الحراك الطالبي بالولايات المتحدة الأميركية في عام 2024. ولا تخفي سحر أن هاتين القضيتَين وغيرهما أثارت لديها كثيراً من الخوف والقلق، على الرغم من أنّها لم تأتِ بأيّ فعل غير قانوني، غير أنّها تحاول عدم جذب الانتباه إليها قدر الإمكان في الأشهر الأخيرة التي تسبق نقاشها في الخريف المقبل رسالة الدكتوراه التي تعدّها، وتقرّ بأنّها جمّدت كلّ حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الإطار. وتقرّ بأنّها تعيش، في الوقت الراهن، عند أصدقاء لها وليس في سكنها الرسمي المسجّل، كما تتجنّب التنقّل داخل الولايات المتحدة الأميركية بالقطار أو الطيارة (لأن التذاكر تُحجَز بالاسم). يُذكر أنّ الشرطة المعنية بالهجرة عمدت إلى توقيف، في أكثر من مناسبة، أشخاص في المطارات أو خارج المحاكم أو بعد إنهائهم مواعيد رسمية لدى هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك. وتشدّد سحر على أنّ "المرعب في الموضوع هو أنّني على الرغم من عدم قيامي بأيّ أمر غير قانوني، فإنّ هذا لم يعد كافياً لتجنّب ترحيلك... يكفي أن تكون معارضاً للإبادة (في قطاع غزة) وتدرّس عنها أو أن يتقدّم أحدهم بشكوى ضدّك من دون أي دليل ليصير كلّ وجودك في الولايات المتحدة الأميركية على المحكّ". وتردف: "لم أعد أرغب في البقاء هنا، لكن كلّ ما أريده هو أن أناقش رسالة الدكتوراه وأتخرّج، ثمّ أترك البلاد مباشرة". بدوره، يتحدّث محمود خليل لـ"العربي الجديد" عن الخوف والقلق اللذَين تحاول إدارة ترامب نشرهما بين معارضي سياساتها؛ سواء أكانت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أم سياسات الهجرة أو غيرها. ويرى خليل أنّ "الإدارة الأميركية الحالية تسعى إلى خلق بيئة يكون الصمت والخوف فيها سيّدَي الموقف، سواء بين أبناء الجاليتَين العربية والمسلمة أو حتى في مجتمعات تعارض السياسات الحكومية". يضيف أنّه "كلما زاد حديثنا عن تلك السياسات، زادت الملاحقات والمحاولات التي من شأنها أن تجعلنا نشعر بأنّنا تحت المراقبة وأنّنا هدف سهل. يريدون تكميم الأفواه ووقف النقاش حول قضايا مهمّة، مثل حقوق الفلسطينيين وغيرها. ومن خلال استهدافي واستهداف غيري، وكذلك إثارة الرعب والاتهامات، فإنّ الحكومة تحاول الإثبات أنّها مستعدّة لاتخاذ أيّ خطوات من أجل تكميم الأفواه، وأنّ الولايات المتحدة الأميركية مكان لا يُسمَح فيه للأفراد بالتعبير عن آرائهم بحرية عندما يتعلّق الأمر بفلسطين. وهذا أمر يؤدّي إلى حالة كبيرة من الخوف". محمود خليل في تحرّك مناهض لتجويع غزة في نيويورك، 16 أغسطس 2025 (ستيفاني كيث/Getty) ويلفت خليل إلى أنّه في الوقت ذاته، "تُسجَّل حالة معارضة كبيرة لتلك السياسات، وما تقوم به إدارة ترامب دليل واضح على أنّ قضية فلسطين أصبحت قضية رئيسية لدى الرأي العام الأميركي، ولذلك جنّ جنونهم"، ويؤكّد أنّ "ما يقومون به هو محاولة لاستهداف الحركة ووقفها، لكنّنا مصرّون على النضال والاستمرار"، مشيراً إلى أنّ "ثمّة بيئة داعمة وكبيرة لحقوق الفلسطينيين في الوقت الراهن". وإذ يلفت خليل إلى أنّ حكومة ترامب والمؤسسات الرسمية الأخرى هي "آخر من ينصت إلى رأي الشعب"، يقول إنّ "ما لاحظناه مثلاً في فوز زهران ممداني، بوصفه مرشّحاً عن الحزب الديمقراطي لعمدة نيويورك، دليل واضح على أنّ محاولات القمع لم تنجح ولن تنجح على المدى الطويل". وكانت دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة الأميركية قد ارتبكت بعد فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية وهو مرشّح الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك في يونيو/ حزيران الماضي، ليس فقط في أوساط الجمهوريين إنّما أيضاً داخل حزبه. وكان ممداني قد أصرّ، خلال حملته، على مواقفه المعادية للسياسات الإسرائيلية وللحرب على قطاع غزة، وبالتالي لم يعلن بالتأكيد "ولاءه" لإسرائيل وسياساتها مثلما فعل المرشّحون الباقون. وكلّ هذا في أهمّ وأكبر مدينة أميركية تضمّ نسبة كبيرة من اليهود الأميركيين. واللافت في كلّ هذا هو الشرخ بين الجيل القديم، اليهود الأميركيين والديمقراطيين عموماً، وجيل الشباب الذي لم يعد يرى أيّ جدوى في دعم حكومة أجنبية مثل إسرائيل بطريقة عمياء، خصوصاً في ما يخصّ حرب الإبادة التي ترتكبها. لكنّ سياسات التخويف لم تعد تقتصر على مناهضي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أو فلسطين عموماً. وكان مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، أكبر منظمة حقوق مدنية ومناصرة للمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية، قد أصدر تحذيراً احترازياً للأميركيين من أصول فلسطينية في ظلّ تقارير تفيد باحتجاز أفراد منهم أو خضوعهم لـ"استجوابات متطفّلة من قِبل عملاء فدراليين عند الحدود الأميركية". قضايا وناس التحديثات الحية حملة ترامب ضد الهجرة تزيد الطلب على السجون الخاصة وشجّع المدير التنفيذي للمنظمة إدوارد أحمد ميتشل، في منشور، "أفراد الجالية، خصوصاً المسلمين الأميركيين من أصل فلسطيني، الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين، على مراجعة هذا التحذير لضمان قدرتهم على الاستجابة بطريقة صحيحة لأيّ مضايقات تمييزية أثناء السفر عبر المطارات". أضاف أنّ "من الضروري البقاء على اطّلاع على حقوقك ومعرفتها، والإبلاغ عن أيّ انتهاك يطاولها". وكانت "كير" واحدة من بين عدد من المنظمات الأميركية غير الحكومية التي أصدرت تحذيرات لمناصري القضية الفلسطينية من أصول أميركية بأخذ الحيطة عند العودة إلى الولايات المتحدة بعد سفر إلى خارج البلاد، والتأكد من أنّهم يدركون حقوقهم بصفتهم مواطنين أميركيين وما يُسمح أو لا يُسمح لشرطة الحدود بالسؤال عنه أو التفتيش عنه أو غير ذلك. وفي تصريحات أخيرة له، كشف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أنّ إدارة ترامب تدرس تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمةً إرهابيةً، لكنّ اللافت كان تلميحه إلى أنّ الإدارة الأميركية تعمل لحظر أكبر منظمة أميركية غير ربحية مسلمة هي "كير" آنفة الذكر. وجاءت تصريحات روبيو في سياق ردّه على أسئلة صحافية حول الموضوع. تجدر الإشارة إلى أنّ سياسات ترامب الأخيرة تأخد الولايات المتحدة الأميركية إلى مناخ تتصاعد فيه الفاشية والعنصرية، تضيق فيه مساحات حرية التعبير، فيما تدفع الإجراءات والقوانين التعسفية إلى التساؤل عن مستقبل الديمقراطية.


العربي الجديد
منذ 22 دقائق
- العربي الجديد
ترامب يريد اتفاقاً شاملاً في أوكرانيا.. وزيلينسكي يؤكد ضرورة وقف الحرب
جدد دونالد ترامب رغبته في عقد قمة ثلاثية أميركية روسية أوكرانية في حال "سار كل شيء على ما يرام" خلال الاجتماع الذي عقده مع فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض ، اليوم الاثنين. وقال الرئيس الأميركي أثناء استقباله نظيره الأوكراني "سنعقد اجتماعا. اعتقد أنه في حال سار كل شيء على ما يرام، سنعقد قمة ثلاثية، وأعتقد أنه عند حصول ذلك، ستتوفر فرصة معقولة لانهاء الحرب". وأكد ترامب أنه لا ضرورة لوقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مكررا تعليقات سابقة له جعلت موقفه أقرب إلى موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي التقاه الأسبوع الماضي في ألاسكا. وقال ترامب: "لا أظن أن ثمة حاجة لوقف إطلاق النار. أدرك أنه قد يكون ذلك جيدا، لكن أدرك أيضا أنه من الناحية الاستراتيجية قد لا تريد دولة أو أخرى حصول ذلك"، مضيفا: "اتفاق شامل سيكون أفضل". وتابع الرئيس الأميركي أنه سيتصل بالرئيس الروسي بعد لقائه بالرئيس الأوكراني، وأنه من المحتمل أن يعقد القادة الثلاثة اجتماعا. وأضاف ترامب للصحافيين في المكتب البيضاوي أنه تحدث للتو مع بوتين بطريقة غير مباشرة. وأعلن ترامب أن بلاده ستشارك في تقديم ضمانات أمنية ضمن اتفاق السلام المحتمل لإنهاء الحرب مع روسيا. وقال في هذا الصدد إنه "سيكون هناك الكثير من المساعدة… سنوفر لهم حماية وأمنا ممتازين للغاية". وأكد أن الدول الأوروبية "هي خط الدفاع الأول لأنها هناك، لأنها هي أوروبا، وسنساعدها أيضا، سنكون مشاركين". ووردا على سؤال صحافي عن رسالته للشعب الأوكراني، قال ترامب "نحن نحبهم"، ولاحقا داخل المكتب البيضاوي قبل بدء طرح الصحافيين أسئلتهم، طلب الرئيس الأوكراني أن تكون الإحاطة موجزة، قائلا "الأمر عائد لك.. ليس لفترة طويلة"، فرد ترامب: "نعم لفترة قصيرة جدا"، غير أن هذه المدة استمرت 26 دقيقة. أخبار التحديثات الحية ترامب يستقبل زيلينسكي وقادة أوروبيين بعد قمة ألاسكا بدوره، أبدى زيلينسكي استعداده للمشاركة في اللقاء الثلاثي، مؤكدا ضرورة وقف الحرب. وشكر زيلينسكي لترامب استضافته للقاء سيشارك فيه لاحقا قادة أوروبيون، بعد أيام من قمة ترامب وبوتين. وقال "شكرا على المبادرة، والشكر الجزيل لك على جهودك، جهودك الشخصية لوقف القتل ووقف هذه الحرب". وأكد زيلينسكي أنه يريد "كل شيء" ردا على سؤال عن الضمانات الأمنية التي يحتاجها. وأبدى زيلينسكي استعداده لإجراء انتخابات في ظروف آمنة إذا انتهت الحرب مع روسيا. وقال "نحن بحاجة إلى العمل في البرلمان، لأنه لا يمكن إجراء انتخابات خلال الحرب"، مضيفا أنه من الضروري أن يكون بإمكان الشعب إجراء انتخابات ديمقراطية وشفافة وقانونية. فعلق ترامب الذي سبق أن طرح فكرة ولاية ثالثة له، قائلا "لدي فكرة للفترة بعد 3 سنوات ونصف من الآن (يقصد عند انتهاء ولايته الثانية). والانتخابات في أوكرانيا معلقة حاليا بموجب الأحكام العرفية وكان اللقاء هذه المرة هادئا لا يشابه لقاءهما الكارثي منذ بضعة أشهر، وارتدى زيلينكسي بدلة سوداء بخلاف المرة الماضية التي ارتدى فيها قميصا يسميه قميص الحرب، وأشاد مؤثر يميني -يسمح له البيت الأبيض بحضور المؤتمرات الصحافية- بارتداء الرئيس الأوكراني بدلته السوداء، قائلا "أيها الرئيس تبدو رائعا في هذه البدلة". فضحك ترامب قائلا: قلت الشيء نفسه، فرد زيلينسكي على المذيع ضاحكا: "نعم أنت ترتدي نفس البدلة. أنا غيرت، وأنت لم تتغير". ولاحقاً، وفي مستهل محادثاته مع الزعماء الأوروبيين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، قال ترامب: "في خطوة مهمة للغاية، وافق الرئيس بوتين على قبول روسيا ضمانات أمنية لأوكرانيا وهذه إحدى النقاط الرئيسية التي نحتاج إلى أخذها في الاعتبار وسننظر فيها على الطاولة، إضافة إلى مَن سيفعل هذا". وأضاف "أعتقد أن الدول الأوروبية ستتحمل جزءاً كبيراً من العبء. سنساعدها وسنجعلها آمنة للغاية". من جهته، أشاد الرئيس الأوكراني بمحادثاته مع ترامب، وقال إنهما ناقشا الضمانات الأمنية. وصرّح زيلينسكي خلال الاجتماع الموسّع مع القادة الأوروبيين في البيت الأبيض "أجرينا محادثة جيدة للغاية مع الرئيس ترامب، وكانت بالفعل الأفضل، أو، آسف، ربما ستكون هناك (أخرى) أفضل في المستقبل". بدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى عقد اجتماع رباعي يضم الأوروبيين، بعدما اقترح ترامب عقد قمة ثلاثية يجمع فيها رئيسي أوكرانيا وروسيا. وقال ماكرون في اجتماع البيت الأبيض: "أعتقد أننا سنحتاج إلى اجتماع رباعي للمتابعة، لأنه عندما نتحدث عن الضمانات الأمنية، فإننا نتحدث عن أمن القارة الأوروبية برمتها". وخلال الاجتماع ذاته، دعا المستشار الألماني فريدريش ميرز إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا قبل القمة الثلاثية الأوكرانية - الروسية - الأميركية المحتملة، وهو ما يتناقض مع دعوة ترامب للعمل مباشرة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام. وقال ميرز: "لا أستطيع أن أتخيل أن الاجتماع المقبل سيعقد من دون وقف إطلاق النار، لذلك دعونا نعمل على ذلك ونحاول الضغط على روسيا". في السياق، قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إن "الحرب في أوكرانيا لها تأثير في أوروبا وعلينا"، مضيفاً: "يمكننا اتخاذ خطوات مهمة إلى الأمام والوصول إلى حل عادل ودائم من أجل أمن أوكرانيا وأوروبا". واعتبر ستارمر أن قمة وترامب وبوتين وزيلينسكي المحتملة من شأنها أن تساهم بوضع ضمانات أمنية لأوكرانيا وحل مشاكل أصعب. وبالإضافة إلى زعماء أميركا وأوكرانيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، حضر الاجتماع كل من سكرتير عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب. الصورة جانب من اجتماع ترامب والزعماء الأوروبيين بشأن أوكرانيا، 18 أغسطس 2025 (Getty) وأعلن زيلينسكي، فجر اليوم الاثنين، أنه وصل إلى واشنطن للاجتماع مع ترامب بمشاركة قادة أوروبيين. ويأتي ذلك فيما أكد ترامب، في وقت متأخر من أمس الأحد، أن زيلينسكي قادر على إنهاء الحرب مع روسيا "على الفور"، لكنه استبعد استعادة أوكرانيا شبه جزيرة القرم أو انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقبل ساعات من بدء محادثاته مع ترامب، شدد الرئيس الأوكراني على وجوب عدم "مكافأة" روسيا على غزوها بلاده. وقال زيلينسكي على الشبكات الاجتماعية إن "بوتين سيرتكب عمليات قتل استعراضية لإبقاء الضغط على أوكرانيا وأوروبا وإحباط الجهود الدبلوماسية"، مضيفا "يتعيّن عدم مكافأة روسيا على خوضها هذه الحرب". من جهته، كتب ترامب على منصته "تروث سوشال" عشية الاجتماع المقرر في البيت الأبيض مع زيلينسكي وقادة أوروبيين: "بإمكان الرئيس الأوكراني زيلينسكي إنهاء الحرب مع روسيا على الفور تقريباً، في حال أراد ذلك، أو يمكنه مواصلة القتال"، وأضاف: "لا استعادة للقرم التي منحها أوباما (قبل 12 عاماً من دون إطلاق رصاصة واحدة) ولا انضمام لأوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي". وكان المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف قد أكد، أمس الأحد، أن روسيا قدمت "بعض التنازلات" بشأن خمس مناطق أوكرانية، في إشارة إلى خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوغانسك إضافة إلى شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو في 2014.


القدس العربي
منذ 24 دقائق
- القدس العربي
أزمة أوكرانيا: ما الجديد في قمة ألاسكا؟
تابع العالم، وبشكل خاص الدول الأوروبية، المتضرر الأكبر من الحرب الأوكرانية، قمة ألاسكا بين الرئيسين الأمريكي والروسي باهتمام، على أمل أن تحقق اختراقاً وتنجح في نزع فتيل التوتر، الذي ظل يشعل المنطقة والعالم، منذ بدء العملية الروسية في 2022.موقف دول الاتحاد الأوروبي، خاصة تلك التي عانت من المقاطعة الروسية ومن الضغط على ميزانياتها، بسبب إعادة التركيز على البرامج الدفاعية، كان شديد التعقيد، فهم لم يريدوا فقط إنهاء الصراع، ولكنهم كانوا يتمنون أن ينتهي الأمر بإعلان هزيمة روسيا وتكبيدها خسائر، تجعلها تندم ولا تفكر في تهديد أوكرانيا، أو أي دولة أوروبية أخرى في المستقبل. ذلك بدا مطلباً صعباً، ببساطة لأن وضع الروس العسكري والاقتصادي لم يكن بذلك السوء، الذي يدفع للبحث عن طرق لوقف الحرب بأي ثمن. من الناحية العسكرية، استطاع الروس تحقيق تقدم وكسب مساحات واسعة من الأراضي في شرق أوكرانيا خلال الأيام الماضية، أما اقتصادياً، فحتى إن لم يكن الاقتصاد الروسي في أفضل حالاته، إلا أنه يعتبر صامداً مقارناً بالأزمات الداخلية، التي خلفتها تداعيات الحرب في الدول الأوروبية، والتي أدت لاضطرابات، ولتغيير حكومات ولتوفير وقود لتيارات اليمين، التي تزدهر الآن كما لم تزدهر من قبل. الروس أتوا إلى ألاسكا بروح مختلفة وتوتر أقل، فانعقاد اللقاء بحد ذاته نجاح لهم، وتدليل على أن الرئيس بوتين ليس معزولاً، كما أراد له الأوروبيون إخضاع روسيا وإجبارها على الاستسلام لم يكن ممكناً، لأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعلى الرغم من تصريحه، الذي سبق القمة، والذي هدد فيه بوتين بعواقب إن لم يوافق على وقف إطلاق النار، لم تكن لديه مصلحة في الانحياز الكامل لأوكرانيا، أو الظهور بمظهر المعادي لروسيا أو للرئيس فلاديمير بوتين، على العكس من ذلك فقد كان يظهر في مرات كثيرة إعجابه بالرئيس الروسي. يمكن المضي أكثر من ذلك للقول إن الرئيسين يشتركان في احتقارهم للقارة العجوز، التي يرون أنها فقدت قيمتها. على سبيل المثال وعلى عكس اللقاءات مع كثير من الزعماء الآخرين، الذين سعى ترامب للتقليل من شأنهم، فإن لقاء ترامب- بوتين ظهر بشكل فيه ندية بين الطرفين، أما الموقف الأمريكي، وعلى عكس التصريحات، التي كانت فهمت على أنها محاولة لوضع ضغوط على بوتين لمصلحة أوكرانيا، فقد كان أقرب للحياد. الرئيس ترامب بدا مزدوج التفكير، فكان من ناحية منشغلاً بإنهاء ذلك الصراع، وهو ما كان سيخدم حلمه بالحصول على جائزة نوبل للسلام، لكنه من ناحية أخرى كان لا يستطيع التفكير بمعزل عن منطق الصفقة والربح، الذي يدفعه للتقارب مع موسكو والسعي إلى كسبها إلى صفه، وهو الذي يستعد لمواجهة محتملة مع الصين. كان ذلك هو سبب توتر الأوروبيين، الذين يعلمون أن الرجل يتحرك في السياسة كطريقته في التحرك في عالم «البزنس»، بهذا فإنه لم يكن مستبعدا أن يدخل ترامب مع بوتين في صفقة مشتركة، خاصة أنه كان قد كرر أكثر من مرة أنه لا يجد نفسه مطالباً بالدفاع عن أوروبا. حتى تقييم مثل هذه القمة من ناحية النجاح أو الفشل نجده مختلفاً بين الجانبين الأمريكي والأوروبي، فالنجاح، الذي ينحصر عند الأوروبيين بالوصول إلى تفاهم يفضي إلى وقف إطلاق النار، قد يعني لترامب الوصول لصفقة لا يستبعد أن تكون على حساب مصالح الأوروبيين، ورؤيتهم للحل ولمستقبل العلاقة مع روسيا. الأوروبيون، الذين لم يشاركوا في القمة، كانوا قد عقدوا لقاء عبر «الفيديو كونفرس» مع الرئيس الأمريكي من أجل التأكد من نواياه، وتأكيد موقفهم الداعم لأوكرانيا. وفق التصريحات التي أدلى بها زعماء مثل، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد كان ترامب متفهماً ومسانداً لموقفهم ولوجهة النظر الأوروبية، التي تعتبر أن الحديث عن الحدود لا يمكن أن يتم بمعزل عن مشاركة الرئيس الأوكراني. كان ماكرون، الذي يمثل إحدى الدول الأكثر دعماً لأوكرانيا، يشير هنا إلى المقترح الموضوع على الطاولة بشأن تبادل الأراضي بين كل من روسيا وأوكرانيا، أو ما يسمى بـ»الأرض مقابل السلام»، أي إنهاء الصراع عبر منح كل بلد الأرض، التي يسيطر عليها. من يتابع الأزمة الأوكرانية يعلم أن هذا المقترح ليس سوى تغليف للهزيمة، فعلى عكس روسيا، التي تسيطر على أقاليم أوكرانية كاملة، لا تكاد أوكرانيا تصل إلى أي مساحة روسية تذكر. هكذا، وبالنسبة للرئيس الأوكراني فلولوديمير زيلينسكي ولكثير من الوطنيين والقوميين الأوكرانيين، فإن طرح هذه الفكرة يعني القبول بالاحتلال الروسي. بالنسبة لأولئك، فإنه لا بأس في التفاوض مع الروس، ولكن ليس من أجل منحهم أراضي وشرعنة وضعهم، بل من أجل توفير ضمانات أمنية وتنسيق لكيفية انسحاب الروس بشكل نهائي. في المقابل، فإن الروس، الذين لم يؤثر انعقاد القمة على مسار عملياتهم العسكرية أتوا إلى ألاسكا بروح مختلفة وتوتر أقل، حيث إن انعقاد اللقاء بحد ذاته نجاح لهم وتدليل على أن الرئيس بوتين ليس معزولاً، كما أراد له الأوروبيون. بوتين استطاع إثبات أنه اللاعب الأهم، الذي يملك بين يديه مفاتيح الحرب والسلام، كما أثبت أن تحركاته، وهو الموصوف من قبل الأوروبيين بأنه مجرم حرب، لم تعد تقتصر على بلدان الجنوب أو على الدول الإقليمية الحليفة، وإنما توسعت لتشمل لقاء زعيم الدولة الأكبر. صحيح أن أحد اسباب اختيار القاعدة العسكرية في ألاسكا، التي كانت تتبع في تاريخ ليس بعيد نسبياً لروسيا، كمكان لعقد هذه القمة كان بسبب قربها من الحدود الروسية، بحيث لا يحتاج الرئيس بوتين للعبور عبر أي دولة أخرى، إلا أن لقاء الرئيسين كان يفرغ موضوع الملاحقات الجنائية الدولية من مضمونه وأهميته. بهذا فإن أهمية اللقاء بالنسبة للروس كانت تتجاوز المسألة الأوكرانية بكثير، فقد كان فيها محاولة لبدء تفاهم جديد مع الرئيس ترامب، عن طريق إغرائه بفائدة التصالح مع روسيا، التي لا تمانع ببدء شراكة مع الأمريكيين في مجالات كثيرة، من أهمها المعادن. ظهر هذا في تشكيل الوفد الروسي، الذي ضم إلى جانب المستشارين السياسيين شخصيات مهمة من القطاع الاقتصادي. أول خطوة نحو هذا التصالح، إن تم، سوف تكون رفع العقوبات، صحيح أن تفعيل هذه العقوبات أثبتت من جديد فشلها في تحقيق الانتصار، أو في تركيع الخصم، وهو الأمر، الذي لا نجد شواهده في روسيا وحدها. إلا أنه، ومهما قيل عن صمود الاقتصاد الروسي، وقدرة البلاد على التنفس، ومتابعة التعبئة والتسليح وهي تخوض حرباً مكلفة، فلا يمكن التقليل من تأثير تلك المحاصرة الاقتصادية، التي ضاعفت ارقام التضخم، وعقدت التعاملات والتبادلات التجارية مع موسكو. قبيل القمة كان المحللون يذكّرون بما حدث إبان لقاء الرئيسين الأخير في هيلسنكي في 2018، حينما بدا ترامب منحازاً لبوتين، حتى على حساب أجهزته الأمنية والاستخباراتية، فحين طُرح عليه موضوع تدخل الروس في الانتخابات الأمريكية وتلاعبهم بها، وهو ما كانت تؤكده مؤسسات أمريكية، قال إنه يصدق بوتين، الذي كان يقول إن بلاده لم تفعل ذلك، ما اعتبر بمثابة إهانة وقتها لتلك المؤسسات وانتقاصاً من دورها. في هذه القمة لم يحدث موقف بمثل هذا الإحراج، لكن الفرضية، التي تذهب إلى أن ترامب متواطئ مع الروس، ما تزال حاضرة في التحليلات الغربية، وهو ما يجعل كل شيء متوقعاً. كاتب سوداني