
إستئناف إمدادات الأسلحة الأميركيّة إلى أوكرانيا: تطوّرات وتحوّلات في السياسة الأميركيّة
تأتي هذه الخطوة في وقت حساس، حيث تُواجه أوكرانيا ضغوطاً شديدة من الهجمات الروسية، وتحتاج إلى تعزيز قدراتها الدفاعية عاجلاً. هذه التغيرات في سياسة الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب قد تحمل العديد من الرسائل بشأن موقف واشنطن من الصراع في أوكرانيا والعلاقات مع الأطراف الأخرى المعنية.
استئناف الإمدادات العسكرية: تعزيز الدفاع الأوكراني
لقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي عن استئناف إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، مع التركيز على الأسلحة الدفاعية. هذا القرار يأتي بعد فترة من تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، التي كان يُنظر إليها على أنها خطوة مرتبطة بتقييم المخزونات العسكرية الأميركية واستعدادات الجيش الأميركي لمواجهة تهديدات أخرى. ترامب أشار إلى أن كييف في حاجة ماسة إلى الدعم العسكري لحماية نفسها من الضغوط المتزايدة من الهجمات الروسية، وتحديداً الهجمات الجوية التي تزداد في الآونة الأخيرة.
تتضمن الإمدادات الأميركية الجديدة أسلحة ذات طابع دفاعي مثل أنظمة الدفاع الجوي وصواريخ باتريوت، التي يعتبرها الأميركيون عنصراً أساسياً في حماية المدن الأوكرانية من الهجمات الجوية الروسية. هذه الأنظمة تُعتبر ضرورية لتمكين أوكرانيا من التصدي للهجمات المتزايدة بطائرات مسيرة وصواريخ، وهو ما يُعد أولوية في ظل التصعيد العسكري الذي تشهده الساحة.
التحديات الداخلية في الولايات المتحدة استنفاد المخزونات وضغوط التوجهات الإستراتيجية؟
دعم أوكرانيا يواجه تحديات كبيرة داخل الولايات المتحدة نفسها، حيث يشير بعض المسؤولين الأميركيين إلى أن المخزونات العسكرية الأميركية قد تضررت بسبب إمدادات الأسلحة المستمرة إلى كييف. استنفاد هذه المخزونات كان أحد العوامل التي دفعت البنتاغون إلى تعليق الإمدادات مؤقتاً في بداية تموز/ يوليو حيث يسعى الجيش الأميركي إلى ضمان جاهزيته لمواجهة تهديدات أخرى في مناطق متعددة، خاصة في منطقة المحيط الهادئ.
إذاً، هناك ضغط متزايد من أجل توجيه الموارد العسكرية الأميركية نحو مواجهة التحديات المرتبطة بالصين، وهو ما يتطلب تعديل الأولويات الاستراتيجية للبنتاغون. هذا التحدي يعكس تعقيداً إضافياً في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمساعدات العسكرية لأوكرانيا، حيث يسعى الجيش الأميركي لتحقيق توازن بين دعم كييف وتوجيه الموارد إلى مناطق أخرى ذات أولوية.
على الرغم من التصعيد العسكري الذي تشهده الساحة الأوكرانية، تستمر الجهود الديبلوماسية على جبهة أخرى، حيث أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره التركي هاكان فيدان استعداد موسكو للانخراط في جولة ثالثة من المحادثات مع أوكرانيا. هذه الخطوة تشير إلى أن روسيا لا تزال منفتحة على البحث عن حلول سياسية رغم التصعيد العسكري. في الوقت نفسه، تأمل تركيا التوسط بين الطرفين للوصول إلى تسوية قد تُساهم في خفض التصعيد وإنهاء النزاع.
الموقف الأميركي من المفاوضات: دعم عسكري مع دعوات للتفاوض
في ما يتعلق بالمفاوضات، يبدو أن الولايات المتحدة تُعزز من موقفها العسكري في الوقت نفسه الذي تشجع فيه على الحوار والتفاوض. رغم استئناف إمدادات الأسلحة، التي تشمل صواريخ باتريوت وغيرها من الأسلحة الدفاعية، تظهر التصريحات الأميركية رغبة في التقليل من التصعيد، كما عبّر عن ذلك الرئيس ترامب من خلال خيبة أمله لعدم توقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التصعيد. ترامب يرى أن هذه الحرب يجب أن تنتهي من خلال تفاوض وتفاهم بين الأطراف المعنية.
هذه الديناميكية توضح أن الولايات المتحدة تحاول من خلال الدعم العسكري الضغط على روسيا بينما تواصل الدعوة إلى حلول سلمية. قرار واشنطن بتزويد أوكرانيا بأسلحة ضرورية في الوقت نفسه الذي تسعى فيه إلى تقليل التصعيد العسكري يُظهر رغبة في تحقيق توازن بين القوة العسكرية والضغط السياسي على موسكو.
من المهم أن نلاحظ أن واشنطن تعمل ضمن إطار حماية مصالحها الإستراتيجية والعسكرية العالمية. في هذا السياق، يبدو أن كل قرار يُتّخذ بشأن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، سواء تعلق الأمر بأنظمة الدفاع الجوي أو الأسلحة الدقيقة، يتضمن إشارة إلى الحفاظ على "شعار" "ة". هذه العبارة قد تشير إلى أن الولايات المتحدة تُشرف على تتبع دقيق للواقع العسكري في أوكرانيا، محاوِلةً تسجيل تقدم واضح في استراتيجية الدعم العسكري. ويظهر ذلك خاصةً في سياق حقوقها العسكرية التي تضمنتها الاستراتيجيات الأمنية لضمان دفاع الأراضي الأميركية وحلفائها ضد أي تهديدات محتملة، بما في ذلك من الجماعات المتطرفة أو القوى الإقليمية المعادية.
المحصلة النهائية تشير إلى أن الولايات المتحدة تتبع سياسة حذرة في دعم أوكرانيا عسكرياً، إذ توازن بين تزويد كييف بالأسلحة اللازمة لمواجهة الهجمات الروسية، والحفاظ على جاهزية القوات الأميركية في مناطق أخرى، مثل منطقة المحيط الهادئ. بالإضافة إلى ذلك، تستمر الجهود الديبلوماسية في مسعى لتقليل التصعيد العسكري وفتح أبواب الحوار بين الأطراف المعنية.
يبدو أن الإدارة الأميركية تسعى لتحقيق توازن دقيق بين السياسة العسكرية والديبلوماسية، وهي في صراع مستمر لتحديد الأولويات في مواجهة التحديات العالمية.
- المقاربة الواردة في المقالة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 37 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
نتنياهو يبلغ ترامب: سنضرب إيران إذا استأنفت نشاطها النووي
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تل أبيب ستضرب إيران إذا استأنفت نشاطها النووي. وكشفت الصحيفة أن ترامب لا يعارض طلب نتنياهو. وكان المرشد الإيراني علي خامنئي، قد أكّد أمس أن إيران قادرة على الوصول إلى المواقع الحيوية الأميركية في المنطقة. وقال، عبر "إكس": "وجّهت إيران صفعة لأميركا، إذ هاجمت إحدى قواعدها المهمة في المنطقة (قاعدة العديد)، ملحقة أضراراً بها". وأضاف: "إيران تملك القدرة على الوصول إلى المواقع الحيوية الأميركية في المنطقة عندما ترى ذلك مناسباً". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


تيار اورغ
منذ 43 دقائق
- تيار اورغ
نتنياهو يهدّد من جديد: "سنضرب إيران"!
نقلت صحيفة 'وول ستريت جورنال' عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تل أبيب ستضرب إيران إذا استأنفت نشاطها النووي. وكشفت الصحيفة أن ترامب لا يعارض طلب نتنياهو. وكان المرشد الإيراني علي خامنئي، قد أكّد أمس أن إيران قادرة على الوصول إلى المواقع الحيوية الأميركية في المنطقة. وقال، عبر 'إكس': 'وجّهت إيران صفعة لأميركا، إذ هاجمت إحدى قواعدها المهمة في المنطقة (قاعدة العديد)، ملحقة أضراراً بها'. وأضاف: 'إيران تملك القدرة على الوصول إلى المواقع الحيوية الأميركية في المنطقة عندما ترى ذلك مناسباً'.


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
"تسريح جماعي"... إدارة ترامب تبدأ تقليص الجهاز الدبلوماسي الأميركي
باشرت وزارة الخارجية الأميركية، يوم الجمعة، تنفيذ قرار تسريح أكثر من 1300 موظف، في إطار خطة الرئيس دونالد ترامب لتقليص حجم القوة العاملة الفيدرالية بشكل واسع. وقال مسؤول في الوزارة إن 1107 موظفًا من أعضاء الخدمة المدنية و246 من موظفي الخدمة الخارجية، تبلّغوا قرارات التسريح، والتي أُرسلت إليهم عبر البريد الإلكتروني، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست". وسيتم وضع موظفي الخدمة الخارجية في إجازة إدارية فورية، على أن يفقدوا وظائفهم نهائيًا بعد 120 يومًا من استلامهم الإشعار، بينما سيتم تسريح الموظفين المدنيين بعد 60 يومًا. وتأتي هذه الإجراءات بعد ثلاثة أيام من صدور قرار عن المحكمة العليا الأميركية، أتاح للإدارة تنفيذ عمليات التسريح الجماعي، بعد أن ألغت قرارًا سابقًا لمحكمة أدنى كان قد علق خطة ترامب. وأثارت الخطوة اعتراضًا واسعًا من رابطة موظفي الخدمة الخارجية، التي وصفتها بأنها "ضربة كارثية للمصالح الوطنية"، وقالت في بيان: "في لحظة من عدم الاستقرار العالمي، حيث تدور حرب في أوكرانيا وتصاعد في التوتر بين إسرائيل وإيران، اختارت الولايات المتحدة تقليص قدراتها الدبلوماسية في الخطوط الأمامية". وبحسب وثائق رسمية، بلغ عدد موظفي وزارة الخارجية الأميركية أكثر من 80 ألف شخص حول العالم في العام الماضي، بينهم نحو 17,700 موظف محلي. وكان وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، قد أعلن في نهاية نيسان عن خطط لإعادة هيكلة الوزارة وتقليص عدد العاملين بنسبة 15%، في إطار التوجه العام لتقليص الجهاز الإداري. ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، جعل ترامب من خفض عدد الموظفين الفيدراليين إحدى أولوياته، عبر "هيئة الكفاءة الحكومية" التي يرأسها الملياردير إيلون ماسك. من جهته، دان نيد برايس، المتحدث السابق باسم الخارجية في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن، قرارات التسريح، واعتبرها "عشوائية"، قائلاً في منشور على "إكس": "يُطرد الموظفون بناءً على مكان تعيينهم في يوم معين، وهي الطريقة الأكثر كسلاً والأقل كفاءة لإعادة الهيكلة". كذلك، حذّرت السفيرة السابقة باربرا ليف، التي شغلت مناصب بارزة معنية بالشرق الأوسط، من "عواقب خطيرة لهذه الخطوة على القدرة الأميركية في حماية مواطنيها والدفاع عن أمنها القومي"، ووصفتها عبر "لينكد إن" بأنها "ليست إعادة هيكلة، بل تطهير".