logo
المعادن الإستراتيجية والنادرة تعيد رسم الخريطة الجيوسياسية (1 - 5)

المعادن الإستراتيجية والنادرة تعيد رسم الخريطة الجيوسياسية (1 - 5)

الغد١٤-٠٤-٢٠٢٥

مركز عبر المتوسط للدراسات الإستراتيجية في مقال سابق تحت عنوان "الصراع العالمي على الموارد الطبيعية" والمنشور بجريدة الغد بتاريخ 1/2/2023، كنت قد اشرت الى أن قوة الموارد الطبيعية كانت الاهم في تاريخ صراع الأمم، وهو الصراع المرتبط بجغرافية الأرض.
اضافة اعلان
يعتبر اليونانيون القدماء أول من فكر في أهمية الجغرافيا للدولة، حيث أشار هيرودوت الى ان سياسة الدولة تعتمد على بيئتها الجغرافية، تبعه أرسطو في كتابه السياسة The Politics، حيث قسم العالم الى إقليم شديد الحرارة وشديد البرودة والمعتدل، وأشار فيه الى ان قوة اليونان تعود الى وجودها ضمن الإقليم المعتدل، تبعها تنقل مركز الحضارات القديمة ضمن المنطقة المعتدلة مناخياً (أثينا، مصر، فارس، روما، بغداد ولاحقاً اسطنبول).
استمرت القواعد السياسية الرئيسية بالتطور التدريجي الى القرن التاسع عشر، حيث بدأ هذا المفهوم بالتوسع حيث ربط Ratzell مفهوم واقع الدولة والقوى العالمية المنطلقة من الموقع الجغرافي من جهة وقوة التكنولوجيا والاقتصاد من جهة أخرى، ويضاف اليها قدرة الدولة على الحركة الديناميكية المستمرة. إلا أن بريجينسكي أشار إلى ان الموقع الجغرافي لبعض الدول يجعل منها دول محور جيوسياسي، أو ذات وضعية جيوسياسية محددة، يحدد قدرتها بالتاثير في محيطها الإقليمي او على الساحة السياسة العالمية من حيث القدرة على استخدام القوة العسكرية والتحالفات السياسية وقوة التاثير الاقتصادي (الثروات الطبيعية والقوة الصناعية والعلاقات التجارية).
ان توزيع الثروات الطبيعية واكتشافها في أراضي دول محددة دون غيرها، جعل منها محط اهتمام او اطماع للكثير من الدول الكبرى منذ القرن الثامن عشر، واستمر وصولاً الى القرن العشرين الذي تميز بالصراع على موارد الطاقة الاحفورية (الفحم والنفط والغاز). الا ان القرن الحالي يشهد تحولات جذرية من حيث الاهتمام العالمي بالمعادن الاستراتيجية والنادرة والذي اصبح اهتمام العالم بها اكبر من اهتمامه بالوقود الاحفوري (القادم من الشرق الأوسط)، الذي تسارعت الاكتشافات العالمية له (لم يعد الشرق الأوسط المصدر الرئيسي له كما كان في القرن الماضي، فاحتياطيات افريقيا من النفط والغاز تشكل ما يقارب
15 %، روسيا تقارب 25 % من احتياطيات الغاز 6 % من النفط، وأميركا اللاتينية 20 % من النفط وحوالي 10 % من الغاز، وأميركا الشمالية ما يقارب 35 % في بما فيها الإنتاج من الصخر الزيتي الكندي، بالإضافة الى الاكتشافات الجديدة في بحر الشمال والقارة المتجمدة الشمالية، وغيرها من المناطق وبنسب مختلفة).
ان دخول العالم الى عصر الثورة الصناعية لتكنولوجيا المستقبل (التي تتسابق الدول الكبرى على امتلاكها) والتحول العالمي الى الطاقة النظيفة، وللمحافظة على الامن الاقتصادي للدول والسيطرة الجيوسياسية، جعل الاهتمام العالمي بالمعادن الأساسية للصناعة (الحديد، النحاس، الالمنيوم، وغيرها) والاستراتيجية منها (حيث تم تصنيف 30 معدناً بانها ذات قيمة استراتيجية عالمية حسب التصنيف الأوروبي و35 معدنا حسب وزارة الطاقة الأميركية) مثل النيكل، الكوبالت، النحاس، المنغنيز، الليثيوم، البلاتين، الزئبق، المغنيسيوم، السيلكون (السيليكا عالية النقاوة 99.99 % في الولايات المتحدة الأميركية، أستراليا، البرازيل، روسيا، الصين، السويد وفنلندا، وغيرها من الدول بدرجة نقاوة اقل على سبيل المثال الأردن بنقاوة تزيد قليلاً على 99 % في بعض المناطق، سنتحدث عنها لاحقاً)، اليورانيوم، الذهب (الإنتاج العالمي حوالي 3000 طن)، البلاتين (الإنتاج العالمي 160 طن) والألماس وغيرها)، ومنها ما يعتبر من المعادن النادرة الخفيفة أو الثقيلة مثل التيتانيوم، اللانثانم، السيريوم، البراسيوديميوم، النيوديميوم، البروميثيوم، السماريوم، اليوروبيوم، الجادولينيوم، التيربيوم، الديسبروسيوم، الهولميوم، الإربيوم، الثوليوم، الإيتربيوم، اللوتيتوم، سكانديوم، والإيتريوم، الرينيوم، البلاديوم (ثمن الكيلوغرام حوالي 80 ألف دولار، الإنتاج العالمي 200 طن)، والروديوم (ثمن الكيلوغرام حوالي 675 الف دولار، الإنتاج العالمي 31 طنا، يأتي من جنوب أفريقيا وروسيا وكندا وزيمبابوي)، الايريديوم (ثمن الكيلوغرام حوالي 100 الف دولار والإنتاج العالمي حوالي 3 أطنان، يأتي من جنوب أفريقيا وروسيا وكندا)، والخفيفة اكثر استخداماً من حيث الكمية، الا ان الثقيلة ستستخدم في صناعات حساسة واعلى سعراً.
هذا وتقدر احتياطيات العالم من المعادن النادرة ما يقارب 120 مليون طن، تسيطر الصين على 44 مليون طن (تنتج ما يقارب 70 % من الاحتياجات العالمية وتدير ما يقارب من 90 % من اعمال التعدين والمعالجة في العالم). بينما تملك أميركا 1.9 مليون طن (تنتج حوالي 45 الف طن سنوياً يتم معالجة معظمها خارج البلاد، وهي تستورد ما يقارب 80 % من احتياجاتها، وهي الدولة الأكثر استهلاكاً لها، لتقدمها الكبير في الصناعات التكنولوجية المتقدمة ولاحتياجاتها لها في الصناعات العسكرية المتطورة، فمثلاً صناعة طائرة F-35 تحتاج الى ما يزيد على 415 كغم منها)، وهي في سباق مع الزمن لحل مشكلتها المستقبلية في سلاسل التوريد لهذه المعادن (التي تسيطر عليها الصين بشكل رئيسي، وهي الدولة التي ابدعت خلال العقدين الأخيرين في توظيف القوة الاقتصادية لتحقيق أهداف جيوسياسية وجيوإستراتيجية أكبر) لأهمية ذلك للأمن القومي الأميركي.
في الجزء الثاني سأتحدث عن احتياطيات الدول من المعادن النادرة وقد نتطرق إلى أهم المعادن الإستراتيجية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يسعى إلى تسريع إصدار تراخيص نووية جديدة
ترامب يسعى إلى تسريع إصدار تراخيص نووية جديدة

سرايا الإخبارية

timeمنذ 3 ساعات

  • سرايا الإخبارية

ترامب يسعى إلى تسريع إصدار تراخيص نووية جديدة

سرايا - أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، اللجنة التنظيمية النووية المستقلة في الولايات المتحدة بتقليص اللوائح التنظيمية وتسريع إصدار التراخيص الجديدة للمفاعلات ومحطات الطاقة سعيا لتقليص الفترة الزمنية لعملية تستغرق عدة سنوات إلى 18 شهرا. وجاء ذلك ضمن مجموعة أوامر تنفيذية وقعها ترامب الجمعة بهدف تعزيز إنتاج الطاقة النووية في الولايات المتحدة وسط طفرة في الطلب من مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي. ويمكن أن يستغرق إصدار تراخيص المفاعلات في الولايات المتحدة أكثر من عشر سنوات في بعض الأحيان، وهي عملية تهدف إلى إعطاء الأولوية للسلامة النووية، لكنها لا تشجع المشاريع الجديدة. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن التحركات تشمل إصلاحات جذرية للجنة التنظيمية النووية تتضمن النظر في مستويات التوظيف وتوجيه وزارتي الطاقة والدفاع للعمل معا لبناء محطات نووية على الأراضي الاتحادية. وقال المسؤول إن الأوامر تسعى أيضا إلى تنشيط إنتاج اليورانيوم وتخصيبه في الولايات المتحدة. وبعد توليه الرئاسة في كانون الثاني أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة، قائلا إن الولايات المتحدة لديها إمدادات غير كافية من الكهرباء لتلبية احتياجات البلاد المتزايدة، خاصة مراكز البيانات التي تدير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

ترمب يسعى إلى تسريع إصدار تراخيص نووية جديدة
ترمب يسعى إلى تسريع إصدار تراخيص نووية جديدة

خبرني

timeمنذ 4 ساعات

  • خبرني

ترمب يسعى إلى تسريع إصدار تراخيص نووية جديدة

خبرني - أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، اللجنة التنظيمية النووية المستقلة في الولايات المتحدة بتقليص اللوائح التنظيمية وتسريع إصدار التراخيص الجديدة للمفاعلات ومحطات الطاقة سعيا لتقليص الفترة الزمنية لعملية تستغرق عدة سنوات إلى 18 شهرا. وجاء ذلك ضمن مجموعة أوامر تنفيذية وقعها ترامب الجمعة بهدف تعزيز إنتاج الطاقة النووية في الولايات المتحدة وسط طفرة في الطلب من مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي. ويمكن أن يستغرق إصدار تراخيص المفاعلات في الولايات المتحدة أكثر من عشر سنوات في بعض الأحيان، وهي عملية تهدف إلى إعطاء الأولوية للسلامة النووية، لكنها لا تشجع المشاريع الجديدة. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن التحركات تشمل إصلاحات جذرية للجنة التنظيمية النووية تتضمن النظر في مستويات التوظيف وتوجيه وزارتي الطاقة والدفاع للعمل معا لبناء محطات نووية على الأراضي الاتحادية. وقال المسؤول إن الأوامر تسعى أيضا إلى تنشيط إنتاج اليورانيوم وتخصيبه في الولايات المتحدة. وبعد توليه الرئاسة في كانون الثاني أعلن ترمب حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة، قائلا إن الولايات المتحدة لديها إمدادات غير كافية من الكهرباء لتلبية احتياجات البلاد المتزايدة، خاصة مراكز البيانات التي تدير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

اختتام الجولة الخامسة من مفاوضات النووي
اختتام الجولة الخامسة من مفاوضات النووي

جفرا نيوز

timeمنذ 5 ساعات

  • جفرا نيوز

اختتام الجولة الخامسة من مفاوضات النووي

جفرا نيوز - أعلن وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، أن الجولة الخامسة من المفاوضات الإيرانية الأميركية اختتمت في روما مع "بعض التقدم، لكنه ليس حاسما". وأضاف الوزير: "نأمل في توضيح القضايا المتبقية في الأيام المقبلة بما يسمح لنا بالمضي قدما نحو الهدف المشترك المتمثل في التوصل إلى اتفاق مستدام". "إمكانية للتقدم" من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في تصريحات للتلفزيون الإيراني، أن هناك إمكانية للتقدم في المحادثات النووية مع المقترحات التي تُقدمها عُمان. كما تابع "الطرف الأميركي يفهم مطالبنا الآن بشكل أوضح وأعمق من قبل"، مشيرا إلى أن المحادثات النووية مع واشنطن "معقدة وهناك حاجة للمزيد منها". وانتهت الجولة الخامسة من المفاوضات الإيرانية-الأميركية في روما بعد 3 ساعات على انطلاقها، وفق مسؤول أميركي. فيما أكدت الخارجية الإيرانية أن المفاوضات جرت ضمن أجواء مهنية. وأوضحت الخارجية الإيرانية، اليوم الجمعة، أن ما يُنشر عن مضمون المفاوضات مجرد تكهنات، مشيرة إلى أن المفاوضات الجارية الآن في روما غير مباشرة. في موازاة ذلك أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن المفاوض الأميركي ستيف ويتكوف غادر المفاوضات في روما بسبب موعد رحلاته، لافتة إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة. وبدأ المفاوضون الإيرانيون والأميركيون الجولة الخامسة من المفاوضات بشأن النووي الإيراني التي تتوسط فيها سلطنة عُمان في روما، الجمعة، حسبما ذكرت وسائل إعلام إيرانية. فيما بدأت طهران وواشنطن محادثات في 12 نيسان/أبريل بشأن البرنامج النووي الإيراني. وأوردت وكالة تسنيم للأنباء أن المفاوضات غير المباشرة بدأت، برئاسة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بوساطة سلطنة عمان. وتعد هذه المحادثات التواصل الأرفع مستوى بين البلدين منذ الاتفاق الدولي المبرم مع طهران في العام 2015 حول برنامجها النووي والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب (2017-2021) في العام 2018. عقوبات على إيران عقب ذلك، أعاد ترامب فرض عقوبات على إيران في إطار سياسة "الضغوط القصوى"، وهو يسعى إلى التفاوض على اتفاق جديد مع طهران التي تأمل برفع عقوبات مفروضة عليها تخنق اقتصادها. لكن مسألة تخصيب اليورانيوم ستكون النقطة الخلافية الرئيسية في المحادثات. في حين اعتبر الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي يمثّل واشنطن في المحادثات أن الولايات المتحدة "لا يمكنها السماح حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب"، ترفض طهران هذا الشرط مشددّة على أنه يخالف الاتفاق الدولي المبرم معها، وتتمسّك بحقّها ببرنامج نووي لأغراض مدنية. تخصيب اليورانيوم وحدّد الاتفاق الدولي المبرم مع طهران حول برنامجها النووي سقف تخصيب اليورانيوم عند 3,67 في المئة. إلا أن إيران تقوم حاليا، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتخصيب اليورانيوم حتى نسبة 60 في المئة، غير البعيدة عن نسبة 90 في المئة المطلوبة للاستخدام العسكري. وردا على الانسحاب الأميركي من الاتفاق المبرم بين إيران وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا (والولايات المتحدة قبل انسحابها)، وكذلك الصين وروسيا، تحرّرت إيران تدريجيا من الالتزامات التي ينص عليها. وتُعقد المفاوضات الجمعة قبيل اجتماع لمجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقرّر في حزيران/يونيو في فيينا، وسيتم خلاله التطرّق خصوصا إلى النشاطات النووية الإيرانية. وينصّ الاتفاق الدولي المبرم مع طهران والذي بات اليوم حبرا على ورق رغم أن مفاعيله تنتهي مبدئيا في تشرين الأول/أكتوبر 2025، على إمكان إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في حال لم تفِ بالتزاماتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store