
كيف تقوّض "إسرائيل" أركان الدولة الفلسطينية، ولماذا منعت الوفد العربي من الوصول إلى رام الله؟
اتسم قرار حكومة نتنياهو رفض السماح للوفد الوزاري العربي/الإسلامي بالدخول إلى رام الله، بالكثير من الغطرسة والاستعلاء، واستبطن كثيراً من معاني الاستخفاف و"قلة الاحترام" للمنظومة العربية... لم تر "تل أبيب" في زيارة وفد الوزراء، أنها "نصف الطريق" للتطبيع، كما وصفها معارضو الزيارة من عرب وفلسطينيين، بل رأوا فيها تحدياً سافراً و "استفزازاً" لحكومة الفاشيين الجدد بأجندتها وأولوياتها، غير الخافية على أحد.
لكن الزيارة "المُجهضة"، في سياقها التحضيري لمؤتمر نيويورك المقرر في السابع عشر من الجاري، وما سبقها من خطوات وقرارات إسرائيلية توسعية واستيطانية ذات طبيعة استراتيجية، أعادت تسليط الأضواء على الوضع القائم في الضفة الغربية، وظهّرت عناوين التوجه الإسرائيلي الاستراتيجي، إن لجهة مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو بخصوص ما يدور حوله الحراك العربي/الدولي: حل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.
بهذا المعنى، نظرت حكومة نتنياهو إلى زيارة الوفد العربي/الإسلامي، بوصفها خطوة تندرج في سياق معاكس تماماً لأولويات الاستراتيجية حيال قضية فلسطين، أرضاً وشعباً وحقوقاً ومقدسات، غير آبهةٍ بكونها أول زيارة لمسؤول سعودي رفيع منذ احتلال الضفة الغربية، بل ومنذ زيارة العاهل السعودي الراحل الملك فيصل إلى القدس في عام 1966، ولا لكون السعودية، تعدّ بكل المقاييس "درجة تاج" المسار الإبراهيمي، وجائزة الترضية الكبرى التي تنتظرها إن هي أوقفت الحرب على غزة، وقبلت – ولو لفظياً – بالمطلب الفضفاض حول "حل الدولتين".
لم تكترث "إسرائيل" لكون الوفد الزائر، يضم في صفوفه – بربطة معلم – أهم الدول العربية (وتركيا)، وجميعها متورطة بهذا القدر أو ذاك، بالسلام معها، ومنخرطة بهذا القدر أو ذاك، في مسارات تطبيعية ثنائية، لم تتأثر ولم تهتز حتى بعد مرور عشرين شهراً على حرب التطويق والتطهير والتجويع والإبادة في قطاع غزة... ولم تقم "تل أبيب" وزناً لـ"شغف" إدارة ترامب، ومن قبلها إدارة بايدن، في تعميم "السلام الإبراهيمي" على مزيد من الدول العربية والإسلامية، ودائماً في سياق شرق أوسطي جديد، خاضع وخانع للهيمنة الأميركية – الإسرائيلية.
ليس لأن "إسرائيل" زاهدة في التطبيع، أو أنها لا تريد لهذا "الشرق الأوسط الجديد" أن يرى النور، بل لأنها لا تريد أن تدفع مقابل ذلك، أي ثمن من أي نوع وبأي حجم... لـ"تل أبيب" سلم أولويات، تتصدره مشاريع الإبادة والتطهير والضم والتهجير، وبعد ذلك، بعد ذلك فقط، يمكن النظر في ما يمكن إقامته من علاقات مع عواصم العرب والمسلمين...
لم يعد التطبيع أولوية حاسمة مقررة في حسابات السياسة الإسرائيلية، هناك أولويات أكثر أهمية، ولقد دلل القرار بمنع زيارة الوفد، على تناقص وزن دولنا العربية والإسلامية في حسابات السياسة الإسرائيلية، إذ إن النظام الرسمي العربي، ما انفك يعتمد "دبلوماسية بلا مخالب"، مكتفياً بالشجب والتنديد والمناشدة، ومناشدة المجتمع الدولي القيام بأدوار نيابة عنه، واتخاذ إجراءات، لا ترغب دوله في اتخاذها، ولا إرادة سياسية لديها على تجريبها.
إلى جانب ما قيل عن تشاور وتنسيق عشية مؤتمرَي باريس ونيويورك، وضع الوزراء العرب ثلاثة أهداف معلنة ومضمرة لزيارتهم "المُجهضة" إلى رام الله:
(1) تدعيم المكانة المتآكلة للسلطة الفلسطينية، واستنقاذها من "سيناريو الانهيار"... اليوم 09:11
اليوم 08:52
(2) تشجيع دول غربية وغيرها على الاعتراف بدولة فلسطينية، وإن على ورق كما قال إسرائيل كاتس...
(3) حشد الدعم الدولي لـ"حل الدولتين"، بوصفه على مصاعبه، أكثر الحلول واقعية وعملية لهذا الصراع الممتد.
هذه الأهداف، المباشرة وغير المباشرة، تصطدم بجدول أعمال حكومة اليمين الفاشي في "تل أبيب"، والتي لا تترك فرصة تمر، من دون أن توظفها لتقويض مكانة السلطة، التي لم يشفع لها، لا "التنسيق الأمني المقدس" مع الاحتلال، ولا مواقفها المناهضة للمقاومة في غزة والضفة ولبنان، وفي كل مكان...الائتلاف الحاكم، قرر مدعوماً بغالبية إسرائيلية، تقويض فكرة الدولة الفلسطينية، مرة واحدة، وإلى الأبد.
ليس ما تفعله "إسرائيل" في الضفة الغربية، والقدس بالذات، بخافٍ على أحد، ولا يحتاج المواطن الفلسطيني والعربي إلى محللين وخبراء لشرح مرامي السياسة الإسرائيلية وأهدافها، فهم يقولون علناً ما يريدون فعله، بجرأة تتخطى الوقاحة، ويُتبعون أقوالهم بالأفعال، ونحن سادرون في "حالة إنكار"، نرى الذئب أمام ناظرينا، ونجهد في البحث عن "قصاصي الأثر" لمعرفة موقع "وكره"، أما "إسرائيل" فماضية بلا هوادة، في تحطيم فكرة دولة الفلسطينيين، بأركانها الثلاثة: الأرض والشعب والنظام السياسي.
ابتلاع الأرض، وترويع الشعب وتقويض النظام، هذه هي المحاور الثلاثة التي تتوزع عليها ممارسات "إسرائيل" وإجراءاتها اليومية، المنهجية والمنظمة..."إسرائيل" استبقت زيارة الوفد العربي، بقرار غير مسبوق منذ احتلال 67، بإنشاء والاعتراف بـ"22" مستوطنة وبؤرة استيطانية، تمتد من شمال الضفة إلى جنوبها، مروراً بالقدس والمنطقة الوسطى والأغوار... وقبلها كانت حكومة نتنياهو تتخذ أحد أخطر قراراتها، حين أحالت مسؤولية تسجيل الأراضي والعقارات في المنطقة "ج"، إلى سموتريتش، كوزير ثانٍ في وزارة الدفاع، مولج بالإدارة المدنية للضفة...و"إسرائيل" بصدد إلغاء طرق رئيسة في الضفة وفتح "أنفاق" لحركة الفلسطينيين، لتخطي تقطيع أوصال الأرض الفلسطينية، التي تحوّلت بوجود 800 ألف مستوطن، إلى "كانتونات" معزولة بعضها عن بعض.
وترويع الشعب تحوّل بعد السابع من أكتوبر إلى كابوس يقض مضاجع الفلسطينيين، بعد سقوط ما يقرب من الألف شهيد، وإصابة أضعاف أضعافهم، واعتقال أزيد من 15 ألف مواطن، وتهجير أكثر من 2000 من أبناء القرى البدوية جنوب الخليل والأغوار في "المنطقة ج" إلى مناطق (أ و ب)، وتهجير ما يربو عن الأربعين ألف مواطن من مخيمات جنين وطولكرم وجوارها، من ضمن خطة معلنة، لإزالة المخيمات ومطاردة الأونروا (وحق العودة)، ونشر ما يقرب من ألف حاجز عسكري، كثيرٌ منها، تحوّل إلى معابر تشبه "المعابر الدولية"، في مسعى لتقطيع أوصال الشعب والأرض، وحشر الفلسطينيين في "مراكز تجميع /concentration camps"، في إعادة إنتاج لتجربة اليهود تحت ظلال النازية الألمانية.
أما تقويض النظام السياسي الفلسطيني، فيتجلى ذلك، في سياسة تجفيف مصادر السلطة ومصادرة أموال المقاصة، وتقويض أي دور "سيادي" لها حتى وإن كان "شكلياً، وفي "عاصمتها المؤقتة"، فضلاً عن عمليات الإذلال المتعمدة التي لا تستثني رئيسها ورئيس وزرائها، كما حصل حين عرقلت خروجه من رام الله لزيارة دمشق، وحين منعت الوفد الوزاري العربي من الوصول إلى مقره في "المقاطعة"، تلك العمليات التي يكاد لا ينجو منها أحد، بمن في ذلك، الأجهزة الأمنية والشرطية والعدلية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات المالية والاقتصادية.
"إسرائيل" لا تريد السلطة، ليس لأنها -لا سمح الله-تشكل تهديداً أمنياً لاحتلالها، بل بما تشي من "احتمالات" تحوّلها إلى دولة... هي ترفض تمكينها في الضفة، وتقطّع أرجلها وأذرعها في القدس، وتمنع وصولها إلى قطاع غزة، حتى في "اليوم التالي" أو الذي يليه..."إسرائيل" ماضية في مشروع "روابط المدن"، وجُلّ ما يمكن أن تسمح به، هو شكل من أشكال "الإمارات الفلسطينية غير المتحدة".
وفي القدس، تتكثف مشاريع الأسرلة والتهويد والتهديد، حكومة نتنياهو تعقد اجتماعها في بؤرة استيطانية في حي سلوان، وشاخصات الطرق باتت تشير إلى موقع "الهيكل، وليس إلى الحرم الشريف، وتدنيس الأقصى لم يعد عملاً فردياً، بل سياسة منهجية منظمة ومموّلة ومرعية من قبل حكومة الاحتلال، وأعضاء في الكنيست يفاخرون بأنهم باتوا يقتحمون المسجد بالآلاف، ويقيمون الصلوات التوراتية ويمارسون طقوسهم التلمودية، من دون أن يحرك أحد ساكناً...إنهم ينظرون إلى ما يفعلونه اليوم في داخل الحرم وباحاته، بوصفه "بروفة" لإزالة هذا الأثر الإسلامي الخالص، من دون خشية من "انطباق السماوات على الأرض"، كما يحذر بعضنا مدفوعاً بالأمل والرجاء، وربما بـ"تفكير رغائبي".
"إسرائيل" ماضية في ترجمة استراتيجيتها حيال الضفة، ولا تريد لأحدٍ أي يعكر صفوها، لا بفعل زيارة غير مرغوبة لوفد وزاري عربي، ولا كنتيجة لحراك دولي يهدف إلى حشد الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية وشق "طريق لا رجعة فيه" نحو "حل الدولتين"، وما لم يعمد العرب إلى "تسليح دبلوماسيتهم" ببعض الأنياب والمخالب، فليس منتظراً لهذا الحراك، أن يغير الأحوال على الأرض، وهذا هو المعنى الذي قصده كاتس، عندما قال "إنهم يعترفون بدولة فلسطينية على ورق، ونحن نقيم دولة اليهود على الأرض".
لا يعني ذلك، ويجب أن لا يفهم منه "التهوين" من شأن الحراك الدبلوماسي العربي والدولي، فأي جهود تصب في خانة عزل "إسرائيل" ونزع "الشرعية" عن احتلالها المديد والمرير، هي خطوات في الاتجاه الصحيح، وتصب على المدى الأبعد، في صالح الفلسطينيين، بيد أن "التهويل" بقيمة هذا الحراك وأثره، هو ما يتعين التنبيه إلى مخاطره، ولا سيما أن ثمة "متزعمين" لهذا الحراك: فرنسا تريد للاعتراف الغربي بالدولة الفلسطينية (على الورق) أن يندرج في سياق "حزمة"، تفضي إلى اعتراف عربي وإسلامي، وربما تطبيع مجاني، بـ"دولة" يهودية إسرائيلية على الأرض، فتصبح "المقايضة" ظالمة، وتُنجي "تل أبيب" من خطر العزلة والعزل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 3 ساعات
- الديار
محاكمة نتنياهو بتهم الفساد تدخل مرحلة حاسمة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب دخلت محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرحلة جديدة وحاسمة، مع بدء النيابة العامة استجوابه أمام المحكمة المركزية في تل أبيب في قضايا فساد تلاحقه منذ سنوات. ووصل نتنياهو إلى المحكمة صباحا للمثول أمامها للمرة الـ36، حيث كانت الجلسات السابقة مخصصة للرد على أسئلة فريق الدفاع عنه، لكن الجلسة تميزت ببدء استجوابه من طرف الادعاء العام، في تحول يُعدّ الأهم منذ بدء المحاكمة. وقالت صحيفة هآرتس إنه على عكس إجابات نتنياهو المطولة على أسئلة محاميه المبسطة خلال الجلسات الـ35 السابقة، سيطلب المدعون العامون منه إجابات موجزة عادة بنعم أو لا، مما سيضع مصداقيته على المحك. وأضافت "القضاة استمعوا طويلا لإجابات نتنياهو الموسعة، لكن الآن جاء دور الادعاء لاختبار رواية رئيس الوزراء وإثبات ذنبه تحت ضغط الاستجواب المضاد". ولفتت الصحيفة إلى أن الادعاء التزم الصمت في الجلسات السابقة تحضيرا للاستجواب، على أمل مباغتة نتنياهو وانتزاع إجابات أكثر صراحة من تلك التي قدمها أثناء استجواب محاميه عميت حداد. وأردفت "إحدى المسائل التي سيتعين على الادعاء معالجتها هي تدفق المذكرات والمظاريف التي تُسلم إلى نتنياهو خلال جلسات الاستماع، والتي تهدف إلى إبقائه على اطلاع دائم بالشؤون الحكومية، ففي آخر جلسة الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، سُلمت إليه 4 مظاريف في أقل من نصف ساعة، مما دفعه إلى طلب استراحة". وأشارت في هذا الصدد إلى أن الادعاء يخشى أن تُستخدم هذه المذكرات ذريعة لأخذ فترات راحة عندما يجد نتنياهو نفسه في ورطة على منصة الشهود، مما يمنحه وقتا لإعادة ترتيب أجوبته. وبينما تغاضت النيابة عن هذا الأمر خلال استجوابه المباشر، فقد حذرت من أنها قد لا تسمح باستمراره خلال الاستجواب المضاد، حسب هآرتس. وذكرت الصحيفة العبرية أنه من المتوقع أن يمتد استجواب نتنياهو من قبل الادعاء حتى فصل الشتاء، ليعادل أو يتجاوز الفترة التي قضاها في الاستجواب المباشر من قبل محاميه. من جانبها، وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت الجلسة بأنها "لحظة دراماتيكية في محاكمة نتنياهو"، وقالت "بعد 6 أشهر تقريبا من بدء الإدلاء بإفادته، ظهر نتنياهو اليوم للمرة الأولى أمام ممثلي النيابة العامة في استجوابه". 3 ملفات ويواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة فيما يعرف بملفات 1000 و2000 و4000، وقدم المستشار القضائي السابق للحكومة أفيخاي مندلبليت لائحة الاتهام المتعلقة بها نهاية تشرين الثاني 2019. ويتعلق الملف 1000 بحصول نتنياهو وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال أثرياء، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهذه الشخصيات في مجالات مختلفة. في حين يُتهم في الملف 2000 بالتفاوض مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية. أما الملف 4000 الأكثر خطورة فيتعلق بتقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع والا الإخباري الإسرائيلي شاؤول إلوفيتش، الذي كان أيضا مسؤولا في شركة "بيزك" للاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية. وبدأت محاكمة نتنياهو في هذه القضايا عام 2020 وما زالت مستمرة، وهو يُنكرها مدعيا أنها حملة سياسية تهدف إلى الإطاحة به. يذكر أن نتنياهو مطلوب أيضا للعدالة الدولية، إذ أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه يوم 21 تشرين الثاني 2024 لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.


الميادين
منذ 3 ساعات
- الميادين
اليمن: القوات المسلحة: لن يجد العدو من اليمن إلاّ المزيد من الصواريخ والمسيرات رفضاً لجريمة الإبادة ونصرةً للحق الفلسطيني
اليمن: القوات المسلحة: لن يجد العدو من اليمن إلاّ المزيد من الصواريخ والمسيرات رفضاً لجريمة الإبادة ونصرةً للحق الفلسطيني


الميادين
منذ 3 ساعات
- الميادين
"نيويورك تايمز": واشنطن اقترحت تخصيباً مخفضاً لليورانيوم في إيران تمهيداً لإيقافه كلياً
اقترحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "ترتيباً" يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة خلال المرحلة الأولى، بينما يتم العمل على التوصل إلى ترتيب أوسع من شأنه أن يمنع البلاد من تخصيب اليورانيوم نهائياً، بحسب ما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. وأوضحت الصحيفة الأميركية أنّه بموجب المقترح، سيُعمل على فكرة انضمام إيران إلى تحالف إقليمي سيشكل مع دولٍ قد تشمل الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ودولًا أخرى، ما يسمح بإنتاج وقود نووي منخفض الدرجة لمحطات الطاقة، مع السعي لضمان عدم قيام إيران بتخصيب الوقود بمفردها". وبمجرد أن تبدأ إيران بالحصول على أي فوائد من هذه الوعود، "سيتعين عليها وقف جميع عمليات التخصيب في البلاد". وأضافت أنّ الاتفاق المقترح، سيسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، على الأقل في السنوات الأولى، عندما يتم بناء منشآت تخصيب جديدة لإنتاج الوقود لمحطات الطاقة بالتعاون مع الدول العربية، وذلك على الرغم من منشور ترامب في وسائل التواصل الاجتماعي يوم الاثنين، الذي قال فيه إنّ الولايات المتحدة "لن تسمح بأي تخصيب لليورانيوم". ورجّحت الصحيفة أنّ "ترامب كان يشير إلى ما سيُسمح به في المرحلة الختامية من الاتفاق المحتمل وليس خلال اتفاق مؤقت". في الإطار، قالت "نيويورك تايمز" إنّ استراتيجية ويتكوف بدأت تتبلور في هذا الخصوص، حيث "سيوفر الكونسورتيوم (التحالف الإقليمي) الذي اقترحه الوقود النووي لإيران ولأي من جيرانها المهتمين بتطوير الطاقة النووية المدنية أو برامج البحث"، فيما "ستراقب الأطراف الفاعلة المتعددة بعضها بعضاً - وستراقبها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة التابعة للأمم المتحدة التي تراقب الوقود النووي حول العالم، والتي يُفترض أن تُرسل إنذارات إذا اعتقدت أن الوقود يُحوّل إلى برنامج أسلحة". لكن الاقتراح لا يوضح بالضبط مكان منشأة التخصيب، على الرغم من أنّ الولايات المتحدة قالت إنّها "لا يمكن أن تكون في إيران". 3 حزيران 3 حزيران وعلى الرغم من عدم الإشارة إلى ذلك في المقترح الأميركي، فقد ناقش مسؤولون عُمانيون وسعوديون فكرة بناء منشأة تخصيب على جزيرة في الخليج، الأمر الذي من شأنه أن يُعطي كلا الجانبين نقطة نقاش، بحيث "سيتمكن الإيرانيون من القول إنّهم ما زالوا يُخصبون اليورانيوم، ويمكن للأميركيين التصريح بأنّ التخصيب لا يحدث على الأراضي الإيرانية"، وفق "نيويورك تايمز". وصرّح مسؤولان إيرانيان بأنّ البلاد منفتحة على قبول فكرة "الكونسورتيوم"، لأنّ الحكومة "لا تريد فشل المحادثات". لكن المسؤولين الإيرانيين قالوا إنّ المفاوضين "يعتزمون التفاوض في الجولة المقبلة من المحادثات على أن تكون الجزيرة تابعة لهم، بحيث قد يقترحون كيش أو قشم في الخليج، على الرغم من مناقشة احتمالات أخرى". لكن يبقى سؤالٌ رئيسيٌّ عالقٌ، وفق "نيويورك تايمز"، وهو ما إذا كانت القيادة الإيرانية ستوافق على اتفاقٍ نهائيٍّ يمنع إنتاج الوقود النووي على الأراضي الإيرانية، في وقتٍ صرح فيه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، قائلاً: "لسنا بحاجةٍ إلى إذنٍ من أحدٍ لتخصيب اليورانيوم". وكانت إيران قد رحّبت بتشكيل التحالف النووي، مؤكّدةً في الوقت عينه أنّ إنشائه لا يعني إيقاف تخصيب اليورانيوم على أراضيها. "قضايا مبهمة" وتعقيباً على ذلك، تحدثت الصحيفة عن صياغة ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب إلى "الشرق الأوسط"، المقترح الجديد بعبارات مبهمة حول العديد من القضايا الأكثر أهمية، ما يوحي بأنّ مفاوضات جادة تنتظرهم، وفقاً لمسؤولين إيرانيين وأوروبيين. على سبيل المثال، "من غير الواضح إذا ما كان الاتفاق يفي بالمعايير التي قال ترامب الأسبوع الماضي إنّه سيطالب بها، وهي اتفاقية "يمكننا فيها أن نأخذ ما نريد، ويمكننا أن نفجر ما نريد"، فقد وصف كبار المسؤولين الإيرانيين المشاركين في المفاوضات هذا التصريح المبالغ فيه بأنّه "خيال". كما أنّ المقترح "لم يحدد أياً من مئات العقوبات المفروضة على إيران ستُرفع في أي اتفاق نهائي"، في حين أبلغت إيران الولايات المتحدة بـ"ضرورة رفع جميع العقوبات لتوقيع اتفاق، وليس فقط تلك المتعلقة ببرنامجها النووي". وقالت إنّ "التفاصيل لا تزال غامضة، والجانبان متباعدان جداً حول العديد من عناصر الاتفاق، فيما الوضع السياسي الداخلي لكليهما معقد". يُشار إلى أنّ الجانب الأميركي سلّم إيران الخطوط العريضة للاتفاق. وأشار مسؤولون في طهران يوم الاثنين إلى أنّ الرد سيصل خلال عدة أيام. وأكدت طهران أنّ تسلّم المقترح الأميركي لا يعني قبوله أو رفضه.