
سياسات أميركا التجارية المتضاربة تغذي عدم اليقين الاقتصادي
عادة ما يستغرق الأمر أعواماً قبل أن يترك رئيس دولة ما بصماته على اقتصاد بلاده، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فعل ذلك في غضون أسابيع قليلة، فقد أثارت خطته لرفع الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك والصين اضطرابات داخل الأسواق، فيما بدأت بعض الشركات تلمس تأثيرات محتملة في قواها العاملة، وفي الوقت ذاته يستعد أكثر من 40 ألف موظف فيدرالي للاستقالة، بينما يعيد آخرون النظر في مستقبلهم تحت ضغوط إيلون ماسك ووزارة كفاءة الحكومة.
في المقابل حظيت أجندة ترمب المؤيدة لقطاع الأعمال والوقود الأحفوري بترحيب من قبل كثير من الشركات التي أعلنت استثمارات بمليارات الدولارات، ويبدو أن الهدف النهائي لسياساته يتمثل في تقليص دور الواردات والهجرة والحكومة الفيدرالية في مقابل تعزيز الاستثمار الخاص، غير أن التنفيذ أدى إلى حال من عدم اليقين الشديد بين أصحاب الأعمال والعمال والشركاء التجاريين، مما قد يحد من النمو ولو موقتاً.
وعلى رغم أن انتخاب ترمب جاء مدفوعاً جزئياً بمخاوف الناخبين في شأن التضخم ومستويات المعيشة لكنه ورث اقتصاداً قوياً، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي 2.5 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأخير من عام 2024، وأظهر تقرير وزارة العمل الأميركية الصادر الجمعة الماضي أن الاقتصاد أضاف 143 ألف وظيفة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، بينما تراجع معدل البطالة أربعة في المئة، وانخفض التضخم بصورة حادة من ذروته البالغة تسعة في المئة عام 2022 رغم بقائه أقرب إلى ثلاثة في المئة، أي أعلى من هدف مجلس الاحتياط الفيدرالي البالغ اثنين في المئة.
وعلى رغم المخاوف فإن عدداً من الشركات متفائلة برئاسة ترمب، إذ أظهرت استطلاعات الرأي بين الرؤساء التنفيذيين والمديرين الماليين وأصحاب الأعمال الصغيرة بعد الانتخابات زيادة ملحوظة في مستوى التفاؤل، وأفاد معهد إدارة التوريد في وقت سابق من هذا الشهر بأن مؤشر الطلبات الجديدة للمصنعين ارتفع الشهر الماضي إلى أعلى مستوى له منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، لكن الأحداث التي تلت تنصيب ترمب أضعفت هذا التفاؤل، فبعد أن سجل مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" ارتفاعاً بخمسة في المئة خلال الأيام الخمسة الأولى بعد الانتخابات، تحرك منذ ذلك الحين في اتجاه جانبي وأعلنت جامعة ميشيغان الجمعة الماضي أن مؤشرها الأولي لمعنويات المستهلكين المستند إلى استطلاعات رأي أجريت بعد تنصيب ترمب، تراجع خلال فبراير (شباط) الجاري.
وبحسب مسح أجرته شركة "فيستاغ وورلد وايد" لمصلحة صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الارتفاع في ثقة الشركات بعد الانتخابات انعكس خلال الشهر الجاري، وأنهت "وول ستريت" للتو أهدأ شهر منذ يناير الماضي خلال عقد من الزمن من حيث إعلانات الاندماج والاستحواذ.
وقال الرئيس التنفيذي لمنظمة "ماغنت" إيثان كارب لـ "وول ستريت جورنال" إن "هناك كثيراً من الاضطرابات والناس لا يعرفون ما الذي سيحدث، وعلى رغم أن الرسوم الجمركية قد تحقق فوائد طويلة الأجل بإعادة التصنيع إلى الداخل لكن التأثيرات الفورية لا تتجاوز كونها مجرد اضطرابات".
ضبابية الرسوم الجمركية
وعلى رغم أن ترمب خاض حملته الانتخابية متعهداً بفرض رسوم جمركية أعلى لكن إعلانه في مطلع فبراير الجاري فرض تعرفات بـ 25 في المئة على كندا والمكسيك، و10 في المئة على الطاقة الكندية، و10 في المئة على الصين، جاء بمثابة صدمة للأسواق، وفي اليوم التالي تلقى بعض سكان نيوإنغلاند إشعاراً من شركة "إيرفينغ إنرجي" التي تتخذ من كندا مقراً لها، جاء فيه أن "الحكومة الأميركية أعلنت فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من كندا، بما في ذلك زيت التدفئة والبروبان، وستضاف إلى عقود العملاء".
وبعد يومين من إشعار الشركة علق ترمب الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك مدة 30 يوماً، لكنه أبقى على التعرفات المفروضة على الصين، والجمعة الماضي قال ترمب إنه يريد تحقيق "المعاملة بالمثل" في الرسوم الجمركية لتتناسب التعرفات الأميركية مع تلك التي يفرضها الشركاء التجاريون، ثم أعلن الإثنين الماضي فرض رسوم بـ 25 في المئة على واردات الصلب والألومنيوم فيما تحاول الشركات الكبيرة والصغيرة التكيف مع هذه المستجدات، لكنها تواجه صعوبة بسبب عدم وضوح الأفق النهائي لهذه السياسات.
عدم اليقين يعوق الاستثمار
وعلى سبيل المثال طلبت مالكة "بلو موناكو" أليسيا تشونغ، وهي شركة تجارة إلكترونية متخصصة بمنتجات الديكور المكتبي والقرطاسية ومقرها وارمينستر في بنسلفانيا، من بعض مصنعيها الصينيين خصماً بـ 10 في المئة لتعويض ارتفاع الكلف الجمركية، قائلة "إذا لم ينجح ذلك فسأضطر إلى رفع الأسعار خمسة في المئة على جميع المنتجات"، وكان أول مصنع يرد عليها قد اقترح خفض الأسعار لكنه اشترط زيادة حجم الطلب، وهو ما تراه تشونغ مخاطرة لأن تكدس المخزون سيؤثر في التدفق النقدي لشركتها.
وتخطط "تشونغ" للبحث عن موردين بديلين في فيتنام، لكنها قالت إن الأمر قد يستغرق من ستة إلى تسعة أشهر، مضيفة أن "المصنع الحالي لديه جميع تصميماتي والعثور على مصنع جديد يشبه بدء علاقة جديدة".
ووصل مؤشر عدم اليقين السياسي القائم على المقالات الإخبارية والذي شارك في تطويره المتخصص في الشأن الاقتصادي بجامعة ستانفورد نيك بلوم إلى مستويات لم نشهدها آخر مرة أثناء الوباء وفي أعقاب الأزمة المالية عام 2008، وقال بلوم إن عدم اليقين يمكن أن يعوق الاستثمار الطويل الأجل مثل البحث والتطوير والبنية الأساس، وفي
المقابل رحب بعض المديرين التنفيذيين بتركيز ترمب على تعزيز التصنيع الأميركي، فقال الرئيس التنفيذي لشركة "إيستمان كيميكال" مارك جيه كوستا للمحللين إن هذا التوجه "بالغ الأهمية وأعتقد أن كثيرين ينسون أن الاقتصاد لا يمكن أن يستمر من دون قاعدة صناعية قوية".
مخاوف الهجرة
وأسهمت الهجرة، وخصوصاً غير القانونية منها، بصورة كبيرة في نمو القوة العاملة وزيادة مبيعات بعض الشركات خلال الأعوام الأخيرة، وكانت قد شهدت أعداد المهاجرين انخفاضاً حاداً العام الماضي، إذ أطلق ترمب حملة ترحيل كبيرة عند توليه منصبه مما أدى إلى تغييرات في السلوك قد تؤثر في الاقتصاد بصورة أوسع، وأفاد أصحاب الأعمال في بعض الأحياء ذات الكثافة السكانية المرتفعة من المهاجرين بتراجع ملحوظ في حركة المرور داخل متاجرهم، خصوصاً بعد أي نشاط للإنفاذ القانوني من أي نوع، وقال آدم تشافيز الذي يدير متجر لقطع غيار السيارات في جنوب وسط لوس أنجليس إنه "بمجرد أن أصبح الرجل رئيساً توقف الجميع عن القيام بما كانوا يفعلونه يومياً وهذا أمر جنوني".
وأوضح أن العملاء الذين يعملون على سياراتهم بأنفسهم غابوا بصورة ملحوظة منذ تنصيب ترمب، في حين أن الطلب من ورش السيارات ظل ثابتاً، مشيراً إلى أن والدته التي تخشى من تعرضها للمضايقة من قبل السلطات المعنية بالهجرة أصبحت خائفة من مغادرة المنزل، على رغم أنها مواطنة أميركية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه قال ميغيل ألفارو وهو صاحب مطعم مكسيكي في لوس أنجليس، إن "مبيعاته انخفضت 50 في المئة منذ تولي ترمب منصبه"، مضيفاً أن "هناك حركة أقل في الشوارع وأتمنى أن يبقى مطعمنا مفتوحاً لأنني استثمرت كثيراً من المال في هذا المشروع".
وبحسب معهد سياسة الهجرة فهناك 13.7 مليون مهاجر غير مصرح لهم يعيشون داخل الولايات المتحدة منذ منتصف عام 2023، وهو ما يعادل نحو أربعة في المئة من إجمال السكان الأميركيين، فيما يعيش ملايين آخرون في أسر تضم مهاجرين قانونيين أو مواطنين.
وتشمل خطط ترمب إرسال كثير من المهاجرين الموجودين بالفعل في الولايات المتحدة إلى بلدانهم مع إلى تباطؤ تدفق الوافدين الجدد، وتستهدف هذه الخطط استعادة السيطرة على الحدود وتقليص الجريمة والمخدرات، وهي سياسة تحظى بشعبية بين الناخبين غير الراضين عن زيادة أعداد المهاجرين غير المصرح لهم في ظل إدارة بايدن، سواء في ولايات الحدود أو المدن الشمالية، ومع ذلك فمن المحتمل أن يكون لهذا الأمر تداعيات اقتصادية بما في ذلك تفاقم نقص العمالة، وقد أدرج أعضاء رابطة المقاولين العامة في أميركا عبر استطلاع حديث نقص العمالة كأحد أكبر المخاوف لهم عام 2025، إذ أفاد الأعضاء في ولايات فلوريدا وجورجيا وتكساس وأوكلاهوما أنهم لاحظوا غياب العمال بسبب الإشاعات أو المخاوف من غارات محتملة من قبل إدارة الهجرة والجمارك، بحسب ما قال المتحدث براين تيرمايل.
الخفض الفيدرالي
وتتمتع الحكومة الفيدرالية بأثر اقتصادي كبير إذ يبلغ إجمال التوظيف المدني، باستثناء عمال البريد، 2.4 مليون موظف، أي نحو 1.5 في المئة من إجمال الوظائف غير الزراعية، كما أن الحكومة أنفقت 6.75 تريليون دولار خلال السنة المالية الأخيرة، وهوما يعادل ربع الناتج الاقتصادي السنوي تقريباً، وفي غضون أسابيع قليلة تحركت إدارة ترمب نحو خفض عدد الموظفين من خلال إجراءات تنفيذية وتفكيك الوكالات، وقد جمعت الإدارة عشرات آلاف الاستقالات كجزء من خطة شراء الخدمة بعد تطهير موظفي التنوع والمساواة والشمول إضافة إلى خفوض أخرى، كما تعمل إدارة ترمب على تفكيك وكالة المعونة الأميركية "USAID"، وهي وكالة تضم 10 آلاف موظف وموازنة تصل إلى 44 مليار دولار.
تقليص القوى العاملة الفيدرالية
وقد يكون لخفض القوى العاملة أثر طويل الأمد يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة الإقليمية ولا سيما في المناطق المحيطة بـواشنطن العاصمة والمناطق الحضرية الأصغر التي تعتمد على القواعد العسكرية أو مراكز الرعاية الصحية، وفقاً لتحليل جوناثان شوابيش من معهد واشنطن، وفي حال نقلت إدارة ترمب 100 ألف وظيفة خارج واشنطن كما وعدت خلال حملتها الانتخابية، فإن ذلك سيكون كارثة اقتصادية لواشنطن العاصمة وماريلاند وفيرجينيا، وفقاً لما قاله السيناتور الديمقراطي تيم كاين في فيرجينيا.
وقال نيكولاس لووليس (39 سنة) والذي يعمل في مكتب المفتش العام التابع لوزارة الأمن الداخلي إنه "جرت الموافقة لي على العمل عن بعد من ساير في بنسلفانيا عام 2022، وعندما دفع ترمب للعودة الفورية للعمل الفيدرالي بدوام كامل قررت الاستقالة من منصبي وأخذ خطة الخروج الباكر، وأنا الآن أفكر في توسيع شركة الأمن التي أملكها بدلاً من البحث عن وظيفة، فلست متأكداً من إمكان العثور على وظيفة في سوق العمل ذي التنافسية العالية".
واستهدف ترمب تقليص 10 في المئة من إجمال القوى العاملة الفيدرالية، أي نحو 240 ألف وظيفة، وهذا الرقم أقل من خمسة في المئة من عدد الأشخاص الذين يستقيلون أو يفقدون وظائفهم شهرياً، ومن المحتمل أن يتقاعد كثير منهم أو يجدوا وظائف جديدة.
من جانبها تعتقد الرئيس التنفيذي لـ "كينيتيكس" شانون روسو، وهي شركة توظيف خارجية مقرها أتلانتا، أن سياسات ترمب "أميركا أولاً" ستعزز حاجات التوظيف لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل خارج القطاع الحكومي، وقالت روسو "هناك كثير من الضوضاء في الوقت الحالي ولكن مع شعور مزيد من الناس بالاستقرار فسيبدأون في إجراء الاستثمارات".
التفاؤل في مجال الطاقة
وأدى انتخاب ترمب إلى موجة تفاؤل في شأن حدوث ازدهار في الاستثمارات مدفوعاً بانخفاض كلف الطاقة وإلغاء التنظيمات وخفض الضرائب وإعادة التصنيع، وفي اليوم الذي تلى تنصيب ترمب تعهد بعض من أبرز الأسماء في مجال التكنولوجيا في العالم بالاستثمار بما يصل إلى نصف تريليون دولار لبناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، كما عزز دعم ترمب الوقود الأحفوري من استخدام الغاز الطبيعي كحل أكثر قابلية للتحقق وتلبية حاجات الذكاء الاصطناعي الكبيرة للطاقة، وقامت شركة "دووس تكنولوغيز" في جاكسونفيل التي تصنع أدوات لفحص عربات السكك الحديد تلقائياً خلال الأشهر الأخيرة بتوسيع نشاطها ليشمل البنية التحتية الرقمية اللازمة جزئياً من أجل ازدهار الذكاء الاصطناعي، وفي يناير الماضي تعاونت الشركة مع مستثمرين خارجيين لإدارة أسطول من 30 توربين غاز متنقل يمكن لمشغلي مراكز البيانات في جميع أنحاء البلاد تأجيرها أثناء تأمينهم لعقود كهرباء طويلة الأجل.
وفي الوقت نفسه نقلت الشركة ستة مراكز بيانات وتطوير خوادم صغيرة يمكن شحنها عبر شاحنة نصف مقطورة من مصنع في كولورادو إلى المناطق الريفية غير المتصلة في تكساس وأماكن أخرى، وقال الرئيس التنفيذي للشركة تشاك فيري إن هناك 50 مركز بيانات في العمل حالياً، مضيفاً "لدينا بعض العملاء الكبار الذين قد يطلبون مزيداً من ذلك"، ويعتقد فيري أن معظم قادة الأعمال "سعداء جداً بوجود هذه الإدارة في السلطة الآن بدلاً من تلك التي كان من الممكن أن تكون موجودة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 31 دقائق
- الوئام
توترات تجارية.. 150 دولة تنتظر قرارات أمريكية جديدة
خاص – الوئام يرفع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سقف الخطاب التجاري مجددًا معلنًا عن احتمال فرض رسوم جمركية جديدة على نحو 150 دولة شريكة للولايات المتحدة. هذه الخطوة تأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف من تراجع التعاون الاقتصادي متعدد الأطراف، وتعكس تصعيدًا واضحًا في سياسة الحماية الأمريكية التي تهدد بإعادة تشكيل خريطة التجارة العالمية. في مواجهة هذا التحول الجذري، يقف العالم أمام تحدٍ كبير في كيفية إدارة مصالحه الاقتصادية وسط تصاعد المنافسة والضغوط السياسية، وسط تساؤلات حاسمة حول مستقبل العلاقات التجارية الأمريكية مع حلفائها وشركائها الاقتصاديين. فرض تعريفات جمركية في خطوة غير متوقعة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خلال اجتماع مع رجال أعمال خلال زيارته الأخيرة للخليج؛ أن واشنطن ستبدأ في فرض تعريفات جمركية جديدة على شركائها التجاريين خلال 'الأسابيع القليلة القادمة'، رافعًا احتمالية تصاعد النزاع التجاري العالمي. وأوضح ترمب أن نحو '150 دولة' ترغب في إبرام اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة، لكنه أكد أن ذلك 'غير ممكن' من حيث الوقت والجهد، مضيفًا أن وزيري الخزانة والتجارة سيخطران هذه الدول قريبًا بما 'ستدفعه لممارسة الأعمال داخل أمريكا'. رسوم تصاعدية وتمديد سبق لترمب أن أعلن في أبريل عن رسوم جمركية تصل إلى 50% على معظم الشركاء التجاريين، قبل أن يُخفضها مؤقتًا إلى 10% لمدة 90 يومًا لمنح فرصة للمفاوضات. ووفق ما ذكرت فاينانشال تايمز البريطانية، فإن إعلان ترمب الأخير يضيف مزيدًا من الغموض إلى السياسة التجارية الأمريكية، التي تتسم بالتقلب والتراجع عن قرارات سابقة، ما يثير قلق الأسواق والدول الشريكة. إجراءات إضافية تطال عدة قطاعات إلى جانب فرض رسوم على معظم الشركاء التجاريين، أعلنت الإدارة الأمريكية عن تعريفات بنسبة 25% على واردات الحديد والألمنيوم والسيارات، بالإضافة إلى تحقيقات قد تقود لفرض رسوم على قطاعات أخرى مثل الرقائق الدوائية والمعادن النادرة وقطع الطيران. وكانت قد تمكنت المملكة المتحدة من التوصل إلى اتفاق جزئي مع واشنطن لخفض بعض الرسوم على صادراتها من السيارات والحديد والألمنيوم، لكنها لم تنجح في خفض التعريفة 'المتبادلة' إلى أقل من 10%، وهو الحد الأدنى بحسب المسؤولين الأمريكيين. بوادر تهدئة مع الصين تواصل الولايات المتحدة محادثاتها مع عدد من الشركاء التجاريين من بينهم كوريا الجنوبية واليابان والهند والاتحاد الأوروبي، في محاولة للتوصل إلى اتفاقيات تقلل من تأثير التعريفات الجديدة. خلال الأسبوع الماضي، عقد وزير الخزانة والممثل التجاري الأمريكي اجتماعات مع نظرائهم الصينيين، أسفرت عن خفض كبير في الرسوم المتبادلة، وفتح باب المحادثات مجددًا بين الطرفين.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
إيران تواجه أميركا من دون خطة بديلة وسط تعارض الخطوط الحمراء للملف النووي
قالت ثلاثة مصادر إيرانية، أمس الثلاثاء، إن القيادة الإيرانية تفتقر إلى خطة بديلة واضحة لتطبيقها في حال انهيار الجهود الرامية إلى حل النزاع النووي المستمر منذ عقود، وذلك في ظل تعثر المحادثات بين واشنطن وطهران جراء التوتر المتصاعد بين الطرفين بشأن تخصيب اليورانيوم. وقالت المصادر، إن إيران قد تلجأ إلى الصين وروسيا "كخطة بديلة" في حال استمرار التعثر. لكن في ظل الحرب التجارية بين بكين وواشنطن وانشغال موسكو بحربها في أوكرانيا، تبدو خطة طهران البديلة هشة. وقال مسؤول إيراني كبير، "الخطة البديلة هي مواصلة الاستراتيجية قبل بدء المحادثات. ستتجنب إيران تصعيد التوتر، وهي مستعدة للدفاع عن نفسها... تشمل الاستراتيجية أيضاً تعزيز العلاقات مع الحلفاء مثل روسيا والصين". ونقلت وسائل إعلام رسمية عن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قوله، في وقت سابق الثلاثاء، إن مطالب الولايات المتحدة بامتناع طهران عن تخصيب اليورانيوم "زائدة عن الحد ومهينة"، معبراً عن شكوكه في ما إذا كانت المحادثات النووية ستفضي إلى اتفاق. وبعد أربع جولات من المحادثات التي تهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، لا تزال هناك عديد من العقبات التي تعترض طريق المحادثات. وقال اثنان من المسؤولين الإيرانيين ودبلوماسي أوروبي، إن طهران ترفض شحن كل مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج أو الدخول في مناقشات حول برنامجها للصواريخ الباليستية. كما أن انعدام الثقة من كلا الجانبين وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية قد زاد من أهمية حصول إيران على ضمانات بأن واشنطن لن تتراجع عن اتفاق مستقبلي. ومما يضاعف من التحديات التي تواجهها طهران، معاناة المؤسسة الدينية في إيران من أزمات متصاعدة، ومنها نقص الطاقة والمياه، وتراجع العملة، والخسائر العسكرية بين حلفائها الإقليميين، والمخاوف المتزايدة من هجوم إسرائيلي على مواقعها النووية، وكلها تفاقمت بسبب سياسات ترمب المتشددة. وقالت المصادر، إنه مع إحياء ترمب السريع لحملة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير (شباط)، بما في ذلك تشديد العقوبات والتهديدات العسكرية، فإن القيادة الإيرانية "ليس لديها خيار أفضل" من اتفاق جديد لتجنب الفوضى الاقتصادية في الداخل التي قد تهدد حكمها. وقد كشفت الاحتجاجات التي اندلعت بالبلاد بسبب مظاهر قمع اجتماعي ومصاعب اقتصادية في الأعوام الأخيرة، والتي قوبلت بحملات قمع قاسية، عن ضعف إيران أمام الغضب الشعبي وأدت إلى فرض مجموعات من العقوبات الغربية في مجال حقوق الإنسان. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال المسؤول الثاني الذي طلب أيضاً عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية "من دون رفع العقوبات لتمكين مبيعات النفط الحرة والوصول إلى الأموال، لا يمكن للاقتصاد الإيراني أن يتعافى". ولم يتسنَ الحصول بعد الحصول على تعليق من وزارة الخارجية الإيرانية. طريق شائك قالت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية السابقة للشؤون السياسية ويندي شيرمان التي قادت فريق التفاوض الأميركي في اتفاق عام 2015 بين طهران وست قوى عالمية، إن من المستحيل إقناع طهران "بتفكيك برنامجها النووي والتخلي عن تخصيب اليورانيوم رغم أن ذلك سيكون مثالياً". وأوضحت قائلة، "هذا يعني أنهم سيصلون إلى طريق مسدود، وأننا سنواجه احتمال نشوب حرب، وهو ما لا أعتقد، بصراحة تامة، أن الرئيس ترمب يتطلع إليه لأنه أعلن في حملته الانتخابية أنه رئيس سلام". وحتى في حال انحسار الخلافات بشأن التخصيب، فإن رفع العقوبات لا يزال محفوفاً بالأخطار. فالولايات المتحدة تفضل الإلغاء التدريجي للعقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي، في حين تطالب طهران بإزالة جميع القيود على الفور. وقد فُرضت عقوبات على عشرات المؤسسات الإيرانية الحيوية للاقتصاد منذ عام 2018، بما فيها البنك المركزي وشركة النفط الوطنية، بسبب "دعم الإرهاب أو نشر أسلحة". وعند سؤالها عن خيارات إيران في حال فشل المحادثات، قالت شيرمان إن طهران ستواصل على الأرجح "التحايل على العقوبات وبيع النفط، إلى حد كبير إلى الصين، وربما الهند وغيرها". وقد ساعدت الصين، المشتري الرئيس للنفط الإيراني رغم العقوبات، في تفادي طهران للانهيار الاقتصادي، لكن ضغوط ترمب المكثفة على الكيانات التجارية والناقلات الصينية تهدد هذه الصادرات. ويحذر محللون من أن دعم الصين وروسيا له حدود. فالصين تصر على تخفيضات كبيرة للنفط الإيراني، وقد تضغط من أجل تخفيض الأسعار مع ضعف الطلب العالمي على الخام. وفي حال انهيار المحادثات، وهو سيناريو تأمل كل من طهران وواشنطن في تجنبه، فلن تستطيع بكين أو موسكو حماية إيران من عقوبات أميركية وأوروبية أحادية الجانب. وحذرت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، على الرغم من عدم مشاركتها في المحادثات الأميركية الإيرانية، من أنها ستعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على وجه السرعة. وبموجب قرار الأمم المتحدة الخاص بالاتفاق النووي لعام 2015، فإن الدول الأوروبية الثلاث لديها مهلة حتى 18 أكتوبر (تشرين الأول) لتفعيل ما تسمى "آلية إعادة فرض العقوبات". ووفقاً لدبلوماسيين ووثيقة اطلعت عليها "رويترز"، فإن الدول الثلاث قد تفعل ذلك بحلول أغسطس (آب) إن لم يتم التوصل إلى اتفاق جوهري بحلول ذلك الوقت.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
خامنئي يستبعد نتائج من مفاوضات «النووي»
استبعد المرشد الإيراني علي خامنئي أن تؤدي المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن، إلى نتيجة، رافضاً أي وقف لتخصيب اليورانيوم، وذلك وسط ترقب بشأن جولة جديدة. وقال خامنئي إن «على الطرف الأميركي ألا يقول هراء... قولهم إننا لن نسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم، هذه وقاحة زائدة. لا ننتظر إذنَ هذا أو ذاك، نتبع سياستنا الخاصة». وأضاف: «لا نظن أن المفاوضات ستُفضي إلى نتيجة الآن، ولا نعلم ما الذي سيحدث». بدوره، قال وزير الخارجية عباس عراقجي: «نواجه مواقف غير منطقية وغير مقبولة تماماً، وقضية التخصيب، ليست مطروحة للنقاش أصلاً». وفي واشنطن، أبلغ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أن إدارة ترمب منخرطة في عملية للتوصل إلى اتفاق يسمح لإيران بامتلاك برنامج نووي مدني من دون تخصيب اليورانيوم، لكنه أقر بأن هذا الاتفاق «لن يكون سهلاً».