
التخفيضات الضريبية تضر بأهداف ترامب الاقتصادية الكلية
اعتبر محللون أن التخفيضات الضريبية التي يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذها ستهدد أهدافه الاقتصادية الكلية.
وأوضح تحليل نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الرئيس الأمريكي أعلن أن العجز التجاري المزمن في الولايات المتحدة يُشكّل "حالة طوارئ وطنية"، لكن الاقتصاديين يرون أن سياساته، خصوصًا في ما يتعلق بالتخفيضات الضريبية، ستزيد من تفاقم المشكلة بدلاً من حلّها. وكان مجلس الشيوخ قد بدأ مؤخرًا التداول للتصويت على مشروع قانون رئيسي من شأنه تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت عام 2017، وتعزيز إنفاذ قوانين الهجرة، وخفض الإنفاق على برامج اجتماعية مثل "ميديكيد" (Medicaid).
ووفقا لتحليل الصحيفة، ففي حين تزعم الإدارة أن هذا القانون سيقلّص العجز في الموازنة، إلا أن خبراء مستقلين يؤكدون أن العكس هو الصحيح. ووفقًا لمكتب الميزانية في الكونغرس، فإن نسخة القانون التي أقرها مجلس النواب ستضيف 3.4 تريليون دولار إلى العجز الفيدرالي خلال العقد المقبل. وهذا العجز سيتطلب اقتراضًا حكوميًا إضافيًا، مما يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة. وارتفاع أسعار الفائدة يؤدي عادة إلى تقوية الدولار، ما يجعل الصادرات الأمريكية أغلى ثمنًا ويزيد الإقبال على الواردات، مما يؤدي إلى تفاقم العجز التجاري.
ونقل التحليل عن بِن ستيل، مدير الاقتصاد الدولي في مجلس العلاقات الخارجية، قوله: "إذا أخذت كلام ترامب على محمل الجد بأن العجز التجاري المستمر هو حالة طوارئ اقتصادية، فلن تستطيع تأييد هذا المشروع"، مشيرًا إلى أن هذا القانون سيتسبب في تفاقم العجز التجاري.
مشروع قانون جميل وكبير
رغم ذلك، يصرّ البيت الأبيض على أن هذا التشريع، الذي يسوّقه الرئيس باعتباره "مشروع قانون جميل وكبير"، سيؤدي إلى نمو اقتصادي قوي، وتقليص الهدر والاحتيال، وبالتالي خفض العجز. وصرّح المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، أن المشروع سيحقق "تخفيضًا تاريخيًا في العجز من خلال قطع الهدر وزيادة الإيرادات من خلال النمو الاقتصادي". إلا أن منتقدي المشروع يرون أن تلك التوقعات مبنية على افتراضات غير واقعية وتتجاهل تكلفة تمديد تخفيضات 2017 الضريبية.
وقد رفض اقتصاديون تحليلات البيت الأبيض ووصفوها بأنها مبنية على "افتراضات خيالية للنمو الاقتصادي". ويؤكد العديد من الاقتصاديين أن العجز المتزايد سيتعارض مع هدف الإدارة المعلن بخفض العجز التجاري.
وعندما تزيد الحكومة الاقتراض، يرتفع الطلب على الدولار، مما يعزز قيمته، وهذا بدوره يجعل المنتجات الأمريكية أقل قدرة على المنافسة في الخارج، ويجعل الواردات أرخص للأمريكيين. هذه الديناميكية تعزز العجز التجاري، وتناقض الهدف من فرض الرسوم الجمركية.
وفي أبريل/نيسان، فرض ترامب أعلى رسوم جمركية في الولايات المتحدة منذ قرن، مدعيًا أن العجز التجاري يمثل أزمة وطنية. ووافق وزير الخزانة، سكوت بيسنت، على هذه السياسة، قائلاً إنها ضرورية لمعالجة الاختلالات العالمية، خصوصًا مع الصين.
اختلالات عادية
والاختلالات الاقتصادية بين الدول ليست جديدة. فالولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري سنوي منذ عام 1975، بينما تحقق دول مثل الصين وألمانيا واليابان فائضًا تجاريًا مستمرًا. ويرتبط هذا الاختلال جزئيًا بأنماط الاستهلاك المختلفة. فالأمريكيين ينفقون أكثر مما يدّخرون، وتبلغ نسبة الاستهلاك في الاقتصاد الأمريكي 68% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يستهلك الصينيون أقل بكثير -حوالي 38%- بسبب ضعف نظام التقاعد في بلادهم الذي يدفعهم إلى الادخار.
كما يساهم الدولار القوي، الذي ظل مرتفعًا منذ الأزمة المالية في 2008، في تعميق العجز التجاري. فالدولار القوي يجعل الصادرات الأمريكية أكثر تكلفة للمشترين الأجانب، والواردات أرخص للأمريكيين، ما يزيد الفجوة التجارية.
ويقر بيسنت بأن كلًا من الولايات المتحدة والصين بحاجة إلى تغيير نماذجها الاقتصادية، لكنه واجه شكوكًا من خبراء اقتصاديين. فقد دعا إلى خفض العجز الأمريكي إلى 3% من الناتج المحلي، لكن التوقعات الحالية تشير إلى أنه سيبقى عند حوالي 6% طوال العقد المقبل.
لا داعي للقلق
في المقابل، يقول بعض الخبراء من مختلف الاتجاهات السياسية إن العجز التجاري ليس مدعاة للقلق الكبير. واعتبر دوغ هولتز-إيكن من "منتدى العمل الأمريكي" المحافظ، إن العجز التجاري لا يمثل ضررًا كبيرًا، لكنه أقرّ بأن معالجته تتطلب تغييرات مالية أعمق مما تقترحه الإدارة. أما دين بيكر من مركز أبحاث اليسار في واشنطن، فقال أيضًا إن العجز التجاري لا يمثل تهديدًا اقتصاديًا مباشرًا.
ومن الناحية التاريخية، كانت الاختلالات العالمية أكثر حدة. ففي عام 2006، بلغ العجز في الحساب الجاري الأمريكي 6.3% من الناتج المحلي، لكنه انخفض إلى أقل من النصف منذ الأزمة المالية وحتى جائحة كورونا.
في الوقت ذاته، تواجه الولايات المتحدة أزمة في استدامة ديونها. فالعجز الفيدرالي عام 2023 بلغ 6.4% من الناتج المحلي، وهو رقم مرتفع بالنظر إلى أن الاقتصاد يعمل بكامل طاقته. وتشير التوقعات إلى أن العجز سيظل عند مستويات مرتفعة، مما يعني أن الأمريكيين سيستمرون في الإنفاق فوق إمكانياتهم.
منذ الجائحة، أضافت الحكومة الأمريكية نحو 12 تريليون دولار إلى الدين العام -أي ما يعادل كل الاقتراض الحكومي منذ عام 1790 وحتى 2012. ويُظهر هذا أن سياسات ترامب المالية والتجارية قد تكون في حالة تناقض داخلي. فبعد تخفيضات 2017 الضريبية، ارتفع العجز من 3.1% عام 2016 إلى 4.6% عام 2019، وازداد العجز التجاري في العامين التاليين.
من جهته، يعتبر ريتشارد سامانس، الباحث في معهد بروكينغز، إن: "هناك انفصال واضح بين رغبة الإدارة المعلنة في تقليص الاختلالات العالمية، وما تقوم به فعليًا من سياسات مالية. السياسات المالية والتجارية تسير في اتجاهين متعاكسين."
وقد تُخفف بعض العوامل من تأثير العجز المالي على التجارة. فعلى سبيل المثال، قد يتجنب المستثمرون الدولار إذا فقدوا الثقة في سياسات البيت الأبيض، مما يحدّ من قوة الدولار. وتشير ماري لوفلي من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن تهديدات ترامب بعزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي قد أضعفت الثقة بالدولار وساهمت في تراجعه بنسبة 11% هذا العام.
لكن معظم الاقتصاديين يعتقدون أن التعريفات الجمركية ليست الأداة المناسبة لمعالجة العجز التجاري. ويعتقد موريس أوبستفيلد، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا والرئيس السابق لقسم الاقتصاد في صندوق النقد الدولي، إن فرض الرسوم على مواد أولية مثل الفولاذ يزيد من تكلفة الإنتاج على الشركات الأمريكية، ويضر بالصناعة بدلاً من إنعاشها.
ويؤكد: "نحن نسير في الاتجاه الخاطئ تمامًا -نزيد من الخلل المالي، وهو بالفعل خطير، ونُضر بالاقتصاد الحقيقي من خلال التعريفات الجمركية."
aXA6IDgyLjIzLjI0NS41IA==
جزيرة ام اند امز
FR

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 10 دقائق
- البيان
ترامب لإيران: اجنحي للسلم نرفع العقوبات
وأضاف، مستبعداً أن تستأنف إيران برنامجها النووي: «إنهم منهَكون... لقد تلقّوا ضربات لم يتلقّها أحد من قبل. لقد دمّرنا قدراتهم النووية، وليس بمقدورهم المُضيّ قدماً أكثر من ذلك». لقد دمّروا فعلاً المكان. لكننا اضطررنا لتحمُّل الأخبار الكاذبة من (سي إن إن) وصحيفة (نيويورك تايمز) اللتين قالتا إنه ربما لم يُدمَّر بالكامل، ثم اتضح أنه دُمّر بالكامل، وبطريقةٍ لم يشهدها أحدٌ من قبل، وهذا يعني نهاية طموحاتهم النووية، على الأقل لفترة من الزمن». وكرّر ترامب تأكيده أنه لم يجرِ نقل اليورانيوم المخصب، وأن المنشآت الثلاث دُمّرت بالكامل. وقال في المقابلة التي بُثّت مساء الأحد، «نسمع أن واشنطن تريد التحدث معنا»، مضيفاً «لم نتفق على تاريخ محدد. ولم نتفق على الآليات». وقال «يمكن مناقشة المستوى، ويمكن مناقشة القدرة، ولكن القول.. يجب أن يكون مستوى التخصيب لديكم صفراً، وإذا لم توافقوا فسوف نقصفكم، فهذه هي شريعة الغاب».


العين الإخبارية
منذ 23 دقائق
- العين الإخبارية
ضغوط وتهديدات تُربك الأسواق... هل يقوض ترامب استقلال الفيدرالي؟
تم تحديثه الإثنين 2025/6/30 11:52 م بتوقيت أبوظبي قال تقرير لموقع «أكسيوس» إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأعضاء إدارته تحولوا إلى الهجوم العلني على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. واتهم الرئيس ترامب أمس الأحد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بشكل مصطنع. وقال إنه ينبغي أن تكون أقل من نصف المستوى الحالي. وجاءت هجمات ترامب على باول خلال لقاء تليفزيوني على قناة "فوكس نيوز"، وقد أعقبت تهديدات الرئيس الأمريكي بإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي وهي تهديدات أرعبت أسواق السندات العالمية وتسببت في ارتفاع أسعار الفائدة. وقال تقرير نشره موقع أكسيوس إن الرئيس وإدارته تحولوا بعدها إلى الإهانات العلنية لـ"باول". وقال ترامب في برنامج "صباحات الأحد المستقبلية" "لدينا رئيس فيدرالي سيئ، ولكن بخلاف ذلك... لا يهم، الأرقام جيدة جداً لدرجة أنه لا يهم أنه يبقي الفوائد مرتفعة بشكل مصطنع". وأضاف لاحقًا في اللقاء "كان ينبغي أن تكون عند واحد أو اثنين في المئة". ويتراوح معدل الفائدة المستهدف الحالي بين 4.25% و4.5%. كما وجه انتقادات شخصية لـ"باول" واصفاً إياه بـ"الشخص الغبي" و"الشخص السيئ". وقبل ذلك بساعات، قال وزير الخزانة سكوت بيسنت لقناة "سي إن بي سي" إن الإدارة قد ترشح بديلاً لـ"باول" في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، رغم أن فترة ولاية باول كرئيس للاحتياطي الفيدرالي مستمرة حتى مايو/أيار القادم. وأثارت الإدارة فكرة وجود "رئيس ظل" للاحتياطي الفيدرالي، مما يفتح الباب أمام احتمال تلقي السوق إشارات متضاربة من مسؤولين مختلفين في نفس الوقت. وعلى مدار الأسبوع الماضي، تحولت جهود إدارة ترامب للضغط على الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة إلى حملة متكاملة شارك فيها العديد من كبار المسؤولين إلى جانب الرئيس. تدخل سياسي والأربعاء الماضي، طالب ترامب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بخفض أسعار الفائدة بعد صدور تقرير اقتصادي أظهر تباطؤاً في التوظيف بالقطاع الخاص لشهر مايو/أيار. ثم صرح لاحقا، الجمعة الماضي، للصحفيين، إنه لن يعين أي شخص رئيسًا جديدًا للاحتياطي الفيدرالي إلا إذا قام بخفض أسعار الفائدة فوراً، وهو أوضح مؤشر حتى الآن على أن البيت الأبيض يعتزم ممارسة مزيد من السيطرة على السياسة النقدية العام المقبل. وفي عام 2017، أعلن ترامب ترشيحه لجيروم باول لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي. في المجمل، خلال فترة ترامب الأولى، كان يضغط على باول لخفض أسعار الفائدة، والفرق هذه المرة هو أن الرسالة أصبحت موحدة من مختلف أركان الإدارة. aXA6IDEwNC4yNTMuODQuMTY2IA== جزيرة ام اند امز BR


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
البنية التحتية للبيانات في أمريكا تتآكل.. اقتصاد يُدار بالافتراضات
تم تحديثه الإثنين 2025/6/30 11:32 م بتوقيت أبوظبي قال تقرير نشرته مجلة «الإيكونوميست» إن مئات الأمريكيين يخرجون يومياً إلى الشوارع لجمع الأسعار لصالح مكتب إحصاءات العمل (BLS)، وهو الهيئة الحكومية المسؤولة عن تتبع البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة. ويقوم هؤلاء الجامعون بجمع أسعار كل شيء، من إيجارات الشقق وتحاليل الدم إلى تذاكر السينما. وتُستخدم هذه البيانات في إعداد مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، وهو أداة حيوية لقياس التضخم. لكن قدرة المكتب على الحفاظ على هذا النظام تتعرض لتآكل خطير. ووفقا للتقرير، ففي يونيو/حزيران الجاري، أعلن المكتب أنه توقف عن جمع بيانات الأسعار في مدينتي لينكولن بولاية نبراسكا وبروفو بولاية يوتا. وفي نفس الشهر، تم إلغاء مدينة بوفالو، نيويورك. والأسوأ من ذلك، أنه بحلول أغسطس/آب، سيتوقف جمع بيانات أسعار المنتجين في 34 صناعة، مثل صناعة الجير والذخيرة وأدوات الطهي المعدنية. وعلل المكتب هذه التخفيضات في بيان مقتضب قائلاً: "الموارد الحالية لم تعد قادرة على دعم جهود الجمع". ويرجع هذا التراجع إلى مشكلتين رئيسيتين طويلتي الأمد. أولاً، هناك تراجع في تجاوب الأمريكيين مع الاستبيانات. فقد انخفض معدل الاستجابة لمسح التوظيف الأساسي من 93% في عام 2000 إلى 83% في عام 2019، ثم إلى 67% فقط بعد الجائحة. وثانيًا، انخفض التمويل المخصص للوكالات الإحصائية. ففي العقدين الماضيين، تراجع تمويل الكونغرس الحقيقي لمكتب إحصاءات العمل، ومكتب الإحصاء، ومكتب التحليل الاقتصادي بنسبة 18%، رغم ارتفاع الأجور وتكاليف جمع البيانات. وكانت النتيجة هي تفريغ هذه المؤسسات من مواردها. على سبيل المثال، انتقل مكتب إحصاءات العمل من مقره الفخم قرب الكابيتول إلى مبنى أرخص في ضواحي ولاية ماريلاند، حيث يشارك العاملون الكافيتريا مع جهات أخرى. ومنذ عام 2019، لم يتم استبدال الموظفين الإداريين الذين تقاعدوا، ويُقال إنه لا يوجد سكرتير واحد في المكتب اليوم. ويقول العاملون في الداخل إن نسبة الموظفين المتبقين في الوكالات الثلاث لا تتجاوز 60%، نتيجة لتجميد التوظيف خلال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفصل الموظفين الجدد. هذا النقص يعني عددًا أقل من الجامعين الميدانيين، مما يضطر الإحصائيين إلى استخدام تقديرات. فعلى سبيل المثال، إذا لم تتوفر الكمثرى في متاجر أتلانتا، أو لم يتوفر من يجمع الأسعار، فإنهم يستخدمون سعر التفاح بدلاً منها، أو سعر الكمثرى في مدينة أخرى مثل ناشفيل. وخلال الجائحة، ارتفعت نسبة السلع والخدمات المُقدّرة (أو "المحسوبة") في مؤشر الأسعار من متوسط 8% إلى 16%. وفي أبريل/نيسان ومايو/أيار من هذا العام، قفزت النسبة إلى 30%. وهذا يثير قلقًا كبيرًا بشأن دقة بيانات التضخم، في وقت تعد فيه أساسية لصنع القرار السياسي. تدهور جودة البيانات ويحذر الخبراء من أن تدهور جودة البيانات له عواقب خطيرة. ويشبّه ويليام بيتش، مفوض المكتب الأسبق الذي عُيّن في عهد ترامب، النظام الإحصائي الأمريكي بالبنية التحتية المادية: "إنها البنية التحتية المعرفية التي يحتاجها الاقتصاد للعمل بكفاءة". فإذا تم التقليل من التضخم، فقد لا تتماشى مدفوعات الضمان الاجتماعي مع تكاليف المعيشة. وإذا بالغت البيانات في تقدير التضخم، فقد يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون داعٍ. رغم هذا الخطر، لا يوجد دافع سياسي كبير لتحسين البيانات. تقول إريكا غروشين، مفوضة المكتب في عهد أوباما: "لا أحد يُنتخب لأنه وعد بتحسين الإحصاءات الفيدرالية". وتظهر آثار ضعف البيانات بوضوح. فعندما توقف المكتب عن نشر بيانات أجور سائقي الشاحنات حسب الفئة، قالت نقابة Teamsters إنها لم تعد قادرة على التفاوض على عقود دقيقة. وخلال الجائحة، عندما توقف المكتب عن تتبع أسعار الألماس الصناعي مؤقتًا، تسببت هذه الخطوة في اضطراب حسابات التكاليف في عدة صناعات. وقال بيتش متفاجئًا: "الألماس أثر على الأسعار في كامل المجال الصناعي". وسيتم قريبًا إلغاء المزيد من البيانات. فمؤشرات مثل معدل بطالة المراهقين، وإصابات العمل المميتة، ونسب عضوية النقابات على وشك الاختفاء. هذا التآكل في البيانات يُضعف قدرة صانعي السياسات والاقتصاديين والشركات على اتخاذ قرارات مستنيرة. وقد تصبح الأزمة أسوأ. إذ يقترح ميزانية ترامب تخفيضًا إضافيًا في تمويل المكتب قدره 56 مليون دولار، أي بنسبة 8%. وبالرغم من أن البيانات الرقمية من الإنترنت تقدم بعض الطمأنينة، كما يقول ألبيرتو كافالو من جامعة هارفارد، فإنها لا يمكن أن تعوّض عن دقة واتساع جمع البيانات التقليدي. في الوقت نفسه، تستمر القرارات السياسية في الاعتماد على بيانات غير مكتملة. فالرسوم الجمركية التي يقترحها ترامب مثال على ذلك. وقد أقرّ بأن هذه الرسوم قد ترفع الأسعار على المستهلكين، مازحًا بأن الأطفال قد يحصلون على "دميتين بدلاً من ثلاثين"، وقد تكون الدميتان أغلى. لكن، مع توقف المكتب قريبًا عن تتبع تكلفة إنتاج الدمى، سيكون من الصعب حتى تقييم أثر هذه السياسات. وعلى عكس الطرق والجسور، التي تنهار عند تدهورها، فإن انهيار البنية التحتية للبيانات لا يُرى بالعين المجردة—لكن عواقبه وخيمة. بدون استثمارات عاجلة، تتآكل أسس المعرفة الاقتصادية في أمريكا بهدوء. aXA6IDEwNC4yNTIuNjUuMjIwIA== جزيرة ام اند امز CZ