
تحذيرات من تداعيات إنسانية لقانون أميركي يقطع تمويل طالبان
كابل- أثار إقرار مجلس النواب الأميركي مشروع قانون "منع دفع الضرائب للإرهابيين"، في 24 يونيو/حزيران الجاري، جدلا واسعا في أفغانستان، ونددت حكومة حركة طالبان بما اعتبرته محاولة لتسييس المساعدات الإنسانية، بينما يحذر سياسيون ومحللون من تداعياته التي قد تعمّق عزلة البلاد وتهدد استقرارها.
والقانون، الذي يهدف إلى منع طالبان من الاستفادة من الأموال الأميركية، سواء بشكل مباشر أو عبر قنوات المساعدات الدولية، يمنح وزارة الخارجية الأميركية صلاحيات موسعة لمراقبة تدفقات التمويل عبر المنظمات غير الحكومية و الأمم المتحدة ، وسط تقارير تشير إلى استفادة الحركة من المساعدات عبر فرض رسوم وضرائب، مما أثار انتقادات حادة في الكونغرس.
ورحّب برايان ماست، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، بإقرار هذا القانون، مؤكدا في بيان له أن "هذا المشروع يضمن ألا تصل حتى روبية واحدة من أموال الشعب الأميركي إلى طالبان، لا بشكل مباشر، ولا عبر قنوات سرية، ولا من خلال حكومات ضعيفة أو منظمات غير حكومية مشبوهة. من يرسل أموالا إلى طالبان، لا يمكن اعتباره صديقا للولايات المتحدة".
رفض أفغاني
وقال ماست إن القانون يردّ على تقرير المفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان في مايو/أيار 2024، الذي كشف أن 10.9 ملايين دولار من المساعدات المخصصة لأفغانستان دُفعت كضرائب لطالبان من قبل منظمات إغاثة، ويُلزم وزارة الخارجية بتنفيذ برامج رقابية صارمة وتقديم تقارير دورية ل لكونغرس ، مما يعكس دعما جمهوريا واسعا لتشديد السياسة تجاه الحركة.
وردا على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة المالية الأفغانية أحمد ولي حقمل، للجزيرة نت "نتابع تطورات القانون الأميركي بقلق، ونرفض استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط سياسي. إدارتنا تعتمد على الإيرادات المحلية، ونحن مستعدون للتعاون مع الجهات الدولية لضمان الشفافية في توزيع المساعدات".
وأضاف أن القيود الأميركية "ستضر الشعب الأفغاني أكثر من أي جهة أخرى"، داعيا إلى آليات دولية تحترم سيادة أفغانستان.
وهذا الموقف يتماشى مع تصريحات سابقة لمسؤولي طالبان، ففي يناير/كانون الثاني الماضي، نفى الملا حمد الله فطرت، نائب المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، تلقي أي مساعدات أميركية، قائلا إن "الولايات المتحدة لم تقدم دولارا واحدا لإمارة أفغانستان، بل جمّدت مليارات الدولارات من أصولنا".
وفي فبراير/شباط الماضي، أكدت وزارة الاقتصاد الأفغانية أن "أي إجراء أميركي بشأن تخصيص أو تحويل الأصول المجمدة غير مقبول"، محذرة من أن ذلك يمثل "انتهاكا لسيادة أفغانستان".
وفي 2 يونيو/حزيران الجاري، رفض المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد ، مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة معدات عسكرية بقيمة 7 مليارات دولار، واعتبرها "غنائم حرب".
ضغوط أميركية
من جانبه، حذّر وزير الداخلية الأفغاني الأسبق محمد عمر داودزي، من أن القانون قد يجر أفغانستان إلى "كارثة إنسانية ومالية"، مشيرا إلى أن طالبان "لن تستطيع تمويل ميزانية الدولة من الضرائب المحلية وحدها".
وأوضح داودزي للجزيرة نت أن واشنطن كانت تقدم 3 أنواع من الدعم:
تنظيم الدولة الإسلامية.
مساعدات إنسانية تصل عبر قنوات دولية، استفادت منها طالبان جزئيا.
تمويل لاستكمال مشاريع أميركية متعثرة.
وأكد أن قطع هذه المساعدات سيؤدي إلى نقص حاد في الدولار بالسوق الأفغانية، مما سيضعف العملة الوطنية ويمنع الحكومة من دفع رواتب الموظفين.
ودعا طالبان إلى "مراجعة سياساتها المنغلقة وكسب رضا الشعب" لتحسين علاقتها مع المجتمع الدولي، محذرا من أن "فشلها سيؤدي إلى فوضى سياسية واجتماعية".
يأتي القانون الأميركي وسط ضغوط داخل الكونغرس لتشديد السياسة تجاه طالبان، خاصة بعد تقرير المفتش العام الأميركي الذي أشار إلى أن 10.9 ملايين دولار من المساعدات الأميركية ذهبت إلى طالبان عبر رسوم وضرائب.
وقال مقدّم القانون النائب الجمهوري تيم براغيث "منذ أغسطس/آب 2021، أرسلت الولايات المتحدة نحو 5 مليارات دولار نقدا إلى أفغانستان، استفادت منها طالبان بشكل غير مباشر".
في حين زعم نائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح، أن الحركة تلقت "12 مليار دولار سرا" منذ 2021، وهي ادعاءات لم تُؤكد رسميا.
كما أشار منتقدون إلى أن "نحو 40 مليون دولار تُسلَّم أسبوعيا إلى طالبان"، لكن هذه الادعاءات تفتقر إلى دليل قاطع، حيث تنفي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسليم أي مساعدات مباشرة للحركة. والقانون، الذي ينتظر موافقة مجلس الشيوخ وتوقيع ترامب، يثير تساؤلات حول إستراتيجية واشنطن: هل تسعى لعزل طالبان أم لاحتوائها لضمان استقرار المنطقة؟
حذّر الخبير الاقتصادي عبد الله ولي زاده من أن تقييد المساعدات سيؤدي إلى "تضييق مالي حاد"، موضحا للجزيرة نت أن المساعدات الدولية تغذي الاقتصاد المحلي عبر المشاريع الإغاثية. وأن قطعها قد يؤدي إلى انهيار سعر العملة وارتفاع التضخم. ورأى أن الخطوة الأميركية "ليست معزولة عن الحسابات الجيوسياسية"، وربما تمثل ضغطا سياسيا أكثر منها إجراء ماليا بحتا.
أما المحلل السياسي أحمد سعيدي فيقول إن القانون الأميركي "يعكس ارتباكا في سياسة واشنطن تجاه أفغانستان"، ويضيف للجزيرة نت "القانون قد يدفع طالبان نحو مزيد من العزلة، مما يفتح المجال أمام دول مثل الصين وروسيا لتعزيز نفوذها. كيف يمكن ضمان المساعدات الإنسانية دون التعامل مع النظام القائم؟".
وأشار إلى أن موسكو أزالت مؤخرا الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية، وباكستان عينت سفيرا في كابل، مما يعكس تحولات دبلوماسية قد تملأ الفراغ الأميركي. وأضاف أن المجتمع الدولي "مطالب بابتكار آليات تحول دون معاقبة الشعب الأفغاني أو منح طالبان شرعية غير مقصودة".
انعكاسات إنسانية
من جهتها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق من تأثير القانون على عملياتها الإنسانية في أفغانستان. وقال نائب المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، للجزيرة نت "أي قيود على المساعدات ستفاقم معاناة الملايين الذين يعتمدون عليها للبقاء".
وتابع "في أفغانستان، يحتاج 19.2 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية في 2025 بسبب انعدام الأمن الغذائي ، والجفاف، والانهيار الاقتصادي. القانون قد يعيق عملياتنا، خاصة في مناطق سيطرة طالبان، مما يهدد توفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية".
ووفق لايركه، يواجه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية تحديات معقدة في أفغانستان، حيث يجب التنسيق مع السلطات الفعلية (طالبان) لضمان وصول المساعدات، وهو ما قد يتعارض مع القيود الأميركية.
في تقرير صدر في ديسمبر/كانون الأول 2024، أشار المكتب إلى أن 70% من سكان أفغانستان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن أزمة التمويل العالمية (47 مليار دولار مطلوبة لعام 2025) تجعل أي قيود إضافية كارثية.
كما حذر المتحدث في، فبراير/شباط 2025، في سياق مماثل حول غزة ، من أن تقييد المساعدات يعرّض حياة الملايين للخطر، داعيا إلى آليات تضمن الوصول الآمن للإغاثة دون تسييس.
وأكد أن الأمم المتحدة ملتزمة بمبادئ الحياد والاستقلال، لكنها تحتاج إلى دعم دولي لتجنب انهيار الخدمات الأساسية. ومع انتظار قرار مجلس الشيوخ، يبقى مصير العلاقة بين واشنطن وكابل معلقا. ويضع القانون طالبان أمام خيارين:
الانفتاح على المجتمع الدولي وتخفيف سياساتها.
أو مواجهة عزلة قد تهدد استقرارها الداخلي.
في المقابل، تواجه الولايات المتحدة تحديا في تحقيق توازن بين أهدافها الأمنية ومسؤولياتها الإنسانية. ووسط هذا التوتر، يظل الشعب الأفغاني رهينة قرارات دولية وواقع محلي معقّد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 42 دقائق
- الجزيرة
لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
تبدو الحرب التي دارت بين إسرائيل وإيران حرب وجود للطرفين، فطموح إسرائيل لتدمير البرنامج النووي الإيراني، أمرٌ قد بات بعيد المنال في ضوء الهجمات الأميركية التي نالت من سطح البرنامج دون أن تدمر أعماقه، والوقت ليس في صالح الهدف الإسرائيلي، بل إن أقصى طموحات إسرائيل حاليًا هو عرقلة البرنامج النووي الإيراني لسنوات وليس القضاء عليه، كما أن المحيط الجغرافي لن يقبل هذه الحرب، المحيط الجغرافي هنا يمتد من باكستان حتى أوروبا، لذا في هذا السياق هناك عدة تساؤلات: ماهيّة هذه الحرب؟ ما هي النتائج التي ستترتب عليها؟ هل من فائز حقيقي فيها؟ في حقيقة الأمر، الفائز الحقيقي في هذه الحرب هو روسيا، فهي تستفيد من ارتفاع أسعار النفط بوصفه أكبر صادراتها، ثم إن هذه الحرب تعزز حساب التفاضل والتكامل بالنسبة لها في حرب أوكرانيا، لكن على الجانب الآخر، فإن الطرفين المتصارعين إيران وإسرائيل خاضا حربًا حساباتها الدقيقة ممتدة إلى خارج إرادة كليهما، وهذا مكمن تصرف الولايات المتحدة لإنهاء الحرب. قوة الصورة ذهبت إسرائيل في ضربتها الأولى إلى قوة الصورة وتأثيرها على الجمهور الإيراني بالدرجة الأولى، ثم إلحاق هزيمة نفسية ويأس في المنطقة العربية، فمشاهد الدمار في إيران ومقتل علمائها وتركيز إسرائيل على فاعلية قوتها ودقتها، أحدثت هزة كبيرة في إيران والمنطقة، وصارت تروّج للمقولة القديمة التي شاعت بعد حرب 1967 بأن جيش إسرائيل لا يقهر. كان الرد الإيراني المتتالي صاعقًا، إذ إن إيران بالرغم من محدودية الخسائر الإسرائيلية، مثلت صور الدمار في تل أبيب وحيفا انتصارًا معنويًا لها، بل سرعان ما اشتعلت وسائط التواصل الاجتماعي العربية بصور الدمار في إسرائيل، لذا فإن إسرائيل في هذه المعركة فقدت شيئًا لم تدركه بعد، ستبدأ في إدراكه في هذه المرحلة، مرحلة ما بعد الحرب. ما جرى يمكن اعتباره تراجعًا ملحوظًا في صورة إسرائيل كقوة عسكرية لا تُقهر، وهو ما قد يفتح الباب أمام الأجيال القادمة في المنطقة العربية لتعزيز طموحاتها في إنهاء الصراع مع إسرائيل، التي لطالما مثّلت خصمًا تاريخيًا فعّالًا في الوعي الجمعي للشعوب العربية. قوة السلاح تمتلك إسرائيل قوة ردع وهجوم متفوقة في المنطقة العربية، وقد نجحت في تحجيم حزب الله، ثم قوضت قدرات حركة حماس في غزة، وهذا التفوق عنوانه القوات الجوية، وهنا يبرز على الفور القدرات العربية والإيرانية في الدفاع الجوي، ومن ثَمَّ نرى أن معظم الدول العربية وإيران، فيما عدا مصر، لم تبنِ قوات دفاع جوي لمواجهة هذا التفوق الإسرائيلي وتحجيمه. وتحييد الطيران الحربي لإسرائيل مستقبلًا هو بداية التعاطي مع إسرائيل بمنطق الحد من قدراتها، وهو ما سيحجم الغطرسة الإسرائيلية في المنطقة. لقد نجحت إيران بصورة نسبية في مواجهة هذا التفوق لكن مع الضربة الثانية عليها، حيث أسقطت طائرة "إف 35". وهو مؤشر جيد على إمكانية التعامل مع القوات الجوية الإسرائيلية. لدى إسرائيل طائرات مسيرة متعددة المهام، وفي المقابل تمتلك إيران طائرات مسيرة متقدمة، لكن قدرات إسرائيل على تتبع هذه الطائرات تحجم من قدراتها، بيد أنه على الجانب الآخر، فإن المستقبل يشي بأنه لو طورت إيران والعرب من قدرات الطائرات المسيرة فسيكون الداخل الإسرائيلي تحت التهديد الجوي لأول مرة منذ إنشائها، وهو ما سيمثل خرقًا لنظريات وإستراتيجيات الدفاع الإسرائيلي. كما أن اختراق الصواريخ الإيرانية يشي بأن المستقبل الإسرائيلي في صد هذه الهجمات بات محل تساؤلات؟ إن خسائر إيران تبدو كبيرة- وإن لم يوجد لها حتى الآن حصر- وستؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، فضلًا عن أنه على الجانب الآخر تتعرض إسرائيل إلى حصار اقتصادي غير معلن، فالحرب تؤدي إلى وقف حركة الشحن بالطائرات، فضلًا عن إيقاف العديد من الخطوط الملاحية إلى موانئ إسرائيل، وهو ما يعني أن الحرب لها عواقب على إسرائيل سيئة. لكن هل الولايات المتحدة استطاعت منع امتداد الصراع وتحوله إلى حرب واسعة على مستوى المنطقة؟ إن ما لا تدركه الولايات المتحدة ومعها إسرائيل هو طبيعة الشعب الإيراني، فهو شعب عنيد تجاه أي غزو أو هجوم خارجي، حتى لو اختلف مع النظام الحاكم، وهذا أيضًا ما لم يدركه صدام حسين حين شن حربًا ضد إيران في مرحلة ظن أنها ضعفت فيها عقب الثورة الإيرانية. وكذلك الأمر حين أدركت إسرائيل أن إيران تم تقليم أظفارها في لبنان، وسوريا. لكن في حالة يأس إيران أو محاولة كسرها بصورة صريحة فلن يكون أمامها سوى ضرب المصالح الأميركية بصورة مباشرة، وهو ما هددت به، لذا فقد تم ضرب موقع فوردو النووي الإيراني من قبل الولايات المتحدة، فهي التي تملك هذه القدرة. بيدَ أن القلق الأميركي من تفاقم الوضع والرعب من تأثير الحرب على الداخل الإسرائيلي والذي تمثل في فرار مواطنين إسرائيليين إلى خارج إسرائيل باعتبارها بلدًا افتقد الأمان لأول مرة، وكذلك عدم قدرة إسرائيل على تحمل حرب من هذا النوع مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، كل هذا كان سببًا لقبول وقف إطلاق النار. على الجانب الآخر فإن خروج إيران من هذه الحرب منتصرة أو في وضع اللامهزوم واللامنتصر يعني ضمنًا هزيمة إستراتيجية ونفسية لإسرائيل، وهو أمر يسبب نتائج وخيمة على المدى البعيد على إسرائيل، وعلى وجودها، لذا فإن نتنياهو يدرك أن هذا الوضع ينهي حياته السياسية ويقوده إلى السجن، وهو ما يدركه جيدًا، لذا فإنه أنهى هذه الحرب بعد أن وصل لنتيجة مرضية له قبل أن تكون مرضية لجمهوره، فضلًا عن أن الولايات المتحدة قد تدخلت لوقف الحرب بالأمر المباشر لإسرائيل، فأسواق النفط لن تتحمل الأسعار وتصاعدها، والأسهم وسقوطها يشكل أزمة عالمية، والصين تترقب كل هذا. لذا فإن إنهاء الحرب جاء وفق ما انتهت إليه كأمر واقع، من هنا فإن إنهاءها بوضع اللامهزوم واللا منتصر هو الحل الذي وصلت إليه لإسرائيل غير المنتصرة ولا المهزومة، وكذلك إيران، نحن أمام جيل جديد من الحروب عن بعد، ولكنها حروب غير محسومة، الخاسر في هذه الحرب هو الولايات المتحدة التي أكسبت روسيا والصين مساحات جديدة عليهما الاستثمار فيها، وإلا فإنهما سيكونان كمن فقد الفرصة الذهبية.


الجزيرة
منذ 42 دقائق
- الجزيرة
هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟
أجمع محللون سياسيون على أن إستراتيجيات المقاومة الأخيرة تفرض ضغوطا متزايدة تدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية إلى التفكير جديا في صفقة شاملة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وعرضت الجزيرة مؤخرا مشاهد تفجير كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ناقلتي جند إسرائيليتين في كمين ب خان يونس جنوبي القطاع، مما أسفر عن مقتل 7 جنود داخلهما، بينهم ضابط. وفي هذا السياق، قال الكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن إن ما يحدث هو سيناريو كبير "قد يكتمل خلال أسبوع أو أسبوعين، وقد يتوج بزيارة نتنياهو إلى واشنطن". وأوضح شتيرن لبرنامج "مسار الأحداث" أن هذا السيناريو يشمل أولا وقفا لإطلاق النار وتبادلا للأسرى في غزة، وربما انسحابا إسرائيليا من القطاع. وتتضمن هذه الصفقة المحتملة عناصر متعددة الأبعاد، إذ أكد شتيرن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أيضا أن يكون هناك عفو لنتنياهو من محاكمته قبل أن الوصول إلى نهايتها، وقد تشمل أيضا الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وفي الإطار ذاته، اتفق المحللون على أن عودة المقاومة الفلسطينية بقوة وتنفيذها عمليات نوعية ناجحة خلال الأيام الماضية تشكل العامل الضاغط الرئيسي في المعادلة الحالية. وفي هذا الإطار، أكد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن المقاومة سجلت "صورا مبهرة تثبت أنها حاضرة وقوية"، مما يشكل عاملا ضاغطا كبيرا على المجتمع الإسرائيلي. وبناء على هذه التطورات الميدانية طرحت العمليات العسكرية الأخيرة -وفق القرا- تساؤلات كبيرة داخل المجتمع الإسرائيلي عما يفعل الجيش الإسرائيلي في غزة. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي "إذا كان يبحث عن 20 جنديا أحياء في قطاع غزة فقد عاد بـ28 جنديا إسرائيليا في أكياس، بعضهم تبخر بفعل الانفجارات". قيود وضغوطات ومن زاوية عسكرية، أكد الخبير العسكري العميد إلياس حنا أن الجيش الإسرائيلي يواجه قيودا حقيقية في قدراته التشغيلية تدعم ما ذهب إليه القرا، كما لا يمكن أن تقاتل كافة الفرق العسكرية في الوقت ذاته داخل القطاع. وعلى هذا الأساس، أكد حنا أن أي عمل عسكري حقيقي يجب أن يكون هجوما شاملا متكاملا يترافق مع الطيران والتقدم البري، لكن هذا الأمر لم يعد قادرا عليه جيش الاحتلال لأسباب عدة، فضلا عن أن خصائص هذه الحرب مختلفة تماما وتتطلب وقتا طويلا. وأعرب عن قناعته بأن المقاومة قادرة على الاستمرار، مشيرا إلى توفر العوامل الأساسية للمقاومة، وهي: الإرادة والوسائل والملاذات الآمنة"، إضافة إلى أن الأنفاق لم يُدمر منها أكثر من 30% بالحد الأقصى، وأن المقاومة قادرة على رفع الثمن. وبالتوازي مع التحديات العسكرية أجمع المحللون على أن نتنياهو يواجه ضغوطات متزايدة من داخل ائتلافه الحكومي. وفي هذا السياق، أشار الكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين إلى أن نتنياهو اصطدم بجدار الواقع بعد أن اعتاد الهروب إلى الأمام في العمليات العسكرية بدلا من حل مشاكله وأزماته. وأوضح جبارين أن نتنياهو أمام 3 حلول حاسمة تتمثل في: قدرته على المناورة. الأدوات والمساعدات المتاحة من واشنطن. الثمن والتنازلات التي يمكنه أن يدفعها. وفي ضوء هذه المعطيات، أعرب جبارين عن قناعته بأن إسرائيل باتت أقرب إلى انتخابات مبكرة، ولكن يبقى السؤال "هل ستكون صفقة تغلفها انتخابات أم تصعيد في غزة يفجر المشهد؟". وعلى الصعيد الدولي، يرى القرا أن الولايات المتحدة بدأت تستمع إلى أصوات مقربة من حماس بشأن ما يحدث في غزة. ووفق القرا، فإن المشكلة الحقيقية مرتبطة بغزة ولا يمكن تجاهلها أو تجاوزها، مؤكدا أن ترجمة التصريحات الأميركية إلى فعل حقيقي "تحتاج إلى قرار نتنياهو بإرسال وفد إلى الدوحة أو القاهرة، حيث يمكن التوصل إلى اتفاق خلال 24 ساعة".


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الحرب على غزة مباشر.. مجازر بحق المجوعين وكمين جديد للمقاومة بخان يونس
في اليوم الـ102 من استئناف حرب الإبادة على غزة، وثق مكتب الإعلام الحكومي في غزة ارتفاع عدد الشهداء في مراكز توزيع المساعدات إلى 549 شهيدا، بينما أصيب أكثر من 4 آلاف شخص، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوقوع حدث أمني صعب في خان يونس جنوب القطاع، وأن مروحيات إخلاء عسكرية نقلت جنودا مصابين.