
أخيراً.. بوتين يثير حنق ترمب
خلال ظهوره في المكتب البيضاوي إلى جانب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، الذي بدا معجباً به، أعلن ترمب عزمه إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، لكن مع فارق لافت يتمثل في أن الحلفاء الأوروبيين هم من سيتكفلون بالدفع مقدماً. إنها صفقة مزدوجة المنفعة: "أميركا ما زالت أولاً"، لكن "أوكرانيا لم تعد الأخيرة".
ولتفادي أي لبس في الرسالة الموجهة لبوتين، أعلن ترمب أيضاً عن مهلة جديدة من تلك التي يحب وضعها، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا خلال 50 يوماً، ستفرض الولايات المتحدة الأميركية رسوماً جمركية ثانوية 100% على الدول التي ما تزال تشتري النفط والغاز الروسيين -لا سيما الصين والهند- بما يسهم في تمويل آلة الحرب التابعة للكرملين. هناك بالفعل مشروع قانون بهذا الشأن ينتظر فقط إشارة من الرئيس ليمضي قدماً (ويتضمن عقوبات جمركية تصل إلى 500%، لكن من يهتم بالأرقام الآن). يبدو أن الحكومة الأميركية، مدعومة بأعضاء من كلا الحزبين، باتت مستعدة من جديد لزيادة الضغط على موسكو لوقف إراقة الدماء.
مواقف متغيرة للولايات المتحدة الأميركية
لمن تابع المواقف الأميركية منذ فبراير الماضي فقط، قد يبدو هذا التغير بمثابة تحول جذري. في ذلك الحين، جلس ترمب على نفس المقعد إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكنه عنفه قائلاً إن بلاده "لا تملك أوراق ضغط"، ملقياً باللوم على الضحية -كييف- بدلاً من الجاني، وهي موسكو.
: ترمب: خاب أملي في بوتين لكن لم أيأس منه بعد
الكثير حدث منذ ذلك الوقت، لكن ليس من بينها التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بوساطة ترمب. اشتكى الرئيس الأميركي مؤخراً لمارك روته قائلاً: "شعرت أننا كنا على وشك التوصل إلى اتفاق نحو 4 مرات". لكنه أوضح أن بوتين كان يراوغه بـ"كلام فارغ"، واصفاً الرئيس الروسي بأنه "لطيف جداً معنا طوال الوقت، لكن يتضح في النهاية أن لا معنى لذلك". أضاف ترمب أنه كان يعود ليلاً ليحدث السيدة الأولى عن "روعة المكالمة" مع بوتين، وكانت تكتفي بالتعليق بأن روسيا كانت حينها تقصف مدينة أوكرانية أخرى.
ما زاد من إحباطه الحقيقي، الشعور المتزايد بالإحراج أمام الانتقادات التي تُظهره بمظهر الضعيف، وهي نقطة لطالما أثارها منتقدوه خارج قاعدة مؤيديه من حركة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً". علقت السيناتورة الديمقراطية جين شاهين، وهي العضوة البارزة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بأن "بوتين يتلاعب بترمب كما يتلاعب العازف بكمانه". يشارك بعض الجمهوريين هذا الرأي، وإن كان ذلك بلغة أكثر تحفظاً.
"السلام من خلال القوة"
بالمنظور التسويقي، أصبحت هذه الحرب عبئاً سياسياً على رئيس يُكثر من التفاخر بأنه سيحقق "السلام من خلال القوة". وتشير استطلاعات الرأي إلى تحول الرأي العام الأميركي لصالح أوكرانيا، بما في ذلك استطلاع أُجري في مايو الماضي (بتكليف من مركز أبحاث يحمل اسم "معهد السلام من خلال القوة"، وأجراه مركز استطلاعات جمهوري) أظهر أن 84% من الناخبين المرجح مشاركتهم في الانتخابات يدعمون فرض عقوبات على صادرات روسيا، و76% يدعمون المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا.
اقرأ أيضاً: سلام ترمب "المجحف" لن ينهي الحروب
كما لعبت العوامل النفسية دوراً في الموقف الجديد. إذ يكره ترمب بشدة الميم الساخرة الشهيرة التي تُشير إليه باسم "تاكو" (TACO) وهي اختصار لجملة (Trump Always Chickens Out) وتعني أن "ترمب يتهرب من المواجهة"ً، وكان يحبّ أن يستعرض قوته عبر عمليات مثل قصف إيران. رغم ذلك، فإن عملية "مطرقة منتصف الليل" لا تدحض وصف "تاكو"، لأن النمط الذي رصده العلماء هو أن "ترمب يستخدم التهديدات والقوة تماماً مثل متنمر في فناء المدرسة إذ أنه في الواقع يخشى استخدام القوة في أي موقف يشبه ولو بشكل مبهم قتالاً عادلاً". إيران لا تستطيع فعلياً مهاجمة الولايات المتحدة الأميركية، لكن روسيا يمكنها ذلك.
فلاديمير بوتين يُغضب ترمب
لذا، تبقى دوافع ترمب لإظهار هذا القدر من الحزم الجديد موضع شك، فهو لا يتصرف لأن بوتين انتهك أسس القانون الدولي والأخلاق عبر غزو دولة ذات سيادة دون مبرر، ولا لأن العدوان الروسي في شرق أوروبا يهدد مصالح أميركا الجيوسياسية. لو كانت تلك الأمور تؤرقه فعلاً، لكنا علمنا ذلك من قبل. ما دفعه فعلياً هو أن مظهره بات يبدو ضعيفاً، ولأن بوتين، الذي طالما اعتبره ترمب "أخاً قوياً"، بدأ يثير حنقه بشدة.
اقرأ أيضاً: وسط تلميحات بعقوبات محتملة على روسيا.. ترمب: بوتين يلعب بالنار
ولو أراد ترمب أن يظهر القوة الحقيقية، لكان بوسعه فعل المزيد دون اللجوء للعمل العسكري. هناك مشروع قانون آخر عالق في الكونغرس الاميركي، أيضاً برعاية جمهوريين وبدعم من الحزبين، يسمح للولايات المتحدة الأميركية بمصادرة أصول البنك المركزي الروسي الموجودة في الخارج وتحويلها إلى أوكرانيا، كما يحفز الدول الأوروبية -تحتفظ بمعظم الاحتياطات الروسية الخارجية- على أن تفعل الأمر ذاته. أما الشحنات الأميركية من الأسلحة إلى أوكرانيا حالياً، فهي ما تزال تُصرف من حزم مساعدات أُقرت خلال فترة سلفه جو بايدن. فقط لا تذكروه بذلك.
رغم ذلك، فإن النبرة الجديدة التي صدرت من المكتب البيضاوي تُعد خبراً ساراً، ليس فقط للأوكرانيين الشجعان، بل أيضاً لحلفاء أميركا الأوروبيين، الذين اعتادوا في الآونة الأخيرة أن يلعبوا دور الخصم في حروب ترمب التجارية.
جائزة نوبل للسلام
بدا الأسبوع الجاري أن الرئيس الأميركي وجد ما يمدح به شركاءه عبر الأطلسي؛ وقال وإلى جانبه مارك روته المبتسم: "روح التعاون لديهم مدهشة"، مضيفاً أن "وجود أوروبا قوية هو أمر جيد". كلها تصريحات صحيحة، لكنها غير معتادة من رئيس اعتاد انتقاد الحلفاء والإشادة بالخصوم.
"نوبل للسلام".. هل يحقق ترمب حلمه القديم في ولايته الثانية؟
لذا، دعونا نهتف لترمب، لأنه قال وفعل الأمور الصائبة هذا الأسبوع. سأهتف بقوة أكبر له عندما أجد دليلاً على أنه يعني ذلك فعلاً، وأنه سيواصل هذا النهج الجديد من خلال التنسيق الحقيقي مع حلفاء أميركا والأوكرانيين للوقوف في وجه بوتين بطريقة يفهمها ويهابها ليس فقط الكرملين، بل أيضاً بكين وبيونغ يانغ. في تلك الحالة، قد أرشحه حتى لنيل جائزة نوبل للسلام.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 11 دقائق
- الشرق السعودية
مصدر: ستارمر يدعو لاجتماع وزاري لمناقشة غزة على الأرجح
ذكر مصدر في الحكومة البريطانية، الأحد، أن رئيس الوزراء كير ستارمر سيعقد اجتماعاً لمجلس الوزراء خلال أيام لمناقشة الوضع في غزة على الأرجح، وسط تزايد الضغوط عليه للاعتراف بدولة فلسطينية. وقالت صحيفة "فاينانشال تايمز"، التي كانت أول من نشر الخبر، إن الوزراء البريطانيين الذين يقضون عطلة صيفية حتى أول سبتمبر سيجتمعون لمناقشة الوضع في غزة. ولم يرد مكتب ستارمر بعد على طلب من "رويترز" للتعليق. ويأتي هذا الاستدعاء بعد أن قال ستارمر، الجمعة، إن الحكومة لن تعترف بدولة فلسطينية إلا في إطار اتفاق سلام تفاوضي، ما خيب آمال الكثيرين في حزب العمال الذي ينتمي إليه والذين يريدون منه أن يحذو حذو فرنسا في اتخاذ إجراءات أسرع. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، إن فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية، وهي خطة قوبلت باستنكار قوي من إسرائيل والولايات المتحدة، وذلك بعد خطوات مماثلة من إسبانيا والنرويج وأيرلندا العام الماضي. وبعث أكثر من 220 عضواً في البرلمان البريطاني، يمثلون نحو ثلث أعضاء مجلس العموم ومعظمهم من حزب العمال، برسالة إلى ستارمر، الجمعة، يحثونه فيها على الاعتراف بدولة فلسطينية. وقالت حكومات بريطانية متعاقبة من قبل إنها ستعترف رسمياً بدولة فلسطينية في الوقت المناسب، دون أن تضع جدولاً زمنياً أو تحدد شروطاً لذلك. ووصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إلى اسكتلندا، ما عقد من موقف ستارمر حيال المسألة في وقت يبني فيه أواصر علاقة أوثق مع ترمب. ونادراً ما تتخذ بريطانيا مواقف في السياسة الخارجية تتعارض مع سياسة الولايات المتحدة.


الرياض
منذ 32 دقائق
- الرياض
بعد التوصل لاتفاقترامب: سنفرض رسوماً جمركية 15% على السلع الأوروبية
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأحد إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توصلا إلى اتفاق تجاري يتضمن فرض رسوم جمركية 15 بالمئة على السلع الأوروبية التي تدخل السوق الأمريكية، إلى جانب مشتريات أوروبية كبيرة من الطاقة والعتاد العسكري الأمريكي. وأضاف ترامب للصحفيين أن الاتفاق يشمل أيضا استثمارات أوروبية بقيمة 600 مليار دولار داخل الولايات المتحدة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتفاق يتضمن فرض رسوم جمركية 15 بالمئة، مشيرة إلى أن الخطوة تهدف إلى إعادة التوازن في العلاقات التجارية بين الطرفين.


عكاظ
منذ 41 دقائق
- عكاظ
في مسعى لتمديد المهلة.. أمريكا والصين تستأنفان محادثات التجارة
تستأنف الولايات المتحدة الأمريكية والصين، غداً، محادثاتهما التجارية في العاصمة السويدية ستوكهولم، في محاولة لتمديد الهدنة الجمركية التي تم التوصل إليها في يونيو الماضي. ويقود المفاوضات وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، ونائب رئيس الوزراء الصيني خه لي فنغ، وسط اقتراب موعد نهائي في 12 أغسطس القادم قد يعيد فرض رسوم جمركية تتجاوز 100% على سلع متبادلة، مما ينذر باضطرابات جديدة في سلاسل التوريد العالمية. وتتركز المحادثات على خفض الرسوم الجمركية، واستعادة تبادل المعادن النادرة والرقائق الإلكترونية، وسط استبعاد التطرق إلى القضايا الاقتصادية العميقة مثل النموذج الاقتصادي الصيني وضوابط التكنولوجيا الأمريكية. وتُعد هذه الجولة الأولى من المحادثات المباشرة رفيعة المستوى بين الجانبين منذ شهور، وقد تفتح الباب أمام تفاهمات أوسع في الفترة القادمة. وكان وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك قد أعلن اليوم، أن المهلة التي حددتها الولايات المتحدة في الأول من أغسطس القادم لفرض رسوم جمركية مشددة على شركائها التجاريين هي نهائية ولن يتم تمديدها. وقال لوتنيك لشبكة «فوكس نيوز»: «لا توجد تمديدات ولا فترات سماح، فالرسوم الجمركية المحددة في الأول من أغسطس ستُطبّق، وستبدأ الجمارك بجمع المال». يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد حدد في أوائل أبريل الماضي مهلة 90 يوماً للمحادثات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي كان من المقرر أن تنتهي في التاسع من يوليو الجاري. وفي 24 من مايو الماضي، تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن تهديده بتسريع فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات من الاتحاد الأوروبي، ووافق على تمديد الموعد النهائي للمحادثات التجارية حتى التاسع من يوليو بعد أن قالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق جيد. وذكر متحدثون باسم المفوضية الأوروبية أن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين توجهت إلى أسكتلندا للاجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعد ظهر أمس، فيما قال مسؤولون في التكتل إن الجانبين يقتربان من إبرام اتفاق تجاري. وأشار ترمب للصحافيين لدى وصوله إلى أسكتلندا إلى أنه يتطلع إلى لقاء فون دير لاين، ووصفها بأنها زعيمة تحظى باحترام كبير، وذلك في إطار زيارة تستغرق بضعة أيام لممارسة رياضة الغولف وعقد اجتماعات ثنائية. وذكر ترمب وجود فرصة 50% لتوصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، إلى اتفاق تجاري إطاري. أخبار ذات صلة