ما لا يدركه العالم؟غيداء شمسان غوبر
ما لا يدركه العالم؟
غيداء شمسان غوبر*
في زاوية منسية من العالم، حيث تتكسر أمواج البحر الأحمر على شواطئ الصمود، وحيث تقف الجبال شامخة كشعبها، تدور معركة لا تشبه ما يراه العالم على شاشاته ليست مجرد مواجهة عسكرية تقليدية، بل هي صراع إرادات، وتصادم يقين بإيمان راسخ، مع جبروت مادي يتكئ على التكنولوجيا والمال.
وما لا يدركه العالم حقا، في غمرة ضجيج الأحداث وتضليل الإعلام، هو أن أمريكا، القوة العظمى التي تخيف العالم بترسانتها، قد استنزفت تقريبا كل ما تملك من أدوات القوة في مواجهة هذا الشعب الأبي.
لقد أرسلت أمريكا إلى هذه الساحة، التي ظنتها سهلة المنال، ما كانت تتباهى به أمام الأمم، وما كانت تبث به الرعب في قلوب الخصوم.
خمس حاملات طائرات: قلاع عائمة، رموز الهيمنة البحرية، أرسلت لتبسط سيطرتها على البحار، ولتكون منصات انطلاق لضربات موجعة لكنها اصطدمت بيقين لا تهزه أمواج البحر، وبإرادة حولت البحر إلى ميدان رعب لأعدائها.
طائرات B2 وF35 وF18: طائرات الشبح التي ظنت أنها فوق الرصد، ومقاتلات الجيل الخامس التي تعد قمة التكنولوجيا الجوية، حلقت في سماء اليمن ظنت أنها ستضرب وتعود دون أن يراها أحد، فإذا بسماء اليمن تلفظها، وتكشف زيف أسطورتها، وتعلن أن عين الإيمان ترى ما لا تراه الرادارات.
طائرات بدون طيار: أعينٌ لا تنام، تحصد الأرواح عن بعد، وتراقب كل حركة أرسلت بالآلاف لتكون سيفا مسلطا على رقاب اليمنيين لكنها تساقطت كالفراش أمام قدرات ولدت من رحم التحدي، وأثبتت أن التكنولوجيا وحدها لا تصنع النصر.
أحدث أنواع الصواريخ والقنابل: قوة تدميرية هائلة، أُلقيت على رؤوس الأبرياء، ودمرت البنى التحتية، وبثت الموت في كل مكان لكنها لم تكسر إرادة شعب حول الركام إلى وقود للصمود، وحول الألم إلى دافع للمقاومة.
جميع أنواع الاستخبارات: شبكات معقدة، أقمار صناعية، جواسيس، ظنت أنها ترى كل خيط، وتعرف كل سر، وتستبق كل خطوة، لكنها عجزت عن فهم سر هذا الصمود الأسطوري، وعن اختراق جدار الإيمان الذي يحصن هذا الشعب، وعن التنبؤ بمفاجآته التي تربك حساباتها.
حرب إعلامية ودعاية لا مثيل لها: آلة إعلامية ضخمة، تبث السموم، وتزور الحقائق، وتشوه الصورة، وتحاول عزل اليمن عن محيطه وعن قضيته لكنها تحطمت أمام وعي شعبي يستمد نوره من كتاب الله، ويدرك حقيقة المعركة وأهدافها، ولا تنطلي عليه أباطيل الأعداء.
حرب اقتصادية: حصار خانق، تجويع ممنهج، تضييق على كل منافذ الحياة، محاولة لتركيع الشعب عبر لقمة عيشه لكنها لم تفت في عضد شعب آمن بأن الرزق بيد الله، وأن الكرامة أغلى من أي ثمن، وأن الصبر مفتاح الفرج.
ما لا يدركه العالم هو أن هذه ليست معركة عتاد ضد عتاد فحسب، بل هي معركة روح ضد مادة، ويقين ضد وهم، وإيمان ضد غطرسة لقد استخدمت أمريكا كل أوراقها القوية، كل ما كانت تخيف به العالم، فإذا بها تتكسر وتستنزف على صخرة الصمود اليمني.
اليمن اليوم ليس مجرد ساحة معركة، بل هو مدرسة تعلم العالم معنى الرجولة الحقيقية في زمن الأشباه، ومعنى الصمود في وجه اعتى القوى، ومعنى أن الإيمان بالله والتوكل عليه هو أقوى سلاح لقد دفع اليمن ثمنا باهظا، لكنه ثمن الشرف والكرامة، ثمن نصرة المظلوم، ثمن إثبات أن جبروت أمريكا ليس قدراً لا يكسر.
ليعلم العالم أن ما يراه اليوم في اليمن ليس نهاية القصة، بل هو بداية فصل جديد، فصل يسطره رجال آمنوا بالله، فكان الله معهم، فصل يثبت أن النصر آت لا ريب فيه، وإن العاقبة للمتقين، وأن ترسانة الجبروت تتهاوى أمام قوة اليقين.
#اتحاد_كاتبات_اليمن
2025-04-27
The post ما لا يدركه العالم؟غيداء شمسان غوبر first appeared on ساحة التحرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 4 ساعات
- موقع كتابات
خدمة للمترفين وانتظار ومعاناة للمساكين
تسعى الدول التي تحترم مواطنيها جاهدة لتقديم افضل الخدمات لهم وتخفيف معاناتهم ، على عكس ما يحصل في عراق ما بعد 2003 وما اسس له الاحتلال من صيغ وممارسات محاصصاتيه اتاحت الفرص للاحزاب الاسلاموية استلام السلطات فاشاعت الفساد وحرمت المواطن من ابسط الخدمات .. لا نريد ان نطيل في المقدمة وندخل في صلب الموضوع فنقول ان المواطن في اغلب دول الجوار ومهما كان نوع النظام فيها وفرت خدمات كثيرة للمواطنين من دون تكليفه بمراجعة دوائر الدولة فتصله هويه التقاعد او هويه الاحوال المدنية الى المنزل من غير عناء .. في العراق كما يبدو كل شيء بثمن لايستطيع كثير من المواطنين دفعه ليحصلوا على خدمات من هذا النوع .. وقبل ايام حدثتني مواطنة قائلة انها استبشرت خيراً عندما علمت بوجود خدمة (vib ) للحصول على البطاقة الوطنية الموحدة من دون ان تكلف نفسها عناء مراجعة الدائرة التي تصدر مثل هذه البطاقات .. وتضيف حاولت ان اتصل هاتفياً من دون جدوى فاضطريت الى تكليف احد اقاربي لمراجعة دائرة الاحوال المدنية والاستفسار منهم عن سبل تقديم هذه الخدمة وكم عليها ان تدفع لقائها .. عاد قريبي وهو مصدوم ليخبرني بان ثمن هذه الخدمة ولكي يحضر الموظف المختص للبيت واصدار البطاقة الوطنية هي 250 الف دينار .. المبلغ ليس بالقليل خاصة وان راتبي التقاعدي هو 600 الف دينار !! السؤال الذي يطرح نفسه من يستطيع ان يتمتع بهذه الخدمة وبهذا السعر يا رئيس الوزراء ؟ انها خدمة كما يبدو وضعت للمترفين اصحاب الاموال والنفوذ وان علينا نحن المساكين ان نعاني من الروتين وننتظر مزاج هذا الموظف او ذاك مع جل احترامي لكل موظف نزيه يحرص على اداء واجبه باخلاص لخدمة المراجعين .. ياسادة زعماء الاحزاب الاسلاموية ويا مسؤولين اتقوا الله في المواطنين وارحموهم فهل يعقل انه وبعد اكثر من عشرين سنة تعجز الحكومة عن توفير شيء من الخدمات فمن المخجل ان نبقى نعاني من تردي ايصال الكهرباء ومن ماء اسالة مشكوك في نقاوته وحرمان من الخدمات الصحية والتعليمية وازمات لها اول وليس لها اخر .. ايها السادة خدمة ( vib) للحصول على البطاقة الوطنية كما يبدو وضعتموها للمترفين وما على المساكين الا الانتظار واستمرار المعاناة .. فمتى تلتفتون الى وجع المواطن المضحي الفقير ؟ متى ؟!


وكالة أنباء براثا
منذ 6 ساعات
- وكالة أنباء براثا
أبرز ما ورد في كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بمناسبة عيد المقاومة والتحرير
التعليقات علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ... الموضوع : محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ... الموضوع : مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !! ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ... الموضوع : المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!! م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!


وكالة أنباء براثا
منذ 7 ساعات
- وكالة أنباء براثا
قرعة كأس العرب
التعليقات علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ... الموضوع : محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ... الموضوع : مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !! ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ... الموضوع : المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!! م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!