
غارات صنعاء.. رسائل لطهران أم تمهيد لتغيير قواعد الاشتباك؟
فالغارات التي هزّت العاصمة اليمنية لم تأتِ في سياق ميداني منعزل، بل تقف خلفها إشارات سياسية واستراتيجية أكثر تعقيدًا، تتجاوز حدود الجغرافيا اليمنية لتلامس أبعادا إقليمية ترتبط مباشرة بالصراع الإيراني الأميركي الإسرائيلي.
في ظل تصاعد الدور الإيراني في اليمن من خلال دعم جماعة الحوثي بالسلاح والتكنولوجيا، بدأت كل من واشنطن و تل أبيب تنظر إلى الساحة اليمنية باعتبارها الخاصرة الرخوة التي يمكن من خلالها ممارسة ضغوط غير مباشرة على طهران.
وفي هذا السياق، تأتي الغارات الأخيرة على صنعاء كجزء من مشهد إقليمي متشابك يتقاطع فيه الأمن مع الجيوسياسة، وتتشابك فيه الأدوات بين الضربات الجوية والرسائل الدبلوماسية المشفرة.
إسرائيل وأميركا تتحركان لكبح التمدد الإيراني
يرى الخبير العسكري اليمني، خالد النسي خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن هذه الغارات ليست منفصلة عن موجة التصعيد التي تقودها إسرائيل ضد النفوذ الإيراني في أكثر من جبهة.
ويقول في تحليله: "الضربات على صنعاء تُقرأ ضمن تنسيق مباشر بين واشنطن وتل أبيب لمواجهة التمدد الإيراني في اليمن، خصوصًا بعد أن تحولت صنعاء إلى منصة إيرانية تهدد أمن الملاحة في البحر الأحمر".
ويضيف النسي أن إسرائيل تنظر إلى اليمن باعتباره نقطة استراتيجية تمكّن إيران من تطويقها من الجنوب، وهو ما يشكل تهديدًا وجوديًا إذا ما تُرك دون رد.
ويؤكد أن "الغارات تمثل رسالة مزدوجة: تحذير للحوثيين، وإشارة صريحة لإيران بأن تحريك أدواتها من صنعاء لن يمر دون تكلفة".
من منظور النسي، فإن إسرائيل، بدعم أميركي، تسعى إلى تغيير قواعد الاشتباك، ونقل المعركة إلى ما يسميه "الخطوط الخلفية للنفوذ الإيراني"، وهو ما يعني أن الضربات المستقبلية قد تشمل مواقع أخرى تُستخدم لتمويل أو دعم وكلاء طهران في المنطقة.
الضربة تكتيكية.. لكن الرسالة استراتيجية
أما الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد الزغول، فيقدّم قراءة أكثر شمولًا تضع الضربات ضمن إطار سياسي أوسع. ويرى أن "إيران لا تستخدم الحوثيين في اليمن فقط كأداة عسكرية، بل كرافعة استراتيجية للضغط على الغرب في ملفات متعددة، من بينها الملف النووي والعقوبات الاقتصادية".
ويضيف: "الغارات الأخيرة على صنعاء تهدف إلى تقليص هامش المناورة الإيراني عبر استهداف أدواته في المنطقة، وبشكل خاص الجماعات التي تهدد أمن البحر الأحمر والممرات الدولية".
ويؤكد الزغول أن وجود تنسيق أميركي إسرائيلي في الضربات يعكس تطورا مهمًا في طبيعة الردع، حيث تتحرك تل أبيب بدعم واشنطن لتقليص القدرة الإيرانية على استخدام اليمن كساحة خلفية للصراع.
الزغول يشير أيضًا إلى أن "الرسالة الأهم في الغارات هي أن صبر الغرب تجاه التوسع الإيراني بدأ ينفد"، وأن هناك تحولات جارية في أدوات المواجهة، من العقوبات إلى الضربات المركزة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمصالح استراتيجية مثل أمن الملاحة الدولية.
من زاويته الأمنية، يرى الخبير العسكري منصور معدي أن الغارات على صنعاء تمثل نقطة تحول مهمة في ما يسميه "قواعد الاشتباك الإقليمي".
ويقول: "ما جرى ليس مجرد استهداف تكتيكي لمخازن أو مواقع عسكرية حوثية، بل بداية لمرحلة جديدة تُستخدم فيها القوة الجوية كرسالة سياسية لضبط ميزان النفوذ".
ويضيف معدي أن العمليات الأخيرة تحمل بصمات واضحة لتعاون استخباراتي عالي المستوى، وتكشف عن تحوّل في فلسفة التعامل مع الحوثيين، حيث لم يعد يُنظر إليهم كحركة محلية متمردة، بل كجزء من منظومة إيرانية واسعة تهدد مصالح واشنطن وتل أبيب.
ويؤكد أن "إسرائيل تنقل المعركة إلى مناطق النفوذ الإيراني غير التقليدية، والولايات المتحدة بدأت تعتمد مقاربة هجومية بدلًا من الدفاع الاستراتيجي"، مشيرًا إلى أن الضربات قد تتكرر في حال استمر الحوثيون في استهداف السفن الدولية أو تنفيذ هجمات نيابة عن طهران.
ما يجمع بين تحليلات النسي والزغول ومعدي هو قناعة واضحة بأن الساحة اليمنية لم تعد ساحة حرب داخلية، بل تحوّلت إلى ساحة اشتباك إقليمي دولي، تتقاطع فيها مصالح قوى متعددة، من بينها الولايات المتحدة، إسرائيل، وإيران.
وفي الوقت الذي تحاول فيه طهران الاستفادة من الورقة اليمنية كورقة ضغط، تبدو الغارات الأخيرة محاولة لقصقصة أجنحة هذا التمدد من خلال ضرب الأدوات دون الدخول في مواجهة شاملة. الرسائل واضحة، والمرسل معروف، لكن تبقى استجابة طهران – أو تجاهلها – هي التي سترسم ملامح المرحلة القادمة.
رغم أن طهران لم تعلّق مباشرة على الغارات، فإن صمتها ليس بالضرورة علامة ارتياح، بل ربما تفكير في كيفية الرد دون دفع الأمور إلى صدام مباشر. فإيران تدرك أن تحركاتها في اليمن باتت تحت المجهر، وأن أي تصعيد عبر الحوثيين سيقابله رد أكثر شراسة.
ومع تصاعد المؤشرات على تحول نوعي في قواعد الاشتباك الإقليمي، تبقى الأيام القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الغارات على صنعاء مجرد بداية لسلسلة ضربات، أم أنها تمثل ذروة الضغط قبل العودة إلى طاولة التفاوض. في كل الأحوال، يبدو أن اليمن لم يعد مجرد ساحة داخلية، بل ساحة اختبار مكشوفة لإرادات كبرى تتصارع فوق ترابه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
الأمم المتحدة تنتقد مؤسسة «إغاثة غزة»: تشتيت للانتباه
جنيف-رويترز أكد متحدث باسم الأمم المتحدة ، الثلاثاء، أن عمل منظمة إنسانية خاصة مدعومة من الولايات المتحدة مكلفة بتوزيع المساعدات في غزة ، ما هو إلا تشتيت للانتباه عمّا هو مطلوب مثل فتح المعابر. وقالت مؤسسة «إغاثة غزة»: إنها بدأت توزيع الإمدادات في غزة الاثنين. وبدأ عمل المؤسسة بموجب خطة إسرائيلية، لكنها تواجه انتقادات من الأمم المتحدة وآخرين. وبدأ توزيع الإمدادات بعد حصار إسرائيلي استمر 11 أسبوعاً، والذي تم رفعه جزئياً فقط في الأيام الماضية، ما دفع مرصداً عالمياً لمراقبة الجوع إلى إصدار تحذير من حدوث مجاعة في قطاع غزة وأثار انتقادات دولية. وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايركه في إفادة صحفية في جنيف: «لا نشارك في هذا النهج للأسباب التي ذكرناها. إنه تشتيت للانتباه عما هو مطلوب بالفعل»، داعياً إلى إعادة فتح جميع المعابر إلى غزة والمزيد من الموافقات الإسرائيلية على إدخال إمدادات طارئة. ودعا أيضاً إلى إنهاء القيود الإسرائيلية على أنواع المساعدات المسموح بدخولها إلى القطاع، مشيراً إلى أن ما يتم السماح بدخوله لا يلبي دائماً الاحتياجات. وتتولى إسرائيل مسؤولية فحص جميع المساعدات التي تدخل غزة، وترفض على الدوام مجموعة واسعة من المواد التي ترى أن من الممكن أن تستخدمها حركة حماس لأغراض عسكرية. وتقول إسرائيل إن هذا النظام الجديد يهدف إلى إبعاد المساعدات عن حماس. وتتهم إسرائيل حماس بسرقة الغذاء واستخدامه لفرض سيطرتها على السكان، وهو اتهام تنفيه الحركة التي تؤكد أنها تحمي قوافل المساعدات من مجموعات نهب مسلحة. وقالت جولييت توما مديرة التواصل والإعلام في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»: إن لدى الوكالة شحنات طبية كبيرة لكنها مُنعت من دخول غزة. وأضافت: «لدينا أكثر من 3000 شاحنة، ليست محملة بالأغذية فحسب، بل أيضاً بالأدوية، تنتظر الضوء الأخضر للدخول. (الشاحنات) تحمل أدوية تنتهي صلاحيتها قريباً».


سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
محادثات مباشرة بين سوريا وإسرائيل.. ومصادر تكشف التفاصيل
ونقلت "رويترز" عن خمسة مصادر وصفتها بـ"المطلعة"، قولها إن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر، وأجرتا في الأسابيع القليلة الماضية لقاءات وجها لوجه بهدف احتواء التوتر والحيلولة دون اندلاع صراع في المنطقة الحدودية. وأضافت المصادر أن "اللقاءات المباشرة بين مسؤولين من الطرفين السوري والإسرائيلي قد تفضي لتفاهمات أوسع". وأوضحت المصادر أن "اللقاءات المباشرة بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين هدفها منع حدوث أي تصعيد واحتواء التوترات الأمنية". وحسبما ذكرت المصادر فإن "الطرفان السوري والإسرائيلي عقدا 3 جولات محادثات مباشرة على الأقل بما فيها واحدة في المنطقة الحدودية". وأشارت المصادر إلى أن "أحمد الدالاتي قائد الأمن بمحافظة السويداء ترأس الطرف السوري الذي عقد لقاءات مع الإسرائيليين". ولم يتسن لرويترز معرفة أي من المشاركين من الجانب الإسرائيلي، غير أن اثنين من المصادر قالا إنهم مسؤولون أمنيون. وكانت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية قد نقلت منتصف هذا الشهر عن مصدر إسرائيلي قوله إن إسرائيل والنظام السوري الجديد أجريا مؤخرا محادثات مباشرة، في تطور نادر يشير إلى تحولات في العلاقات بين البلدين اللذين كانا في حالة عداء طويل. وبحسب المصدر، جرت المحادثات في أذربيجان، وشارك فيها رئيس هيئة العمليات في الجيش الإسرائيلي عوديد بسيوق، والتقى ممثلين عن الحكومة السورية بحضور مسؤولين أتراك. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد صرّح في وقت سابق من الشهر الجاري بأن حكومته تجري محادثات غير مباشرة مع إسرائيل لوقف هجماتها على الأراضي السورية، حتى "لا تصل الأمور إلى مرحلة يفقد فيها الطرفان السيطرة".


صحيفة الخليج
منذ 4 ساعات
- صحيفة الخليج
«رويترز»: محادثات مباشرة بين سوريا وإسرائيل ركزت على الأمن
دمشق-رويترز قالت خمسة مصادر مطلعة وفق «رويترز»: إن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر وأجرتا في الأسابيع القليلة الماضية لقاءات وجهاً لوجه بهدف احتواء التوتر والحيلولة دون اندلاع صراع في المنطقة الحدودية. وذكرت «سي إن إن» في وقت سابق أن إسرائيل والإدارة السورية الجديدة أجرتا محادثات مباشرة في الآونة الأخيرة، وفقاً لمصدر إسرائيلي مطلع على الأمر. وقال المصدر: إن المحادثات جرت في أذربيجان وحضرها رئيس مديرية العمليات في الجيش الإسرائيلي اللواء عوديد باسيوك، مضيفاً أن باسيوك التقى بممثلي الحكومة السورية بحضور مسؤولين أتراك. وقال الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إن حكومته تجري محادثات غير مباشرة مع إسرائيل لإنهاء هجماتها على بلاده «حتى لا تصل الأمور إلى مرحلة يفقد فيها الجانبان السيطرة».