
توقعات بشأن الرد الإيراني على إسرائيل
قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب: "تمّ إبلاغي بالهجمات مسبقًا، ولا توجد مفاجآت، لكن الولايات المتحدة غير متورطة عسكريًا، وتأمل أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات قريبًا".
هذا، وكانت إسرائيل قد أعلنت فجر الجمعة 13 يونيو/ حزيران الجاري، شنّ "ضربات وقائية" ضدّ إيران، وفقًا لما أفاد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
ومن جهته، أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بوقوع انفجارات قوية في طهران وفي مناطق متفرقة من البلاد.
وفي أعقاب هذه التطورات، أعلنت إسرائيل حالة الطوارئ، كما أفاد الجيش الإسرائيلي بتغيير إرشادات السلامة المدنية والعامة إلى "الأنشطة الأساسية"، ما يشمل حظر الأنشطة التعليمية والتجمعات والتواجد في أماكن العمل، كما قفزت أسعار النفط بنسبة 5% بعد الضربة الإسرائيلية لإيران.
بالعودة إلى ما قاله ترامب يبدو أنه تناول الشيء ونقيضه، معتبرًا أن الضربات نفذت بعلمه، ولكن جيشه غير متورط فيها.
فهذا السيناريو يهدف إلى الدفع بإيران لاستيعاب الضربة، لا سيما أنه أكد في أكثر من مناسبة أنّ بلاده لن تسمح لها بامتلاك قنبلة نووية.
وفي جانب آخر، وجه لها نصيحة العودة إلى المفاوضات، لأنّ ما تمّ إبلاغه به ليس توقيت الضربة فقط، بل على ما يبدو التأكد على أن الضربة حققت أهدافها وعملت على تعطيل البرنامج النووي.
ولكن هناك من يطرح تساؤلات على الرئيس الأميركي: "ما دامت الغارات حققت أهدافها، فعلى أي أساس تدعو إيران إلى التفاوض بعد أن خسرت ملفها النووي والصاروخي؟".
"الضربة" كانت متوقعة، لا سيما أن تل أبيب بعثت برسائل واضحة إلى طهران من لبنان، بعدما شنّت طائراتها الحربية، في 5 يونيو/ حزيران الجاري، سلسلة من الهجمات العنيفة والواسعة والتي اعتبرت الأولى من حيث حجم المناطق التي طالتها، وفي عدد الضربات على مواقع تابعة لحزب الله بعد التوقيع على اتفاقية الهدنة في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي.
أتى الهجوم بعد ساعات من الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى بيروت، حيث أكد فيها على تماسك المحور، موجهًا من خلالها رسائل تهديد إلى إسرائيل من ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله.
حملت زيارة عراقجي إلى بيروت بعدًا إستراتيجيًا تمثّل في التأكيد الإيراني على تماسك محوره، وأن الحرب التي خاضتها إسرائيل على مدى أكثر من عامٍ ونصفٍ لم تستطع قطع شرايين النفوذ الإيراني في المنطقة.
هذا ما أكده عراقجي في تلك الزيارة، لكن المشهدية التي استيقظ عليها العالم بعد الضربات الإسرائيلية على إيران، دفعت بردّ من كاتس يؤكد فيه أن جيشه تعامل في السابق مع أذرع إيران في المنطقة، وأما اليوم فهو يتعامل مع إيران مباشرة.
بين الرد والرد المعاكس، تتأرجح المنطقة على فرضية الحرب الواسعة، ولكن هل الإيراني قادر أو مستعد لها، أم ستُفهم رسالة القصف وترامب معًا، ويحولها إلى هجومات تكتيكية تضمن له الحفاظ على قوة نفوذه، هنا تكمن الإشكالية؟
نقل موقع "إكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي أنه تمّ استهداف العديد من كبار القادة العسكريين في الحرس الثوري على رأسهم اغتيال قائد الحرس وكبار العلماء النوويين.
كما أفاد موقع "واللا" الإسرائيلي باغتيال قائد الحرس الثوري حسين سلامي في العاصمة طهران في غارة إسرائيلية نفذت ضمن سلسلة من الضربات الجوية على مناطق مختلفة من البلاد.
واضحة أهداف تلك الضربات الإسرائيلية التي نفذت على إيران، من خلال اختيار المواقع والأشخاص. إذ لطالما هددت إسرائيل والولايات المتحدة بعدم السماح لإيران بامتلاك القنبلة النووية، ولطالما وجه الطرفان الاتّهامات إلى الحرس الثوري لوقف تكثيف تصنيع الصّواريخ الباليستية ذات القدرة التدميرية والمدى البعيد.
لهذا كانت الرسالة الإسرائيلية واضحة من خلال هذه الضربات وضرب جميع المنشآت النووية الإيرانية ومصانعها المصنعة لأنواع من هذه الصواريخ، وواضحة أنها طالت أذرع إيران الخارجية المتمثلة في نشاط الحرس الثوري وضباطه.
لا تريد إسرائيل حربًا شاملة مع إيران، لأنّ لا قدرة على الدخول فيها، ولكنّها تعتمد على اللاعب الأميركي لإعادة ضبط الوضع بعد تنفيذها الهجمات.
فالأميركي لا يسعى فقط إلى ضبط الردّ الإيراني الذي لن يؤتي أُكله، في ضوء تصريح مسؤول في القيادة الوسطى الأميركية، بأن جيشه قادر على ردع صواريخ إيران التي ستوجه إلى تل أبيب.
لا يريد الأميركي شلّ إيران عسكريًا ووجوديًا، بل تعطيل تطورها وتفوقها على دول المنطقة، فالمعادلة الأميركية ستبقى تعتمد على مبدأ "الركائز الأربع"، وهي: الإسرائيلية (مع امتياز)، والإيرانية، والخليجية، والتركية. إذ إن أي خلل في هذه الركائز سيعرض المصالح الأميركية في المنطقة للخطر، كما سيعرقل جهودها لتكريس حضورها ونفوذها.
لهذا السبب أتت دعوة ترامب، ووضع "الطابة" في الملعب الإيراني، الذي وضعته الضربة بين مسارين أحسنهما مرّ. فإما أن تنفذ إيران وعد مرشدها وتقوم بردّ مزلزل على تل أبيب، وهذا يحتاج إلى سند دولي وحليف ذي وزن على الساحة الدولية، وذلك ما تفتقده طهران في هذه المرحلة.
فالصيني غير آبه بالدفاع عن إيران ومصالحها رغم أن طهران شريك إستراتيجي له في المنطقة، وأما الروسي فقد كان أكثر وضوحًا من الجانب الصيني في عدم مساعدة طهران في أي حرب تقودها، وهذا ما أتى على لسان نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، الذي أكد أن بلاده غير ملزمة بدعم إيران إن دخلت الحرب مع إسرائيل وأميركا في المنطقة.
وإما أن تذهب في خيار سياساتها التقليدية التي تتبنى مبدأ "الصبر والبصيرة" وتكتفي بتوجيه ضربات مدروسة بحسب الطلب الأميركي، فهي تدرك أن أي ردّ على إسرائيل أو على القواعد أو المصالح الأميركية في المنطقة هو ضرب من الانتحار.
لهذا بات من المؤكد أن الردّ الإيراني لن يكون عبر توجيه ضربات على منشآت إسرائيل النووية، رغم إعلانها سابقًا عن الكشف الاستخباراتي التي ذكرت فيه مدى خرقها منشآت تل أبيب النووية الحساسة ومحاولة كشف بعض الوثائق إعلاميًا.
كما أنّ أي حرب مباشرة سيكون لها ارتدادات في الداخل الإيراني، حيث لا يستطيع النظام التعامي عن التضامن الـ"هش" في الروابط بين الغالبية الكبرى من القاعدة الشعبية وبين الهرم والقيادة.
إن الضربات الإسرائيلية التي نفذت طالت الهرم المتمثل في مصدر القرار وهو الحرس الثوري، كما أنها اغتالت علماء نوويين، بدلالة أن الهدف ليس الشعب الإيراني ولا بنيته التحتية، بل برنامجه النووي.
ترى إيران اليوم أن عليها الابتعاد عن معادلة "الفعل وردة الفعل"، حتى لو اعتبر جيشها أنه تلقى الأوامر من مرشدها بالرد على إسرائيل، ولكن يبقى السؤال كيف سترد ومن ستستهدف صواريخها، لأن أي انجرار إيراني إلى حرب واسعة هو مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
أمير قطر والرئيس الأميركي يبحثان خفض التصعيد بين إسرائيل وإيران
أفاد بيان للديوان الأميري القطري بأن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، تلقى اتصالا هاتفيا اليوم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال بيان الديوان الأميري القطري إنه جرى خلال الاتصال بحث آخر التطورات ومستجدات الأوضاع في المنطقة، لا سيما ما يتعلق بالهجوم الإسرائيلي على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وأضاف أن الأمير الشيخ تميم شدد خلال الاتصال على ضرورة العمل على خفض التصعيد والتوصل إلى حلول دبلوماسية. وذكر البيان أن الرئيس الأميركي أكد استعداد واشنطن للمشاركة في مساعي حل الأزمة حفاظا على الأمن والاستقرار الإقليمي. قطر تستنكر الهجوم الإسرائيلي وكانت وزارة الخارجية القطرية عبّرت، في بيان، عن إدانتها الشديدة واستنكارها البالغ للهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتبرته انتهاكا صارخا لسيادة إيران وأمنها، وخرقا واضحا لقواعد ومبادئ القانون الدولي. وعبّرت قطر عن بالغ قلقها إزاء هذا التصعيد الخطير، الذي يأتي في سياق نمط متكرر من السياسات العدوانية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، وتعرقل الجهود الرامية إلى خفض التصعيد والتوصل إلى حلول دبلوماسية. إعلان وشددت على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته القانونية والأخلاقية لوقف هذه الانتهاكات الإسرائيلية بشكل عاجل. كما أكدت الخارجية القطرية أن رئيس الوزراء وزير الخارجية أجرى اتصالات مع وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن وإيران. هذا وأفادت وزارة الخارجية القطرية بأن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أجرى اليوم اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بحثا خلاله آخر المستجدات في المنطقة، لا سيما الهجوم الإسرائيلي على إيران. كما أفادت وزارة الخارجية القطرية، في بيانات منفصلة، بأن الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني أجرى اتصالين آخرين مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود، ووزير الخارجية في سلطنة عمان بدر بن حمد بن حمود البوسعيد. وأضافت الوزارة أن الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني تلقى اتصالا من وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وآخر من أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية. وأكدت أنه بحث خلال تلك الاتصالات آخر المستجدات في المنطقة، خصوصا الهجوم الإسرائيلي على إيران، مؤكدا "إدانة دولة قطر الشديدة واستنكارها البالغ للهجوم الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية، باعتباره انتهاكا صارخا لسيادة إيران وأمنها، وخرقا واضحا لقواعد ومبادئ القانون الدولي". وشنت إسرائيل في وقت مبكر من صباح الجمعة هجمات على إيران، وقالت إنها استهدفت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية وقادة عسكريين في بداية عملية لمنع طهران من صُنع سلاح نووي.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
مسؤول إيراني كبير: سنستهدف قواعد الدول التي تدافع عن إسرائيل
كشف مسؤول إيراني رفيع المستوى لشبكة "سي إن إن" الأميركية، مساء الجمعة، عن ان طهران ستكثف هجماتها ضد إسرائيل، وتوعد بأن بلاده ستستهدف القواعد الإقليمية لأي دولة تقدم الدعم لها. وأضاف المسؤول أن " إيران تحتفظ بحقها – بموجب القانون الدولي – في الرد الحاسم على هذا الكيان"، وهدد قائلا "أي دولة تحاول الدفاع عن إسرائيل في مواجهة العمليات الإيرانية، ستعتبر قواعدها ومواقعها الإقليمية أهدافا جديدة لطهران". وكانت مصادر أميركية وإسرائيلية قد أفادت في وقت سابق أمس الجمعة بأن الجيش الأميركي ساهم في اعتراض صواريخ إيرانية أُطلقت باتجاه إسرائيل. كما نقلت "سي إن إن" عن مصدر إسرائيلي أن دولًا أخرى في المنطقة شاركت أيضًا في دعم منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية. وكشف الحرس الثوري الإيراني عن استخدامه "منظومات وصواريخ ذكية ذات دقة عالية" في "عملية الوعد الصادق 3" التي أطلقها ردا على الضربات الإسرائيلية الواسعة فجر أمس الجمعة. وقد قُتلت إسرائيلية جراء سقوط صاروخ إيراني وسط إسرائيل في وقت مبكر من فجر اليوم السبت، وفق القناة الـ12 الإسرائيلية، في حين ارتفع عدد مصابي القصف الإيراني إلى 70 إسرائيليا، وسط حديث عن دمار غير مسبوق في منطقة تل أبيب الكبرى.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
انعكاسات وتأثيرات خطيرة لحرب إيران وإسرائيل على المنطقة.. تعرّف عليها
قال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي إن الحرب بين إيران و إسرائيل باتت تشكّل منعطفا خطيرا بالمنطقة، وسط مؤشرات على اتساع رقعتها وتهديدها المباشر لحياة الناس واستقرار دول الإقليم، مؤكدا أن تطورها قد يعني دخول أطراف دولية كبرى واندلاع مواجهة إقليمية شاملة. وأوضح مكي، في حديثه خلال تغطية خاصة على شاشة الجزيرة، أن الرد الإيراني غير المسبوق، والذي استهدف العمق الإسرائيلي بعشرات الصواريخ، أظهر تحول المواجهة من مجرد عمليات محدودة إلى ما يبدو أنه بداية لحرب فعلية، منبها إلى أن الانعكاسات الفورية لهذا الصراع بدأت تظهر في غلق أجواء 5 دول وتعطيل النشاط الاقتصادي. وكانت إيران قد أعلنت تنفيذ هجوم واسع ضد أهداف إسرائيلية، مؤكدة أنها أطلقت مئات الصواريخ، بعضها من غواصات للمرة الأولى، واستهدفت بعض المقار العسكرية والمراكز القيادية، بينها وزارة الدفاع في تل أبيب، فيما تحدثت القناة الـ13 عن دمار غير مسبوق في المدينة. وأضاف مكي أن اتساع رقعة القصف قد يشمل مدنا وعواصم في المنطقة، وأن احتمالية دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة قائمة، رغم محاولاتها التحفظ على المشاركة المباشرة. وفي حال تحقق ذلك، فإن قواعدها ومصالحها في المنطقة ستكون عرضة للاستهداف، سواء من إيران نفسها أو من حلفائها الإقليميين. وأشار مكي إلى أن الخليج العربي يشكّل شريانا نفطيا حيويا للعالم، وأن غلق مضيق هرمز -وهو أمر متوقع إذا استمر التصعيد- قد يحرم الأسواق العالمية من نحو 60% من الإمدادات، فضلا عن احتمالية تعرض منشآت نفطية ومرافق للطاقة إلى ضربات مباشرة، مما يهدد بانفجار أزمة اقتصادية عالمية. ولم يغفل مكي الآثار الإستراتيجية بعيدة المدى للحرب، محذرا من أن الهدف الإسرائيلي لم يعد يقتصر على تحجيم القدرات الإيرانية، بل يمتد إلى محاولة إسقاط النظام في طهران ، واعتبر أن هذا التوجه خطير، لأنه سيفتح الباب أمام سيناريوهات صراع داخلي وانهيارات محتملة، في حال تمكّنت إسرائيل من تحقيق هذا الهدف بدعم غربي. وتوقف الباحث عند تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، التي قال فيها إن طهران تجاوزت الخط الأحمر باستهدافها المدنيين، معتبرا أن تلك التصريحات تمهيد صريح لضرب المنشآت الاقتصادية الإيرانية، وعلى رأسها الموانئ ومواقع إنتاج النفط، مما ينذر بتدهور خطير في طبيعة المواجهة. وفي إشارته إلى آفاق هذه الحرب، قال مكي إن قدرات الطرفين على الصمود والتصعيد تجعل من الصعب التنبؤ بنهاية قريبة للصراع، مرجحا أن تستمر العمليات ما لم يُمارس ضغط دولي وإقليمي حاسم على الطرفين. وأكد أن إيران تسعى لتحقيق ردع واضح ومؤثر، إذ إن مجرد إطلاق الصواريخ لا يكفي في حسابات صورتها أمام شعبها والعالم. ورأى أن المعركة بين إيران وإسرائيل لا تُفهم فقط من منطلق الرد والردع، بل هي صراع على مستقبل الدور الإقليمي، إذ تسعى إسرائيل لتكريس وجودها كقوة مهيمنة لا تُردع، وإذا نجحت في تحقيق نصر مباشر على إيران -بدعم غربي- فستصبح لها اليد الطولى في المنطقة، وهو أمر خطير برأيه. واعتبر أن فشل إسرائيل في كبح جماح طموحاتها في المنطقة، وامتلاكها القدرة على استخدام القوة دون ضوابط، سيعرّض دولا أخرى في الإقليم إلى مصير مشابه لما يُراد لإيران، في ظل خطاب سياسي إسرائيلي يعتبر بعض دول المنطقة كيانات قابلة للتفتيت والإزاحة. ولفت إلى أن طهران قد تكون مضطرة للانكفاء مؤقتا، خصوصا مع ضغوط الساحة السورية واللبنانية، إلا أن هذه الضربات المتتالية ستدفعها للرد مجددا قبل التوقف، حفاظا على هيبتها، مؤكدا أن تصريحات عباس عراقجي -الرافضة للدعوات لضبط النفس- تعكس إصرارا على الرد بقوة قبل أي تهدئة. وفي خضم هذه التطورات، أشار مكي إلى البيان الصادر عن الديوان الأميري القطري بشأن اتصال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالرئيس الأميركي دونالد ترامب ، لمناقشة جهود خفض التصعيد، قائلا إن هذا التحرك الدبلوماسي مهم جدا، ويجب أن يكون مدعوما بتحركات مماثلة من قادة دول المنطقة، خصوصا السعودية، التي قال إن ولي عهدها التقى الرئيس الأميركي في الأيام الماضية. المنطقة لن تتحمل وأضاف أن دول الخليج لطالما عبّرت عن رفضها لأي حرب في المنطقة، وأبلغت واشنطن بذلك منذ بدء التصعيد، محذرا من أن استمرار الحرب لن يكون في صالح أي طرف، وأن المنطقة بأكملها ليست مهيأة لتحمل حرب كبرى، خاصة بعد آثار العدوان على غزة الذي أثار غضب الشارع العربي. وأكد أن إيران دولة كبيرة ومحورية وتتمتع باعتزاز وطني وإثني كبير، ولديها قدرات حقيقية على المواجهة، مشددا على أن الذهاب إلى النهاية في هذه الحرب ليس مستبعدا من جانب طهران، في ظل ما تعتبره ضرورة للردع والحفاظ على الكرامة السيادية أمام الداخل والخارج. وتأتي هذه التصريحات في وقت أعلنت فيه إيران عن إطلاق "الرد الساحق" على إسرائيل، بعدما تعرضت منشآت إيرانية إلى سلسلة من الهجمات، أدت إلى مقتل عدد من قادتها العسكريين ونخبة من خبرائها النوويين، وهو ما دفعها للرد عبر مئات الصواريخ الباليستية، أسقط بعضها مقاتلة إسرائيلية وأصاب مواقع حساسة في تل أبيب. وفي حين تواصل إسرائيل تحليق طائراتها وقصف أهداف في العمق الإيراني، كشفت وسائل إعلام عن تعرض مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في "الكرياه" لأضرار بالغة، في وقت لا تزال فيه حالة الطوارئ مفروضة على كامل الأراضي الإسرائيلية، ما يزيد المشهد الإقليمي تعقيدا ويهدد بانفجار واسع النطاق. لكن، وحسب تقديرات مكي، فإن قدرة الأطراف الفاعلة على التأثير في هذا المسار تبدو محدودة ما لم تكن مدفوعة بإرادة سياسية حازمة من واشنطن وحلفائها، مشددا على أن استمرار الوضع على ما هو عليه يعني أننا أمام فصل جديد من الصراع الإقليمي، أكثر اتساعا وخطورة من كل ما شهدته المنطقة خلال السنوات الماضية.