logo
سماء مُقيّدة بسلاسل الأرض.. لماذا لا تستخدم الصين قوتها الجوية؟

سماء مُقيّدة بسلاسل الأرض.. لماذا لا تستخدم الصين قوتها الجوية؟

الجزيرة٠٦-٠٧-٢٠٢٥
في فبراير/شباط 1979، غزت الصين شمال فيتنام في هجوم خاطف، كانت الدبابات تتوغل في عمق الحدود، والجنود يتساقطون بالآلاف، لكن السماء ظلّت صامتة. لم تُحلّق طائرة واحدة من أسطول جيش التحرير الشعبي فوق الجبهة، ولم تُسجَّل أي طلعة جوية. ورغم امتلاك الصين حينها مئات الطائرات المقاتلة، اختارت إبقاء سلاح الجو خارج المعركة تمامًا، خوفًا من استفزاز الاتحاد السوفياتي ، الحليف الأوثق لهانوي.
ومنذ تلك اللحظة، لم تختبر الصين قدراتها الجوية في أي نزاع مباشر، وظلّت حريصة على تجنّب الانخراط في حروب خارج حدودها. في المقابل، خاضت الولايات المتحدة وحلفاؤها سلسلة طويلة من العمليات العسكرية، امتدت من الخليج إلى البلقان، وصولًا إلى أفغانستان، وكان سلاح الجو خلالها في صميم المعركة وأداة الحسم الأساسية.
وعلى الرغم من أن الصين أصبحت اليوم تمتلك واحدا من أضخم وأكثر أساطيل الطيران تطورا في العالم، يضمّ نحو أربعة آلاف طائرة، تُشكّل المقاتلات منها أكثر من 50%، مما يضعها في المرتبة الثالثة عالميا من حيث الحجم، فإن هذه القوة الهائلة لم تُختبر بعد في ساحات القتال.
وهو ما يفتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول مدى جاهزيتها الفعلية، إذ تظلّ المناورات والتدريبات -مهما بلغت دقتها- محكومة بسيناريوهات منضبطة ومحددة سلفا، تختلف كليا عن فوضى المعركة الحقيقية وما تكتنفه من مفاجآت وغموض لا يمكن التنبؤ به.
في النهاية، لا شيء يوازي اختبار الحرب.
ومع تقاعد الجيل الأخير من الطيارين الصينيين الذين خاضوا مواجهات فعلية في منتصف القرن الماضي، لم يعد سلاح الجو الصيني يملك خبرة قتالية حقيقية. وقد عبّرت وسائل الإعلام العسكرية الصينية ذاتها عن هذه الهواجس، حين انتقدت الصحيفة الرسمية للجيش الصيني في عام 2018 ما وصفته بـ"داء السلام"، في إشارة إلى التآكل التدريجي في الكفاءة والانضباط الذي تخلّفه فترات السلم الطويلة، خاصة في مؤسسة عسكرية لم تُختبر بالنار.
إعلان
في المقابل، يرى بعض المسؤولين الصينيين أن الغياب عن ميادين القتال لا ينبغي أن يُعد مؤشرًا على الضعف بالضرورة، ويستشهدون بجيوش كبرى لم تخض حروبا متكررة، لكنها أثبتت كفاءتها حين اندلعت المواجهة.
ومع ذلك، يبقى السؤال معلّقا: هل بوسع هذه القوة الجوية الضخمة أن تُحقق تفوقا حقيقيا إذا اندلع نزاع واسع النطاق؟ أم أنها، رغم مظهرها المهيب، مجرد أداة ردع رمزية قد تنكشف عند أول اختبار عن عملاق من ورق؟
سماء مُقيّدة بسلاسل الأرض!
لفهم إستراتيجية سلاح الجو الصيني في صورتها المعاصرة، لا بد من العودة إلى الجذور الفكرية التي شكّلت عقيدة الصين العسكرية، وفي مقدمتها مبدأ "الدفاع النشط"، الذي تعود أصوله إلى عهد ماو تسي تونغ.
ففي عام 1928، قدّم ماو صياغته الشهيرة لتكتيكات حرب العصابات: "عندما يتقدم العدو؛ نتراجع. عندما يعسكر؛ نُزعجه. عندما يتعب؛ نهاجمه. وعندما يتراجع؛ نلاحقه". كانت تلك المقولة تجسيدًا واضحًا لرؤية عسكرية تمزج بين "الكُمُون الإستراتيجي" و"الهجوم المضاد المرن"، بهدف الحفاظ على زمام المبادرة في مواجهة خصم يتفوق عددا وعتادا.
وقد تمثّل التطبيق العملي الأبرز لهذا النهج في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين، من خلال تبنّي سياسة "استدراج العدو إلى العمق"، وهي إستراتيجية تقوم على انسحاب منظّم نحو قواعد خلفية، يهدف إلى إنهاك العدو تدريجيًّا، قبل مباغتته بهجوم مضاد حاسم يُكسَر به الحصار وتُدمَّر أجزاء من قوته. بهذا الشكل، تحوّل هذا الأسلوب من مجرد تكتيك ميداني إلى قاعدة مركزية لعقيدة "الدفاع النشط" بوصفها رؤية إستراتيجية متكاملة.
ألقت هذه المرحلة التاريخية بظلالها العميقة على بنية الجيش الصيني، بما في ذلك سلاح الجو. فكما يوضح شياو مينغ تشانغ، الأستاذ المشارك في قسم القيادة والإستراتيجية بكلية الحرب الجوية التابعة لسلاح الجو الأميركي، فإن التفكير الدفاعي الذي طبع العقيدة العسكرية الصينية دفع بكين إلى تشكيل قوة جوية ترتكز أساسا على عدد كبير من المقاتلات، لا القاذفات. ذلك أن المقاتلات تتماشى مع طبيعة العمليات الدفاعية، بينما تُستخدم القاذفات غالبا في ضرب العمق المعادي، وهو ما لم يكن متّسقا مع التوجّه الإستراتيجي الصيني في تلك المرحلة.
كذلك، نُظر إلى سلاح الجو بوصفه امتدادا تكتيكيا للقوات البرية، ينبغي بناؤه وفق متطلبات ساحة المعركة الأرضية، انطلاقا من اقتناع راسخ بأن الصين دولة برية في جوهرها. ومن هذا المنطلق، لم يُعامل سلاح الجو بوصفه قوة إستراتيجية مستقلة، بل أداة دعم للعمليات البرية، ويُقاس نجاحه بمدى فاعليته في إسناد القوات البرية، لا بقدرته على تحقيق أهداف جوية مستقلة.
وانعكس ذلك في العقيدة العسكرية، التي اعتبرت أن أي انتصار تحققه القوات البرية يُحتسب تلقائيا إنجازا يُسجّل لسلاح الجو أيضا، وهو ما كرّس تبعيته الهيكلية والوظيفية للجيش البري.
بيد أن الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي، مثّلت أول اختبار خارجي فعلي لجدوى هذا التصور، وحينها أدرك القادة الصينيون مدى تفوّق القوات الجوية الأميركية.
لكنهم رغم ذلك، لم يعيدوا النظر في البنية الإستراتيجية لسلاحهم الجوي بشكل جذري، بل ظلّ الرهان منصبّا على العنصر البشري، تأثرا بإرث حرب العصابات، وهو ما عزّز مكانة سلاح الجو داخل المؤسسة العسكرية، دون أن يمنحه استقلالًا إستراتيجيا حقيقيا، بل أبقاه في موقع القوة التكميلية التابعة للجيش البري.
التحوّل البطيء..الدفاع وحده لا يكفي
غير أن المحطة الأبرز في تحوّل نظرة الصين إلى دور سلاح الجو جاءت في تسعينيات القرن الماضي، كما يشير سكوت تانر، محلل الأمن الصيني وخبير الشؤون الآسيوية. فقد دفعت الدروس القاسية المستفادة من هزيمة العراق في حرب الخليج بكين إلى إجراء مراجعة عميقة لعقيدتها العسكرية، انتهت إلى اقتناع مفاده أن "القوة الأضعف التي تكتفي بالدفاع ستبقى حبيسة موقع المتلقي للضربات"، وأن المبادرة لا تُنتزع إلا "بشنّ عمليات هجومية نشطة".
تزامن هذا التحوّل مع إدراك متزايد للحاجة إلى حماية المصالح القومية الصينية، ليس فقط على امتداد حدودها، بل أيضا خارجها، خاصة مع تنامي احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية حول تايوان.
ومن هنا، بدأت الصين بإعادة تعريف سلاحها الجوي بوصفه عنصرا أساسيا في خوض الحروب الحديثة. ومنذ عام 1993، اعتمدت بكين إستراتيجية عسكرية جديدة تقوم على الاستعداد لكسب "حروب محلية تحت ظروف تقنية عالية"، وهو ما فرض متطلبات نوعية جديدة على القوات الجوية.
وقد عبّر الرئيس الصيني السابق، جيانغ تسه مين ، عن هذا التحوّل بوضوح في مارس/آذار 1999، حين أكّد أن الهدف الإستراتيجي لسلاح الجو الصيني هو "التحول التدريجي من قوة دفاعية إلى قوة تجمع بين الدفاع والهجوم".
ولتنفيذ هذه الرؤية، أطلقت بكين برنامجا ضخما لتحديث سلاحها الجوي، تضمن اقتناء مقاتلات متقدمة من روسيا مثل "سوخوي 30″، إلى جانب تطوير نماذج محلية رائدة مثل "جيه-10″، وتوسيع أسطولها من طائرات الإنذار المبكر والنقل والتزود بالوقود. كما دخلت الصين نادي الدول المصنعة للطائرات الشبحية عبر طراز "جيه-20″، وشرعت في العمل على نماذج مستقبلية لمقاتلات الجيل السادس، في إشارة واضحة إلى طموحها لقيادة سباق التفوق الجوي في آسيا.
ومع ذلك، فإن التحوّل الكمّي والنوعي في مستوى العتاد لم يرافقه تغيير جذري موازٍ في العقيدة التشغيلية. فحتى بعد تحديث ترسانتها الجوية، حافظت الصين على خط إستراتيجي واضح بعدم المبادرة بالاشتباك الجوي المباشر، ما لم تفرض الظروف القصوى ذلك. ورغم ما تبنّته بكين من إصلاحات عسكرية واسعة النطاق، تحت قيادة الرئيس الحالي، شي جين بينغ ، فإن سلاح الجو لا يزال يُنظر إليه باعتباره أداة للردع الإستراتيجي أكثر من كونه وسيلة لتحقيق الهيمنة الهجومية.
وبينما قد يُنظر إلى بعض التغييرات، مثل التخلي عن المبدأ التقليدي "لا تطلق النار أولا"، أو تقليص أعداد القوات البرية لصالح تعزيز ميزانية القوات الجوية ونفوذها، كمؤشرات على تحوّل جذري في النهج العسكري، فإن هذه الخطوات تعبّر في جوهرها عن سعي لتعزيز جاهزية الردع الوقائي، أكثر مما تعكس تحوّلا نحو عقيدة هجومية شاملة.
لقد انتقلت الصين من نموذج "الدفاع الجامد" إلى "الدفاع المرن"، الذي يتيح تنفيذ ضربات استباقية محسوبة في حال تهديد المصالح الحيوية، وهو ما يُعرف بمفهوم "الهجوم الدفاعي"، الذي صاغته بكين ليكون وسيلةً للردع لا للتوسع أو العدوان.
ويتناغم هذا التوجّه مع الفلسفة الصينية العريقة المستمدة من فكر "صن تزو"، التي تجسّدها مقولته الشهيرة: "أفضل الانتصارات هي التي تتحقق دون قتال". وعلى هذا الأساس، يختلف مفهوم الردع الصيني جوهريًّا عن نظيره الغربي؛ ففي حين يرتكز الردع في المفهوم الغربي على التهديد العلني والمباشر بمعاقبة الخصم لثنيه عن سلوك معين، تصوغه الصين ضمن سياقها الثقافي الخاص، الذي يمزج بين استعراض القوة العسكرية، والحرب النفسية، والإشارات الضمنية.
ومن هذا الفارق المفاهيمي، تقدّم العقيدة الجوية الصينية نموذجا مغايرا في علاقات القوة. فهي تسوّق نفسها على أنها قوة عظمى "مسؤولة"، تحجم عن استخدام القوة العسكرية المباشرة، بخلاف ما تصفه بالسجل الدموي للغرب.
وقد منحها هذا الخطاب قبولا في كثير من دول الجنوب العالمي، التي تقارن بين التدخلات العسكرية الأميركية المتكررة في الشرق الأوسط، وبين إحجام الصين عن خوض مغامرات مشابهة. وهكذا، يصبح ضبط النفس العسكري الصيني عنصرا داعما لقوتها الناعمة، ومُفسحا المجال لتوسيع نفوذها عبر أدوات الاقتصاد والدبلوماسية.
إستراتيجية منع الوصول.. جدار الصين الصاروخي
تتجسّد النزعة الدفاعية في العقيدة العسكرية الصينية المعاصرة من خلال تبنّيها لإستراتيجية "منع الوصول/تحريم دخول المنطقة" (A2/AD)، التي أصبحت إحدى ركائز تصورها للأمن القومي. فبدلًا من إرسال قوات جوية لضرب الخصوم في عمق أراضيهم، تُركز بكين جهودها على بناء منظومات صاروخية متقدمة تجعل من الاقتراب من نطاقها الجغرافي مخاطرة جسيمة.
يتمثل جوهر هذه الإستراتيجية في نشر طبقات دفاعية متعددة من الصواريخ المضادة للسفن والطائرات، مثل الصاروخ الباليستي "دونغ فينغ–26″، المعروف بلقب "قاتل حاملات الطائرات"، القادر على إصابة أهداف بحرية متحركة على مسافة تصل إلى أربعة آلاف كيلومتر. إلى جانب ذلك، تعتمد الصين على صواريخ كروز جوالة، ومنظومات دفاع جوي متطورة مثل "إس-400″ الروسية و"إتش كيو-9" المحلية الصنع.
تهدف هذه الترسانة، مجتمعة، إلى ردع، أو على الأقل تأخير، أي تدخل عسكري معادٍ، وخاصة من قبل الولايات المتحدة، في المناطق التي تعتبرها الصين ذات أهمية إستراتيجية قصوى، مثل مضيق تايوان وبحر جنوب الصين.
وتُسهم هذه الرؤية، جزئيًّا، في تفسير إحجام الصين عن نشر مقاتلاتها الجوية على نطاق واسع، إذ تراهن بكين على قدرتها الصاروخية لحسم المواجهة الجوية منذ بدايتها، عبر استهداف منصات العدو الهجومية -كمطارات الإقلاع وحاملات الطائرات- بدل الانخراط في معارك جوية مباشرة مرهقة وطويلة.
وتعزز هذا التوجّه جملة من المؤشرات الأخرى؛ فالصين لا تسعى إلى فرض هيمنة جوية عالمية على غرار الإستراتيجية الأميركية، بل تركز أساسًا على تأمين أمنها القومي، وحماية مصالحها الإقليمية الآخذة في التمدد. ومن ثم، ترتكز إستراتيجية سلاح الجو الصيني على بناء قوة قادرة على بسط السيطرة في "مسارح العمليات ذات الأولوية"، وتقديم الدعم العملياتي واللوجستي للقوات البرية والبحرية، فضلًا عن أداء دور ردعي ذي طابع إستراتيجي.
وعلى الصعيد العملياتي، يواجه سلاح الجو الصيني تحديًا جوهريًّا يتمثل في النقص الحاد في طائرات التزود بالوقود جوًّا، مما يقيد قدراته على تنفيذ ضربات بعيدة المدى، أو استعراض قوته الجوية على نطاق عابر للقارات.
فوفقًا لأحدث البيانات، تمتلك الولايات المتحدة أكثر من 400 طائرة تزوّد بالوقود جوًّا، مقابل ثلاث فقط لدى الصين، وهو فارق شاسع يعوق أي طموح صيني حالي لنشر القوة الجوية خارج المحيط الإقليمي، ويؤكد الاتجاه العام نحو حصر الاستخدام الجوي في نطاقات محسوبة بعناية ضمن المسارح القتالية ذات الأولوية.
سلاح الغموض.. على العالم أن يخشى جيشا لم يُجرَّب بعد!
من ناحية أخرى، فإن امتلاك الصين لقوة جوية هائلة دون استخدامها فعليًّا يثير حالة من عدم اليقين في أذهان خصومها، فغياب الخبرة القتالية يترك قدرة الصين الحقيقية على خوض حرب حديثة موضع تخمين أكثر منها موضع يقين.
فمن جهة، يرى البعض أن هذا الغياب الميداني يجعل من الجيش الصيني "نمرًا من ورق"، تنقصه التجربة الفعلية تحت ضغط النيران. ومن جهة أخرى، يُحذّر آخرون من خطورة هذا الاستنتاج، معتبرين أن الصين عوّضت غياب الحروب بتدريب صارم وتحديث تقني متواصل، قد يجعلان منها خصمًا شرسًا عند أول اختبار حقيقي.
وهكذا، يتحول الغموض نفسه إلى ورقة لصالح بكين. فخصومها لا يعرفون بدقة مدى جاهزية قواتها الجوية، وحلفاؤها لا يستطيعون الجزم بكيفية تصرفها في حال اندلاع نزاع. والنتيجة أن الجميع يبني حساباته على أسوأ السيناريوهات: الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة يتعاملون مع فرضية أن الصين ستكون خصما خطيرا إذا قررت الدخول في حرب، بينما تسعى الصين إلى طمأنة جيرانها بأنها لا تعتزم خوض مغامرات عسكرية في الوقت الراهن، حتى لا تدفعهم إلى الاصطفاف ضدها.
ويتعزز هذا الحذر من خلال التقارير المتزايدة التي ترصد النمو المطّرد في قطاع الصناعات العسكرية الصينية، وخصوصا في مجال الطيران العسكري، ومدى انعكاس ذلك على المستوى العملياتي في بؤر التوتر حول العالم.
وفي حين لم تختبر الصين قوتها الجوية مباشرة في حروبها الخاصة منذ عقود، فإن مقاتلاتها وتقنياتها القتالية تجد طريقها إلى ساحات قتال فعلية من خلال جيوش حليفة، وهو ما يمنح بكين تجربة ميدانية غير مباشرة تعزّز من مصداقيتها العسكرية.
وتُعدّ باكستان أبرز الأمثلة على ذلك؛ إذ تُعدّ أكبر مستخدم خارجي للطائرات الصينية، خاصة مقاتلات "جيه إف-17 ثاندر"، التي طُوّرت بالتعاون مع بكين، وأثبتت فعاليتها في مهام الاعتراض والدوريات الجوية ضد الهند. بل إن بعض التقارير تشير إلى أن هذه المقاتلات شاركت في الاشتباك الجوي الشهير بين الهند وباكستان عام 2019، الذي أسفر عن إسقاط طائرة "ميغ-21" هندية وأسر طيارها.
وفي اشتباكات أبريل/نيسان الأخيرة بين البلدين، أكدت مصادر باكستانية أن قواتها الجوية أسقطت خمس طائرات هندية، بينها ثلاث طائرات "رافال" فرنسية الصنع، باستخدام مقاتلات صينية من طراز "جيه-10 سي". وتُرجّح التقارير أن تلك المقاتلات كانت مزوّدة بصواريخ "بي إل-15" جو–جو، التي تُعدّ من أحدث الأسلحة الصينية البعيدة المدى.
ويتميّز هذا الصاروخ برادار نشط يعمل بتقنية مصفوفة المسح الإلكتروني، مما يمنحه قدرة عالية على مقاومة التشويش، ويُقدّر مدى النسخة التصديرية منه بأكثر من 150 كيلومترًا، وهو ما يتيح للطائرات الاشتباك مع أهداف خارج نطاق الرؤية المباشرة.
أما في القارة الأفريقية، فتبرز نيجيريا مثالا آخر على الاختبار الميداني للتكنولوجيا الصينية، حيث أشاد المسؤولون العسكريون هناك بأداء مقاتلات "جيه إف-17 ثاندر" في العمليات ضد المتمردين بشمال البلاد. ففي أبريل/نيسان 2022، أعرب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة النيجيرية، الجنرال لاكي إيرابور، عن "رضاه التام" عن أداء هذه المقاتلات، مؤكدًا أنها تلبي المتطلبات الأمنية الحالية والمستقبلية بفضل قدراتها القتالية المتقدمة.
توفر هذه الحروب "بالوكالة" فرصة قيّمة للصين لاختبار معداتها في بيئات قتال حقيقية، مما يساعدها على رصد الثغرات التقنية وتطوير منتجاتها الدفاعية. كما تضيف بعدًا من المصداقية إلى صناعاتها العسكرية، وتعزّز هيبة القوة الجوية الصينية بوصفها "العملاق غير المقاتل".
لكن في نهاية المطاف، تظل هذه الاختبارات محدودة الأثر؛ فهي لا تمنح سلاح الجو الصيني نفسه الخبرة القتالية المباشرة، التي تظل عنصرا لا يمكن اكتسابه بالتدريب أو استعارته من تجارب الآخرين.
سد الفجوة.. بين المحاكاة والمسيرات
تحاول الصين سدّ الفجوة الناتجة عن غياب الخبرة القتالية المباشرة، عبر الاستثمار المكثف في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، مثل المحاكاة الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والطائرات غير المأهولة.
ففي ميدان التدريب، أنشأت بكين منظومات محاكاة متطورة تُحاكي سيناريوهات الحرب الجوية باستخدام تكتيكات لخصوم مفترضين، كما أدخلت مفهوم "الخصم الافتراضي" ضمن مناوراتها العسكرية، بما يُمكّن الطيارين من اختبار سيناريوهات اشتباك متنوعة ومعقّدة. وفي خطوة لافتة لسدّ الفجوة المعرفية، سعت الصين إلى استقطاب طيارين غربيين سابقين، لتدريب طياريها على آليات التفكير وعقيدة القتال الجوي في الجيوش الغربية.
وفي موازاة ذلك، تركز بكين على دمج الذكاء الاصطناعي في إدارة القتال الجوي، بما يتيح له تقديم توصيات آنية حول المناورات المثلى والردود الأنسب على التهديدات، إلى جانب تحليل بيانات الطلعات التدريبية لتشخيص مكامن القوة والضعف بدقة عالية.
أما على مستوى الميدان، فقد أثبتت الصين تقدما ملحوظا في مجال الطائرات المسيّرة، التي أصبحت عنصرا أساسيا في الدوريات الجوية حول تايوان، حيث تُستخدم لاختراق الدفاعات الجوية دون تعريض الطيارين للخطر. وتُطوّر الصين حاليا أسرابا من المسيّرات الذاتية التشغيل، إضافة إلى الذخائر الجوالة الانتحارية، القادرة على ضرب أهداف عالية القيمة دون الحاجة إلى مواجهة جوية تقليدية.
ويأتي ذلك بالتوازي مع تصعيد غير مسبوق في وتيرة الطلعات الجوية الصينية في محيط تايوان، التي تجاوز عددها في عام 2024 ثلاثة آلاف طلعة. وفي بعض الأيام، كانت عشرات الطائرات تحلق قرب الجزيرة بشكل متزامن، في استعراض واضح للقدرة الجوية، يحقق لبكين جملة من الأهداف: فهو من جهة، يُسهم في تدريب القوات الجوية على التموضع والاقتراب القتالي، ومن جهة أخرى، يختبر فعالية الدفاعات التايوانية، ويرسل رسالة ضغط نفسي وعسكري دائم إلى تايبيه.
ولكن؛ رغم هذا التقدم التكنولوجي والتنظيمي، تبقى هناك فجوة لا يمكن تجاوزها بسهولة: غياب الخبرة القتالية الفعلية. فقد أثبت ميدان الحرب أن التكنولوجيا وحدها لا تصنع النصر، ما لم تُرفد بمهارة المقاتل وتمرُّسِه في بيئة الاشتباك الحقيقي. ومهما بلغ التدريب من واقعية أو تعقيد، فلن يُغني عن تراكم التجربة في قلب المعركة. فكما أن ماء البركة لا يعلّم السباحة، كذلك لا تمنح المحاكاة وطلعات الاستعراض الطيارين تلك اللحظة الحاسمة من الاختبار تحت الضغط الفعلي للحرب.
وإذا كانت هذه الإستراتيجية قد خدمت الصين خلال سنوات صعودها السلمي، فإن اقترابها من لحظة الصدام الفعلي مع خصومها قد يدفع هذا العملاق الهادئ إلى التحوّل قسريا إلى عملاق مقاتل، يُجرّب للمرة الأولى قدراته في ميدان الحرب.. حيث لا مكان للتجريب!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أهداف ترامب في أفريقيا
أهداف ترامب في أفريقيا

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

أهداف ترامب في أفريقيا

للوهلة الأولى قد يبدو للمهتّمين بدراسة النزاعات أن اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه في العاصمة واشنطن بين رواندا والكونغو الديمقراطية- أواخر يونيو/حزيران 2025 سعيًا لإنهاء واحدة من أطول الحروب في القارة الأفريقية- وكأنه امتداد للنهج الذي أعلن الرئيس ترامب تبنيه في تصفية النزاعات حول العالم وإحلال السلام. ودون التقليل من أهمية هذا الاتفاق على المستوى الأمني والإنساني، ومع تثبيت الجهود القطرية الكبيرة التي بُذلت للتوصل إليه، ولكن التعمق في واقع السياسة الأميركية تجاه القارة، وفي تتبع قصة الوصول لنقطة التوقيع بين البلدين سيُبيّن أن الأمر معقد أكثر مما يبدو عليه في الظاهر، وأن الدوافع والأسباب التي تقف وراء استضافة الولايات المتحدة الأميركية حفل التوقيع تلخص جوهر الاهتمام الأميركي بالقارة الأفريقية في عهد الرئيس ترامب في دورته الجديدة. فجمهورية الكونغو وجارتها زامبيا تمثلان نقطة التقاء التنافس الأميركي الصيني على الموارد والمعادن النادرة، إذ إن الكونغو وحدها تنتج 75% من معدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة السيارات الكهربائية، بجانب موارد أخرى لا تقل أهمية كالنحاس واليورانيوم، وقد كان لافتًا ما ورد على لسان الرئيس ترامب بعد التوقيع على الاتفاقية حين قال: (ستحصل الولايات المتحدة على الكثير من حقوق المعادن في الكونغو). والأسئلة التي تُطرح هنا هل سينجح الاتفاق الحالي في نشر السلام وطي صفحة حرب الثلاثين عامًا، خاصة أن أكثر من 10 اتفاقيات سابقة انتهت إلى الفشل، ولماذا يسود التفاؤل بنجاح هذه المحاولة؟ والإجابة المباشرة عن هذا السؤال تتعلق بتدخل الولايات المتحدة بثقلها الكبير في هذا الملف مدفوعة بنظرة الرئيس ترامب لأفريقيا حيث تحكم سياسته فيها ثلاثة عوامل هي: تحويل العلاقة بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية من بند المساعدات إلى بند التجارة. التركيز على المصالح المباشرة التي تعود على الولايات المتحدة بالنفع السريع، ولا سيما المواد الخام والمعادن ثم محاصرة النفوذ الروسي والصيني، والذي تمدد في القارة في السنوات الأخيرة. أخيرًا الانشغالات الأميركية الخاصة بمحاربة الجماعات الإرهابية وخاصة في الصومال ودول الساحل الأفريقي بجانب تأمين مسارات الهجرة غير الشرعية وغلق منافذها في القارة الأفريقية. ترامب وأفريقيا: هل من جديد؟ لفهم أكثر عمقًا وواقعية للعلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والقارة الأفريقية خلال إدارة ترامب الحالية يجب النظر إلى عاملين رئيسين هما تجربة ترامب مع أفريقيا إبان ولايته الأولى، ومشروعه الانتخابي الذي يمكن اختصاره في ثلاث نقاط رئيسية هي: التركيز على جعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى، والانحياز إلى تيار العزلة النسبية مع التنازل عن نزوع التوسع والهيمنة الذي تتبناه تيارات أخرى داخل الحزب الجمهوري. كما أن ترامب وأنصاره غير متحمسين تمامًا لمشاريع الجمهوريين التي تسعى (لنشر الديمقراطية) والقيم الأميركية الأخرى حول العالم. فقد ورد في أجندة 2025 التي تكشفت بين يدي الحملة الانتخابية وتبنتها جهات متنفذة حول ترامب ما يلي: "على واشنطن أن تتوقف عن الترويج للسياسات الأميركية الضاغطة على الحكومات الأفريقية لاحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحقوق السياسية والمدنية والديمقراطية التي لا تتقبلها الدول الأفريقية، لأنها تشعر أن ذلك تدخل في شؤونها الداخلية، ويجب على واشنطن التركيز على المشاركة الاقتصادية". اعتماد سياسة خارجية قائمة على الصفقات التي يعود ريعها سريعًا على الخزينة الأميركية المرهقة بالعجز والدين الداخلي، وذلك وفقًا لسياسة (مجهود أقل وعائد أكبر)، مع تجفيف المساعدات الأميركية للدول الأفريقية وغيرها، وتحويلها ما أمكن إلى التجارة واستغلال المعادن. فقد ورد في أجندة 2025 مقترحات تدعو إلى تحويل جميع منح المساعدات الأجنبية للمستفيدين الأفارقة إلى قروض، وإلغاء جميع برامج مساعدات التنمية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص الأميركي في القارة الأفريقية. حرصه على تسويق صورة شخصية تجمع بين الحزم والقوة، وفي نفس الوقت صورة رجل السلام الذي يعمل على إطفاء الحرائق الدولية وتسوية النزاعات بين الدول. وهو ما لخّصه ترامب بعبارة: (السلام عبر القوة)، وفي ذلك يروج أنصاره أنه يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده الكبيرة في منع وقوع حرب نووية بين الهند وباكستان، ودوره الأخير في الحرب الإسرائيلية الإيرانية. وبالنظر لهذه المرتكزات الأساسية وتقييم اهتمامات ترامب خلال الأشهر القليلة التي مضت من عمر ولايته الحالية، والقرارات التي اتخذها بحظر دخول رعايا سبع دول أفريقية، قبل أن يتبعها بتعميم شمل 25 دولة من أصل 36 تطلب منها الولايات المتحدة التدقيق بشأن إجراءات الهجرة وإلا واجهت مصيرًا مشابهًا لتلك السبع. هذا يؤكد أن إدارة ترامب لا تأبه كثيرًا بأي ردة فعل من دول القارة الأفريقية، ويأتي كل ذلك مقروءًا مع النهج الذي اتبعه في ولايته الأولى مع أفريقيا، والذي اتسم بالإهمال والازدراء. ولذلك لا يبدو أن القارة الأفريقية تمثل أولوية لإدارته إلا بقدر ما تمثله من أهمية لسياساتها المتعلقة بالبحث عن الفرص التجارية، ومحاصرة النفوذ الروسي والصيني، أو بمكافحة الإرهاب والمخاطر الأمنية التي ترى فيها الأجهزة الأمنية الأميركية خطرًا ماثلًا. يفسر هذا، دعوة الرئيس دونالد ترامب لقمة مصغرة تشارك فيها دول: موريتانيا، والغابون، وغينيا بيساو، وليبيريا، والسنغال، والتي أثارت تساؤلات كثيرة حول المعايير التي تم بها اختيار هذه الدول الصغيرة وغير المؤثرة في اقتصاد القارة وسياستها. ولكن التمعن في المشتركات التي تجمع هذه الدول يبدد تلك التساؤلات؛ فكلها تطل على المحيط بكل ما يمثل ذلك من فرص وتهديدات، كما تتمتع جميعًا بموارد كبيرة غير مستغلة وخاصة موارد الطاقة والمعادن النادرة، ويمكن أن تكون نموذجًا جيدًا لسياسته الجديدة في أفريقيا (التجارة بدلًا من المساعدات)، فضلًا عن وقوعها في المجال الجغرافي لتمدد النفوذ الروسي الآخذ في التوسع مؤخرًا. ابحث عن الصين قبل شهرين من توقيع اتفاقية السلام بين البلدين نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية إمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن لتأمين استثمارات أميركية في المعادن الحيوية، مقابل دعم الولايات المتحدة جهود إنهاء الصراع في شرق البلاد. وقالت الصحيفة إن الاتفاق يمنح واشنطن حق الوصول إلى رواسب الليثيوم والكوبالت والكولتان، وصرح مستشار ترامب مسعد بولس قائلًا: "واشنطن تضغط من أجل توقيع اتفاق سلام بين الجانبين هذا الصيف، مصحوبًا باتفاقيات ثنائية للمعادن مع كل من البلدين". في العام 2007 وقعت الصين اتفاقًا اقتصاديًا مع دولة الكونغو عرف باتفاق (المناجم مقابل البنية التحتية)، وبموجب ذلك الاتفاق صارت الصين الحاضر الأبرز في قطاع المعادن الكونغولي، حيث تدير حاليًا حوالي 80% من مناجم النحاس، وتسيطر على 70% من قطاع التعدين، وعلى 60% من سوق بطاريات السيارات الكهربائية عالميًا. ومع الأهمية العالية لمعدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة الهواتف والسيارات الكهربائية تعالج الصين وحدها 80% من هذا المعدن النادر، وفي العام 2024 أعلنت مجموعة سموك الصينية أكبر منتج للكوبالت في العالم عن أرباح قياسية، حيث قفز صافي الدخل بنسبة 64% ليصل إلى 1.9 مليار دولار. هذه الأرقام مزعجة جدًا للولايات المتحدة التي ترى في الكونغو نموذجًا مثاليًا لتطبيق سياستها الخاصة بالحصول على المعادن النادرة بأسعار رخيصة، وفي نفس الوقت التضييق على الصين في واحدة من أهم ملفات التسابق التجاري والصناعي بينهما. ولذلك فقد واصلت مساعيها لإخراج الصين من الكونغو الديمقراطية عبر الضغوط السياسية وتأليب الحكومة الكونغولية عليها للمناداة بإعادة تقييم الأسس التي قامت عليها اتفاقيات التعدين بين البلدين، وعبر دعم البنية التحتية وإعادة تأهيلها، ومسارات السكك الحديدية لتقليل تأثير الصين في سلاسل التوريد بالنسبة للمواد الخام. وفي العام 2022 نشرت (أويل برايس) الأميركية تقريرًا أشارت فيه (إلى أن الولايات المتحدة تعزز جهودها لعزل الصين في أفريقيا وعرقلة حصولها على أشباه الموصلات المتقدمة، كما تعمل واشنطن أيضًا على السيطرة على مصادر المعادن المستخدمة في التقنية في أفريقيا خاصة الكونغو الديمقراطية). ومما يلفت الأنظار هنا هو إعلان شركة (كوبولد ميتالز) الأميركية أنها ستوسع عملياتها في الكونغو الديمقراطية بعدما قامت فعلًا بشراء حصة للتعدين من شركة أسترالية هناك، وتساهم في شركة كوبولد ميتالز مجموعة من الشركات ورجال الأعمال الذين دعموا حملة ترامب الانتخابية. حرب السودان في الواجهة في ظل النشوة التي سيطرت على فريق ترامب بعد توقيع اتفاق السلام صرح مستشاره مسعد بولس بأن وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو سيستضيف اجتماعًا يضم وزراء اللجنة الرباعية التي تضم السعودية، والإمارات، ومصر، والولايات المتحدة؛ لبحث الحرب في السودان، وهو الأمر الذي أكد عليه ترامب نفسه في اجتماعه مع القادة الأفارقة في واشنطن. ويأتي هذا الاهتمام بالملف السوداني بعد فترة من الإهمال وتركيز إدارة الرئيس ترامب على ملفات أخرى في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية، ومن واقع التحركات التي تمت في الفترة الأخيرة والتي من بينها زيارة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان جمهورية مصر العربية، وتنشيط تحالف "صمود" الذي يقوده الدكتور عبدالله حمدوك، يبدو أن هناك مساعيَ إقليمية تُبذل لبلورة مبادرة لإحياء التفاوض الذي توقف لفترة طويلة تحت مظلة المبادرة الأميركية السعودية في جدة. ولا يزال الوقت مبكرًا للإجابة عن نجاح اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا، إذ إنه ورغم وقوف الدولة الكبرى خلفه فإن التحديات التي تحيط بالاتفاق وأطرافه صعبة للغاية، خاصة إذا علمنا أن هناك مناطق حيوية خارج سيطرة الدولتين والجماعات المتحالفة معهما. كما أن عدم الثقة الكبير بين الدولتين نتيجة الصراع الطويل قد لا يوفر البيئة المناسبة للتطبيق السلس لبنود الاتفاق، وخاصة تلك المتعلقة بجمع السلاح وتسريح الجماعات المسلحة المتناسلة. ومع كل تلك التحديات فإن الترحيب الذي قوبل به الاتفاق على المستوى الدولي سيوفر إرادة قوية لمحاولة صيانة المنطقة حتى لا تعود للحرب مرة أخرى. ونستطيع القول إن إدارة الرئيس ترامب تحاول في نسختها الجديدة تحويل القارة الأفريقية من مكان ميؤوس منه كما كان في دورتها الأولى إلى فرصة تستفيد منها الولايات المتحدة. وتلخص الطريقة التي تم بها دعوة خمسة من رؤساء الدول الأفريقية إلى البيت الأبيض النهج الأميركي في التعامل مع القارة، وهو تعظيم الفوائد الأميركية في القارة دون أن تلتزم بأي مساعدات، أو تقوم بفرض أي شروط سياسية تتعلق بالدمقرطة، وحقوق الإنسان كما كان في السابق. وستتحدد التدخلات الأميركية في كل النزاعات بهذا النهج الجديد والذي يمكن اختصاره تحت شعار: (التجارة بدلًا من المساعدات)، وبجانب التجارة فإن للولايات المتحدة مآربها التي لا يمكن أن تتنازل عنها كقوة دولية تسعى للمحافظة على نفوذها وريادتها.

الخارجية الإيرانية: بعد الهجوم على منشآتنا النووية السلمية لم يعد من المنطقي اللجوء لآليات الاتفاق النووي
الخارجية الإيرانية: بعد الهجوم على منشآتنا النووية السلمية لم يعد من المنطقي اللجوء لآليات الاتفاق النووي

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

الخارجية الإيرانية: بعد الهجوم على منشآتنا النووية السلمية لم يعد من المنطقي اللجوء لآليات الاتفاق النووي

الخارجية الإيرانية: بعد الهجوم على منشآتنا النووية السلمية لم يعد من المنطقي اللجوء لآليات الاتفاق النووي الخارجية الإيرانية: لم يتم تحديد أي موعد أو موقع لعقد لقاء بين الوزير عراقجي ومبعوث الرئيس الأمريكي ويتكوف التفاصيل بعد قليل..

المستشار الألماني يرفض خطة إسرائيل لإنشاء "مدينة إنسانية" برفح
المستشار الألماني يرفض خطة إسرائيل لإنشاء "مدينة إنسانية" برفح

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

المستشار الألماني يرفض خطة إسرائيل لإنشاء "مدينة إنسانية" برفح

أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس -الأحد- معارضته خطة إسرائيل لإنشاء ما تسميها "مدينة إنسانية" في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. وشدد ميرتس -في تصريحات لقناة "إيه آر دي" الألمانية- على أنه ليس راضيا منذ أسابيع عن ممارسات الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة. وأوضح أنه أعرب مرارا عن عدم رضاه، وأنه ناقش هذه المواضيع أيضا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لمسؤوليته عن ارتكاب جرائم حرب في غزة. وعبّر ميرتس عن أمله في التوصل إلى حل الدولتين للقضية الفلسطينية بالتعاون مع الأميركيين. وقال إن "للشعب الفلسطيني الحق في امتلاك مكان يستطيع العيش فيه، أما ما يحدث حاليا في قطاع غزة، فهو أمر لا يمكن قبوله". وتتعرض ألمانيا لانتقادات واسعة باعتبارها من أبرز داعمي إسرائيل سياسيا وعسكريا في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد قطاع غزة. وتواصل إسرائيل، بدعم أميركي مطلق، حرب إبادة جماعية في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، خلّفت أكثر من 196 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين وأزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store