
أهداف ترامب في أفريقيا
ودون التقليل من أهمية هذا الاتفاق على المستوى الأمني والإنساني، ومع تثبيت الجهود القطرية الكبيرة التي بُذلت للتوصل إليه، ولكن التعمق في واقع السياسة الأميركية تجاه القارة، وفي تتبع قصة الوصول لنقطة التوقيع بين البلدين سيُبيّن أن الأمر معقد أكثر مما يبدو عليه في الظاهر، وأن الدوافع والأسباب التي تقف وراء استضافة الولايات المتحدة الأميركية حفل التوقيع تلخص جوهر الاهتمام الأميركي بالقارة الأفريقية في عهد الرئيس ترامب في دورته الجديدة.
فجمهورية الكونغو وجارتها زامبيا تمثلان نقطة التقاء التنافس الأميركي الصيني على الموارد والمعادن النادرة، إذ إن الكونغو وحدها تنتج 75% من معدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة السيارات الكهربائية، بجانب موارد أخرى لا تقل أهمية كالنحاس واليورانيوم، وقد كان لافتًا ما ورد على لسان الرئيس ترامب بعد التوقيع على الاتفاقية حين قال: (ستحصل الولايات المتحدة على الكثير من حقوق المعادن في الكونغو).
والأسئلة التي تُطرح هنا هل سينجح الاتفاق الحالي في نشر السلام وطي صفحة حرب الثلاثين عامًا، خاصة أن أكثر من 10 اتفاقيات سابقة انتهت إلى الفشل، ولماذا يسود التفاؤل بنجاح هذه المحاولة؟
والإجابة المباشرة عن هذا السؤال تتعلق بتدخل الولايات المتحدة بثقلها الكبير في هذا الملف مدفوعة بنظرة الرئيس ترامب لأفريقيا حيث تحكم سياسته فيها ثلاثة عوامل هي:
تحويل العلاقة بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية من بند المساعدات إلى بند التجارة.
التركيز على المصالح المباشرة التي تعود على الولايات المتحدة بالنفع السريع، ولا سيما المواد الخام والمعادن ثم محاصرة النفوذ الروسي والصيني، والذي تمدد في القارة في السنوات الأخيرة.
أخيرًا الانشغالات الأميركية الخاصة بمحاربة الجماعات الإرهابية وخاصة في الصومال ودول الساحل الأفريقي بجانب تأمين مسارات الهجرة غير الشرعية وغلق منافذها في القارة الأفريقية.
ترامب وأفريقيا: هل من جديد؟
لفهم أكثر عمقًا وواقعية للعلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والقارة الأفريقية خلال إدارة ترامب الحالية يجب النظر إلى عاملين رئيسين هما تجربة ترامب مع أفريقيا إبان ولايته الأولى، ومشروعه الانتخابي الذي يمكن اختصاره في ثلاث نقاط رئيسية هي:
التركيز على جعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى، والانحياز إلى تيار العزلة النسبية مع التنازل عن نزوع التوسع والهيمنة الذي تتبناه تيارات أخرى داخل الحزب الجمهوري.
كما أن ترامب وأنصاره غير متحمسين تمامًا لمشاريع الجمهوريين التي تسعى (لنشر الديمقراطية) والقيم الأميركية الأخرى حول العالم.
فقد ورد في أجندة 2025 التي تكشفت بين يدي الحملة الانتخابية وتبنتها جهات متنفذة حول ترامب ما يلي: "على واشنطن أن تتوقف عن الترويج للسياسات الأميركية الضاغطة على الحكومات الأفريقية لاحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحقوق السياسية والمدنية والديمقراطية التي لا تتقبلها الدول الأفريقية، لأنها تشعر أن ذلك تدخل في شؤونها الداخلية، ويجب على واشنطن التركيز على المشاركة الاقتصادية".
اعتماد سياسة خارجية قائمة على الصفقات التي يعود ريعها سريعًا على الخزينة الأميركية المرهقة بالعجز والدين الداخلي، وذلك وفقًا لسياسة (مجهود أقل وعائد أكبر)، مع تجفيف المساعدات الأميركية للدول الأفريقية وغيرها، وتحويلها ما أمكن إلى التجارة واستغلال المعادن.
فقد ورد في أجندة 2025 مقترحات تدعو إلى تحويل جميع منح المساعدات الأجنبية للمستفيدين الأفارقة إلى قروض، وإلغاء جميع برامج مساعدات التنمية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص الأميركي في القارة الأفريقية.
حرصه على تسويق صورة شخصية تجمع بين الحزم والقوة، وفي نفس الوقت صورة رجل السلام الذي يعمل على إطفاء الحرائق الدولية وتسوية النزاعات بين الدول.
وهو ما لخّصه ترامب بعبارة: (السلام عبر القوة)، وفي ذلك يروج أنصاره أنه يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده الكبيرة في منع وقوع حرب نووية بين الهند وباكستان، ودوره الأخير في الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
وبالنظر لهذه المرتكزات الأساسية وتقييم اهتمامات ترامب خلال الأشهر القليلة التي مضت من عمر ولايته الحالية، والقرارات التي اتخذها بحظر دخول رعايا سبع دول أفريقية، قبل أن يتبعها بتعميم شمل 25 دولة من أصل 36 تطلب منها الولايات المتحدة التدقيق بشأن إجراءات الهجرة وإلا واجهت مصيرًا مشابهًا لتلك السبع.
هذا يؤكد أن إدارة ترامب لا تأبه كثيرًا بأي ردة فعل من دول القارة الأفريقية، ويأتي كل ذلك مقروءًا مع النهج الذي اتبعه في ولايته الأولى مع أفريقيا، والذي اتسم بالإهمال والازدراء.
ولذلك لا يبدو أن القارة الأفريقية تمثل أولوية لإدارته إلا بقدر ما تمثله من أهمية لسياساتها المتعلقة بالبحث عن الفرص التجارية، ومحاصرة النفوذ الروسي والصيني، أو بمكافحة الإرهاب والمخاطر الأمنية التي ترى فيها الأجهزة الأمنية الأميركية خطرًا ماثلًا.
يفسر هذا، دعوة الرئيس دونالد ترامب لقمة مصغرة تشارك فيها دول: موريتانيا، والغابون، وغينيا بيساو، وليبيريا، والسنغال، والتي أثارت تساؤلات كثيرة حول المعايير التي تم بها اختيار هذه الدول الصغيرة وغير المؤثرة في اقتصاد القارة وسياستها.
ولكن التمعن في المشتركات التي تجمع هذه الدول يبدد تلك التساؤلات؛ فكلها تطل على المحيط بكل ما يمثل ذلك من فرص وتهديدات، كما تتمتع جميعًا بموارد كبيرة غير مستغلة وخاصة موارد الطاقة والمعادن النادرة، ويمكن أن تكون نموذجًا جيدًا لسياسته الجديدة في أفريقيا (التجارة بدلًا من المساعدات)، فضلًا عن وقوعها في المجال الجغرافي لتمدد النفوذ الروسي الآخذ في التوسع مؤخرًا.
ابحث عن الصين
قبل شهرين من توقيع اتفاقية السلام بين البلدين نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية إمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن لتأمين استثمارات أميركية في المعادن الحيوية، مقابل دعم الولايات المتحدة جهود إنهاء الصراع في شرق البلاد.
وقالت الصحيفة إن الاتفاق يمنح واشنطن حق الوصول إلى رواسب الليثيوم والكوبالت والكولتان، وصرح مستشار ترامب مسعد بولس قائلًا: "واشنطن تضغط من أجل توقيع اتفاق سلام بين الجانبين هذا الصيف، مصحوبًا باتفاقيات ثنائية للمعادن مع كل من البلدين".
في العام 2007 وقعت الصين اتفاقًا اقتصاديًا مع دولة الكونغو عرف باتفاق (المناجم مقابل البنية التحتية)، وبموجب ذلك الاتفاق صارت الصين الحاضر الأبرز في قطاع المعادن الكونغولي، حيث تدير حاليًا حوالي 80% من مناجم النحاس، وتسيطر على 70% من قطاع التعدين، وعلى 60% من سوق بطاريات السيارات الكهربائية عالميًا.
ومع الأهمية العالية لمعدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة الهواتف والسيارات الكهربائية تعالج الصين وحدها 80% من هذا المعدن النادر، وفي العام 2024 أعلنت مجموعة سموك الصينية أكبر منتج للكوبالت في العالم عن أرباح قياسية، حيث قفز صافي الدخل بنسبة 64% ليصل إلى 1.9 مليار دولار.
هذه الأرقام مزعجة جدًا للولايات المتحدة التي ترى في الكونغو نموذجًا مثاليًا لتطبيق سياستها الخاصة بالحصول على المعادن النادرة بأسعار رخيصة، وفي نفس الوقت التضييق على الصين في واحدة من أهم ملفات التسابق التجاري والصناعي بينهما.
ولذلك فقد واصلت مساعيها لإخراج الصين من الكونغو الديمقراطية عبر الضغوط السياسية وتأليب الحكومة الكونغولية عليها للمناداة بإعادة تقييم الأسس التي قامت عليها اتفاقيات التعدين بين البلدين، وعبر دعم البنية التحتية وإعادة تأهيلها، ومسارات السكك الحديدية لتقليل تأثير الصين في سلاسل التوريد بالنسبة للمواد الخام.
وفي العام 2022 نشرت (أويل برايس) الأميركية تقريرًا أشارت فيه (إلى أن الولايات المتحدة تعزز جهودها لعزل الصين في أفريقيا وعرقلة حصولها على أشباه الموصلات المتقدمة، كما تعمل واشنطن أيضًا على السيطرة على مصادر المعادن المستخدمة في التقنية في أفريقيا خاصة الكونغو الديمقراطية).
ومما يلفت الأنظار هنا هو إعلان شركة (كوبولد ميتالز) الأميركية أنها ستوسع عملياتها في الكونغو الديمقراطية بعدما قامت فعلًا بشراء حصة للتعدين من شركة أسترالية هناك، وتساهم في شركة كوبولد ميتالز مجموعة من الشركات ورجال الأعمال الذين دعموا حملة ترامب الانتخابية.
حرب السودان في الواجهة
في ظل النشوة التي سيطرت على فريق ترامب بعد توقيع اتفاق السلام صرح مستشاره مسعد بولس بأن وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو سيستضيف اجتماعًا يضم وزراء اللجنة الرباعية التي تضم السعودية، والإمارات، ومصر، والولايات المتحدة؛ لبحث الحرب في السودان، وهو الأمر الذي أكد عليه ترامب نفسه في اجتماعه مع القادة الأفارقة في واشنطن.
ويأتي هذا الاهتمام بالملف السوداني بعد فترة من الإهمال وتركيز إدارة الرئيس ترامب على ملفات أخرى في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية، ومن واقع التحركات التي تمت في الفترة الأخيرة والتي من بينها زيارة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان جمهورية مصر العربية، وتنشيط تحالف "صمود" الذي يقوده الدكتور عبدالله حمدوك، يبدو أن هناك مساعيَ إقليمية تُبذل لبلورة مبادرة لإحياء التفاوض الذي توقف لفترة طويلة تحت مظلة المبادرة الأميركية السعودية في جدة.
ولا يزال الوقت مبكرًا للإجابة عن نجاح اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا، إذ إنه ورغم وقوف الدولة الكبرى خلفه فإن التحديات التي تحيط بالاتفاق وأطرافه صعبة للغاية، خاصة إذا علمنا أن هناك مناطق حيوية خارج سيطرة الدولتين والجماعات المتحالفة معهما.
كما أن عدم الثقة الكبير بين الدولتين نتيجة الصراع الطويل قد لا يوفر البيئة المناسبة للتطبيق السلس لبنود الاتفاق، وخاصة تلك المتعلقة بجمع السلاح وتسريح الجماعات المسلحة المتناسلة.
ومع كل تلك التحديات فإن الترحيب الذي قوبل به الاتفاق على المستوى الدولي سيوفر إرادة قوية لمحاولة صيانة المنطقة حتى لا تعود للحرب مرة أخرى.
ونستطيع القول إن إدارة الرئيس ترامب تحاول في نسختها الجديدة تحويل القارة الأفريقية من مكان ميؤوس منه كما كان في دورتها الأولى إلى فرصة تستفيد منها الولايات المتحدة.
وتلخص الطريقة التي تم بها دعوة خمسة من رؤساء الدول الأفريقية إلى البيت الأبيض النهج الأميركي في التعامل مع القارة، وهو تعظيم الفوائد الأميركية في القارة دون أن تلتزم بأي مساعدات، أو تقوم بفرض أي شروط سياسية تتعلق بالدمقرطة، وحقوق الإنسان كما كان في السابق.
وستتحدد التدخلات الأميركية في كل النزاعات بهذا النهج الجديد والذي يمكن اختصاره تحت شعار: (التجارة بدلًا من المساعدات)، وبجانب التجارة فإن للولايات المتحدة مآربها التي لا يمكن أن تتنازل عنها كقوة دولية تسعى للمحافظة على نفوذها وريادتها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
المحكمة العليا الأميركية تسمح لترامب باستئناف تفكيك وزارة التعليم
منحت المحكمة العليا الأميركية -الاثنين- الرئيس دونالد ترامب الضوء الأخضر لاستئناف تفكيك وزارة التعليم، إذ يعترض ترامب على التدخل الفدرالي في النظام التعليمي الذي تديره كل ولاية على حدة. وقضت المحكمة التي يهيمن عليها المحافظون بإنهاء التعليق الذي أمر به قاض فدرالي لعمليات التسريح الجماعي للموظفين في الوزارة. وأبدت القاضيات الليبراليات الثلاث في المحكمة المكونة من 9 أعضاء معارضتهنّ للقرار. وكان ترامب تعهّد خلال حملته الانتخابية بإلغاء وزارة التعليم التي أنشئت بموجب قانون أصدره الكونغرس عام 1979، وتحرك في مارس/آذار الماضي لخفض عدد موظفيها بنحو النصف. الصلاحيات للولايات وقال ترامب في وقت سابق "سنعيد التعليم، بكل بساطة، إلى الولايات حيث ينتمي". وسيُبقي هذا الأمر سياسات المدارس في أيدي الولايات والمجالس المحلية بشكل شبه كامل. وأصدر ترامب تعليماته لوزيرة التعليم ليندا ماكماهون بـ"البدء بإلغاء الوزارة نهائيا"، وهو مشروع انتظره اليمين الأميركي وأشاد به، لكنه يتطلب موافقة الكونغرس. وانضمت نحو 20 ولاية إلى نقابات المعلمين في الطعن بالخطوة قضائيا، بحجة أن الرئيس الجمهوري -الذي وصف الوزارة بأنها "عملية احتيال كبيرة"- ينتهك مبدأ فصل السلطات من خلال التعدي على صلاحيات الكونغرس. وفي مايو/أيار الماضي، أمر القاضي الفدرالي ميونغ جون بإعادة مئات الموظفين المفصولين من وزارة التعليم إلى وظائفهم. وألغت المحكمة العليا قرار القاضي جون من دون أيّ تفسير، في قرار صدر بعد أيام فقط من حكم آخر يمهّد الطريق أمام ترامب لتنفيذ عمليات طرد جماعي لموظفين في إدارات فدرالية أخرى. وقالت القاضية الليبرالية في المحكمة العليا سونيا سوتومايور، في رأي مخالف دعمته القاضيتان الليبراليتان الأخريان إيلينا كاغان وكيتانجي براون جاكسون، إنّ "الكونغرس وحده لديه السلطة لإلغاء الوزارة". وأضافت سوتومايور أنّ "الأغلبية إما أنها تتجاهل عمدا تداعيات قرارها أو أنها ساذجة، ولكن في كلتا الحالتين فإن التهديد الذي يواجه الفصل بين السلطات في دستورنا خطير". الفدرالية والتعليم وتقليديا، أدت الحكومة الفدرالية دورا محدودا في التعليم في الولايات المتحدة ، إذ كان نحو 13% فقط من تمويل المدارس الابتدائية والثانوية يأتي من خزائن الحكومة الفدرالية بينما يتم تمويل الباقي من ميزانيات الولايات والسلطات المحلية الأخرى. لكنّ التمويل الفدرالي شديد الأهمية للمدارس ذات الدخل المنخفض وللطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد كان للحكومة الفدرالية دور أساسي في إنفاذ حماية الحقوق المدنية للطلاب. وبعد عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، وجّه ترامب الوكالات الفدرالية لإعداد خطط شاملة لتقليص القوى العاملة، وذلك في إطار جهود أوسع نطاقا تبذلها "إدارة كفاءة الحكومة" (دوج) لتقليص حجم الإدارات الفدرالية. وتحرك ترامب لطرد عشرات الآلاف من الموظفين الفدراليين وتقليص برامج حكومية عدة، مستهدفا خصوصا مبادرات التنوع وإلغاء وزارة التعليم ووكالة المساعدات الإنسانية الأميركية (يو إس إيد). لماذا إلغاء الوزارة؟ تعد وزارة التعليم الأميركية من أحدث الوزارات في الحكومة الفدرالية الأميركية، إذ أنشئت رسميًا عام 1979 في عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر، بناءً على قناعة ديمقراطية بأن النظام التعليمي بحاجة إلى إدارة مركزية تُشرف على تحقيق العدالة التعليمية وتعزيز المساواة بين الولايات. وقد واجه تأسيس الوزارة معارضة شديدة من التيار المحافظ آنذاك، الذي رأى فيها تدخلا مفرطا وغير ضروري في صلاحيات الولايات. ومنذ نشأتها، أصبحت الوزارة مسؤولة عن إدارة السياسات التعليمية الفدرالية، وتوزيع المساعدات المالية، وجمع البيانات حول أداء التعليم الوطني، وضمان تكافؤ الفرص التعليمية. ومع الاتجاه لإلغاء الوزارة، تزداد الدعوات إلى نماذج تعليمية محلية بالكامل، وقد يؤدي ذلك إلى تفاوتات صارخة في جودة التعليم، كما يقول ناقدو ترامب.


جريدة الوطن
منذ 3 ساعات
- جريدة الوطن
لا توقعات من لقاء ترامب ونتنياهو
يرى المحلل السياسي يوسي ميكلبرج إن من المتوقع دائما أن تتمخض أي زيارة يقوم بها أي مسؤول إسرائيلي كبير للبيت الأبيض عن نتائج، بالنسبة لكل من العلاقات بين هاتين الدولتين والشرق الأوسط برمته. ولكن الاجتماعات التي عقدت الأسبوع الماضي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامن نتانياهو لم تتمخض تقريبا عن أي نتائج. وقال ميكلبرج، وهو زميل استشاري أول، في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس (والمعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)، إنه الرغم من التوقعات بحدوث اختراق، لم يظهر أي اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة. ولدى ترامب ونتنياهو اعتقاد قوى - مستقل أساسا كل منهما عن الآخر،و متزامن أحيانا، بأن لديهما القدرة على إحداث تحول في عملية إعادة تشكيل المنطقة برمتها إن لم يكن العالم كله، إلى الأبد. ورغم أن لديهما شكوكا على نحو متبادل، فإنهما يعتقدان أنهما يعرفان الكيفية التي يستطيع من خلالها كل منهما الاستفادة من الآخر.وكمثال معبر عن ذلك، قدم نتانياهو لترامب خطاب ترشيح لجائزة نوبل للسلام، قائلا إن الرئيس الأميركي «يصنع السلام في الوقت الذي نتحدث فيه». وكان الرد المفاجئ لترامب - أنه قال «أن يأتي الخطاب منك بصفة خاصة،فإن هذا ذو مغزى كبير»- معبرا عن طبيعة العلاقات التي أقامها الطرفان فيما بينهما. وأضاف ميكلبرج أن القمم تثير توقعات،بصفة خاصة عندما تكون المخاطر عالية للغاية. ولكن اجتماعا ثالثا بين الرجلين منذ أن عاد ترامب إلى البيت الأبيض تمخض عن نتائج ضئيلة للغاية. ولم يكن ترامب مستعدا لممارسة ضغط علني على نتانياهو لدفعه للتحرك بشعور الحاجة الملحة صوب وقف لإطلاق النار في غزة.وبدلا من ذلك، كان هناك تعليق غامض من ترامب بأنه يعتقد أن المحادثات لإنهاء الحرب في غزة تمضي قدما على مايرام،معلنا أن حماس مهتمة بالتوصل إلى اتفاق. وقللت مصادر إسرائيلية من شأن أي توقع بإعلان فوري عن اتفاق، وصرحت للصحفيين بأنه تمت الموافقة على 90 % من الاتفاق، ولكنها قالت للصحفيين إن المفاوضات تتطلب مزيدا من الوقت. ولكي توافق إسرائيل على إنهاء الحرب، فإنها تريد الاحتفاظ بوجود عسكري طويل المدى في قطاع غزة. كما أنها تريد أيضا ضمانات بشأن عدد الرهائن الذين سوف يتم الإفراج عنهم في أي مرحلة، وتريد نفي قيادة حركة حماس ونزع سلاح الحركة. وسوف يكون هذا أمرا صعبا في أي وقت. ووجد الوسطاء أن من الصعب بصفة خاصة ايجاد صيغة مقبولة في ظل خلفية سياسية يبدو فيها الزعماء من كلا الجانبين للكثيرين أنهم يقاتلون من أجل بقائهم السياسي وليس لمن أجل القضايا التي تخدم بلادهم بشكل أفضل. واستدرج نتانياهو ترامب، الذي أعلن نفسه أنه صانع سلام، إلى استخدام القوة العسكرية ضد إيران. ويعطي هذا ترامب بعض المصداقية في الشارع في منطقة قاسية بوصفه أنه ليس خائفا من استخدام القوة عندما تحين الفرصة، وكشخص أوقف الحرب بين إسرائيل وإيران في اليوم التالي. وربما لا يزال لدى الرئيس طموحات لمخطط إقليمي كبير، تعود فيه إيران إلى طاولة المفاوضات وتوافق على اتفاق يحد من قدرتها على تخصيب اليورانيوم ويخضعه لعمليات تفتيش صارمة.ومن المرجح أن ترامب ما يزال يرغب في توسيع نطاق الاتفاقيات الإبراهيمية، التي كانت الإنجاز الأكبر لفترة ولايته الأولى، ليشمل دولا أخرى. ولكن لكي تحدث كل هذه الأشياء، سوف يتطلب الأمر اتفاقا لإنهاء الحرب في قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع الساحلي المدمر وربما عملية تحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين. وهنا يوجد حقل الألغام من السياسات الفلسطينية والإسرائيلية.وحتى الآن نتانياهو لا يمكنه تحقيق وقف لإطلاق نار طويل المدى رغم حقيقة أن معظم الإسرائيليين يؤثرون رؤية عودة كل الرهائن إلى وطنهم وإنهاء الحرب، على تحقيق الهدف المراوغ وهو القضاء التام على حماس.ويعتمد نتانياهو على العناصر الدينية والقومية شديدة التطرف داخل حكومته للحفاظ على تماسك إئتلافه،وهم يعارضون بشدة وقف الحرب. وبدلا من ذلك فإنهم يدعمون إعادة الاحتلال الكامل لقطاع غزة، وإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في القطاع التي كان قد تم إخلاؤها وتدميرها في عام 2005 وضم الضفة الغربية، وتابع ميكلبرج أن هذه الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتطرفة تشعر بالتشجيع من خلال تكرار ترامب المستمر لفكرة إخراج معظم الفلسطينيين في غزة، إن لم يكن جميعهم والتي ذكرها الأسبوع الماضي مع نتانياهو. ويشعر رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضا بالتمكين من خلال دعوة ترامب بوقف محاكمة نتانياهو بالفساد والتي اعتبرها ترامب، دون أي دليل يذكر، بمثابة «حملة اضطهاد»، (ويدفع نتانياهو ببرائته وينفي ارتكاب أي مخالفة) وفي الحقيقة، وعلى خلفية قصف إيران ودعم ترامب، يبدو أن حسابات نتانياهو بشأن موقفه السياسي الداخلي الهش حتى الآن قد تغيرت. ويبدو أن نتانياهو دخل في أجواء الانتخابات في الأيام الأخيرة بدون أن يتم بالفعل الدعوة إلى الانتخابات. وأظهرت زيارة البيت الأبيض مكانة نتانياهو الدولية ونفوذه لدى الحليف الأوثق لإسرائيل، وتحسن موقف نتانياهو في استطلاعات الرأي نتيجة للحرب مع إيران وربما يضع في حساباته أن إجراء انتخابات في وقت ما في الخريف ربما تكون أفضل رهان للبقاء في السلطة ومن المحتمل ألا يتم الزج به في السجن إذا تم إدانته بالفساد.وربما يدفع إنهاء الحرب في غزة مع عودة الرهائن الباقين وإظهار دعم ترامب الواضح واتفاق نووي جديد محتمل بين الولايات المتحدة وإيران، سوف ينسب الفضل فيه إليه، نتانياهو للاعتقاد بأنه مازال هناك شعور داخله بتحقيق نصر انتخابي. واختتم المحلل تقريره بالقول إنه إذا كان هناك أي سياسي في إسرائيل يعتقد بأنه يمكنه تحويل الانتكاسات إلى نصر في انتخابات عامة، فإن هذا السياسي هو بنيامين نتانياهو.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
محللان: نتنياهو يريد مفاوضات تثبت وقائع عسكرية وتهجر الغزيين
واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية – تصريحاته بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الجارية بقطر، مما يثير تساؤلات وتكهنات بشأن ما يسعى إليه هذا اليميني الأطول بقاء بالسلطة في تاريخ إسرائيل. وقال نتنياهو إنه يوافق على صفقة التبادل فقط "إذا كانت جيدة" أما الصفقات السيئة فلن يقبل بها، متحدثا عن "ضرورة أن تُحكم غزة من قبل أشخاص لا يريدون تدمير إسرائيل". وتتزامن تصريحات نتنياهو مع ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن مصادر أميركية لعائلات الأسرى قولها إن الرئيس دونالد ترامب سئم من الحرب في غزة، لكن نتنياهو تمكن من كسب وقت إضافي. وتركز المفاوضات بين وفدي المقاومة الفلسطينية وإسرائيل على الخرائط المقترحة لنشر القوات الإسرائيلية داخل غزة، في وقت يحاول فيه الوسطاء إيجاد حلول من شأنها سد الفجوات المتبقية، والحفاظ على زخم المفاوضات، حسب هيئة البث الإسرائيلية. وقبل يومين، قال نتنياهو إنه وافق على مقترح المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف ، ثم النسخة التي اقترحها الوسطاء لإنجاز صفقة تبادل، زاعما أن حركة حماس هي التي رفضتهما، وأكد تمسكه بشرط إعادة الأسرى والقضاء على حماس. ويبدو أن سيل التصريحات التي يطلقها نتنياهو مؤخرا ليس سوى ذرائع وتعبيرات وهمية عن مسألة الحكم العسكري وتهجير الغزيين، وفق حديث الباحث بالشؤون السياسية سعيد زياد لبرنامج "مسار الأحداث". وتمنح خرائط الانسحاب المعدلة سيطرة أمنية واسعة لإسرائيل خاصة على شارع صلاح الدين الذي يربط شمال قطاع غزة بجنوبه، وكذلك السيطرة على حياة الناس. ورغم تراجع نسبة انتشار قوات الاحتلال في قطاع غزة من 36% إلى 28% خلال الهدنة المفترضة، فإن النسبة الجديدة تبقى منطقة جغرافية معزولة في الجنوب، وسيطرة عسكرية إسرائيلية على مناطق حيوية شمالي القطاع وشرقه. وفي هذا السياق، ذكر موقع "أكسيوس" أن المفاوضين الإسرائيليين قدموا خرائط محدثة تتضمن تقليصا إضافيا لوجود الجيش في الجزء الجنوبي من القطاع. وبموجب الخرائط الجديدة، ستبقى القوات الإسرائيلية في منطقة لا يتجاوز عرضها كيلومترين شمال محور فيلادلفيا على طول الحدود بين غزة ومصر. لكن رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلال الشوبكي لا يرى في تصريحات نتنياهو تحولا دراماتيكيا، إذ لطالما تحدث عن وقف إطلاق نار مؤقت، ولم يستخدم أبدا عبارات دبلوماسية، بل ركز دائما على إعادة الأسرى ثم استئناف الحرب. وينبع قلق نتنياهو من صفقة جزئية ضمن ترتيبات إقليمية تقودها الولايات المتحدة تفضي إلى واقع جديد، مما دفعه للاجتماع بوزيريه للأمن والمالية إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش بغرض الطمأنة وإبقائهم في دائرة الاحتواء. وبناء على هذا الوضع، تبدو إسرائيل مصممة على الذهاب نحو حكم عسكري يبقي آلية المساعدات المستحدثة التي تقودها " مؤسسة غزة الإنسانية" وكذلك إبقاء المليشيات يدا حاكمة جنوبي القطاع -وفق زياد- إلى جانب "المدينة الإنسانية" في رفح كجسر نحو التهجير. وكذلك، وصل نتنياهو -بعد مرور أكثر من 21 شهرا على الحرب- إلى طريق مسدود بعد فشله في القضاء على حماس، مما يمهد لاختلاق ذرائع باتجاه "منطقة عازلة بالجنوب تمهيدا لتهجير الغزيين". في المقابل، تنظر المقاومة الفلسطينية إلى أن "الوقت من دم" لكنها لا تريد صفقة بأي ثمن يمكن لإسرائيل الاستمرار في الحرب أو احتلال غزة وحكمها عسكريا، في وقت تعلم فيه أيضا أن إسرائيل لم تنتصر في حروب الاستنزاف تاريخيا. وبين هذا وذاك، تقاتل المقاومة في الميدان مع اقتصاد في القوة -حسب زياد- ودفاع مرن لا يمنع قوات الاحتلال من التقدم، بل يكبدها أكبر قدر من الخسائر، مما يجعل الوقت أيضا من دم الاحتلال، كما يقول زياد. وفي ضوء هذا المشهد، لن تقبل المقاومة بأي مسار لا يوقف الحرب وينظف غزة عسكريا من أي قوات إسرائيلية، في وقت تريد إسرائيل من المفاوضات تثبيت وقائع عسكرية عوضا عن الانسحاب إلى حدود اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي. وفي هذا السياق، تؤكد كمائن المقاومة وضراوة الميدان أن الرؤى السياسية الإسرائيلية -بدخول غزة وفرض وقائع جديدة وبناء نظام إداري جديد- باتت أمرا غير ممكن، وفق الشوبكي. ولكن هذا الارتباك الإسرائيلي في إدارة الحرب، على المستويين السياسي والعسكري، يفضي نهاية المطاف إلى خيار تهجير الفلسطينيين، حسب الأكاديمي الفلسطيني.