
بشار جرار : شدّ غربال «التدقيق الأمني المشدّد»
أخبارنا :
«إكستريم فِتِنغ» ترجمة العنوان أعلاه يعادله بالعربية المحكية «الغربلة». عندما يعلو صوت الزيف وتكثر الألوان وأطيافها وتطلّ الفتن والمحن برؤوسها، يدعو محترفو الأمن والعارفون بشؤونه من ذوي الاختصاص إلى شدّ الغربال بمعنى تضيق ثقوبه التي لا يمكنها تغطية الشمس، لكن ربما كسر أشعتها وتخفيف وهجها الحارق الذي يزيغ الأبصار أحيانا. هذا التضييق الذي ينبري للثرثرة تحريضا عليه المغرضون أو الجاهلون، إنما هو تضييق على الشوائب الدخيلة حتى لا تنسلّ وتتسلل من بين خيوط الغربال إلى حنطة الناس وزاد صغارنا وكبارنا، وزوّادة العاملين على صنع وحماية خبزنا.
في ولاية دونالد ترمب الرئاسية الأولى، عرفت أمريكا والعالم هذا المصطلح المترجم باجتهاد الخبراء إلى «التدقيق الأمني المشدّد» أو الغربلة التي لا بد أن يسبقها الفرز على فرّازة تسارع إلى لفظ الغريب وصدّ الدخيل عن مجرّد الاقتراب من ذلك الغربال.
أذكر في تلك الأيام قبل عقد من الأحداث الأمنية الجسام، السجال الحاد أمريكيا وعربيا على ذلك التضييق بأنه مدفوع بمواقف انطباعية وأحكام مسبقة مضروبة بالعنصرية والعدائية كما زعم الخصوم. كان البعض يستهجن دفاع مؤيدي الغربلة، خاصة من المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين ومنهم من صار وزير داخلية أو أمن أو شؤون اللاجئين في وطنه الثاني. تلك الفئة الأخيرة كانت مواقفها الأكثر استدعاء للتوقف، خاصة بعد صدور لوائح منع إصدار التأشيرات، وحظر السفر من وإلى عدد من الدول حرَص ترامب في ولايته الثانية ألا تكون مادة تصيّد لخصومه على أساس أنها تستهدف عرقا أو دينا أو بلادا بعينها.
الخارجية الأمريكية غردت عبر مواقعها على منصات التواصل أنها ألغت عقدا لجهة خاصة كانت تتولى ذلك التدقيق الأمني المشدد. تم فصل المسؤول عن ذلك وطرده من الوزارة. ليس سرا أن ملف المتعاقدين في وزارات عدة من أهمها السيادية وأخطرها الأمنية والدفاعية، أولوية قصوى لدى إدارة ترمب، سيما وأن أخطاء أو عثرات أو مجرد التأخير في استصدار التصاريح أو الموافقة» الأمنية، خاصة للمناصب العليا والحساسة، قد أثّرت على وتيرة التعيينات وكذلك على لوائح الطرد، الخشن منه والناعم، ومن ضمنه الطرد إلى الأعلى أو الطرد جانبا، بعيدا عن البيت الأبيض، أو واشنطن كلها.
الخارجية الأمريكية كان قد أدخلت «البروفايل» الافتراضي كأداة من أدوات التقييم الأمني المشدّد دون تحسس مما كان تهرف به بعض الأبواق من خطورة إجراء «بروفايلِنغ» للناس اتقاء لتعرّض القائمين على الأمن في المطارات ومراكز العبور الأخرى إلى انتقادات الصحافة، وقد اتضح في كثير من الحالات أنها ليست بحرّة ولا بنزيهة، وأن سهام الانتقاد والتضخيم، إنما يطلقها -وبتوجيه عن بُعد- نشطاء لا صحافيين، وفي بعض الحالات مجرد موظفي علاقات عامة في شركة مستأجرة الخدمات عبر «تعاقدات» للضغط باسم الحريات على حزب أو حكومة، أو نظام أو بلد.
الكويت الشقيقة أحسنت صنعا باتخاذها إجراءات مشابهة فيما يخص التدقيق الأمني، وقامت بسحب جنسيات. إلغاء التأشيرات أو إسقاط الجنسيات قضية كبرى، تُظهر مرة أخرى كم هي مسؤولية وأمانة عظمى التي يحملها رجال الأمن في رقابهم، الأمر الذي يستوجب الدعم والرعاية القصوى التي تضاهي مكانة القضاة. ففي كل قرار من هذا النوع، ثمة حكم لا يصدر هكذا اعتباطا، وإنما جراء دراسة عميقة تقوم أولا وآخرا على مخافة الله ومراعاة حقوق الناس كافة، دونما تمييز أو أدنى هوى بحيث يشترك رجال القضاء والأمن فيما يعرف بحق استشعار الحرج والإعفاء الذاتي من البت في قضية أو حالة ما.
الله نسأل أن يحمي قضاءنا وأمننا ويرعى أفرادهم وأسرهم من كل أذى أو ضغط، ويكلل أعمالهم بالنجاح والتوفيق الدائم لما فيه رضى الله وعز ومنعة الوطن المفدى.
الوضع الراهن إقليميا وعالميا لا يحتمل أي تقييد أو تشتيت أو تشكيك بجهود أولي الأمر من ذوي الاختصاصين الأمني والقضائي. بطبيعة الحال، ثمة أثمان لا بد من دفعها ربما اجتماعيا واقتصاديا وليس فقط إداريا وسياسيا، لكن الأولوية خاصة في المحن والفتن هي للبقاء ومن ثم النماء وذلك أمر لا حاجة فيه لإفتاء! إن كان ما يقوله البعض في العالم الافتراضيشاخصا بأعلام حمراء «تحذيرية» فلم الدهشة عند وقوع الفأس في الرأس لا قدّر الله؟! النهج الاستباقي الوقائي يبقى أفضل، سيما بالأدوات الناعمة، عبر آليات عدة من ضمنها الطرد المركزي حيث تدور عجلة الوطن أو المؤسسة أو الشركة بقوة وزخم تراكمي بما يُبقي الأنقياء في المركز ويطرد إلى الخارج أولا بأول، كل ما ومن يسيء ويعيق. العاقّ خائن الأمانة، لا ذمّة له، ولا مكان له، لا في دار ولا ديرة..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوكيل
منذ 29 دقائق
- الوكيل
ترامب يثير الجدل مجددا.. ماذا قال عن سد النهضة؟
الوكيل الإخباري- أشعل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بأعقاب تدوينة نشرها وتناول فيها موضوع سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، ما دفع بنشطاء إلى تداول تأويلات وتكهنات عمّا يعنيه. وقال ترامب في التدوينة المتداولة التي نشرها على صفحته بمنصة تروث سوشال: "يسعدني جدًا أن أبلغكم أنني رتبتُ، بالتعاون مع وزير الخارجية ماركو روبيو، معاهدةً رائعة بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا، في حربهما التي اشتهرت بإراقة دماءٍ عنيفةٍ وموتٍ، تفوق في حدّتها معظم الحروب الأخرى، واستمرت لعقود، سيحضر ممثلون من رواندا والكونغو إلى واشنطن الاثنين لتوقيع الوثائق. إنه يومٌ عظيمٌ لأفريقيا، وبصراحة، يومٌ عظيمٌ للعالم!" وتابع ترامب قائلا: "لن أحصل على جائزة نوبل للسلام لهذا، ولن أحصل على جائزة نوبل للسلام لوقف الحرب بين الهند وباكستان، ولن أحصل على جائزة نوبل للسلام لوقف الحرب بين صربيا وكوسوفو، ولن أحصل على جائزة نوبل للسلام للحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا (سد ضخم بنته إثيوبيا، بتمويل غبي من الولايات المتحدة الأمريكية، يقلل بشكل كبير من تدفق المياه إلى نهر النيل)، ولن أحصل على جائزة نوبل للسلام لإبرام اتفاقيات إبراهيم في الشرق الأوسط والتي، إذا سارت الأمور على ما يرام، ستمتلئ القائمة بأسماء دول إضافية ستوقع عليها، وسيتوحد الشرق الأوسط لأول مرة "بالعصور" (التاريخ) لا، لن أحصل على جائزة نوبل للسلام بصرف النظر عما أفعله، بما في ذلك روسيا / أوكرانيا، وإسرائيل / إيران، مهما كانت تلك النتائج، لكن الناس يعرفون، وهذا كل ما يهم بالنسبة لي!". ويذكر أن سد النهضة الإثيوبي الكبير الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار هو مشروع كهرومائي ضخم، يمتد على طول نهر النيل لتوليد ما يكفي من الكهرباء لتزويد المنطقة بأكملها بالطاقة، حوالي 6 آلاف ميغا وات، لكن السد، ليس أمراً متقبلاً بين جيران إثيوبيا، مصر والسودان وسط جدال مستمر عن الحصص المائية لكل من الدول المعنية. اضافة اعلان


أخبارنا
منذ 44 دقائق
- أخبارنا
الضربة الأميركية مثار اهتمام العالم.. تفاصيل اتخاذ القرار وتنفيذه ونتائجه
أخبارنا : كشف مسؤول أميركي لموقع "أكسيوس"، أن الرئيس دونالد ترامب أعطى تعليماته للبنتاغون ببدء التخطيط للضربة على إيران خلال مشاركته في قمة مجموعة السبع. ووفق المسؤول ذاته، فإن ترامب هو من حدّد يوم تنفيذ الضربات على إيران وكان مستعدًا لإلغائه إذا ظهرت فرصة تفاوض. وحسب المصدر، أبلغ الجيش والبنتاغون الرئيس ترامب بأن الضربة على إيران ستنجح. وحسب المصدر نفسه، كان هناك عدد محدود من المسؤولين على علم مسبق بالعملية. وكان الرئيس ترامب غضب من تصريح للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن اتجاهه لوقف الحرب.. قال ترامب وقتها: "الأمر أكبر بكثير من ذلك". وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" بدورها، أن طياري قاذفات B-2 الأميركية قضوا 37 ساعة في أطول مهمة هجومية. وتناوب الطيارون على النوم داخل قمرة مزودة بكافة التجهيزات داخل قمرة واحدة أثناء تنفيذ الضربة التي استهدفت منشأة فوردو النووية الإيرانية. وذكرت الصحيفة أن الطيارين صمدوا خلال الرحلة الأطول بفضل تجهيزات خاصة داخل الطائرة، حيث زُوّدت قمرة قيادة بثلاجات صغيرة وأفران ميكروويف لإبقاء الطاقم في حالة استعداد، إضافة إلى وجود مساحة لراحة أحد الطيارين بينما يقود الآخر. وتوجهت القاذفات نحو هدفها في صمت لاسلكي شبه كامل، كما رافقتها مقاتلات للدعم. وفي تفاصيل هذه العملية المعقدة للغاية والتي نفذتها الولايات المتحدة ضد المنشآت الإيرانية الثلاث، نشرح لكم أكثر ما حدث بالضبط حسب الرواية الأميركية. فمن ولاية ميزوري، أقلعت عدة طائرات من طراز بي 2 سبيريت، أغلى قطعة حربية في ترسانة الجيش الأميركي. وطار السرب إلى الجنوب الغربي قاطعا أكثر من أحد عشر ألف كيلومتر ليصل إلى قاعدة في المحيط الهادئ غوام. هذه الرحلة الطويلة كانت بحسب الرواية الأميركية مجرد تضليل للعملية الحقيقية والتي أطلق عليها اسم "مطرقة منتصف الليل". ففي نفس الوقت ومن نفس المكان، انطلق سرب آخر مكون من سبع قاذفات نحو الشرق قاطعا أكثر من اثني عشر ألف كيلومتر خلال ثماني عشرة ساعة مع عمليات متعددة لإعادة تزود بالوقود جوا. ووصلت قاذفات بي 2 إلى إيران، ست منها اتجهت إلى منشأة فوردو النووية في قم، والسابعة اتجهت إلى نطنز في أصفهان، فيما كانت مقاتلات حماية من الجيل الرابع والخامس ترافقها. وتضيف الرواية الأميركية أنه وفي نقطة أخرى في المياه الدولية في بحر العرب، فتحت غواصات أميركية فوهاتها وجهزت صواريخها من نوع توماهوك، وبشكل متزامن بدأ القصف. فالغواصات أطلقت صواريخها.. ثلاثون صاروخ توماهوك، توزعوا بين منشأتي أصفهان ونطنز وكلاهما في أصفهان. أما القاذفات فوق فوردو ونطنز، فألقت قنابلها.. 12 قنبلة فوق فوردو، وقنبلتان فوق نطنز، وعشرات الأطنان من المتفجرات تساقطت. وبعدها غادرت الطائرات الأجواء، فيما أغلقت الغواصات فوهات سلاحها وغاصت مجددا في أعماق البحر. وفور انتهاء العملية، أعلن الرئيس الأميركي الهجوم وقال: "دمرنا المنشآت الإيرانية بالكامل". وأعلن في وقت لاحق عن هبوط قاذفات بي 2 الاستراتيجية في قاعدة بولاية ميزوري، موجها الشكر لأطقمها الجوية. ووصف الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية في إيران بالهائلة، مضيفًا أنها كانت قوية ودقيقة جدًا.


أخبارنا
منذ 44 دقائق
- أخبارنا
أميركا تحذر مواطنيها حول العالم عقب قصف إيران
أخبارنا : أصدرت الولايات المتحدة، الأحد، تحذيرا لمواطنيها "في كل أنحاء العالم" على خلفية النزاع في الشرق الأوسط الذي قد يعرّض المسافرين الأميركيين أو المقيمين منهم في الخارج لأخطار أمنية متزايدة. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في تحذيرها الأمني، إن "هناك احتمالا لوقوع تظاهرات ضد المواطنين والمصالح الأميركية في الخارج"، حيث نصحت "المواطنين الأميركيين في كل أنحاء العالم بتوخي المزيد من الحذر". فجر الأحد، نفذت الولايات المتحدة ضربة عسكرية خاطفة ودقيقة ضد منشآت نووية ومواقع استراتيجية داخل إيران، من بينها منشأة فوردو النووية، في واحدة من أخطر مراحل التصعيد بين واشنطن وطهران منذ سنوات. وحذّر الحرس الثوري الإيراني، الولايات المتحدة، الأحد، من "ردود تجعلها تندم"، عقب الضربات الأميركية على منشآت نووية في الجمهورية الإسلامية. وقال الحرس في بيان إن "عدوان اليوم من النظام الإرهابي الأميركي دفع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي إطار حقها المشروع في الدفاع عن النفس، إلى استخدام خيارات خارجة عن فهم وحسابات الجبهة المعتدية"، مؤكدا أنه "يجب على المعتدين على هذه الأرض أن يتوقعوا ردودا تجعلهم يندمون". وأكد الحرس الثوري الإيراني أن أي هجوم يستهدف التكنولوجيا النووية الإيرانية لن ينجح في تدميرها، بل سيزيد من إدارة العلماء الإيرانيين الشباب في مواصلة مسيرة التقدم والتنمية. وأضاف في بيان أن "الحرس الثوري يدرك جيدا ساحة هذه الحرب الشاملة والمفروضة، ولن يخيفه أبدًا ضجيج ترامب والعصابة الإجرامية الحاكمة في البيت الأبيض وتل أبيب". وفيما يتعلق بالرد الإيراني، أعلن الحرس الثوري، أن عمليات "الوعد الحق 3" لا تزال متواصلة، مشيرا إلى أن "الكيان الصهيوني تلقى حتى الآن 20 موجة من هذه العمليات التي تستهدف بدقة وعنف البنية التحتية والمراكز الاستراتيجية والمصالح الإسرائيلية". واعتبر الحرس الثوري الإيراني أن الضربات الأميريكة ضد منشآت نووية هي "انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والمبادئ الأساسية لاحترام السيادة الوطنية وسلامة أراضي الدول".