logo
الجزائر في سباق التسلح… دوافع داخلية وتحديات إقليمية

الجزائر في سباق التسلح… دوافع داخلية وتحديات إقليمية

بلبريس٠٧-٠٣-٢٠٢٥

كشف تقرير حديث صادر عن مؤسسة "GIS" (مؤسسة بحثية متخصصة في التوقعات الجيوسياسية والاقتصادية، ومقرها ليختنشتاين) أن الجزائر قد دخلت في سباق تسلح مكثف خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يبدو أنه خطوة تهدف إلى صرف الأنظار عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد. التقرير أشار إلى أن هذا التسلح، رغم ظاهره العسكري، يحمل أبعادًا سياسية داخلية تهدف إلى تعزيز السيطرة المركزية للنظام، خاصة بعد الاحتجاجات الشعبية التي هزت الجزائر في عامي 2019 و2020.
أوضح التقرير أن الجزائر، على الرغم من المعاناة الاقتصادية التي تشمل ارتفاع معدلات البطالة التي تفوق العشرات من النسب المئوية، خصصت ميزانية ضخمة تقدر بـ 25 مليار دولار للإنفاق العسكري في العام الجاري. ويرى التقرير أن هذا الرقم يضع الجزائر بين أكبر الدول في العالم من حيث الإنفاق العسكري، ويعتبره البعض إنجازًا محليًا يهدف إلى تعزيز مكانة النظام الداخلي. ورغم الضغوط الاقتصادية المتزايدة، فإن الحكومة الجزائرية تسعى من خلال هذه الميزانية إلى رفع الروح المعنوية، وتقديم نفسها كحامية للاستقرار والسيادة الوطنية.
العلاقات العسكرية الجزائرية مع القوى الكبرى
وتطرق التقرير إلى تحركات الجزائر على الساحة العسكرية الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن النظام الجزائري قد تبنى استراتيجية تسليح علنية موجهة بشكل أساسي لمنافسة المغرب. إلا أن هذا التسلح لا يتوقف عند الحدود الإقليمية، بل يمتد إلى تعزيز علاقات الجزائر مع القوى الكبرى مثل روسيا والصين. وتظل روسيا الشريك العسكري الرئيسي للجزائر منذ الحقبة السوفيتية، حيث تواصل موسكو توفير الأسلحة المتطورة للجزائر، وهو ما يعزز الثقة بين الجانبين. ومن أبرز الأمثلة على هذا التعاون المستمر، التوقعات بأن الجزائر قد تحصل على طائرات مقاتلة من طراز "سوخوي-57" (الجيل الخامس) من روسيا.
من ناحية أخرى، يواصل المغرب تعزيز قدراته العسكرية من خلال التفاوض على شراء 32 طائرة مقاتلة من طراز F-35 Lightning II من الولايات المتحدة، في صفقة قد تصل قيمتها إلى 17 مليار دولار على مدى 45 عامًا. ويهدف المغرب من خلال هذه الصفقة إلى تحديث أسطوله الجوي تدريجيًا واستبدال طائراته من طراز F-16، في خطوة من شأنها زيادة التوترات العسكرية في المنطقة.
التسلح كأداة للبقاء السياسي الداخلي
يعتبر التقرير أن تسليح الجزائر لا يقتصر فقط على التنافس العسكري مع المغرب، بل هو أداة استراتيجية لبقاء النظام في السلطة. ويشير التقرير إلى أن استمرار النظام الجزائري في تعزيز قدرات جيشه يعكس رغبة في الحفاظ على السيطرة السياسية الداخلية، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها البلاد بين 2019 و2020، عندما خرجت احتجاجات ضخمة تطالب بالإصلاحات السياسية والاقتصادية. هذه الاحتجاجات، التي كانت بمثابة تحدٍ كبير للسلطة، أدت إلى إشعال شكوك في مركزية النظام ودور الجيش في الحكم.
وفي هذا السياق، يظل الجيش الجزائري، الذي يعد القوة الأساسية في البلاد، جزءًا من استراتيجية النظام للحفاظ على استقراره. من خلال تعزيز قدرات الجيش العسكرية، يسعى النظام إلى التأكيد على أنه الحامي الأول للدولة في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية. كما يعكس هذا التسلح المستمر أيضًا رغبة في تأكيد قدرة النظام على مواجهة الجماعات المسلحة التي تظل نشطة رغم تراجع قوتها.
تتسم العلاقة بين الجزائر والمغرب بتاريخ طويل من التوترات والنزاعات الإقليمية، وقد شهدت العلاقات بين البلدين سلسلة من الصراعات الدبلوماسية والعسكرية على مر العقود. وبحسب التقرير، فإن الجزائر تسعى حاليًا إلى الحفاظ على السردية التي تروج لتنافسها الاستراتيجي مع المغرب، وهو ما يعزز من شرعية النظام داخليًا من خلال تقديم نفسه كقوة قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية.
ورغم أن هناك احتمالًا ضئيلًا لاندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين الجارين، إلا أن السياسة الجزائرية الحالية تساهم في خلق بيئة من عدم الاستقرار الكامن في المنطقة. وعلى الرغم من أن الجزائر تتبنى موقفًا تصادميًا لفظيًا تجاه جارتها، إلا أنها تتجنب الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى صراع مفتوح. هذه الديناميكية تساهم في خلق حالة من التوتر المستمر بين البلدين، ما يبرر الجزائر لمواصلة تعزيز قوتها العسكرية.
التسلح والمطالب الداخلية
ورغم أن الجزائر تواصل تعزيز قدراتها العسكرية، فإن التقرير يلفت إلى أن التحديات الحقيقية التي تواجه النظام الجزائري لا تأتي من التهديدات الخارجية، بل من الداخل. فالشعب الجزائري، الذي عانى من البطالة ونقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، لا يجد نفسه مهتمًا بسباق التسلح أو الاستعراضات الجيوسياسية. بدلاً من ذلك، يطالب الجزائريون بتوفير وظائف وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية.
السيناريو الأكثر احتمالًا في الفترة المقبلة، بحسب التقرير، هو أن النظام الجزائري سيواصل سياسته في تعزيز التسلح وتحديث قواته العسكرية، لكن مع تزايد الانفصال بين القيادة والشعب. في هذا السياق، قد يتفاقم الوضع الداخلي مع تزايد فجوة الثقة بين الحكومة والشعب، وهو ما قد يهدد استقرار النظام.
تُظهر التطورات العسكرية في الجزائر أن النظام يراهن على التسلح كأداة للحفاظ على استقرار حكمه، وفي الوقت نفسه يعزز موقفه في مواجهة التحديات الإقليمية، خاصة مع المغرب. ورغم أن هذا التسلح قد يبدو موجهًا نحو منافسة المغرب، فإن دوافعه الحقيقية تعكس أزمات داخلية أكبر تواجه النظام الجزائري. في ظل هذه الديناميكية، تظل المخاطر المتعلقة بتفاقم التوترات العسكرية في المنطقة قائمة، بينما يظل الشعب الجزائري يواجه تحديات اقتصادية وخدمية ملحة تطغى على استعراضات القوة العسكرية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

750 مليار جديدة من الصين لمصنعين عملاقين في المغرب؟
750 مليار جديدة من الصين لمصنعين عملاقين في المغرب؟

أريفينو.نت

timeمنذ 3 ساعات

  • أريفينو.نت

750 مليار جديدة من الصين لمصنعين عملاقين في المغرب؟

أريفينو.نت/خاص تستعد الساحة الصناعية المغربية لحدث بارز، حيث أعلنت مجموعة 'بي تي آر نيو ماتيريال' (BTR New Material Group)، عن الجدول الزمني لبدء تشغيل مصنعيها الجديدين المتخصصين في إنتاج مكونات بطاريات السيارات الكهربائية. ويمثل هذا المشروع خطوة استراتيجية هامة للمغرب في قطاع الصناعات التحويلية المتقدمة. طنجة على موعد مع ثورة صناعية كبرى: 'BTR New Material Group' تحدد الربع الثاني من 2026 لانطلاق مصنعيها العملاقين! من المقرر أن يبدأ المصنعان التابعان لمجموعة 'بي تي آر نيو ماتيريال' عملياتهما الإنتاجية خلال الربع الثاني من عام 2026. وسيركز هذان المصنعان على إنتاج مكونات أساسية في صناعة البطاريات الكهربائية، وهي الأنودات والكاثودات، مما يعزز مكانة المغرب في سلسلة القيمة العالمية لهذا القطاع الحيوي. استثمار ضخم بـ750 مليون دولار لقلب صناعة السيارات: إنتاج أنودات وكاثودات لنصف مليون بطارية كهربائية سنوياً! يعكس هذا المشروع الطموح استثماراً إجمالياً ضخماً يصل إلى 750 مليون دولار أمريكي. ويهدف المجمع الصناعي الجديد إلى تحقيق طاقة إنتاجية سنوية بواقع 50,000 طن من مادة الكاثود و60,000 طن من مادة الأنود. هذه الكميات الإنتاجية ستكون كافية لتلبية احتياجات تصنيع بطاريات لحوالي 500,000 سيارة كهربائية كل عام. إقرأ ايضاً أرقام واعدة تهز اقتصاد الشمال: 1.18 مليار دولار إيرادات سنوية وأكثر من 2500 فرصة عمل مباشرة! ومن المنتظر أن يكون للمشروع آثار اقتصادية إيجابية كبيرة، حيث تشير التقديرات الأولية إلى أن المصنعين سيحققان إيرادات سنوية تفوق 1.18 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يساهم المشروع في خلق أكثر من 2,500 فرصة عمل مباشرة، مما سيعطي دفعة قوية لسوق الشغل بالمنطقة. منصة 'طنجة تيك' تحتضن المستقبل: المغرب قطب جديد واعد في سلسلة قيمة صناعة البطاريات العالمية! وقد تم اختيار منصة محمد السادس لطنجة تيك، القطب الصناعي والتكنولوجي البارز في شمال المغرب، لاحتضان هذين المصنعين. ويأتي هذا الاختيار ليعزز من جاذبية المنصة للاستثمارات الدولية الكبرى، ويؤكد على دور المغرب كفاعل رئيسي صاعد في مجال صناعة مكونات السيارات الكهربائية على الصعيد العالمي.

مخاوف الدين الأمريكي تدفع الدولار للتراجع.. واليورو والين يحققان مكاسب أسبوعية
مخاوف الدين الأمريكي تدفع الدولار للتراجع.. واليورو والين يحققان مكاسب أسبوعية

أكادير 24

timeمنذ 3 ساعات

  • أكادير 24

مخاوف الدين الأمريكي تدفع الدولار للتراجع.. واليورو والين يحققان مكاسب أسبوعية

agadir24 – أكادير24/ومع تراجع الدولار الأمريكي خلال التعاملات المبكرة ليوم الجمعة، متجهاً نحو تسجيل خسائر أسبوعية مقابل عدد من العملات الرئيسية، في ظل تصاعد المخاوف بشأن الوضع المالي للولايات المتحدة، مما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو الملاذات الآمنة. ويأتي هذا التراجع بعد خفض وكالة التصنيف الائتماني 'موديز' تصنيفها للديون الأمريكية الأسبوع الماضي، ما أدى إلى توتر في الأسواق العالمية، زاد حدّته تركيز المستثمرين هذا الأسبوع على مشروع قانون ضريبي مثير للجدل تقدم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يُرجّح أن يفاقم الدين العام بتريليونات الدولارات. وقد وافق مجلس النواب الأمريكي بصعوبة على مشروع القانون، إلا أن تمريره النهائي لا يزال معلقًا في مجلس الشيوخ، حيث يُتوقع أن تستغرق المناقشات عدة أسابيع. وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل ست عملات من بينها الين واليورو، بنسبة 1.1% خلال الأسبوع، ليستقر عند 99.829 في التعاملات الآسيوية المبكرة. في المقابل، ارتفع اليورو بنسبة 0.21% مسجلًا 1.1303 دولار، ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة 1.2%. كما استقر الين الياباني عند 143.84 مقابل الدولار، ويتجه بدوره لتحقيق مكاسب مماثلة، بعد صدور بيانات أظهرت ارتفاع التضخم الأساسي في اليابان خلال أبريل بأسرع وتيرة سنوية منذ أكثر من عامين، ما عزز التوقعات بإمكانية رفع أسعار الفائدة مجددًا قبل نهاية السنة الجارية. ويُراقب المستثمرون التطورات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة عن كثب، وسط قلق متزايد من تأثيرات العجز المالي والتوجهات النقدية العالمية على استقرار العملات والأسواق المالية.

عملاق صيني لصناعة مكونات السيارات الكهربائية يعلن موعد افتتاح مصنعين بطنجة تك
عملاق صيني لصناعة مكونات السيارات الكهربائية يعلن موعد افتتاح مصنعين بطنجة تك

زنقة 20

timeمنذ 3 ساعات

  • زنقة 20

عملاق صيني لصناعة مكونات السيارات الكهربائية يعلن موعد افتتاح مصنعين بطنجة تك

زنقة 20 | متابعة تتوقع شركة 'بي تي آر' (BTR) الصينية لإنتاج مكونات بطاريات السيارات الكهربائية تحقيق إيرادات من مصنعيها في المغرب بنحو 1.2 مليار دولار سنوياً بعد بدء الإنتاج العام المقبل. بيتر يانغ، المدير العام للشركة في المغرب ، و في تصريحات لقناة الشرق، على هامش المنتدى الدولي للصناعات الكيماوية في العاصمة الرباط، قال إن الشركة شرعت العام الماضي في بناء مصنعين في 'المدينة الصناعية محمد السادس طنجة تك' على مساحة تبلغ 486 ألف متر مربع، وبطاقة إنتاجية تبلغ 50 ألف طن سنوياً للكاثود و60 ألف طن للأنود، بكلفة استثمارية إجمالية تبلغ 750 مليون دولار. و أشار يانغ إلى أن 'هذه المشاريع المتنوعة التي تغطي كل مراحل سلسلة القيمة، ستساهم في بناء منظومة صناعية متكاملة'. و من المتوقع أن يبدأ إنتاج مشاريع الشركة الصينية في الربع الثاني من العام المقبل، بحسب يانغ، مشيراً إلى أن القدرة الإنتاجية تكفي لتزويد نصف مليون سيارة سنوياً، وسيتم تصدير أغلب الإنتاج. و كانت الشركة الصينية وقعت في مارس من العام الماضي، اتفاقية استثمارية مع الحكومة المغربية تشمل المرحلة الأولى من المشروع بقيمة 300 مليون دولار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store