logo
الشرع في باريس.. فرنسا تقود المبادرة الدبلوماسية بدعم سوريا الجديدة

الشرع في باريس.. فرنسا تقود المبادرة الدبلوماسية بدعم سوريا الجديدة

الجزيرة٠٧-٠٥-٢٠٢٥

باريس- يستضيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، اليوم الأربعاء، نظيره السوري أحمد الشرع في أول زيارة له إلى أوروبا منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفق ما أعلنه قصر الإليزيه أمس.
ومن المقرر أن يناقش ماكرون مع الشرع عدة قضايا، من أهمها رفع العقوبات ومكافحة الإرهاب واستقرار المنطقة والوضع في لبنان.
كما تتجلى أهمية هذا اللقاء في محاولة فرنسا قيادة المبادرة الدبلوماسية لدعم سوريا الجديدة ولعب دور محوري في منطقة الشرق الأوسط.
بوابة أوروبا
الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن العلاقات التاريخية بين باريس ودمشق كانت المحرك الأساسي لاختيار فرنسا دعوة واستقبال الرئيس السوري لتكون البلد الأول الذي يزوره. وأضاف في حديث للجزيرة نت أن الزيارة ستمثل خطوة مهمة للشرع، وستكون بوابة إلى المجتمع الدولي الأوسع.
وتابع عبد الغني "بما أن فرنسا تُعد من الدول الديمقراطية العريقة، فإن استقبالها للرئيس السوري سيعني أن عددا كبيرا من الدول الأوروبية ستدور في فلكها هي وألمانيا البلدين اللذين يقودان الاتحاد الأوروبي" متوقعا أن هذه الدول ستقوم بالخطوة نفسها في المستقبل.
ومن جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بباريس زياد ماجد أن الشرع يبحث عن تواصل دولي مع الغرب ليقدم نفسه كرئيس جديد لسوريا، بعد حصوله على الشرعية العربية من خلال دعوته إلى القمة العربية واجتماعات مختلفة مع القادة العرب.
وأضاف ماجد -في تصريحه للجزيرة نت- أن أهمية الزيارة تكمن في اعتبار باريس المدخل الأساسي نظرا لدورها السابق في مواجهة نظام الأسد ومحاولتها قيادة الاتحاد الأوروبي سياسيا في منطقة الشرق المتوسط، فضلا عن علاقاتها العديدة مع لبنان والعراق ودول الخليج.
وفي الوقت الذي كانت فيه فرنسا مركزة على مصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسط، يبدو أنها تتخذ اليوم منعطفا جيوسياسيا مختلفا، وقد برز ذلك بشكل واضح في اعترافها المحتمل بدولة فلسطين وزيارة ماكرون الأخيرة إلى مصر.
دعم سوريا
وكان الرئيس الفرنسي قد دعا الشرع لزيارة باريس بداية فبراير/شباط الماضي. وفي نهاية مارس/آذار الماضي، جعل دعوته مشروطة بتشكيل حكومة سورية شاملة "لكل مكونات المجتمع المدني" وبالضمانات المتعلقة بأمن البلاد، معتبرا أن مناقشاته الأولى مع الشرع بهذا الصدد كانت "إيجابية تماما".
وخلال الاجتماع، سيؤكد ماكرون دعم بلاده لبناء "سوريا حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم جميع مكونات المجتمع السوري" وفقا لبيان الرئاسة الفرنسية أمس.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية زياد ماجد أن المسائل الاقتصادية والحيوية بالنسبة لسوريا ولنظام الشرع، مثل إعادة الإعمار ورفع بعض العقوبات وتشجيع الاستثمارات، تُعد من أهم أهداف زيارته لفرنسا.
وغير مستبعد إثارة الرئيس الفرنسي مع الشرع ملف حقوق الإنسان و"التوترات الطائفية" أكد ماجد على رغبة باريس في التعاون الاقتصادي ولعب دور قيادي في الشرق الأدنى -خاصة في سوريا ولبنان- في ظل الغياب الأميركي.
وأضاف أن القمة التي جمعت ماكرون مع نظيره اللبناني جوزيف عون في باريس في مارس/آذار الماضي، والتي جرى خلالها الاتصال بالشرع والمسؤولين القبارصة واليونانيين، تؤكد الاهتمام الفرنسي بهذه المنطقة حيث تتوفر الاحتمالات لإبرام عقود اقتصادية بفضل الموانئ الإستراتيجية لفرنسا وارتباط الساحل ببلد مثل العراق.
وفي سياق متصل، يرى عبد الغني أن باريس تشعر بضرورة أن تلعب الدور مجددا في دمشق لأن المنطقة داخل نطاق اهتماماتها، فضلا عن أهمية وارتباط سوريا بضمان استقرار لبنان.
تحديات ومصالح
ومن المتوقع أن تسلط هذه الزيارة الضوء على التحديات الخارجية التي تواجهها سوريا، خاصة الغارات الإسرائيلية المتكررة التي تهدد سيادة واستقرار البلاد، وفقا لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وبينما دعت إسرائيل إلى بقاء سوريا معزولة ولامركزية، صعّدت هجماتها العسكرية في جميع أنحاء البلاد ودخلت قواتها البرية إلى منطقة جنوب غربها، منذ نجاح فصائل المعارضة السورية في الإطاحة بنظام الأسد.
وبالتالي، يعتبر ماجد أن الأمور لا تزال معقدة في ظل المشاكل الداخلية والعقوبات الأميركية وحالة الانتظار لما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة، بسبب استمرار حرب الإبادة في قطاع غزة والغارات الإسرائيلية على لبنان واستباحة إسرائيل للجنوب السوري.
ويرى عبد الغني أن فرنسا تحتاج إلى استعادة نفوذها الذي فقدته في سوريا من خلال قطعها العلاقات مع بشار الأسد. وبقيادتها القاطرة الأوروبية باتجاه سوريا في ظل الفراغ والتردد الأميركي، تتقدم باريس بهذه الخطوة ليكون لها دور التأثير السياسي على السلطات في دمشق والعملية الانتقالية كلها، من خلال دعم النواحي الاقتصادية والسياسية، وفق المتحدث نفسه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

يديعوت أحرونوت: إسرائيل فقدت شرعية الحرب دوليا
يديعوت أحرونوت: إسرائيل فقدت شرعية الحرب دوليا

الجزيرة

timeمنذ 43 دقائق

  • الجزيرة

يديعوت أحرونوت: إسرائيل فقدت شرعية الحرب دوليا

قال المحلل السياسي إيتمار آيخنر إن إسرائيل فقدت شرعيتها الدولية للاستمرار في الحرب على قطاع غزة، محملا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) مسؤولية هذا التدهور نتيجة انشغاله ببقائه السياسي على حساب المصالح الإستراتيجية للدولة. واعتبر أن الولايات المتحدة قد تتوقف قريبا عن استخدام الفيتو لصالح إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وسط عزلة دولية متزايدة وتراجع في التأييد العالمي. وفي مقال نُشر في صحيفة يديعوت أحرونوت، وصف آيخنر الوضع الحالي لإسرائيل بأنه "شرعية ناقصة"، مشيرا إلى أن لحظة التعاطف الدولي التي حصلت عليها إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023، لم تستغل بشكل دبلوماسي، بل تم تبديدها خلال أسابيع بسبب أداء القيادة السياسية التي وضعت بقاء الائتلاف فوق أي اعتبار آخر، بما في ذلك مصير الأسرى الإسرائيليين في غزة. تفاوض دون إسرائيل ويقول آيخنر إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يقود الدفة السياسية في المنطقة حاليا يتفاوض على اتفاقيات مع إيران والحوثيين، ومع دول الخليج، من دون إشراك إسرائيل. ويضيف "لقد أصبح واضحا أن ترامب لم يعد يرى في إسرائيل شريكا مركزيا في صياغة مستقبل الإقليم، بل بات ينسّق مع السعوديين، والإيرانيين، وحتى مع حماس والحوثيين، في حين إسرائيل غائبة عن المشهد". ويحذر المحلل السياسي من أن تلك التطورات تمثل تحوّلا إستراتيجيا حادا قد يدفع الولايات المتحدة لاحقا إلى الامتناع عن استخدام الفيتو دفاعا عن إسرائيل في مجلس الأمن، وهو تطور من شأنه أن يفتح المجال أمام إدانات وقرارات دولية صارمة تمسّ مكانة إسرائيل وتؤثر على قدرتها على "الدفاع عن نفسها"، وفق تعبيره. وللتدليل على موقفه، يشير آيخنر إلى أن إسرائيل كانت تمتلك فرصة دبلوماسية نادرة بعد هجوم 7 أكتوبر، حيث حظيت بدعم عالمي واسع، لكن الحكومة الإسرائيلية -وخصوصا نتنياهو- فشلت في تحويل هذا الدعم إلى إنجاز سياسي أو دبلوماسي. وكتب: "كان يمكن إعلان انتصار سياسي ودولي لإسرائيل، وقيادة مشروع دولي لإعادة إعمار غزة بشراكة العالم، لكن نتنياهو أضاع الفرصة بسبب تمسكه بحسابات الائتلاف السياسي الضيق، وليس بالمصلحة الوطنية العليا". وأضاف أن نتنياهو، الذي يتمتع بمهارات سياسية لكنه يفتقر إلى الحس الدبلوماسي، فضل إرضاء شركائه المتطرفين في الحكومة، وترك إسرائيل في وضع "هامشي" حتى في اللحظات التي كان يمكن أن تلعب فيها دورا مركزيا. تدهور الصورة الدولية ويحاول المحلل السياسي لفت الأنظار عن الأسباب الحقيقة لتدهور الوضع الدولي لإسرائيل، والمتمثلة بسياسة الإبادة الجماعية التي تنفذها في غزة، ويعزو فشل تسويق سياسة إسرائيل إلى الحكومة. ويقول إن وزراء الخارجية الحاليين والسابقين يفتقرون إلى المهارات الدبلوماسية الأساسية مثل القدرة على الإنصات والابتكار السياسي. ويضيف أن "الدبلوماسية ليست مجرد تصريحات، بل شبكة علاقات وبنية تحتية من الحوار مع العالم، وهذا ما لا تملكه الحكومة الحالية. أما الوزير رون ديرمر فهو مجرد منفذ لأوامر نتنياهو، وليس صاحب رؤية أو تأثير مستقل". وفي تقييمه لصورة إسرائيل حول العالم، يقول آيخنر إن أداء القيادة السياسية تسبب بأضرار جسيمة لصورة الدولة، مشيرا إلى أن الدعم الشعبي الدولي لإسرائيل يتآكل بسرعة، وأن الأصدقاء التاريخيين باتوا يتراجعون خطوة بعد خطوة. وكتب: "لم يتبقَ لنا سوى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي، أما بقية العواصم فقد بدأت تتجه نحو دعم خطوات للاعتراف بدولة فلسطينية، في ظل غياب إسرائيل عن دوائر القرار الإقليمي والدولي". وفي هذا السياق، يحذر الكاتب من أن المؤتمر الدولي المقرر عقده في 17 يونيو/حزيران الحالي لمناقشة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي ترعاه فرنسا والسعودية، قد يتحول إلى منصة لعزل إسرائيل، خصوصا إذا غضّت واشنطن الطرف عنه، وهو ما يبدو مرجحا رغم تصريحاتها الرسمية. فشل خارجي وبينما يشيد الكاتب بأداء الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد والشاباك، ويصف الضربة التي تلقاها حزب الله بأنها "ستُدرّس لعقود"، إلا أنه يؤكد أن الفشل الحاسم كان في السياسة الخارجية. ويكتب: "الحرب تتيح أحيانا فرصا سياسية للتقدم. قدمت الأجهزة الأمنية المظلة العسكرية التي يحتاجها المستوى السياسي، لكن نتنياهو لم يستغلها. خشي أن ينهار ائتلافه، ونحن الآن جميعا ندفع الثمن: تصنيف ائتماني يتراجع، وارتفاع في أعداد الشباب الذين يتحدثون عن مغادرة البلاد". ويتحدث آيخنر عن ضعف التواصل الإعلامي الإسرائيلي مع الخارج، قائلا إن استبدال المتحدث العسكري السابق دانيال هاغاري المتمرس بآخر لا يظهر في الأستوديوهات شكّل خطأ فادحا، يعكس ارتباكا داخل القيادة. ويضيف: "حتى المتحدثون الإسرائيليون القلائل الذين يجيدون اللغات الأجنبية لا يستطيعون تقديم أجوبة مقنعة، والسفراء يُضربون على رؤوسهم في المقابلات. تصريحات متطرفة لوزراء مثل سموتريتش تضر بنا ولا يمكن نفيها، بينما لا توجد سياسة رسمية واضحة لتفسير ما يحدث في غزة". في ختام مقاله، يدعو آيخنر إلى طرح خطة سياسية واضحة لما بعد الحرب، وإشراك الأميركيين في خطة إعادة إعمار غزة، قبل أن تُفرض تسوية من الخارج لا تلائم المصالح الإسرائيلية. ويختم بتحذير صريح: "ترامب قد يقرر قريبا: كفى. أوقفوا طبول الحرب. وسيكون علينا حينها التعامل مع تسوية لم نشارك في صياغتها، ومع نظام عالمي بدأ يدير ظهره لنا بفضل فشل دبلوماسي مدوٍّ اسمه بنيامين نتنياهو".

4 قادة انتقلوا من العمل المسلح إلى الفعل السياسي
4 قادة انتقلوا من العمل المسلح إلى الفعل السياسي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

4 قادة انتقلوا من العمل المسلح إلى الفعل السياسي

في زمن الحداثة السائلة -كما يصفه زيغمونت باومان- لا توجد هويات صلبة وثابتة، بل تتغير الشخصيات تبعًا للتجربة والظرف والسياق. السياسي في هذا الإطار ليس كائنًا أيديولوجيًّا جامدًا، بل هو مشروع إنساني يتطور مع الزمن. هذا التحول تجسد في شخصيات مثل جيري آدامز، ونيلسون مانديلا، وعبدالله أوجلان، وأحمد الشرع، الذين انتقلوا من الكفاح المسلح إلى الفعل السياسي. جيري آدامز في علم النفس الأخلاقي، يُعرف مفهوم "نقطة التحول الأخلاقية" (moral turning point) بوصفه لحظة يمرّ بها الإنسان، تدفعه لإعادة تقييم مسيرته، فقد تكون تجربة شخصية مؤلمة، أو لحظة وعي مفاجئة، أو تماسًّا مباشرًا مع معاناة الآخر. جيري آدامز، على سبيل المثال، قاد الكفاح المسلح في أيرلندا الشمالية، لكنه أدرك لاحقًا أن السلام قد يحقق أهدافه القومية أكثر من العنف. كذلك أحمد الشرع، الذي بدأ ضمن بنية فكرية راديكالية، أدرك لاحقًا أن إدارة دولة مثل سوريا تحتاج إلى أدوات وأفكار تتجاوز الأيديولوجيا. قاد عبدالله أوجلان حربًا طويلة ضد الدولة التركية مطالبًا بوطن قومي للأكراد، وكانت الحصيلة أكثر من 40 ألف قتيل. لكن بعد اعتقاله عام 1999 في عملية معقدة في كينيا، تحوّل خطاب أوجلان من القومية المسلحة إلى طرح فلسفي واجتماعي حالة نيلسون مانديلا ورمح الأمة أسس مانديلا مع رفاقه في المؤتمر الوطني الأفريقي جناحًا عسكريًّا تحت اسم "رمح الأمة"، بعد أن أُغلقت السبل السياسية في وجههم. استهدفت الجماعة محطات بريد ومقار حكومية، كانت العمليات رمزية، لكن الرد العنيف من الدولة العنصرية أدى إلى اعتقال مانديلا عام 1963 في مزرعة ليليسليف شمال جوهانسبرغ. أمام المحكمة قال: "لقد كرّست حياتي للنضال من أجل الشعب، وإذا لزم الأمر فأنا مستعد للموت من أجل هذا المبدأ".. بعد 27 عامًا في السجن، خرج مانديلا ليقود بلاده نحو المصالحة، مدركًا أن المستقبل لا يُبنى بالثأر. عبدالله أوجلان من الثورية إلى الفلسفة قاد عبدالله أوجلان حربًا طويلة ضد الدولة التركية مطالبًا بوطن قومي للأكراد، وكانت الحصيلة أكثر من 40 ألف قتيل. لكن بعد اعتقاله عام 1999 في عملية معقدة في كينيا، تحوّل خطاب أوجلان من القومية المسلحة إلى طرح فلسفي واجتماعي، داعيًا إلى "كونفدرالية ديمقراطية" تحترم تنوع الشعوب. في تصريح لاحق له قال: "القوة الحقيقية ليست في البندقية، بل في العقول التي تصنع السلام". وفي مايو/ أيار الماضي، قام حزب العمال الكردستاني بحلّ نفسه وتسليم سلاحه للحكومة التركية، في ظل مفاوضات جارية تنتهي بإدماج الأكراد أكثر في الحياه التركية. أحمد الشرع والوصول إلى الرئاسة بدأ أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) كثائر في العراق وسوريا، وكان على صلة بتنظيم القاعدة، لكنه في عام 2016 أعلن فك ارتباطه بالقاعدة وأسس "هيئة تحرير الشام"، ليصبح بعد سقوط نظام الأسد عام 2024، رئيسًا لسوريا لفترة انتقالية. قال في مقابلة مع "BBC": "نحن لا نحكم بسيف القاعدة، بل نبحث عن طريق لبناء دولة لكل السوريين". هذه التحولات تشير إلى فهمه لضرورة التكيف السياسي في ظل ضغوط دولية وإقليمية. يرى ميشيل فوكو أن السلطة لا تُمارس بالقوة فقط، بل تنتج خطابًا وسلوكًا، وتجعل من الأفراد أدوات لها دون وعي منهم. أما باومان فيطرح أن الإنسان في عصر الحداثة السائلة هو كائن دائم التشكل، يتفاعل مع قوى اجتماعية وسياسية تتغير بسرعة. في هذا السياق، يبدو التحول من العمل المسلح إلى الفعل السياسي ليس خيانة للمبدأ، بل إعادة تعريف له بما يتناسب مع الزمن. التحول في الشخصيات السياسية هو مسار إنساني عميق.. في مواقع السلطة، يرى القادة الوجه العاري للحقيقة، فيخوضون تحولًا وجوديًّا يجعلهم يعيدون تعريف أنفسهم. هذا التحول قد يكون بطيئًا ومؤلمًا، لكنه ضروري إذا أرادوا إحداث تغيير حقيقي ومستدام. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

كيف ستنعكس علاقات الرياض ودمشق على المواطن السوري؟
كيف ستنعكس علاقات الرياض ودمشق على المواطن السوري؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

كيف ستنعكس علاقات الرياض ودمشق على المواطن السوري؟

دمشق- جاءت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى إلى سوريا في سياق تنامي الحراك الدبلوماسي الساعي إلى إعادة دمج سوريا في محيطها العربي، ودعم اقتصادها في أولى مراحل التعافي بعد رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن البلاد. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري أسعد الشيباني أعلن الأمير فيصل بن فرحان أمس السبت أن السعودية ستقدم بالتعاون مع دولة قطر دعما ماليا مشتركا للنهوض بالقطاع العام في سوريا. وأوضح وزير الخارجية السعودي أن وفودا سعودية متخصصة في مجالات الطاقة والزراعة والمعلوماتية ستزور دمشق خلال الفترة المقبلة، بهدف تعزيز فرص التعاون بين البلدين في كافة المجالات. من جهته، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن التعاون الاستثماري مع المملكة من شأنه أن يسهم في خلق فرص العمل في سوريا، مضيفا أن "المملكة مهتمة بتعزيز الشراكة مع سوريا وترسيخ الاستقرار". وشدد الشيباني على أن خيار سوريا هو "السيادة الاقتصادية"، قائلا "قوة شراكتنا مع السعودية تكمن في المصالح المشتركة". تحالف إستراتيجي بدوره، اعتبر المحلل السياسي عبد الكريم العمر زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى سوريا "حدثا تاريخيا"، إذ إنها كللت سلسلة التطورات الإيجابية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة بعد لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بنظيره الأميركي دونالد ترامب وإعلان الأخير رفع بلاده العقوبات عنها، وزيارة المبعوث الأميركي إلى دمشق أخيرا. وأوضح العمر في حديث للجزيرة نت أن للزيارة أهمية بالغة لا تنبع فقط من طابعها الاقتصادي، بل الأمني والسياسي أيضا، مشيرا إلى أن الزيارة خطوة في إطار تحالف إستراتيجي يبنى بين البلدين بعد عقود من القطيعة، معتبرا أن المملكة العربية السعودية "سعيدة بالتغيرات في دمشق". وأكد المحلل السياسي أن البلدين يتجهان إلى بناء علاقات إستراتيجية مستدامة تشمل القطاعات الاقتصادية والسياسية والأمنية، مشيرا إلى أن هذا التحول يندرج في إطار "تشكل محور إقليمي جديد عربي تركي سوري يشكل ركيزة لاستقرار إقليمي أوسع، ويعزز مكانة سوريا كمركز توازن إقليمي في الشرق الأوسط". شراكة وتكامل من جهته، يرى الخبير الاقتصادي فراس شعبو أن الزيارة مؤشر واضح على تحول إستراتيجي في المقاربة السعودية تجاه سوريا يجمع بين البعدين السياسي والاقتصادي، مشيرا إلى أن تصريحات الوزيرين السوري والسعودي اليوم قد ركزت بشكل لافت على مفهوم "الشراكة والتكامل الاقتصادي"، مما يشير إلى توجه إستراتيجي بعيد المدى. وأضاف الخبير في حديث للجزيرة نت أن الزيارة السعودية قد تكون بداية لمسار أكبر من المبادرات الاقتصادية والتنموية في سوريا، وقد تتطور لاحقا إلى مشاركة فعلية في مؤتمرات دولية لإعادة إعمار سوريا، معتبرا أن إعادة الإعمار ملف لا يزال في بداياته، ويحتاج إلى بيئة مناسبة وضغط من الدول الفاعلة للحصول على التمويل من الجهات المانحة. وأكد شعبو أن السعودية بما تملكه من ثقل اقتصادي تمثل بوابة لدخول الاستثمارات الخليجية إلى سوريا، مع ربط الدعم المقدم بإصلاحات هيكلية في الاقتصاد السوري، موضحا أن ذلك سيتم عبر استثمارات مباشرة في مجالات حيوية، مثل البنية التحتية والطرق والمطارات والكهرباء والصناعات الدوائية والغذائية. وأضاف أن قطاع الاتصالات يشكل إحدى أهم فرص الاستثمار في سوريا، خاصة أن الشركات السعودية تمتلك خبرات متقدمة في هذا المجال، وفي مجال إعادة الإعمار والإنشاءات كذلك. ولفت شعبو إلى الدور المحتمل لشركة أرامكو السعودية في تقديم دعم فني يتعلق بقطاع المشتقات النفطية وما يسمى "تأهيل حقول النفط السورية" أو حتى مد سوريا بالطاقة إلى حين تحسّن الوضع الاقتصادي بشكل فعلي في البلاد. بدوره، قال الخبير الاقتصادي السوري أسعد العشي "للسعودية الفضل والأولوية في سوريا بعد الجهود التي بذلتها في رفع العقوبات، ومساهمتها مع دولة قطر بسداد متأخرات سوريا لدى البنك الدولي، وإطلاقها جسرا جويا وبريا تزامنا مع سقوط النظام لإيصال المساعدات الإنسانية والإسعافية، الأمر الذي يجعل الشراكة السورية السعودية متينة وعميقة ومستمرة بالتطور". ولفت العشي في حديث للجزيرة نت إلى أهمية التعاون بين السعودية وقطر في دعم الاقتصاد السوري، مشيرا إلى أن مساهمة الدولتين في تمويل رواتب القطاع العام في سوريا تعكس التزاما واضحا بدعم الاستقرار الاقتصادي والإداري في البلاد. وقال الخبير إن يونيو/حزيران الجاري سيشهد زيارات متتالية لوفود اقتصادية سعودية إلى دمشق، في إطار تعزيز مجالات التعاون الثنائي ودفع عجلة الاستثمار في قطاعات متنوعة، وهو ما سينعكس مباشرة على حياة السوريين من خلال توفير فرص عمل وتحسين الأوضاع المعيشية. فرص وتسهيلات بدوره، توقع الخبير الاقتصادي فراس شعبو أن تنعكس الشراكة مع السعودية بشكل مباشر على حياة المواطن السوري من خلال تحسين الخدمات الأساسية واستحداث فرص عمل وضخ رؤوس أموال في البلاد، إضافة إلى كسر العزلة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات لا يزال محدودا وثمة حاجة إلى تحفيز أكبر. ولم يستبعد الخبير أن تترافق هذه الخطوات مع تسهيلات متوقعة للعمالة السورية في السعودية خلال الفترة المقبلة بعد سنوات من القيود، مما سيتيح تدفق تحويلات مالية منتظمة إلى الداخل السوري، وينشط النظام المصرفي في حال استئناف الربط مع نظام "سويفت" الدولي، وهو ما قد يسهم في خفض معدلات البطالة. وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية فإن شعبو حذر من وجود تحديات كبيرة قد تعيق هذه الاستثمارات، أبرزها ضعف البيئة الاستثمارية وانتشار الفساد، إلى جانب تدهور البنية التحتية، لكنه أشار إلى أن الزيارة السعودية تشكل "تطورا اقتصاديا إستراتيجيا" ومقدمة محتملة لتحسين الأوضاع الاقتصادية. واعتبر أن زيارة الرئيس السوري إلى الكويت إشارة إضافية إلى انفتاح خليجي واسع على دمشق، مما يعزز فرص العودة التدريجية لسوريا إلى الحاضنة العربية عبر مسار اقتصادي سياسي متكامل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store