
من سعد آباد إلى مسقط: محطات استضافة مفاوضات إيران النووية
منذ ثمانينيات القرن الماضي، ظلّ البرنامج النووي لجمهورية إيران الإسلامية محوراً رئيسياً في علاقاتها الخارجية، اتسم غالباً بالتوتر والقلق الدولي.
ومنذ الكشف عن منشآت نطنز وآراك في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وحتى تصعيد العقوبات الدولية، تحوّل الملف النووي الإيراني تدريجياً إلى قضية محورية في دبلوماسيتها. وبينما بدأت المفاوضات الرسمية مع ثلاث دول أوروبية عام 2003، فإن جذور التوتر النووي والتدقيق تعود إلى ما هو أبعد من ذلك.
عقد الوفدان الإيراني والأمريكي جولة خامسة من المفاوضات في روما الأسبوع الماضي. ورغم ظهور بوادر تقدم محدود، إلا أن هناك العديد من نقاط الخلاف التي يصعب تجاوزها، لا سيما مسألة تخصيب اليورانيوم الإيراني.
فيما يلي، نلقي نظرةً على المدن الرئيسية التي استضافت هذه المفاوضات النووية على مدى العقدين الماضيين، حيث لعبت كل منها دوراً فريداً في المشهد المتطور للدبلوماسية النووية.
طهران: بداية المحادثات الرسمية (2003)
في عام 2003، زار وزراء خارجية المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، طهران، ووقعوا ما عُرف لاحقاً بإعلان سعد آباد مع المسؤولين الإيرانيين.
في ذلك الوقت، علّقت إيران طواعيةً تخصيب اليورانيوم، بينما تعهّدت الأطراف الأوروبية بعدم إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي.
خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد، استضافت طهران أيضاً مبادرة دبلوماسية مشتركة ضمّت إيران والبرازيل وتركيا. وأفضى هذا الجهد إلى اتفاق محدود لم يُخفّف العقوبات الدولية في نهاية المطاف.
بروكسل: تعليق تصنيع أجهزة الطرد المركزي (2004)
عُقدت هذه الجولة من المحادثات في مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
كانت نتيجتها الرئيسية اتفاقاً على وقف تصنيع واختبار أجهزة الطرد المركزي المتطورة.
باريس: وقف أنشطة البلوتونيوم (2004)
في اتفاق بين إيران والدول الأوروبية الثلاث، وافقت إيران على تعليق الأنشطة المتعلقة بفصل البلوتونيوم.
في المقابل، تعهد الاتحاد الأوروبي بدعم انضمام إيران إلى منظمة التجارة العالمية.
جنيف: اتفاق مؤقت لتخفيف العقوبات (2013)
في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، توصلت إيران ودول مجموعة 5+1 إلى اتفاق مؤقت أوقفت بموجبه إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، وأُفرج عن بعض أصولها المجمدة.
شكل هذا الاتفاق خطوةً نحو الاتفاق النووي النهائي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
بون: التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (2005)
في الأشهر الأخيرة من رئاسة محمد خاتمي، استضافت مدينة بون الألمانية محادثات ركزت على معالجة مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الأنشطة النووية الإيرانية المشتبه بها.
لندن: إعلان نهاية المحادثات (2005)
في الجولة الأخيرة من المفاوضات في عهد الرئيس خاتمي، استضافت لندن محادثات أعلنت خلالها إيران عزمها استئناف تخصيب اليورانيوم.
شكّل هذا الموقف بداية مرحلة جديدة من المواجهة مع الغرب.
مدريد ولشبونة: جولات عقيمة
استضافت عاصمتا إسبانيا والبرتغال جولات من المحادثات في مراحل مختلفة، إلا أن هذه الاجتماعات اختتمت دون أي نتائج ملموسة أو اتفاقات نهائية.
إسطنبول: محاولات فاشلة (2011 و2012)
على الرغم من جولات المفاوضات المتعددة بين إيران ومجموعة 5+1، فشلت محادثات إسطنبول في تحقيق نتائج بسبب الخلافات العميقة حول تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات.
بغداد: التركيز على التخصيب بنسبة 20 في المئة (2012)
وسط التوترات الإقليمية، استضافت بغداد مفاوضات ركزت على أنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية بنسبة 20 في المئة والمخاوف الدولية ذات الصلة. ثم نُقلت المحادثات إلى موسكو.
موسكو: دعوة لإغلاق فوردو (2012)
خلال المحادثات في موسكو، طالب مفاوضو مجموعة 5+1 بإغلاق منشأة فوردو الإيرانية لتخصيب اليورانيوم ووقف تخصيبها بنسبة 20 في المئة. مع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق.
ألماتي: اقتراح لتخفيف العقوبات (2013)
في ألماتي، كازاخستان، عرضت مجموعة 5+1 تخفيضاً للعقوبات مقابل وقف إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة.
اعتبرت إيران العرض غير كافٍ، وانتهت المفاوضات دون نتائج.
مسقط: من المحادثات السرية إلى المفاوضات الرسمية (2013-2014)
قبل الاتفاق النهائي، استضافت عُمان، بوساطة السلطان قابوس، مفاوضات سرية بين إيران والولايات المتحدة.
مهّدَت هذه الاجتماعات الطريق لمحادثات رسمية بين إيران ومجموعة 5+1.
نيويورك: اجتماع تاريخي لوزراء الخارجية (2013)
على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى وزير الخارجية الإيراني آنذاك، محمد جواد ظريف، ووزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، علناً لأول مرة منذ ثورة 1979.
لوزان: الإطار السياسي قبل خطة العمل الشاملة المشتركة (2015)
في آذار/مارس 2015، توصلت إيران ومجموعة 5+1 إلى تفاهم سياسي في لوزان حول الشروط الأساسية للاتفاق النهائي.
شكّل هذا التفاهم الأساس القانوني والفني لخطة العمل الشاملة المشتركة.
فيينا: محادثات توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة وإحيائها (2015-2022)
في تموز/يوليو 2015، وُقّع الاتفاق النووي الشامل المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا.
بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018، بُذلت معظم الجهود لإحياء الاتفاق في هذه المدينة أيضاً.
الدوحة: المفاوضات غير المباشرة (2022-2023)
خلال فترة انقطاع المحادثات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، تولّت قطر دور الوسيط، حيث نقل ممثلو الاتحاد الأوروبي المقترحات بين الجانبين.
هل تؤثر المدينة المضيّفة على نتائج المحادثات النووية؟
يكشف استعراض المدن التي استضافت المفاوضات النووية الإيرانية على مدى العقدين الماضيين عن رحلة دبلوماسية اتسمت بالاختراقات والتعثرات والحوارات المبدئية.
تمثل كل مدينة مرحلة مميزة في علاقة إيران المعقّدة بالقوى العالمية - من طهران إلى مسقط، إذ أسفر بعضها عن اتفاقات مؤقتة، بينما انتهى بعضها الآخر إلى طريق مسدود، واكتفى بعضها الآخر بإبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة.
وفي حين لعبت المدن المضيفة دوراً في تشكيل مسار المحادثات وإطارها، إلا أن النتائج النهائية اعتمدت إلى حد كبير على الديناميكيات الجيوسياسية والإرادة السياسية للأطراف المعنية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
ثلاث دول عربية تبلغ ترامب بمعارضتها لضرب إيران
شفق نيوز/ أفاد موقع "أكسيوس" الأمريكي، بأن قادة السعودية وقطر والإمارات عارضوا جمعيا توجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية خلال جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشرق أوسطية، وشجعوه على التوصل إلى اتفاق نووي جديد. ونقل الموقع الأمريكي، عن مصادر مطلعة على المحادثات، قولها إن القادة الخليجيون شددوا على ضرورة مواصلة الجهود للتوصّل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران، باعتباره السبيل الأنسب لتفادي التصعيد الإقليمي. وفي السياق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أنه حذر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من ضرب إيران، معتبرا أن الأمر لن يكون "ملائما" في غمرة المباحثات مع طهران حول برنامجها النووي. وقال ترامب للصحفيين "أود أن أكون صادقا، نعم فعلت"، وذلك حين سئل عما إذا كان طلب من نتنياهو خلال مكالمة الأسبوع الماضي الإحجام عن القيام بعمل عسكري. وأضاف: "قلت إنه لن يكون ملائما في الوقت الراهن"، واصفا المحادثات الدقيقة الجارية بأنها "جيدة جدا". وتابع "أبلغته أن هذا لن يكون مناسبا الآن لأننا قريبون جدا من الحل. أعتقد أنهم يريدون إبرام صفقة، وإذا تمكنا من إبرام صفقة، فسننقذ أرواحا كثيرة". وأجرت إيران والولايات المتحدة جولة خامسة من المفاوضات في روما الجمعة، من دون الإعلان عن إحراز تقدم يُذكر، غير أنّهما أكدتا الاستعداد لإجراء محادثات جديدة، من دون أن يتم تحديد موعد لذلك. ويشكّل تخصيب اليورانيوم موضوع الخلاف الرئيسي.


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
عراقجي يرهن الاتفاق النووي مع أمريكا بشرطين
شفق نيوز/ اشترط وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يوم الخميس، الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية بإلغاء جميع العقوبات وضمان حق التخصيب. وقال عراقجي في تصريحات نقلتها وسائل إعلامية: "ما زالت وسائل الإعلام تواصل التكهن بشأن اتفاق وشيك بين إيران وأمريكا. لست متأكدا أننا بلغنا عتبة هذه المرحلة بالفعل". وأضاف: "إيران تسعى بصدق إلى حل دبلوماسي يضمن مصالح جميع الأطراف، لكن ذلك يتطلب اتفاقا يُلغي جميع العقوبات ويضمن الحقوق النووية لإيران، بما في ذلك التخصيب". ونفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في وقت سابق تقريراً لوكالة "رويترز" حول احتمال أن تعلق طهران تخصيب اليورانيوم لمدة عام مؤكداً أن استمرار التخصيب في إيران هو "مبدأ لا جدال فيه". ووصف الادعاء بأنه "نوع من الفبركات الإعلامية نفسها التي تم رفضها مرارا وإثبات زيفها سابقا". كما أكد بقائي، أن "التكهنات المتداولة بشأن أبعاد محتملة لأي اتفاق نووي ليست سوى اجتهادات إعلامية تُنشر بدوافع ونوايا مختلفة ولا صحة لأي منها".


شفق نيوز
منذ 14 ساعات
- شفق نيوز
تعليق اتفاقية وحظر تصدير.. إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي لموقف ضد إسرائيل
شفق نيوز/ وجه رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، يوم الخميس، رسالة إلى دول الاتحاد الأوروبي دعاهم فيها إلى تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل وفرض حظر شامل على تصدير الأسلحة إليها، ضمن الضغط على تل أبيب لوقف عدوانها في غزة. جاء ذلك خلال قمة أوروبية-عربية في مدريد، حيث أكدت إسبانيا أن استمرار الدعم العسكري لإسرائيل يزيد من الكارثة الإنسانية في غزة، وطالبت بفتح ممرات إنسانية دون قيود. كما شدد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، على ضرورة ضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل كامل، واعتبر أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة ضرورية لتحقيق السلام. وأشار إلى أن بلاده تدرس فرض عقوبات على إسرائيل، بما في ذلك تعليق اتفاقية الشراكة التي تمنح إسرائيل امتيازات تجارية كبيرة مع الاتحاد الأوروبي، والتي تبلغ قيمتها نحو 47 مليار يورو سنويا. هذه الدعوات الإسبانية تأتي في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لسياسات إسرائيل في غزة، مع انضمام دول أوروبية أخرى مثل هولندا وفرنسا إلى المطالبات بمراجعة العلاقات الاقتصادية والسياسية مع إسرائيل، وفرض عقوبات في حال استمرار العدوان. وعشية المؤتمر، دعت كل من إسبانيا، أيرلندا، سلوفينيا، والنرويج، في بيان مشترك، إلى قبول فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة. وأكدت هذه الدول أن الاعتراف بدولة فلسطين هو خطوة ضرورية لتنفيذ حل الدولتين، وأن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتصلة جغرافيا ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هي السبيل لتحقيق السلام والأمن لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.