
المنشآت النووية الإيرانية تحت القصف.. صور الأقمار الاصطناعية تكشف الأضرار
أظهرت صور أقمار اصطناعية حديثة أن الهجمات الجوية الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية تسببت بأضرار محدودة، رغم استمرار القصف منذ أكثر من أسبوع، ما يعكس تحديات العمليات العسكرية في استهداف بنى تحتية شديدة التحصين، وسط تصاعد وتيرة الحرب بين إيران وإسرائيل منذ 13 يونيو الجاري.
الصور، التي قدمتها شركة Planet Labs الأميركية ونشرتها وكالة 'بلومبرغ'، كشفت أن المنشآت النووية لم تُصب بأضرار تذكر إلا بعد أربعة أيام من بدء الغارات، ما دفع خبراء إلى تقدير أن أعمال الإصلاح قد تستغرق عدة أشهر، دون التأثير المباشر على القدرات الأساسية لمنشآت التخصيب.
وبحسب صور التُقطت في 17 يونيو، تركز الضرر في منشأة نطنز النووية – الواقعة على بعد نحو 300 كيلومتر جنوب طهران – على ساحات التبديل والمحولات الكهربائية، بينما بقيت قاعات التخصيب المحصنة تحت الأرض، والتي تتمتع بحماية تصل إلى 40 متراً من الخرسانة والفولاذ، دون ضرر يُذكر.
وتعتمد هذه القاعات على أجهزة طرد مركزي تحتاج إلى تغذية كهربائية مستقرة. وتكررت أوجه الضرر المشابهة في حادثة تخريب سابقة عام 2021، تمكنت إيران من إصلاح آثارها خلال أشهر قليلة.
وفي مجمع أصفهان للأبحاث النووية، رصدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أضراراً طالت المختبر الكيميائي المركزي ومحطات تصنيع وقود المفاعلات وتحويل اليورانيوم، وفقاً لتقرير صدر الخميس. لكن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن تأثير الغارات الإسرائيلية كان أقل بكثير مما أُعلن عنه.
يُذكر أن مجمع أصفهان، الذي يقع على بعد 450 كيلومتراً جنوب العاصمة، يضم سبع منشآت تُعد مركز العمليات الكيميائية الحيوية للبرنامج النووي الإيراني، وتتم فيه معالجة خام اليورانيوم إلى مواد قابلة للتخصيب.
أما منشأة فوردو النووية، المقامة تحت جبل على عمق يصل إلى 100 متر، بقيت الهدف الأكثر تعقيداً بالنسبة للمخططين العسكريين، نظراً لتحصينها الشديد. ورغم استهداف محيطها، كشفت الصور أن الغارات الجوية ركزت على مناطق يُعتقد أنها تضم مقار لكبار المسؤولين وليس قلب منشأة التخصيب.
وقال المفتش الدولي السابق روبرت كيلي إن إسرائيل لا تمتلك الذخائر الكافية لاختراق هذا النوع من المنشآت، مشيراً إلى أن تدمير فوردو يتطلب استخدام قنابل خارقة للتحصينات من نوع GBU-57، التي لا تملكها سوى الولايات المتحدة، وهو ما يطرح احتمال انخراط أميركي مباشر إذا تصاعد الصراع.
بدورها، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها فقدت الاتصال بموقع تخزين مخزون اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني، والذي يُقدر بـ409 كيلوجرامات، أي ما يعادل وقوداً لصناعة نحو 10 قنابل نووية، بعد تعليق عمليات التفتيش نتيجة الهجمات العسكرية الإسرائيلية.
وأشارت الوكالة إلى أن طهران أبلغت دبلوماسيين، في مايو الماضي، بنيتها اتخاذ 'تدابير خاصة' لحماية مخزونها في حال وقوع هجوم، لكنها لم تفصح عن طبيعة تلك التدابير أو موقع المخزون الجديد.
وقال المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، هذا الأسبوع إن 'الحرب عطلت جميع آليات الرقابة، ولا توجد حالياً زيارات تفتيش أو مراقبة داخل المنشآت النووية الإيرانية'، مؤكداً أن الوكالة اضطرت إلى إعادة تقييم معلوماتها بناءً على صور الأقمار الاصطناعية فقط.
إسرائيل تعلن تأخير البرنامج النووي الإيراني '3 سنوات على الأقل'.. وطهران ترفض وقف التخصيب
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن الضربات التي نفذتها بلاده ضد منشآت نووية وعسكرية في إيران أدت إلى تأخير 'البرنامج النووي الإيراني لمدة لا تقل عن سنتين أو ثلاث'، في تصريح مثير تزامن مع تصعيد عسكري غير مسبوق بين الطرفين.
وفي مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية نُشرت السبت، أكد ساعر أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت مئات المنشآت الإيرانية وقتلت عدداً من كبار القادة والعلماء النوويين، واصفاً النتائج بأنها 'كبيرة جداً'.
وأوضح الوزير الإسرائيلي أن 'العمليات طالت الأشخاص الذين يقودون تسليح البرنامج النووي، وهو أمر بالغ الأهمية'، مضيفاً أن إسرائيل 'حققت الكثير حتى الآن، لكنها ستواصل عملياتها إلى أن يتم إزالة التهديد الإيراني'.
في المقابل، نفى ساعر وجود نية لتغيير النظام في إيران، قائلاً: 'حتى الآن على الأقل، هذا ليس هدفنا'.
وفي خضم تصاعد التوتر، قالت المتحدثة باسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الرئيس سيحسم قراره خلال أسبوعين بشأن مشاركة الولايات المتحدة في الهجمات ضد إيران، وسط استمرار الغارات الإسرائيلية على مواقع حساسة في العمق الإيراني.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عين ليبيا
منذ 13 ساعات
- عين ليبيا
المنشآت النووية الإيرانية تحت القصف.. صور الأقمار الاصطناعية تكشف الأضرار
أظهرت صور أقمار اصطناعية حديثة أن الهجمات الجوية الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية تسببت بأضرار محدودة، رغم استمرار القصف منذ أكثر من أسبوع، ما يعكس تحديات العمليات العسكرية في استهداف بنى تحتية شديدة التحصين، وسط تصاعد وتيرة الحرب بين إيران وإسرائيل منذ 13 يونيو الجاري. الصور، التي قدمتها شركة Planet Labs الأميركية ونشرتها وكالة 'بلومبرغ'، كشفت أن المنشآت النووية لم تُصب بأضرار تذكر إلا بعد أربعة أيام من بدء الغارات، ما دفع خبراء إلى تقدير أن أعمال الإصلاح قد تستغرق عدة أشهر، دون التأثير المباشر على القدرات الأساسية لمنشآت التخصيب. وبحسب صور التُقطت في 17 يونيو، تركز الضرر في منشأة نطنز النووية – الواقعة على بعد نحو 300 كيلومتر جنوب طهران – على ساحات التبديل والمحولات الكهربائية، بينما بقيت قاعات التخصيب المحصنة تحت الأرض، والتي تتمتع بحماية تصل إلى 40 متراً من الخرسانة والفولاذ، دون ضرر يُذكر. وتعتمد هذه القاعات على أجهزة طرد مركزي تحتاج إلى تغذية كهربائية مستقرة. وتكررت أوجه الضرر المشابهة في حادثة تخريب سابقة عام 2021، تمكنت إيران من إصلاح آثارها خلال أشهر قليلة. وفي مجمع أصفهان للأبحاث النووية، رصدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أضراراً طالت المختبر الكيميائي المركزي ومحطات تصنيع وقود المفاعلات وتحويل اليورانيوم، وفقاً لتقرير صدر الخميس. لكن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن تأثير الغارات الإسرائيلية كان أقل بكثير مما أُعلن عنه. يُذكر أن مجمع أصفهان، الذي يقع على بعد 450 كيلومتراً جنوب العاصمة، يضم سبع منشآت تُعد مركز العمليات الكيميائية الحيوية للبرنامج النووي الإيراني، وتتم فيه معالجة خام اليورانيوم إلى مواد قابلة للتخصيب. أما منشأة فوردو النووية، المقامة تحت جبل على عمق يصل إلى 100 متر، بقيت الهدف الأكثر تعقيداً بالنسبة للمخططين العسكريين، نظراً لتحصينها الشديد. ورغم استهداف محيطها، كشفت الصور أن الغارات الجوية ركزت على مناطق يُعتقد أنها تضم مقار لكبار المسؤولين وليس قلب منشأة التخصيب. وقال المفتش الدولي السابق روبرت كيلي إن إسرائيل لا تمتلك الذخائر الكافية لاختراق هذا النوع من المنشآت، مشيراً إلى أن تدمير فوردو يتطلب استخدام قنابل خارقة للتحصينات من نوع GBU-57، التي لا تملكها سوى الولايات المتحدة، وهو ما يطرح احتمال انخراط أميركي مباشر إذا تصاعد الصراع. بدورها، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها فقدت الاتصال بموقع تخزين مخزون اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني، والذي يُقدر بـ409 كيلوجرامات، أي ما يعادل وقوداً لصناعة نحو 10 قنابل نووية، بعد تعليق عمليات التفتيش نتيجة الهجمات العسكرية الإسرائيلية. وأشارت الوكالة إلى أن طهران أبلغت دبلوماسيين، في مايو الماضي، بنيتها اتخاذ 'تدابير خاصة' لحماية مخزونها في حال وقوع هجوم، لكنها لم تفصح عن طبيعة تلك التدابير أو موقع المخزون الجديد. وقال المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، هذا الأسبوع إن 'الحرب عطلت جميع آليات الرقابة، ولا توجد حالياً زيارات تفتيش أو مراقبة داخل المنشآت النووية الإيرانية'، مؤكداً أن الوكالة اضطرت إلى إعادة تقييم معلوماتها بناءً على صور الأقمار الاصطناعية فقط. إسرائيل تعلن تأخير البرنامج النووي الإيراني '3 سنوات على الأقل'.. وطهران ترفض وقف التخصيب وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن الضربات التي نفذتها بلاده ضد منشآت نووية وعسكرية في إيران أدت إلى تأخير 'البرنامج النووي الإيراني لمدة لا تقل عن سنتين أو ثلاث'، في تصريح مثير تزامن مع تصعيد عسكري غير مسبوق بين الطرفين. وفي مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية نُشرت السبت، أكد ساعر أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت مئات المنشآت الإيرانية وقتلت عدداً من كبار القادة والعلماء النوويين، واصفاً النتائج بأنها 'كبيرة جداً'. وأوضح الوزير الإسرائيلي أن 'العمليات طالت الأشخاص الذين يقودون تسليح البرنامج النووي، وهو أمر بالغ الأهمية'، مضيفاً أن إسرائيل 'حققت الكثير حتى الآن، لكنها ستواصل عملياتها إلى أن يتم إزالة التهديد الإيراني'. في المقابل، نفى ساعر وجود نية لتغيير النظام في إيران، قائلاً: 'حتى الآن على الأقل، هذا ليس هدفنا'. وفي خضم تصاعد التوتر، قالت المتحدثة باسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الرئيس سيحسم قراره خلال أسبوعين بشأن مشاركة الولايات المتحدة في الهجمات ضد إيران، وسط استمرار الغارات الإسرائيلية على مواقع حساسة في العمق الإيراني.


عين ليبيا
منذ 2 أيام
- عين ليبيا
قنابل خارقة للتحصينات.. أمريكا تلوّح بالخيار العسكري ضد فوردو
في خضم التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، تبرز قنابل GBU-57 الأميركية كأحد أبرز الأسلحة القادرة على قلب موازين المواجهة المحتملة، خصوصاً مع تعويل تل أبيب على دعم واشنطن في توجيه ضربات دقيقة للمفاعلات النووية الإيرانية، وفي مقدمتها منشأة 'فوردو' شديدة التحصين. المنصة الحاملة: طائرة B-2 الشبحية طائرة B-2 Spirit، القاذفة الاستراتيجية الأميركية الشبحية، هي الوحيدة القادرة حالياً على حمل قنابل GBU-57. دخلت الخدمة عام 1997، وتتميّز بقدرتها على التسلل إلى أجواء معادية دون أن ترصدها أنظمة الدفاع الجوي، بفضل تصميمها الشبحي وتقنياتها المتقدمة. تحمل الطائرة قنبلتين فقط من هذا الطراز نظراً لضخامتهما، وتقدر تكلفة الواحدة من هذه الطائرات بأكثر من ملياري دولار. ما هي قنابل GBU-57؟ تُعرف أيضاً باسم Massive Ordnance Penetrator (MOP)، وهي مصممة خصيصاً لاختراق التحصينات الأرضية العميقة مثل تلك التي تحمي منشآت إيران النووية تحت الجبال. الوزن: أكثر من 13,600 كيلوغرام الطول: يتجاوز 6 أمتار الحمولة المتفجرة: 2,400 كيلوغرام من المواد شديدة التدمير غلاف خارجي: فولاذي فائق الصلابة مع مقدمة مخروطة لاختراق الصخور والخرسانة التوجيه: عبر نظام GPS عالي الدقة مزود بنظام تصحيح مسار أثناء السقوط القدرة الاختراقية: تصل إلى 60 متراً من الخرسانة أو الصخور الصلبة آلية التفجير: صمام تأخير ذكي يسمح بالانفجار داخل الهدف بعد اختراقه الهدف المحتمل: منشأة فوردو منشأة فوردو النووية، التي تقع داخل جبل جنوب طهران، تعتبر من أكثر المواقع تحصيناً في إيران، ومحصنة على عمق يزيد عن 80 متراً، ما يجعل تدميرها تحدياً عسكرياً كبيراً. لكن قدرات GBU-57 تجعلها – نظرياً – السلاح الأمثل لمثل هذه المهمة، خصوصاً في ظل غياب خيارات أخرى يمكنها اختراق هذا العمق. رسائل متعددة الأبعاد امتلاك الولايات المتحدة لهذا النوع من القنابل، إلى جانب قدرة إسرائيل على التنسيق مع واشنطن، يعزز من جدية التهديدات الموجهة للبرنامج النووي الإيراني إذا فشلت المساعي الدبلوماسية. كما يعكس استمرار التحديث في الترسانة الأميركية لمواجهة سيناريوهات الحرب تحت الأرض، في ظل تطور التكتيكات الإيرانية لتحصين منشآتها الحيوية. وتمثل قنابل GBU-57 تمثل ذروة التقنية العسكرية الأميركية في مجال اختراق التحصينات، وقد تتحول من مجرد 'ورقة ردع' إلى أداة تنفيذ في حال اندلاع مواجهة مفتوحة، ما يعكس خطورة المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط.


الوسط
منذ 3 أيام
- الوسط
ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟
Getty Images صورة لاختبار نووي للبحرية الأميركية يعمّ القلق منطقة الشرق الأوسط من احتمال وقوع كارثة نووية، ويمكن استشعار ذلك في السيل الكبير من البيانات والتصريحات الهادفة إلى طمأنة الناس، خاصة في دول الخليج. المملكة العربية السعودية "آمنة من أي عواقب إشعاعية" وفقاً لتغريدة على صفحة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية. وتشهد الصفحة تفاعلاً غير عادي منذ يوم الجمعة الماضي، حين بدأت تصدر التغريدات المتعلقة بمخاطر الإشعاع الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي على إيران. الهيئة تعمل "على استقراء استبقائي لتداعيات الطوارئ النووية المحتملة على المملكة، واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية الإنسان والبيئة من الآثار الإشعاعية". أما في الكويت، فأكد مسؤول في الحرس الوطني، يوم الأحد، أن الحرس يراقب الحالة الإشعاعية والكيميائية على مدار الساعة، وأنها "طبيعية ومستقرة". وشدد المسؤول في مقابلة مع التلفزيون الكويتي أن الحرس يملك قدرات متقدمة قادرة على كشف الإشعاعات والعوامل الكيميائية في المياه والهواء. وفي قطر، أفادت وزارة البيئة أن مستويات الإشعاع في البلاد لا تزال ضمن المعدلات الطبيعية، مطمئنة الناس بأنها تتابع الموضوع بدقة وعلى مدار الساعة. كما قالت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي إنه تم تفعيل مركز مجلس التعاون لدول الخليج العربية لإدارة حالات الطوارئ جزئياً ضمن إجراءات الاستجابة الإقليمية، وذلك كإجراء احترازي. لكن القلق مستمر. "بالله خففوا تغريدات بديت أتوتر من كثر ما تطلع لي تغريداتكم، الله يحفظ بلدنا من كل شر"، قال أحدهم في تعليق على تغريدات هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية. وهي فكرة كررها متفاعلون كثر مع صفحة الهيئة. السلطات في كل هذه الدول الخليجية في وضع لا تحسد عليه، فلا كثرة التطمينات ولا قلتها كفيلة بوأد المخاوف العميقة التي يثيرها احتمال حدوث كارثة نووية. لكن ماذا يقول العلماء والخبراء عن حجم المخاطر ومداها، لا سيما في دول الخليج؟ وما هي الإجراءات التي يُمكن أن تتخذ للتعامل معها؟ Reuters في عام 2006، بدأت إيران بتشغيل منشأة لمعالجة اليورانيوم في مدينة أصفهان. ما أسوأ السيناريوهات المحتملة؟ يميّز العلماء بين المخاطر الناجمة عن استهداف منشآت تخصيب اليورانيوم – كما حدث في منشأة نطنز مثلا - وتلك الناجمة عن مخاطر استهداف مفاعلات نووية. الأولى ليست بسيطة، لكن الأخيرة هي التي قد تنذر بكارثة نووية حقيقية. في المفاعلات النووية وخلال التفاعل النووي، تنشطر ذرات اليورانيوم وينتج عن ذلك نظائر مشعة – وهي مواد أكثر إشعاعاً من اليورانيوم الموجود في منشآت التخصيب، حيث لا يحدث التفاعل النووي. لذلك يرجح العلماء الذين تحدثت إليهم بي بي سي أن تكون المخاطر الناجمة عن قصف منشآت التخصيب أقل بكثير من تلك الناتجة عن احتمال قصف المفاعلات. ويقولون إن أخطر ما قد يحدث من حيث الإشعاع المؤذي للناس، هو هجوم على مفاعل نووي كمفاعل بوشهر في إيران أو المفاعل الإسرائيلي في ديمونا. يذكر أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، قد قال يوم الإثنين إن هناك تلوثاً إشعاعياً وكيميائياً في موقع منشأة نطنز للتخصيب التي قصفتها إسرائيل، لكن مستويات الإشعاع خارج الموقع لا تزال طبيعية، وكذلك الأمر بالنسبة للمنشآت الأخرى التي قصفت حتى الآن. ما المناطق والدول التي قد تتضرر في حال وقوع الكارثة؟ هذا هو السؤال الأصعب، لأنه يعتمد على عامل لا يمكن التنبؤ به، وهو حال الطقس في ذلك اليوم، وتحديداً سرعة واتجاه الرياح والمطر. فحين تنتشر الجزئيات المشعة في الأجواء نتيجة هجوم أو انفجار في مفاعل نووي، تحمل الرياح هذه الجزئيات وتصبح بمثابة غيمة من الإشعاع، وإذا تساقطت الأمطار، يسقط معها الإشعاع من الغيمة إلى الأرض في مكان سقوط المطر. يذكر أنه بعد كارثة تشيرنوبل في أوكرانيا عام 1986 – حين كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق– وصلت غيمة إشعاع إلى بريطانيا، ولو أن أضرارها البيئية كانت طفيفة، في حين وصل غيم يحمل إشعاعا مركزا أكثر خطورة إلى منطقة تبعد مئة كيلومتر عن موقع الحادث. ومع ذلك، يشدد البعض على أن الحوادث النووية التي تشكل خطراً على الناس خارج الموقع النووي نادرة. يقول جيم سميث، البروفيسور في علم البيئة في جامعة بورتسموث والذي تخصص في دراسة آثار حادثة تشيرنوبل، إنه "من النادر للغاية أن يكون هناك حادث كبير بما فيه الكفاية ليشكل خطرا كبيرا على الناس خارج الموقع. فقط في حالات كحالة تشيرنوبل، وحادث فوكوشيما في اليابان عام 2011، كان هناك خطر فعلي على الناس خارج الموقع النووي. وحتى في تلك الحالتين، لم يزد الخطر بشكل كبير. هو خطر، نعم، لكنه صغير مقارنة بالمخاطر التي نواجهها في حياتنا." مخاطر خاصة بدول الخليج منذ أربع سنوات نشرت مجلة "العلم والأمن العالمي" العلمية دراسة مبنية على آلاف عمليات المحاكاة لما قد يحدث لمدن رئيسية في منطقة الخليج في حال وقوع حريق في برك الوقود النووي المستهلك في محطة بوشهر في إيران أو في محطة براكة في الإمارات العربية المتحدة. وفقا للمشرفين على الدراسة، فإن أي حادث نووي في منطقة الخليج قد تكون له آثار تضاف إلى الآثار المتوقعة لأي حادث نووي في أي منطقة في العالم، بسبب ثلاثة عوامل: أولاً، كثافة السكان في مدن ساحلية، ما قد يعقّد جهود نقل الناس في حال وقوع أي كارثة. ثانياً، اعتماد دول الخليج بشكل كبير على مياه البحر المحلاة، ما قد يسبب أزمة مياه لكل سكان المنطقة، خاصة أن البحر هناك شبه مغلق، ودورة المياه فيه تحتاج إلى ما بين سنتين وخمس سنوات لتكتمل. ومع أن بعض معامل التحلية يمكنها التعامل مع هذا التلوث، غير أنها قد تضطر لوقف العمل لفترة معينة في حال وقوع الحادث. أما العامل الثالث، فهو تركز النشاط الاقتصادي - تحديدا إنتاج ونقل النفط والغاز – في مناطق الساحل وفي مياه الخليج. وقد يؤدي حادث نووي في المنطقة إلى تعطيل مرور السفن في مضيق هرمز، ما قد تكون له آثار كبيرة على هذه الدول. "لا تقلقوا" يقول الخبراء إن التوجيهات المتبعة في حال وقوع كارثة نووية متعارف عليها، وهي عادة تتمثل بتوجيه الناس ليبقوا داخل المنازل وليغلقوا النوافذ والأبواب، وألا يشربوا المياه من مصادر مكشوفة ولا يتناولوا الخضار والفاكهة التي قد تكون تعرّضت للإشعاع. وقد يلجأ البعض إلى تخزين المواد الغذائية من باب الاحتياط. لكن كل الإجراءات، وكذلك كل التنبيهات والتطمينات، لا يمكنها محو حالة القلق، التي قد تصبح هي نفسها خطراً إضافياً يُضاف إلى المخاطر المحيطة بنا. يقول جيم سميث: "نصيحتي بشكل عام للناس ألا يقلقوا كثيرا. فنحن شاهدنا بعد تشيرنوبل أن القلق الموجود لدى الناس من الإشعاع – وهو مفهوم طبعا – قد يتسبب بمشاكل أكثر من الإشعاع نفسه. إذا قيل لكم أن تحتموا، فاصغوا إلى ما تقوله السلطات، ولا تقلقوا بشكل عام." هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية نشرت تغريدة شبيهة بما قاله سميث: "تؤثر الصور الذهنية الدارجة عند أغلب الجمهور على القدرة على التقييم الصحيح للمخاطر، وتعتبر من أكبر التحديات في مواجهة الطوارئ النووية والإشعاعية. ومن المهم الالتزام بالبيانات والتصريحات الرسمية وتجنب تداول هذه الصور الذهنية." أما الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد فضلت التعبير عن مخاوفها بشكل لا يقبل التأويل، في أول بيان لمديرها العام، رافاييل غروسي، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، إذ قال: "لقد ذكرتُ مراراً وتكراراً أنه يجب ألا تتعرض المرافق النووية أبداً للهجوم، بصرف النظر عن السياق أو الظروف." وأضاف: "أؤكد مجدداً أن أي عمل عسكري يخلُّ بأمان المرافق النووية وأمنها قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تؤثِّر على الإيرانيين والمنطقة والخارج".