
وسط حطام الاحداث: المنطقة العربية إلى أين؟
لم يعد لدى النظام السياسي العربي اي من عناصر القوة التقليدية التي كانت يوما لديه على قلتها وهزالها. فالأحداث الراهنة تقودها وتوجهها قوى متعددة من خارج المنطقة ويتم فرضها بالقوة من خلال ما يسميه الرئيس الأمريكي ترامب ب 'تحقيق السلام بالقوة' وهو تعبير آخر عن فكرة فرض الهيمنة على شعوب المنطقة بقوة السلاح وحروب الإبادة والقتل والتجويع.
وسط هذه الحالة من الفوضى العارمة، ما الشكل الذي ستأخذه المنطقة العربية في الفترة القادمة.
من الواضح ان مثل هذه المقدمات لا تقود إلا إلى شي واحد، وهو
ان هذا المشهد بكل تعقيداته يشير إلى ان المنطقة تدخل في مرحلة الهيمنة الاسرائيلية الغربية الكاملة من خلال مقاربة تحقيق الاستقرار من خلال القوة مما سيقود إلى إعادة ترتيب الأوضاع على الصعد المختلفة من خلال ايجاد حالة تنعدم فيها ثلاثة من المعطيات الاستراتيجية القائمة حاليا:
اولا: نقل مركز الثقل التاريخي الحضاري الثقافي المتحكم بأحداث التاريخ في المنطقة العربيةمن بؤرته التقليدية التاريخية بلاد الشام ومصر إلى منطقة الخليج.
لقد شكلت زيارة الرئيس ترامب كرتا احمرا استراتيجيا ضخما للصين وروسيا اللتين دأبتا في السنوات الماضية على تنفيذ استراتيجية اختراق واسعة النطاق للمنطقة لحرمان الامريكان من هذا الكنز الاقتصادي والاستراتيجي الضخم.. وبذلك شكلت زيارة ترامب الى المنطقة اعلانا واضحا ان لا نفوذ لاي قوة دولية غير النفوذ الامريكي المباشر والصارم وان لا فائدة من محاولات اقتسام الهيمنة مع شركاء آخرين غير العم سام.
ثانيا: انهاء ظاهرة الإسلام السياسي بالقوة واجتثاث القوى السياسية التي تعمل في هذا الإطار وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين بكل تشكيلاتها وامتداداتها وتجلياتها في المنطقة.
ثالثا: اجتثاث فكرة القومية العربية من وجدان الشعوب واستبدالها بفكرة الإبراهيمية التي جسدتها اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والحكومات العربية.
كثيرة جدا هي العوامل التي تتداخل مع بعضها البعض لتنتج الاحداث الخطيرة التي تشهدها المنطقة العربية هذه الايام. فبينما فشل النظام السياسي العربي في التعامل مع احداث المنطقة حتى من زاوية رد الفعل مما أدى إلى فقدانه كليا للقدرة على التأثير في عناصر المشهد وهي حالة غريبة نادرة في تاريخ الشعوب.
هذا هو السيناريو المرسوم للمنطقة لتنفيذه وانجازة في فترة زمنية قصيرة جدا قد لا تتجاوز العام الواحد، ولكن اذا ارادت الشعوب ان تقول كلمتها، فالتاريخ علمنا ان لا كلام يعلو فوق كلام الشعوب.
* اكاديمي وكاتب اردني
نقلا عن رأي اليوم

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الصحراء
منذ يوم واحد
- الصحراء
ترامب والحلفاء الخليجيون وردع تهور نتنياهو من غزة إلى إيران
بمرور 600 يوم على حرب إسرائيل الوحشية على غزة، تصبح أطول حروب الاحتلال الإسرائيلي. ويؤكد فشل الجيوش النظامية بتحقيق أهداف حروبها ضد الجماعات العسكرية المسلحة. كما يثبت فشل أحد أقوى الجيوش والقوات المسلحة في المنطقة بتحقيق «الانتصار الكامل» ـ كما يروج نتنياهو، الذي فشل بتحقيق أهداف حربه! بهزيمة حماس ونزع سلاحها وإطلاق سراح الأسرى بحرب باتت بلا أفق. وبرز واضحا مع اليوم التسعين للحصار المطبق على غزة-تعمّق حدة الانقسام والصراع والخلافات الداخلية بين الأحزاب. شهدنا ذلك في جلسة الكنيست الأخيرة بصيحات غضب واستهجان ومقاطعة خطاب نتنياهو من نواب المعارضة وأهالي الأسرى الإسرائيليين ـ بعدما عاد نتنياهو المأزوم بالداخل بصراعه مع المعارضة المتوثبة لتعرية ادعاءاته بإنجازاته المزعومة وتغييره وجه الشرق الأوسط الذي وصفه زعيم المعارضة لابيد «بالثرثرة»! ووصف ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»-نتنياهو بأنه أسوأ رئيس وزراء بتاريخ إسرائيل. ما يشير إلى شرخ وانقسام حقيقي في النظام السياسي الإسرائيلي في الداخل. وإلى مزيد من عزلة وانتقادات إسرائيل في المجتمع الدولي وخاصة حاضنة الشركاء والمدافعين عن جرائم إسرائيل في غزة والقدس والضفة الغربية. ويأتي ذلك على خلفية الاستفزاز المتعمد بعد المصادقة على بناء 22 مستوطنة غير شرعية في طول وعرض وشمال وجنوب الضفة الغربية المحتلة ـ لتوسيع وتكريس الاستيطان ـ وتغيير التركيبة الديموغرافية في مخالفة صريحة للقانون الدولي واتفاقيات جنيف الرابعة. في ظل ذلك الانقسام الحاد وتحول حرب غزة لحرب بلا أفق وخط نهاية، ووسط ذلك الانقسام يستمر نتنياهو بالتصعيد على أكثر من جبهة للهروب إلى الأمام برغم التنديد وانقلاب قادة الغرب، مع تهديد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وتصعيد واضح من الرئيس الفرنسي وبريطانيا وإسبانيا وقطع مجلس بلدية برشلونة العلاقات مع تل أبيب. والملفت انتقادات إدارة ترامب من مبعوثه الخاص ويتكوف الذي يبدو أنه يحقق اختراقا بالتوصل لاتفاق هدنة 60 يوما لتبادل الأسرى وإدخال مساعدات عاجلة إلى سكان غزة الذين يتضورون جوعا بسبب الحصار المطبق. وصعّدت حكومة نتنياهو بإعلانها منع وفد يضم وزراء خارجية السعودية-مصر-الإمارات-الأردن ـ قطر وتركيا من الدخول إلى رام الله للاجتماع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وتتصاعد المخاوف اليوم من هروب نتنياهو إلى الأمام لخلط الأوراق ومنع التوصل لاتفاق نووي مع إيران إلى قصف منشآت إيران النووية ما سيقضي على فرص التوصل لاتفاق نووي يسعى الرئيس ترامب لانتزاعه من إيران بالمفاوضات في خمس جولات والسادسة لم يحدد موعدها بوساطة سلطنة عمان. وفي الوقت الذي يفضل فيه الرئيس ترامب إعطاء الدبلوماسية فرصة كافية للتوصل لاتفاق حول برنامج إيران النووي وخفض التصعيد وتجنب حرب لا يرغب بها أحد، كما أوضحت القيادات الخليجية للرئيس ترامب في زيارته الخليجية، يبدو أن نتنياهو مصمم على تحقيق حلمه الذي يراوده منذ عقدين بتدمير قدرات إيران النووية وضرب منشآتها يشاركه اللوبي الأمريكي-الإسرائيلي المتنفذ. خاصة وأن التقييم الاستخباراتي الإسرائيلي يرى أن نافذة امتلاك إيران للسلاح النووي تقترب ويمكن لإيران امتلاك القنبلة النووية خلال أشهر برغم فتوى الإمام خامنئي بتحريم امتلاك السلاح النووي-لكن الفتوى قد تتغير-»الضرورات تبيح المحرمات»! لذلك نتفهم القلق الخليجي من الحسابات الخاطئة وتهور نتنياهو. حسب وكالة رويترز وموقع اكسيوس الإخباري الأمريكي المقرب من المؤسستين الحاكمة الأمريكية والإسرائيلية-ونقلا عن مصادر خليجية:-قام وزير الدفاع السعودي ونجل الملك سلمان بنقل رسالة إلى القيادة الإيرانية إلى المرشد الإيراني آية الله خامنئي في 17 أبريل الماضي، تحذر الرسالة نقلا عن مصادر أن عدم التوصل لاتفاق نووي مع الولايات المتحدة(جرت 5 جولات مباحثات غير مباشرة بين الطرفين الإيراني والأمريكي بوساطة سلطنة عمان) سيعرض إيران لهجوم إسرائيلي»!! وكانت وسائل إعلام عبرية نقلت عن معارضة القادة الشيخ تميم بن حمد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد الذين اجتمع معهم الرئيس ترامب في زيارته الخليجية ـ من رفضهم لأي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران-ومخاوفهم من تعرض دولهم لهجوم إيراني في حال قامت إسرائيل بشن هجوم على إيران!! وبرغم تحذير ترامب لنتنياهو من شن إسرائيل هجوما عسكريا على إيران خاصة وأن فرص التوصل لاتفاق نووي مع إيران باتت قريبة جداً لتجنب التصعيد في المنطقة وسقوط قنابل في الشرق الأوسط!»! إلا أن نتنياهو لا يزال يمارس ضغوطا ويسرب لسيناريوهات ضربة عسكرية. هدف إسرائيل تحييد جبهة غزة بقبولها بمقترح ويتكوف مع حماس بهدنة 60 يوما وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات. ورغم عدم تلبية المقترح شروط حماس: بوقف الحرب كليا وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة وضمانات بعدم استئناف الحرب على غزة، إلا أن حماس تحت ضغط كبير للقبول بالمقترح. وينخرط رئيس الأركان زامير بالضغط بحرب نفسية على إيران مدعيا التوصل لاتفاق مع حماس، يسمح لإسرائيل بالتفرغ لمواجهة إيران. واضح استمرار ضغط ترامب على نتنياهو وحكومته، بدعم الحلفاء الخليجيين مستمر، لمنع نتنياهو من تخريب هدنة غزة ومفاوضات إيران النووية، ولخدمة مصالحنا المشتركة وليس مصالح نتنياهو ومتطرفيه!! أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت نقلا عن القدس العربي

منذ يوم واحد
أمريكا ترامب: من أقصى اليمين إلى التنوير المظلم I - دوائر أقصى اليمين:
حمادي الرديسي حول التيارات الفكرية والايديولوجية لأقصى اليمين الأمريكي التي ساهمت في انجاح دونالد ترامب والتي تفسر اليوم السياسات والتموقعات الجديدة للبيت الأبيض. • أقصى اليمين، التصورات الثلاث كشف فوز ترامب عن أزمة حقيقية للديمقراطية الامريكية تقف ورائها أفكار وقوى يمينية موغلة في التطرف، أسمائها متعددة ومعانيها متقاطعة اهم عناوينها « أقصى اليمين» far-right أو «الراديكالي» و«اليمين البديل» alternative right و»الرجعية الجديدة» أو «المستحدثة»neo-reactionary 1. وتستلهم تصوراتها من خزان نزعات المحافظة، والتحررية المفرطة أو الليبرتارية اليمينية right-wing libertarianism ، والقومية، والعداء للأجنبي وللمهاجر، والتفوق العنصري للبيض White supremacism والنازية المتجددة، والاصولية الدينية والانعزال الدولي. وهذه الآراء ليست بالطبع متجانسة ومشتركة. وتكونت تنظيمات تروج لهذه الأفكار ترجع الى القرن التاسع عشر مثل «رابطة البيض» 1874. ولعبت هذه النزعات تاريخيا دور الرافد الهامشي للحزب الجمهوري. ولم تحظى باهتمام كبير الا مع ترشح للرئاسية في التسعينيات من القرن الماضي، اليميني المحافظ التحرري العنصري بات بكانان Pat Buchanan ومؤسس مجلة «المحافظ الأمريكي» The American Conservative 2002.. وتعاظم دور هذه الدوائر الثلاث مع ظهور ترامب حتى وان لم تكن العنصر المحدد في فوزه ولا السبب الرئيسي في دخول الديمقراطية الأمريكية في أزمة وجودية2 . ألا أنه لا يمكن فهم مواقف ترامب وقراراته بدون فهم الخلفية الفكرية التي تستند عليها والأيديولوجيا التي تدير الظهر للقيم الأمريكية التاريخية. والتي تمثلها أقلية ولكنها فاعلة. وان كــان «أقصى اليميـــن» أو «اليميـــــن الراديكالي» عنوان عام بجمع العديد من الأصناف المتقاطعة على مدى طويل يرجع في أمريكا للقرن الماضي وبداية العشرين في أورويا، فان مفهوم «اليمين البديل». alternative right ظهر في أمريكا سنة 2010 استعمله ريتشارد برتراند سبنسر Richard Bertrand Spencer مؤسس محطة واب اسمها «اليمين البديل» The Alternative Right وميليشيات تروج لأفكار قومية، وعنصرية، ونازية جديدة، وتآمريه. وترفض بقوة الليبرالية الكلاسيكية و قيم المساواة أسس الفكر السياسي الأمريكي. وانخرطت حركة اليمين البديل في الحملة الانتخابية الرئاسية 2016 لصالح ترامب الذي لم يتردد في التنديد بها رسميا وبوضوح لرفعها أعلام وشعارات نازية اثر احتفالها بفوزه3 . ولكن أعلن في السنة الموالية 2017 اثر أحداث العنف التي اندلعت في شارلوت فيل Charlottesville بين من جهة مجموعات اليمين البديل بما فيهم المنادين بتفوق البيض White supremacists وبمشاركة ريتشارد برتراند سبنسر، ومن جهة أخرى المتظاهرين التقدميين قائلا «هنالك أناس طييبين من الجهتين». أما ثالث المفاهيم «الرجعية المتجددة» neo reactionary فقد تبناه في سنوات 2000 المدون كرتيس يارفين Curtis Yarvin الذي بدأ يكتب بلوق في 2007 باسم مانسيس مولدبوق ومؤسس «التنوير المظلم» . يقطع مع جاذبية الماضي التي ميزت الرجعية الكلاسيكية ونزعة المحافظة ويجدد الرجعية على أساس ثوري. وسنخصص الجزء الثاني لهذه السلسلة الى يارفيين و الجزء الثالث للتنوير المظلم. يقول المختص جوشيا تايت أن ترامب يلتقي مع أقصى اليمين البديل في العداء للعولمة والهجرة بدون أن يكون سجين لهم4 . هل الأمر مختلف في ما يخص التيارات الأخرى؟ • دوائر ترامب الثلاث ثلاث دوائر أخرى من أقصى اليمين تدور حول دونلاد ترامب: اشخاص حركيون ومجموعات مناضلة ومفكرون. الحركيون نشطاء أما سياسيين أو أثرياء التكنولوجيا العالية. أهم شخصية مثيرة للجدل ضمن المجموعة الأولى هو المدبّر الإستراتيجي ستيف بانون Steve Bannon يدير موقع ماديا يميني متطرف اسمه «برايت بار نيوز» Breitbart News (يحمل اسم مؤسسه) منذ توليه مسؤولية الإدارة سنة 2012 جاعلا منه ثان موقع مزار بعد فوكس نيوز ومنصة توحيد كل فصائل اليمين البديل كما صرح بذلك5 . كما فتح أعمدة مجلته الى كل الفصائل اليمين البديل. أدار حملة ترامب في 2016 وعيّن لمدة ست أشهر في إدارة البيت الأبيض ثم وقعت تنجيته من الإدارة ومن الموقع قبل أن يرجع بقوة في انتخابات 2024 ليلعب دورا هاما في التعبئة. هو ليس بمفكر ولا بكاتب ولكن يقر بتأثيرات فكرية رجعية مثل المعادي المبكر للثورة الفرنسية أدمون بارك Edmund Burke ومفكر فاشي مغمور في ثلاثينات القرن الماضي «يوليوس أفولا' Julius Evola (ت 1974) معاد شرس للحداثة6 . و ينتسب يوليوس أفولا الى الجيل الثاني من الرجعيين الكلاسيكيين أمثال الفيلسوف ا الأمريكي الكبير ليو ستروس Leo Strauss )ت 1973) المشدود للقدماء و مؤرخ الحضارات «أسولد سبنقلر» Oswald Spengler (ت 1936) صاحب «سقوط الغرب». ويعترف ستيف بانون أنه شعبوي. ويقول ستيف بانون أيضا أنه مسيحي صهيوني7 . وقد أثارت التحية النازية «هايل هتلر» التي قام بها ستيف بانون جدلا (وأعادها ايلان ماسك). قال أنها لا تعدوا أم تكون حركة عادية الا أنه هنالك مقال في «برايت بار نيوز» يوحي بأنها غير بريئة (حسب رأيي لأني لم أقرأ هذه الحجة في أي مقالة). يصنف المقال المذكور أقصى اليمين الى ثلاث فصائل: المثقفون (من أيفولا الى كرتيس يارفين) والمحافظون (السياسيون الذين يكتب لهم المثقفون) والمجموعات المناضلة المتطرفة 8. وضمن المجموعات المتطرفة نجد في نفس المقال مجموعة « 1488» النازية المستحدثة. مذا يعني الرقم؟ 14 يشكل جملة نازية مفادها وجوب حماية شعبنا ومستقبل أبناءنا البيض. أما 88 : الثمانية هو الحرف H في سلسلة الحروف اللاتينية وبالتالي HH تصبح Heil Hitler Why '1488'? It's a reference to two well-known Neo Nazi slogans, the first being the so-called 14 Words: 'We Must Secure The Existence Of Our People And A Future For White Children.' The second part of the number, 88, is a reference to the 8th letter of the alphabet – H. Thus, '88' becomes 'HH' which becomes 'Heil Hitler. هنالك شخص محوري ثان هو بيتر تيل Peter Thiel (حسب النطق ولو أنه يكتب بالعربية ثيل)، ينتسب لزمرة المستثمرين في التقنيات العالية في السليكون فالي Silicon Valleyعلى غرار أيلان ماسك وجاف بوزوس وغيرهم مما ساندوا حملة ترامب الانتخابية. تفطن البعض للتحالف بين أرباب التكنولوجيا المتقدمة في «سليكون فالي» وأقصى اليمين9. لذلك قيل أن النظام أصبح «اقطاعي-تكنولوجي techno-feudalism والذي يعني أن أرباب «القافا» GAFA وما شابههم يملكون الأسواق بدون منافسة كما يملك السيد الاقطاعي الأرض في العصر الوسيط10 . يتميز بيتر تيل Peter Thiel على زملاءه بحدسه السياسي وبكتابته. فهو مموّل تشاطات ستيف بانون و منصة البرمجة للكمبيوتر «أربيت» Urbit لكرتيس يارفين منظّر التنوير المظلم. وحتى نائب الرئيس ج.د. فانس J.D. Vance كان يشتغل في مؤسسته لخمس أو ست سنوات. ولقد جمع كل نجوم التكنولوجيا ليلة ترشيح ترامب للرئاسية في واشنطن، شهر جانفي 2024. الميزة الثانية هو كتابته الأيديولوجية. فهو معاد للديمقراطية و صاحب الجملة الشهيرة المرجعية في أدبيات الرجعية المتطرفة، وهي عدم توافق الديمقراطية والحرية. وينبغي ان نفهم الحرية كما يفهمها التحررين اليبرتاريين. أي بتقزيم دور الدولة وتحرير المبادرة. قال ذلك في نص شهير (2009) «تربية ليبرتاري»11The Education of a Libertarian . I still call myself 'libertarian.' But I must confess... ¬¬¬¬¬I no longer believe that freedom and democracy are compatible ما يعيبه على الديمقراطية هو الدور الاجتماعي للدولة والتوسع في حقوق المرأة مما جعل من «الرأسمالية الديمقراطية» مفارقة. اعتبرالبعض هذه المقالة تنبأ بكتابة الدولة للنجاعة التي تقلدها أيلان ماسك 12 . وقد سبق له أن انتقد التعدد الثقافي وحقوق الأقليات في كتاب مشترك مع دافيد ساكس سنة 1995 «أسطورة التنوع» The Myth of Diversity . يقدم نقسه ك»محافظ ليبتاري»، و«محافظ قومي» أي يحث على الدفاع عن مصالح أمريكا أولا 13. تأثر عندما كان طالبا في جامعة ستاندفورد بالفيلسوف الفرنسي المسيحي ريني جيرار René Girard صاحب نظرية محاكات الرغبة أي أن الرغبة تدفع للتنافس في حلقة مفرغة يمكن الخروج منها بالبحث عن مجال احتكار بدون منافسة. وهذا ما يفعله الأشخاص الاستثنائيون وما يفعله باعثي المشاريع التكنولوجيا الجديدة. ويرى المستقبل في تجاوز السياسة عبر الابداع التكنولوجي. وهو من المدافعين على فكرة «ما-عبر-الانسانية» transhumanism التي تعمل الى تضاعف قدرات الانسان الجسدية والذهنية عبر المزج بين التكنولوجيا والانسان. وهي إحدى أفكار التنوير المظلم كما سنرى. وثالث شخصية هو السياسي العقائدي ج.د. فانس. هو أيضا محافظ قومي، يميني شعبوي، منصهر في «ما بعد الليبرالية» postliberalism أي اعتقاد أن مبادى الليبرالية (من حريات وحد من دور الدولة ) فشلت في استيعاب انحلال التضامن الاهلي وتعمق الفوارق الاجتماعية و تآكل قيم العائلة. كتب فانسJ.D. Vance «مدح الريفي» أو « مدح المتخلف» Hillbilly Elegy 2016 هو كتاب في شكل مذكرات يشيد بالطبقات العاملة البيض البشرة، التي تدهورت وضعيتها من جراء العولمة. فهو أصيل أمريكا الأوائل To understand me, you must understand that I am a Scots-Irish hillbilly at heart. لا يدعي فانس أن كتابه أكاديمي بل يحكي قصة عائلة فقيرة وقيم نبيلة مهددة عبر سيرته الذاتية الناجحة. ولقي الكتاب رواجا استثنائيا الى حد تحويلة الى فيلم في 2017. وهذا ما فسّر تصويت العمال البيض لصالح مرانب 14. أما في ما يخص المفكرين الرجيعين المعاصرين فعددهم كبير وأكثر بكثير من أوروبا لسبب بسيط وهو أن أمريكا لم تعرف الفاشية مما يجعل المتطرفون أكثر جرأة وصلف. هنالك سبب آخر هو تقاطع أفكار أقصى اليمين مع التحررية الليبرتارية libertarianism مع فارق : التحررية المعتدلة تنادي بالحد من دور الدولة وتفكيك الدولة الراعية، بينما تتخلص التحررية المتطرفة من الدولة ولا تثق الا في قدرة السوق على تحقيق التوازن الاجتماعي. وهو ما يطلق عليه اسم «الرسمالية-الفوضوية» anarcho-capitalism. هذا الصنف الثاني المختلط بأقصى اليمين هو الذي يشكل الحاضنة العقائدية لترامب. ان المرجع التاريخي للتحررية هو ميراي روثبارد Murray Rodhbard رجل اقتصاد في السنوات الستين من القرن الماضي (سنرى تأثيره على كرتس يارفين في الحلقة المقبلة). ان الاشكال من منظور الفوضويون هو التعارض نعم التعارض بين الديمقراطية والحرية في ضل ثورة تكنولوجية مستقبلية تغير علاقة الانسان بالآلة. أخطر من ذلك، ليست الديمقراطية الوحيدة التي فشلت بل أيضا الليبرالية تلك النظرية المبنية على اعلاء قيم الحرية الفردية. وقد نظّر لهذا الفشل باتريك دنيين Patrick Denenn في كتابه «لمذا فشلت الليبرالية» Why Liberalism Failed. ومن المفارقات أن يعزى أستاذ النظرية السياسية هذا الفشل لا لقصور في التصور بل الى نجاح الليبرالية في تحقيق مغزاها. Liberalism has failed because it has succeeded 15. باتريك دنيين كاثوليكي محافظ وربما هذا الجانب هو الذي جلب له اعجاب ج .د. فانس. ولكنه يقول صراحة ان الحل لا يكمن في الرجوع الى القيم ما قبل الحداثة بل في بناء وتعزيز أشكالا ثقافية جديدة، الاقتصاد الأهلي والحياة الدينية والمدنية 16. وبالتالي نقد الليبرالية لا يأدي حتما لنسفها. الرجية المستحدثة هي المستفيدة من الردة. ومن روادها مايكل أنيسيموف Michael Anissimov المتأثر بالفاشي يلويوس أيفولا Julius Evola . وهو مدون بلوق حول الرجعية الجديدة في 2013 و نشرمعجم الرجعية 17. وفي 2015 نشر على حسابه الخاص كتاب «نقد الديمقراطية: دليل للرجعين الجدد A critique of Democracy : A guide for Neoreactionaries. أما مؤسسها فهو كرتيس يارفين ويليه نيك لاند منظّر التنوير المظلم. ----------- نستعمل الألفاظ والاستشهادات والمراجع الإنجليزية حفاظا على المرجعية الأصلية 2 David Neiwert, Alt-America: The Rise of the Radical Right in the Age of Trump, Verso, 2017. 3https:// 4 5 Saran Posner (August 22, 2016) «How Donald Trump's New Campaign Chief Created an Online Haven for White Nationalists» : 6 Morgan Jones, How Julius Evola Became the Internet's Favorite Fascist 7 8 9 و أيضا Smith, Harrison; Burrows, Roger, «Software, Sovereignty and the Post-Neoliberal Politics of Exit» , Theory, Culture & Society, 2021, 38 (6), p. 143–166. 10 Yanis Varoufakis, Technofeudalism: What Killed Capitalism, Random House, 2023. 11 12 13 14 Jocelyn McClurg (August 17, 2016) «Best-selling 'Hillbilly Elegy' helps explain Trump's appeal», August 15 Patrick J. Deneen, Why Liberalism Failed. Yale University Press, 2018, 144 و 27 صص . ن. م. 146 ص ، 16 . 17 Neoreactionary Glossary September 19, 2013 by Michael Anissimov :


الصحراء
منذ 2 أيام
- الصحراء
الخدعة الكبرى
في ظل استبداد المؤسسة السياسية وقهرها للشعوب العربية والإسلامية ، وكذلك تظليلها من قبل المؤسسة الدينية العقيمة التي استطاعت أن تخدر شعوب الأمة بسفاسف الأمور، الذي نتج عنه جمودًا فكريًا وخنوعًا وذل والتي لم تدرك حجم المخاطر والمؤامرات التي تحاك ضدها، وفي ظل هذا التخلف والتشرذم في هذه الأمة ظهر على العلن المخطط الإسرائيلي لتمرير مشروع (إسرائيل الكبرى)، وهي خدعة تتمحور حول إقامة دينًا واحدا تحت سقف (الدين الإبراهيمي الخدعة الكبرى)، من خلال هذا المخطط اليهودي الصهيوني تزال فيه كل الحواجز وتمسح فيه الحدود العقائدية وتصاغ فيه ديانة جديدة لا هي الإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية بل مزيجٌ مُهجن تحت اسم (الديانة الإبراهيمية). في السنوات الأخيرة بدأت تطرح على الساحة الفكرية والسياسية مصطلحات جديدة (الديانة الإبراهيمية أو الاتفاق الإبراهيمي) في محاولة لإعادة تشكيل العلاقة بين الأديان أو الشرائع الثلاثة التي تعترف بسيدنا إبراهيم، الإسلام والمسيحية واليهودية، يعتبر هذا قاسم مشترك تحت ملة واحدة، ملة السلام والوحدة والتسامح، لكن خلف هذا الخطاب البراق تظهر أسئلة جوهرية: ما الهدف الحقيقي من هذه الدعوة؟ وهل نحنُ فعلًا تحت تقارب ديني صادق أم أمام مشروع سياسي بغطاء ديني لتطويع وتطويق المنطقة ثقافيًا وعقائديًا وسياسيًا ؟ في الحقيقة مصطلح الديانة الإبراهيمية ليس مفهومًا أصيلًا متجذرًا في الإسلام ولا في المسيحية ولا في اليهودية ولم نسمع عنه سابقًا، بل هو مشروعًا فكريًا ولِدَ في مراكز الأبحاث الامريكية منذ منتصف القرن الماضي تحت نظرية تعدد الوحي، التي تزعم أن كل الرسالات صحيحة فلا يحق لأحد احتكار الفوز أو الخلاص. وبعد عقودٍ من التنظير والتمحيص انتقل المفهوم إلى ميدان السياسة مع توقيع الاتفاق الإبراهيمي عام 2020م بين بعض الدول العربية وإسرائيل ثم تجسد رسميًا على أرض الواقع عام 2023م في بيت العائلة الإبراهيمية بأبوظبي، واستخدام إسم إبراهيم مقصود لدفع الشعوب العربية إلى قبول التطبيع مع إسرائيل وكأنه واجب أخلاقي بإسم الوحدة الإيمانية، وفي الحقيقة وراء هذا الخطاب البراق يكمن مشروع سياسي لتفريغ الدين الإسلامي من جوهره وتحويلهُ إلى طقوس شكلية تمهيدًا لتطويع المنطقة ثقافيًا وفكريًا وقبول مشروع (إسرائيل الكبرى) ليكون مشروعًا واقعيًا، والفكرة المطروحة دمج الإسلام والمسيحية واليهودية داخل منظومة واحدة تتجاوز الخلافات، أطلقت على هذا المشروع (الخدعة الكبرى)، في الواقع هذه الفكرة تصطدم بجدار الحقيقة الدينية فالإسلام يؤمن بخاتمية نبوة محمد ونسخ ما قبلها، بينما ترفض اليهودية نبوة محمد أصلًا ولا تعترف به، وتؤمن المسيحية بالتثليث والفداء وهو عكس ما يعترف به الإسلام فكيف يوحد ما لم يمكن توحيده أصلًا، فمن الأولى أن يتوحد المسلمون فيما بينهم. الخطر الأكبر في هذه الادلوجية الابراهيمية لا يقتصر على تشويه العقائد بل يتجلى في توظيفها لإقناع الناس بأن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أو الاعتراض على السياسات الصهيونية أو رفض هذه الفكرة يعد تعصب ديني ومعاداة للسامية. أما الهدف الأبعد من ذلك المشروع هو تفريغ الإسلام من مضمونهِ العقدي والشرعي وتذويب الهوية الدينية في مشروع إنساني شامل مع إزالة الحواجز النفسية والشرعية بين المجتمعات المسلمة وإسرائيل بحيث تنشأ أجيال تتعامل مع إسرائيل الكبرى كواقع طبيعي في المنطقة، وللأسف الشديد مؤسستنا الدينية ومشايخها الأجلاء لا يزالون عاكفون على كتابة نواقض الوضوء والغسل من الحيض والنفاس. السؤال المهم الآن: كيف ينظرون لتوحيد الأديان؟ وما هي البنود الغير معلنة؟ أولًا: الإعتراف المتبادل بشرعية الرسالات، ما يعرف بالوحي المتعدد أي أن كل دين جاء بوحي إلَهِي صحيح ولا يصح تكفير أتباع أي دين أو معتقد وبالتالي تُعاد صياغة تعريف الكفر، والإيمان حينها يصبح لم يعد كافر من لا يؤمن بالإسلام بل من يقصي الآخر. ثانيًا: تحييد العقائد الكبرى بحجة المشتركات الإبراهيمية مثل التوحيد، القيم، الأخلاق وتجاهل النبوة وخصوصًا نبوة محمد وتجاهل الشريعة والتحاكم إلى معايير الدين الإبراهيمي التي سيتم وضعها في المناهج التعليمية الجديدة تسمى (القيم الإبراهيمية) لترويج الفكرة لدى الأجيال القادمة لتقبلها وأيضًا فكرة إعادة النصوص الشرعية بشكل وبطابع جديد يروج لما يسمى (بالتفسير الإبراهيمي) بهدف تأويل الآيات على غير محلها الصحيح والإدعاء بأنها لا تصلح لزماننا وإخراج النصوص العقائدية من معناها الواضح وأيضًا إقامة عبادات وطقوس مشتركة. الطامة الكُبرى بأننا أمةً لا تُميز بين الحق والباطل ولا تسعى إلا إلى إشباع غريزتها فقط وتتجاهل مصيرها وتاريخها ودينها، ورضينا أن نعيش كشعوب تحت قهر الاستبداد وشعوب منزوعة الإرادة. طوفان الأقصى وثبات المقاومة والتحرك اليمني في المواجهة أحدث زلزالًا لهذا المخطط إلا إنهم لا يزالون ماضون في تنفيذه، فمن الواجب علينا كشعوب ومؤسسات أن ننتبه ونقف في وجه هذا المخطط لإفشاله، وهذا لا يعني بأننا نرفض التسامح والتعايش لكن لا نقبل طمس الحق والتنازل عن هويتنا ، وتداس وتدنس كرامة ومقدسات أمتنا. كاتب وقاص عماني نقلا عن رأي اليوم