
بنوك الظل في ميزان تمويل الصراعات: القرض الحسن نموذجاً
تشكِّل ظاهرة «بنوك الظل» أكثر القضايا إلحاحاً التي تواجه النظام المالي العالمي، إذ تضطلع بوظيفة مالية بعيداً عن القنوات النظامية، وغالباً ما تكون خارج الجهات الرسمية.
في لبنان تبرز هذه الظاهرة بشكلٍ جلي، من خلال «جمعية القرض الحسن»، التي تأسست أوائل الثمانينيات، وارتبطت بشكلٍ وثيق بشبكات تمويل صنفتها دول كبرى ضمن قوائم الإرهاب، باعتبارها تُسهم في دعم وتمويل مجموعات مسلحة غير نظامية، مما عقَّد الأزمة الأمنية والاقتصادية في لبنان والمنطقة لعقود.
ومن منظور البنك الدولي، فإن «بنوك الظل» تشمل كيانات، مثل: صناديق الاستثمار، وشركات التمويل غير المصرفية، وصناديق التحوط، وشبكات التمويل غير الرسمية، التي تلعب دوراً كبيراً في الائتمان، لكنها تفتقر إلى الشفافية والرقابة اللازمة، مما قد يزيد من مخاطر النظام المالي الكُلي.
وتلعب بنوك الظل دوراً «محورياً» في تمويل الصراعات، لاسيما في الدول التي تشهد أزمات سياسية وأمنية، حيث تبرز كوسيلة لتدفق الأموال إلى جهات غير شرعية. شكَّل لبنان بيئة حاضنة لتوسيع هذه البنوك تحت مظلة حزب الله، بفعل الأزمات السياسية والاقتصادية المتراكمة، مما أثار جدلاً «واسعاً» حول حقيقة دورها في الاقتصاد اللبناني، إذ تحوَّلت من مؤسسة محلية إلى شبكة مؤدلجة. عام 2019 أدرجت وزارة الخزانة الأميركية «القرض الحسن» ضمن قائمة المؤسسات الداعمة للإرهاب، وفرضت عقوبات صارمة على تعاملاتها المالية، باعتبارها تشكِّل جزءاً من شبكة الحزب المالية، وتساعد في تمويل أنشطته العسكرية والاجتماعية. وفي عام 2020 قدر حجم الأموال التي تديرها الجمعية بمئات ملايين الدولارات، كما أن تحويل أموالها بين لبنان والخارج يتم دون رقابة حكومية، من خلال شبكة مالية معقدة تعمل في عدة دول حول العالم وفقاً لتقرير البنك الدولي.
أسهمت بنوك الظل في إضعاف النظام المالي الرسمي في لبنان، حيث استنزفت موارد الدولة، وزادت من هشاشة النظام المصرفي، وعززت الاقتصاد الموازي، وهدَّدت السياسة النقدية، مما أضعف قدرة الدولة على إدارة الكتلة النقدية ومكافحة التضخم، خصوصاً في ظل الأزمة المالية المتفاقمة 2019. كما عملت على توسيع شبكات تمويل، لتشمل أكثر من شركة وهمية لتحويل الأموال والتهرب من العقوبات (يجمع حزب الله حوالي 1000 مليون دولار عبر هذه الشبكات لتمويل أنشطته في لبنان والمنطقة، وفقاً لتقرير مركز مكافحة الإرهاب الأميركي).
وفي سبتمبر 2024، في سياق الحرب على تجفيف منابع الإرهاب، شهد لبنان مرحلة جديدة في مكافحة «الإرهاب المالي». مثل هذا التحوُّل محاولة لاستعادة السيطرة على النظام المالي، وتعزيز الشفافية، وفتح الباب أمام «عهد جديد» في ضبط تمويل الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في لبنان والشرق الأوسط.
وإلى حين إعداد هذا التقرير أعلنت الولايات المتحدة، عبر برنامج «مكافآت من أجل العدالة»، مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل معلومات حول الشبكات المالية لحزب الله في أميركا الجنوبية، خصوصاً بمنطقة الحدود الثلاثية، تشمل أنشطة مثل التهريب، وغسل الأموال.
أخيراً، إن وجود «بنوك الظل» هو نتاج فراغ تنظيمي ومالي، ويعكس بالدرجة الأولى هشاشة الدولة، وفقدان الثقة في النظام المصرفي اللبناني، لكنه في المقابل يهدد بإدامة هذا الفراغ، وتقويض أي محاولة لإعادة ضبط القطاع المالي. لذا، فإن معالجة تبعاته تتطلب إما إدماجه تدريجياً في الإطار الرقابي الرسمي، أو تعزيز الثقة بالمؤسسات الرسمية، عبر إصلاح شامل للقطاع المصرفي، وإعادة الثقة للمصرف المركزي اللبناني لتعزيز الرقابة على غسل الأموال ومكافحة الإرهاب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كويت نيوز
منذ ساعة واحدة
- كويت نيوز
الذهب يرتفع في ظل تراجع الدولار وتهديدات ترمب
قفزت أسعار الذهب اليوم الاثنين مع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم، في حين أدى تراجع الدولار إلى دعم المعدن النفيس المقوم بالعملة الأمريكية. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.6 % إلى 3309.89 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0056 بتوقيت غرينتش. وزادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.6 % لتسجل 3333.30 دولار. وانخفض مؤشر الدولار 0.1 % مما يجعل الذهب أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى. وأعلن ترامب يوم الجمعة عزمه رفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من 25 % إلى 50 %، مما دفع المفوضية الأوروبية إلى التحذير بأن أوروبا تستعد للرد. وتصاعدت التوترات الجيوسياسية مع تصعيد أوكرانيا وروسيا للحرب بشكل حاد. وتمثل ذلك في إحدى أكبر معارك الطائرات المسيرة في صراعهما وتفجير جسر وانهياره على قطار للركاب في روسيا بالإضافة إلى هجوم على قاذفات روسية قادرة على حمل رؤوس نووية في عمق سيبيريا. ويتوقع المستثمرون في الوقت الراهن أن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس هذا العام بدءاً من أكتوبر. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.2 % إلى 33.04 دولار للأوقية، وهبط البلاتين 0.2 % إلى 1054.28 دولار واستقر البلاديوم عند 970.79 دولار.


الجريدة
منذ 2 ساعات
- الجريدة
بورصة الكويت تغلق تعاملاتها على ارتفاع مؤشرها العام 1.03 نقطة
أغلقت بورصة الكويت تعاملاتها اليوم الاثنين على ارتفاع مؤشرها العام 1.03 نقطة بنسبة بلغت 0.01 في المئة ليبلغ مستوى 8147.86 نقطة وتم تداول 319.4 مليون سهم عبر 20120 صفقة نقدية بقيمة 86.9 مليون دينار (نحو 266.7 مليون دولار). وانخفض مؤشر السوق الرئيسي 55.75 نقطة بنسبة بلغت 0.79 في المئة ليبلغ مستوى 6958.43 نقطة من خلال تداول 139.16 مليون سهم عبر 8524 صفقة نقدية بقيمة 17.3 مليون دينار (نحو 53.11 مليون دولار). وارتفع مؤشر السوق الأول 15.21 نقطة بنسبة بلغت 0.17 في المئة ليبلغ مستوى 8847.14 نقطة من خلال تداول 180.3 مليون سهم عبر 11596 صفقة بقيمة 69.6 مليون دينار (نحو 213.6 مليون دولار). في موازاة ذلك انخفض مؤشر (رئيسي 50) 118.11 نقطة بنسبة بلغت 1.62 في المئة ليبلغ مستوى 7153.49 نقطة من خلال تداول 117.2 مليون سهم عبر 6350 صفقة نقدية بقيمة 13.9 مليون دينار (نحو 42.6 مليون دولار). وكانت شركات (أسس) و(مراكز) و(إنجازات) و(الجزيرة) الأكثر ارتفاعاً فيما كانت شركات (متحدة) و(الإماراتية) و(النخيل) و(أركان) الأكثر انخفاضاً.


المدى
منذ 2 ساعات
- المدى
تركيا تسجّل عجزاً تجارياً بـ6.5 مليار دولار في أيار رغم نمو الصادرات
أعلن وزير التجارة التركي عمر بولات، الاثنين، أن عجز الميزان التجاري للبلاد بلغ 6.5 مليار دولار في أيار من دون تغيير يذكر عن العام السابق. وأشار بولات، في مؤتمر صحافي، أن التصدير ارتفع 2.7% إلى 24.8 مليار دولار في مايو/أيار، وزاد 3.5% إلى 110.9 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام. وزاد الاستيراد في أيار 2.1% إلى 31.3 مليار دولار.