logo
وادي الأردن.. تقدير أثمان مياه الآبار يثير استياء ومخاوف في أوساط المزارعين

وادي الأردن.. تقدير أثمان مياه الآبار يثير استياء ومخاوف في أوساط المزارعين

الغدمنذ 4 أيام
حابس العدوان
اضافة اعلان
وادي الأردن - يؤكد مزارعون في وادي الأردن أن تقديرات أثمان المياه المستخرجة من الآبار الارتوازية، تشكل تحديا كبيرا يهدد بجفاف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في ظل نقص مياه الري.ويرى عدد من هؤلاء المزارعين "أن المبالغ التي يتم تقديرها سنويا لا تتناسب مع الاستهلاك الفعلي أو قدرة المزارعين على تحملها ومبالغ فيها، خصوصا أن الغالبية العظمى من الآبار هي مياه مالحة ويتم تحليتها لري المزروعات"، مشيرين في الوقت ذاته، إلى أن "التقديرات لا تستند إلى أي آليات قياس، لا سيما أن جميع الآبار لا يوجد عليها عدادات لحساب الكميات المستغلة".ووفق المزارع زياد علي، فإن "المشكلة التي يعاني منها المزارعون وأصحاب الآبار هي الآلية التي تعتمدها الجهات المعنية في تقدير كميات المياه المستخرجة، التي تعتمد بشكل كامل على تقديرات موظفي الوزارة"، موضحا "أن بعض الآبار المعطلة أو التي تراجعت مناسيب مياهها ولم تعد مستغلة ما تزال تقدر عليها أثمان مياه".وبين "أن احتساب الكميات المستغلة من دون وجود آليات قياس يبقى غير منطقي ومرتفعا جدا، وفي بعض الأحيان تغدو أرقاما خيالية لن يتمكن أصحاب الآبار من تسديدها حتى لو باعوا أراضيهم"، لافتا إلى أنه "فوجئ كغيره من المزارعين بأن وزارة المياه قدرت عليه أثمان المياه بمبلغ كبير رغم أنه غير مستغل".ويؤكد "أن شح مياه الري من مصادرها هو السبب الرئيس وراء لجوء المزارعين لحفر الآبار واستغلال مياهها رغم الكلف المرتفعة، وأن معظم المزارعين تكبدوا مبالغ طائلة لحفر الآبار واستخراج المياه لري أراضيهم، ما يتطلب إعادة النظر بالإجراءات المتبعة لتقدير أثمان المياه"."يصعب فهم كيفية احتسابها"ويقول المزارع غالب محمد "إن تقديرات أثمان المياه جاءت عشوائية يصعب فهم كيفية احتسابها"، مضيفا "أن إنتاج مزرعته لعام كامل لا يعادل المبالغ المقدرة، خصوصا أنه يدفع مبالغ كبيرة لتحلية المياه بهدف ري مزروعاته، ما ولد لديه ولدى جميع المزارعين شعورا بالظلم".ويبين محمد "أن هذه التقديرات ستؤدي إلى القضاء على القطاع الزراعي والمزارعين، الذين سيضطرون إلى هجران أراضيهم وبيعها لسداد أثمان المياه"، مناشدا الحكومة بـ"إنصاف المزارعين وإعادة النظر بآلية احتساب أثمان المياه المستخرجة من الآبار الارتوازية المالحة، لئلا يجد المزارعون أنفسهم بلا عمل".أما المزارع حسن العدوان، فيرى، من جهته "أن التقديرات المجحفة لأثمان مياه الآبار تأتي بمثابة ضربة قاضية لصغار المزارعين وللقطاع الزراعي بشكل عام، إذ ستحد من قدرتهم على الاستمرار بزراعة أراضيهم وتوفير لقمة العيش لأولادهم"، لافتا إلى أن "الموظف الذي يجلس على مكتبه لا يمكنه بأي حال معرفة الكميات التي تضخ من هذه الآبار، فكيف تقدر هذه الكميات من دون قياس كمية المياه على أرض الواقع، فضلا عن أن معظم المياه مالحة ويجب ألا تعامل معاملة المياه العذبة".ويشير العدوان إلى أن "عملية الاعتراض على المبالغ المقدرة بحد ذاتها مشكلة، لأن الوزارة تشترط أن يقوم المتضرر بدفع ما قيمته عشرة بالمائة من قيمة التقدير لقبول الاعتراض، وهو أمر غير مقبول، خصوصا أن بعض التقديرات تصل إلى عشرات الآلاف"، مطالبا في الوقت ذاته، بضرورة إعادة النظر بآلية الاعتراض لتحقيق العدالة.وبحسب رئيس جمعية مستخدمي مياه الرامة طلال فرحان العدوان، فإن "ما تقوم به وزارة المياه، أمر غير منطقي لأن هذه التقديرات مزاجية وغير واقعية"، مشيرا إلى أن "اللجوء إلى حفر الآبار كان الحل الوحيد المتاح أمام المزارعين لري أراضيهم التي تعد مصدر الدخل الوحيد لهم، في وقت يعانون كثيرا من مشكلة شح المياه الصالحة لري المزروعات".ويوضح "أن معظم هذه الآبار مالحة، ويتحمل المزارع كلفا باهظة لحفرها وتحلية مياهها لتصبح صالحة للري"، قائلا "من الأولى أن تقوم الحكومة بدعم القطاع الزراعي وتوفير السبل اللازمة للنهوض به ومساعدة المزارع على المضي قدما في فلاحة أرضه، لا أن تضع العراقيل أمامه".بعض الآبار غير عاملةويؤكد رئيس الجمعية "أن بعض الآبار التي قدرت عليها مبالغ طائلة، غير عاملة أصلا، وما يجري هو أن الموظف يقدر المبالغ من دون التثبت من عمل هذه الآبار أو قياس كميات المياه المستخرجة منها، خصوصا أن جميعها لا توجد عليها عدادات"، لافتا إلى أن "تبعات تقدير مبالغ ضخمة على المزارعين سيكون لها آثار كارثية، لأن المزارع سيجد نفسه مرغما على دفع هذه المبالغ أو مواجهة إجراءات أخرى كإيقاع الحجز على الأراضي والممتلكات".من جانبه، يوضح رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام "أن عجز السلطة عن توفير المياه الكافية للمزارعين كما نص على ذلك قانونها، دفع المزارعين إلى حفر الآبار وتحمل كلف باهظة للحصول على مياه صالحة للري"، قائلا "إن نهج التضييق الذي يواجهه مزارعو وادي الأردن سيدفعهم إلى هجر أراضيهم وتركها بورا واللحاق بطوابير المتعطلين عن العمل".ويضيف "أن الأخطر أن نصل إلى مرحلة يضطر فيها المزارعون، خصوصا صغار المزارعين، إلى التخلي عن أراضيهم أو بيعها، ما سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن الغذائي، لأن تخلي المزارع عن أرضه سيؤدي إلى تراجع الإنتاج، ما يضطر المواطن إلى الاعتماد على المنتوجات المستوردة وتقلبات أسعارها"، مشيرا إلى أن "وادي الأردن هو سلة غذاء الأردن، وأي ضرر يلحق بمزارعيه ينعكس مباشرة على القدرة على توفير الغذاء للمواطن".ويطالب الخدام، الحكومة، بـ"إعادة النظر بالمبالغ المقدرة، وبأثمان المياه المستخرجة من الآبار المالحة، وضرورة تأمين العدالة في تقدير كميات المياه المستغلة، مع الأخذ في الاعتبار الظروف الاقتصادية للمزارعين وتكاليف الإنتاج"، لافتا إلى أن "إهمال هذه المشكلة أو التباطؤ في حلها سيؤدي إلى عواقب وخيمة لا يمكن تداركها".بدوره، يبين الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه والري عمر سلامة 'أنه يوجد لجنة للنظر باعتراضات أصحاب الآبار، وبإمكان أي صاحب بئر الاعتراض أمام اللجنة على المبالغ المقدرة عليه كأثمان مياه".وبحسب تعرفة أثمان المياه في سلطة وادي الأردن، فإن ثمن المتر الواحد لمياه الآبار الزراعية الصالحة للري ستكون فلسا/م3، أي بأكثر من كمية السماح، فيما حدد ثمن المتر للمياه المالحة بخمسة عشر فلسا، أما الآبار المخالفة فوزعت بين ثلاث شرائح: الأولى لكمية الاستهلاك من صفر إلى عشرة آلاف متر بـ150 فلسا/م3، والشريحة الثانية لكمية الاستهلاك من عشرة آلاف وواحد إلى ثلاثين ألفا بـ250 فلسا/م3، أما الشريحة الثالثة، فلكمية الاستهلاك ما فوق ثلاثين ألفا بـ500 فلس/م3 من المياه.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منح لصغار المزارعين للتكيف مع التغير المناخي
منح لصغار المزارعين للتكيف مع التغير المناخي

الرأي

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرأي

منح لصغار المزارعين للتكيف مع التغير المناخي

وقعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبالتعاون مع مديرية زراعة الكرك، اتفاقيات منح مع مجموعة من المزارعين ممن انطبقت عليهم شروط المنحه، وذلك ضمن مشروع تعزيز الأمن الغذائي من خلال التكيف مع التغير المناخي وندرة المياه في محافظتي الكرك ومعان، والممول من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي. وتهدف هذه الاتفاقيات بحسب مدير الزراعة المهندس مامون العضايله إلى دعم أنظمة تجميع مياه الأمطار وتطوير الزراعات المائية (الزراعة بدون تربة)، بما يسهم في تعزيز صمود المزارعين وتطوير أساليب الزراعة المستدامة في المناطق المتأثرة بندرة المياه وتغير المناخ. وأكد ممثل الفاو المهندس طلال الفايز أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهودهم المستمرة لدعم المجتمعات المحلية وتمكين صغار المزارعين من اعتماد تقنيات حديثة تعزز الإنتاج الزراعي وتوفر مصادر مياه بديلة ومستدامة، مشيرة إلى أهمية التعاون مع وزارة الزراعة في تنفيذ هذا المشروع الحيوي. و أعرب المزارعون المستفيدون عن تقديرهم للدعم المقدم من المنظمة ولجهود مديرية زراعة الكرك والذي من شأنه تحسين إنتاجهم الزراعي ومساعدتهم في مواجهة التحديات المناخية والمائية التي تعاني منها المنطقة.

تربويون في إربد: برنامج "بصمة" بيئة تفاعلية يعزز المهارات والقيم الوطنية
تربويون في إربد: برنامج "بصمة" بيئة تفاعلية يعزز المهارات والقيم الوطنية

الرأي

timeمنذ 9 ساعات

  • الرأي

تربويون في إربد: برنامج "بصمة" بيئة تفاعلية يعزز المهارات والقيم الوطنية

وتوعويا بارزا في أوساط طلبة الصف التاسع والعاشر في محافظة إربد من خلال بيئة تفاعلية تعزز القيم الوطنية وتساهم في تطوير المهارات الحياتية وتُشجع على المبادرة والمشاركة المجتمعية الفاعلة. البرنامج الذي يستهدف طلبة الصف التاسع والعاشر الأساسي يعتبر مبادرة مهمة وفق ما أكده تربويون في إربد وينفذ في عدد من مراكز المدارس في المحافظة، بمشاركة واسعة من الطلبة الذين وجدوا في "بصمة" منصة تثقيفية وتعليمية غير تقليدية تُنمي لديهم روح العمل الجماعي وترسخ مفاهيم المواطنة والقيادة والانتماء للوطن ضمن أنشطة فنية ورياضية وتحديات لتعزيز وقياس القدرات الفردية والجماعية والكشافة ومحاضرات توعوية دينية وحول آفة المخدرات والانتخابات والمواطنة الصالحة. وأكد مدير تربية لواء بني كنانة الدكتور زياد الجراح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) اليوم الثلاثاء أن البرنامج يعد من المبادرات الريادية التي تسهم في بناء شخصية الطالب الأردني فكريا وسلوكيا، عبر أنشطة تربوية متنوعة تمزج بين التوعية والمهارات والعمل التطوعي، مشيرا إلى أن المديرية حرصت على توفير الكوادر المؤهلة والبيئة الداعمة لإنجاح البرنامج. وأشار إلى أن أنشطة "بصمة" لا تقتصر على الجوانب الترفيهية بل تتضمن محاور هادفة أبرزها تنمية المهارات القيادية وتعزيز الحوار والاتصال الفعال والتدريبات الكشفية إضافة إلى الأنشطة البيئية والمسابقات الثقافية والمسرح التفاعلي، مبينا ان المشاركين يظهرون بلباس موحد يحمل شعار البرنامج وجملة ما البصمة التي ستقدمها لوطنك. بدوره، قال المدير المالي والإداري في تربية لواءي الطيبة والوسطية الدكتور خالد سلامة بني عامر أن برنامج "بصمة" يمثل خطوة استراتيجية مهمة نحو تمكين الطلبة وتوجيه طاقاتهم بشكل إيجابي خلال العطلة الصيفية، مبينا أن الأنشطة الموجهة التي يتضمنها البرنامج تسهم في ترسيخ مبادئ الانتماء الوطني وتعزيز الهوية الوطنية الأردنية الجامعة وبناء اتجاهات سليمة نحو العمل الجماعي والتطوعي. وأضاف ان البرنامج أتاح للمشاركين فرصة التفاعل مع محيطهم ومجتمعهم المحلي من خلال مبادرات ومشاريع صغيرة زرعت فيهم الإحساس بالمسؤولية والاعتزاز بالذات، مشيرا إلى أن المحافظة شهدت نماذج مشرقة من الطلبة الذين أظهروا قدرات ومهارات قيادية لافتة خلال تنفيذ الأنشطة وساهم في اكتشاف قدراتهم وأمكاناتهم التي خرجت من الإطار المدرسي الى المجتمعي والتطوعي. وفي مركز مدرسة كفر عان الثانوية للبنين في لواءي الطيبة والوسطية أبدى الطلبة تفاعلا كبيرا مع الورش التوعوية والتدريبات العملية حيث اعتبر الطلبة أن البرنامج مثل نقطة تحول في فهمهم لمعنى العمل الجماعي والانتماء للمجتمع واهمية الأنشطة في تعزيز ثقة الطلبة بانفسهم وتطوير مهاراتهم في التواصل. من جهتها، قالت الطالبة بيلسان عبادة من مركز مدرسة المزار الأساسية المختلطة ان البرنامج عرفها على مفاهيم جديدة تتعلق بالديمقراطية والمسؤولية وساهم في توسيع مداركها حول أهمية المشاركة المجتمعية، والعمل بروح الفريق موضحة أن الورش التطبيقية ساعدتها على اكتساب مهارات لم تدرس في المناهج الصفية. كما أشادت بالوعي المتزايد لدى الطلبة المشاركين، مؤكدة أن البرنامج أظهر مواهب وقدرات مميزة لدى الطلبة أبرزها البرامج الكشفية وتحية العلم والرياضية مثل كرة الطائرة والمحاضرات التوعوية حول الديمقراطية والمشاركة في الانتخابات ومحاضرات دينية في المجالات الحياتية وتوعوية ورسم اللوحات الجدارية والمبادرة في طرح أفكار لحملات تطوعية داخل المجتمع المحلي. وأضافت أن الطلبة أظهروا حماسا لافتا للمشاركة في النقاشات التي تناولت مفاهيم المواطنة والانتماء والهوية الوطنية مما يدل على أثر البرنامج في ترسيخ تلك المفاهيم ضمن بيئة حوارية تفاعلية. ويُعد "بصمة" من المبادرات السنوية التي تنفذها وزارة التربية والتعليم بالشراكة مع وزارة الشباب، ضمن خطة وطنية تهدف إلى الاستثمار في طاقات الشباب واليافعين، وتهيئتهم لمراحل متقدمة من المشاركة الفاعلة، سلوكًا وثقافةً وممارسة.

أم الرصاص.. حين تهمس الصحراء بتاريخها
أم الرصاص.. حين تهمس الصحراء بتاريخها

الرأي

timeمنذ 9 ساعات

  • الرأي

أم الرصاص.. حين تهمس الصحراء بتاريخها

في تلك البقعة الصامتة جنوب شرق عمّان، تمتد الأرض على اتساع النظر، بلا ضجيج، بلا زحام. الرمال هناك ليست كغيرها، وكأنها تحفظ الأسرار بهدوء الصحارى، وتُبقي في عمقها أنفاس حضارات مضت. هنا، في أم الرصاص، لا تحتاج إلى خيال واسع كي ترى ملامح الزمن، فكل حجر، وكل بقايا جدار، وكل فسيفساء ملوّنة، تروي فصلاً من تاريخ لا يزال نابضًا في وجدان المكان. حين تسير على أطراف الزمن يستقبلك الموقع بعزلة مهيبة، لا شيء يعلو فوق صوت الريح، وهي تمرّ بين الأعمدة المتساقطة، وكأنها تُنصت لـ"وشوشات" الزمن القديم. تتناثر بقايا الأبنية على الأرض، وكل منها يشير إلى مرحلة من مراحل صعود مدينة بدأت كمعسكر روماني، وازدهرت حتى غدت مركزًا دينيًا وثقافيًا في العصور البيزنطية، ثم الإسلامية المبكرة. وفي لحظة سكون، تحت سماء مفتوحة لا تحجبها أبنية حديثة، تشعر أن الأرض هنا تتحدث. خطواتك تُوقظ تاريخًا لم يُروَ بعد، وأنت تمشي فوق آثارٍ حملت على أكتافها أجيالاً، صلّت، وحرثت، وبَنَت، ثم اختفت، تاركة وراءها هذا الصمت العميق. فسيفساء تشبه القصائد في قلب الموقع، تظهر كنيسة القديس أسطفان، وقد خبّأت في أرضها واحدة من أروع الفسيفساء التي عرفها الأردن. عند رؤيتها، يصعب التصديق أن هذه الألوان والرسوم ما زالت صامدة منذ عام 785 ميلادي. المدن المرسومة، البيوت، الأنهار، أسماء الأماكن التي تزين الأرضية وكأنها خريطة من العصر القديم، ليست مجرّد زخرفة، بل رسائل بصرية من عالم اختفى. كل حجر ملون هناك، هو بمثابة كلمة من قصيدة طويلة كُتبت بلا حروف، تفهمها العيون قبل العقول، وتحرك فيك شعورًا عميقًا بالدهشة والاحترام. الطبيعة كأنها تحرس التاريخ ما حول الموقع ليس مجرد صحراء قاحلة، بل طبيعة تتداخل بلطف مع بقايا الحضارة. تحيط به آثار الحقول القديمة، وشبكات ريّ معقّدة من قنوات وآبار، شاهدة على محاولات الإنسان للتكيّف والبقاء. في الربيع، تزهر الأرض بشيء من الحياة، فتتناثر الأعشاب البرية بين الحجارة، وكأنها تواسي ما تبقى من الأطلال. تجلس هناك، ربما على أحد جدران الكنائس المنهارة، وتحدّق في الأفق، فتشعر أنك في مكان لا يعرف الزمن. هنا، لا توجد واجهات إسمنتية، ولا لوحات إعلانية، فقط أنت، والطبيعة، وآثار منسوجة بدقة، تنتظر من يفهمها. مكان لم يكشف كل أسراره بعد رغم مرور قرون، ما زال كثير من أم الرصاص مدفونًا تحت الأرض. حفريات محدودة هي التي أظهرت الكنائس والمنشآت وبعض المنازل. ومع ذلك، فإن كل ما كُشف، يُشير إلى مدينة كاملة كانت تضجّ بالحياة، بالتجارة، بالإيمان، وبالعمران. في زواياها المجهولة، ربما تنتظر كنوز جديدة أن ترى النور، وربما يحمل المستقبل اكتشافات تفتح أبوابًا لفهم أعمق لماضي المنطقة بأكملها. أكثر من أثر.. تجربة روحية أم الرصاص ليست فقط موقعًا أثريًا، بل تجربة شعورية وروحية. لا يذهب الناس إليها من أجل الصور فقط، بل من أجل أن يعيشوا لحظة اندماج نادرة بين الإنسان والأرض، بين الأطلال والسماء، بين التاريخ والحاضر. ولهذا، يجذب المكان الحجاج المسيحيين من مختلف بقاع العالم، كما يستقطب عشّاق الآثار والتاريخ من كل الجنسيات. في أم الرصاص، تتوقف عقارب الزمن، وتبدأ أنت بالسير داخله. كل ما حولك يدعوك للتأمل، ولإعادة النظر في معنى الاستمرارية والزوال. بين بقايا الكنائس، ورسوم الفسيفساء، وصمت الطبيعة، تفهم أن الحضارات لا تموت، بل تختبئ حين لا يجدها من يفهم لغتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store