logo
أبعد من عسكرة ترامب لوس أنجليس

أبعد من عسكرة ترامب لوس أنجليس

العربي الجديدمنذ 18 ساعات

لا تنحصر خطورة قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نشر قوّاتٍ من الحرس الوطني في مدينة لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا، على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها المدينة ضدَّ سياسات الهجرة القاسية التي تتبعها إدارته، في استخدام الجيش في قضايا أمن داخلي لا تبلغ حدّاً من الخطورة تستدعي الاستعانة بقوة عسكرية، ولا حتى في توظيف الجيش في خلافات سياسية حزبية، بقدر ما أن الأمر قد يكون مقدّمةً لما هو أعظم، مثل احتمال رفض ترامب التخلّي عن الرئاسة عندما تنتهي ولايته الثانية، مطلع عام 2029. وكان ترامب قد أمر، السبت الماضي (7 يونيو/ حزيران)، بفدرلة قوات الحرس الوطني في ولاية كاليفورنيا (إخضاعها للسلطة الفدرالية بدلاً من سلطة حاكم الولاية)، ونشْر ألفين من عناصرها في مدينة لوس أنجليس، فضلاً عن تعبئة قوات من مشاة البحرية لتكون على أهبة الاستعداد، بذريعة "حماية موظفي دائرة الهجرة والجمارك، وغيرهم من موظّفي حكومة الولايات المتحدة، الذين يؤدّون وظائفَ فيدراليةً مؤقّتاً.. وحماية الممتلكات الفيدرالية". ويسمح القانون الأميركي للرئيس بنشر الحرس الوطني، بحسب الضرورة، لصدّ غزو أجنبي أو قمع تمرّد أو تنفيذ القوانين. لكنّ، أيّاً من الحالات الثلاث السابقة (التي يحدّدها القانون) لا تنطبق على الواقعة التي نحن بصددها، إذ لا تتعرّض الولايات المتحدة لغزو أجنبي، رغم إصرار ترامب على وصف الهجرة غير الشرعية غزواً أجنبياً، كما أنه لا يوجد تمرّد بالمعنى التقني للكلمة، بقدر ما يتعلّق الأمر باحتجاجات وأعمال شغب محدودة في المدينة، دع عنك أن سلطات المدينة، وسلطات ولاية كاليفورنيا، لم تعترض طريق تطبيق أيّ قوانين، بما فيها سياسات الهجرة المتشدّدة لإدارة ترامب، ومع ذلك يتهمهما بالعجز والتواطؤ لتبرير قراره بعسكرة قضية مدنية.
تاريخياً، لا يمثّل قرار ترامب فدرلة قوات من الحرس الوطني، التي تتبع سلطة الولايات في الحالات العادية، ونشر قوات من الجيش في الأراضي الأميركية، سابقةً تاريخيةً، إذ سبق لرؤساء أميركيين آخرين أن قاموا بذلك، آخرها عام 1992، عندما اندلعت أعمال شغب في لوس أنجليس بعد تبرئة أربعة ضبّاط شرطة بيض من تهمة ضرب سائق أسود. حينها، طلب حاكم ولاية كاليفورنيا من الرئيس جورج بوش (الأب) تفعيل قوات الحرس الوطني للسيطرة على الأوضاع في المدينة، بعد أن قتل عشرات وجُرح آلاف واعتقل مثلهم، في حين قُدِّرَت الأضرار التي لحقت بالممتلكات العامّة والخاصّة بأكثر من مليار دولار. غير أن ما قام به ترامب هنا مختلف، إذ تصرّف من دون طلب من حاكم الولاية الديمقراطي، غافين نيوسوم، ومن دون التعاون معه، بل هدّد باعتقاله، واعتقال عمدة المدينة، الديمقراطية أيضاً، كارين باس، إن حاولا إعاقة عمل الحكومة الفيدرالية، رغم تأكيدهما أن الأمور لم تخرُج عن سيطرة قوات الأمن في الولاية والمدينة، وأنه ليس في نيّتهما إعاقة عمل السلطات الفيدرالية. ولا تقف الأمور عند ذلك الحدّ، بل يهدّد ترامب باللجوء إلى قانون التمرّد لعام 1807، الذي يخوّل الرئيس نشر قوات عسكرية لقمع تمرّد أو عنف محلّي أو لإنفاذ القانون في حالات معينة. وهو لا يُخفي ندمه الشديد على عدم قيامه بهذه الخطوة خلال ولايته الرئاسية الأولى ضدّ مظاهرات "حياة السود مهمّة"، التي اندلعت ضدّ إدارته عام 2020، على خلفية تقاعسها عن إدانة ضابط الشرطة، الذي قتل المواطن الأسود جورج فلويد في ولاية مينيسوتا. أيضاً، تشير تصريحات ترامب، ومسؤولين آخرين في إدارته، إلى إمكانية تكرار نموذج نشر قوات من الجيش في لوس أنجليس في مدن وولايات أميركية أخرى يسيطر عليها الديمقراطيون، بحجّة أنها توفّر ملاذاً آمناً لمهاجرين غير شرعيين.
لا تتعرّض الولايات المتحدة لغزو أجنبي، رغم إصرار ترامب على وصف الهجرة غير الشرعية غزواً أجنبياً
نعود إلى مسألة المخاطر الكُبرى المحتملة، التي قد تمثّلها خطوة ترامب هذه، وينظر إليها مراقبون أنها قد تكون أرضية اختبار، أو حتى تطبيعاً في المزاج الشعبي الأميركي العام، لاستخدام الجيش في خلافات سياسية وطنية. في الخطاب الذي ألقاه الثلاثاء الماضي (11 يونيو)، أمام جنود في قاعدة فورت براغ في ولاية كارولينا الشمالية، لم يتورّع ترامب عن مهاجمة الرئيس السابق جو بايدن، فضلاً عن تكرار مزاعمه عن تزوير انتخابات 2020، التي خسرها لصالح بايدن. وفي اليوم نفسه، وجّه ترامب تحذيراً شديداً إلى كلّ من يفكّر في التظاهر ضدّ العرض العسكري الذي سيقام غداً السبت (14 يونيو) في واشنطن، إحياءً للذكرى 250 لتأسيس الجيش الأميركي: "سنحتفل احتفالاً كبيراً يوم السبت. إذا أراد أيُّ متظاهر الخروج فسيواجَه بقوة هائلة... إنهم أناس يكرهون بلدنا". هكذا قال ترامب في تصريحات في المكتب البيضاوي. لا تنحصر المفارقة هنا في أن أميركا غير معتادة أصلاً العروض العسكرية، بما في ذلك في العاصمة واشنطن، وكذلك في أن العرض العسكري يتزامن، للمصادفة (إن كنت تصدّق ذلك) مع يوم عيد ميلاد ترامب التاسع والسبعين. ومعروفٌ أن ترامب حاول إرغام وزارة الدفاع على إجراء مثل هذه العروض العسكرية في ولايته الأولى، غير أن وزراء الدفاع حينها، وقادة المؤسّسة العسكرية أحبطوا جهوده، أمّا الآن فوزير الدفاع الحالي، بيت هيغسيث، مجرّد تابع لترامب من دون خلفية مهنية يُعتدّ بها.
محاولة ترامب التشبّث بالسلطة ستؤدّي إلى أزمة دستورية أكثر خطورة من التي شهدتها الولايات المتحدة عام 2020
في السياق، سبق لترامب أن كرَّر غير مرّة، منذ تسلّمه الرئاسة الثانية مطلع العام الحالي، أنه يرغب في مدّة رئاسية ثالثة، رغم أن التعديل الدستوري الثاني والعشرين يحظر ذلك. ولكن، لا يبدو أن ذلك يعني ترامب كثيراً، وهو كان قد طرح سيناريوهات عدّة، منها مثلاً ترشّح نائبه جي دي فانس للرئاسة، وبعد نجاحه بها يتنازل له عنها. قد يقول بعضهم إن هذه طموحات غير دستورية وغير واقعية وغير عمليّة، وحتى تتحقّق فإنها تتطلّب تعديلاً دستوريّاً، وهو أمرٌ معقّد جدّاً، لا توجد ذرة أمل بإنفاذه ضمن معطيات الساحة السياسية الأميركية الراهنة. لكن، إذا أخذنا في الاعتبار محاولات ترامب التشبّث بالسلطة بعد خسارته انتخابات 2020، فإن احتمالية تكرار ذلك قائمة، خصوصاً أن الإدارة الحالية لترامب أكثر ولاء له من إدارته حينها، فضلاً عن أن الحزب الجمهوري اليوم أكثر ارتهاناً له ولنزواته مقارنةً بخمس سنواتٍ مضت. وهذا لا يعني بالضرورة نجاح مساعي ترامب في هذا الصدد، ولكن مجرّد محاولته التشبّث بالسلطة مرَّة أخرى ستؤدّي إلى أزمة دستورية أكثر خطورة من التي شهدتها الولايات المتحدة عام 2020، إذ إن ترامب يعمل من دون كَلَالٍ على تطويع النظام السياسي الأميركي كلّه، مستفيداً من أغلبية جمهورية في مجلسيِ النواب والشيوخ، متواطئة معه، ومن محكمة عليا بأغلبية محافظة. ومن المفارقات هنا أن ترامب الذي كان رفض الضغوط التي مورست عليه في 6 يناير/ كانون الثاني 2020، لتفعيل قانون التمرّد لعام 1807، عندما اقتحم أنصاره الكونغرس في محاولة لمنع تصديقه على انتخاب بايدن رئيساً، هو نفسه من يهدّد باللجوء إليه الآن لقمع أيّ صوت معارض له، خصوصاً في الولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون، بذريعة تمرّدهم على تطبيق إجراءات الهجرة المتشدّدة، التي تتّبعها إدارته، غير أن هذا غير صحيح بالمرَّة.
باختصار، الولايات المتحدة، والعالم معها، على موعد مع سنواتٍ أربع مُشبعة بالمفاجآت والقلاقل، وما رأيناه إلى الآن في سياسات إدارة ترامب الداخلية والخارجية ما هي إلا مقدّمات لأمور أكبر. وفي المحصّلة، فإن أميركا، كغيرها من الإمبراطوريات والقوى العظمى التي سبقتها، ليس لها حصانة من دورة الزمان، خصوصاً عندما يكون منبع الإفساد فيها داخلياً بالدرجة الأولى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل حُسم خيار الحرب ضد إيران؟
هل حُسم خيار الحرب ضد إيران؟

القدس العربي

timeمنذ 2 ساعات

  • القدس العربي

هل حُسم خيار الحرب ضد إيران؟

فيما اعتبرته تل أبيب جزءا من «عملية مطوّلة» لمنع طهران من صنع سلاح نووي، بدأت إسرائيل، من الساعة الثالثة والنصف صباحا من فجر أمس الجمعة بتوقيت إيران المحلي، توالي ضرباتها على مناطق متعددة في العديد من المدن والأقاليم، شاملة منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم قرب أصفهان، ومصانع صواريخ باليستية، ومطارات (طهران وتبريز) وعشرين من كبار القادة العسكريين، بمن فيهم قائد الحرس الثوري ومعظم قادة القوة الجوية، وعلماء رئيسيين في المشروع النووي الإيراني. تشير الوقائع المحيطة بالحدث أن الهجوم الإسرائيلي حظي بتنسيق دولي بدأت إشاراته بالظهور مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الأربعاء الماضي، سحب دبلوماسييها من العراق والبحرين والكويت. تبع ذلك قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أول أمس الخميس، الذي أعلن أن طهران لا تقوم بالتزاماتها في مجال عدم الانتشار النووي. ما صدر عن الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، فيما يتعلق بالضربات الجارية كان في اتجاهين، الأول إعلان الموافقة، صراحة أو بشكل ضمني، عن الهجوم، وتمثّل ذلك بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدرش ميرتس عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»؛ بينما تركّز الاتجاه الثاني على إعلان الدول الغربية (بما فيها أمريكا) أنها لم تشارك عسكريا في العملية الإسرائيلية ضد إيران. تستحق تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الهجوم قراءة خاصة، فرغم إعلاناته المتكررة عن معرفته بالهجوم الإسرائيلي (وليس مجرّد «إخطاره») وعن كونه «بالغ النجاح»، فإن جزءا من هذه التصريحات تشير إلى نوع من الرهان على أن هذه الضربات الإسرائيلية يمكن أن تدفع طهران إلى قبول الشروط الأمريكية للاتفاق معها. ساهمت عدة عناصر في مراكمة نتنياهو لأوراق الضغط التي أقنعت إدارة ترامب بإمكان توظيف الهجوم في تحقيق الأهداف التي لم تتوصل لها بالمفاوضات، بدءا من انتهاء مهلة الشهرين التي أعطاها ترامب لإيران (وهو ما أعاد ترديده أمس) مرورا بقرار وكالة الطاقة الذرية الذي أعطى مبررا دوليا للهجوم، ووصولا إلى إعلان إيران رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 60 في المئة، وهو ما استخدمه الإسرائيليون في دعايتهم للحرب أيضا زاعمين أن طهران كانت على وشك تصنيع قنابل نووية خلال أيام. لقد حُسم عمليا الجدل بين ترامب، وخياره الدبلوماسي مع إيران، لصالح نتنياهو، وخياره الحربي الطامح إلى دفن المفاوضات، وهو ما سيطلق دينامية يمكن أن تؤدّي، إذا تراكمت عناصر كافية (منها، على سبيل المثال، استهداف إيران للقوات الأمريكية في الخليج) إلى تطوّر العملية الإسرائيلية إلى حرب شاملة تشترك فيها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون، وبذلك يتحقق هدفان لنتنياهو، الأول هو إنهاء المشروع النووي الإيراني، مع أفق إنهاء نفوذ إيران في المنطقة، وتدمير قدراتها العسكرية، وربما السعي لإسقاط النظام الإيراني برمّته، والثاني هو شد العصبيّة الإسرائيلية مجددا تحت قيادته، وإنهاء كل الضغوط الداخلية عليه.

ترامب: من غير الواضح ما إذا كان لدى إيران برنامج نووي بعد الهجوم الإسرائيلي
ترامب: من غير الواضح ما إذا كان لدى إيران برنامج نووي بعد الهجوم الإسرائيلي

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

ترامب: من غير الواضح ما إذا كان لدى إيران برنامج نووي بعد الهجوم الإسرائيلي

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّه من غير الواضح ما إذا كانت إيران لا يزال لديها برنامج نووي بعد الهجمات الإسرائيلية عليها، وأضاف ترامب، لوكالة رويترز في مقابلة عبر الهاتف اليوم الجمعة، أن الولايات المتحدة لا يزال لديها محادثات نووية مُزمعة مع إيران يوم الأحد، لكنّه غير متأكد مما إذا كانت ستُجرى هذه المحادثات، وذكر أنّ الأوان لم يَفُت بعد بالنسبة لإيران للتوصل إلى اتفاق، وتابع "حاولتُ إنقاذ إيران من الإذلال والموت"، ومضى قائلاً إنّه ليس قلقاً من اندلاع حرب في المنطقة نتيجة للضربات الإسرائيلية. في السياق، صرح ترامب لموقع أكسيوس الأميركي قبل دقائق من توجهه إلى غرفة العمليات لحضور جلسة استراتيجية بشأن إيران، بأنه يعتقد أنّ الضربة الإسرائيلية الضخمة قد حسّنت على الأرجح فرص التوصل إلى اتفاق نووي بين واشنطن وطهران، ورداً على سؤال لـ"أكسيوس" عمّا إذا كانت الضربة الإسرائيلية قد عرّضت دبلوماسيته النووية للخطر، قال ترامب: "لا أعتقد ذلك. ربما العكس. ربما الآن سيتفاوضون بجدية". وأضاف ترامب: "لقد منحت إيران مهلة 60 يوماً، واليوم هو اليوم الحادي والستون. كان ينبغي عليهم إبرام اتفاق"، وجادل بأنه بعد الضربات الإسرائيلية المدمّرة، أصبح لدى إيران الآن حافز أقوى لإبرام اتفاق، قائلاً في هذا الصّدد "لم أستطع إقناعهم بالتوصل إلى اتفاق في 60 يوماً. كانوا قريبين، وكان ينبغي عليهم فعل ذلك. ربما يحدث ذلك الآن"، وأشار إلى أن إسرائيل استخدمت "معدات أميركية ممتازة" خلال الهجوم. وفي وقت سابق من اليوم، أكد ترامب أنه كان على علم بموعد الضربات الجويّة الإسرائيلية على إيران "في وقت مبكّر"، ووصف الهجوم بـ"الممتاز"، فيما علّق في وقت لاحق بالقول: "حان الوقت لإنهاء هذا الوضع مع الأخذ في الاعتبار أنّ الهجمات القادمة المخطط لها بالفعل ستكون أكثر عدوانية"، وحثّ إيران على إبرام اتفاق بشأن برنامجها النووي. وقال الرئيس الأميركي إن "الوقت لا يزال متاحاً" أمام طهران لمنع مزيد من الصراع مع إسرائيل، وأكّد عبر منصة تروث سوشال أنّه: "وَقَع بالفعل موت ودمار واسع، لكن لا يزال الوقت متاحاً لوقف هذه المذبحة بالنظر إلى وجود خطة للهجمات القادمة بالفعل، وستكون أكثر وحشية". وكتب ترامب: "أعطيت إيران الفرصة تلو الأخرى لإبرام اتفاق". وتابع: "قلت لهم إن ذلك سيكون أسوأ من كل ما عرفوا أو توقعوا أو كل ما قيل لهم في السابق، إن الولايات المتحدة تصنع المعدات العسكرية الأفضل والأكثر فتكا من أي كان في العالم، وبفارق كبير، وإن إسرائيل لديها الكثير منها، وإنها ستتلقى المزيد، وإنهم يعرفون كيف يستخدمونها". وشدد الرئيس الأميركي: "لا يمكن لإيران امتلاك قنبلة نووية، ونحن نأمل في أن نعود إلى طاولة المفاوضات. سنرى"، وذلك في إشارة إلى الجولة المقبلة من المباحثات النووية بين طهران وواشنطن، والتي كانت مقررة الأحد في مسقط. وفي تصريحات أخرى، لشبكة (إن.بي.سي نيوز) اليوم، قال ترامب إنّ إيران أضاعت فرصة لإبرام اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، لكن قد تتاح لها الآن فرصة أخرى للتوصل إلى اتفاق، وأضاف: "لقد أضاعوا فرصة إبرام اتفاق. والآن، قد تتاح لهم فرصة أخرى؛ سنرى"، وذكر أن ممثلين عن إيران اتصلوا به ليقولوا له إنهم ما زالوا يرغبون في التوصّل إلى اتفاق. ويجمع ترامب اليوم الجمعة مجلس الأمن القومي في الساعة 11,00 (15:00 بتوقيت غرينتش) في البيت الأبيض في واشنطن. وكان ترامب ذكر، في وقت سابق صباح اليوم، حسب ما نقل كبير المراسلين السياسيين لشبكة فوكس نيوز بريت باير، في تصريحات تليفزيونية، إنّ الولايات المتحدة ستدافع عن نفسها و"ستساعد في الدفاع عن إسرائيل إذا احتاجت للمساعدة"، وذلك بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران. وأشار باير إلى أن ترامب ينتظر ليرى رد الفعل الإيراني على ما حدث، وإنه يرغب في استكمال المفاوضات مع إيران. ونقل المراسل عن ترامب قوله: "إيران لن تمتلك قنبلة نووية"، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو مرات عدّة في الأيام القليلة الماضية. ولفت المراسل إلى أن الرئيس الأميركي أبلغ الحلفاء في الشرق الأوسط بالهجوم، وبأن الولايات المتحدة لن تكون مشاركة. وكشفت شبكة فوكس نيوز، نقلاً عن مصادر رفيعة، أنّ الولايات المتحدة جدّدت مخزون صواريخ القبة الحديدية الإسرائيلية خلال الأسابيع القليلة الماضية. تقارير دولية التحديثات الحية قائمة اغتيالات إسرائيل في إيران.. رئيس الأركان وقائد "الحرس" وعلماء إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في بيان، إن إسرائيل اتخذت موقفاً أحادياً ضد إيران، وإن الولايات المتحدة ليست مشاركة في هذه الضربات ضد إيران، مضيفاً أن الأولوية الأولى هي حماية القوات الأميركية بمنطقة الشرق الأوسط، مؤكداً ضرورة ألّا تستهدف إيران المصالح الأميركية أو أفراداً أميركيين. وأضاف في بيانه أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأنها "تعتقد أن هذا الإجراء ضروري للدفاع عن نفسها"، وأن الرئيس ترامب اتخذ وإدارته الخطوات اللازمة لحماية القوات الأميركية بالشرق الأوسط والحفاظ على اتصال وثيق مع الشركاء الإقليميين. انقسام في الكونغرس بشأن الهجوم الإسرائيلي على إيران وتباينت آراء أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي حول الهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتبر بعض الديمقراطيين أن الهجوم "دلالة على عدم احترام إسرائيل للرئيس ترامب"، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة استمرار مفاوضاتها مع إيران، فيما دافع أعضاء الكونغرس الجمهوريين عن الهجوم الإسرائيلي، مؤكدين مساندتهم له. وانتقد السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي الهجوم الإسرائيلي على إيران، مؤكداً أنه يهدف بوضوح لـ"إفشال مفاوضات إدارة ترامب مع إيران"، وأنه "يعد دليلاً إضافياً على عدم احترام القوى العالمية، بما في ذلك حلفاؤنا، للرئيس ترامب"، مرجحاً أن هذا العدوان "قد يكون مفيداً لنتنياهو داخلياً، ولكن سيكون كارثياً على منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة وإسرائيل نفسها"، وقال: "هذه كارثة من صنع ترامب ونتنياهو، والمنطقة كلُّها قد تكون في صراع جديد مميت". وحذر ميرفي، في بيان، من أنه "ليس على الولايات المتحدة المشاركة مع إسرائيل في حرب لم تطلبها، وستجعلها أقل أماناً"، مشدداً على أن "إيران لم تكن لتصل إلى هذه المرحلة لتكون على وشك امتلاك سلاح نووي لو لم يجبر نتنياهو وترامب أميركا على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران". وفيما قال السيناتور جاك ريد، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في بيان، إن الغارات الجوية الإسرائيلية "تصعيد متهور يخاطر بإشعال العنف في المنطقة"، وأن "هذه الضربات لا تهدد حياة المدنيين الأبرياء فحسب، وإنما استقرار الشرق الأوسط بأكمله وسلامة المواطنين الأميركيين والقوات الأميركية"، مضيفاً أن "العدوان العسكري بهذا الحجم ليس هو الحل على الإطلاق"، وعبر عن مخاوفه من التصعيد داعياً لاستخدام الدبلوماسية الآن. أما السيناتور الديمقراطي عن فيرجينيا تيم كاين، عضو لجنتَي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، فوجه الثناء لإدارة ترامب على عدم مشاركتها في الهجوم الإسرائيلي على إيران، وقال: "لا أفهم سبب شنِّ إسرائيل ضربةً استباقيةً في ظل المناقشات الدبلوماسية رفيعة المستوى بين أيران وأميركا"، مشدداً على أن المحادثات الثنائية "هي الطريق الوحيد والمستديم لمنع تطوير سلاح نووي إيراني وحماية مصالح الأمن القومي الأميركي". رصد التحديثات الحية أكاذيب وخلاف ترامب ونتنياهو... تفاصيل عملية إسرائيلية لخداع إيران أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام فكتب على منصة أكس: "اللعبة ابتدأت. صلُّوا من أجل إسرائيل"، وكتب في تعليق آخر: "الناس يتساءلون عمّا إذا كانت إيران ستهاجم الأفراد أو المصالح العسكرية الأميركية بالمنطقة، وإجابتي: إذا فعلوا فيجب أن تكون استجابة أميركا ساحقة وتدمير جميع مصافي النفط الإيرانية والبنية التحتية"، كما كتب السيناتور الجمهوري توم كوتون: "فخور بمساندة إسرائيل"، فيما زعم السيناتور الجمهوري تيد كروز في تصريحات لشبكة فوكس نيوز أن إسرائيل "تدافع عن نفسها، والولايات المتحدة يجب أن تدعمها". السيناتور الديمقراطي عن ولاية بنسلفانيا جون فيترمان دعا لدعم إسرائيل عسكرياً واستخباراتياً، وقال: "يجب أن يكون التزامنا تجاه إسرائيل مطلقاً، وأنا أؤيد هذا الهجوم، ويجب أن نوفر كل ما هو ضروري عسكرياً أو استخباراتياً أو أسلحة لدعم إسرائيل في هجومها على إيران". وكانت إسرائيل شنّت، فجر اليوم الجمعة، هجوماً "استباقياً" واسعاً على إيران استهدف مواقع نووية ومقار عسكرية، ما أسفر عن مقتل عدد من القادة العسكريين الكبار، على رأسهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية الجنرال محمد باقري، والقائد العام للحرس الثوري حسين سلامي، إضافة إلى علماء نوويين، فيما سمع دوي انفجارات ضخمة في العاصمة طهران. وأعلن وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن توجيه ضربة استباقية لإيران.

اللاجئون السوريون في تركيا... بين حنين العودة ومرارة الواقع
اللاجئون السوريون في تركيا... بين حنين العودة ومرارة الواقع

العربي الجديد

timeمنذ 6 ساعات

  • العربي الجديد

اللاجئون السوريون في تركيا... بين حنين العودة ومرارة الواقع

مع اقتراب انتهاء فترة الإجازات التي منحتها السلطات التركية للاجئين السوريين الراغبين في زيارة مناطقهم داخل سورية ، عاد مئات منهم إلى تركيا بعد قضائهم أسابيع داخل بلادهم، حيث انقسمت آراء العائدين بين من يتحضّر للعودة الطوعية النهائية، ومن قرّر البقاء في تركيا مؤقتاً، نظراً إلى الدمار الواسع في منازلهم، وتدهور مقومات الحياة الأساسية في الداخل السوري. وكانت إدارة الهجرة التركية أعلنت، في يناير/ كانون الثاني 2025، برنامجاً يسمح لأفراد العائلات السورية اللاجئة في تركيا بزيارة سورية حتى ثلاث مرات، شرط عودتهم قبل نهاية يوليو/ تموز من العام الجاري، الأمر الذي شجّع عشرات الآلاف للتوجه إلى الداخل السوري، من أجل تفقد منازلهم وترميمها، تحضيراً لخطوة العودة . حسام كفرسجناوي لاجئ سوري يعمل في نقل المواد الغذائية بين الولايات التركية، عاد مؤخراً من سورية بعد زيارة استمرت ثلاثة أسابيع، قضاها في مسقط رأسه كفرسجنة، الواقعة في ريف إدلب الجنوبي. يروي لـ"العربي الجديد": "ذهبت لترميم منزلي الذي دمرته وسرقته قوات النظام المخلوع. وجدتُ المنزل بلا أبواب ولا نوافذ، ولا حتى الرخام وكابلات الكهرباء (الأسلاك) التي سُرقت أيضاً. تعرّض المنزل لقصف بقذيفتين، وكلّفني ترميمه بشكل جزئي نحو خمسة آلاف دولار أميركي". لجوء واغتراب التحديثات الحية %72 من اللاجئين السوريين في الأردن لا يرغبون في العودة ويضيف رب العائلة المؤلفة من ستة أفراد: "عدتُ إلى تركيا، لكنّني سأعود إلى دياري بشكل طوعي بعد شهر، حين ينهي أطفالي دراستهم، وسأنقل معي أثاث المنزل، إذ لم أعد أملك القدرة على شراء مفروشات ومستلزمات جديدة داخل سورية، خصوصاً أن المنزل ما زال في حاجة إلى ترميمات إضافية". حسام، الذي عاش في تركيا نحو ثمانية أعوام، متنقلاً بين بلدة الريحانية الحدودية وغازي عنتاب (جنوب وسط تركيا) ونزب (جنوب تركيا)، يُعرب عن امتنانه لتركيا التي احتضنته، لكنه يرى أن "العودة إلى الوطن، ولو كان مدمّراً، باتت ضرورة لبداية جديدة". من جانبها، تقول إسراء الحلبي، اللاجئة السورية من محافظة حلب ، إنها عادت مؤخراً من زيارتها الثالثة إلى سورية، والتي ستكون الأخيرة بحسب شروط برنامج الإجازات. وتوضح لـ"العربي الجديد": "حاولت أن أعيش في سورية مجدداً، لكنّني لم أستطع. منزلي يحتاج إلى الهدم وإعادة البناء بالكامل، وهو ما يتطلب نحو عشرة آلاف دولار أميركي، وهو مبلغ لا أملكه". وتضيف: "الحياة الاجتماعية في سورية لا تزال الأجمل، فهناك الأقارب والجيران والأصدقاء، لكن الحياة المعيشية صعبة جداً. لا كهرباء ولا ماء ولا إنترنت بشكل منتظم. ربما أعود لاحقاً بشكل طوعي، لكن بعد تحسّن الظروف الأساسية على الأقل". فرحة العودة لا تُثمّن، 11 ديسمبر 2024 (ياسين أكغول/فرانس برس) محمد الأحمد، لاجئ سوري من مدينة معرة النعمان (شمال غرب سورية)، يوضح أن عودته إلى بلاده جاءت تحت ضغط ظروف العمل، إذ انتقل مركز عمله إلى دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد، بحسب وصفه. ويقول لـ"العربي الجديد": "زرتُ سورية ضمن برنامج الإجازات، وعدتُ إلى تركيا من أجل تقديم امتحانات الجامعة. بعد انتهائي من الامتحانات، سأفكر جديّاً في العودة الدائمة، لا سيّما في حال أُبرمت اتفاقيات بين الحكومتين السورية والتركية، تضمن نقل الطلاب من دون عقبات مثل حذف المواد أو إعادة السنوات الجامعية". لجوء واغتراب التحديثات الحية العودة إلى سورية... مغتربون غلبهم الشوق رغم الكلفة والأزمات يتحدث الأحمد عن تحديات العيش في دمشق رغم انتقال عمله إليها، إذ يشير إلى الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات، ويكشف عن أن "إيجار المنزل في ضواحي دمشق يراوح بين 300 إلى 500 دولار أميركي، وفي قلب العاصمة بين 400 إلى 800 دولار. أما في المناطق الراقية، مثل أحياء أبو رمانة والمالكي وكفرسوسة، فيتجاوز الألف دولار. هذه الأرقام لا تتناسب أبداً مع راتبي، ولهذا أضطر إلى التريّث بانتظار توفر حلول مقبولة". تفتح الإجازات التي سمحت بها السلطات التركية نافذة للمئات من السوريين للعودة إلى وطنهم، ليس فقط بدافع الشوق، بل بدافع تقييم الإمكانيات الحقيقية للعودة النهائية. إلا أن المشهد في الداخل السوري، لا يزال معقداً. الدمار واسع في البنية التحتية، ناهيك عن غياب مقوّمات الحياة الأساسية، وغلاء المعيشة، كل ذلك يدفع الكثيرين إلى تأجيل القرار، أو إلى اتخاذ خطوات تدريجيّة. ومع استمرار التغيّرات السياسية والاقتصادية في سورية، وتعقّد أوضاع اللاجئين في تركيا، يبقى القرار بالعودة الطوعية محاطاً بالتردد، حيث تتقاطع العواطف مع الظروف المعيشية الصعبة، في انتظار بارقة أمل تعيد لسورية شيئاً من استقرارها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store