logo
رغم وعد ترامب.. مفاوضات غزة رهينة «الخطوط الحمر»

رغم وعد ترامب.. مفاوضات غزة رهينة «الخطوط الحمر»

صحيفة الخليجمنذ 2 أيام

رغم وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة الماضي بإعلان تطورات جديدة بشأن وقف إطلاق النار في غزة محدداً الجمعة أو السبت لذلك، فقد مرت ثلاثة أيام دون أي تقدم يذكر، وهو ما يرجعه مراقبون إلى تمسك طرفي الصراع إسرائيل وحماس بخطوطهما الحمر، في ظل محاولات دول الوساطة حلحلة المواقف، قبيل عيد الأضحى، الذي يحل على الفلسطينيين في قطاع غزة وهم مهددون بشبح المجاعة والإبادة.
وعلى مدار ما يقرب من عشرين شهراً من الحرب في غزة، حاول مختلف الوسطاء والمفاوضون التوصل لإنهاء القتال والعودة لأوضاع ما قبل هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، لكن فشلت كل الجهود حتى الآن، في إقرار الهدنة الدائمة، التي سعت إليها إدارتا جو بايدن ثم ترامب، وهو ما يؤشر إلى النزاع المستعصي.
تريد حماس وقفاً دائماً لإطلاق النار يسمح لها بالحفاظ على نفوذها في غزة بعد الحرب، وعدم التنازل عن سلاحها، أما إسرائيل فتريد اتفاقاً مؤقتاً فقط يسمح لها بالعودة إلى القتال وقت ما تريد.
ويرى مراقبون أن هذا الاختلاف الجوهري يعد العقبة الأساسية أمام هدنة جديدة، فبعد تجدد جهود الوساطة التي بذلها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وفريقه الأسبوع الماضي، سعت حماس إلى الحصول على ضمانات أقوى بأن أي وقف إطلاق نار جديد سيتطور إلى وقف دائم للأعمال العدائية.
رغم أن الاتفاق الأمريكي الجديد من المفترض استمراره لمدة 60 يومًا، فإن حماس دفعت باتجاه إدراج بند يضمن «استمرار المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق دائم». ويسمح هذا البند، من الناحية الفنية، بتمديد وقف إطلاق النار إلى أجل غير مسمى، ما يُبدد آمال إسرائيل في العودة إلى القتال.
طلب حماس أثار رفضاً إسرائيلياً، وصرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان بأن رد الحركة الفلسطينية غير مقبول إطلاقًا، ويمثل خطوة إلى الوراء.
لكن بارقة أمل مازالت تلوح في الأفق، حيث مازالت إدارة ترامب تضغط من أجل إعلان وقف القتال، فيما تعهدت مصر وقطر، وسيطا المحادثات، في بيان مشترك «بتكثيف الجهود لتذليل العقبات التي تواجه المفاوضات».
وفي حين يقول مراقبون إن حدوث انفراجة وشيكة أمر مستبعد راهناً، ما لم يتجاوز أيٌّ من الجانبين الخطوط الحمر، فقد أشار مسؤولون إسرائيليون إلى إمكانية الموافقة على هدنة دائمة إذا نزعت حماس سلاحها وغادر قادتها غزة، خصوصاً أن حكومة نتنياهو تقع تحت ضغط عائلات الرهائن المتبقين في غزة المقدر عددهم بحوالي 20 رهينة أحياء، بينما أعرب بعض مسؤولي حماس عن انفتاحهم على نوع من التسوية بشأن أسلحتهم، رغم نفي الحركة هذا الافتراض علنًا، وفق صحيفة نيويورك تايمز.
وقالت حماس إنها على استعداد للشروع الفوري في جولة مفاوضات غير مباشرة، للوصول إلى اتفاق حول نقاط الخلاف، بما يؤمّن إغاثة الفلسطينيين في غزة وإنهاء المأساة الإنسانية، وصولاً إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
وكان البيت الأبيض قد أعلن موافقة إسرائيل على مقترح ويتكوف الجديد، وهو ما دفع ترامب إلى القول إن اتفاق غزة بات وشيكاً.
يُحدد المقترح الأمريكي آلية معقدة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا تمهيدًا لتهدئة دائمة، مع ضمانات أمريكية بالتزام إسرائيل. وبحسب الخطة الأمريكية يجري إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء و18 جثمانًا من أصل قائمة تضم 58 شخصاً، على مرحلتين: النصف الأول (5 أحياء و9 جثامين) في اليوم الأول من الاتفاق. والنصف الثاني (5 أحياء و9 جثامين) في اليوم السابع.
وفي اليوم العاشر تقدّم حماس معلومات كاملة عن جميع الرهائن المتبقين، تتضمن إثبات حياة عن طريق تقارير طبية، أو تأكيدات بالوفاة، ومن المفترض أن تقوم الأمم المتحدة والهلال الأحمر، إلى جانب قنوات أخرى متفق عليها، بتوزيع المساعدات الإنسانية على غزة فور موافقة حماس على وقف إطلاق النار.
ومن المقرر أن تتوقف جميع العمليات الهجومية الإسرائيلية في غزة مع بدء تنفيذ الاتفاق. وسيتم تعليق النشاط الجوي الإسرائيلي لمدة 10 ساعات يوميًا، وتمديده إلى 12 ساعة في أيام تبادل الرهائن.
ومن بين النقاط الاخرى المثيرة للجدل، أنه وفق الخطة سيُعاد انتشار القوات الإسرائيلية على مرحلتين، اليوم الأول: إعادة انتشار في شمال غزة وممر نتساريم، واليوم السابع، إعادة انتشار في جنوب غزة، وذلك وفقًا لخرائط متفق عليها.
ومع تعثر المفاوضات، يزداد قلق أهالي غزة حيث تتزايد الأوضاع الإنسانية المأساوية، وسط استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية، ونقص الغذاء على نطاق واسع، وبداية فوضوية لبرنامج جديد لتوزيع المساعدات، شهد عمليات استهداف عند مراكز التوزيع، بينما تخشى عائلات الرهائن من مقتل الأحياء الباقين، مع استمرار إسرائيل في قصف القطاع بطريقة أشد عنفاً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عبداللطيف جميل وجوبي تتفقان على استكشاف فرص توفير الطائرات الكهربائية في السعودية
عبداللطيف جميل وجوبي تتفقان على استكشاف فرص توفير الطائرات الكهربائية في السعودية

زاوية

timeمنذ 17 دقائق

  • زاوية

عبداللطيف جميل وجوبي تتفقان على استكشاف فرص توفير الطائرات الكهربائية في السعودية

استكشاف إمكانية تسليم ما يصل إلى 200 طائرة كهربائية وخدمات ذات الصلة بقيمة تقارب مليار دولار أمريكي على مدار السنوات القادمة. مذكرة التفاهم الجديدة تستند إلى رؤية السعودية 2030 وتهدف إلى دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي في المملكة. سانتا كروز، كاليفورنيا وجدة، المملكة العربية السعودية - أعلنت عبداللطيف جميل، شبكة الأعمال المتنوعة التي تنشط منذ 80 عاماً، وشركة جوبي أفييشن، (المدرجة في بورصة نيويورك تحت الرمز: JOBY)، التي تعمل على تطوير مركبات الأجرة الجوية الكهربائية لتلبية احتياجات الركاب، عن توقيع مذكرة تفاهم لاستكشاف الفرص المتاحة لعقد اتفاقية توزيع طائرات جوبي الكهربائية في المملكة العربية السعودية. ويستند هذا الإعلان إلى الشراكة الاقتصادية بين الإدارة الأمريكية والحكومة السعودية، والتي تهدف إلى تحقيق نمو مشترك في مجاليّ التنقل والابتكار. ومن المتوقع أن يتم تسليم ما يصل إلى 200 طائرة من طائرات جوبي والخدمات ذات الصلة بقيمة تقارب مليار دولار أمريكي خلال السنوات القادمة. كما يتطلّع الطرفان إلى استكشاف فرص إضافية لتحقيق النمو في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وتتشارك عبداللطيف جميل وجوبي رؤى متكاملة وطويلة المدى لإحداث نقلة نوعية في مستقبل قطاع التنقل من خلال تطوير حلول تنقل تتميز بأعلى مستويات النظافة والأمان والكفاءة بأسعار معقولة، مما يرتقي بتجربة الركاب ويساهم في الحفاظ على البيئة. وقد شاركت عائلة جميل في جولة التمويل من السلسلة سي لجوبي، والذي كان بقيادة شركة تويوتا للسيارات. ويمثّل البيع المباشر للطائرات، من خلال شبكات الأعمال المتنوعة، مثل عبداللطيف جميل، إحدى ركائز استراتيجية جوبي للتسويق التجاري. كما تعتزم جوبي امتلاك وتشغيل الطائرات وخدماتها مباشرة في أسواق معينة، مثل الولايات المتحدة، إلى جانب عقد شراكات لإدارة عمليات مماثلة في أسواق أخرى، مثل اليابان. وتعليقاً على هذا الموضوع، قال جوبين بيفريت، المؤسس والرئيس التنفيذي لجوبي: "يتمحور هذا التعاون حول إطلاق الخدمات الأمريكية الرائدة في مجال التنقل الجوي الكهربائي في أنحاء العالم. ويسعدنا التعاون مع عبداللطيف جميل من أجل العمل على إرساء حلول مستقبلية أكثر نظافةً وأماناً وكفاءة. ونثق بأننا اخترنا الشريك الأبرز الذي سيساعدنا على إطلاق العنان لإمكانات السفر الجوي في المنطقة". ومن جانبه، قال حسن جميل، نائب رئيس مجلس إدارة عبداللطيف جميل في المملكة العربية السعودية: " تشهد المملكة تحولاً نحو مرحلة جديدة في قطاع التنقل، والتي ترتكز على مفاهيم التنقل المتوفر عند الطلب والمشاركة والتواصل والاستدامة. وتُعد طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية(eVTOL) عنصر بارز في سياق هذا التطور. ونتطلع قدماً إلى التعاون مع جوبي لدعم تحول قطاع التنقل في المملكة. ويأتي هذا التعاون بالتزامن مع مرور 70 عاماً على توزيع عبداللطيف جميل للسيارات مركبات تويوتا في المملكة، وهي مستثمر استراتيجي في شركة جوبي". وتركز المرحلة الأولى من التعاون بين جوبي وعبداللطيف جميل على تلبية احتياجات السوق في المملكة، حيث تتمتع عبداللطيف جميل بحضور واسع، فضلاً عن شبكة هامة وخبرة تشغيلية عميقة. ومن المقرر أن يعمل الطرفان على استكشاف آفاق التعاون في مجاليّ التوزيع والمبيعات، وإطلاق خدمات مركبات الأجرة الجوية المحلية، بما في ذلك إنشاء خدمات ما بعد البيع مثل الصيانة والإصلاح والتجديد، وتدريب الطيارين. يُذكر أنه تم تصميم طائرة جوبي المأهولة والكهربائية بالكامل لنقل أربعة ركاب بسرعات تصل إلى 200 ميل في الساعة، مما يوفر تنقلاً عالي السرعة وخالي من الانبعاثات مع مستويات أعلى من الراحة مقارنةً مع المروحيات التقليدية. وتُخطط شركة جوبي لنقل أول ركابها في دبي عام 2026. ونظراً لأهمية قطاع التنقل في مسيرة التحول الحضري الطموحة للسعودية، يهدف هذا التعاون المشترك إلى دفع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي في مختلف أرجاء المملكة وتوفير فرص عمل واعدة للمواطنين السعوديين، بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030. -انتهى-

مشعر منى.. شاهد على سُنن الأنبياء وذاكرة الحج
مشعر منى.. شاهد على سُنن الأنبياء وذاكرة الحج

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 20 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

مشعر منى.. شاهد على سُنن الأنبياء وذاكرة الحج

ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة و مشعر مزدلفة ، ويبعد عن المسجد الحرام نحو 7 كلم، وهو وادٍ مبارك تحيط به الجبال من كل جانب، وتنبض أوديته بالإيمان في أيام الحج، حيث يقضي فيه الحجاج ليالي التشريق، ويؤدون فيه شعائر عظيمة كـرمي الجمرات ، والنحر، والحلق أو التقصير. ويحمل مشعر منى هوية مكانية متميزة، تكتنزها طبيعته الجغرافية وتُجسدها الشعائر، التي يؤديها ضيوف الرحمن، حيث الخيام البيضاء التي تمتد على جنباته أصبحت علامة فارقة لمنظومة الحج الحديثة، وقد صُممت وفق أعلى معايير السلامة والراحة، لتستوعب ملايين الحجاج في بيئة آمنة ومهيأة بكفاءة. وكانت خيام منى في العقود السابقة تُنصب من القماش والخشب أو اللباد، وتفتقر لمقومات السلامة والراحة، وتُفكك بعد نهاية الحج، فيما يضُم اليوم مشعر منى أكثر من 100 ألف خيمة ثابتة مصنوعة من الألياف الزجاجية المقاومة للحرارة والاشتعال، والمكيّفة بالكامل، وتخضع لنظام ترقيم دقيق يسهل الوصول إليها ويعزز السلامة والتنظيم، وتغطي مساحة الخيام ما يقارب 2.5 مليون متر مربع، في مشهد عمراني موحد يخدم منظومة متكاملة من الإيواء والخدمات الصحية والأمنية واللوجستية، مما يجعل من مشعر منى مدينة متكاملة مؤقتة تنبض بالحياة أيام الحج، وفقا لوكالة الأنباء السعودية "واس". ويبرز في المشعر جسر الجمرات ، الذي يبلغ طوله 950 مترًا وعرضه 80 مترًا، على عدة طوابق، بطاقة استيعابية تتجاوز 300 ألف حاج في الساعة الواحدة، ما يُمكن من تفويج الحشود بكفاءة عالية ويُقلل من التزاحم والاختناق، خاصة في أوقات الذروة أثناء رمي الجمرات الثلاث (الصغرى والوسطى والكبرى). وتتوفر في الجسر وسائل متعددة لتنظيم حركة الحشود، تتضمن مداخل ومخارج متعددة من جميع الاتجاهات، وسلالم كهربائية وممرات مخصصة للطوارئ، إضافة إلى منظومة متقدمة من كاميرات المراقبة والذكاء الاصطناعي لرصد الكثافات والتحكم في التدفقات البشرية لحظة بلحظة. ويضم جسر الجمرات كذلك مرافق خدمية متكاملة، تشمل نقاطًا للإسعاف والدفاع المدني، وأماكن للراحة، ومظلات لتقليل آثار الحرارة، إلى جانب نظام تبريد متطور يعتمد على الرذاذ المائي لتحسين جودة الهواء في محيط الجسر، إذ يوفّر انسيابية لحركة الحشود ويُجسّد جهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، ويُسهّل عليهم أداء شعيرة رمي الجمرات، التي ترتبط بموقف سيدنا إبراهيم عليه السلام في التصدي للشيطان. وحظي مسجد الخيف في مشعر منى بعناية واهتمام كبيرين من وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، انطلاقًا من مكانته الدينية والتاريخية، حيث يُعدُّ أحد المواضع التي صلى فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما يجعله من أبرز المعالم الإسلامية في المشاعر المقدسة، وتبلغ مساحته (23.500م)، ويتسع لأكثر من (27.000) مصلٍ، ويحتوي المسجد على 4 مآذن، و9 أبواب رئيسة، و6 أبواب طوارئ. ويشهد تاريخ مشعر منى على عناية متواصلة منذ بزوغ شمس الإسلام، حيث كان الخلفاء الراشدون ومن تبعهم من ولاة المسلمين يعتنون به ويُقيمون فيه المناسك، وظل المشعر حاضرًا في وجدان الأمة الإسلامية قرونًا متعاقبة، إلى أن جاءت رعاية المملكة العربية السعودية، فكان التحول الكبير في البنية التحتية والخدمات المقدمة، ضمن رؤية شاملة؛ تهدف إلى الارتقاء بجودة تجربة الحاج، وتحقيق أقصى درجات الراحة والأمن. وتتجلّى في مشعر منى معاني التضحية، وتُسطّر فيه ملاحم الطاعة، ويبقى شامخًا في ذاكرة الأمة الإسلامية، حاضرًا في كل موسم حج، رمزًا للسكينة، وميدانًا للتقوى، وموقعًا تتعانق فيه الأرض بالسماء في أعظم أيام الله، حيث على أرضه يُمضي الحجاج أيامًا من أعظم أيام حياتهم، يلهجون فيها بالذكر والدعاء، ويستشعرون عظمة النسك، في جو إيماني به السكون والطمأنينة.

إيران في عزلة بلا أصدقاء.. هل تعيش نهاية مشروعها؟
إيران في عزلة بلا أصدقاء.. هل تعيش نهاية مشروعها؟

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 20 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

إيران في عزلة بلا أصدقاء.. هل تعيش نهاية مشروعها؟

وفي ظل تسريبات عن مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة ، يعود سؤال جوهري إلى الواجهة: هل نشهد تغيرًا حقيقيًا في استراتيجية إيران، أم هو مجرد مناورة سياسية لتفادي الانهيار الداخلي؟ في مقابلة مع برنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، قدّم محمد الزغول، مدير وحدة الدراسات الإيرانية في مركز الإمارات للسياسات، تشخيصًا صادمًا للحالة الاقتصادية الإيرانية، قائلاً: "الاقتصاد الإيراني أشبه بجسد فقد شحمه ولحمه، والآن بدأ الألم يصل إلى العظم." تشبيه يلخّص بدقة ما يحدث في الداخل الإيراني. منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة فرض العقوبات، تدهورت الصادرات النفطية إلى أقل من 700 ألف برميل يوميًا، بعد أن كانت إيران تبني موازنتها على أكثر من 2 مليون برميل. بحسب الزغول، فإن ما يقارب 28 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، و22 مليونًا بلا وظائف، غالبيتهم من الشباب. ومع انهيار خدمات الكهرباء والماء، وتقديرات لخسائر سنوية تصل إلى 13 مليار دولار بسبب انقطاع التيار، تحوّلت إيران من قوة نفطية وغازية إلى ما وصفه الزغول بـ"الإفلاس الطاقوي". "إيران اليوم، وهي ثاني أكبر دولة في العالم في احتياطيات الغاز، تفكر في استيراده… هذا بحد ذاته دليل على إفلاس السياسات لا الموارد." " مارشال إيران" في سوريا... حلم تبخر بسقوط الأسد؟ أحد أكثر الرهانات الاقتصادية جرأة لإيران كان في سوريا، حيث أنفقت طهران أكثر من 30 مليار دولار لدعم نظام بشار الأسد، على أمل استرداد 400 مليار دولار عبر مشاريع إعادة الإعمار. لكن تلك الخطة الطموحة التي سماها محللون "مارشال إيران"، والتي تضمنت أكثر من 40 مشروعًا اقتصاديًا واستثماريًا — من محطات كهرباء إلى سكك حديدية واتفاقيات للتنقيب عن الفوسفات والنفط — انهارت مع تراجع نفوذ الأسد وتعقّد المشهد السوري. الزغول علّق على هذا التحول بالقول: "طهران أرادت السيطرة على سوريا اقتصاديا، لكنها فوجئت بأن مشروعها ينهار من الداخل والخارج، والوثائق التي تسربت من السفارة الإيرانية في دمشق تثبت حجم الطموح الذي تبخّر." ومع سقوط تلك الخطة، خسرت إيران أحد أبرز أوراق نفوذها الإقليمي، وهو ما دفعها لإعادة ترتيب أولوياتها داخليًا، وتقديم نفسها للعالم بصورة براجماتية. " تريليون دولار"... رشوة سياسية أم انفتاح اقتصادي حقيقي؟ ما طرحته طهران مؤخرًا في مفاوضاتها مع واشنطن يرقى إلى محاولة إنقاذ كبرى: تلميحات بصفقات استثمارية ضخمة تقدر بتريليون دولار، وإبداء انفتاح على الشركات الأجنبية، وتراجع نسبي في تمويل أذرعها الإقليمية. لكن هل هذه التحركات نابعة من تحوّل استراتيجي فعلي أم مجرد تكتيك لإنقاذ النظام؟ يؤكد الزغول: "النظام السياسي الإيراني لم يتغير. هو فقط يتأقلم قسرًا. البنية التشريعية في إيران تسمح بالانفتاح، والمجتمع الإيراني ليبرالي بطبعه وجاهز للعالم، لكن النظام السياسي لا يزال محكوما بعقيدة أيديولوجية ضيقة." ويضيف: "المشكلة ليست في الشعب الإيراني، بل في رؤية النظام لنفسه والعالم، التي تستند إلى هويات دينية وطائفية عفا عليها الزمن، وهي ما يعطل تطور الاقتصاد والعلاقات الخارجية." الوقت ينفد: من "التصفير النفطي" إلى شلل اقتصادي شامل الخيار الأكثر خطورة أمام إيران اليوم هو الفشل في التوصل إلى اتفاق، وهو ما يُعرف بـ"السيناريو الأسود"، أي تصفير صادرات النفط تمامًا. وتجربة 2018، حين وصلت الصادرات إلى 170 ألف برميل يوميًا، لا تزال حاضرة، وهي كفيلة بضرب موازنة طهران التي بُنيت على تصدير أكثر من 2 مليون برميل يوميًا، وسعر متفائل للبرميل. الزغول يحذر: "العجز في الموازنة قد يبلغ 50%. صناديق التقاعد على وشك الإفلاس، والصناديق السيادية المُخصصة للأجيال المقبلة تُستنزف لدفع الرواتب، والمجتمع ينهار تحت وطأة التضخم الذي قد يصل إلى 70%." ولا تتوقف التهديدات عند الداخل. فالمفاوض الإيراني اليوم يجلس تحت سيفين، كما يقول الزغول: "آلية الزناد الأوروبية التي يمكن أن تعيد العقوبات الأممية، وسيف الضربة العسكرية الإسرائيلية في أي لحظة." هل ينهار الحصن من الداخل أم يطل فجر جديد؟ بين تريليون دولار من الوعود، و5475 عقوبة معلقة في الهواء، تسير إيران على حافة الانهيار أو التحول. وفي حين يترقب العالم ما ستسفر عنه المفاوضات، تبقى الحقيقة أن أي نهضة اقتصادية لن تُكتب ما لم يتغير جوهر السياسة الإيرانية، لا شكلها. فقد أثبتت التجارب أن الأيديولوجيا حين تتدخل في تفاصيل الزراعة والصناعة والمياه والغاز، تُنتج الخراب لا التنمية. ربما آن الأوان لطهران أن تفهم أن العالم لا ينتظرها، وأن خسارة مشروعها في سوريا، وارتباك تحالفاتها الإقليمية، واحتقانها الداخلي، كلّها مؤشرات على نهاية مرحلة. وبدلاً من التسول السياسي عبر العروض الاستثمارية، فإن مفتاح الخروج من النفق لن يكون إلا عبر الداخل: انفتاح صادق، وإصلاح هيكلي، ومصالحة مع الذات قبل الغرب. فهل تمتلك إيران الشجاعة للخروج من ظلها؟ أم أن "مارشالها" سيبقى حلماً على ورق؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store