
دعم قوي لدمشق والباقي على الشرع
في كتاب جيروم دريفون "من الجهاد إلى السياسة" شيء من اليقين بالنسبة إلى قدرة "هيئة تحرير الشام" الجهادية السلفية على التحول إلى حركة سياسية من دون التخلي عن البندقية. لكن الأسئلة المثارة هذه الأيام والتي قد يمر وقت طويل قبل الحصول على أجوبة موثوقة عنها، هي عن مسار التحول الذي مارسه "أبو محمد الجولاني". هل بدأ في السجن الذي أدارته القوات الأميركية في بغداد أم في مرحلة ما بعد "جبهة النصرة" والقطع مع قيادة "القاعدة"؟، وهل كان للسفير الأميركي السابق روبرت فورد دور فعلي في التحول خلال لقاءاته مع "الجولاني" في إدلب أم أن ما أسهم في التحول البطيء مسلسل لقاءات وحوارات وترتيبات قام بها مع "أمير إدلب" وزير الخارجية التركي الحالي هاكان فيدان الذي كان رئيساً للاستخبارات، والبروفيسور إبراهيم قالين رئيس الاستخبارات الحالي الذي كان مستشاراً للرئيس رجب طيب أردوغان؟
مهما يكُن، فإن الرجل انتظر حتى الوصول إلى دمشق مع سقوط نظام بشار الأسد لاستعادة اسمه الفعلي أحمد الشرع. وما حدث ويحدث على الأرض خارج خطاب الشرع يطرح أسئلة عن حقيقة التحول لدى قادة وقواعد في فصائل جهادية سلفية انضمت إلى وزارة الدفاع وارتكب بعضها مجازر في حق الأقليات، ومارس بعضها الآخر التضييق على الحريات الاجتماعية في المطاعم والمقاهي والملاهي وثياب النساء.
وليس الدعم الأميركي والسعودي والقطري والإماراتي والتركي، بصرف النظر عن التصورات والتفاصيل، سوى رهان على فرصة مفتوحة ومواجهة خطر يلوح في الأفق. فما يلتقي عليه الأميركيون والعرب والأتراك والأوروبيون هو الاعتماد على ما يريد ويستطيع الرئيس الشرع تقديمه، وموجزه في ثلاثة أمور. أولها إبقاء إيران خارج سوريا وأي نفوذ فيها، وإغلاق الممر السوري لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى "حزب الله" في لبنان، إذ ما لا تقصفه إسرائيل من الصواريخ تتولى أجهزة الأمن السورية ضبطه ومصادرته. وثانيها الحفاظ على الأمن وتحقيق العدالة الانتقالية وضرورة الانفتاح على تنوع المجتمع السوري والبحث عن أصحاب المؤهلات بدلاً من أصحاب الولاءات من دون خبرة ولا كفايات. وثالثها الانتقال من "اقتصاد الشلة" في ثياب "اقتصاد اشتراكي" مزيف إلى الاقتصاد الليبرالي والانفتاح على العرب والغرب بعد عقود من تقليد موسكو وطهران والوقوع في كابوس حصار اقتصادي وعقوبات، مما جعل 90 في المئة من السوريين عند خط الفقر وتحته.
أما الذي تريده إدارة الرئيس دونالد ترمب، فإنه ترتيب علاقات بين سوريا وإسرائيل. وأما الذي يدفع إلى الإسراع في رفع العقوبات وبدء الدعم، فإنه "قوة الخوف" من فشل الإدارة السورية الجديدة واندلاع "الفوضى والحرب الأهلية" خلال أسابيع، كما قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمام الكونغرس دفاعاً عن رفع العقوبات. لكن الباقي على الإدارة السورية الجديدة. فلا تدفق استثمارات على بلد يحتاج إلى نحو 500 مليار دولار لكي يعود لما كان عليه قبل عام 2011 من دون نظام قضائي فاعل وضمانات قوية لحقوق الإنسان والحريات الاجتماعية وحرية تحويل الأموال. ولا رهانات على تنمية اقتصادية من دون قوانين توضح نوع النظام، هل هو ليبرالي أم نيوليبرالي؟ وما هي ضمانات التشاركية والخصخصة ومدى التخلي عن القطاع العام لمصلحة القطاع الخاص السوري والعربي والدولي؟
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مفهوم أنه لدى الإدارة السورية الجديدة خيارات سياسية واقتصادية واجتماعية محددة من نوع تجربة الحكومة في إدلب. لكن هذه الإدارة محكومة بالذهاب إلى خيارات أخرى لم تكُن تؤمن بها ولا خبرة لديها في تسييرها. ولا مهرب من الانفتاح على مواهب من خارج إطار النظرية الخطرة التي عنوانها "من يحرر يقرر"، ذلك أن القرارات المعلنة تحت ضغط الخارج والرأي العام السوري لا تزال مجرد عناوين من دون فاعلية لأية لجنة أو هيئة، من العدالة الانتقالية إلى البحث عن المفقودين والكشف عن المقابر الجماعية، ومن التحقيق في مجازر الساحل إلى الوقف الفعلي للفصائل التي تتصرف على مزاجها كأن السلاح هو القانون، وكأن كل من ليس من الأكثرية هو "كافر" يجب قتله. والأساس هو إعادة الاعتبار إلى الرجال والنساء والشبان والشابات الذين بدأوا الثورة السلمية الجامعة في الشارع، بالتالي إعادة الاعتبار للثوار وشعار"الشعب السوري واحد"، وسط المفاخرة بالثورة والتركيز على الفصل الأخير فيها. فالثورة هي التي دفع السوريون ثمنها اعتقالاً وقتلاً ودماراً ونزوح نصف الشعب عن مدنه وبلداته وقراه وبيوته، والثوار ليسوا فقط الذين نفذوا الضربة الأخيرة لإسقاط نظام انهار على مراحل من دون أن يدافع عنه جيش من مئات الألوف لا يزيد راتب العسكري فيه على 10 دولارات شهرياً.
وليس أهم من الثورة سوى بناء الدولة، فالثورة الدائمة التي كان يصر عليها تروتسكي تعرقل قيام الدولة وتفتح طريق الصراعات والحرب الدائمة. وأخطر وضع في أي بلد فازت ثورته هو أن يصبح في حال هجينة، لا هو نظام، ولا هو دولة، ولا هو بقي ثورة.
حتى ستالين كان يحذر من "دوار النجاح".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 39 دقائق
- Independent عربية
في معنى الدولة وجدوى الردع... من الحرب الروسية - الأوكرانية إلى العجز اليمني
هل أكون على حق حين أقول: في البدء، لم يكن السلاح، بل الفكرة، لكنّ الفكرة غالباً، حين لا تحمي نفسها، تتحوّل إلى رماد. وعندما نبحث في التاريخ عن معنى الدولة، فإننا لا نعثر عليها في الدساتير وحدها، بل في قدرة حاملي الدساتير على صونها، وعلى ردع من يتربص بها، فكل سلطة لا تستند إلى قوة دفاعية مستنيرة، تظل في تصوري عرضة للابتلاع مهما بدت شرعيتها متماسكة. إن العالم، كما تكشفه الحروب الحديثة، لا يُدار بالنوايا، بل بالتجهيز المادي الذي يحوّل الإرادة السياسية إلى قدرة تنفيذية، والتاريخ لا يحمي الضعفاء أياً كانت قضاياهم عادلة، فمن لا يملك القدرة على الردع، لا يملك القرار السيادي، لأنه ببساطة تابع في لعبة لا ترحم. إن هذا العصر لا يمنح الدول حق البقاء لمجرد كونها دولاً، بل يقيس أهلية البقاء بميزان القوة العقلانية، وبالقدرة على حماية الذات من التهديد لا بمجرد استنكاره. وهنا، في قلب هذه الجدلية الشائكة والمعقدة، يتعين علينا أن نعيد طرح السؤال الحرج: ما معنى أن تكون دولة؟ وهل يمكن لدولة ما أن تزدهر أو حتى تستمر، وهي لا تملك إستراتيجية دفاعية تُسند خطابها السياسي، ولا بنية صناعية تُترجم أمنها إلى واقع؟ وعليه، يصبح تأملنا في تجارب كبرى كالحرب الروسية الأوكرانية، أو في تحولات القوة كما تعيد السعودية رسمها، أو في دور إيران التخريبي في المنطقة، مدخلاً ضرورياً لفهم مصير اليمن المعلق بين ذاكرة الانقلاب وغياب الاستعداد، بين ما يجب أن يكون وما لم يكن. ما من أحد في هذا العالم كان ليتوقع استمرار الحرب البشعة بين روسيا وأوكرانيا لأكثر من بضعة أسابيع أو حتى لبضعة أشهر، ولا أحد كان ليتوقع استمرار الميليشيات الحوثية في انقلابها المسلح على الدولة اليمنية أكثر من 10 أعوام. إننا في زمن يتكشّف فيه العالم عن هشاشاته بأكثر الطرق عنفاً، لم يعد بوسع الدول أن تتوهم الأمن باعتباره مجرد حال ظرفية أو نتيجة علاقاتها الدبلوماسية، فالأمن، في جوهره، ليس وضعاً جامداً، بل قدرة دائمة على الحماية، وامتلاك لمصادر الردع، ووعي إستراتيجي بوظيفة القوة وحدود استخدامها، من لا يملك القدرة على الدفاع عن نفسه، لا يملك حق الادّعاء بوجوده كدولة، لأنه ببساطة مرشّح لأن يكون هامشاً على خريطة الآخرين. لقد كشفت الحرب الروسية الأوكرانية هذا المعنى الفاصل بين البقاء والانهيار، فلو لم تكن أوكرانيا تمتلك مخزوناً كافياً من الأسلحة، ولو لم يُفتح لها باب الدعم الغربي المستمر، لسقطت كييف منذ الأيام الأولى، وفي المقابل، لو لم تكن روسيا تملك قاعدة صناعية عسكرية هائلة، لما استطاعت موسكو الاستمرار في حرب استنزاف مفتوحة طوال أكثر من عامين. هنا بالضبط تكمن المعادلة، استمرار الحرب ليس قراراً سياسياً فقط، بل قدرة مادية على الإنفاق والتصنيع والصمود والصبر. يقول وزير الدفاع البريطاني جون هيلي بصراحة لافتة "قوة الجيش لا تتحقق إلا بقدر قوة الصناعة التي تدعمه، ولذلك أعلنت المملكة المتحدة عزمها على استثمار 1.5 مليار جنيه إسترليني (نحو 2.04 مليار دولار) لبناء ستة مصانع جديدة في الأقل لإنتاج الأسلحة والمتفجرات، قبل أيام فقط من إطلاق إستراتيجيتها الدفاعية الجديدة، إنها ليست مجرد مراجعة تقنية واقعية، بل اعتراف صارم بأن العالم قد تغيّر، وأن الردع لا يقوم على النوايا الطيبة، بل على مصانع الذخيرة. في السياق ذاته، تبرز السعودية بوصفها قوة صاعدة غير عادية على نحو واثق، تُعيد تعريف موقعها ودورها في الشرق الأوسط، ومكانتها في العالم بالضرورة، لكنها لا تفعل ذلك فقط من خلال الاستثمار في السياحة أو البنية التحتية أو التحولات الثقافية، بل من خلال بناء قدرة دفاعية وطنية تنسجم مع تطلعاتها الكبرى. لقد أدركت السعودية، بعد عقود من الاعتماد على الشراكات الأمنية، أن الاستقلال الإستراتيجي لا يكون إلا بامتلاك أدوات الردع الذاتي، ولهذا بدأت بالاستثمار في الصناعات الدفاعية وتوطين التقنية العسكرية ورفع كفاءة القوات المسلحة، فالرخاء لا يصمد في الفراغ، والتنمية لا تزدهر في ظل تهديد دائم. هذا التقدّم في اعتقادي يكتسب أهمية مضاعفة حين نضعه في مواجهة ما تقوم به إيران، التي تُتقن منذ أربعة عقود جعل الشرق الأوسط منطقة قابلة للاشتعال في أية لحظة وقد جعلت بعضها مشتعلة فعلاً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) عبر أذرعها المسلحة التي تزرعها في المنطقة، لا تهدف طهران فقط إلى تعزيز نفوذها، بل إلى إفراغ دول المنطقة من مضمونها السيادي وتحويلها إلى كيانات مشلولة تابعة لنفوذ القوة لا لحكم القانون، إنها إستراتيجية خبيثة تقوم على تحطيم فكرة الدولة من الداخل، من خلال قوى موازية مسلحة تعمل خارج مؤسسات الدولة، لكنها تعيش في كنفها وتلتهمها بهدوء، هل يكفي النظر إلى ما كان يحدث في غزة وبيروت ودمشق وبغداد وصنعاء لندرك حقيقة الكلام المشار إليه أعلاه؟ هنا، يتعين عليَّ أن أطرح السؤال الأكثر وجعاً في اليمن: لماذا لم يتمكن اليمنيون حتى اليوم من استعادة دولتهم من الانقلاب المسلح الذي حدث في الـ21 من سبتمبر (أيلول) 2014؟ الجواب، على رغم تشعباته السياسية والإقليمية، يبدأ من غياب إستراتيجية دفاعية وطنية واضحة تتمكن من مواجهة الانقلاب والتغلب عليه. في الواقع وبينما كانت الميليشيات الحوثية تعيد ترتيب صفوفها وتعزز قدراتها العسكرية بمساعدة إيران، كانت الحكومة اليمنية الشرعية منشغلة بترتيبات الداخل الهشّة ومحاصصة السلطة على حساب بناء القوة، لم تكن هناك مؤسسة عسكرية موحدة ذات عقيدة دفاعية وطنية خالصة وصادقة، بل كانت هناك قوى عدة ومنفصلة ولها أهداف خاصة بها أمام جماعة دينية سلالية مسلحة صغيرة لكنها منظمة وباتت تمتلك صواريخ بالستية وطائرات مسيرة. الدروس المستفادة من هذا السياق القاتم لا تحتمل المجاملة، لا يمكن استعادة الدولة من دون إعادة بناء مؤسسة عسكرية وطنية قوية، موحدة، محترفة، تستمد شرعيتها من الدستور لا من الولاءات الضيقة، ولا يمكن حماية السيادة من دون استثمار طويل المدى في الصناعات الدفاعية الوطنية، وربط القرار السياسي بقدرة الردع الفعلية، لا بمجرد التمنيات. الدولة ليست إعلاناً سياسياً، بل منظومة معقدة من الفعل الدفاعي والاستعداد الدائم لحماية نفسها وحدودها في آن، و"غياب هذا الوعي الدفاعي" هو ما جعل اليمن عالقاً في حال موقتة استثنائية تتحول يوماً بعد يوم إلى ديمومة من العبث والانقسام والتيه. في نهاية المطاف، ما يحتاج إليه اليمن ليس فقط دعماً خارجياً، بل نهضة داخلية حقيقية تعي أن السيادة تبدأ من بندقية تدافع عن الحق، ومن موازنة لا تُهدر في العبث، بل تُنفق على بناء وطن قادر على حماية ذاته، فالدولة التي لا تصنع سلاحها أو لا تعمل على توفيره، ولا تموّل أمنها، تظل دائماً آيلة للسقوط ورهينة قرار غيرها. وفي لحظة تبدو فيها الجغرافيا مجرد مسرح للنفوذ، والتاريخ ساحة تصفية بين من يملكون ومن ينتظرون، تصبح الدولة الحقّة ليست تلك التي تُذكر في المحافل أو تتغنّى بخطب السيادة، بل التي تمتلك القدرة على أن تبقى. البقاء في زمننا هذا لا تضمنه الشرعية المجردة، بل تحميه بنية الردع العاقلة والقدرة الصناعية القادرة والعقيدة الوطنية الصادقة التي لا تتورط في التفكك، واليمن إذا أراد الخروج من محنته عليه ألا يكتفي بتوصيف المأساة، بل أن يصوغ معادلة وجوده على نحو مختلف، وأن تكون له دولة بمفهومها الكامل، لا سلطة معلّقة على هامش الخوف، ولا جيش من ورق يواجه ناراً من حقيقة.


الوئام
منذ ساعة واحدة
- الوئام
كييف تنتقد تعويض مستثمرين غربيين من أموال روسية مجمّدة
حذّرت الحكومة الأوكرانية من تداعيات قرار استخدام جزء من الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لتعويض مستثمرين غربيين، معتبرة أن الخطوة تمثل 'رسالة خاطئة' تُضعف الموقف الأوروبي الموحد في مواجهة موسكو. وجاءت الانتقادات بعد إعلان شركة 'يوروكلير' البلجيكية الشهر الماضي عن تحويل 3 مليارات يورو من أموال مستثمرين روس كانت تحت إدارتها، لصالح أطراف غربية تكبدت خسائر إثر مصادرة موسكو أصولها داخل روسيا. وفي أول تعليق رسمي من كييف، اعتبرت إيرينا مودرا، نائبة رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية والمسؤولة عن الشؤون القانونية، أن تعويض المستثمرين قبل ضحايا الحرب 'يناقض العدالة'، مضيفة أن 'القانون الدولي يُلزم المعتدي بدفع تعويضات للضحايا، لا للمستثمرين الذين دخلوا طواعية في بيئة محفوفة بالمخاطر'. وحذّرت مودرا من أن مثل هذه الخطوة تعكس 'ترددًا أوروبيًا' قد يقوّض مصداقية الاتحاد الأوروبي في الضغط على روسيا. وأضافت أن الحفاظ على السيطرة على الأصول الروسية المجمّدة، خصوصًا التابعة للبنك المركزي الروسي، يعد 'أمرًا محوريًا' في استراتيجية الردع. وتتزامن الانتقادات الأوكرانية مع حالة من الغموض داخل التحالف الغربي، لا سيما في ظل مواقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أبدت فتورًا تجاه دعم كييف واستمرار العقوبات المفروضة على موسكو. وكانت 'يوروكلير' قد حصلت في مارس على موافقة من السلطات البلجيكية لتنفيذ التحويل، استنادًا إلى تعديل أوروبي في نظام العقوبات أقر العام الماضي. من جهته، قال ناطق باسم الحكومة البلجيكية إن القرار 'يندرج ضمن تنفيذ تشريعات أوروبية أقرّتها الدول الأعضاء بالإجماع'. بدورها، أكدت 'يوروكلير' أنها تكتفي بتنفيذ العقوبات، دون أن تتخذ قرارات بشأنها. وتأتي هذه الخطوة بينما يدور نقاش داخل الاتحاد الأوروبي بشأن استخدام كامل أرصدة روسيا المجمدة، والمقدّرة بـ300 مليار دولار، في تمويل جهود إعادة إعمار أوكرانيا ودعم دفاعاتها. وقد كشف ثلاثة مصادر روسية لوكالة رويترز أن حل ملف الأصول المجمدة يمثل أحد الشروط التي طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب. وحذرت مودرا من أن أي خطوة لإعادة الأموال إلى موسكو تعني عمليًا 'تمويلًا مباشرًا لشراء دبابات وصواريخ وتدريب جنود جدد'. وأضافت: 'يجب على العالم أن يُظهر أن شنّ الحروب غير القانونية يترتب عليه عواقب مالية لا رجعة فيها'. وكانت أوكرانيا قد استفادت سابقًا من عائدات الفوائد على هذه الأموال المجمدة، وسط اعتراض روسي رسمي وصف الخطوة بأنها 'سرقة'. وفي حين لم تشمل الدفعة الأخيرة أصول البنك المركزي الروسي، فإنها أثارت مخاوف في كييف من تقويض المساعي لاستخدام الحزمة الكاملة من الأصول الروسية لصالح أوكرانيا. مايكولا يورلوف، مسؤول في وزارة الخارجية الأوكرانية، قال إن الإجراء 'سابق خطير'، بينما انتقدت النائبة البرلمانية كيرا روديك القرار قائلة: 'الشركات الغربية كانت تعلم المخاطر عند دخولها السوق الروسية. لماذا يُطلب من مجتمعاتها اليوم تعويضها؟ نحن من يحتاج هذه الأموال للدفاع وإعادة الإعمار'. ورأى يعقوب كيركيغارد، الخبير في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي بواشنطن، أن 'التركيز على تعويض مصالح الشركات أمر مذهل'، معتبرًا أن الأولوية يجب أن تكون 'لدعم الدفاع عن أوكرانيا'. وتُعد الأموال الروسية المجمدة في أوروبا إحدى أدوات الضغط الرئيسية بيد الاتحاد الأوروبي، إلا أن صرفها بشكل جزئي قد يحدّ من تأثير هذا النفوذ في المستقبل، بحسب محللين. ويُرتقب أن يجدد قادة الاتحاد الأوروبي العقوبات ضد روسيا خلال قمتهم في يونيو، بما في ذلك تجميد الأصول، وسط احتمال أن تعرقل هنغاريا هذه الخطوات، كما حدث في جولات سابقة.


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
200 مليون دولار مساعدات أوروبية لـ"دعم التعافي" في سوريا
أعلنت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط دوبرافكا شويتزا تخصيص مساعدات بقيمة 175 مليون يورو (نحو 200 مليون دولار) لسوريا في "رسالة واضحة" لدعم تعافيها بعد أكثر من 14 عاماً من نزاع دام. وأوضحت شويتزا في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية اليوم الخميس أنها عرضت حزمة المساعدات هذه أمس الأربعاء على المسؤولين السوريين، خلال اجتماعاتها معهم، مشيرة إلى أنها ستركز على قطاعات تشمل الطاقة والتعليم والصحة والزراعة، للمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد السوري ودعم مؤسساته وتعزيز حقوق الإنسان. وقالت شويتزا "جئت إلى هنا حاملة رسالة واضحة مفادها أننا هنا لمساعدة سوريا على التعافي"، وأضافت من مقر الاتحاد الأوروبي في دمشق "نريد أن تكون عملية إعادة الإعمار والتعافي ملكاً لسوريا وبقيادة سورية". وفي أول زيارة لمفوض أوروبي منذ إعلان السلطات السورية حكومة انتقالية جديدة أواخر مارس (آذار) الماضي، تابعت المفوضة "نريد أن نرى سوريا في المستقبل دولة طبيعية وديمقراطية". وتواجه السلطات الجديدة بعد نحو ستة أشهر من الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد خلال الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، تحديات كبرى تتمثل في إرساء حكم فعال والنهوض بالاقتصاد، مع الحفاظ على البلاد موحدة، وسعت الإدارة الانتقالية إلى استقطاب المجتمع الدولي ونجحت مساعيها في رفع العقوبات الأميركية ثم الأوروبية عن سوريا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) على منصة "إكس"، كتبت شويتزا "هذه لحظة مفصلية، فصل جديد من العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسوريا"، واصفة اجتماعها مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بأنه "بناء". وأكدت شويتزا من جانب آخر في المقابلة أن عودة اللاجئين يجب أن تكون "آمنة وطوعية وكريمة"، وأضافت أن الاتحاد الأوروبي لم يصنف سوريا بعد كدولة آمنة للعودة، "لأننا لا نريد حث الناس على المجيء إلى هنا، ثم لا يجدون مأوى لهم". وفرض الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي عقوبات على ثلاثة كيانات وشخصين مسؤولين عن أعمال العنف الدامية التي هزت سوريا خلال مارس (آذار) الماضي، وطالت مدنيين ينتمون خصوصاً إلى الأقلية العلوية. وأكدت شويتزا "لا يمكنك القول إن بعض أجزاء في سوريا آمنة وأجزاء أخرى غير آمنة"، مشيرة إلى أن تصنيف سوريا كدولة آمنة يتطلب "إجماعاً بين 27 دولة أوروبية عضواً" في الاتحاد الأوروبي. وذكرت أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيحضر اجتماعاً وزارياً يضم نحو 12 دولة متوسطية خلال الـ23 من يونيو (حزيران) الجاري في بروكسل. وأفاد بيان للاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء بأن المفوضية "تسعى بنشاط لدمج سوريا في عديد من المبادرات الرئيسة مع الدول المتوسطية الشريكة"، وقالت شويتزا "نريد أن نرى سوريا موحدة، هذه عملية ستتم خطوة بخطوة".