logo
"بيتار" حركة صهيونية توارت عقودا وأحياها داعم لترامب

"بيتار" حركة صهيونية توارت عقودا وأحياها داعم لترامب

الجزيرة٢١-٠٣-٢٠٢٥

حركة صهيونية يمينية شبه عسكرية، تعد من أقدم المنظمات الصهيونية، وشعارها "اليهود يقاتلون". أسسها زئيف جابوتنسكي عام 1923، بهدف إقامة دولة يهودية في فلسطين وتسهيل الهجرة إليها، ثم دمجت في منظمة الإرغون ، وأعاد إحياءها رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي رون توروسيان منتصف 2023 في الولايات المتحدة.
بحلول عام 1934، بلغ عدد أعضائها 70 ألف عضو، مما جعلها من أكبر الحركات الشبابية وأكثرها تأثيرا في أوروبا -خاصة بولندا- وفلسطين ووفرت دعما قويا لما عُرفت بـ"الحركة الصهيونية التصحيحية".
ورغم معارضة الصهاينة اليساريين لهذه الحركة، ووصفهم لها بأنها " فاشية"، فإن العديد من قادة إسرائيل ، ومن بينهم رئيس الوزراء مناحيم بيغن و إسحاق شامير ، كانوا من بين أعضائها، إضافة إلى بن صهيون نتنياهو، والد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
التسمية
و"بيتار" كلمة عبرية تعني الحصن، لكن تسمية المنظمة في أصلها اختصار لاسم "بريت يوسف ترومبلدور"، وهو مقاتل يهودي روسي مؤيد للحركة الصهيونية قتل في معركة مع فلسطينيين عام 1920 في مستوطنة تل حاي شمال فلسطين، فأراد جابوتنسكي تخليد اسم زميله باعتباره "شخصية مثالية ضحت في سبيل الصهيونية"، فسمى المنظمة بالأحرف الأولى من اسمه.
نشأة وتأسيس "بيتار"
تأسست منظمة بيتار عام 1923 على يد جابوتنسكي بمدينة ريغا في لاتفيا أثناء زيارته لها، وهي جزء من "الحركة الصهيونية التصحيحية"، التي سعت لإنشاء دولة يهودية على أرض فلسطين و الأردن ، وكان لها دور في "التعليم الصهيوني" وتعزيز اللغة والثقافة العبريتين.
استخدم جابوتنسكي قصة ترومبلدور لتأسيس منظمة شبابية شبه عسكرية تهدف إلى تشكيل هوية يهودية قوية تسعى لإقامة وطن لليهود في فلسطين، وبحلول ثلاثينيات القرن العشرين أصبحت بيتار واحدة من كبرى الحركات الشبابية اليهودية وأكثرها نفوذا في أوروبا.
رفضت بيتار الاشتراكية ، واعتمدت على تبرعات الأثرياء، واتبعت نهجا عسكريا استبداديا في عملها، وبحلول عام 1934 بلغ عدد أعضاء الحركة نحو 70 ألف عضو، وأدت دورا بارزا في تشكيل الأساس الأيديولوجي للصهيونية اليمينية.
أصرّ جابوتنسكي على أن الدولة اليهودية الجديدة في فلسطين ستحتاج إلى "يهودي جديد" مستعد للقتال من أجلها، لذا كان على كل عضو في الحركة أن يتلقى تدريبا عسكريا، مع إلزام المهاجرين إلى فلسطين بالخدمة عامين ضمن ألوية بيتار هناك.
كما ألزم جابوتنسكي أعضاء التنظيم بأداء قسم يلتزمون فيه بـ"تكريس حياتهم لإعادة ولادة الدولة اليهودية، بأغلبية يهودية، على جانبي الأردن".
اندمجت "بيتار" في منظمة الإرغون عام 1939، وقادت معها ثورة ضد الانتداب البريطاني ، مما نتج عنه تسليم فلسطين لليهود، وأصبحت المنظمة جزءا من الجيش الإسرائيلي بعد إعلان قيام إسرائيل عام 1948.
أعلن فيما بعد أن بيتار خارج فلسطين هي حركة تربية عسكرية، أما داخل فلسطين فهي حركة تنفيذ عسكري.
واستمرت المنظمة في العمل بشكل رسمي في فلسطين، وكانت المزود الرئيسي للإرغون بالجنود اليهود، ولكن في عام 1947، أصدرت السلطات الانتدابية أمرا بحظر نشاطاتها.
أسست بيتار مراكز لتدريب البحارة اليهود في إيطاليا، إضافة إلى مركز تدريب الطيران في باريس عام 1934، ثم في اللد عام 1938، و جنوب أفريقيا و نيويورك ، استعدادا لمعارك عام 1948.
وبعد قيام إسرائيل، انضمت حركة بيتار إلى حزب حيروت، وانضم أعضاؤها إلى كتيبة ناحال في الجيش الإسرائيلي.
أسست بيتار أيضا منظمة رياضية للشبيبة اليهودية، وفي بداياتها كانت تحمل أشكالا ورموزا عسكرية، إلا أنها مع مرور الوقت تحولت لتصبح منظمة رياضية بحتة.
الانتشار
تأسس أول فرع لحركة بيتار في مدينة ريغا في لاتفيا عام 1923، وأسس المهاجرون الأوائل من الحركة إلى فلسطين في عام 1926 الفرع الثاني في بلدة بيتح تكفا الإسرائيلية.
فيما بعد انخرط أعضاء بيتار في فرق صغيرة داخل المستوطنات القائمة، لنشر فكر الحركة ونجحوا في تأسيس مستوطنات زراعية مثل رامات طيومكين ونورديا ورامات رزيئيل وغيرها.
توسعت بيتار وافتتحت فروعا في العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وفلسطين، وبحلول عام 1931، وصل عدد أعضائها إلى نحو 18 ألف عضو، وفي تلك الفترة انخرط أعضاؤها في الأعمال الإرهابية في فلسطين.
وشارك أعضاء الحركة في أنشطة عسكرية في الثلاثينيات من القرن الماضي، وبرزت حينئذ حركة معارضة للهستدروت العمالية في فلسطين، وارتدى أعضاؤها القمصان البنية، تعبيرا عن التوجه الفاشي الذي تبنته الحركة.
وكان العديد من الأفراد الذين انشقوا عن الهاغاناه في عام 1930، ليؤسسوا المنظمة العسكرية إيتسيل (الإرغون) ومنظمة شتيرن ، من أعضاء بيتار.
نشأة وتأسيس "بيتار الولايات المتحدة"
تأسست حركة بيتار الولايات المتحدة عام 1929، ورغم ورود تقارير أفادت بوجود نشاط لها في نيويورك وكليفلاند في تلك الفترة وما بعدها، فإن طبيعة هذا النشاط لم يكن واضحا، وبقيت بعيدة عن الأنظار لعقود.
أعيد إحياء فرع بيتار في الولايات المتحدة في يونيو/حزيران 2023 على يد رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي رون توروسيان، أحد المتبرعين لحملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وعضو الكونغرس المؤيد لإسرائيل ريتشي توريس.
وفي يوليو/تموز 2024، أصبحت بيتار الولايات المتحدة منظمة غير ربحية معفاة من الضرائب. ووفقا لموقعها الإلكتروني، فإن لها فروعا في نيو أورليانز ودالاس و نيويورك و واشنطن العاصمة، لكن العدد الفعلي لأعضائها غير معروف.
الأيديولوجية
تستمد بيتار أيديولوجيتها من الدمج بين الفكر العسكري لجابوتنسكي ويوسف ترومبلدور، وتؤمن "ببناء مجتمع إسرائيلي مثالي يقوم على أسس الحرية والديمقراطية و الليبرالية".
إعلان
وفي موقعها الرسمي تعرّف المنظمة نفسها بأنها "حركة صهيونية جريئة تدافع عن شرعية إسرائيل وتعزز الارتباط اليهودي بأرضها".
وتركز معظم أنشطة الحركة على استهداف وتهديد المدافعين عن القضية الفلسطينية أو الأميركيين اليهود الذين يُنظر إليهم على أنهم غير متشددين بما يكفي تجاه الفلسطينيين.
الرؤية والأهداف
تقول المنظمة إنها تسعى إلى:
إنشاء جيل جديد من القادة اليهود الذين يتمتعون بالثقة والفخر والاستعداد للدفاع عن المجتمع اليهودي على جميع الجبهات في الجامعات والمجتمعات ووسائل الإعلام وغيرها.
تعزيز الهوية اليهودية عبر التعليم والنشاط وبناء المجتمع.
تنشئة الشبيبة اليهودية التصحيحية وتشجيع الهجرة إلى إسرائيل وتعزيز ارتباط اليهود بها.
ترسيخ الهوية اليهودية بين أعضائها وتعميق الانتماء للصهيونية
تعزيز الاستيطان وتطوير كافة أنحاء إسرائيل.
برزت الحركة إعلاميا أثناء الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس في أكتوبر/تشرين الأول 2024، إذ هاجم طلاب يهود طلابا مؤيدين لفلسطين. واتُّهمت بيتار بالتحريض على العنف ضد الطلاب الذين أقاموا مخيم "سوكوت" -الذي استوحي اسمه من عيد يهودي- دعما لفلسطين.
وأصدرت بيتار بيانا قالت فيه "نطالب الشرطة بإبعاد هؤلاء المشاغبين الآن، وإذا لم يحدث ذلك، سنضطر إلى حشد مجموعات من اليهود للقيام بذلك"، وهو أسلوب عنيف شرس تشجع عليه المنظمة في موقعها.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أثناء هجوم مشجعي كرة القدم الإسرائيليين على جمهور أياكس الهولندي في أمستردام بهولندا، روجت بيتار العالمية للحدث باعتباره "تذكيرا بالمذبحة" ضد اليهود.
ومنذ ذلك الحين، تورطت "بيتار الولايات المتحدة" في سلسلة من الاعتداءات على المتظاهرين المؤيدين لفلسطين، سواء في الشوارع أو عبر الإنترنت، وسعت إلى استفزاز منتقدي إسرائيل والتحريض ضدهم، كما حاولت ربط النشطاء المسلمين بـ"الإرهاب".
وفي 19 فبراير/شباط 2025 شهدت منطقة "بورو بارك" في بروكلين بنيويورك اشتباكات، بين نشطاء مؤيدين لفلسطين وأعضاء من منظمة "بيتار"، وذلك في احتجاج على معرض عقاري نظمته المنظمة لبيع أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة، اعتبرها النشطاء مسروقة من الفلسطينيين.
ومع تصاعد التوترات، بدأ أعضاء بيتار في مهاجمة المتظاهرين، ورفعوا علم جماعة "كهانا شاي"، وهي منظمة تصنفها الولايات المتحدة إرهابية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حركة صهيونية متطرفة تتوعد طلاب الجامعات الأميركية المؤيدين للفلسطينيين بالترحيل
حركة صهيونية متطرفة تتوعد طلاب الجامعات الأميركية المؤيدين للفلسطينيين بالترحيل

الجزيرة

time٣٠-٠٣-٢٠٢٥

  • الجزيرة

حركة صهيونية متطرفة تتوعد طلاب الجامعات الأميركية المؤيدين للفلسطينيين بالترحيل

جاء في تقرير لصحيفة واشنطن بوست أن جماعة صهيونية، تصفها بالمتشددة، أُسست قبل قرن من الزمان، عادت إلى الظهور في الولايات المتحدة بقائمة من النشطاء المؤيدين للفلسطينيين أحالتها إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بغية ترحيلهم إلى خارج البلاد. وأوضحت أن مجموعة تُدعى "بيتار الولايات المتحدة" أكدت على حسابها على منصة إكس -تويتر سابقا- أنها وضعت طالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا، محمود خليل ، المؤيد للفلسطينيين على قائمة الترحيل وذلك قبل 6 أسابيع من اعتقاله بواسطة مسؤولي دائرة الهجرة الاتحادية. أُعيد إحياؤها في 1923 وتعد بيتار حركة صهيونية يمينية شبه عسكرية، وهي من أقدم المنظمات الصهيونية، وشعارها "اليهود يقاتلون". وقد أسسها زئيف جابوتنسكي عام 1923، بهدف إقامة دولة يهودية في فلسطين وتسهيل الهجرة إليها، ثم دمجت في منظمة إرغون ، وأعاد إحياءها رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي رون توروسيان منتصف 2023 في الولايات المتحدة. وتفيد الصحيفة أن حركة بيتار أرسلت إليها قائمة بالأسماء المستهدفة بالترحيل التي قالت إنها أبلغتها لمسؤولي الإدارة الأميركية مؤخرا، وذلك بعد 3 أيام من اعتقال خليل في الثامن من مارس/آذار الحالي رغم أنه يحمل البطاقة الخضراء للإقامة الدائمة في الولايات المتحدة ومتزوج من مواطنة أميركية. ومن بين من وردت أسماؤهم على رأس القائمة مومودو تال، طالب الدراسات العليا في جامعة كورنيل الذي تم إيقافه مرتين العام الماضي لدوره في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. وزارة الداخلية تنفي وتطالب "بيتار الولايات المتحدة" -وهو الفرع الأميركي الذي أعيد إحياؤه حديثا وينمو بسرعة في البلاد- بأن يُنسب لها بعض الفضل للدور الذي تقوم به في هذا الخصوص. وأشارت واشنطن بوست إلى أنه لم يتسن لها تحديد ما إذا كانت هذه الحركة الصهيونية قد لعبت دورا في قرار إدارة ترامب استهداف كل من خليل وتال بالترحيل. ونقلت عن وزارة الأمن الداخلي القول إن وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك لا تعمل مع، أو تتلقى، أي معلومات من خلال خط الإرشادات الخاص بها من هذه الحركة. لكن الصحيفة تقول إن هذه الحركة تدعي أن الحكومة الأميركية وحتى محامي خليل وتال يستمعون إليها. ونسبت إلى دانيال ليفي، المتحدث باسم بيتار القول إن الحركة قدمت مئات الأسماء إلى إدارة ترامب من حاملي التأشيرات والمتجنسين من الشرق الأوسط والأجانب، مدعية أنهم جميعا "جهاديون يعارضون أميركا وإسرائيل ولا مكان لهم في بلدنا العظيم". وكانت شركة ميتا، المعروفة سابقا باسم فيسبوك، قد حظرت بيتار من منصاتها في الخريف الماضي، لتوجيهها تهديدات مبطنة بالقتل لأعضاء في الكونغرس مؤيدين للفلسطينيين وطلاب الجامعات. لم تعد مقيدة غير أن وجود حركة بيتار على وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد مقيدا الآن، لأنها تتوافق مع الأوامر التنفيذية للرئيس ترامب التي تدعو إلى طرد الرعايا الأجانب الذين ينخرطون في معاداة السامية أو يدعمون "الإرهاب". ووفقا لتقرير واشنطن بوست، فإن صعود نجم بيتار يُظهر إلى أي مدى شجعت سياسات ترامب وتصريحاته مجموعة جديدة من الحركات الصهيونية المتصلبة التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف الأفراد الذين يعتبرونهم معادين للسامية أو متعاطفين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بما في ذلك بعض اليهود. وكشفت أن شخصا غريبا اقترب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من مومودو تال أثناء مشاركته في مظاهرة في نيويورك، وسلّمه جهاز استدعاء آلي، في إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف عددا من المشتبه في انتمائهم إلى حزب الله الذين كانوا يحملون أجهزة استدعاء مماثلة، وهذا أسفر عن مقتل أو تشويه العشرات منهم. وحسب الصحيفة، فقد أصبح تزويد الناشطين المؤيدين للفلسطينيين بأجهزة استدعاء آلي، تكتيكا مميزا لبيتار، ودعت أنصارها على منصة إكس للقيام بالمثل. وفي حين يعدها المستهدفون تهديدا بالقتل، تقول الحركة الصهيونية المتشددة إنها مجرد مزحة من قبيل السخرية. وفي يناير/كانون الثاني، نشرت حركة بيتار على موقع إكس أنها تستهدف جمع 1800 دولار لتسليم جهاز نداء إلى الناشطة الفلسطينية البارزة نردين كسواني. وذكرت واشنطن بوست في تقريرها أن تلك الخطوة أثارت قلق جنان يونس، وهي محامية تعمل في مجال التعديل الأول للدستور الأميركي في العاصمة واشنطن ووالدها فلسطيني، وتعتبر نفسها مؤيدة للقضية الفلسطينية، وإن لم تكن مؤيدة لحماس. وقد ردت جنان يونس على المنشور المتعلق بكسواني على موقع إكس وقالت إنه سلوك إجرامي لا ينبغي أن يُسمح به، وسرعان ما قلبت بيتار الطاولة، وأوعزت إلى مؤيديها أن يعطوها جهاز استدعاء أيضا، على حد تعبير الصحيفة الأميركية. وكان حساب على منصة إكس، تحت اسم "توثيق كراهية اليهود في الحرم الجامعي في جامعة كولومبيا"، قد نشر معلومات عن خليل في اليوم السابق لاعتقاله، داعيا وزير الخارجية ماركو روبيو إلى إلغاء تأشيرته، من دون أن يدرك صاحب أو أصحاب الحساب أنه كان يحمل البطاقة الخضراء التي تسمح له بالإقامة الدائمة في الولايات المتحدة. وطبقا للصحيفة، فقد نشرت الصحفية في قناة الجزيرة ليلى العريان في فبراير/شباط أن هناك قائمة بأسماء أطفال فلسطينيين حديثي الولادة قتلتهم إسرائيل قبل أن يبلغوا عامهم الأول. وردت حركة بيتار عليها بالقول إن قتلهم لا يكفي، مضيفة: "نحن نطالب بالدماء في غزة!". وقد أُزيل المنشور، لكن المجموعة الصهيونية المتشددة أعادت نشر لقطات منه منذ ذلك الحين.

"بيتار" حركة صهيونية توارت عقودا وأحياها داعم لترامب
"بيتار" حركة صهيونية توارت عقودا وأحياها داعم لترامب

الجزيرة

time٢١-٠٣-٢٠٢٥

  • الجزيرة

"بيتار" حركة صهيونية توارت عقودا وأحياها داعم لترامب

حركة صهيونية يمينية شبه عسكرية، تعد من أقدم المنظمات الصهيونية، وشعارها "اليهود يقاتلون". أسسها زئيف جابوتنسكي عام 1923، بهدف إقامة دولة يهودية في فلسطين وتسهيل الهجرة إليها، ثم دمجت في منظمة الإرغون ، وأعاد إحياءها رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي رون توروسيان منتصف 2023 في الولايات المتحدة. بحلول عام 1934، بلغ عدد أعضائها 70 ألف عضو، مما جعلها من أكبر الحركات الشبابية وأكثرها تأثيرا في أوروبا -خاصة بولندا- وفلسطين ووفرت دعما قويا لما عُرفت بـ"الحركة الصهيونية التصحيحية". ورغم معارضة الصهاينة اليساريين لهذه الحركة، ووصفهم لها بأنها " فاشية"، فإن العديد من قادة إسرائيل ، ومن بينهم رئيس الوزراء مناحيم بيغن و إسحاق شامير ، كانوا من بين أعضائها، إضافة إلى بن صهيون نتنياهو، والد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. التسمية و"بيتار" كلمة عبرية تعني الحصن، لكن تسمية المنظمة في أصلها اختصار لاسم "بريت يوسف ترومبلدور"، وهو مقاتل يهودي روسي مؤيد للحركة الصهيونية قتل في معركة مع فلسطينيين عام 1920 في مستوطنة تل حاي شمال فلسطين، فأراد جابوتنسكي تخليد اسم زميله باعتباره "شخصية مثالية ضحت في سبيل الصهيونية"، فسمى المنظمة بالأحرف الأولى من اسمه. نشأة وتأسيس "بيتار" تأسست منظمة بيتار عام 1923 على يد جابوتنسكي بمدينة ريغا في لاتفيا أثناء زيارته لها، وهي جزء من "الحركة الصهيونية التصحيحية"، التي سعت لإنشاء دولة يهودية على أرض فلسطين و الأردن ، وكان لها دور في "التعليم الصهيوني" وتعزيز اللغة والثقافة العبريتين. استخدم جابوتنسكي قصة ترومبلدور لتأسيس منظمة شبابية شبه عسكرية تهدف إلى تشكيل هوية يهودية قوية تسعى لإقامة وطن لليهود في فلسطين، وبحلول ثلاثينيات القرن العشرين أصبحت بيتار واحدة من كبرى الحركات الشبابية اليهودية وأكثرها نفوذا في أوروبا. رفضت بيتار الاشتراكية ، واعتمدت على تبرعات الأثرياء، واتبعت نهجا عسكريا استبداديا في عملها، وبحلول عام 1934 بلغ عدد أعضاء الحركة نحو 70 ألف عضو، وأدت دورا بارزا في تشكيل الأساس الأيديولوجي للصهيونية اليمينية. أصرّ جابوتنسكي على أن الدولة اليهودية الجديدة في فلسطين ستحتاج إلى "يهودي جديد" مستعد للقتال من أجلها، لذا كان على كل عضو في الحركة أن يتلقى تدريبا عسكريا، مع إلزام المهاجرين إلى فلسطين بالخدمة عامين ضمن ألوية بيتار هناك. كما ألزم جابوتنسكي أعضاء التنظيم بأداء قسم يلتزمون فيه بـ"تكريس حياتهم لإعادة ولادة الدولة اليهودية، بأغلبية يهودية، على جانبي الأردن". اندمجت "بيتار" في منظمة الإرغون عام 1939، وقادت معها ثورة ضد الانتداب البريطاني ، مما نتج عنه تسليم فلسطين لليهود، وأصبحت المنظمة جزءا من الجيش الإسرائيلي بعد إعلان قيام إسرائيل عام 1948. أعلن فيما بعد أن بيتار خارج فلسطين هي حركة تربية عسكرية، أما داخل فلسطين فهي حركة تنفيذ عسكري. واستمرت المنظمة في العمل بشكل رسمي في فلسطين، وكانت المزود الرئيسي للإرغون بالجنود اليهود، ولكن في عام 1947، أصدرت السلطات الانتدابية أمرا بحظر نشاطاتها. أسست بيتار مراكز لتدريب البحارة اليهود في إيطاليا، إضافة إلى مركز تدريب الطيران في باريس عام 1934، ثم في اللد عام 1938، و جنوب أفريقيا و نيويورك ، استعدادا لمعارك عام 1948. وبعد قيام إسرائيل، انضمت حركة بيتار إلى حزب حيروت، وانضم أعضاؤها إلى كتيبة ناحال في الجيش الإسرائيلي. أسست بيتار أيضا منظمة رياضية للشبيبة اليهودية، وفي بداياتها كانت تحمل أشكالا ورموزا عسكرية، إلا أنها مع مرور الوقت تحولت لتصبح منظمة رياضية بحتة. الانتشار تأسس أول فرع لحركة بيتار في مدينة ريغا في لاتفيا عام 1923، وأسس المهاجرون الأوائل من الحركة إلى فلسطين في عام 1926 الفرع الثاني في بلدة بيتح تكفا الإسرائيلية. فيما بعد انخرط أعضاء بيتار في فرق صغيرة داخل المستوطنات القائمة، لنشر فكر الحركة ونجحوا في تأسيس مستوطنات زراعية مثل رامات طيومكين ونورديا ورامات رزيئيل وغيرها. توسعت بيتار وافتتحت فروعا في العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وفلسطين، وبحلول عام 1931، وصل عدد أعضائها إلى نحو 18 ألف عضو، وفي تلك الفترة انخرط أعضاؤها في الأعمال الإرهابية في فلسطين. وشارك أعضاء الحركة في أنشطة عسكرية في الثلاثينيات من القرن الماضي، وبرزت حينئذ حركة معارضة للهستدروت العمالية في فلسطين، وارتدى أعضاؤها القمصان البنية، تعبيرا عن التوجه الفاشي الذي تبنته الحركة. وكان العديد من الأفراد الذين انشقوا عن الهاغاناه في عام 1930، ليؤسسوا المنظمة العسكرية إيتسيل (الإرغون) ومنظمة شتيرن ، من أعضاء بيتار. نشأة وتأسيس "بيتار الولايات المتحدة" تأسست حركة بيتار الولايات المتحدة عام 1929، ورغم ورود تقارير أفادت بوجود نشاط لها في نيويورك وكليفلاند في تلك الفترة وما بعدها، فإن طبيعة هذا النشاط لم يكن واضحا، وبقيت بعيدة عن الأنظار لعقود. أعيد إحياء فرع بيتار في الولايات المتحدة في يونيو/حزيران 2023 على يد رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي رون توروسيان، أحد المتبرعين لحملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وعضو الكونغرس المؤيد لإسرائيل ريتشي توريس. وفي يوليو/تموز 2024، أصبحت بيتار الولايات المتحدة منظمة غير ربحية معفاة من الضرائب. ووفقا لموقعها الإلكتروني، فإن لها فروعا في نيو أورليانز ودالاس و نيويورك و واشنطن العاصمة، لكن العدد الفعلي لأعضائها غير معروف. الأيديولوجية تستمد بيتار أيديولوجيتها من الدمج بين الفكر العسكري لجابوتنسكي ويوسف ترومبلدور، وتؤمن "ببناء مجتمع إسرائيلي مثالي يقوم على أسس الحرية والديمقراطية و الليبرالية". إعلان وفي موقعها الرسمي تعرّف المنظمة نفسها بأنها "حركة صهيونية جريئة تدافع عن شرعية إسرائيل وتعزز الارتباط اليهودي بأرضها". وتركز معظم أنشطة الحركة على استهداف وتهديد المدافعين عن القضية الفلسطينية أو الأميركيين اليهود الذين يُنظر إليهم على أنهم غير متشددين بما يكفي تجاه الفلسطينيين. الرؤية والأهداف تقول المنظمة إنها تسعى إلى: إنشاء جيل جديد من القادة اليهود الذين يتمتعون بالثقة والفخر والاستعداد للدفاع عن المجتمع اليهودي على جميع الجبهات في الجامعات والمجتمعات ووسائل الإعلام وغيرها. تعزيز الهوية اليهودية عبر التعليم والنشاط وبناء المجتمع. تنشئة الشبيبة اليهودية التصحيحية وتشجيع الهجرة إلى إسرائيل وتعزيز ارتباط اليهود بها. ترسيخ الهوية اليهودية بين أعضائها وتعميق الانتماء للصهيونية تعزيز الاستيطان وتطوير كافة أنحاء إسرائيل. برزت الحركة إعلاميا أثناء الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس في أكتوبر/تشرين الأول 2024، إذ هاجم طلاب يهود طلابا مؤيدين لفلسطين. واتُّهمت بيتار بالتحريض على العنف ضد الطلاب الذين أقاموا مخيم "سوكوت" -الذي استوحي اسمه من عيد يهودي- دعما لفلسطين. وأصدرت بيتار بيانا قالت فيه "نطالب الشرطة بإبعاد هؤلاء المشاغبين الآن، وإذا لم يحدث ذلك، سنضطر إلى حشد مجموعات من اليهود للقيام بذلك"، وهو أسلوب عنيف شرس تشجع عليه المنظمة في موقعها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أثناء هجوم مشجعي كرة القدم الإسرائيليين على جمهور أياكس الهولندي في أمستردام بهولندا، روجت بيتار العالمية للحدث باعتباره "تذكيرا بالمذبحة" ضد اليهود. ومنذ ذلك الحين، تورطت "بيتار الولايات المتحدة" في سلسلة من الاعتداءات على المتظاهرين المؤيدين لفلسطين، سواء في الشوارع أو عبر الإنترنت، وسعت إلى استفزاز منتقدي إسرائيل والتحريض ضدهم، كما حاولت ربط النشطاء المسلمين بـ"الإرهاب". وفي 19 فبراير/شباط 2025 شهدت منطقة "بورو بارك" في بروكلين بنيويورك اشتباكات، بين نشطاء مؤيدين لفلسطين وأعضاء من منظمة "بيتار"، وذلك في احتجاج على معرض عقاري نظمته المنظمة لبيع أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة، اعتبرها النشطاء مسروقة من الفلسطينيين. ومع تصاعد التوترات، بدأ أعضاء بيتار في مهاجمة المتظاهرين، ورفعوا علم جماعة "كهانا شاي"، وهي منظمة تصنفها الولايات المتحدة إرهابية.

الثورة الفلسطينية الكبرى.. يوم قام القسام ضد الإنجليز والمنظمات الصهيونية
الثورة الفلسطينية الكبرى.. يوم قام القسام ضد الإنجليز والمنظمات الصهيونية

الجزيرة

time٠٩-٠٣-٢٠٢٥

  • الجزيرة

الثورة الفلسطينية الكبرى.. يوم قام القسام ضد الإنجليز والمنظمات الصهيونية

ثورة بدأت عام 1936م وامتدت حتى 1939م. اندلعت في منتصف أبريل/نيسان بعدما هاجم أتباع الشيخ عز الدين القسّام قافلة شاحنات بين مدينتي نابلس و طولكرم ، وقتلوا سائقين يهوديين، فردت منظمة الإرغون الصهيونية في اليوم التالي بقتل عاملَين فلسطينيين قرب قرية بيتح تكفا. وتلت ذلك اضطرابات دامية في تل أبيب و يافا فانطلقت بذلك "الثورة الفلسطينية الكبرى"، التي استمرت 3 أعوام، وتعاضد فيها الأعيان والنخب مع الفلاحين والبسطاء من أهل الريف. الظروف التاريخية للثورة الفلسطينية الكبرى مهدت عدة أحداث وتطورات الطريق لهذه الثورة، فقد كانت فترة الثلاثينيات من القرن الـ20 في فلسطين -كما في غيرها من البلدان- فترة اضطراب اقتصادي شديد، وفيها أصاب الفلسطينيين في الريف ضرر كبير نتيجة عمليات نزع ملكيتهم وتراكم الديون عليهم، جرّاء سياسات سلطات الانتداب البريطاني المشجعة لجهود المنظمات الصهيونية لشراء الأراضي بالإكراه. وملأت الهجرة من الريف إلى الحضر حيفا ويافا بالفلسطينيين الفقراء الباحثين عن عمل، فبرزت أشكال جديدة من التنظيمات السياسية التي ركّزت على الشباب والفئات الاجتماعية الشعبية بدل الأشكال القديمة القائمة على النخب، كما أدى تزايد العداء لليهود في أوروبا إلى زيادة هجرتهم إلى فلسطين. ونتجت عن تلك التطورات والأحداث اضطرابات دورية، ابتداء ب ثورة البراق سنة 1929، ثم اندلاع المظاهرات في العديد من مدن فلسطين ضد الانتداب البريطاني عام 1933. وفي أكتوبر/تشرين الأول 1935، تم اكتشاف كمية من الأسلحة شُحنت لحساب منظمة الهاغاناه في ميناء يافا، مما أجّج المخاوف الفلسطينية، خاصة وأن الهجرة اليهودية بلغت ذروتها، ففي الفترة من 1933 إلى 1936 وصل أكثر من 164 ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين، وبين 1931 و1936 زاد عدد السكان اليهود أكثر من الضعف من 175 ألفا إلى 370 ألفا، وانتقلت نسبتهم من 17% إلى 27% من مجموع السكان. وفي عام 1930، أسس الشيخ عز الدين القسام منظمة "الكف الأسود"، المناهضة للصهيونية وللسياسات الاستعمارية البريطانية، وجنّد الفلاحين والعمال وأقام لهم دورات تدريبية عسكرية. وبحلول عام 1935 كان قد جند المئات، وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه اشتبك اثنان من رجاله بالأسلحة النارية مع دورية للشرطة البريطانية وقتلوا شرطيا. وفي أعقاب هذه الحادثة طاردت الشرطة القسّام، وحاصرته في كهف بالقرب من قرية يعبد ومعه 10 من أنصاره، فرفض الاستسلام، وبعد قتال من الصباح حتى العصر استشهد الشيخ برصاصة في جبينه، واستشهد معه 3 من رفاقه، وأصيب اثنان منهم وأسر الباقون. وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1935، خرج الآلاف في جنازة كبيرة لتشييع عز الدين القسام ورفاقه الثلاثة، وأطلقت الدعوات لمتابعة نهجهم والسير على منوالهم، وبقيت تتوالى حتى اندلعت الثورة الفلسطينية الكبرى في أبريل/نيسان 1936. ويعد عبد القادر الحسيني أول من بدأ قيادة الثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936 بحشده رجال المقاومة في كل الأراضي لمواجهة الاحتلال، وقد استشهد في الثامن من أبريل/نيسان 1948 وهو يخوض معركة تحرير قرية القسطل الإستراتيجية المشرفة على طريق القدس يافا. مرت الثورة الفلسطينية الكبرى بـ3 مراحل: بدأت من ربيع عام 1936 وحتى يوليو/تموز 1937، وهي مرحلة اشتعال الثورة بعد تأجج التوترات في فلسطين وتراكمها منذ خريف 1935. ففي منتصف أبريل/نيسان 1936، هاجم أتباع القسّام قافلة من الشاحنات بين نابلس وطولكرم وقتلوا سائقين يهوديين، فردت منظمة الإرغون في اليوم التالي بقتل عاملَين فلسطينيين بالقرب من بيتح تكفا، ثم تلت ذلك اضطرابات دامية في تل أبيب ويافا. وفي 19 أبريل/نيسان، شُكّلت في نابلس لجنة وطنية اتُّفق فيها على إعلان الإضراب، كما شُكلت لجان وطنية في مدن أخرى دعت بدورها إلى الإضراب. وفي 25 أبريل/نيسان، تم تشكيل اللجنة العربية العليا من رؤساء الأحزاب الخمسة، و5 آخرين من رجالات البلاد. وكان أعضاء اللجنة هم: الحاج أمين الحسيني وراغب النشاشيبي و أحمد حلمي عبد الباقي والدكتور حسن الخالدي ويعقوب فراج و عوني عبد الهادي وعبد اللطيف صلاح وألفرد روك وجمال الحسيني ويعقوب الغصين، وانتخب أمين الحسيني رئيسا لتنسيق ودعم إضراب وطني عام انطلق في الثامن من مايو/أيار وشلّ النشاط التجاري والاقتصادي في فلسطين 6 أشهر. وفي تلك الأثناء كان الفلسطينيون في أنحاء الريف كافة يشكّلون مجموعات مسلحة لمهاجمة أهداف للسلطات البريطانية والحركات الصهيونية المسلحة، وكان عملهم في البداية عفويا ومتقطّعا، ثم انتظم بعد ذلك بشكل متزايد، وانضم إليه متطوعون عرب من خارج فلسطين، وإن بأعداد قليلة. واستخدم البريطانيون أساليب وتكتيكات مختلفة لوقف الإضرابات وقمع العصيان المسلّح في المناطق الريفية، وزادوا أعداد رجال الشرطة البريطانيين واليهود، وتعرّضت المنازل للتفتيش والمداهمات الليلية، وأهلها للضرب والسجن والتعذيب والترحيل. ووصل القمع البريطاني إلى حد هدم أحياء واسعة في مدينة يافا القديمة، وتزامنت تلك العمليات العسكرية والتدابير القمعية مع إرسال الحكومة البريطانية لجنة برئاسة اللورد بيل للتحقيق في الأسباب الجذرية للتمرد. وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول 1936، وتحت وطأة ضغوط السياسات القمعية البريطانية، وضغوط بعض الملوك والأمراء العرب من خلال وعود وتطمينات، وكذا العواقب الاقتصادية للإضراب على السكان الفلسطينيين، أوقفت اللجنة العربية العليا الإضراب ووافقت على التعاون مع لجنة بيل. بدأت لجنة بيل عملها، وانخفضت التوترات مؤقتا، وبعد إعلان نتائج تحقيقها، الذي صدر في يوليو/تموز 1937، أوصت اللجنة بتقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة لليهود وأخرى للعرب، فثار الشعب الفلسطيني مجددا وأطلق تمردا مسلّحا أكثر شدة من سابقه، وبدأت المرحلة الثانية من الثورة الفلسطينية. وامتدت من يوليو/تموز 1937 إلى خريف 1938، وحققت فيها الثورة مكاسب كبيرة، إذ سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي الجبلية، بما في ذلك البلدة القديمة في القدس لفترة من الزمن، فأحلوا فيها مؤسسات وطنية محل تلك التي كانت تابعة للانتداب البريطاني، مثل المحاكم وخدمة البريد وغيرها. وكان حادث اغتيال لويس يلاند أندروز -حاكم لواء الجليل- على يد جماعة القسام يوم 26 سبتمبر/أيلول 1937 المؤشر البارز على بدء المرحلة الثانية من الثورة الفلسطينية. وقد اعتبر مقتل أندروز صدمة كبيرة للسلطات البريطانية، إذ كان أول اغتيال لشخصية مدنية كبيرة، واعتبر إعلانا صريحا للثورة ضد الحكم البريطاني. فما كان من البريطانيين إلا أن اتخذوا تدابير أشد قسوة في محاولة لسحق الثورة، فأعلنت سلطة الانتداب عدم شرعية اللجنة العربية العليا والأحزاب السياسية الفلسطينية كافة، وألقت القبض على القادة السياسيين والأهليين، ونفت عددا من الشخصيات العامة رفيعة المستوى. كما لجأت إلى تصعيد الوسائل العسكرية لمكافحة التمرد، فنشرت الدبابات والطائرات والمدفعية الثقيلة في جميع أنحاء فلسطين، وطبّقت العقاب الجماعي في حق الفلسطينيين، فزجّت بآلاف منهم في "معسكرات الاعتقال"، كما دمرت أحياء سكنية وأغلقت مدارس وغرمت قرى بشكل جماعي وأجبرتها على إيواء الشرطة والقوات البريطانية. وأمام هول ما كان يحدث للشعب الفلسطيني، استفادت المنظمات العسكرية الصهيونية من الوضع لبناء قدراتها بدعم بريطاني، وبحلول أوائل سنة 1939 حصل 14 ألف رجل من "شرطة المستعمرات اليهودية" على الدعم والزي الرسمي والسلاح من الحكومة البريطانية. وكانت منظمة الهاغاناه تعمل خلف تلك الواجهة، إضافة إلى ما يسمّى الوحدات الليلية الخاصة المشكَّلة من يهود وبريطانيين، وكانت تنفذ "عمليات خاصة" ضد القرى الفلسطينية. واستمرت تقريبا من خريف 1938 حتى صيف 1939، إذ كان البريطانيون قد عينوا في يناير/كانون الثاني 1938 لجنة تحقيق أخرى بقيادة السير جون وودهيد لدراسة الجوانب الفنية لتنفيذ التقسيم. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1938، خلص تقرير لجنة وودهيد إلى أن التقسيم ليس عمليا، مما جعل البريطانيين يتراجعون بعض الشيء عن توصية بيل، إلا أنهم أطلقوا في الوقت ذاته هجوما شاملا على الفلسطينيين، فشهد عام 1939 قتل المزيد منهم وإعدام المزيد شنقا واعتقال ما يقارب ضعفي عدد معتقلي سنة 1938. وقد فرضت هذه الأوضاع ضغوطا هائلة على الثوار الفلسطينيين، مما أدى إلى تفاقم الخلافات بين قادة اللجنة العربية العليا من السياسيين المنفيين إلى دمشق وبين القيادة المحلية، ومن جهة ثانية بين مجموعات الثوار وسكان القرى الذين كان من المتوقع أن يدعموهم. ووقع الخلاف بشكل أساسي بين الفلسطينيين المستعدين للتوصل إلى تسوية مع البريطانيين وأولئك الملتزمين بالثورة، وتم تشكيل ما سمّي "فرق السلام" الفلسطينية بدعم بريطاني لمحاربة أنصار الثورة. وفي مايو/أيار 1939 نشرت الحكومة البريطانية الكتاب الأبيض الجديد الذي نص على "الوفاء بالتزامات بريطانيا تجاه فكرة الوطن القومي لليهود، واستمرار السماح بهجرة 75 ألف يهودي جديد إلى فلسطين في الأعوام الخمسة التالية، واستحواذ اليهود على الأراضي فيها (وهما بندان يتعارضان مع التزامات بريطانيا تجاه الفلسطينيين). كما نص الكتاب الأبيض على أنه "بعد انقضاء السنوات الخمس تصبح الهجرة اليهودية خاضعة للموافقة العربية ويسمح بنقل ملكية الأراضي في مناطق معينة فقط، فيما تكون العملية مقيدة ومحظورة في مناطق أخرى، وذلك لمنع حرمان الفلسطينيين من الأراضي، ويتم إنشاء دولة موحدة مستقلة بعد 10 سنوات، مشروطة بعلاقات فلسطينية يهودية مواتية". وفي أواخر صيف 1939، أوصلت الجهود البريطانية العسكرية والدبلوماسية المشتركة، الثورة إلى نهايتها، وفي السنوات الثلاث للثورة قُتل حوالي 5 آلاف فلسطيني وجُرح ما يقارب 15 ألفا، إضافة إلى نفي القيادات الفلسطينية واغتيالها وسجنها وتأليب بعضها ضد بعض. أما خسائر الإنجليز، فكانت مقتل 16 رجل شرطة و22 جنديا وجرح 10 رجال شرطة و148 عسكريا ومقتل 80 يهوديا وجرح 308 آخرين. أبرز معارك الثورة الفلسطينية الكبرى معركة نور شمس: وقعت يوم 23 مايو/أيار 1936. معركة عنبتا: وقعت يوم 21 يونيو/حزيران 1936. معركة وادي عزون: وقعت يوم 28 يونيو/حزيران 1936. معركة الفندقومية: وقعت يوم 30 يونيو/حزيران 1936. معركة باب الواد: وقعت يوم 29 يوليو/تموز 1936. معركة رأس عامر: وقعت في الثالث من أغسطس/آب 1936. معركة صفد: وقعت في التاسع من أغسطس/آب 1936. معركة بلعا الأولى: وقعت في العاشر من أغسطس/آب 1936. معركة عصيرة الشمالية: وقعت يوم 17 أغسطس/آب 1936. معركة وادي عرعرة: وقعت يوم 20 أغسطس/آب 1936. معركة عين دور: وقعت يوم 29 أغسطس/آب 1936. معركة بلعا الثانية: وقعت في الثالث من سبتمبر/أيلول 1936. معركة الجاعونة: وقعت في التاسع من سبتمبر/أيلول 1936. معركة ترشيحا: وقعت في التاسع سبتمبر/أيلول 1936. معركة حلحول: وقعت يوم 24 سبتمبر/أيلول 1936. معركة جبع: وقعت يوم 24 سبتمبر/أيلول 1936. معركة بيت مرين: وقعت يوم 29 سبتمبر/أيلول 1936. معركة الخضر: وقعت في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1936. معركة كفر صور: وقعت في التاسع من سبتمبر/أيلول 1936.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store