العقوبات الجديدة على موسكو... خنق أم انتحار اقتصادي
اخر هذه التهديدات والعقوبات كانت موجهة بشكل مباشر الى روسيا، الحزمة الـ 18 الجديدة من العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي على موسكو والتي تتركز على قطاع الطاقة «نفط وغاز»، حيث استخدم القطاع كورقة ضغط على الساحة الدولية، إلى تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% تطال الشركاء التجاريين لموسكو، ورسوم بنسبة 500% على الواردات القادمة من دول تواصل شراء النفط والغاز واليورانيوم الروسي!، وصولًا إلى تحرّكات أوبك+ لزيادة الإنتاج، وكلها عوامل تتكشف معها ملامح صراع معقّد يعيد تشكيل موازين السوق والتأثير الاقتصادي العابر للقارات.
هذا الاضطراب المتصاعد في هندسة أمن الطاقة العالمي، يبرز تزامنا غير عشوائي بين العقوبات التي فرضها الغرب على قطاع الطاقة الروسي، وبين قرارات إنتاجية حاسمة تتخذها مجموعة أوبك+، فهذا التفاعل يعكس ليس فقط تصادم المصالح، بل أيضًا محاولة لإعادة تشكيل توازنات السوق وسط تحولات جيواقتصادية عميقة، وبالرغم من ان موسكو أظهرت قدرة نسبية على التكيف مع العقوبات السابقة، فإن المسار الحالي يبدو أكثر قسوة وشمولًا، مع عواقب تتجاوز الحدود الوطنية.
اذا ما اردنا ان نربط بين الاطراف السابق ذكرها، وردت الفعل التي ستصدر عن اقتصادات هذه الدول ذات العلاقة، يتبادر سؤال فيما اذا كانت تهدف الى خنق الاقتصاد الروسي ام انها انتحار اقتصادي اوروبي، فاذا ما كانت اوروبا تريد فرض سقوف سعرية وحظر شامل لوجستي وان تستهدف اسطول الظل الروسي، فهذا بالتأكيد صعب المنال، ذلك ان موسكو تمكنت من الافلات بنسب كبيرة من حزم العقوبات السابقة بطرق استثنائية، وبشهادة الجميع، ما يعني ان الحزمة 18 لن تُصعّد الضغط على موسكو بل ستُسرّع من تفاقم الأزمة الاقتصادية داخل الاتحاد الأوروبي نفسه عدا عن احتمال كبير لارتفاع تكاليف الطاقة الصناعية نتيجة التحول القسري نحو الغاز المُسال البعيد المصدر، وتباطؤ محتمل في الصناعات وانعكاسات على النمو المحلي والتضخم.
اما امريكا فان عقوباتها المحتملة لاشك انها قد تكون دافعا في ارتفاع حاد في اسعار النفط، وبالتالي تستفيد من تعزبز صادرات الغاز الطبيعي المسال الى اوروبا وتحقيق ارباح كبيرة للشركات الامريكية، مع توافر فرصة استراتيجية لربط الطاقة بالسياسة الخارجية عبر الضغط على شركاء روسيا التجاريين.
أما ردة الفعل الروسية، فمن المؤكد انها ستكون مدروسة بشكل دقيق، فمن جانب اوروبا اصبح لدى موسكو خبرة في التعامل مع هذه الحزم العقابية وتمكنت من امتصاص الموجة تلو الاخرى، لكن لابد من تأثيرات سلبية ولو وقتية سنراها عند التطبيق، فيما تبقى سياسات اوبك+ الساعية لزيادة الانتاج خلال العام 2025 تحت انظار المتابعة لنرى مدى تأثيراتها على الاسعار خاصة وان روسيا دولة تؤثر في قرارات المجموعة.
يتقاطع استخدام العقوبات مع التحركات الإنتاجية لأوبك+ ضمن مشهد دولي يتّجه نحو إعادة صياغة معادلة الأمن الطاقي، وبين الخطاب الترامبي الصدامي، وتمسّك روسيا بالمقاومة، وأوروبا العالقة بين المبادئ والتكلفة، يبدو أن الأزمة لم تعد تخص الطاقة فقط، بل تخص قدرة الدول على التكيف مع اقتصاد عالمي يُعاد تشكيله تحت الضغط، فالعقوبات وحدها لم تثنِ روسيا، والسياسات الإنتاجية لن تروي عطش السوق بالكامل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Amman Xchange
منذ 4 ساعات
- Amman Xchange
الأسواق العالمية تنتعش بعد اتفاق تجاري بين أميركا واليابان
سيدني: «الشرق الأوسط» ارتفعت الأسهم اليابانية إلى أعلى مستوى لها في عام يوم الأربعاء، بعد أن أبرمت اليابان اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة تخفّض الرسوم الجمركية على سياراتها، في الوقت الذي أُحييت فيه الآمال في اتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عزّزت العقود الآجلة للأسهم الأوروبية. وقال الرئيس دونالد ترمب، يوم الثلاثاء، إن اتفاقية التجارة مع طوكيو ستتضمّن دفع اليابان رسوماً جمركية أقل من المتوقع، بنسبة 15 في المائة على الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة. جاء ذلك عقب اتفاق مع الفلبين ستفرض بموجبه الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 19 في المائة على الواردات من هناك. كما قال إن ممثلين عن الاتحاد الأوروبي سيحضرون لإجراء مفاوضات تجارية يوم الأربعاء. أثار ذلك آمالاً بالتوصل إلى اتفاق مع أوروبا، حتى مع تقارير تفيد بأن الاتحاد الأوروبي يُحسّن إجراءاته المضادة، تحسباً لتعثر المفاوضات قبل الموعد النهائي في الأول من أغسطس (آب). قفزت العقود الآجلة لمؤشر «يوروستوكس» 50 بنسبة 1.3 في المائة، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.6 في المائة. وصرّح كبير استراتيجيي الاستثمار في «ساكسو بنك»، تشارو تشانانا: «كانت التوقعات بتحقيق تقدم (في المحادثات الأميركية-اليابانية) منخفضة، لذا فإن إعلان ترمب يُحدث مفاجأة صعودية طفيفة؛ مما يُوفر ارتياحاً على المدى القريب للأسهم اليابانية». وأضاف: «من الناحية الاستراتيجية، يسمح الاتفاق لليابان بتجنب التصعيد الفوري للرسوم الجمركية، في حين يتحول اهتمام ترمب إلى أمور أخرى». وارتفع مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 3.7 في المائة مع ارتفاع أسهم شركات صناعة السيارات، على خلفية أنباء عن أن الاتفاق سيخفّض الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات إلى 15 في المائة، من 25 في المائة المقترحة. وارتفعت أسهم «مازدا موتور» بنسبة 17 في المائة، في حين قفزت أسهم «تويوتا موتور» بنسبة 13.6 في المائة. وارتفعت أسهم شركات صناعة السيارات الكورية الجنوبية أيضاً؛ إذ غذّت الصفقة اليابانية التفاؤل بشأن التقدم المحتمل في مفاوضات التعريفات الجمركية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وأشار المحللون إلى أن الصفقة التجارية قلّلت من خطر رئيسي على الاقتصاد الياباني الهش، مما أتاح مجالاً أكبر لـ«بنك اليابان» لرفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم. وأثّر ذلك سلباً على سوق السندات، فقد ارتفعت عوائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 8.5 نقطة أساس، لتصل إلى 1.585 في المائة. كما وردت تقارير تفيد بأن رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، سيتنحى قريباً، لتحمل مسؤولية هزيمة الائتلاف الحاكم في انتخابات مجلس الشيوخ يوم الأحد. وعكست حالة عدم اليقين السياسي ارتفاعاً مبكراً في قيمة الين، مستوحى من التجارة، وساعدت الدولار على الارتفاع بنسبة 0.2 في المائة، ليصل إلى 146.95. وقال تشانانا من «ساكسو بنك»، إن رحيل إيشيبا قد يُمهّد الطريق لقيادة أكثر انسجاماً مع سياسات السوق وعلاقات أوثق مع الولايات المتحدة. يُنظر إلى خروجه أيضاً على أنه يُمهد الطريق لاستمرارية الموقف المالي والنقدي المُيسّر لليابان. تمديد المواعيد النهائية في تطور إيجابي آخر، سيجتمع مسؤولون أميركيون وصينيون في ستوكهولم الأسبوع المقبل، لمناقشة تمديد الموعد النهائي المحدد في 12 أغسطس للتفاوض على صفقة تجارية، وفقاً لوزير الخزانة سكوت بيسنت. وارتفعت الأسهم القيادية الصينية بنسبة 0.7 في المائة، وزاد مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.8 في المائة. وارتفع مؤشر «إم إس سي آي» الأوسع نطاقاً لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 1.0 في المائة. وكان أداء «وول ستريت» أكثر تحفظاً، فقد ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك» بنسبة 0.1 في المائة. وأظهرت تقارير أرباح الشركات الأميركية مؤشرات على أن حرب ترمب التجارية قد أضرت بهوامش الربح. وتراجع سهم «جنرال موتورز» بنسبة 8.1 في المائة، بعد أن أعلنت شركة صناعة السيارات خسارة قدرها مليار دولار من الرسوم الجمركية في نتائجها الفصلية. وينتظر المستثمرون الآن نتائج شركتي «تسلا» و«ألفابت»، الشركة الأم لـ«غوغل»، وهما اثنتان من أسهم «ماغنيفيسنت 7» (الشركات السبع الكبرى) التي قادت معظم ارتفاع السوق، مدعومةً بتفاؤل الذكاء الاصطناعي. في سوق الصرف الأجنبي، استقر الدولار بعد انخفاضه الليلة الماضية، تماشياً مع عوائد سندات الخزانة. وكان مؤشر الدولار أكثر استقراراً قليلاً عند 97.45، بعد أن خسر 0.4 في المائة، يوم الثلاثاء، في ثالث جلسة من الانخفاضات. وانخفض اليورو بنسبة 0.1 في المائة إلى 1.1737 دولار، بعد ارتفاعه بنسبة 0.5 في المائة خلال اليوم السابق. من المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثابتة يوم الخميس بعد ثماني تخفيضات متتالية، مع احتمال فرض رسوم جمركية أميركية أكثر من المتوقع. وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتَي أساس إلى 4.36 في المائة، بعد أن انخفضت بمقدار 3 نقاط أساس الليلة الماضية. في حين واصل ترمب انتقاد رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، لعدم خفضه أسعار الفائدة، وصرّح بيسنت بأنه لا داعي لاستقالة باول فوراً، ويمكنه البقاء في منصبه حتى مايو (أيار) المقبل إذا شاء. وكان المستثمرون قلقين من أن يؤدي تسييس «الاحتياطي الفيدرالي» في نهاية المطاف إلى خفض أسعار الفائدة بشكل مبالغ فيه، مما يؤدي إلى تأجيج التضخم ورفع تكاليف الاقتراض طويل الأجل. وفي أسواق السلع الأساسية، تراجعت أسعار الذهب الفورية قليلاً إلى 3422 دولاراً للأوقية. وشهدت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً، مدعومةً بارتفاع أسعار الديزل في الولايات المتحدة؛ حيث وصلت المخزونات إلى أدنى مستوياتها لهذا الوقت من العام منذ عام 1996. كما ارتفع الخام الأميركي بنسبة 0.4 في المائة، ليصل إلى 65.60 دولار للبرميل، في حين بلغ خام برنت 68.88 دولار للبرميل، بارتفاع بنسبة 0.4 في المائة.


Amman Xchange
منذ 4 ساعات
- Amman Xchange
مؤشر ترامب الاقتصادي.. اقـتـصـاد تـحـت الـتـغـريـد*حسام عايش
الدستور في خضم التشابك المعقد بين السياسة والاقتصاد، تبرز تصريحات الرئيس ترامب بوصفها محركات مؤثرة في الاقتصاد العالمي، اذ منذ عودته إلى البيت الابيض، عادت لغة التصعيد التجاري، والرسوم الجمركية، والتدخل في السياسة النقدية، لتشكل سلوكا رئاسيا يوميا، يؤثر مباشرة على الدول والاسواق والتجارة والاقتصاد. من هنا، يصبح من الضروري اقتراح إيجاد أداة تنبؤية-لا فقط وصفية- لرصد وتحليل وتقييم وبلورة أثر تصريحات ترامب على الاقتصاد العالمي؛ ضمن مؤشر يحمل اسمه، للسماح للمستثمرين وصناع القرار والباحثين ورجال الأعمال والحكومات، لقراءة المشهد الاقتصادي العالمي والمحلي من خلال «مزاج الرئاسة الأميركية». لكن لماذا تصريحات ترامب؟ لأنها سريعة، مباشرة، وغير تقليدية، تحمل تهديدات أو وعودا، تؤثر فورا في تحركات الأسواق، تؤدي الى ردود فعل متقلبة، وتوجد بيئة من عدم اليقين؛ ما يحول أثرها من مجرد «انطباعات إعلامية»، إلى حالات قابلة للقياس. آلية عمل المؤشر المقترح، تتضمن رصد تصريحات الرئيس ونتائج تأثيرها على مؤشرات فرعية كحركة الاسهم، ومؤشر الخوفVIX –يقيس مستوى التقلب المتوقع في سوق الأسهم الامريكية، فارتفاعه يعني توقع تقلبات عالية أو مخاطر منتظرة، وانخفاضه يعني توقع استقرار نسبي-العملات المشفرة والمستقرة، الدولار، العملات الكبرى، اتجاهات التضخم، الركود، الفائدة، النمو، سلاسل الإمداد -تكلفة الشحن- تدفقات الاستثمار نحو الملاذات الآمنة او الأصول الخطرة، وذلك خلال 24 إلى 72 ساعة التالية للتصريحات؛ مع منح كل مؤشر منها درجة تأثير من -5 إلى +5، وضرب العلامة في الوزن النسبي له-مقدار التأثير والأهمية اللذين يمثلهما كل مؤشر فرعي ضمن المؤشر العام معبرا عنه بنسبة مئوية من الإجمالي- وجمع النتائج للحصول على درجة كلية توضح «مستوى تأثير التصريح على الاقتصاد العالمي». استخدامات عديدة لمؤشر ترامب المقترح: في الإعلام الاقتصادي، لتفسير ردات فعل الأسواق بطريقة علمية. لصناع القرار والمستثمرين، لرصد التحولات السوقية وربطها مباشرة بالرئاسة الأميركية. في التحليل الاستراتيجي العالمي، لتقييم استمرار أو تغير وزن الولايات المتحدة في النظام الاقتصادي العالمي. كأداة بحثية، في دراسات الاقتصاد السياسي وسلوك الاسواق. في الدول لرصد اثر تلك التصريحات على اوضاعها الاقتصادية والنقدية والاستثمارية والتجارية. الأردن، الذي يعتمد إلى حد كبير على التجارة الخارجية وبالذات مع الولايات المتحدة وشركائها، وعلى تدفقات الاستثمار الخارجي، وعلى أسعار السلع الاأولية مثل النفط والقمح، وعلى تحويلات المغتربين، يمكنه تصميم مؤشر ترامب محلي لقياس مدى تاثره بتداعيات تصريحات ترامب من خلال رصد مؤشر حركة البورصة. سعر الدينار مقابل العملات الاخرى غير الدولار. حجم الصادرات للولايات المتحدة-بعد رفع الرسوم الجمركية الى 20%- أسعار السلع الأساسية المستوردة: النفط، القمح، حركة الاستثمار الأجنبي المباشر، ثقة المستثمرين المحليين، الاحتياطي من الذهب والعملات الأجنبية، الفائدة على الدين الخارجي، معدل البطالة بين العاملين في المؤسسات الدولية- على خلفية حل وكالة التنمية الأميركية - معدل التضخم وأسعار الفائدة المحلية.. الخ. بذلك، ومن خلال المؤشر المقترح، يمكن تقدير مدى تأثير تصريحات ترامب: إيجابي أو سلبي، مباشر أو متأخر، مؤقت او طويل الأمد، ما يعطي صناع القرار أداة لتحليل المخاطر الاقتصادية، والتخطيط الاستراتيجي، في بيئة دولية متقلبة. اقتراح مؤشر متخصص لقياس أثر تصريحات ترامب ليس رفاهية تحليلية، بل ضرورة منهجية لفهم سلوك الاقتصاد العالمي والمحلي في ظل رئاسة تصنع الحدث قبل أن تصنع السياسات. وعليه، وفي عصر السيولة المعلوماتية، والتقلبات السوقية المرتبطة بالخطاب السياسي، يصبح المؤشر المقترح، اداة لا تقدر بثمن لقراءة بيئة اقتصاد عالمي ومحلي يتنفس عبر تويتر، وتروث سوشال، أكثر من التقارير الرسمية، حيث الأسواق العالمية تتحرك أحيانا بسرعة الكلمة، وتغدو تصريحات الرئيس ترامب، أدوات اقتصادية غالبا ما تحدث تقلبات سريعة ومؤثرة في الأسواق العالمية.


أخبارنا
منذ 5 ساعات
- أخبارنا
حسام عايش : مؤشر ترامب الاقتصادي.. اقـتـصـاد تـحـت الـتـغـريـد
أخبارنا : في خضم التشابك المعقد بين السياسة والاقتصاد، تبرز تصريحات الرئيس ترامب بوصفها محركات مؤثرة في الاقتصاد العالمي، اذ منذ عودته إلى البيت الابيض، عادت لغة التصعيد التجاري، والرسوم الجمركية، والتدخل في السياسة النقدية، لتشكل سلوكا رئاسيا يوميا، يؤثر مباشرة على الدول والاسواق والتجارة والاقتصاد. من هنا، يصبح من الضروري اقتراح إيجاد أداة تنبؤية-لا فقط وصفية- لرصد وتحليل وتقييم وبلورة أثر تصريحات ترامب على الاقتصاد العالمي؛ ضمن مؤشر يحمل اسمه، للسماح للمستثمرين وصناع القرار والباحثين ورجال الأعمال والحكومات، لقراءة المشهد الاقتصادي العالمي والمحلي من خلال «مزاج الرئاسة الأميركية». لكن لماذا تصريحات ترامب؟ لأنها سريعة، مباشرة، وغير تقليدية، تحمل تهديدات أو وعودا، تؤثر فورا في تحركات الأسواق، تؤدي الى ردود فعل متقلبة، وتوجد بيئة من عدم اليقين؛ ما يحول أثرها من مجرد «انطباعات إعلامية»، إلى حالات قابلة للقياس. آلية عمل المؤشر المقترح، تتضمن رصد تصريحات الرئيس ونتائج تأثيرها على مؤشرات فرعية كحركة الاسهم، ومؤشر الخوفVIX –يقيس مستوى التقلب المتوقع في سوق الأسهم الامريكية، فارتفاعه يعني توقع تقلبات عالية أو مخاطر منتظرة، وانخفاضه يعني توقع استقرار نسبي-العملات المشفرة والمستقرة، الدولار، العملات الكبرى، اتجاهات التضخم، الركود، الفائدة، النمو، سلاسل الإمداد -تكلفة الشحن- تدفقات الاستثمار نحو الملاذات الآمنة او الأصول الخطرة، وذلك خلال 24 إلى 72 ساعة التالية للتصريحات؛ مع منح كل مؤشر منها درجة تأثير من -5 إلى +5، وضرب العلامة في الوزن النسبي له-مقدار التأثير والأهمية اللذين يمثلهما كل مؤشر فرعي ضمن المؤشر العام معبرا عنه بنسبة مئوية من الإجمالي- وجمع النتائج للحصول على درجة كلية توضح «مستوى تأثير التصريح على الاقتصاد العالمي». استخدامات عديدة لمؤشر ترامب المقترح: في الإعلام الاقتصادي، لتفسير ردات فعل الأسواق بطريقة علمية. لصناع القرار والمستثمرين، لرصد التحولات السوقية وربطها مباشرة بالرئاسة الأميركية. في التحليل الاستراتيجي العالمي، لتقييم استمرار أو تغير وزن الولايات المتحدة في النظام الاقتصادي العالمي. كأداة بحثية، في دراسات الاقتصاد السياسي وسلوك الاسواق. في الدول لرصد اثر تلك التصريحات على اوضاعها الاقتصادية والنقدية والاستثمارية والتجارية. الأردن، الذي يعتمد إلى حد كبير على التجارة الخارجية وبالذات مع الولايات المتحدة وشركائها، وعلى تدفقات الاستثمار الخارجي، وعلى أسعار السلع الاأولية مثل النفط والقمح، وعلى تحويلات المغتربين، يمكنه تصميم مؤشر ترامب محلي لقياس مدى تاثره بتداعيات تصريحات ترامب من خلال رصد مؤشر حركة البورصة. سعر الدينار مقابل العملات الاخرى غير الدولار. حجم الصادرات للولايات المتحدة-بعد رفع الرسوم الجمركية الى 20%- أسعار السلع الأساسية المستوردة: النفط، القمح، حركة الاستثمار الأجنبي المباشر، ثقة المستثمرين المحليين، الاحتياطي من الذهب والعملات الأجنبية، الفائدة على الدين الخارجي، معدل البطالة بين العاملين في المؤسسات الدولية- على خلفية حل وكالة التنمية الأميركية - معدل التضخم وأسعار الفائدة المحلية.. الخ. بذلك، ومن خلال المؤشر المقترح، يمكن تقدير مدى تأثير تصريحات ترامب: إيجابي أو سلبي، مباشر أو متأخر، مؤقت او طويل الأمد، ما يعطي صناع القرار أداة لتحليل المخاطر الاقتصادية، والتخطيط الاستراتيجي، في بيئة دولية متقلبة. اقتراح مؤشر متخصص لقياس أثر تصريحات ترامب ليس رفاهية تحليلية، بل ضرورة منهجية لفهم سلوك الاقتصاد العالمي والمحلي في ظل رئاسة تصنع الحدث قبل أن تصنع السياسات. وعليه، وفي عصر السيولة المعلوماتية، والتقلبات السوقية المرتبطة بالخطاب السياسي، يصبح المؤشر المقترح، اداة لا تقدر بثمن لقراءة بيئة اقتصاد عالمي ومحلي يتنفس عبر تويتر، وتروث سوشال، أكثر من التقارير الرسمية، حيث الأسواق العالمية تتحرك أحيانا بسرعة الكلمة، وتغدو تصريحات الرئيس ترامب، أدوات اقتصادية غالبا ما تحدث تقلبات سريعة ومؤثرة في الأسواق العالمية. ــ الدستور