
بريكس تتمرد على الغرب فهل نشهد تفكك النظام الاقتصادي بقيادة أميركا؟
وفي مشهد بدا وكأنه إعلان ضمني لانطلاق "النظام العالمي البديل"، رفعت المجموعة صوتها عاليًا في مواجهة سياسات الغرب، وخصوصًا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، متبنية مواقف، وصفها مراقبون بأنها "تصعيدية ومناهضة للهيمنة الأميركية".
توسع إستراتيجي
وشهدت المجموعة، التي تأسست في 2009 كتحالف اقتصادي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين و جنوب أفريقيا ، تحولا نوعيا هذا العام بعد أن توسعت لتضم خمس دول إضافية، ما جعلها تُمثّل اليوم 49% من سكان العالم، أي ما يعادل نحو 3.9 مليارات نسمة، إضافة إلى 39% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وفقًا لإحصاءات بلومبيرغ.
هذا التوسّع رفع من طموحات التكتل وجعل مراقبين يرون فيه تهديدًا مباشرًا ل مجموعة السبع (G7) التي طالما احتكرت القرار الاقتصادي العالمي، و مجموعة العشرين التي سعت إلى التمثيل الأوسع دون أن تغير المعادلة الفعلية للهيمنة الغربية.
تصعيد سياسي مباشر ضد ترامب
وأثناء أعمال القمة التي امتدت يومين في ريو دي جانيرو، أصدرت المجموعة بيانا رسميا تضمّن "قلقا بالغا" إزاء تصاعد الرسوم الجمركية العالمية، وهاجم ما وصفه بـ"الإنفاق العسكري المفرط" من جانب الدول الغربية. كما أدانت القمة الغارات الجوية التي استهدفت إيران، وهي عضو في بريكس، في خطوة اعتُبرت ردًا مباشرًا على إدارة ترامب.
ولم يتأخر الرد الأميركي، إذ خرج الرئيس ترامب عبر منصته الخاصة "تروث سوشيال" ليهدد بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على "كل دولة تتماهى في سياسات بريكس المعادية لأميركا"، على حد تعبيره.
وأضاف: "من يختار الوقوف إلى بريكس، عليه أن يتحمل تكلفة اقتصادية مباشرة".
قوة متنامية رغم التناقضات
ورغم أن التكتل يضم دولًا ذات ثقل اقتصادي وجيوسياسي كبير، فإن داخله ليس خاليًا من الخلافات البنيوية. فالعلاقات بين الهند والصين، على سبيل المثال، لا تزال مشوبة بالتوترات الحدودية والمنافسة الإقليمية، بينما لم يحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة، في إشارة فسّرها مراقبون على أنها تحفظ أو توتر غير معلن.
كما أن انضمام السعودية لم يُحسم نهائيا، وسط تقارير عن ترددها في الالتزام الكامل بعضوية قد تضعها على مسار تصادمي مع واشنطن.
وعلى الرغم من هذه التباينات، فإن بلومبيرغ تشير إلى أن مجموعة بريكس لا تزال "تجذب طوابير من الدول الراغبة في الانضمام"، في ظل تصاعد التوترات العالمية وانغلاق الأسواق الغربية أمام بعض الاقتصادات النامية.
من الناحية الاقتصادية، تُشكل بريكس اليوم:
%49 من سكان العالم
%39 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
%25 من التجارة العالمية
وتحتفظ بموارد هائلة في الطاقة والمواد الخام، إذ تضم روسيا والسعودية والبرازيل، إلى جانب إيران، كبرى الدول المنتجة للنفط والغاز.
تمتلك الصين والهند، وهما عضوان رئيسيان، صناعات تكنولوجية وإنتاجية ضخمة، وتعدّان من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم.
ورغم ذلك، تنتقد دوائر غربية –بحسب بلومبيرغ– ما تصفه بـ"عجز بريكس عن تحويل ثقلها العددي إلى نفوذ فعلي"، إذ لم تستطع المجموعة، حتى الآن، إنشاء مؤسسات مالية بديلة قوية تكافئ البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي ، رغم تأسيسها "بنك التنمية الجديد" في 2015.
تحولات نظام التجارة العالمي
وتأتي هذه الديناميات في وقت حرج، حيث يسابق الشركاء التجاريون للولايات المتحدة الزمن لإبرام اتفاقات قبل الموعد النهائي الذي حدده ترامب بعد غد الأربعاء، وسط تهديدات بفرض ضرائب تصل إلى 30% على واردات من دول، مثل جنوب أفريقيا، التي تصدر حاليًا أكثر من 70% من محصولها من الحمضيات إلى السوق الأميركية خلال موسم الشتاء في نصف الكرة الجنوبي.
من جانبه، ألمح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إلى إمكانية تمديد المهلة ثلاثة أسابيع لبعض الدول، مؤكدًا أن "الرسائل التي سترسلها إدارة ترامب هذا الأسبوع، ليست الكلمة الأخيرة في سياسات الرسوم الجمركية".
هل تتحول بريكس إلى محور عالمي؟
ورغم أنها لم تصدر بيانات صريحة ضد واشنطن، فإن الرسائل السياسية الصادرة عن القمة كانت واضحة: هناك إرادة سياسية لتقويض الأحادية الأميركية، وبناء نظام أكثر تمثيلًا لدول الجنوب. وعلّق أحد المشاركين في القمة: "الهدف ليس استبدال الهيمنة الأميركية بهيمنة أخرى، بل إنهاء الاحتكار السياسي والاقتصادي لمجموعة صغيرة من الدول".
ويبدو أن القادة في واشنطن يدركون حجم التحدي، إذ بريكس –بكل تناقضاتها– حقيقة جيوسياسية يصعب إغفالها أو التقليل من شأنها.
العالم يتغيّر
وفي ظل اتساع رقعة الحرب التجارية، وتصاعد النزاعات الجيوسياسية، وتنامي الخطابات القومية في الغرب، تجد مجموعة بريكس نفسها اليوم أمام فرصة تاريخية لصياغة "مرحلة ما بعد الغرب".
إعلان
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل تستطيع هذه المجموعة، المتناقضة داخليًا والمحدودة مؤسساتيًا، أن تؤسس فعلًا لنظام عالمي جديد؟ أم أن طموحاتها ستُجهض على صخرة الخلافات والتحديات البنيوية؟.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
شكوك وقلق أميركي متصاعد إزاء "تصرفات" نتنياهو
نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي أن هناك شكوكا متزايدة داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيرا إلى أن الشعور بأن إصبعه على الزناد مزعج للغاية. وأضاف المسؤول الأميركي أن نتنياهو يتعامل أحيانا كطفل لا يتصرف بشكل لائق، وأن هناك قلقا متزايدا داخل البيت الأبيض بشأن سياساته الإقليمية رغم وقف إطلاق النار في سوريا. وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي على سوريا فاجأ الرئيس ترامب، إذ لا يحب مشاهدة قنابل تلقى في بلد يسعى للسلام فيه وأصدر إعلانا بشأن إعادة إعماره. وتابع أن إسرائيل ينبغي ألا تقرر ما إذا كانت الحكومة السورية قادرة على ممارسة سيادتها، مؤكدا أن ترامب سبق أن شجع نتنياهو على الاحتفاظ بأجزاء من سوريا ولم يتخوف حينها من تدخل إسرائيل. كما قال مسؤول إسرائيلي لأكسيوس إن السياسة الإسرائيلية الحالية ستؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في سوريا، وستخسر الطائفة الدرزية وإسرائيل على حد سواء. موقف برّاك بدوره، أكد المبعوث الأميركي لسوريا توم برّاك أنه لن يتم احتواء الأعمال العدائية في السويداء إلا باتفاق لوقف العنف وحماية الأبرياء ووصول المساعدات، مشيرا إلى أن جميع الأطراف اتفقت على وقف إطلاق النار بحلول الخامسة مساء بتوقيت دمشق. وشدد براك على أن التهدئة الدائمة أساسها التبادل الكامل للرهائن والمعتقلين، وهو ما يتم العمل على تنفيذه، وفق تعبيره. ومن جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن بلاده ظلت منخرطة بشكل مكثف خلال الأيام الثلاثة الماضية مع إسرائيل والأردن والسلطات في دمشق بشأن التطورات في الجنوب السوري. وتحدث الوزير الأميركي عن وجوب وقف ما وصفها بعمليات اغتصاب وقتل أبرياء، داعيا إلى وقف القتال بين الجماعات البدوية والدرزية داخل المنطقة "بشكل فوري". بداية الأزمة يُذكر أن اشتباكات مسلحة اندلعت يوم 13 يوليو/تموز الجاري، بين عشائر بدوية ومجموعات درزية بالسويداء، أعقبتها تحركات للقوات الحكومية نحو المنطقة لفرض الأمن، لكنها تعرضت لهجمات من مجموعات وصفتها بـ"الخارجة على النظام والقانون" أسفرت عن مقتل عشرات الجنود. وفي إطار مساعيها لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية 4 اتفاقات لوقف إطلاق النار بالسويداء كان آخرها أمس السبت. ولم تصمد اتفاقات وقف إطلاق النار الثلاثة السابقة طويلا، إذ تجددت الاشتباكات الجمعة الماضية إثر قيام مجموعة تابعة لحكمت الهجري بتهجير عدد من أبناء عشائر البدو وممارسة الانتهاكات ضدهم. وتحت ذريعة "حماية الدروز" استغلت إسرائيل الاضطرابات الأخيرة في السويداء وصعّدت عدوانها على سوريا، إذ شنت الأربعاء الماضي غارات مكثفة على 4 محافظات تضمنت مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
وزير التجارة الأميركي واثق من إبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي
قال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك -اليوم الأحد- إنه واثق من قدرة الولايات المتحدة على إبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، لكنه أوضح أن الأول من أغسطس/آب مهلة صعبة لبدء تطبيق الرسوم الجمركية. وذكر لوتنيك أنه كان أنهى للتو اتصالا هاتفيا مع المفاوضين التجاريين الأوروبيين، وأن هناك "مجالا واسعا" للاتفاق. وأضاف -في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي بي إس"- أن هذين أكبر شريكين تجاريين في العالم يتحدثان مع بعضهما البعض "سنتوصل إلى اتفاق. وأنا واثق من أننا سنبرم اتفاقا". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدد في 12 يوليو/تموز بفرض رسوم جمركية تبلغ 30% على الواردات من المكسيك والاتحاد الأوروبي بدءا من أول أغسطس/آب، وذلك بعد أسابيع من المفاوضات مع الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة والتي لم تفلح في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل. وقال وزير التجارة الأميركي إن ذلك موعد نهائي صعب. وذكر لشبكة "سي بي إس" أنه لا شيء "يمنع الدول من التحدث معنا بعد الأول من أغسطس/آب، لكنها ستبدأ في دفع الرسوم الجمركية في الأول من أغسطس".


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
هآرتس: إسرائيل تستضيف مؤثرين أميركيين لتلميع صورتها بالولايات المتحدة
قالت صحيفة هآرتس اليوم الأحد إن وزارة الخارجية الإسرائيلية ستمول جولة في إسرائيل لمؤثرين بوسائل التواصل الاجتماعي الأميركية تابعين لحملتي "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" (ماغا) و"أميركا أولا" المحافظتين والذين يمثلون جزءا كبيرا من القاعدة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب. وذكرت الصحيفة أن هذه المبادرة ستجمع 16 مؤثرا أميركيا تحت سن الثلاثين، لكل منهم ما بين مئات الآلاف وملايين المتابعين، لمواجهة ما تراه الوزارة تراجعا في المشاعر المؤيدة لإسرائيل بين الشباب الأميركيين. كما تهدف المبادرة إلى تعزيز صورة إسرائيل بين الشباب الأميركيين المحافظين من خلال تشجيع المؤثرين على نشر رسائل تتوافق مع سياسة الحكومة الإسرائيلية. وذكر مسؤولون بوزارة الخارجية أن من شأن هذه الجولة أن تحقق فوائد إعلامية ودبلوماسية كبيرة، وتمثل "تحولا إستراتيجيا"، إذ لم يعد التواصل التقليدي كافيا لتشكيل الرأي العام، هدفه الاستفادة من العدد الهائل لمتابعي هؤلاء المؤثرين الشباب على مواقع التواصل لتعزيز مكانة إسرائيل في الولايات المتحدة. وقال مصدر في وزارة الخارجية للصحيفة إن المبادرة تعكس تحولا أوسع في الدبلوماسية العامة الإسرائيلية، مضيفا "نحن نعمل مع مؤثرين، وأحيانا مع وفود منهم.. شبكاتهم تحظى بمتابعين كثر، ورسائلهم أكثر فعالية مما لو كانت صادرة مباشرة من الوزارة". وأشارت الصحيفة إلى أن إستراتيجية التواصل هذه يبدو أنها تؤتي ثمارها، فخلال الحرب التي استمرت 12 يوما مع إيران الشهر الماضي ، حصدت الرسائل الرقمية الإسرائيلية ما يقرب من 1.8 مليار مشاهدة عبر الإنترنت، ويعود ذلك جزئيا إلى دور المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت إن وزارة الخارجية الإسرائيلية حددت هدفا يتمثل في استضافة 550 وفدا من المؤثرين إلى إسرائيل بحلول نهاية عام 2025 لمواصلة هذا الأداء ومستوى التأثير.