
نداء الوطن: هل أسقط الثنائي الهدنة مع العهد؟
مَن يتابع مواقف الثنائي 'حزب الله – أمل'، يستنتج سريعاً أنه أنهى 'فترة السماح' سواء للعهد أم لرئيس الحكومة، وبدأ رفع سقف الاعتراض على مواقفهما أم على أدائهما، وكأنه بذلك بدأ يضع خطوطاً حمراً أمامهما.
سقف التصعيد الذي بلغه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وصل إلى حد إعلانه أن 'لبنان' لن يقبل، أي محاولات لمقايضة المساعدات بشروط سياسية أو عسكرية، سواء أكانت متعلقة بسلاح المقاومة في شمال الليطاني أو غيره من الملفات الداخلية'. الرئيس بري الذي تحدث إلى صحيفة 'الديار'، اعتبر أن إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل يجب أن يكون أولوية وطنية، وأن لبنان يسعى للحصول على الدعم الدولي من دون التفريط بحقوقه السيادية أو تقديم تنازلات تمس بمبادئه الوطنية'.
يجدر التوقف عند هذا الكلام لخطورته ودقته، ولوجوب تفنيد مضمونه، فالرئيس بري يقول 'إن لبنان لن يقبل'! في هذا القول اختزال للبنان الرسمي وللبنان السياسي وللبنان الشعبي.
'حزب الله' يمارس 'القنص السياسي'
لم يقتصر الاختزال على الرئيس بري، فـ'حزب الله' بدأ عمليات 'قنصٍ سياسي' على رئيس الجمهورية مباشرة، فالنائب عن 'حزب الله' حسن فضل الله كان قد اعتبر أنه 'إلى الآن لم تتمكن الدولة من خلال مؤسساتها أن تعالج أياً من القضايا المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على بلدنا وهي الاحتلال والاعتداءات المستمرة والأسرى، فلتتفضّل وتعالجها وسنكون معها وإلى جانبها، وعندما تُنجز سنقول إنّ الدولة استطاعت أن تُنجز، لكن بعد مرور كل هذه الفترة لم تنجز شيئاً'.
وتساءل بأسلوبٍ تهكمي: 'أما آن الأوان لهذه الدولة بكل أركانها أن تشعر بالتعب من جرّاء الاعتداءات الإسرائيلية التي تمتد من الحدود في الجنوب إلى أقصى الحدود في البقاع؟ ألم يشعروا أنّ هناك انتقاصاً للسيادة والكرامة والوطنية؟'.
يأتي كلام فضل الله رداً، متأخراً، على رئيس الجمهورية، في أحد مواقفه الذي استخدم فيه كلمة 'تعب' وقالها أمام وفد إيراني: 'لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه'.
ومن موقف الرئيس بري، ومواقف نواب في 'حزب الله'، إلى إعلام الممانعة وأقلامها، تستعر الحملة على رئيسي الجمهورية والحكومة بشخصِ رئيسها، ويرصد المراقبون في هذا السياق 'الهجمة' التي تعرض لها الرئيس نواف سلام خلال جولته في الجنوب، وعلم أن الهجمة كانت من تخطيط 'حزب الله'، في رسالة قاسية له. كذلك دأبت أقلام على بث التفرقة بين عون وسلام، وأن الخلافات بدأت بينهما، فهل اتخذ 'الثنائي' قراره بإنهاء الهدنة مع العهد، رئيساً ورئيس حكومة؟
والسؤال الأبرز الذي يطرحه المراقبون: هل بدأ 'الثنائي' يستشعر الهجمة الآتية، فبدأ عملية استباقية؟
لبنان في القمة الطارئة في القاهرة
وأمس، كانت لرئيس الجمهورية كلمة في قمة القاهرة ومما جاء فيها: 'لقد عانى لبنان كثيراً لكنه تعلم من معاناته، تعلم ألا يكون مستباحاً لحروب الآخرين، والّا يكون مقراً ولا ممراً لسياسات النفوذ الخارجية، ولا مستقراً لاحتلالات أو وصايات أو هيمنات، والّا يسمح لبعضه بالاستقواء بالخارج ضد أبناء وطنه، حتى لو كان هذا الخارج صديقاً أو شقيقاً، وألّا يسمح لبعضه الآخر باستعداء صديق أو شقيق، أو إيذائه فعلاً أو حتى قولاً'.
كيف علّق وزير الخارجية على المحادثات اللبنانية – السعودية؟
وفي اتصال مع 'نداء الوطن'، وصف وزير الخارجية يوسف رجّي المحادثات التي عقدها رئيس الجمهورية مع ولي العهد السعودي، بالممتازة جداً جداً وهي فاتحة خير لعودة العلاقات بين البلدين. واعتبر أن الزيارة بحد ذاتها كانت الحدث، وأهميتها بحصولها.
إلى ذلك يعقد مجلس الوزراء أول جلسة له بعد نيل الثقة يوم الخميس المقبل، وعلى جدول أعماله ثلاثة وعشرون بنداً. في ما يتعلق بالبند الثامن حول التمديد الموقت لسفراء من خارج الملاك، والذين سيصبحون في حكم المستقيلين في التاسع من آذار، بعد مرور شهرين على بداية العهد الجديد، كشفت مصادر في وزارة الخارجية لـ'نداء الوطن' أن القرار بالتمديد الموقت اتخذ بعد التشاور بين وزير الخارجية ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، واتفق على التمديد الموقت لحين البت بوضعهم فور إنهاء ملف التشكيلات الدبلوماسية الذي بدأ الوزير رجي العمل عليه بسرية تامة.
وذكرت المصادر أن عدد السفراء من خارج الملاك الذين لم يبلغوا سن التقاعد هو 6 (3 سنة يشغلون مناصب سفراء في السعودية والإمارات وبرلين، وسفير علوي في الجزائر، وماروني في فنزويلا وماروني في باريس (رامي عدوان) الذي أعيد إلى بيروت تأديبياً والأرجح أن يستثنى من قرار التمديد).
وأيضاً في ملف السلك الدبلوماسي، علمت 'نداء الوطن' أن كل ما يحكى عن تشكيلات وتعيينات، لا يمت إلى الواقع بصلة، وأن كل القوى ومجموعات النفوذ التي كانت تتدخل في هذا الملف مصابة، بحسب مصدر مطلع، بالهلع، وأصرّ المصدر على الكلمة بالفرنسية panique. وأن الأمور تحصل ضمن الأصول والإجراءات المرعية الإجراء من دون أي تسريب.
ضربة جدية وجهتها إسرائيل لـ'حزب الله' حيث أغارت طائرة لسلاح الجو الإسرائيلي على منطقة قانا في جنوب لبنان وقضت على خضر هاشم الذي شغل منصب قائد القوات البحرية في قوة الرضوان التابعة لـ'حزب الله'، وتقول إسرائيل إنه التحق في صفوف 'الحزب' قبل عقديْن، وشغل سلسلة مناصب. وفي إطار وظيفته في قيادة القوة البحرية في قوة الرضوان، لعب دوراً في نقل الوسائل القتالية في المجالات البحرية إلى 'الحزب' وفي التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية لـ'حزب الله' في المجال البحري ضد إسرائيل ومواطنيها حتى خلال وقف إطلاق النار.
تعليق تجميد المساعدات للجيش
وفي سياق آخر، كشفت مصادر قريبة من وزارة الخارجية الأميركية عن رفع واشنطن التجميد عن 95 مليون دولار من المساعدات للجيش اللبناني وسط تجميد إدارة ترامب المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً.
وقالت 'أكسيوس' نقلاً عن مسؤولين أميركيين إن الإعفاء يشير إلى أن إدارة ترامب لا تزال تنوي تعزيز الجيش اللبناني والحكومة الجديدة، مشددين على أن المساعدات جزء من استراتيجية أوسع لإدارة ترامب لمحاولة الاستمرار في 'إضعاف حزب الله، وتقليل نفوذه في لبنان والتأكد من استمرار وقف إطلاق النار مع إسرائيل'.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: لقد عانى لبنان كثيراً لكنه تعلم من معاناته، تعلم الّا يكون مستباحاً لحروب الآخرين، وتعلم لبنان أن مصالحه الوجودية هي مع محيطه العربي، وأن مصالحه الحياتية هي مع العالم الحر كله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


IM Lebanon
منذ 33 دقائق
- IM Lebanon
أبي المنى التقى بري: لاستكمال تطبيق الطائف
إستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري بمقر الرئاسة الثانية في عين التينة، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى مع وفد من المجلس المذهبي الدرزي والقضاة والمستشارين في المجلس. وتم البحث في تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية وشؤونا وطنية وروحية. وبعد اللقاء، قال أبي المنى: 'تشرفنا اليوم بزيارة دولة الرئيس مع إخواننا في مجلس إدارة المجلس المذهبي والمستشارين وكان لنا جولة أفق مع دولته في هذا الوضع الدقيق والحساس من تاريخ لبنان والمنطقة'. وأضاف: 'طبعا الكلام مع دولة الرئيس يزيدنا إطمئنانا بأن الدولة سائرة في الطريق الصحيح وأن الإصلاحات القادمة خطوة خطوة، وهو ما أكدناه ولمسناه في القصر الجمهوري وهو ما نؤكده ونلمسه اليوم في عين التينة'. وتابع: 'كما بحثنا طبعا في أهمية إستكمال تطبيق الطائف بكل بنوده بما يخدم المصلحة الوطنية وأيضا في الوضع القائم في المنطقة والذي يستوجب الوحدة الوطنية وأكدنا موضوع الشراكة الروحية الوطنية. هذا العنوان العريض الذي نطرحه اليوم والذي ستكون الندوة الأولى تحت هذا العنوان غدا مع نخبة من المفكرين وبرعاية وزارة الثقافة لكي نصل في ختام سلسلة ندوات في هذا الموضوع إلى مؤتمر وطني إن شاء الله برعاية فخامة الرئيس هذا ما نطمح إليه وما نسعى إليه'. وختم أبي المنى: 'كانت أيضا مناسبة لكي يتعرف دولة الرئيس على نشاط المجلس المذهبي من خلال اللجان ومن خلال النشاطات التي يقوم بها المجلس فيما يخدم المصلحة الوطنية وفيما يؤكد هذه الشراكة الروحية الوطنية التي هي مظلة الإصلاح والإنقاذ والتي لا مفر منها والتي هي الأساس في هذه المسيرة مسيرة العهد الجديد'.


ليبانون ديبايت
منذ 43 دقائق
- ليبانون ديبايت
السلاح الفلسطيني يتصدر زيارة محمود عباس لِبيروت
يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، يوم الأربعاء، في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام، يلتقي خلالها رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الحكومة نواف سلام. وتأتي هذه الزيارة في توقيت دقيق، وسط تسارع في إعادة رسم المشهد الإقليمي، وتزايد الضغط اللبناني الرسمي لضبط السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، في ظل القرار الثابت بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. وبعد حوادث أمنية عدّة، كان آخرها إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه المستعمرات الإسرائيلية، اتُّهمت بتنفيذها عناصر من حركة "حماس"، عاد ملف السلاح الفلسطيني إلى واجهة الاهتمامات الأمنية في لبنان. وقد وجّهت الحكومة اللبنانية تحذيراً إلى "حماس"، استنادًا إلى توصية المجلس الأعلى للدفاع، من استخدام الأراضي اللبنانية لشنّ عمليات عسكرية ضد إسرائيل. وترافق هذا التحذير مع قرار حكومي حاسم يقضي بتسليم سلاح "حزب الله" أو وضعه تحت إمرة الجيش اللبناني، ما فتح الباب أمام استكمال معالجة ملف السلاح غير الشرعي، وفي مقدمته السلاح الفلسطيني. في هذا السياق، أكّد مصدر وزاري لبناني رفيع المستوى لـ"الشرق الأوسط" أنّ "ملف السلاح الفلسطيني، سواء داخل المخيمات أو خارجها، عاد ليكون من أبرز الملفات الأمنية التي تحتاج إلى معالجة جدّية وهادئة في الوقت نفسه، بعيدًا عن التشنج أو المزايدات". وأشار المصدر إلى أنّ "مرجعية الدولة اللبنانية في هذا الشأن واضحة ولا تقبل التأويل، وهناك التزام فلسطيني متكرّر، سواء من الرئيس محمود عباس شخصياً أو من قيادات بارزة، بضبط السلاح وعدم استخدامه إلا في إطار الدفاع عن القضية الفلسطينية، مع احترام كامل للسيادة اللبنانية". لكن المصدر لفت إلى أنّ "الإشكالية الكبرى تكمن في غياب آلية تنفيذية واضحة لهذا الالتزام، خاصةً في ظل تعدّد المرجعيات الفلسطينية داخل لبنان، ووجود فصائل لا تخضع مباشرة لسلطة الرئيس عباس، وبعضها مرتبط بأجندات إقليمية تثير قلق لبنان". وفي تصريح لـ"الشرق الأوسط"، قال سرحان سرحان، عضو القيادة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية: "لم يُطرح ملف سلاح المخيمات بشكل رسمي حتى الآن في اجتماعات لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، ولكن إذا طُرح خلال لقاءات الرئيس مع المسؤولين اللبنانيين، فسيكون جزءاً من حوار شامل". وأضاف: "سلاح منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان منضبط مئة في المئة، ويخدم أمن واستقرار المخيمات فقط، ولدينا مؤسسات تعمل داخل كل المخيمات لتحقيق الأمن الاجتماعي والسياسي". وشدّد على رفض وصف المخيمات بأنها "جزر أمنية خارجة عن القانون"، مؤكداً أنّ "ما يصيب لبنان يصيبنا، ونعمل تحت سقف القانون اللبناني وبما يتفق عليه اللبنانيون". وأشار سرحان إلى أن "نزع السلاح بالقوة قد يفتح باب مشاكل أمنية واجتماعية، لكننا نؤيد ضبط السلاح بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، وهناك تنسيق دائم بين منظمة التحرير والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لمنع توسّع الاشتباكات أو امتدادها إلى مناطق أخرى". وختم بالقول: "نعمل بكل جدية على تثبيت الأمن داخل المخيمات وضبط أي سلاح متفلّت خارج الأطر الرسمية، ونعتبر أن استقرار لبنان مصلحة فلسطينية بامتياز". تعقيدات ملف «فتح» والفصائل الفلسطينية وتُجرى حاليًا اتصالات مغلقة بين الجانب اللبناني وقيادات فلسطينية مسؤولة، وفق مصادر فلسطينية مطلعة على الملف لـ"الشرق الأوسط"، بهدف صياغة تفاهم يُفضي إلى نزع السلاح من خارج المخيمات وضبطه داخلها، إلى جانب تشدّد كامل تجاه أي إطلاق صواريخ أو تحركات مسلحة خارجة عن السيطرة. إلا أن مشاركة السلطة الفلسطينية، وتحديدًا حركة "فتح"، في صياغة هذه الخطة، تثير تحفّظات من بعض الفصائل الفلسطينية "التي تتبنّى مواقف سياسية وأيديولوجية مختلفة، خصوصًا في ظل غياب مظلة وطنية فلسطينية موحّدة داخل لبنان"، وفق المصادر. وتلفت المصادر إلى أن "المفاوضات مع المجموعات الإسلامية الجهادية المنتشرة في بعض المخيمات تبدو محدودة التأثير، حيث ترفض هذه الفصائل تسليم سلاحها ما لم تُقدَّم لها ضمانات واضحة بشأن مصير أعضائها المطلوبين. وتعتبر أن أي خطة لنزع السلاح من دون تسوية شاملة، هي محاولة لإضعافها وإقصائها قسرًا". وقبل ساعات من زيارة عباس إلى بيروت، اندلعت اشتباكات عنيفة، مساء الاثنين، داخل مخيم شاتيلا في بيروت، بين مجموعات محلية مرتبطة بتجارة المخدرات، ما أسفر عن سقوط قتيلين وجريحين.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
الأفضل لسورية... التطبيع أم التقطيع؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب بامتياز، نحن أمة الضلال والتضليل (الأمة الضالة بدل الفئة الضالة). عبثًا نبحث عن شاشة لا تقدس أولياء أمرها، وأولياء أولياء أمرها، ولو كانوا بمواصفات الذباب أو بمواصفات الذئاب، وتلعن خصومهم ولو كانوا في قبورهم من ألف عام... على مدى سنوات طويلة، كنا مع النظام في سورية (لمن يعرف ما معنى دمشق، وما روح دمشق). لم نلاحظ العفن الذي كان يأكل الوجوه، بعد تلك السنوات الطويلة من عبادة الفرد، وهي ظاهرة تنتقل من جيل الى جيل، ومن رجل الى رجل، كما كنا نتغاضى عن الأداء الوحشي لأجهزة الاستخبارات، التي كانت تمثل ذروة الأمية وذروة الغباء. ذات مرة قلت لوزير الاعلام "كل الصور التي تنشر للرئيس بشار الأسد ولضيوفه، يبدو وهو يتكلم ويلوّح بيديه (يدي الأستاذ أو يدي المايسترو) فيما جليسه، ولو كان فلاديمير بوتين أو آية الله خميني، يصغي كما التلميذ المنبهر بعبقرية استاذه". الوزير استجاب وأمر بتنويع الصور. ردة فعل أجهزة الاستخبارات كانت مروعة (مؤامرة على سيادة الرئيس). هذه ظاهرة كلاسيكية في الأنظمة الثورية. خلال القمة العربية في مدينة فاس المغربية، كان المركز الاعلامي عبارة عن قاعة دائرية زجاجية. رجال الاستخبارات العراقية لم يتركوا سنتيميتراً من الجدران الزجاجية، الا وغطوه بصور الرئيس صدام حسين. في سورية، كل سيارة، ولو كانت سيارة الاسعاف، ينبغي أن تحمل صورة الرئيس بشارالأسد، أو الصورة الثلاثية للرئيسين حافظ وبشار وبينهما باسل، دون أن نعرف ما مزايا الأخير، لكي يطلق اسمه على الملاعب الرياضية وعلى الساحات. العدوى انتقلت الى لبنان، تمثال له في مدينة شتورة، وهو يمتطي حصانه بقبعة الفيلدمارشال فيليب مونتغمري. لكننا وبالصوت العالي كنا مع النظام وهو يتداعى من الداخل، لأنه كان ضد "اسرائيل"، وكان يمد يد العون الى المقاومة في لبنان، ودون أن يكون صحيحاً ما يشاع حول علاقة مع "اسرائيل"، لو كان الأمر كذلك لما كان الحصار القاتل. وزير للنقل في عهد الأب أخبرني "بقينا 8 أشهر نبحث عن عجلة لطائرة بوينغ دون جدوى، الى أن حصلنا عليها ولكن بطريقة ملتوية". منذ ايام أعلن مكتب رئيس الوزراء "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو استعادة 2500 وثيقة وصورة، وأغراض شخصية لايلي كوهين، الجاسوس "الاسرائيلي" الذي أعدم في ساحة المرجة عام 1967، بعدما تنكر بشخصية مغترب سوري في الأرجنتين، وتمكن من اختراق المنظومة القيادية في سورية. "الموساد" أصدر بياناً أوضح فيه أن ما حدث كان نتيجة عملية سرية، نفذها جهاز العمليات الخاصة في "الموساد" مع جهاز شريك استراتيجي، دون أن يوضح هوية ذلك الشريك (أميركي أم تركي؟). القاصي والداني يدرك مدى الهلهلة في أجهزة الاستخبارات السورية، مال ونساء، كل ذلك السلاح الذي دخل الى البلاد وفجّر الحرب فيها، جرى تهريبه بالمال. الآن، يحكى الكثير عن الأجهزة التي تنتشر في المواقع السورية الحساسة. وفي هذا الاطار شراء قادة الفصائل، أبعد من ذلك بكثير... ضلال وتضليل. نعلم أن قناة "الجزيرة" معادية لنظام الاسد، هذه مسألة طبيعية، ولكن أن تتبنى تلك التغريدات التافهة في مقاربة الحدث الاستخباراتي؟ احدى التغريدات قالت "ربما حصلت "اسرائيل" على أغراض ايلي كوهين منذ سنوات، سواء في عهد حافظ الأسد أو في عهد وريثه بشار الأسد، لكن "اسرائيل" حافظت على سرية عمليتها"، مع أن الكل يعلم مدى مبدئية الرئيس الراحل في التعامل مع "اسرائيل"، ولقد تابعنا تفاصيل مفاوضاته مع اسحق رابين، واصراره على سورية ضفاف بحيرة طبريا. المفاوضات التي كانت السبب في اغتيال هذا الأخير برصاصة ييغال عمير عام 1995. من التغريدات أيضاً التي تكشف مدى ضلالنا وتضليلنا، أن العملية تمت في عهد "الرئيس المخلوع"، لكن الاعلان عنها الان هو لـ "توجيه ضربة سياسية الى النظام الجديد"، مع أن كل المعلومات تؤكد أن رئيس هذا النظام أحمد الشرع أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترامب، أثناء لقائه في قصر اليمامة، استعداده للتطبيع حتى دون قيد أو شرط. لو كان هذا موقف بشار الأسد لورث ابنه السلطة من بعده... خطوة أخرى في الصراحة وفي الواقعية. كنا نبرر للنظام السابق تلك البيانات العسكرية الصادمة، لدى تنفيذ أي غارة "اسرائيلية" على أهداف سورية، وحتى داخل دمشق، وكنا نقول إن الدولة ما زالت تلملم جراح الحرب والتداعيات الرهيبة للحرب، ناهيك بالاختلال في موازين القوى، مقابل أحدث القاذفات الأميركية وكذلك المنظومات الدفاعية الحديثة، الطنابر الطائرة من سورية، والمنظومات الدفاعية التي لا تستطيع اسقاط حتى الطائرات الورقية. كثيرة الأيدي الغليظة التي تمسك بالخيوط السورية الآن، كوكتيل عجيب وعجائبي من اصحاب المصالح. من سنوات سقط الدور السوري، وسقط ذلك الشيء الذي يدعى الصراع العربي – "الاسرائيلي". قناة "فوكس نيوز" تقول ان دونالد ترامب اخرج الشرق الأوسط من التيه الايديولوجي والتيه الاستراتيجي.