logo
مغامرة الدعم السريع.. حكومة على فوهة البندقية

مغامرة الدعم السريع.. حكومة على فوهة البندقية

الجزيرةمنذ 3 أيام
في تحول دراماتيكي يراهن على المستقبل، أعلنت قوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، عن تشكيل حكومة مدنية في المناطق التي تسيطر عليها، وتعيين حكام للمناطق التي لا تسيطر عليها!
فجرت هذه الخطوة موجة من الجدل بين مؤيدين ومعارضين، خصوصا أنها تمت في وقت تتقاذف فيه الأمواج العاتية قوات الدعم السريع. وقد اعتبر كثيرون الخطوة بأنها محاولة انفصالية تمهد لتقسيم السودان، وتمثل "مغامرة سياسية"، توازي خطورتها كل ما يحدث على الأرض.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: أهي إستراتيجية حقيقية لإعادة البناء، أم مجرد قفزة في الفراغ؟
رغم أن الوضع الإنساني الكارثي لا يزال هو السمة الغالبة على المناطق المتأثرة، فإن ما أعلنه "حميدتي" من حكومة جديدة أشعل سجالات بين مؤيدين ومعارضين داخل السودان
منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في أبريل/ نيسان 2023، دخل السودان مرحلة من الفوضى العارمة، وتم تدمير الهيكل الإداري والاقتصادي والبنية التحتية للدولة، وبدأت الانقسامات تنمو بسرعة بين القوى السياسية المختلفة، التي وجدت نفسها عاجزة أمام الموقف المتأزم.
في خضم هذا الدمار، سعت قوات الدعم السريع إلى توسيع رقعة سيطرتها، وفيما كانت تخسرالنفوذ العسكري والسياسي أطلق "حميدتي" مشروعه لتشكيل حكومة انتقالية في المناطق التي يسيطر عليها، بهدف شرعنة سلطته العسكرية وتوسيع قاعدة الدعم الشعبي له. وبينما زعم أنه يهدف لتقديم نموذج إداري محلي يخفف من معاناة الناس، كانت هذه الخطوة تمثل في حقيقتها محاولة لتوسيع نفوذه على حساب الجيش والدولة.
ورغم أن الوضع الإنساني الكارثي لا يزال هو السمة الغالبة على المناطق المتأثرة، فإن ما أعلنه "حميدتي" من حكومة جديدة أشعل سجالات بين مؤيدين ومعارضين داخل السودان؛ ففي حين يرى مؤيدو الدعم السريع أنها خطوة مفصلية لاستعادة الدولة من براثن النزاع العسكري، يراها آخرون محاولة لفرض السيطرة على السودان بقوة السلاح.
محاور مشتعلة ومطامع إقليمية
على الصعيد الإقليمي والدولي، هناك دول إقليمية تساند قوات الدعم السريع، وترى في "حميدتي" لاعبا رئيسيا يمكنه تحقيق التوازن في منطقة البحر الأحمر، التي تشهد صراعات متجددة، ورأت في تحركاته فرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة، لا سيما أن السودان يمثل نقطة وصل مهمة في الجغرافيا السياسية (الجيوبوليتيك) للمنطقة العربية والأفريقية، ولكن هذه الدول لم تؤيد بشكل واضح خطوة الحكومة البديلة.
في المقابل، يرى الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد أن هذه الخطوة تمثل تهديدا لتماسك الدولة السودانية، يفتح الباب أمام سيناريوهات تشظ تشبه ما جرى في الصومال وليبيا. هذا بينما تعتبر دول أخرى، مثل مصر والجزائر، أن الإعلان عن الحكومة الجديدة يمثل تهديدا لسلامة السودان ووحدته، خصوصا مع قلقها من أن يؤدي الانقسام في السودان إلى تأثيرات سلبية على الأمن الإقليمي، خاصة في ملف الهجرة والنزاعات الحدودية، وهناك خشية كبيرة من أن يفتح هذا التوجه الباب أمام تداعيات شديدة الخطورة على باقي دول القرن الأفريقي.
أما على الساحة الدولية، فقد كانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في حالة ترقب شديد؛ ففي الوقت الذي أبدت فيه بعض القوى الغربية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، قلقا من التوسع العسكري لقوات الدعم السريع، فإنها تُحجم عن اتخاذ خطوات فعالة لوقف هذه المغامرة؛ خشية أن يؤدي التدخل المباشر إلى مزيد من التصعيد، خصوصا في ظل حالة الانقسام السياسي التي يعاني منها المجتمع السوداني.
فالأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس حقوق الإنسان والاتحاد الأفريقي والإيغاد، جميع هذه الأطراف شددت على الرفض القاطع لفرض قوات الدعم السريع كسلطة أمر واقع، أما الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي فقد أكدا في تصريحات متزامنة على أن أي حكومة تدعمها مليشيا متهمة بجرائم حرب لن تحظى بالاعتراف، ولوحا بفرض عقوبات على من يسهلون استمرار سيطرة الدعم السريع في مناطق معينة.
وهذا الرفض الواسع لفكرة الحكومة البديلة، ستنتج عنه عزلة سياسية متزايدة للدعم السريع، ومعه سيتعذر عليه إقامة أي علاقات دبلوماسية، أو الحصول على أي تمويل لحكومته الجديدة. كما أنه سيعرقل خطط تقسيم السودان، ويُضعف أي طموح لانفصال فعلي لمناطق غربي السودان، وسيساهم في تعزيز موقف الجيش في المحافل الإقليمية، وتحسين موقفه في أي مفاوضات مستقبلية.
القشة التي قصمت ظهر البعير
في الداخل، كانت خطوة تشكيل الحكومة بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير" بالنسبة للكثير من الأحزاب السياسية السودانية، فقد وجدت الأحزاب التي شاركت في "قوى الحرية والتغيير" نفسها في موقف محرج؛ بين مؤيد للتفاوض مع الدعم السريع حفاظا على ما تبقى من الدولة، ومعارض لخطوة تشكيل الحكومة الموازية، التي اعتبرتها تجاوزا للثوابت الوطنية.
حتى الأحزاب في صفوف المعارضة شهدت انقسامات حادة، ففي حين رأى البعض في خطوة الدعم السريع محاولة للمساومة على السلطة، حذر آخرون من تبعات هذه الخطوة في حال استمرار الوضع على هذا النحو.
وحركات الكفاح المسلح، التي شاركت في اتفاق جوبا للسلام، كانت هي الأخرى في موقف صعب… بعض من هذه الحركات المتحالفة مع الدعم السريع اعتبرت الحكومة المعلنة من قبل الدعم السريع خطوة إيجابية في إطار الحفاظ على الأمن الداخلي، لكن أغلب الحركات الكبرى رفضت المشروع بشكل قاطع، مؤكدة أنه يعكس نية لتوسيع النفوذ العسكري على حساب أي عملية محتملة للسلام.
وبالنسبة لمعظم الشعب السوداني، فإنه يعيش في بيئة شديدة التعقيد، وتحت ضغط ظروف حياتية قاسية؛ حيث الخدمات مفقودة والاقتصاد الكلي والمدخول الفردي في تراجع.. لكن مع ذلك، فإن إعلان حكومة الدعم السريع الموازية لم يكن بالنسبة له سوى إعلان آخر من سلسلة طويلة من التحركات السياسية الفاشلة، التي لم تكن تأخذ احتياجات الشعب الحقيقية في الاعتبار، وتمثل امتدادا للفوضى العسكرية التي تسببت في قتل المئات وتهجير الآلاف.
لا بد من الإشارة إلى أن رفض المؤسسات الدولية والإقليمية لتشكيل حكومة الدعم السريع (وهو رفض مزدوج)، ولرمزية الانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوة في حق السودانين، هو رفض يعكس تمسكا بالمبادئ لا بالمصالح فقط، ويؤسس لمسار طويل من الضغط والعزل السياسي
تعميق الانقسام
من منظور علم الاجتماع، أي حكومة تستمد شرعيتها من قبول المجتمع لها عبر التعاقد الاجتماعي، أو عبر الرضا العام والتمثيل الشعبي. وفي حالة حكومة الدعم السريع الموازية، فإن شرعيتها هي "شرعية القوة" لا "شرعية العقد الاجتماعي"؛ حيث جاءت نتيجة لاستخدام السلاح وفرض السيطرة على مناطق معينة، لا نتيجة انتخاب أو توافق سياسي مجتمعي، مما يضعف قبولها اجتماعيا.
فالمجتمعات التي تنهار فيها مؤسسات الدولة المركزية تميل إلى خلق سلطات بديلة (ميليشيات، قادة تقليديين، جماعات إثنية)؛ وهو ما ينطبق على حالة الدعم السريع، حيث تحول من قوة شبه نظامية إلى كيان يسعى لبناء حكومة مستقلة، مستفيدا من الفراغ السياسي.
تشكيل الحكومة على أسس إثنية أو جغرافية أو عسكرية يعمق الانقسام الاجتماعي، ما يؤدي إلى تفتيت النسيج الوطني، ويزيد من احتمالات الصراع، ويصعِّب التعايش في المدى البعيد. ووجود حكومة تنبع من كيان عسكري متمرد يعزز ما يسميه علماء الاجتماع "مأسسة العنف"، أي تحويل القوة المسلحة إلى أداة حكم يومي، وهذا يؤدي إلى تطبيع العنف وغياب القانون، واستمرار النزاع كوسيلة لحسم الصراع، بدلا من الحوار أو المؤسسات الديمقراطية.
وغالبا ما تلجأ مثل هذه الحكومات إلى تحالفات محلية ضيقة، تقوم على أساس الولاء لا الكفاءة، مما يعيد إنتاج نفس البُنى الاجتماعية والسياسية القديمة، وبالتالي لا تخلق تغييرا حقيقيا، بل قد تزيد حدة الاستقطاب، الذي يؤدي إلى فقدان الثقة الاجتماعية بين المكونات الاجتماعية، وتفكك الهوية الوطنية الجامعة.
وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى أن رفض المؤسسات الدولية والإقليمية لتشكيل حكومة الدعم السريع (وهو رفض مزدوج)، ولرمزية الانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوة في حق الشعب السوداني، هو رفض يعكس تمسكا بالمبادئ لا بالمصالح فقط، ويؤسس لمسار طويل من الضغط والعزل السياسي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سيناتور جمهوري بارز يدعو ترامب إلى الاعتراف بأرض الصومال
سيناتور جمهوري بارز يدعو ترامب إلى الاعتراف بأرض الصومال

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

سيناتور جمهوري بارز يدعو ترامب إلى الاعتراف بأرض الصومال

دعا السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس، تيد كروز، الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الاعتراف رسميًا باستقلال "أرض الصومال"، واصفًا الإقليم المنشق عن الصومال بأنه شريك أمني ودبلوماسي بالغ الأهمية للولايات المتحدة. وفي رسالة مؤرخة بتاريخ 14 أغسطس/آب، كتب كروز "برزت أرض الصومال كشريك محوري للولايات المتحدة في الأمن والدبلوماسية، وساهمت في تعزيز مصالحنا الإستراتيجية في القرن الأفريقي وما بعده". وأضاف "تُبدي أرض الصومال التزامًا واضحًا بتوثيق علاقاتها بواشنطن، وتشارك بنشاط في تعزيز التعاون العسكري، ومكافحة الإرهاب، وتوسيع الشراكات الاقتصادية والتجارية. ولتحقيق أقصى فائدة للمصالح الأميركية، فإن الاعتراف بها دولة مستقلة ضرورة". وقد لقيت دعوة كروز ترحيبًا فوريًا من ممثل أرض الصومال في واشنطن، بشير غوث، الذي صرّح لأفريكا ريبورت، أن "أرض الصومال شريك ثابت للولايات المتحدة، وتشكل خط دفاع أول في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في القرن الأفريقي. الزخم نحو علاقات أوثق لم يكن أقوى مما هو عليه اليوم، مع دعم متزايد من الحزبين، بما فيه تأييد السيناتور كروز استقلالنا". وأضاف أن "الرئيس ترامب يدرك مصالح أميركا في منطقتنا، ونعتقد أن نظرته المتجددة ستفتح الباب لفصل تاريخي جديد في العلاقات بين واشنطن وهارغيسا". كانت أرض الصومال دولة مستقلة لبضعة أشهر عام 1960 قبل أن تتحد طوعًا مع الصومال لاحقًا في نفس العام. وفي عام 1991، أعلنت انفصالها عن الدولة الصومالية التي كانت تعاني من الانهيار، ومنذ ذلك الحين حافظت على قدر من الاستقرار والديمقراطية في منطقة تعصف بها النزاعات. تصاعد الزخم في واشنطن تأتي رسالة كروز في وقت يشهد فيه ملف أرض الصومال اهتمامًا متزايدًا داخل المؤسسات الفدرالية الأميركية. فقد دأبت هارغيسا على تقديم نفسها للإدارات الأميركية المتعاقبة كقوة موازنة للنفوذ الصيني في شرق أفريقيا. ويولي البنتاغون اهتمامًا خاصًا بإيجاد بدائل لقاعدة "كامب ليمونييه" في جيبوتي، وهي القاعدة الأميركية الدائمة الوحيدة في أفريقيا، والتي تقع بجوار منشأة عسكرية صينية. وقد دخلت أرض الصومال في محادثات مع الجيش الأميركي بشأن إنشاء قاعدة عسكرية في ميناء بربرة المطل على خليج عدن، كما تستضيف مكتبًا تمثيليًا لتايوان في العاصمة. وقد أدى الضغط الصيني الذي دفع الحكومة الصومالية إلى منع حاملي جوازات السفر التايوانية من دخول أرض الصومال إلى تعزيز الدعوات لتغيير السياسة الأميركية تجاه المنطقة. وفي رسالته، كتب كروز "الحزب الشيوعي الصيني يستخدم أدوات الضغط الاقتصادي والدبلوماسي لمعاقبة أرض الصومال على دعمها تايوان، كما يسعى إلى تقويض هذا الدعم. وللأسف، لعبت الحكومة الصومالية دورًا سلبيًا في هذه الجهود". مكاسب محتملة لإدارة ترامب تحاول أرض الصومال استمالة الإدارة الأميركية الجديدة بالتماهي في أولوياتها، بما في ذلك عرض استضافة لاجئين من غزة مقابل الاعتراف الرسمي، ومنح واشنطن حق الوصول إلى ثرواتها من المعادن الحيوية. وعند سؤاله أخيرًا عن إمكانية تغيير السياسة الأميركية التي تعترف بوحدة الأراضي الصومالية، قال ترامب للصحفيين "نحن ندرس هذا الأمر حاليًا". كما أعرب قائد القيادة الأميركية في أفريقيا الجديد، الجنرال داغفين أندرسون، عن انفتاحه على تعزيز العلاقات بأرض الصومال خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الشهر الماضي. وقال الجنرال أندرسون "أعتقد أن من مصلحتنا أن يكون لنا مستوى من الانخراط في تلك المنطقة، سواء مع الحكومة الفدرالية أم الكيانات المحلية، وسأقييم ذلك عند تأكدي". الخطوات المقبلة ورغم انتهاء المهلة القانونية لتقديم تعديلات على قانون تفويض الدفاع الوطني لهذا العام، يتوقع أن يواصل المشرّعون الدفع باتجاه الاعتراف بأرض الصومال عند عودتهم من عطلة الصيف في سبتمبر/أيلول المقبل. وفي مجلس النواب، يقود النائب الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا، سكوت بيري، مشروع قانون يمنح ترامب صلاحية الاعتراف باستقلال أرض الصومال، وقد حصل على دعم خمسة نواب آخرين من الحزب الجمهوري. أما في مجلس الشيوخ، فيمكن للسيناتور كروز تسليط الضوء على القضية من خلال عقد جلسات استماع عن قضايا أفريقية متعددة، وعلى رأسها أمن الملاحة البحرية، حيث يمكن لأرض الصومال أن تمثل بديلًا مقنعًا لجيبوتي.

رويترز: جنوب السودان يناقش مع إسرائيل تهجير فلسطينيين إلى أراضيه
رويترز: جنوب السودان يناقش مع إسرائيل تهجير فلسطينيين إلى أراضيه

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

رويترز: جنوب السودان يناقش مع إسرائيل تهجير فلسطينيين إلى أراضيه

نقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر لم تسمها أن جنوب السودان وإسرائيل يناقشان اتفاقا لتهجير فلسطينيين من قطاع غزة. وبحسب المصادر، لم يتم إبرام اتفاق بعد لكن المحادثات بين الجانبين مستمرة. وتنص الخطة، حال تنفيذها، على تهجير سكان من قطاع غزة، وفقا لرؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ورؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكان نتنياهو قد كرر هذا الأسبوع تصريحاته بضرورة أن يغادر الفلسطينيون القطاع طواعية. وتواجه خطة التهجير التي تسعى إليها إسرائيل وبدعم أميركا رفضا عالميا، خاصة من قبل الفلسطينيين والدول العربية، ويعتبرها الفلسطينيون بمثانية نكبة ثانية. وكانت صحيفة تلغراف البريطانية قد ذكرت أمس الخميس أن حكومة جنوب السودان وافقت على استقبال فلسطينيين من قطاع غزة بناء على طلب إسرائيلي. ووفقا للصحيفة، فقد ذكر مسؤول بوزارة الخارجية في جوبا أن الحكومة وافقت على الطلب. في غضون ذلك، سترفع أميركا العقوبات عن جنوب السودان، وستستثمر إسرائيل في قطاعي الصحة والتعليم. ووفقا لرويترز، فقد طرحت فكرة تهجير الفلسطينيين وتوطينهم في جنوب السودان خلال اجتماعات بين مسؤولين إسرائيليين ووزير الخارجية في جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا لدى زيارته إسرائيل الشهر الماضي. وتتناقض هذه الرواية -على ما يبدو- مع ما أعلنته وزارة الخارجية في جنوب السودان، التي نفت يوم الأربعاء الماضي تقارير سابقة عن الخطة ووصفتها بأنها "لا أساس لها من الصحة"، وذلك ردا على ما ذكرته وكالة أسوشيتد برس الثلاثاء الماضي عن وجود مباحثات بهذا الشأن بين جوبا وتل أبيب، نقلا عن ستة مصادر مطلعة.

عودة الديون.. هل أضاع العالم فرصة إنقاذ اقتصاد قارة أفريقيا؟
عودة الديون.. هل أضاع العالم فرصة إنقاذ اقتصاد قارة أفريقيا؟

الجزيرة

timeمنذ 16 ساعات

  • الجزيرة

عودة الديون.. هل أضاع العالم فرصة إنقاذ اقتصاد قارة أفريقيا؟

في يونيو/حزيران 2005، شهد العالم منعطفا حاسما في مسار العدالة الاقتصادية، حين اتفق وزراء مالية مجموعة الثماني على شطب ديون 38 دولة من أفقر دول العالم، معظمها أفريقية، لصالح مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي. جاءت المبادرة قبيل قمة غلين إيغلز في أسكتلندا، لتجسد أحد أبرز مظاهر التوافق الدولي على مكافحة الفقر. لكنها تبدو اليوم ذكرى بعيدة في ظل عودة أزمات الديون إلى واجهة المشهد في القارة. إعفاء غير مسبوق شمل القرار الديون المستحقة قبل نهاية عام 2004 للدول التي استوفت شروط "مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون"، دون فرض شروط إضافية. واستفادت 29 دولة أفريقية من الإعفاء، منها إثيوبيا وغانا ورواندا والسنغال وأوغندا ومالي وموزمبيق وتنزانيا. وقد بلغت قيمة الإعفاء نحو 56 مليار دولار، واعتمد رسميا بنهاية عام 2006، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في نسب الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي ، كما في السنغال (من 36.1% إلى 17.5%) وغانا (من 31.7% إلى 17.3%) ورواندا (من 58.9% إلى 22.5%). سياق دولي داعم جاءت هذه الخطوة في ظل تحولات اقتصادية واجتماعية كبرى. فبعد عقود من الركود، بدأ النمو الحقيقي للفرد في أفريقيا يسجل مؤشرات إيجابية، بينما كانت القارة تواجه انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وضعف الوصول إلى العلاج. وفي عام 2000، تبنت الأمم المتحدة"أهداف الألفية للتنمية"، لكن عام 2005 مثّل نقطة تحول، مع تصاعد الحملات الشعبية تحت شعار "اجعلوا الفقر من الماضي"، والدعوات إلى مضاعفة المساعدات الرسمية وخفض أسعار الأدوية. انتكاسة جديدة بعد عقدين، تعود أزمة الديون لتتصدر المشهد. فمع انفتاح الأسواق المالية أمام الدول الأفريقية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، دخلت العديد منها في موجة اقتراض واسعة، تلاها انهيار اقتصادي عقب جائحة كورونا. واليوم، يشكل الدين الخارجي المستحق للبنوك التجارية والمستثمرين الخاصين أكثر من 43% من إجمالي الديون، مما يجعل إعادة هيكلته أكثر تعقيدًا مقارنة بديون المؤسسات متعددة الأطراف. وقد شهدت دول مثل زامبيا وغانا وإثيوبيا تعثرا في سداد ديونها منذ عام 2020، وسط بطء في تنفيذ "إطار العمل المشترك" لمجموعة العشرين. ويشير الخبير الاقتصادي دونالد كابيروكا، الرئيس السابق لبنك التنمية الأفريقي، إلى أن "عام 2005 كان عاما قويا تحت راية التعددية". وحذر كابيروكا من أن العالم اليوم يعيش "تداعيات تراجع التعددية"، حيث تنكفئ الدول الغنية على أولوياتها الأمنية، وتتراجع التزاماتها الدولية تجاه قضايا الصحة والفقر والديون. في ظل هذا الواقع، يبرز سؤال جوهري: هل تستطيع أفريقيا الحفاظ على المكاسب التي تحققت قبل عشرين عاما؟ وهل يمكن إعادة إحياء روح التعددية الدولية في زمن تتراجع فيه المساعدات ويتعاظم عبء الدين، أم أن العالم يكرر أخطاء الماضي؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store