
انخفاض فروق أسعار سندات الشركات الأميركية لأدنى مستوى لها في 27 عاما
وجاء في التقرير أن "الفوارق الائتمانية تقلّصت إلى 73 نقطة أساس فقط، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 1998″، الأمر الذي يعكس –وفق بلومبيرغ– حالة من التسعير المبالغ فيه والتهاون في تقدير الأخطار.
تهافت المستثمرين وضغوط الفدرالي
وأوضحت بلومبيرغ أن المستثمرين اندفعوا إلى قفل العوائد الحالية خشية أن يغلق مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) الباب قريبًا عبر خفض جديد للفائدة الشهر المقبل. وأشارت إلى أن هذه التوقعات تعززت بعد صدور بيانات أظهرت أن التضخم جاء متوافقًا مع التقديرات وأن سوق العمل بدأ يضعف.
وأكد التقرير أن متوسط عوائد السندات الاستثمارية ظل أعلى من 5% على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، بعد أن رفع الفدرالي أسعار الفائدة من مستويات شبه صفرية للسيطرة على موجة التضخم التي تلت الجائحة.
وأضافت بلومبيرغ أن هذا المستوى المرتفع للعوائد جذب صناديق التقاعد وشركات التأمين والمؤسسات الكبرى، مما أدى إلى تثبيت الفوارق الائتمانية حتى في ظل حالة عدم اليقين الناجمة عن تعريفات الرئيس دونالد ترامب الجمركية.
وقال مدير الائتمان الاستثماري في "إنفيسكو" مات بريل إن "قدرا من الخوف من تفويت الفرصة بدأ يسيطر على الأجواء. هذه هي العوائد التي كان المستثمرون يبحثون عنها منذ سنوات".
تدفقات قياسية ونقص في المعروض
وكشف التقرير عن أن الصناديق الاستثمارية المتخصصة في السندات سجلت تدفقات غير مسبوقة، إذ كتب محللو "جي بي مورغان" أن "التوجهات الحالية توحي بأننا ندخل فترة من تدفقات قوية للصناديق، مع كون خفض الفائدة مسعَّرًا بالفعل في الاجتماعات الثلاثة المقبلة للجنة الفدرالية للسوق المفتوحة لعام 2025".
لكن في المقابل، أوضحت بلومبيرغ أن العرض في السوق محدود للغاية. فقد توقعت "جي بي مورغان" تسجيل شهر ثالث على التوالي من "العرض الصافي السلبي"، بعد استحقاقات بلغت 71 مليار دولار ومدفوعات كوبونات بقيمة 35 مليار دولار في أغسطس/آب.
ومع ضعف الإصدارات الصيفية، أكد مارك كليغ -وهو متعامل كبير في "أولسبرينغ غلوبال إنفستمنت"- أن السوق بات شبه فارغ من الأوراق، مضيفًا بلهجة ساخرة: "العثور على صفقة جيدة أصعب من إيجاد موقف سيارات في كوستكو يوم السبت".
تجاهل المخاطر وتراخي التسعير
بلومبيرغ أشارت بوضوح إلى أن هذا التهافت يخفي في طياته خطورة جسيمة، إذ أصبح المستثمرون يتجاهلون احتمالات ارتفاع حالات التعثر في حال دخل الاقتصاد الأميركي في ركود أعمق.
وقال نويل هيبرت، محلل "بلومبيرغ إنتليجنس": "جزء كبير من هذا التراجع في الفوارق يعكس تراخيًا في تسعير المخاطر، سواء لأن المستثمرين مبهورون بالعوائد الكلية أو لأسباب أخرى".
أما استراتيجيون في "يو بي إس" بقيادة ماثيو ميش فقد أكدوا أن السوق لا يعكس المخاطر الحقيقية تقريبًا، متوقعين أن تتسع الفوارق مجددًا مع ضعف سوق العمل وخفض الفدرالي للفائدة، ولفتوا إلى أن انخفاض العوائد قد يؤدي إلى رفع أسعار السندات القائمة، وهو ما يشجع المستثمرين على غض الطرف عن المستويات الحالية للفوارق.
وفي هذا السياق، صرّح نيكولاس إلفنر، رئيس الأبحاث في "بريكنريدج كابيتال أدفايزرز"، قائلاً: "طحن الفوارق الصيفي بلغ ذروته. لقد عادت الفوارق الاستثمارية لتلغي كل التوسع الذي شهدناه في أبريل/نيسان حين بلغت المخاطر ذروتها بسبب تهديدات الرسوم الجمركية".
الخلاصة التي تنقلها بلومبيرغ واضحة وسلبية، حيث الفوارق الائتمانية في سوق السندات الأميركية تضيق إلى مستويات تاريخية، بينما تتدفق الأموال بشكل أعمى من مستثمرين كبار يسعون وراء العائد.
وبينما يراها البعض "فرصة ذهبية"، يحذر آخرون من أنها وصفة لأزمة مقبلة، إذ يتم التغاضي عن إشارات التباطؤ الاقتصادي وتجاهل المخاطر. النتيجة -وفق بلومبيرغ- أن السوق يسير على حافة خطيرة تذكّر بأزمات سابقة دفع ثمنها الاقتصاد الأميركي غاليًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 22 دقائق
- الجزيرة
صادرات الصين من المعادن النادرة عند أعلى مستوى في 6 أشهر
واصلت صادرات الصين من المعادن النادرة -بما يشمل المغناطيس- انتعاشها في يوليو/تموز الماضي، بعد أشهر من تهديد بكين بنقص عالمي مقلق عبر تقليص الإمدادات لمواجهة نزاع تجاري مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وزادت كميات المعادن النادرة المصدرة للخارج بنسبة 69% لتصل إلى 6422 طنا في يوليو/تموز الماضي، مسجلة أعلى مستوى لها منذ يناير/كانون الثاني من هذا العام، وفق حسابات بلومبيرغ. وعادة ما تهيمن المغناطيسات على فئة "المنتجات"، وهي مكونات تصنيع صغيرة لكنها حيوية، وأصبحت محورية في محادثات التجارة الأميركية الصينية في وقت سابق من هذا العام. وانخفضت الإمدادات في أبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين بعد أن فرضت الصين ضوابط شاملة على صادرات مغناطيسات المعادن النادرة ردا على تهديدات التعريفات الجمركية الأميركية، ثم وافقت بكين على تسريع الصادرات بعد أن توصل الجانبان إلى هدنة تجارية. في منتصف الطريق بدوره، قال الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير في وقت سابق من هذا الشهر إن الصين "في منتصف الطريق تقريبا" فيما يتعلق بإعادة إمدادات المغناطيس إلى ما كانت عليه قبل فرض الضوابط. ولم يقتصر تأثير استخدام الصين المعادن النادرة سلاحا على الولايات المتحدة فحسب، بل واجه مصنعو السيارات من أوروبا إلى الهند اضطرابات أيضا خلال فترة شح المعروض. ومن المتوقع صدور بيانات أكثر تفصيلا بشأن صادرات المغناطيسات ووجهات محددة بعد غد الأربعاء.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
"غروك" يخسر عقود الحكومة الأميركية بعد تغريداته "المعادية للسامية"
قررت الحكومة الأميركية الابتعاد عن روبوت الذكاء الاصطناعي" غروك" بعد نيتها السابقة التعاقد مع الشركة لتقديم خدمات الذكاء الاصطناعي للخدمات الحكومية، وذلك وفق تقرير نشره موقع "آرس تكنكيا" التقني. ويرجح أن السبب في تغير خطة إدارة الخدمات العامة الأميركية يعود لموجة التغريدات التي وصفت بأنها "معادية للسامية" والتي تسببت في إيقاف الروبوت سابقا، وذلك بحسب مجموعة من المستندات الداخلية وتصريحات مسؤولين داخل الإدارة. ويأتي هذا القرار بعد أن أعلنت شركة "إكس إيه آي" (xAI) سابقا أنها تتعاون مع إدارة الخدمات العامة لإيصال "غروك" لكافة موظفي الحكومة الأميركية والوكالات الفدرالية التابعة لها، ويذكر أن هذا الإعلان جاء بعد حادثة التغريدات "المعادية للسامية". وكانت موجة تغريدات "غروك" قد جاءت في سياق منشورات تتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتضمنت محتوى يروّج لصور نمطية قديمة عن النفوذ اليهودي العالمي، ويصور اليهود على أنهم يتحكمون في الإعلام والمال. كما استخدم "غروك" تعبيرات قوية، مثل وصف إسرائيل بأنها "كيان استعماري عنصري". وقد اعتبر منتقدون مؤيدون لإسرائيل أن هذه الردود تحمل طابعًا دعائيًا "معاديًا للسامية" أكثر من كونها تعاطفًا إنسانيًا مع الفلسطينيين. ولم تقم شركة "إكس إيه آي" بتغيير الموقع الخاص بها والموجه للخدمات الحكومية تحت عنوان "غروك للحكومة"، إذ يضم الموقع معلومات عن توافر النموذج لموظفي الحكومة الأميركية حتى الآن. ويأتي هذا التقرير على خلفية احتدام التنافس بين شركات الذكاء الاصطناعي لتوفير منتجاتها للجهات الحكومية والتعاقد مع الحكومة الأميركية، بما فيها شركة "أوبن إيه آي" التي توفر منتجاتها لموظفي الحكومة الأميركية مقابل دولار واحد شهريا وكذلك "آنثروبيك" التي قدمت العرض ذاته. ورغم وجود العروض المختلفة من شركات الذكاء الاصطناعي، فإن التقرير يؤكد أن "غروك" كان الأقرب للحصول على عقد الخدمات الحكومية قبل التغير الأخير، وذلك رغم الاعتراضات الداخلية للنموذج وآلية استخدامه. وتشير التقارير إلى أن الحكومة الأميركية تدفع بموظفيها لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر، وذلك تماشيا مع خطة الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مسبقا. كما أن حكومة ترامب كانت تنوي استخدام الذكاء الاصطناعي لحذف عدد كبير من القوانين الفدرالية وخفض عددها الإجمالي حسب التقارير السابقة، ولكن هذا الاستخدام كان سيتم لأداة مطورة داخليا في إدارة الكفاءة التي كان يرأسها إيلون ماسك سابقا. إيلون ماسك أو "إكس إيه آي" أي رد حول هذه التقارير حتى الآن، وبدلا من ذلك يهتم ماسك في الوقت الحالي بمنافسة "شات جي بي تي" في متجر تطبيقات آبل وفق ما جاء في التقرير.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
إيطاليا تتحرك لتقليص نفوذ الصين وسط ضغوط أميركية وتوترات تجارية
في مؤشر جديد على عمق الانقسام الجيوسياسي الذي يضغط على مسار التجارة العالمية، كشفت وكالة بلومبيرغ أن حكومة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني تدرس خططا صارمة لتقييد حصص المستثمرين الصينيين في أبرز الشركات الإستراتيجية بالبلاد، في مسعى لتفادي مزيد من التوتر مع الولايات المتحدة في وقت تتعرض فيه الصادرات الإيطالية لضغوط متزايدة بفعل الرسوم الجمركية الأميركية القاسية وارتفاع قيمة اليورو. وتأتي هذه التحركات في ظل واقع اقتصادي أوروبي هش، حيث تحاول الحكومات إعادة صياغة علاقاتها التجارية مع الصين بما يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية، وفي الوقت ذاته الحفاظ على تنسيق وثيق مع سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الساعية لعزل بكين اقتصاديًا. استهداف شركات إستراتيجية وتشمل الإجراءات المقترحة -بحسب بلومبيرغ- شركات خاصة ومملوكة للدولة تعتبر حيوية للأمن الاقتصادي الإيطالي، من بينها شركة تصنيع الإطارات "بيريلي" التي تمتلك مجموعة "سينوكيم" الصينية المملوكة للدولة 37% من أسهمها. مصادر مطلعة ذكرت أن دبلوماسيين صينيين حذروا من أن العلاقات التجارية بين روما وبكين قد تتضرر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ودي بشأن "بيريلي". في المقابل، حذرت واشنطن الشركة من أن إطاراتها المزودة بحساسات إلكترونية قد تواجه قيودًا في السوق الأميركية، في ظل تشديد القيود على الأجهزة والبرمجيات القادمة من شركات خاضعة للسيطرة الصينية، بدعوى مخاطر "جمع البيانات"، وفق ما أوردته بلومبيرغ. ضغوط أميركية وانتقائية أوروبية وأوضحت بلومبيرغ أن هذه التحركات تعكس محاولة أوروبا السير على خط دقيق بين الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع بكين، وبين التماشي مع توجهات البيت الأبيض، خاصة مع سعي الأوروبيين لاجتذاب استثمارات صينية في قطاعات "النمو الأخضر" كصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، مقابل إبعادها عن البنى التحتية الحيوية مثل الموانئ وشبكات الطاقة. وتشمل القائمة التي تستهدفها روما لإخراج المستثمرين الصينيين أيضًا شركة "سي دي بي ريتي"، المالكة لحصص مسيطرة في شبكات الطاقة الإيطالية والمملوكة بنسبة 35% لشركة تابعة لـ"ستيت غريد" الصينية، إضافة إلى "أنسالدو إنيرجيا" المنتجة لمحطات الطاقة، حيث خفضت "شنغهاي إلكتريك" حصتها من 40% إلى 0.5%، لكن مجرد وجود المساهم الصيني يعيق دخول الشركة في بعض العطاءات الأميركية، وفق بلومبيرغ. أرقام تعكس حدة المعركة التجارية وتشير بيانات بلومبيرغ إلى أن نحو 700 شركة إيطالية لديها مساهمون صينيون، لكن تركيز الحكومة ينصب على الكيانات الكبرى في قطاعات الطاقة والنقل والتكنولوجيا والتمويل. وفي السياق ذاته، أظهرت بيانات وزارة الخزانة الأميركية -كما نقلت بلومبيرغ- أن إيرادات الرسوم الجمركية الأميركية بلغت مستوى قياسيًا جديدًا في يوليو/تموز، مسجلة نحو 28 مليار دولار، بزيادة 273% عن العام الماضي، في مؤشر على اتساع نطاق الحرب التجارية، وتأثيرها المباشر على سلاسل الإمداد والاستثمارات العابرة للحدود. هذه الأرقام، كما ترى بلومبيرغ، تعكس بيئة اقتصادية عالمية أكثر انقسامًا واحتدامًا، حيث تحولت الرسوم من أداة تفاوض إلى سلاح اقتصادي واسع التأثير.