logo
نهاية المشروع النووي أو نهاية النظام

نهاية المشروع النووي أو نهاية النظام

بيروت نيوزمنذ 3 ساعات

تقترب لحظة الحسم في المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، لحظة لم تكن لتأتي بهذه السرعة لولا انهيار المحاولة الأميركية الأخيرة لردم الهوة بين طهران وتل أبيب عبر قناة سرية غير معلنة. أرادت واشنطن أن تقنع الإيرانيين، ربما للمرة الأخيرة، بأن الدبلوماسية لا تزال خياراً ممكناً، وأن طهران قادرة على تجنب الحرب عبر تنازلات كبيرة قد تعيدها إلى حدود ما قبل 2003: لا تخصيب، لا برنامج صاروخيا، لا برنامج نوويا، لكن إيران، وهي في أوج لحظة الصراع، لم تقبل أن تفاوض وسيف الهجمات فوق رقبتها.
لكن هل تريد واشنطن حقاً أن تسير في هذا الطريق؟
من الواضح أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يرى في الانخراط العسكري مع إيران عبئاً سياسياً، على الأقل حتى الآن. العكس هو الصحيح: الجمهوريون وبعض الديمقراطيين يعتقدون أن لحظة ضرب المنشآت النووية الإيرانية باتت ناضجة وربما ضرورية لمنع طهران من تحقيق قفزة نووية لا رجعة فيها. وبحسب مصادر أميركية فإن منشأة فوردو باتت هاجساً أميركياً وإسرائيلياً مشتركاً، ولهذا فإن القنبلة الخارقة للتحصينات التي لوّح بها الإعلام الأميركي لم تكن مجرد عرض قوة تقني، بل تلميح واضح بأن خيار الحسم العسكري حاضر على طاولة القرار.
في المقابل، لا يبدو أن إيران تملك رفاهية التراجع. فمنذ يوم الجمعة أي منذ الهجوم على منشآتها النووية والعسكرية خلال الأيام الماضية، تبدو محشورة في زاوية البقاء نفسه. أي تنازل الآن سيعني نهاية المشروع النووي وربما نهاية النظام على المدى الطويل.
وعليه يمكن القول إن فشل الدبلوماسية يعيد إلى الأذهان سيناريو حرب العراق عام 2003، حين أغلقت نوافذ الدبلوماسية قبل أن تسلك الولايات المتحدة خيار القوة. حتى الساعة، لا يبدو أن واشنطن تسعى إلى تغيير النظام الإيراني بشكل معلن، لكنها تطرح شروطاً صارمة أقرب إلى فرض الاستسلام الكامل: وقف البرنامج النووي، وقف تخصيب اليورانيوم، تفكيك برنامج الصواريخ الباليستية، مع تهديد ضمني بأنه إذا لم تقبل طهران بهذه الشروط، فإن الموقف الأميركي سيتحول إلى المطالبة بإسقاط النظام، وهو موقف يتطابق عملياً مع الرؤية الإسرائيلية التقليدية تجاه إيران.
في هذه الأثناء، أعلن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الضربات التي وجهتها إسرائيل استهدفت قادة عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين، وتوعد بمواصلة تدمير منشآت إنتاج الصواريخ الإيرانية. وأوضح أن الأوامر الصادرة تقضي بالقضاء التام على التهديد النووي والصاروخي الإيراني، في موقف يعكس قراراً استراتيجياً بالمضي في التصعيد حتى تحقيق الأهداف القصوى.
في المقابل هددت ايران الولايات بضرب مصالحها في المنطقة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية أن إيران أعدت صواريخ ومعدات عسكرية أخرى لشن هجمات محتملة على قواعد أميركية في الشرق الأوسط، في حال قررت الولايات المتحدة الانضمام إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد طهران، لكن مصادر دبلوماسية اعتبرت أن ما يقيد خيارات الرد الإيراني هو إدراك طهران لحقيقة بالغة الخطورة وهي أن معظم المصالح الأميركية في الشرق الأوسط متركزة في دول الخليج العربي التي تخشى من أي تصعيد مباشر قد يجعلها ساحة للحرب بالوكالة أو هدفاً انتقامياً. فضرب هذه المصالح قواعد، سفن، منشآت نفطية سيعني عملياً فتح جبهة إضافية مع هذه الدول، وربما دفعها إلى تأييد أي عملية عسكرية أميركية إسرائيلية ضد إيران، أو حتى المشاركة فيها بشكل غير مباشر. ولذلك تدرك إيران أن تهديد هذه المصالح قد يحقق تأثيراً تكتيكياً محدوداً، لكنه استراتيجياً سيسرع عزلتها الإقليمية ويفسد علاقاتها مع بعض عواصم الخليج.
على خط مواز، تلتزم موسكو وبكين موقف الحياد الفاعل، في ظل انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، ورغبة الصين في تفادي أي مواجهة مباشرة مع واشنطن قد تضر بمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. ومع ذلك، فإن العاصمتين تراقبان الوضع عن كثب، وتسعيان بحسب المصادر الدبلوماسية إلى لعب دور الوسيط إذا أتيحت الفرص.
وفيما ينتظر الجميع قرار الرئيس ترامب، فإن الشرق الأوسط كله يحبس أنفاسه في انتظار انفجار قد يحدث، أو لا يحدث، لكنه بات قاب قوسين من أن يغيّر وجه المنطقة لسنوات مقبلة. وكانت كشف معلومات شبكة 'سي إن إن' أن 'الجيش الأميركي يستعد لاحتمال حصوله على موافقة من الرئيس ترامب لتزويد الطائرات الحربية الإسرائيلية بالوقود جوا خلال تنفيذ ضربات محتملة ضد أهداف في إيران وأن هذه الاستعدادات تعد من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت الولايات المتحدة إلى إرسال أكثر من 30 طائرة للتزود بالوقود جوا إلى منطقة الشرق الأوسط في الأيام الأخيرة 'وهذا الأمر ،يعكس، بحسب مصادر أميركية، تقديراً بأن قرار التصعيد قد يتخذ في أي لحظة، خاصة مع تواتر الحديث عن رغبة الرئيس ترامب في امتلاك خيارات عسكرية مرنة وفعالة، بما يسمح له بتوسيع التدخل إذا تطلب الأمر، ما يعزز احتمال تدويل المواجهة وتوسيع رقعة الحرب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الطاقة الذرية: إسرائيل دمرت مبنيين لانتاج أجهزة الطرد المركزي قرب طهران
الطاقة الذرية: إسرائيل دمرت مبنيين لانتاج أجهزة الطرد المركزي قرب طهران

النهار

timeمنذ 24 دقائق

  • النهار

الطاقة الذرية: إسرائيل دمرت مبنيين لانتاج أجهزة الطرد المركزي قرب طهران

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم الأربعاء، أن الضربات الإسرائيلية أدّت إلى "تدمير" مبنيَين واقعَين في كرج قرب طهران، حيث "كان يتم تصنيع مكوّنات لأجهزة طرد مركزية". وقالت الوكالة الأممية في منشور على منصة "إكس"، إنَّ الضربات الإسرائيلية طالت أيضاً مبنى تابعا لمركز طهران للأبحاث يُنتج أجزاء لهذه المعدّات المستخدمة في تخصيب اليورانيوم. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في وقت سابق أنّه ضرب مواقع نووية جديدة ومصانع أسلحة في إيران.

قنبلة مخصّصة لفوردو... خصائص استثنائية وحساباتها سياسية
قنبلة مخصّصة لفوردو... خصائص استثنائية وحساباتها سياسية

النهار

timeمنذ 24 دقائق

  • النهار

قنبلة مخصّصة لفوردو... خصائص استثنائية وحساباتها سياسية

تمثّل منشاة فوردو النووية الهدف الإسرائيلي الأكبر في إيران، كونها الموقع النووي الأكبر والأكثر تعقيداً، لأنها تقع تحت جبل ومحصّنة بطبقات خرسانية ودفاعات جوّية، ما يصعّب استهدفاها ويستدعي تدخلاً أميركياً، انطلاقاً من أن الولايات المتحدة وحدها تمتلك القنابل الثقيلة المطلوبة لتدمير هذه المنشأة، فماذا نعرف عن هذه القنابل؟ صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نشرت تقريراً تحدّثت فيه عن قنبلة "لم تستخدم في أي حرب سابقة"، وهي قنبلة GBU-57 - المعروفة أيضاً باسم القنبلة عملاقة الخارقة للتحصينات الضخمة، تزن 30,000 رطل، مغلفة بسبيكة فولاذية عالية الكثافة، ومصممة لتخترق 200 قدم من صخور الجبال قبل أن تنفجر. يقول محللون عسكريون إن القنبلة الخارقة للتحصينات الضخمة هي الأفضل للوصول إلى أهداف مثل منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وفي هذا السياق، يرى مارك كانسيان، الذي طابق القنابل مع الأهداف في الجيش الأميركي وعمل لاحقاً في البنتاغون على برامج بما في ذلك القنبلة الخارقة للتحصينات الضخمة: "هذا هو الهدف الحقيقي الذي صُممت من أجله"، بالإشارة إلى فوردو، حسب ما تنقل عنه "وول ستريت". قبل ظهور القنابل الخارقة للتحصينات، تصور الجيش إمكانية اللجوء إلى الأسلحة النووية لاختراق الجبال، لكن هذه الأسلحة اعتُبرت غير مستساغة لأسباب سياسية، وفقاً لكانسيان، الذي يشغل حالياً منصب مستشار أول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وأضاف أن الولايات المتحدة عملت لاحقًا على بديل تقليدي جديد، وأنفقت حوالي 400 مليون دولار لتطوير وتحسين القنبلة الخارقة للتحصينات. وأوضح أن الولايات المتحدة تمتلك الآن حوالي 20 من هذه القنابل العملاقة، المصممة لتُطلقها قاذفات الشبح B-2. قاذفة B2. من جهته، يقول ميك مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، إنه إذا تدخلت الولايات المتحدة، فسيكون "من المنطقي" أن تستهدف أهدافاً مُحصّنة مثل فوردو ونطنز، لفت إلى أن تدميرها يتطلب استخدام ست قنابل خارقة للتحصينات لكل منها. هل تستطيع إسرائيل تنفيذ العملية وحدها؟ إسرائيل لا تمتلك هذه القنابل وقاذفاتها، لكن مسؤولاً عسكرياً إسرائيلياً كبيراً، صرح دون الخوض في تفاصيل، بأن لدى إسرائيل خطةً لفوردو والقدرة على تنفيذها بمفردها. كما أنها تتبنى منظوراً أوسع لمهمتها من خلال مهاجمة القيادة العسكرية الإيرانية وعلماءها النوويين، بالإضافة إلى مكونات البرنامج النووي نفسه. وقال إيهود عيلام، الباحث السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، إن إسرائيل قد ترسل عدداً كبيراً من قنابلها الخارقة الأصغر حجماً لاختراق فوردو، كما فعلت عندما قتلت الأميكن العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في مقر له تحت بيروت. وأضاف أنها قد تجرب أيضًا عملية كوماندوز محفوفة بالمخاطر أو وسائل أكثر سرية مثل الهجمات الإلكترونية والاغتيالات المستهدفة. لكن قد تكون إسقاط قنبلة خارقة للتحصينات من قاذفة B-2 أبسط وأفضل، وفق "وول ستريت جورنال". من جانبه، يرى ويليام ويشلر، الذي كان نائب مساعد وزير الدفاع للعمليات الخاصة في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما: "النهج الأكثر ثقة في النجاح سيكون ضربة أميركية".

لهذا السبب تستخدم إيران تكتيك "حزب الله" ضدّ إسرائيل
لهذا السبب تستخدم إيران تكتيك "حزب الله" ضدّ إسرائيل

ليبانون 24

timeمنذ 38 دقائق

  • ليبانون 24

لهذا السبب تستخدم إيران تكتيك "حزب الله" ضدّ إسرائيل

منذ قيام إسرائيل بشنّ عمليّة " الأسد الصاعد" على إيران ، واستهدافها المواقع النوويّة والعسكريّة ومنصات الصواريخ وقيادات بارزة في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، عمدت طهران ولا تزال إلى الردّ على القصف الإسرائيليّ في فترات مُحدّدة، عبر إطلاق مقذوفات بالستيّة وفرط صوتيّة، أصابت بعضها أهدافاً مهمّة ومدنيّة في تل أبيب وحيفا، والمناطق المُجاورة لهما. وكما يتبيّن من الردّ الإيرانيّ، فإنّ الحرس الثوريّ يدرس جيّداً طريقة قصفه للمناطق والمدن الإسرائيليّة، وبأعدادٍ مُحدّدة من الصواريخ البالستيّة القادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيليّ. فبعد مفاجأة إسرائيل يوم الجمعة الماضي ببدء الحرب بطريقة غير متوقّعة وغير محسوبة بالنسبة لإيران، وبعد استهداف مصانع وقواعد ومنصات عسكريّة أساسيّة، فإنّ طهران تعمل على إطلاق عددٍ معيّن من المقذوفات والطائرات المسيّرة يوميّاً، كيّ تبقى قادرة على الإستمرار في المُواجهة إنّ طالت المعارك، كما حصل في لبنان ولا يزال يحصل في حرب غزة. ليست إيران أوّل من يستخدم هذا التكتيك في الردّ على إسرائيل، فسبق لـ" حزب الله" أنّ اعتمده في مُواجهته الأخيرة مع تل أبيب، بعد تعرّض مخازن أسلحته للقصف. فبحسب تقديرات إسرائيليّة، تمتلك طهران آلاف الصواريخ البالستيّة، بينما يقول محلّلون عسكريّون لـ" لبنان 24"، إنّها "غير قادرة على شنّ عدّة عمليّات يوميّاً، كيّ تُوفّر مخزونها من المقذوفات والمسيّرات، إلى حين التوصّل لحلٍّ ديبلوماسيّ، كما حدث في لبنان، يُنهي الإعتداءات الإسرائيليّة، ويُعيد الجميع إلى طاولة المُفاوضات النوويّة". ولُوحِظَ أنّ إيران لا تقصف فقط المواقع الحيويّة في إسرائيل ، بل تقوم أيضاً باستهداف تجمّعات سكنيّة في تل أبيب. والغرض من ذلك بحسب المحللين العسكريين، "هو دفع الإسرائيليين إلى مُمارسة الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لإيقاف الحرب فوراً، وعدم تعريض المدنيين للخطر، بسبب حروبه التي لا تنتهي". ويُضيف المحللون أنّ "هناك غضباً في صفوف المستوطنين منذ 7 تشرين الأوّل 2023، وزاد بعد تدخّل "حزب الله" والحوثيين في إسناد " حماس"، وحاليّاً، يُعتبر الأخطر، لما تحمله الصواريخ الإيرانيّة من كميّة كبيرة من المواد المتفجّرة، وهذا ما بدا واضحاً جدّاً بعد مُعاينة مشاهد الأضرار داخل إسرائيل". وعليه، فإنّ على إيران الإستعداد لحربٍ طويلة مع إسرائيل، في الوقت الذي لم يُعلن فيه نتنياهو عن موعد مُعيّن لإنهاء الهجمات على المدن الإيرانيّة، بينما الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب لم يطرح أيّ مبادرة في ما يتعلّق بالصراع الإيرانيّ – الإسرائيليّ، وهو يستعدّ لتوجيه ضربة لمنشأة "فوردو" النوويّة، ويُريد من خلال الضربات الجويّة، إعادة النظام في طهران إلى طاولة المُفاوضات بالقوّة، والرضوخ لشروطه والتنازل عن البرنامج النوويّ بشكلٍ كاملٍ. ويقول المحللّون العسكريّون، إنّه "على الرغم من الدمار الذي أحدثته الصواريخ الإيرانيّة في إسرائيل، فإنّ ضربات الحرس الثوريّ لم ترقَ إلى المستوى الذي كان متوقّعاً، وخصوصاً وأنّ طهران تمتلك بالفعل صواريخ ثقيلة جدّاً، وقادرة على مُباغتة أنظمة الدفاع الجويّ". ويختم المحللون بالقول إنّ "مُرشد الثورة علي خامنئي يُماطل في أيّ ردٍّ كبيرٍ كيّ لا تستنزف إيران كافة أوراقها العسكريّة والإقتصاديّة في ما يخصّ إغلاق مضيق هرمز، وهي تترقّب نتائج إجتماع البيت الأبيض يوم أمس، وإذا ما كانت الولايات المتّحدة ستتدخّل مباشرةً في الصراع، عبر إسناد نتنياهو، وتحقيق أهدافه العسكريّة عبر التخلّص من النوويّ الإيرانيّ بالكامل".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store