logo
إيكونوميست: ترامب لن يسمح للعالم بالتخلص من الرسوم الجمركية

إيكونوميست: ترامب لن يسمح للعالم بالتخلص من الرسوم الجمركية

الجزيرةمنذ 2 أيام
في الثاني من أبريل/نيسان الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أمام البيت الأبيض ما سماه "رسوم يوم التحرير"، وذلك في خطوة أربكت الأسواق العالمية وهددت سلاسل التوريد.
لكنْ بعد أسبوع، خفّض ترامب النسب إلى 10% لمعظم الدول، وللصين لاحقًا في مايو/أيار، مما أعاد بعض الاستقرار مؤقتًا.
ورغم محاولة الأسواق تجاوز الصدمة، تؤكد إيكونومست أن ترامب لم يتوقف عند ذلك الحد. ففي الأيام الأخيرة أصدر أوامر تنفيذية جديدة ألغى بموجبها الإعفاء المعروف بـ"دي مينيميز" للطرود دون 800 دولار بعدما كان قد ألغاه فقط للصين، كما رفع "رسم الفنتانيل" على كندا من 25% إلى 35%، معتبرا أنه عقوبة لفشلها في وقف تهريب المخدرات، وردا على دعمها لإقامة دولة فلسطينية، بحسب ما نقلت إيكونومست.
وفي سلوك عقابي مشابه، فرض ترامب رسوما بنسبة 50% على أكثر من نصف واردات أميركا من البرازيل، مبررا ذلك بما وصفه بـ"الاضطهاد السياسي" للرئيس السابق جايير بولسونارو، وهو ما شبّهه بالمعاملة التي تعرّض لها شخصيا بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.
رسوم شاملة.. و18% متوسط جديد
وتشير إيكونومست إلى أن الرسوم الجديدة التي تطال دولا من الهند إلى آيسلندا، تستهدف شركاء أميركا التجاريين ممن يسجّلون فوائض. وتدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ في 7 أغسطس/آب، مما يرفع متوسط الرسوم -وفقًا لتقديرات "بدجت لاب" في جامعة ييل- إلى نحو 18%.
وفي محاولة لتفادي الأسوأ، وقّع الاتحاد الأوروبي في 27 يوليو/تموز اتفاقًا مع ترامب خفّض الرسوم إلى 15% بدلًا من 20% التي أُعلنت في أبريل/نيسان أو 50% التي لوّح بها لاحقًا.
وتفيد إيكونومست أن دولا كاليابان وكوريا الجنوبية سلكت المسار ذاته، بينما تواجه الهند احتمال فرض رسوم بنسبة 25% وفق أمر تنفيذي صدر في 31 يوليو/تموز، وسط انتقادات ترامب لـ"قيودها الوقحة".
ويأمل المسؤولون الهنود في خفض هذه النسبة بالتفاوض، خاصة بعد أن منحت إدارة ترامب باكستان، خصمها الإقليمي، رسوما أخف بنسبة 19%.
دول صغيرة تُهمّش.. وأخرى تُعاقب
ترصد إيكونومست أن دولًا صغيرة مثل ليسوتو وبوتسوانا حظيت بـ"إهمال حميد" حيث فُرضت عليها رسوم موحدة عند 15%، دون 50% التي أُعلنت في أبريل/نيسان. وفي المقابل، رُفعت الرسوم على تركيا من 10% إلى 15%.
وتُضاف هذه الإجراءات إلى رسوم سابقة على السيارات والمعادن، وغيرها من الرسوم التي أعاد ترامب تفعيلها منذ عودته للرئاسة.
ومع أن بعض السلع مثل الإلكترونيات مستثناة، تؤكد إيكونومست أن متوسط الرسوم يتراوح الآن بين أقل من 3% على إيرلندا وأكثر من 40% على الصين.
تباطؤ الوظائف يفضح الأثر الاقتصادي
بعد تطبيق الرسوم، أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي أن الاقتصاد أضاف فقط 73 ألف وظيفة في يوليو/تموز، وهو رقم دون التوقعات بكثير. وترى إيكونومست أن هذا التراجع يعكس أثر عدم اليقين التجاري، مما دفع الشركات إلى تأجيل استثماراتها.
كما تحُد الرسوم من قدرة الفدرالي على تحفيز الاقتصاد، فبحسب المجلة، تجاهل جيروم باول -رئيس الاحتياطي الفدرالي – ضغوط ترامب وأبقى أسعار الفائدة ثابتة، مشيرا إلى أن أثر الرسوم في التضخم "لن يكون صفريا".
عبء الرسوم يظهر في سلاسل الإمداد
تُبرز إيكونومست أن التأثير لا يتوقف عند حدود التجارة، بل يتسرب إلى المستهلك الأميركي حتى عند شراء منتجات محلية. إذ تتحمّل فئات مثل الحواسيب والأجهزة اللوحية رسوما تُقدّر بـ17% من إجمالي إنفاق المستهلكين، كما شملت التأثيرات الأجهزة المنزلية وماكينات الحلاقة الكهربائية.
ورغم أن الأسواق المالية بدت غير مكترثة إذ تعافت سريعا بعد "يوم التحرير"، تحذّر إيكونومست من أن تجاهل هذه الرسوم سيصبح مستحيلا حين تبدأ العائلات الأميركية بدفع ثمن أعلى لكل سلعة اعتادت شراءها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اتفاق أميركي رواندي لاستقبال مهاجرين مرحّلين
اتفاق أميركي رواندي لاستقبال مهاجرين مرحّلين

الجزيرة

timeمنذ 16 دقائق

  • الجزيرة

اتفاق أميركي رواندي لاستقبال مهاجرين مرحّلين

وقّعت الولايات المتحدة ورواندا اتفاقا يقضي باستقبال الأخيرة ما يصل إلى 250 مهاجرا مرحّلين من الأراضي الأميركية، في خطوة تعكس تشديد إدارة الرئيس دونالد ترامب لسياسات الهجرة، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مسؤول رواندي ومتحدثة باسم الحكومة. وقال المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إن الاتفاق جرى توقيعه في العاصمة كيغالي خلال يونيو/حزيران الماضي، مشيرا إلى أن واشنطن أرسلت بالفعل قائمة أولية تضم 10 أسماء للنظر في إمكانية إعادة توطينهم. ولم يصدر أي تعليق رسمي من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأميركية حتى الآن، بينما أحالت وزارة الأمن الداخلي الاستفسارات إلى الخارجية. من جانبها، قالت يولاند ماكولو، المتحدثة باسم الحكومة الرواندية، إن الاتفاق يعكس القيم المجتمعية للبلاد، مضيفة "عانت تقريبا كل أسرة رواندية من مشاق النزوح، وقيمنا تقوم على إعادة الدمج والتأهيل". وأوضحت أن من تتم الموافقة على توطينهم سيحصلون على تدريب مهني ورعاية صحية ودعم سكني، بما يمكّنهم من بدء حياة جديدة في رواندا والمساهمة في اقتصادها الذي يُعد من الأسرع نموًا في أفريقيا خلال العقد الأخير. وبحسب المسؤولة ذاتها، ستقدّم الولايات المتحدة دعما ماليا لرواندا على شكل منحة، دون الكشف عن قيمتها. كما أشارت إلى إمكانية توسيع الاتفاق بالتراضي ليشمل أكثر من 250 شخصا، مؤكدة أن المرحّلين لن يكونوا ملزمين بالبقاء في رواندا ويمكنهم المغادرة في أي وقت. وشدد المسؤول على أن كيغالي لن تستقبل سوى من أنهوا مدة عقوبتهم أو لا يواجهون قضايا جنائية، مع استثناء مرتكبي الجرائم الجنسية ضد الأطفال، إذ ينص الاتفاق على عدم تنفيذ العقوبات الصادرة في الولايات المتحدة داخل رواندا. وتأتي هذه الخطوة ضمن سياسة أوسع تنتهجها إدارة ترامب لترحيل مهاجرين إلى دول ثالثة، حيث تم ترحيل أكثر من 200 فنزويلي إلى السلفادور في مارس/آذار الماضي، بعد اتهامهم بالانتماء إلى عصابات، قبل أن يُفرج عنهم في عملية تبادل سجناء الشهر الماضي. وكانت المحكمة العليا الأميركية قد سمحت في يونيو/حزيران بترحيل مهاجرين إلى دول ثالثة دون منحهم فرصة لإثبات تعرضهم للخطر، وهو قرار يواجه طعونا قانونية أمام محكمة اتحادية في مدينة بوسطن. كير ستارمر الاتفاق العام الماضي.

لماذا حذف مكتب التحقيقات الفدرالي اسم ترامب من ملفات إبستين؟
لماذا حذف مكتب التحقيقات الفدرالي اسم ترامب من ملفات إبستين؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

لماذا حذف مكتب التحقيقات الفدرالي اسم ترامب من ملفات إبستين؟

قال موقع "بلومبيرغ" إن مكتب التحقيقات الفدرالي " إف بي آي" حذف اسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأسماء أفراد بارزين آخرين من الملفات الحكومية المتعلقة ب جيفري إبستين. وأجرى فريق من موظفي مكتب التحقيقات الفدرالي مُكلّفين بمراجعة ملفات إبستين تمهيدا لنشرها علنا، عمليات التحرير، وحُجبت الأسماء حفاظا على الخصوصية. وأرجع السبب إلى أن هؤلاء الأفراد -بمن فيهم ترامب- كانوا مواطنين عاديين عندما بدأ التحقيق الفدرالي في قضية إبستين عام 2006، وفقا لما ذكره 3 أشخاص مطلعين على الأمر، تحدثوا لموقع "بلومبيرغ" شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مُصرَّح لهم بمناقشة الأمر علنا. وكانت المراجعة جزءًا من جهد أوسع نطاقا انطلق من وعد ترامب الانتخابي بـ"رفع السرية" عن الملفات المتعلقة بإبستين، وهو ما طالبت به قاعدته المؤيدة لـ"جعل أميركا عظيمة مجددا" منذ فترة طويلة. وفي مارس/آذار، وجّه مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، كاش باتيل، عملاءه الخاصين من مكاتب نيويورك وواشنطن للانضمام إلى موظفي المكتب العاملين بموجب قانون حرية المعلومات في مجمع السجلات المركزي المترامي الأطراف التابع للمكتب في وينشستر بفرجينيا، وفي مبنى آخر على بُعد أميال قليلة. واستجابة للضغط الشعبي، كُلّف موظفو مكتب التحقيقات الفدرالي بالبحث عن كل وثيقة متعلقة بإبستين ومراجعتها وتحديد ما يمكن نشره. وشمل ذلك كمًّا هائلا من المواد التي جمعها مكتب التحقيقات الفدرالي على مدى ما يقرب من عقدين، بما في ذلك شهادات هيئة المحلفين الكبرى، وملفات قضايا الادعاء العام، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من صفحات ملفات التحقيق الخاصة بالمكتب بشأن إبستين. 1000 عميل و100 ألف وثيقة كانت هذه مهمة شاقة للغاية، إذ شارك فيها ما يصل إلى ألف عميل من مكتب التحقيقات الفدرالي وغيرهم من الموظفين الذين سهروا الليل كله وهم يدققون في أكثر من 100 ألف وثيقة، وفقا لرسالة من السيناتور ديك دوربين في يوليو/تموز إلى المدعية العامة الأميركية بام بوندي. وراجع الموظفون السجلات مستخدمين قانون حرية المعلومات كدليل لتحديد المعلومات التي ينبغي حجبها، وهذا ليس نادرا؛ ففي قانون حرية المعلومات، أقرّ الكونغرس 9 استثناءات كوسيلة للموازنة بين حق الجمهور في المعرفة وحاجة الحكومة لحماية مصالح حساسة، مثل الأمن القومي، والمداولات الرسمية، وإجراءات إنفاذ القانون الجارية، والخصوصية. وأثناء مراجعة ملفات إبستين، رصد موظفو مكتب التحقيقات الفدرالي إشارات عديدة إلى ترامب في الوثائق، وفقا لمصادر مطلعة أشارت إلى أن عشرات الشخصيات العامة البارزة الأخرى ظهرت أيضا في الوثائق. واستعدادا للنشر العام المحتمل، أُرسلت الوثائق إلى وحدة من مسؤولي قانون حرية المعلومات، الذين قاموا بتحريرها وفقا للإعفاءات التسعة. وأفادت مصادر مطلعة بأن اسم ترامب، إلى جانب شخصيات بارزة أخرى، حُذف لأنه كان مواطنا عاديا عندما بدأ التحقيق الفدرالي في قضية إبستين عام 2006. جدير بالذكر أن ظهور اسم الشخص في الوثائق لا يشير إلى أنه كان قيد التحقيق أو حتى متهما بارتكاب مخالفات. والشهر الماضي، خلصت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي إلى أنه "لن يكون من المناسب أو المبرر" الكشف عن المزيد من الملفات. وتجنب إبستين تهم الاتجار بالجنس عام 2008 عندما وافق على الإقرار بالذنب في تهم ولاية فلوريدا المتعلقة بالتحريض على الدعارة. وفي يوليو/تموز 2019، وعقب تحقيق أجرته صحيفة ميامي هيرالد، وُجهت إليه اتهامات اتحادية بالاتجار بالقاصرين لأغراض جنسية. وبعد شهر، انتحر في زنزانته -وفقا لسلطات إنفاذ القانون الفدرالية- أثناء انتظاره المحاكمة.

ماذا سيحدث لو انهار الدولار؟
ماذا سيحدث لو انهار الدولار؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

ماذا سيحدث لو انهار الدولار؟

ظلّ الدولار لعقود حجر الزاوية في النظام المالي العالمي، مدعوما بقوة الاقتصاد الأميركي، واستقرار مؤسساته، وريادته التكنولوجية والعسكرية، لكن هذا التفوق لم يعد مضمونا؛ فالتوترات الجيوسياسية تتصاعد، والدين العام يتفاقم، والثقة بالمؤسسات الأميركية تتآكل، ومع استمرار هذه الضغوط البنيوية من دون إصلاح، لم يعد سيناريو فقدان الدولار لمكانته ثم انهياره مجرد احتمال بعيد، بل هو مسار يتعزز يوما بعد يوم. فالتاريخ يعلّمنا أن الانهيارات لا تحدث فجأة، بل تبدأ تدريجيا ثم تنفجر دفعة واحدة، حين لا يعود هناك وقت للإنقاذ. ما الذي يجعل أميركا قوة عظمى؟ أو ما الأساس الذي يستند إليه الدولار؟ لا يستمد الدولار الأميركي قوته من خصائص نقدية بحتة، بل من المنظومة الكاملة التي تمثّلها الولايات المتحدة الأميركية. فهذه العملة الخضراء هي انعكاس مباشر لمجموعة من ركائز القوة التي جعلت من أميركا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لاعبا مركزيا في النظام العالمي. وفيما يلي أبرز هذه الركائز: 1- القوة الاقتصادية تمتلك الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم بإجمالي ناتج محلي يتجاوز 30.5 تريليون دولار، أي أكثر من ربع الناتج العالمي. يُقدّر الإنفاق الاستهلاكي بنحو 16.35 تريليون دولار (67% من الناتج). وتضم سوق أسهم بقيمة 49 تريليون دولار (43% عالميا)، وسوق سندات بحجم 55 تريليون، منها 29 تريليون سندات خزان، وتحتضن أكثر من نصف أكبر 500 شركة عالمية، وتتجاوز قيمة تجارتها الخارجية 7 تريليونات دولار سنويا. 2- القوة العسكرية والجيوسياسية تشكل القوة العسكرية الأميركية ركيزة لحماية النظام العالمي. ففي 2025، بلغت ميزانية الدفاع الأميركية 962 مليار دولار (37% من الإنفاق العسكري العالمي)، وهي الأعلى عالميا، وتنتشر عبر أكثر من 750 قاعدة في 80 دولة. ويخدم خارج البلاد أكثر من 170 ألف جندي، وتؤمّن هذه القوة 90% من طرق التجارة، وتمر 80% من الإمدادات الحيوية عبر مناطق نفوذها. قدّرت جامعة براون الأميركية أن حروب ما بعد 2001 كلّفت الولايات المتحدة أكثر من 8 تريليونات دولار. 3- الاستقرار السياسي والمؤسسي تتمتع الولايات المتحدة بمنظومة دستورية راسخة تقوم على فصل السلطات، وتداول منتظم للسلطة، واحترام سيادة القانون، ورغم الانقسامات الحزبية، لا تزال مؤسساتها فاعلة ومستقرة، بقضاء مستقل وإعلام حر، وهذا الاستقرار المؤسسي يُعد من أبرز مصادر الثقة العالمية، وأسهم في ترسيخ مكانة الدولار كعملة دولية موثوقة. فالدول لا تحتفظ بالدولار لقوة الاقتصاد فحسب، بل لارتباطه بنظام قانوني وسياسي يُعد من بين الأكثر استقرارا وموثوقية عالميا. 4- الابتكار والتكنولوجيا الريادة التكنولوجية الأميركية ليست مصادفة، بل ثمرة استثمارات سنوية تفوق 800 مليار دولار في البحث والتطوير، ومن وادي السيليكون خرجت ابتكارات كبرى كالذكاء الاصطناعي والإنترنت والاقتصاد الرقمي. تحتضن أميركا أكبر شركات التكنولوجيا عالميا، وتتصدّر تسجيل براءات الاختراع، ما يُرسّخ موقع الدولار كعملة الابتكار ومحور الاقتصاد. 5- الهيمنة على النظام العالمي تمتلك الولايات المتحدة النفوذ الأوسع في المؤسسات الدولية: فهي تسيطر على 16.5% من أصوات صندوق النقد الدولي وتُعد أكبر ممول للبنك الدولي وتشغل مقعدا دائما في مجلس الأمن وتهيمن أيضا على نظام التحويلات المالية العالمية، وشركات التصنيف الائتماني. ولها تأثير مباشر وغير مباشر في منتدى بازل، ومنظمة التجارة العالمية ، ما يجعل سياساتها مرجعية في تشكيل القواعد والمعايير الدولية. 6- التركيبة السكانية تمتلك الولايات المتحدة واحدة من أكثر التركيبات السكانية تنوعا، إذ يشكّل المهاجرون نحو 14% من السكان (أكثر من 47 مليونا)، وهي من أعلى النسب بين الدول المتقدمة، ونحو 45% من كبرى 500 شركة أميركية أسّسها مهاجرون أو أبناؤهم، كما أن 52% من السكان دون الـ40، ما يمنحها مرونة ديمغرافية تعزز التجدد الاقتصادي والتفوق التكنولوجي. 7- القوة الناعمة والثقافية تمتلك الولايات المتحدة أدوات تأثير ثقافي استثنائية؛ فهي تضم 8 من أفضل 10 جامعات عالميا، وتستقطب سنويا أكثر من 1.1 مليون طالب دولي، وتُنتج هوليود أكثر من 700 فيلم سنويا، وتُقدّر صناعتها بنحو 100 مليار دولار، وهذا النفوذ التعليمي والثقافي يعزّز المكانة الأميركية عالميا ويدعم نفوذها الاقتصادي والسياسي بشكل غير مباشر. لكن هذه الركائز، رغم صلابتها الظاهرة، بدأت تتآكل تدريجيا ماليا ومؤسسيا وجيوسياسيا ما يفتح الباب لأسئلة جوهرية عن مستقبل الهيمنة الأميركية واستمراريتها. كيف أصبح الدولار قلب النظام المالي العالمي؟ لم يصعد الدولار إلى موقعه الحالي بمحض الصدفة أو فقط لقوة الاقتصاد الأميركي، بل نتيجة مسار تاريخي منظم، بدأ بعد الحرب العالمية الثانية ، وزاد قوة مع الوقت بتحالفات ومؤسسات وسياسات وضعت الدولار في قلب النظام المالي العالمي. 1- بريتون وودز 1944 في عام 1944، أقرّ مؤتمر بريتون وودز، بمشاركة 44 دولة، اعتماد الدولار الأميركي كعملة مرجعية للنظام المالي العالمي، على أن يُربط بالذهب بسعر 35 دولارا للأونصة، وتربط باقي العملات بالدولار. وتحوّل الدولار بذلك إلى عملة عالمية مدعومة بالذهب، لكن عام 1971، أنهت واشنطن هذا النظام بعد قرار الرئيس نيكسون بفك الارتباط بين الدولار والذهب، ليصبح الدولار غير مغطى بأي أصل مادي، ويستمد قيمته من الثقة في الاقتصاد الأميركي وحده. 2- البترودولار: 1974 في 1974، أبرمت الولايات المتحدة اتفاقا مع السعودية يقضي بتسعير النفط بالدولار. واليوم، يُسعّر أكثر من 80% من صادرات النفط عالميا بالدولار، ما يجعل امتلاكه ضرورة لأي دولة تستورد الطاقة، ويُنتج العالم نحو 100 مليون برميل يوميا، تُباع معظمها بالعملة الأميركية، ما يخلق طلبا دوليا دائما لا يرتبط بحجم الاقتصاد الأميركي، ويحوّل الدولار إلى العملة المحورية لسوق الطاقة العالمية. 3- هيمنة في التجارة العالمية بعد ترسيخ نظام البترودولار، تمددت هيمنة الدولار ليُستخدم في تسعير أكثر من 85% من التجارة العالمية، بما فيها النفط، والذهب، والقمح، والنحاس، وصارت نحو 90% من العقود الآجلة للسلع مقوّمة به، و60% من فواتير الاستيراد تُسجَّل بالدولار، حتى بين دول لا تتعامل مع أميركا. كما يُستخدم في 95% من معاملات الصرف الأجنبي، و75% من واردات أفريقيا وأميركا اللاتينية. 4- عملة احتياط وديون دولية يمثّل الدولار 58.4% من احتياطيات البنوك المركزية عالميا (2025). أكثر من 65%من السندات والديون الدولية مقوّمة به، حتى في دول لا تربطها علاقات سياسية بواشنطن. كما يُستخدم في نحو 80% من تمويل التجارة، ويظل طرفا في 88% من معاملات الصرف. ونمت أصول صناديق كالرهن والتقاعد والأسهم الخاصة من 28 إلى 63 تريليون دولار بين 2009 و2022، تحت مظلته. تهديدات تواجه أميركا والدولار رغم احتفاظ الدولار بمكانته كأول عملة احتياط في العالم، تواجه الولايات المتحدة سلسلة تهديدات بنيوية تضرب اقتصادها في العمق، وتتفاوت في حدّتها، لكنها قائمة فعليا. ومع استمرارها دون إصلاح جذري، فإن أثرها على الثقة بالدولار ومكانته في النظام المالي العالمي سيغدو مسألة وقت. 1- ديون ضخمة تُهدد الاستقرار المالي تجاوز الدين الفدرالي الأميركي 37 تريليون دولار في 2025، أي ما يعادل 120% من الناتج المحلي، مع توقّع بلوغه 50 تريليون خلال 10 سنوات. بلغت كلفة خدمة الدين أكثر من 1.1 تريليون دولار سنويا، أي أعلى من الإنفاق الدفاعي، وتمثّل اليوم أكثر من 15% من إيرادات الدولة. هذا المسار يُضعف الاستقرار المالي ويهدد صورة الدولار كأصل آمن. 2- عجز دائم يضغط على الاقتصاد والدولار تسجّل الولايات المتحدة عجزا تجاريا يتجاوز 900 مليار دولار، وعجزا ماليا بلغ 1.7 تريليون دولار في 2024، وهذا الاختلال المزمن يفاقم الحاجة للتمويل الخارجي، ما يعرّض الاقتصاد لضغوط متراكمة، ويهدد مكانة الدولار عالميا. 3- تضخم مرتفع يضعف الإنفاق والثقة رغم تراجع التضخم من 9% في 2022 إلى 3.2% في منتصف 2025، فإن أسعار الغذاء والإيجارات لا تزال مرتفعة، وارتفعت كلفة المعيشة 17% خلال 3 سنوات، ما يضغط على الإنفاق ويُضعف ثقة الداخل والخارج بفعالية السياسات النقدية. 4- ضعف الثقة في مؤسسات الحكم الأميركية الخلافات الحزبية حول سقف الدين، والتشكيك في الانتخابات، وخفض التصنيف السيادي، وزعزعة الثقة في المؤسسات جميعها تقوّض صورة الولايات المتحدة كمصدر للاستقرار القانوني والمالي، ما يضعف الأساس الذي تقوم عليه الثقة بالدولار. 5- تراجع مكانة الدولار في العالم تراجعت حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية من 71% عام 2000 إلى 58.4% في 2025، وحصته في نظم التسويات المالية إلى 42%، وثلث الاحتياطيات الجديدة تتجه نحو عملات بديلة، ما يُنذر بانحسار عالمي لدور الدولار. 6- تحوّل الدولار إلى أداة ضغط سياسي تحوّله إلى أداة عقوبات دفع دولا لتقليص الاعتماد عليه وبناء شبكات بديلة، وهذا الاتجاه يُقوّض حيادية الدولار ويهدد استقراره طويل الأمد. 7- صعود العملات الرقمية كبدائل محتملة يشهد العالم توسعا في العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، إضافة إلى الأصول المشفّرة. هذه البدائل تضعف هيمنة الدولار، خصوصا في التجارة العابرة للحدود. 8- هروب الاستثمارات وتفكك النظام المالي في الربع الثاني من 2025، شهدت السندات الأميركية أطول موجة نزوح منذ الجائحة. بالتزامن، ظهرت تكتلات نقدية جديدة، في حين فقد الدولار 99% من قيمته أمام الذهب منذ 1972، ما يُضعف صورته كمخزن للقيمة. 9- الانعزالية الأميركية تقوّض العولمة سياسات الحماية والانكفاء التجاري تُقوّض النظام الليبرالي الذي دعم الدولار لعقود، حتى بين الحلفاء، وتُسرّع من الانفصال المالي عن منظومة واشنطن. الإنفاق الأميركي على الحروب غير المباشرة يكلف مئات المليارات سنويا، ويستهلك موارد تحتاجها الدولة لدعم اقتصادها. هذا الاستنزاف يُضعف قدرة الولايات المتحدة على حماية نظام يخدم عملتها. إعلان هذه التهديدات لا تزال قائمة، بل إن وتيرتها تتسارع مقارنة بالماضي، وهذا يرفع احتمالات تآكل مكانة الدولار بشكل أكبر. ماذا لو فقد الدولار مكانته العالمية؟ مع تنامي الضغوط المالية والجيوسياسية التي تحيط بالاقتصاد الأميركي، لم يعد مستبعدا طرح السؤال الجوهري: ماذا لو تراجعت مكانة الدولار عالميا، وتخلّى عن دوره كعملة مرجعية في التجارة الدولية والديون والاحتياطيات؟ ما الذي يعنيه تراجع مكانة الدولار أو انهياره؟ وهل يمكن أن يتحوّل إلى انهيار؟ تراجع الدولار لا يُقاس فقط بانخفاض قيمته السوقية، بل بفقدانه التدريجي لموقعه المحوري في النظام المالي العالمي، سواء كعملة احتياط أو كوسيط للتسعير والتبادل. وهذا المسار لا يحدث فجأة، بل يتشكّل بفعل التهديدات البنيوية المتراكمة التي تناولناها سابقا. ومع غياب الإصلاحات الداخلية، واستمرار الولايات المتحدة في تبنّي سياساتها الحالية، يصبح التآكل أكثر تسارعا، ويقترب الدولار من فقدان ميزته التفضيلية تدريجيا لا عبر انهيار مفاجئ، بل كنهاية طبيعية لمسار طويل من التراجع غير المعالج. التأثيرات المحتملة: 1- اضطراب التجارة العالمية في حال فقد الدولار موقعه كمرجعية عالمية بشكل مفاجئ، ستجد التجارة الدولية نفسها في فراغ تنظيمي يُربك التسعير، ويُعطّل الإمدادات، ويرفع التكاليف بشكل حاد، ما يُهدد بحدوث اضطراب واسع في سلاسل التوريد العالمية. 2- اهتزاز الاستقرار المالي العالمي معظم البنوك والمؤسسات الكبرى تحتفظ بجزء كبير من أصولها بالدولار، بالتالي فإن تراجعه الحاد قد يزعزع ميزانياتها، ويؤثر على السيولة والإقراض، ويغذي تقلبات مالية واسعة. 3- موجة تضخم عالمي كونه عملة تسعير رئيسية للغذاء والطاقة، فإن انهياره يدفع أسعار هذه السلع إلى الارتفاع عالميا، ما يُفاقم أزمات التضخم في الدول المستورِدة. 4- تآكل الاحتياطيات الوطنية إذا انهارت قيمة الدولار أو تراجعت بشكل حاد، ستتقلص القيمة الفعلية لاحتياطيات الدول (حوالي 6.6 تريليونات دولار)، ما يحدّ من قدرتها على استيراد السلع وسداد التزاماتها الخارجية. 5- ضغط على الشركات والأسواق تحتفظ الشركات متعددة الجنسيات بسيولة وأصول ضخمة مقوّمة بالدولار، وأي تراجع حاد في قيمته يضر بميزانياتها، ويرفع كلفة التمويل، ويقلّل من جاذبية الأسواق الأميركية للاستثمار. 6- تقويض المدخرات الفردية الأفراد الذين يحتفظون بمدخرات دولارية سيفقدون جزءا من قيمتها الحقيقية، ما يؤدي إلى تآكل الثروة وانخفاض الثقة في الاستقرار النقدي. 7- أزمة في سوق الديون نحو 65% من الديون العالمية مقوّمة بالدولار، وأي تراجع حاد في قيمته يُعقّد آليات السداد ويُولّد ضغوطا تمويلية على مستوى العالم. ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة يُفاقم أزمات الفقر في الدول النامية، ويهدد الأمن الغذائي والصحي لمئات الملايين حول العالم. 9- تراجع الهيمنة الأميركية فقدان مكانة الدولار يُضعف نفوذ واشنطن المالي والعسكري، ويُسرّع الانتقال نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب. 10- فوضى في أسواق المال والتسعير تراجع الدولار الحاد قد يُحدث فوضى مؤقتة في تسعير الأصول وتدفقات الأموال، ويدفع نحو تسريع اعتماد بدائل كاليورو واليوان والذهب والعملات الرقمية. وهنا السؤال الأهم: هل الولايات المتحدة مستعدة لتحمّل كلفة فقدان الدولار لمكانته؟ وهل العالم مهيأ للتعامل مع ما قد يترتب على ذلك من اضطرابات؟ وماذا لو جاء هذا التحوّل أسرع مما نتوقّع؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store