logo
ماذا سيحدث لو انهار الدولار؟

ماذا سيحدث لو انهار الدولار؟

الجزيرةمنذ 2 أيام
ظلّ الدولار لعقود حجر الزاوية في النظام المالي العالمي، مدعوما بقوة الاقتصاد الأميركي، واستقرار مؤسساته، وريادته التكنولوجية والعسكرية، لكن هذا التفوق لم يعد مضمونا؛ فالتوترات الجيوسياسية تتصاعد، والدين العام يتفاقم، والثقة بالمؤسسات الأميركية تتآكل، ومع استمرار هذه الضغوط البنيوية من دون إصلاح، لم يعد سيناريو فقدان الدولار لمكانته ثم انهياره مجرد احتمال بعيد، بل هو مسار يتعزز يوما بعد يوم.
فالتاريخ يعلّمنا أن الانهيارات لا تحدث فجأة، بل تبدأ تدريجيا ثم تنفجر دفعة واحدة، حين لا يعود هناك وقت للإنقاذ.
ما الذي يجعل أميركا قوة عظمى؟ أو ما الأساس الذي يستند إليه الدولار؟
لا يستمد الدولار الأميركي قوته من خصائص نقدية بحتة، بل من المنظومة الكاملة التي تمثّلها الولايات المتحدة الأميركية.
فهذه العملة الخضراء هي انعكاس مباشر لمجموعة من ركائز القوة التي جعلت من أميركا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لاعبا مركزيا في النظام العالمي.
وفيما يلي أبرز هذه الركائز:
1- القوة الاقتصادية
تمتلك الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم بإجمالي ناتج محلي يتجاوز 30.5 تريليون دولار، أي أكثر من ربع الناتج العالمي.
يُقدّر الإنفاق الاستهلاكي بنحو 16.35 تريليون دولار (67% من الناتج).
وتضم سوق أسهم بقيمة 49 تريليون دولار (43% عالميا)، وسوق سندات بحجم 55 تريليون، منها 29 تريليون سندات خزان، وتحتضن أكثر من نصف أكبر 500 شركة عالمية، وتتجاوز قيمة تجارتها الخارجية 7 تريليونات دولار سنويا.
2- القوة العسكرية والجيوسياسية
تشكل القوة العسكرية الأميركية ركيزة لحماية النظام العالمي. ففي 2025، بلغت ميزانية الدفاع الأميركية 962 مليار دولار (37% من الإنفاق العسكري العالمي)، وهي الأعلى عالميا، وتنتشر عبر أكثر من 750 قاعدة في 80 دولة.
ويخدم خارج البلاد أكثر من 170 ألف جندي، وتؤمّن هذه القوة 90% من طرق التجارة، وتمر 80% من الإمدادات الحيوية عبر مناطق نفوذها.
قدّرت جامعة براون الأميركية أن حروب ما بعد 2001 كلّفت الولايات المتحدة أكثر من 8 تريليونات دولار.
3- الاستقرار السياسي والمؤسسي
تتمتع الولايات المتحدة بمنظومة دستورية راسخة تقوم على فصل السلطات، وتداول منتظم للسلطة، واحترام سيادة القانون، ورغم الانقسامات الحزبية، لا تزال مؤسساتها فاعلة ومستقرة، بقضاء مستقل وإعلام حر، وهذا الاستقرار المؤسسي يُعد من أبرز مصادر الثقة العالمية، وأسهم في ترسيخ مكانة الدولار كعملة دولية موثوقة.
فالدول لا تحتفظ بالدولار لقوة الاقتصاد فحسب، بل لارتباطه بنظام قانوني وسياسي يُعد من بين الأكثر استقرارا وموثوقية عالميا.
4- الابتكار والتكنولوجيا
الريادة التكنولوجية الأميركية ليست مصادفة، بل ثمرة استثمارات سنوية تفوق 800 مليار دولار في البحث والتطوير، ومن وادي السيليكون خرجت ابتكارات كبرى كالذكاء الاصطناعي والإنترنت والاقتصاد الرقمي.
تحتضن أميركا أكبر شركات التكنولوجيا عالميا، وتتصدّر تسجيل براءات الاختراع، ما يُرسّخ موقع الدولار كعملة الابتكار ومحور الاقتصاد.
5- الهيمنة على النظام العالمي
تمتلك الولايات المتحدة النفوذ الأوسع في المؤسسات الدولية:
فهي تسيطر على 16.5% من أصوات صندوق النقد الدولي
وتُعد أكبر ممول للبنك الدولي
وتشغل مقعدا دائما في مجلس الأمن
وتهيمن أيضا على نظام التحويلات المالية العالمية، وشركات التصنيف الائتماني.
ولها تأثير مباشر وغير مباشر في منتدى بازل، ومنظمة التجارة العالمية ، ما يجعل سياساتها مرجعية في تشكيل القواعد والمعايير الدولية.
6- التركيبة السكانية
تمتلك الولايات المتحدة واحدة من أكثر التركيبات السكانية تنوعا، إذ يشكّل المهاجرون نحو 14% من السكان (أكثر من 47 مليونا)، وهي من أعلى النسب بين الدول المتقدمة، ونحو 45% من كبرى 500 شركة أميركية أسّسها مهاجرون أو أبناؤهم، كما أن 52% من السكان دون الـ40، ما يمنحها مرونة ديمغرافية تعزز التجدد الاقتصادي والتفوق التكنولوجي.
7- القوة الناعمة والثقافية
تمتلك الولايات المتحدة أدوات تأثير ثقافي استثنائية؛ فهي تضم 8 من أفضل 10 جامعات عالميا، وتستقطب سنويا أكثر من 1.1 مليون طالب دولي، وتُنتج هوليود أكثر من 700 فيلم سنويا، وتُقدّر صناعتها بنحو 100 مليار دولار، وهذا النفوذ التعليمي والثقافي يعزّز المكانة الأميركية عالميا ويدعم نفوذها الاقتصادي والسياسي بشكل غير مباشر.
لكن هذه الركائز، رغم صلابتها الظاهرة، بدأت تتآكل تدريجيا ماليا ومؤسسيا وجيوسياسيا ما يفتح الباب لأسئلة جوهرية عن مستقبل الهيمنة الأميركية واستمراريتها.
كيف أصبح الدولار قلب النظام المالي العالمي؟
لم يصعد الدولار إلى موقعه الحالي بمحض الصدفة أو فقط لقوة الاقتصاد الأميركي، بل نتيجة مسار تاريخي منظم، بدأ بعد الحرب العالمية الثانية ، وزاد قوة مع الوقت بتحالفات ومؤسسات وسياسات وضعت الدولار في قلب النظام المالي العالمي.
1- بريتون وودز 1944
في عام 1944، أقرّ مؤتمر بريتون وودز، بمشاركة 44 دولة، اعتماد الدولار الأميركي كعملة مرجعية للنظام المالي العالمي، على أن يُربط بالذهب بسعر 35 دولارا للأونصة، وتربط باقي العملات بالدولار.
وتحوّل الدولار بذلك إلى عملة عالمية مدعومة بالذهب، لكن عام 1971، أنهت واشنطن هذا النظام بعد قرار الرئيس نيكسون بفك الارتباط بين الدولار والذهب، ليصبح الدولار غير مغطى بأي أصل مادي، ويستمد قيمته من الثقة في الاقتصاد الأميركي وحده.
2- البترودولار: 1974
في 1974، أبرمت الولايات المتحدة اتفاقا مع السعودية يقضي بتسعير النفط بالدولار. واليوم، يُسعّر أكثر من 80% من صادرات النفط عالميا بالدولار، ما يجعل امتلاكه ضرورة لأي دولة تستورد الطاقة، ويُنتج العالم نحو 100 مليون برميل يوميا، تُباع معظمها بالعملة الأميركية، ما يخلق طلبا دوليا دائما لا يرتبط بحجم الاقتصاد الأميركي، ويحوّل الدولار إلى العملة المحورية لسوق الطاقة العالمية.
3- هيمنة في التجارة العالمية
بعد ترسيخ نظام البترودولار، تمددت هيمنة الدولار ليُستخدم في تسعير أكثر من 85% من التجارة العالمية، بما فيها النفط، والذهب، والقمح، والنحاس، وصارت نحو 90% من العقود الآجلة للسلع مقوّمة به، و60% من فواتير الاستيراد تُسجَّل بالدولار، حتى بين دول لا تتعامل مع أميركا. كما يُستخدم في 95% من معاملات الصرف الأجنبي، و75% من واردات أفريقيا وأميركا اللاتينية.
4- عملة احتياط وديون دولية
يمثّل الدولار 58.4% من احتياطيات البنوك المركزية عالميا (2025). أكثر من 65%من السندات والديون الدولية مقوّمة به، حتى في دول لا تربطها علاقات سياسية بواشنطن. كما يُستخدم في نحو 80% من تمويل التجارة، ويظل طرفا في 88% من معاملات الصرف.
ونمت أصول صناديق كالرهن والتقاعد والأسهم الخاصة من 28 إلى 63 تريليون دولار بين 2009 و2022، تحت مظلته.
تهديدات تواجه أميركا والدولار
رغم احتفاظ الدولار بمكانته كأول عملة احتياط في العالم، تواجه الولايات المتحدة سلسلة تهديدات بنيوية تضرب اقتصادها في العمق، وتتفاوت في حدّتها، لكنها قائمة فعليا. ومع استمرارها دون إصلاح جذري، فإن أثرها على الثقة بالدولار ومكانته في النظام المالي العالمي سيغدو مسألة وقت.
1- ديون ضخمة تُهدد الاستقرار المالي
تجاوز الدين الفدرالي الأميركي 37 تريليون دولار في 2025، أي ما يعادل 120% من الناتج المحلي، مع توقّع بلوغه 50 تريليون خلال 10 سنوات.
بلغت كلفة خدمة الدين أكثر من 1.1 تريليون دولار سنويا، أي أعلى من الإنفاق الدفاعي، وتمثّل اليوم أكثر من 15% من إيرادات الدولة. هذا المسار يُضعف الاستقرار المالي ويهدد صورة الدولار كأصل آمن.
2- عجز دائم يضغط على الاقتصاد والدولار
تسجّل الولايات المتحدة عجزا تجاريا يتجاوز 900 مليار دولار، وعجزا ماليا بلغ 1.7 تريليون دولار في 2024، وهذا الاختلال المزمن يفاقم الحاجة للتمويل الخارجي، ما يعرّض الاقتصاد لضغوط متراكمة، ويهدد مكانة الدولار عالميا.
3- تضخم مرتفع يضعف الإنفاق والثقة
رغم تراجع التضخم من 9% في 2022 إلى 3.2% في منتصف 2025، فإن أسعار الغذاء والإيجارات لا تزال مرتفعة، وارتفعت كلفة المعيشة 17% خلال 3 سنوات، ما يضغط على الإنفاق ويُضعف ثقة الداخل والخارج بفعالية السياسات النقدية.
4- ضعف الثقة في مؤسسات الحكم الأميركية
الخلافات الحزبية حول سقف الدين، والتشكيك في الانتخابات، وخفض التصنيف السيادي، وزعزعة الثقة في المؤسسات جميعها تقوّض صورة الولايات المتحدة كمصدر للاستقرار القانوني والمالي، ما يضعف الأساس الذي تقوم عليه الثقة بالدولار.
5- تراجع مكانة الدولار في العالم
تراجعت حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية من 71% عام 2000 إلى 58.4% في 2025، وحصته في نظم التسويات المالية إلى 42%، وثلث الاحتياطيات الجديدة تتجه نحو عملات بديلة، ما يُنذر بانحسار عالمي لدور الدولار.
6- تحوّل الدولار إلى أداة ضغط سياسي
تحوّله إلى أداة عقوبات دفع دولا لتقليص الاعتماد عليه وبناء شبكات بديلة، وهذا الاتجاه يُقوّض حيادية الدولار ويهدد استقراره طويل الأمد.
7- صعود العملات الرقمية كبدائل محتملة
يشهد العالم توسعا في العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، إضافة إلى الأصول المشفّرة. هذه البدائل تضعف هيمنة الدولار، خصوصا في التجارة العابرة للحدود.
8- هروب الاستثمارات وتفكك النظام المالي
في الربع الثاني من 2025، شهدت السندات الأميركية أطول موجة نزوح منذ الجائحة. بالتزامن، ظهرت تكتلات نقدية جديدة، في حين فقد الدولار 99% من قيمته أمام الذهب منذ 1972، ما يُضعف صورته كمخزن للقيمة.
9- الانعزالية الأميركية تقوّض العولمة
سياسات الحماية والانكفاء التجاري تُقوّض النظام الليبرالي الذي دعم الدولار لعقود، حتى بين الحلفاء، وتُسرّع من الانفصال المالي عن منظومة واشنطن.
الإنفاق الأميركي على الحروب غير المباشرة يكلف مئات المليارات سنويا، ويستهلك موارد تحتاجها الدولة لدعم اقتصادها. هذا الاستنزاف يُضعف قدرة الولايات المتحدة على حماية نظام يخدم عملتها.
إعلان
هذه التهديدات لا تزال قائمة، بل إن وتيرتها تتسارع مقارنة بالماضي، وهذا يرفع احتمالات تآكل مكانة الدولار بشكل أكبر.
ماذا لو فقد الدولار مكانته العالمية؟
مع تنامي الضغوط المالية والجيوسياسية التي تحيط بالاقتصاد الأميركي، لم يعد مستبعدا طرح السؤال الجوهري: ماذا لو تراجعت مكانة الدولار عالميا، وتخلّى عن دوره كعملة مرجعية في التجارة الدولية والديون والاحتياطيات؟
ما الذي يعنيه تراجع مكانة الدولار أو انهياره؟ وهل يمكن أن يتحوّل إلى انهيار؟
تراجع الدولار لا يُقاس فقط بانخفاض قيمته السوقية، بل بفقدانه التدريجي لموقعه المحوري في النظام المالي العالمي، سواء كعملة احتياط أو كوسيط للتسعير والتبادل.
وهذا المسار لا يحدث فجأة، بل يتشكّل بفعل التهديدات البنيوية المتراكمة التي تناولناها سابقا. ومع غياب الإصلاحات الداخلية، واستمرار الولايات المتحدة في تبنّي سياساتها الحالية، يصبح التآكل أكثر تسارعا، ويقترب الدولار من فقدان ميزته التفضيلية تدريجيا لا عبر انهيار مفاجئ، بل كنهاية طبيعية لمسار طويل من التراجع غير المعالج.
التأثيرات المحتملة:
1- اضطراب التجارة العالمية
في حال فقد الدولار موقعه كمرجعية عالمية بشكل مفاجئ، ستجد التجارة الدولية نفسها في فراغ تنظيمي يُربك التسعير، ويُعطّل الإمدادات، ويرفع التكاليف بشكل حاد، ما يُهدد بحدوث اضطراب واسع في سلاسل التوريد العالمية.
2- اهتزاز الاستقرار المالي العالمي
معظم البنوك والمؤسسات الكبرى تحتفظ بجزء كبير من أصولها بالدولار، بالتالي فإن تراجعه الحاد قد يزعزع ميزانياتها، ويؤثر على السيولة والإقراض، ويغذي تقلبات مالية واسعة.
3- موجة تضخم عالمي
كونه عملة تسعير رئيسية للغذاء والطاقة، فإن انهياره يدفع أسعار هذه السلع إلى الارتفاع عالميا، ما يُفاقم أزمات التضخم في الدول المستورِدة.
4- تآكل الاحتياطيات الوطنية
إذا انهارت قيمة الدولار أو تراجعت بشكل حاد، ستتقلص القيمة الفعلية لاحتياطيات الدول (حوالي 6.6 تريليونات دولار)، ما يحدّ من قدرتها على استيراد السلع وسداد التزاماتها الخارجية.
5- ضغط على الشركات والأسواق
تحتفظ الشركات متعددة الجنسيات بسيولة وأصول ضخمة مقوّمة بالدولار، وأي تراجع حاد في قيمته يضر بميزانياتها، ويرفع كلفة التمويل، ويقلّل من جاذبية الأسواق الأميركية للاستثمار.
6- تقويض المدخرات الفردية
الأفراد الذين يحتفظون بمدخرات دولارية سيفقدون جزءا من قيمتها الحقيقية، ما يؤدي إلى تآكل الثروة وانخفاض الثقة في الاستقرار النقدي.
7- أزمة في سوق الديون
نحو 65% من الديون العالمية مقوّمة بالدولار، وأي تراجع حاد في قيمته يُعقّد آليات السداد ويُولّد ضغوطا تمويلية على مستوى العالم.
ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة يُفاقم أزمات الفقر في الدول النامية، ويهدد الأمن الغذائي والصحي لمئات الملايين حول العالم.
9- تراجع الهيمنة الأميركية
فقدان مكانة الدولار يُضعف نفوذ واشنطن المالي والعسكري، ويُسرّع الانتقال نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب.
10- فوضى في أسواق المال والتسعير
تراجع الدولار الحاد قد يُحدث فوضى مؤقتة في تسعير الأصول وتدفقات الأموال، ويدفع نحو تسريع اعتماد بدائل كاليورو واليوان والذهب والعملات الرقمية.
وهنا السؤال الأهم:
هل الولايات المتحدة مستعدة لتحمّل كلفة فقدان الدولار لمكانته؟ وهل العالم مهيأ للتعامل مع ما قد يترتب على ذلك من اضطرابات؟ وماذا لو جاء هذا التحوّل أسرع مما نتوقّع؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لماذا أذعنت بنما لمطالب ترامب؟
لماذا أذعنت بنما لمطالب ترامب؟

الجزيرة

timeمنذ 29 دقائق

  • الجزيرة

لماذا أذعنت بنما لمطالب ترامب؟

بنما- في أول يوم له في ولايته الثانية، جعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب دولة بنما وقناتها في اختبار مزدوج، لاثنتين من أكبر أولوياته: وقف الهجرة غير النظامية عبر الحدود الجنوبية لبلاده، ومواجهة نفوذ الصين المتزايد. وطالب باستعادة قناة بنما بعد ادعائه أن بكين تسيطر عليها، وهو ما يراه بمنزلة تهديد مباشر للأمن القومي الأميركي. وعلى إثر ذلك، كانت بنما أول دولة يزورها وزيرا الخارجية ماركو روبيو والدفاع بيت هيغسيث الأميركيان. وركز روبيو على قضايا الهجرة ودور بنما في وقفها، في حين ركز هيغسيث على الشق العسكري ومواجهة النفوذ الصيني. وأدى تهديد ترامب إلى تنازلات كبيرة من حكومة بنما، التي لم تدفع فقط باتجاه بيع موانئ القناة التي تديرها شركة صينية لأخرى أميركية، إذ دعمت كذلك جهوده ترحيل المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير نظامي. تاريخ مضطرب كما سرعت بنما من خططها للاستثمار في البنية التحتية لحل مشكلات إمدادات المياه في القناة التي أثارت غضب المسؤولين الأميركيين خلال سنوات الجفاف الأخيرة، وتبحث عن طريقة لإلغاء الرسوم التي تدفعها السفن العسكرية الأميركية نظير مرورها منها. يتمتع ترامب بتاريخ مالي مضطرب في بنما، وبدأت علاقته بها عندما نظم بها مسابقة ملكات جمال العالم عام 2003. وفكر في بناء أول برج فاخر باسمه خارج الأراضي الأميركية. وفعلا بنى -بمشاركة شركة بنمية- برجا عملاقا يحمل علامته التجارية "ترامب". وبسبب مشكلات في الإدارة، عرفت الشركة نزاعات وصلت للمحاكم وأدت لاحقا إلى خلافات بين فريق الشريك البنمي وممثلي ترامب. وتدخلت الشرطة وأمرت الحكومة برفع اسمه من على مدخل البرج، وهو ما تم. وبث التلفزيون البنمي عملية إزالة اسمه على الهواء مباشرة عام 2018. وأُلقيت أحرف كلمة ترامب بعد نزعها من مدخل البرج في حاوية قبل إلقائها في مكان مخصص للمهملات. يرى رودريغو نورييغا، المحلل السياسي البنمي، أنه لا يمكن استبعاد "فكرة الثأر الشخصي لترامب بسبب ما تعرض له برجه من إهانة، لقد تم تصوير لحظات إزالة اسمه من على البرج، واحتفى البنميون بذلك، وكثيرا ما يشير أعداؤه إلى فشله في بنما على أنه دليل على فشله كرجل أعمال". وبِيع البرج لاحقا، ويشغله اليوم فندق "جي دبليو ماريوت" في أحد أهم وأرقى أحياء العاصمة بنما سيتي. يؤمن العسكريون الأميركيون أن الصين قد تستخدم قناة بنما سلاحا في أي أزمة جيو-إستراتيجية بين الدولتين. واعتبرت سيطرة شركة هاتشينسون على ميناءي القناة أداة بيد بكين، يمكن أن تتدخل أو تؤخر الشحن الأميركي والمساعدة العسكرية إلى تايوان في حالة نشوب صراع بينهما. ويعد ميناءا بالبوا وكريستوبال من نقاط الدخول الحيوية إلى المحيطين الهادي و الأطلسي عند طرفي القناة. في الوقت ذاته تمثل مشروعات البنية التحتية التي تقوم بها الصين داخل بنما نقطة ضعف أخرى لعمليات أمن القناة. في حديث للجزيرة نت، اعتبر الخبير القانوني البنمي ألونسو إيلوسيا أن "الصين لا تسيطر على القناة، لكنها استغلت المؤسسات الضعيفة والفساد المستشري لزيادة نفوذها في السياسة الوطنية والأعمال". واستجابت بنما بسرعة لادعاء ترامب عن النفوذ الصيني في القناة. وفي فبراير/شباط الماضي، أكدت إنهاء مشاركتها في مبادرة الحزام والطريق الصينية ، وأطلقت عملية تدقيق لشركة هاتشينسون الصينية، التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا لها، وتدير ميناءين في كل طرف من طرفي القناة. وحسب الخبير إيلوسيا، فإن قطع الحكومة البنمية علاقاتها بالشركات الصينية يصب في نهاية المطاف في مصلحة البلاد، وليس استسلاما للضغوط الأميركية. "وهذه الشركات نموذج للفساد الحكومي المستشري، ويجب محاسبة من منحهم هذه العقود الضخمة قبل سنوات". على مدار السنوات الماضية، عبر ملايين المهاجرين غير النظاميين غابة دارين في بنما، وهي الطريق البري الوحيد الذي يربط دول أميركا الجنوبية بأميركا الوسطى والشمالية، علما أن ملايين المهاجرين مروا عبر هذه الغابات خلال الأعوام الماضية في طريقهم إلى الولايات المتحدة برا. ولا تمتلك بنما جيشا وطنيا يُمكنها من منع هذه الهجرات عبر أراضيها، خاصة بعدما حلت جيشها إثر الغزو الأميركي عام 1989، وإعلانها الحياد، والاعتماد على قوات شرطة لحفظ الأمن الداخلي. وتبنت الحكومة البنمية موقفا متناغما مع موقف واشنطن كبحًا لجماح الهجرة غير النظامية عبر أراضيها التي تعد ممرا طبيعيا لملايين المهاجرين من دول أميركا الجنوبية خاصة فنزويلا وكولومبيا. ووقّعتا مذكرة تفاهم في يوليو/تموز 2024 لاستقبال آلاف المرحلين من الأراضي الأميركية، وضغط ترامب على بنما لتستقبل المزيد من المهاجرين، وهو ما وافقت عليه. وإضافة لتشديدها الرقابة على حدودها الجنوبية، انفتحت بنما على فكرة استقبال مهاجري دول ثالثة للبقاء فيها مؤقتا أو بصورة دائمة. إرضاء ترامب اتهم ترامب بنما بفرض رسوم مرتفعة وغير عادلة على السفن الأميركية العابرة لقناتها، وطالب بإلغائها. لكن الجانب البنمي يرفض علنا هذا المطلب الذي يراه مخلا باتفاقية حياد بنما، إلا أنه يعمل خلف الأبواب المغلقة على إيجاد وسيلة ترضي الرئيس الأميركي. ويرى الخبير إيلوسيا أن السماح لأي دولة بالاستفادة من وضع خاص مثل المرور المجاني أو التفضيلي لن ينتهك القانون الدولي فحسب، بل سيشكل أيضا سابقة خطِرة، مما يعرض قدرة بنما على إدارة القناة بشكل مستقل ومنصف، ويشكك في حياد القناة. وعلى النقيض، يكرر ترامب أن حياد قناة بنما يتعرض للتهديد بسبب النفوذ الصيني. ويدفع جميع زبائنها بلا استثناء رسوما مقابل عبورها. وشكلت السفن الأميركية 74.7% من إجمالي حركة الشحن في عام 2024، تلتها بكين بـ 21.4%، ثم اليابان وكوريا الجنوبية. وتبحث الحكومة البنمية فكرة إرجاع رسوم مرور السفن العسكرية الأميركية، والتي لا تعد رقما ضخما لأنها لا تخضع للتسعيرة التجارية المرتفعة كبقية السفن، بطريقة لا تسبب حرجا أمام بقية الدول الأخرى. من ناحية أخرى، يبدو أن ضغط ترامب قد سرع أيضا من بدء خطوات إنشاء سد طال انتظاره مصمم لمعالجة مشكلات إمدادات المياه في بحيرات القناة الصناعية والتي تهددها موجات الجفاف المتكررة. تدرك بنما، حكومة وشعبا ونخبة، أن مصير بقائها واستقلالها مرتبط بعلاقات جيدة بالولايات المتحدة. وتتمسك بنما بالدولار الأميركي عملةً رسمية لها، ولا يرغب أكثر من 90% من شعبها في تغيير ذلك طبقا لاستطلاعات الرأي المتكررة. ويرى الخبير البنمي رودريغو نورييغا أن توتر العلاقات مع واشنطن يمكن أن يسبب كارثة للمركز المالي الذي تمثله بنما، "بسبب علاقتنا بالولايات المتحدة، تتمتع بنما بوصول مفتوح للغاية إلى الأسواق المالية الكبيرة في نيويورك ولندن وما إلى ذلك. ويدرك معظمنا أننا لا نريد التخلص من الدولار. لقد أعطى ذلك البلاد كثيرا من الاستقرار المالي، وترامب يدرك ذلك جيدا".

ترامب مستعد لتنظيم وحضور لقاء بين بوتين وزيلينسكي
ترامب مستعد لتنظيم وحضور لقاء بين بوتين وزيلينسكي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ترامب مستعد لتنظيم وحضور لقاء بين بوتين وزيلينسكي

أعلن البيت الأبيض الأربعاء أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب منفتح على أن يلتقي في الوقت نفسه الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وهذا اللقاء يمكن أن يُعقد اعتبارا من الأسبوع المقبل، وفق ما أوردت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر لم تسمّها. وتم تناول احتمال عقد اللقاء في اتصال هاتفي جرى بين زيلينسكي وترامب بمشاركة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته ، وفق ما أفاد مصدر أوكراني مطلع. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت الأربعاء إن ترامب "منفتح على أن يلتقي في الوقت نفسه الرئيس بوتين والرئيس زيلينسكي"، موضحة أن "الروس أبدوا رغبتهم في لقاء" الرئيس الأميركي. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز أن ترامب أبلغ الأربعاء العديد من القادة الأوروبيين أنه يريد أن يلتقي بوتين شخصيا اعتبارا من الأسبوع المقبل، على أن ينظم بعدها اجتماعا ثلاثيا مع بوتين وزيلينسكي. وكان ترامب أثنى الأربعاء على اللقاء الذي عقده موفده ستيف ويتكوف مع الرئيس الروسي وتناول جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا، ووصفه بأنه "مثمر للغاية". يذكر أن ويتكوف قد اجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو 3 ساعات، في محاولة لتحقيق انفراجة باتجاه إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ، التي تفاخر ترامب بأنه قادر على إنهائها خلال 24 ساعة من توليه منصبه. وأعلن ترامب أن ويتكوف أحرز "تقدما كبيرا" في اجتماعه مع بوتين، وأضاف في منشور على موقع "تروث سوشيال" أنه أطلع بعض حلفاء واشنطن الأوروبيين على آخر المستجدات بعد اجتماع ويتكوف مع بوتين، الذي ركّز على إنهاء الحرب المستمرة منذ فبراير/شباط 2022. ومضى قائلا "يتفق الجميع على أن هذه الحرب يجب أن تنتهي، وسنعمل على تحقيق ذلك في الأيام والأسابيع المقبلة". لكن بعد دقائق من اللقاء، قال مسؤول أميركي كبير إنه لا يزال من المتوقع أن يتم الجمعة فرض "عقوبات ثانوية" تستهدف شركاء روسيا التجاريين، سعيا إلى عرقلة قدرة موسكو على تخفيف أثر العقوبات الغربية الواسعة النطاق. ومن شأن استهداف شركاء روسيا، مثل الصين والهند ، أن يؤدي إلى خنق الصادرات الروسية، ولكنه يهدد أيضا بإحداث اضطرابات دولية كبيرة. وكان ترامب قد أمهل روسيا حتى الجمعة لتحقيق تقدم على مسار السلام أو مواجهة عقوبات جديدة.

تحذيرات من سباق تسلح نووي عالمي جديد
تحذيرات من سباق تسلح نووي عالمي جديد

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

تحذيرات من سباق تسلح نووي عالمي جديد

مع بقاء اتفاقية واحدة فقط للأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا ، يرجح الخبراء بدء سباق تسلح جديد، مما يعيد للأذهان خطر الصراع النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقا حيث وصل حافة الهاوية، إبان أزمة الصواريخ الكوبية في أوائل ستينيات القرن الماضي. لكن في مطلع سبعينيات القرن الماضي، بدأ القادة الأميركيون والسوفييت في اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد، نتج عنها إبرام عدد من المعاهدات المهمة، منها معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى عام 1987 التي ألغت فئة كاملة من الصواريخ ذات القدرة النووية لكنها انتهت عام 2019 بعد انسحاب الولايات المتحدة. وأمس الثلاثاء، أعلنت روسيا أنها ستنهي القيود التي فرضتها على نشر الصواريخ التي تغطيها الاتفاقية ما يعني أن اتفاقية واحدة بين موسكو واشنطن لاتزال قائمة وهي معاهدة "ستارت الجديدة" والتي من المقرر أن تنتهي في فبراير/شباط المقبل، ويرى الخبراء أنها على وشك الانهيار حتى قبل حلول هذا التاريخ. ويقول ألكسندر بولفراس، الخبير في مجال ضبط الأسلحة النووية في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "إن انتهاء اتفاقيات الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا لا يزيد بالضرورة من احتمالية الحرب النووية، إلا أنه بالتأكيد لا يقلل من احتمالية نشوبها". ولا تزال موسكو وواشنطن موقعتين على معاهدات دولية متعددة الأطراف تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية واستخدامها، إلا أن ازدياد التوتر في العلاقة بين البلدين، إلى جانب تضاؤل المعاهدات، يثير قلق الكثيرين. وأعرب ناجون من القنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية قبل 80 عاما اليوم الأربعاء، عن إحباطهم من تزايد دعم قادة العالم للأسلحة النووية كوسيلة ردع. ووفقا لاتحاد العلماء الأميركيين تمتلك الولايات المتحدة وروسيا رؤوسا حربية أقل بكثير مما كانت عليه قبل عقود، ففي عام 1986، كان لدى الاتحاد السوفياتي أكثر من 40 ألف رأس نووي، بينما كان لدى الولايات المتحدة أكثر من 20 ألف رأس، حيث أدت سلسلة من اتفاقيات ضبط الأسلحة إلى خفض هذه المخزونات بشكل حاد. و في مارس/آذار 2025 قدر اتحاد العلماء الأميركيين أن روسيا تمتلك 5459 رأسا نوويا، بينما تمتلك الولايات المتحدة 5177 رأسا. ويمثل ذلك مجتمِعا حوالي 87% من الأسلحة النووية في العالم. معاهدات وانسحابات وقّعت واشنطن وموسكو سلسلة من المعاهدات الرئيسية بهذا الصدد، ففي مايو/أيار 1972 وبعد مرور 10 سنوات على أزمة الصواريخ الكوبية، وقعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي أولى محادثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية ( سالت 1) وهي أول معاهدة تضع قيودا على عدد الصواريخ والقاذفات والغواصات التي تحمل أسلحة نووية. وفي الوقت نفسه، وقع الجانبان أيضا معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية (إيه بي إم) التي تضع قيودا على أنظمة الدفاع الصاروخي التي تحمي من الضربة النووية. في عام 1987، وقع الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف والرئيس الأميركي في ذلك الوقت رونالد ريغان معاهدة "الحد من الصواريخ النووية المتوسطة المدى" (آي إن إف) التي حظرت الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500. انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من هذه الاتفاقية خلال ولايته الأولى، معللا ذلك بانتهاكات روسية نفتها موسكو. وأعلن البيت الأبيض وقتئذ أن الاتفاقية وضعت الولايات المتحدة في موقف إستراتيجي غير مؤات مقارنة بالصين وإيران ، اللتين لم تكن أي منهما طرفا في الاتفاقية، واللتين قال إن كلا منهما تمتلك أكثر من ألف صاروخ متوسط المدى. من جهته، أكد الكرملين في البداية التزامه بأحكامها، لكنه أنهى هذا التعهد أمس الثلاثاء، وحتى قبل ذلك، اختبرت موسكو صاروخها الجديد متوسط المدى " أوريشنيك" فائق السرعة على أوكرانيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه سيتم نشر هذه الصواريخ في بيلاروسيا، جارة روسيا وحليفتها، في وقت لاحق من هذا العام. وفي الوقت نفسه، قلصت معاهدة "ستارت1" لخفض الأسلحة النووية، الموقعة عام 1991، الترسانات الإستراتيجية للرؤوس النووية الأميركية والروسية، بالإضافة إلى الصواريخ والقاذفات والغواصات التي تحملها. وقد انتهت صلاحيتها منذ ذلك الحين. وتم توقيع معاهدة أخرى، وهي "ستارت 2″، لكنها لم تدخل حيز النفاذ. في عام 2002، انسحب الرئيس جورج دبليو بوش من اتفاقية الحد من الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، بسبب مخاوف من أن الاتفاقية قد تحد من قدرات الولايات المتحدة على التصدي للهجمات، بما في ذلك من دول مثل إيران وكوريا الشمالية. عارضت روسيا هذه الخطوة بشدة، خوفا من أن تسمح للولايات المتحدة بتطوير قدرة من شأنها أن تضعف ردعها النووي. وكانت آخر معاهدة ثنائية متبقية، وهي معاهدة ستارت الجديدة، الموقعة في أبريل/نيسان 2010، تهدف إلى وضع قيود على الأسلحة النووية وقاذفاتها المنتشرة، وفرض عمليات تفتيش ميدانية. وتُعد هذه المعاهدة أيضا "ميتة وظيفيا"، كما قال سيدهارث كوشال، الزميل البارز في العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن. إعلان وتنتهي هذه المعاهدة في 5 فبراير/شباط 2026، وقد علقت روسيا مشاركتها بالفعل بعد غزوها لأوكرانيا، مما أدى إلى توقف عمليات التفتيش الميدانية للمواقع النووية الروسية. ورغم ذلك أكدت موسكو أنها ستواصل الالتزام بالقيود التي تفرضها الاتفاقية على قواتها النووية. القوى البازغة ويرى ألكسندر بولفراس، الخبير في مجال ضبط الأسلحة النووية، أن روسيا والولايات المتحدة "ليستا اللاعبين الوحيدين. فقد أدت معاهدتا الأسلحة النووية متوسطة المدى وستارت الجديدة على وجه الخصوص، إلى عمليات تفتيش ميدانية جادة خفضت التوترات في أوروبا. وقد يؤدي انتهاء هاتين المعاهدتين إلى تصعيد التوترات بين الطرفين". ويرى الخبراء أن انتهاءهما قد يزيد من حدة التوترات بين خصمي الحرب الباردة، ويعكسان أيضا اهتماما أوسع بالصواريخ متوسطة المدى المسلحة تقليديا، مشيرين إلى النشر الأميركي المخطط له لهذه الصواريخ في أوروبا والمحيط الهادي، بالإضافة إلى استخدام إسرائيل وإيران للصواريخ خلال حربهما الأخيرة. ويستبعد كوشال من المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية في بريطانيا إبرام اتفاقيات ثنائية جديدة بشأن الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا في المستقبل القريب مبررا ذلك بـ"انعدام مستوى الثقة اللازم للتفاوض على اتفاقية للحد من الأسلحة والمضي قدما فيها". و يوضح أن الولايات المتحدة "تنظر بشكل متزايد إلى تهديدات أخرى. فقد انسحبت كل من إدارتي بوش وترامب من معاهدات مع روسيا، جزئيا بسبب مخاوف من أن الاتفاقيات لم تضع قيودا على تكديس الدول الأخرى للأسلحة النووية". ويرى كوشال أنه مع تزايد تنافس الصين مع الولايات المتحدة وروسيا نوويا، "فقد يؤدي ذلك إلى دوامة تنافسية يمكن لواشنطن من خلالها تطوير المزيد من الأسلحة النووية، بالإضافة إلى الأسلحة التقليدية، لمواجهة ما تعتبره تهديدا من بكين، أيّ زيادة في الأسلحة الأميركية متوسطة أو طويلة المدى قد تدفع روسيا بدورها إلى زيادة ترسانتها النووية". ولكن حتى مع انتهاء معاهدات الحرب الباردة، قد يستمر تفكير الحرب الباردة قائما ما يدفع الخبراء إلى التحذير من "احتمال الدمار المتبادل" مؤكدين أن الأمر يتطلب ضبط النفس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store