
قانون أوروبا الأخضر في مهبّ الغاز القطري
برز الأسبوع الماضي خبر لافت أشار إلى توتّر بين الدوحة وبروكسل. التوتّر يعود إلى تحذير قطري من احتمال إعادة توجيه الصادرات القطرية من الغاز الطبيعي المسال إلى أسواق بديلة، إذا لم يُعدّل الاتحاد الأوروبي قانون "العناية الواجبة في الاستدامة المؤسسية" (CSDDD)، الذي أُقرّ رسمياً في يونيو/حزيران 2024.
ويطرح هذا التحذير، الذي حمل نبرة تصعيدية، أسئلة جوهرية حول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، لا سيما في ملف الطاقة الذي يُشكلّ أحد الأعمدة الاستراتيجية لأمن القارة الأوروبية.
التلويح ببدائل: رسالة رسمية وتحذير صريح
Getty Images
سعد بن شريدة الكعبي، وزير الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة
في رسالة موجّهة إلى الحكومة البلجيكية بتاريخ 21 مايو/أيار، ردّت قطر على لسان وزير الطاقة فيها سعد الكعبي، على توجيه الاتحاد الأوروبي بشأن العناية الواجبة، الذي يُلزم الشركات الكبرى بالكشف عن مشكلات حقوق الإنسان والبيئة، في سلاسل الإمداد ومعالجتها.
وجاء في الرسالة التي نقلتها وكالة رويترز: "ببساطة، إذا لم تُجرَ تعديلات إضافية على توجيه CSDDD، فلن يكون أمام دولة قطر وشركة قطر للطاقة خيار سوى النظر بجدية في أسواق بديلة خارج الاتحاد الأوروبي، لبيع الغاز الطبيعي المسال ومنتجات أخرى، في بيئة أعمال أكثر استقراراً وترحيباً."
ويبدو أنها ليست المرة الأولى التي تبعث فيها قطر رسالة مماثلة، فقد أكّد متحدث باسم المفوضية الأوروبية لوكالة رويترز، بأن المفوضية تلقّت رسالة أخرى من قطر بتاريخ 13 مايو/أيار، موضحاً أن الأمر متروك الآن للدول الأعضاء والمشرّعين "للتفاوض واعتماد التعديلات الجوهرية للتبسيط التي اقترحتها المفوضية". وكانت بروكسل قد اقترحت بالفعل تأجيل بدء تنفيذ القانون، حتى منتصف 2028 وتخفيف بعض متطلباته.
ما هو قانون "العناية الواجبة" ولماذا تعارضه قطر؟
قانون "العناية الواجبة" الذي أقرّه الاتحاد الأوروبي رسمياً في يونيو/حزيران 2024، يُلزم الشركات الكبرى، لا سيما العاملة في قطاعات حيوية كقطاع الطاقة، بالتحقّق من امتثال سلاسل التوريد التابعة لها، لمعايير صارمة تتعلّق بحقوق الإنسان، وظروف العمل، وحماية البيئة.
Getty Images
ويلزم القانون هذه الشركات باتخاذ تدابير عملية لمنع الانتهاكات البيئية والاجتماعية عبر شبكاتها العالمية، تحت طائلة غرامات قد تصل إلى 5 في المئة من إجمالي إيراداتها السنوية على مستوى العالم. ومن المرتقب أن يدخل القانون حيّز التنفيذ تدريجياً بدءاً من عام 2027، وهو ما تعتبره دول مصدّرة للغاز، مثل قطر، عبئاً قانونياً ومالياً يهدّد استدامة علاقاتها مع السوق الأوروبية.
إلى ماذا يستند التهديد القطري؟
اعتبر عبد العزيز الدليمي، الخبير القطري في شؤون الطاقة، أن القانون الأوروبي الجديد المعروف بـ"قانون العناية الواجبة"، يشكّل تحدياً كبيراً لصادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى أوروبا، وقد يدفع الدوحة إلى إعادة النظر في استمرار الإمدادات إلى أوروبا.
وأوضح الدليمي في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي، أن هذا القانون سيفرض أعباء مالية كبيرة على قطر، ليس فقط على مستوى شركة "قطر للطاقة"، بل أيضاً على كل من شارك في تطوير البنية التحتية لإنتاج الغاز، بمن في ذلك المقاولون، وكذلك شركات التشغيل. وأضاف: "في حال طُبّق القانون بصيغته الحالية، قد تصبح صادرات الغاز إلى أوروبا غير مجدية اقتصادياً، بل قد تُكبّد الدوحة خسائر مباشرة، وهو أمر غير مقبول من منظور تجاري واستراتيجي". واعتبر أن المنطق التجاري لا يسمح لقطر بتصدير الغاز إلى أوروبا إذا كانت النتائج المالية سلبية بسبب الغرامات، مضيفاً: "هذا واقع غير عقلاني".
وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كانت تهديدات قطر مجرّد ورقة ضغط، أكد الدليمي أن الدوحة قد تلجأ فعلياً إلى وقف الإمدادات، في حال أصرّ الاتحاد الأوروبي على تطبيق القانون بصيغته الحالية، مشيراً إلى أن قطر لا تمانع الدخول في مفاوضات لتحسين فعالية سبل تقليل الانبعاثات الكربونية، لكنها ترفض العقوبات المالية المشروطة. وتوقّع أن تُسفر المفاوضات عن التوصل إلى تسويات تقنية أو بيئية، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية متبادلة، بحسب تعبيره.
هل يمكن أن يؤدي هذا الخلاف إلى أزمة طاقة في أوروبا؟
التهديد القطري بإعادة توجيه صادرات الغاز لا يعني بالضرورة انقطاعاً فورياً في الإمدادات المتجهة لأوروبا، لكنه يكشف عن هشاشة الاعتماد الأوروبي على شركاء خارجيين، في لحظة مفصلية من عملية التحوّل في سياسات الطاقة.
فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا وتراجع الإمدادات الروسية، تحوّلت أوروبا إلى الغاز القطري كمصدر بديل استراتيجي يصعب التخلي عنه بسهولة. ولكن التحذيرات الأخيرة الصادرة من الدوحة، تذكّر مجدّداً بأن أمن الطاقة الأوروبي، لا يزال خاضعاً لحسابات جيوسياسية متقلّبة.
في هذا السياق، يربط الخبير القطري في شؤون الطاقة عبد العزيز الدليمي احتمالات حدوث أزمة طاقة أوروبية، بقرار الدوحة النهائي بشأن التصدير، مشيراً إلى أن البدائل الأمريكية أو الكندية ليست كافية أو مضمونة، خصوصاً مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية. ويتساءل: "هل سيجرؤ الاتحاد الأوروبي على تطبيق القانون على الولايات المتحدة، وهي التي سبق أن انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ؟" ويجيب: "لا أعتقد ذلك"، داعياً في المقابل إلى إعادة النظر في القانون، ومؤكداً أن قطر تتخذ خطوات جدّية، نحو خفض الانبعاثات، وتستثمر في مشاريع صديقة للبيئة.
بدورها، ترى لوري هايتيان، الخبيرة اللبنانية في شؤون الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن قانون "العناية الواجبة" يمثل مصدر قلق كبير لقطر، نظراً لأن الدوحة تعتبر أن القانون ينطوي على تدخل مباشر في سيادتها وفرض لأعباء تنظيمية ومالية تفوق قدراتها.
وتوضح هايتيان في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي أن التزامات القانون لا تقتصر على شركة قطر للطاقة، بل تمتد لتشمل سلسلة الإمداد بأكملها، من الموردين الكبار إلى الشركات الصغيرة، بل حتى "شركات القهوة" المتعاملة مع "قطر للطاقة"، بحسب تعبيرها. وتضيف أن تطبيق هذا القانون يتطلّب موارد ضخمة، فيما قد تصل الغرامات في حال عدم الامتثال لما ورد فيه من التزامات إلى 5 في المئة من الإيرادات العالمية، وهو ما ترفضه الدوحة تماماً.
وتشير هايتيان إلى أن قطر قد تجد في الانسحاب من بعض عقود تصدير الغاز مع أوروبا، خياراً أقل تكلفة من الالتزام بمنظومة بيروقراطية معقّدة.
وتُحذّر هايتيان من أن تنفيذ الاتحاد الأوروبي لخطة وقف استيراد الغاز الروسي بنهاية 2027، سيجعل أوروبا أكثر اعتماداً على خيارات بديلة في التوريد، وعلى رأسها قطر. وفي حال نفّذت الدوحة تهديدها، فإن القارة الأوروبية ستواجه أزمة طاقة حقيقية، قد تدفعها مجدّداً للاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر بديل.
وتتفق هايتيان مع الدليمي في التشكيك في إمكانية التزام واشنطن الصارم ببنود القانون الأوروبي الجديد، ما يثير تساؤلات حول مدى تطبيق الاتحاد لمعاييره بشكل متوازن على جميع الشركاء. وتلفت هايتيان إلى أن التشريع الجديد لا يواجه رفضاً من الموردين فقط، بل يثير تحفظات لدى عدد من الشركات الأوروبية التي تعتبره صعب التطبيق، ما يعزّز فرص تعديل شروطه أو تخفيفها في المرحلة المقبلة.
ما هي الأسواق البديلة؟ هل تتجه قطر أكثر نحو آسيا؟
يرى الخبير القطري عبد العزيز الدليمي، أن القانون لا يُهدّد قطاع الطاقة القطري، بل يقتصر تأثيره على السوق الأوروبية فقط، إذ تستمر صادرات الغاز القطري إلى آسيا والأسواق الأخرى بشكل طبيعي.
وأضاف: " تملك قطر هامشاً واسعاً للمناورة، بفضل علاقاتها المتينة مع الدول الآسيوية، وعلى رأسها الصين، كوريا الجنوبية، اليابان، الهند وباكستان، وهي تملك أكبر أسطول في العالم لنقل الغاز المسال، ما يمنحها مرونة عالية في إعادة توجيه صادراتها".
Getty Images
أما بشأن الخيارات البديلة أمام قطر، فتشير لوري هايتيان، إلى أن أسواقاً في آسيا وأفريقيا، وعلى رأسها الصين، تمثل بديلاً استراتيجياً محتملاً، في حال تعثّرت العلاقات مع أوروبا. وتستند في ذلك، إلى أحدث البيانات الرسمية التي تُظهر أن الصين تحتل المرتبة الأولى في استيراد الغاز القطري، مع توقيع اتفاقيات توريد تمتد حتى 27 عاماً، مع شركات صينية كبرى.
ووفق آخر الأرقام الرسمية، تأتي بعد الصين، وكوريا الجنوبية، والهند، واليابان، إذ تُمثّل آسيا الوجهة الأهم لصادرات الغاز القطري، بحصة تفوق 70 في المئة من إجمالي الصادرات.
اختبار توازن بين البيئة والمصالح
المستشار النفطي الكويتي والخبير في شؤون الطاقة د. مبارك الهاجري، اعتبر أن التصعيد القطري تجاه قانون "العناية الواجبة" الأوروبي، لا يتعدّى حتى الآن إطار المناورة التفاوضية المدروسة، لا سيما أن الدوحة تدرك تبعات الخروج عن العقود الطويلة الأمد التي تربطها بدول الاتحاد الأوروبي، سواء على المستوى القانوني أو على صعيد السمعة كمصدّر موثوق للطاقة.
ويشرح الهاجري في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي: " لدى قطر عقود طويلة الأجل مع معظم الدول الأوروبية، وبالتالي الانسحاب منها أو ممارسة أي أمور تخلّ بهذه الاتفاقيات، يمكن أن يعرّضها لمخاطر قانونية وأيضاً لغرامات تجارية". ويضيف: "أتوقع أن تحافظ قطر على سمعتها كمصدر موثوق لبيع الغاز المسال، لأنه برأيي، في حال هدّدت بفسخ العقود الآجلة، فإن ذلك سيؤدّي إلى امتناع كثيرين عن توقيع عقود آجلة معها في المستقبل".
Getty Images
ويرى الهاجري، أنه إذا كانت قطر تملك من أدوات التحرّك ما يمكّنها من إعادة توجيه صادراتها نحو أسواق آسيوية أو التحالف مع شركاء جدد، فإن هذه البدائل تبقى، حتى اللحظة، ورقة ضغط أكثر منها خياراً استراتيجياً فعلياً. فكما أنه لا يمكن لأوروبا التفريط بمورد حيوي مثل الغاز القطري في مرحلة انتقال حسّاسة بالنسبة للطاقة، تدرك الدوحة بدورها أن الحفاظ على موقعها في السوق الأوروبية يوازي، وربما يفوق، أهمية تنويع الزبائن، بحسب الهاجري.
من هنا، يعتقد الخبير الكويتي في شؤون الطاقة أن المسار المرجّح، هو محاولة الطرفين التوصّل إلى تسوية تقنية وربما سياسية، تتيح تخفيف حدّة التزامات القانون الأوروبي من دون المساس بجوهر أهدافه البيئية والحقوقية.
في الختام، يبدو أن موقف قطر يمثّل اختباراً حقيقياً لقدرة الاتحاد الأوروبي على الموازنة بين أولوياته البيئية ومسؤولياته الاقتصادية. أما فيما يخص التهديد القطري، سواء تحقّق أو لم يتحقق، فهو يُشكّل رسالة سياسية واضحة: لا يمكن بناء نظام استدامة عالمي يقوم على معايير أحادية، بل يجب أن يكون – بحسب الدوحة - ثمرة شراكة متوازنة تحترم السيادة وتراعي الاختلافات الاقتصادية والتنموية بين الدول على اختلافها. وأنه بينما تؤكد قطر استعدادها للتعاون البيئي وتطوير تقنيات خفض الانبعاثات، فإنها ترفض أن تُحمّل الكلفة القانونية والمالية للقانون الجديد. وبالتالي، فإن الرسالة القطرية تبدو جليّة الحفاظ على أمن الطاقة في أوروبا يمرّ عبر توازن المصالح، وليس عبر فرض المعايير الأحادية، وفقا لرؤية الدوحة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


LE12
منذ 2 ساعات
- LE12
شركة 'كونتاي' الصينية تختار المغرب لإقامة مصنع لمنتجات السيارات
بحسب تقرير نشرته صحيفة 'رادار المالية' الصينية، تسعى الشركة من خلال هذا الاستثمار في المغرب إلى تعزيز قدرتها التنافسية على مستوى اللوجستيك تجاه السوق الأوروبية، مستفيدة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة، وانخفاض تكاليف الإنتاج، إضافة إلى الولوج التفضيلي إلى أسواق الاتحاد الأوروبي. أعلنت شركة وجاء الإعلان عن هذا المشروع، في بلاغ رسمي أصدرته الشركة يوم 31 يوليوز 2025، كشفت فيه أن المصنع الجديد سيتم إنشاؤه عبر فرع مملوك لها بالكامل، وسيتولى مهام البحث والتطوير والإنتاج والتوزيع، مع تركيز خاص على صناعة سجاد وأرضيات السيارات. وأكدت الشركة أن هذا الاستثمار لا يُعد صفقة ذات صلة ولا يندرج ضمن عمليات إعادة الهيكلة الكبرى، وقد تمت المصادقة عليه من طرف مجلس الإدارة، ما يعكس توجه 'كونتاي' نحو تعزيز انتشارها العالمي من خلال ثلاث قواعد إنتاجية رئيسية: في الصين، والمكسيك، والمغرب. وتُعد 'كونتاي' من أبرز الموردين العالميين لمكونات السيارات، وتتعاون مع عدد من كبرى شركات صناعة السيارات مثل BYD، Xiaomi Auto، Li Auto، NIO، BMW، Audi، Volvo، Toyota، Honda، Nissan، Tesla، وGeneral Motors. وتشمل تخصصاتها صناعة السجاد الداخلي، أغطية العجلات، وصفائح حماية المحرك. وبحسب تقرير نشرته صحيفة 'رادار المالية' الصينية، تسعى الشركة من خلال هذا الاستثمار في المغرب إلى تعزيز قدرتها التنافسية على مستوى اللوجستيك تجاه السوق الأوروبية، مستفيدة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة، وانخفاض تكاليف الإنتاج، إضافة إلى الولوج التفضيلي إلى أسواق الاتحاد الأوروبي.


اليوم 24
منذ 6 ساعات
- اليوم 24
هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي بعد 80 عاما من قصفها
تحيي اليابان الأربعاء الذكرى الثمانين لالقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، في مراسم يشارك فيها عدد غير مسبوق من الدول وسط دعوات للتخلي عن السلاح النووي في عالم يشهد حربا في أوكرانيا وأزمة في الشرق الأوسط. ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية على هيروشيما في 6 آب/أغسطس 1945 وأخرى على ناغازاكي بعد ثلاثة أيام، وهما الحالتان الوحيدتان في التاريخ التي تم فيهما استخدام الأسلحة النووية في زمن الحرب. وبعيد ذلك استسلمت اليابان، مما أنهى الحرب العالمية الثانية. قضى حوالى 140 ألف شخص في هيروشيما و74 ألفا في ناغازاكي، بينما لقي كثيرون مصرعهم لاحقا بسبب التعرض للإشعاع. من المتوقع أن يحضر ممثلون من 120 دولة وكيان، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، المراسم الأربعاء في هيروشيما، بحسب مسؤولي المدينة. وسيمثل فرنسا النائب الأول في سفارتها في الحفل المقام في هيروشيما والسبت في ناغازاكي. في المقابل، تغيب عن مراسم الأربعاء قوى نووية كبرى مثل روسيا والصين وباكستان. وستكون ايران، المتهمة بالسعي لامتلاك القنبلة الذرية، ممثلة في الاحتفال. وخلافا لعادتها، أشارت اليابان إلى أنها لم « تختر ضيوفها » لهذه المراسم ولكنها « أخطرت » جميع الدول والكيانات بالحدث. وبالتالي، أعلنت فلسطين وتايوان اللتان لا تعترف بهما اليابان رسميا عن حضورهما للمرة الأولى. وقال رئيس بلدية هيروشيما كازومي ماتسوي في تصريح أدلى به الأسبوع الماضي إن « وجود قادة (سياسيين) يرغبون في تعزيز قوتهم العسكرية لحل النزاعات، بما في ذلك امتلاك السلاح النووي، يجعل من الصعب تحقيق السلام العالمي »، في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا والنزاع في الشرق الأوسط. الشهر الماضي، حث رئيس البلدية دونالد ترامب على زيارة المدينة ليرى بنفسه الآثار المدمرة للأسلحة النووية، ردا على مقارنة الرئيس الأميركي بين إلقاء القنبلة الذرية عام 1945 والغارات الجوية الأخيرة على إيران. وقال ماتسوي للصحافيين « يبدو لي أنه لا يدرك حقا ماذا تعني القنبلة الذرية التي تودي بعدد هائل من المواطنين الأبرياء… وتهدد بقاء البشرية ». وهيروشيما باتت اليوم مدينة مزدهرة تعد 1,2 مليون نسمة، لكن وسطها لا يزال يضم أنقاض مبنى يعلوه هيكل معدني لقبة لا تزال قائمة تذكيرا بفظاعة الهجوم. وأكد توشيوكي ميماكي، الرئيس المشارك لمنظمة « نيهون هيدانكيو » اليابانية المناهضة للأسلحة النووية والتي تجمع ناجين من القصف الذري والحائزة على جائزة نوبل للسلام في 2024، على أنه « من المهم أن يجتمع الكثير من الناس في هذه المدينة التي ضربتها قنبلة ذرية لأن الحروب تتواصل » في العالم. وتدعو نيهون هيدانكيو الدول إلى التحرك من أجل التخلص من الأسلحة النووية، مستندة إلى شهادات الناجين من هيروشيما وناغازاكي، الملقبين « هيباكوشا ». واعرب ميماكي عن أمله في « أن يزور الممثلون الأجانب متحف هيروشيما التذكاري للسلام ليدركوا ما حدث » تحت سحابة الفطر الناجمة عن القصف الذري. يشكل نقل ذاكرة « الهيباكوشا » والدروس المستفادة من الكارثة تحديا متزايدا لهذه المنظمة التي تضم ناجين يبلغ متوسط أعمارهم 86 عاما. وقال كونيهيكو ساكوما (80 عاما) الذي كان عمره تسعة أشهر وقت القصف وكان يبعد 3 كيلومترات عنه، لوكالة فرانس برس « أعتقد أن التوجه العالمي نحو عالم خال من الأسلحة النووية سيستمر. جيل الشباب يبذل جهودا لتحقيق ذلك ». وساكوما الذي من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا بعد المراسم، يعتزم مطالبة طوكيو بالانضمام إلى معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية الموقعة في 2017. وترفض طوكيو التوقيع عليها، معتبرة أن الهدف منها غير قابل للتحقيق دون مساعدة القوى النووية. وفي ناغازاكي، من المتوقع أن يحضر المراسم السبت عدد قياسي من الدول، من بينها روسيا وذلك للمرة الأولى منذ هجومها في أوكرانيا في 2022. العام الماضي، قررت ناغازاكي عدم دعوة السفير الإسرائيلي لحضور المراسم السنوية في هذه المدينة، مما دفع السفير الأميركي لدى اليابان إلى مقاطعة الحفل. وقال رئيس بلدية ناغازاكي شيرو سوزوكي للصحافيين آنذاك إن القرار « ليس له دوافع سياسية » بل هو إجراء أمني تحسبا لأي اضطرابات محتملة، مثل الاحتجاجات المتعلقة بالنزاع في الشرق الأوسط وغزة. وقال مسؤول في ناغازاكي لوكالة فرانس برس، « حرصنا هذا العام على أن يحضر المشاركون بأنفسهم ليعاينوا عن قرب حجم الكارثة التي يمكن أن يخلفها السلاح النووي ».


المغرب اليوم
منذ 7 ساعات
- المغرب اليوم
شركة TSMC تبدأ اجراءات ضد تسريب أسرار رقائق الذكاء الاصطناعي
بدأت شركة "TSMC"، المُنتج الرئيسي عالميًا لرقائق الذكاء الاصطناعي المُتقدِّمة، إجراءات قانونية واتخذت تدابير تأديبية ضد موظفين متورطين في تسريبات محتملة لأسرار تجارية، وذلك بعد اكتشاف أنشطة غير مُصرَّح بها خلال عمليات المراقبة الروتينية. وقالت شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC)، في بيان مُرسَل عبر البريد الإلكتروني إلى "رويترز" يوم الثلاثاء، إن "آليات المراقبة الشاملة والقوية" التي تعتمدها مكّنتها من الكشف المُبكر عن المشكلة، ما أدى إلى تحقيقات داخلية سريعة واتخاذ إجراءات صارمة ضد الموظفين المعنيين.وأضافت "TSMC" أن القضية تخضع حاليًا للمراجعة القضائية مما يمنع الشركة من تقديم المزيد من التفاصيل. وكانت مجلة نيكي آسيا ذكرت سابقًا أن الخرق شمل عددًا من الموظفين السابقين المُشتبه في محاولتهم الحصول على معلومات ملكية حساسة حول تقنية تصنيع رقائق "TSMC" بدقة 2 نانومتر. وجاء في تقرير للمجلة أنه لا يزال من غير الواضح ما الذي كان ينوي الموظفون السابقون فعله بهذه المعلومات، أو ما إذا كانت قد سُرِّبَت إلى جهات خارجية، حيث لا تزال التحقيقات جارية لتحديد نطاق التسريب، وما إذا كانت هناك جهات أخرى متورطة في الأمر. وتُعد تقنية رقاقات 2 نانومتر من "TSMC" الأكثر تطورًا في صناعة أشباه الموصلات من حيث الكثافة -التي تحسن قدرة المعالجة وحجم الشريحة- وكفاءة الطاقة، وفقًا لموقع الشركة الإلكتروني. وأكدت "TSMC"، ومن بين عملائها البارزين شركات "إنفيديا" و"أبل" و"كوالكوم"، على سياستها بعدم التسامح مطلقًا مع انتهاكات الأسرار التجارية، مشددة على أنها ستُلاحق المُخالفين بأقصى ما يسمح به القانون. وحصلت "TSMC" مؤخرًا على عقد لتوريد 300,000 شريحة "H2O" من "إنفيديا".