
زيارة ترامب.. الإمارات تعيد تشكيل التوازنات الإقليمية
جاءت زيارة ترامب إلى العاصمة الإماراتية بعد أشهر فقط من فوزه بولاية ثانية، في لحظة تشهد فيها المنطقة سباقًا بين مشاريع النفوذ، وتبدلًا في معادلات القوة التقليدية، وتطلعًا من واشنطن إلى رسم دور مختلف عن السياسة الأميركية التي سادت خلال العقد الأخير.
أبوظبي.. من قوة اقتصادية إلى محور استراتيجي
في هذا السياق، قال الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني نضال خضرة خلال حديثه إلى سكاي نيوز عربية إن " أبوظبي باتت تلعب دورا أكثر ديناميكية، متجاوزة الحدود الاقتصادية إلى التأثير السياسي والأمني في المنطقة".
خضرة أشار إلى أن الزيارة تأتي ضمن سياق واضح لإعادة تموضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، معتبراً أن الإمارات لم تعد مجرد حليف لوجستي أو مركز اقتصادي، بل باتت تشارك في بلورة استراتيجيات إقليمية وأمنية.
وأوضح: "الإمارات تتعامل الآن من منطلق الشراكة لا التبعية، وهي توازن بين الانفتاح السياسي والانخراط الأمني دون المغامرة أو التهور".
التحول في دور الإمارات جاء نتيجة مسار طويل من تعزيز الكفاءة الدبلوماسية والاستثمار الذكي في الملفات الإقليمية الحساسة، ما جعل أبوظبي اليوم قادرة على التحدث بلغة المصالح مع جميع الأطراف، بما في ذلك واشنطن وطهران وموسكو.
ذهب نضال خضرة بعيداً في تحليل أبعاد زيارة ترامب ، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي يتطلع بجدية إلى جائزة نوبل للسلام ، وهو ما قد يفسر سعيه إلى طرح مبادرة لوقف إطلاق النار في غزة.
ترامب يعيد تشكيل الدور الأميركي
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي حسين عبد الحسين إن "ترامب عاد إلى الخليج ليؤكد أن الفراغ الذي تركته الإدارات السابقة لن يستمر".
وأضاف عبد الحسين أن الزيارة لا تعني فقط دعما للعلاقات الثنائية، بل تحمل في طياتها رسائل أبعد، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي يسعى إلى بناء محور جديد من الحلفاء الإقليميين.
وتابع: "الزيارة تمثل تحولا من سياسة الانكفاء إلى سياسة الانخراط المشروط، حيث تسعى واشنطن إلى استخدام أدواتها الاقتصادية والدبلوماسية لبناء تحالفات صلبة دون التورط العسكري المباشر".
وأشار عبد الحسين إلى أن دول الخليج تملك أصولا سيادية تقارب 4.9 تريليون دولار، وتمثل نحو 37% من احتياطات النفط و33% من احتياطات الغاز العالمية.
كما أكد أن الإمارات باتت في مقدمة الدول عالمياً في تقنيات الذكاء الاصطناعي ، وهو ما يفسر اهتمام ترامب بتعزيز الشراكة معها.
وأضاف عبد الحسين: "الإمارات اليوم تحظى بإجماع سياسي دولي غير مسبوق. من بايدن إلى بوتين ، من ماكرون إلى شي جينبينغ ، الكل يصف الشيخ محمد بن زايد بأنه قائد استثنائي. وهذا يضع الإمارات في قلب معادلة الدبلوماسية العالمية الجديدة.
أحد أبرز محاور التحليل للزيارة يتمثل في الرسائل غير المباشرة التي وجهها ترامب إلى طهران. وهو ما أكده المستشار السابق لوزارة الخارجية الأميركية، براين هوك، الذي قال: "ترامب يدرك أن إيران لم تتغير، وأن تقويض نفوذها في الخليج لا يكون عبر المواجهة المفتوحة، بل عبر تقوية الحلفاء وتعزيز منظومة الردع".
هوك أشار إلى أن أبوظبي أصبحت أكثر من مجرد عاصمة اقتصادية، بل قاعدة متقدمة للردع الناعم، حيث تشارك بفاعلية في التصدي للتهديدات العابرة للحدود، وتستثمر في التكنولوجيا والدفاع والأمن السيبراني.
وأكد هوك أن واشنطن تعمل على "مقاربة مزدوجة"، تجمع بين الردع الصارم والتحالفات الإقليمية الجديدة، وأن ترامب يرى أن الإمارات والسعودية تشكلان حجر الأساس في هذه الاستراتيجية.
في مداخلة لافتة، قالت السفيرة الأميركية السابقة في الإمارات، مارسيل وهبة، إن سوريا كانت حاضرة بقوة في محادثات ترامب في أبوظبي، مشيرة إلى أن إدارة ترامب تسعى إلى إشراك الإمارات في إعادة إعمار سوريا ، وتعزيز الحلول السياسية التدريجية.
وأضافت: "الإمارات باتت قناة تواصل فعالة مع دمشق، ويمكن أن تلعب دورًا محوريًا في إعادة ربط سوريا بالمجتمع العربي، بعيدًا عن النفوذ الإيراني".
تحليل وهبة يتقاطع مع الرؤية العامة للزيارة، التي تُظهر سعي واشنطن إلى توظيف الدور الإماراتي في ملفات معقدة تتطلب توازنًا بين الحزم والانفتاح.
وتُعدّ سوريا نموذجًا لهذا النوع من الملفات، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى حل تدريجي طويل الأمد، مدعوم إقليميًا.
التحليل العام للزيارة يعكس واقعًا جديدًا في الشرق الأوسط، تقوم فيه بعض العواصم الخليجية، وعلى رأسها أبوظبي، بدور يتجاوز الجغرافيا إلى التأثير العالمي.
وقد استطاعت الإمارات أن تخلق لنفسها مساحة مستقلة، تجمع بين الصلابة الأمنية والانفتاح الاقتصادي.
وفي ظل هذا الواقع، لم يكن غريبًا أن يختار ترامب أبوظبي كمحطة رئيسية في جولته الخليجية، لما تحمله من رمزية متقدمة على صعيد الأمن، والاقتصاد، والدبلوماسية، والتكنولوجيا.
تشير زيارة ترامب إلى أبوظبي إلى أن المنطقة تدخل مرحلة جديدة من التوازنات، تقوم على شراكات وتحالفات وعلى تبادل المصالح لا التبعية.
وفي هذا الإطار، تبدو الإمارات مستعدة للعب دور محوري، اعتمادًا على رصيدها من العلاقات والخبرة، واستنادًا إلى رؤيتها الاستراتيجية في مقاربة التحديات الإقليمية والدولية.
الزيارة كانت رسالة واضحة مفادها أن الخليج لم يعد على هامش السياسات الكبرى، بل في صلب التحولات، وأن الإمارات، تحديدا، باتت تمتلك مفاتيح التأثير، ليس فقط في محيطها، بل في صياغة المشهد الدولي المقبل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 25 دقائق
- البيان
«النواب الأمريكي» يقر مشروع قانون ترامب لخفض الضرائب
وقال مكتب الموازنة في الكونجرس، وهو مكتب غير حزبي، إن مشروع القانون سيحقق الكثير من تعهدات ترامب الانتخابية الشعبوية وسيمنح إعفاءات ضريبية جديدة على قروض السيارات وسيزيد الإنفاق على الجيش وحرس الحدود وسيرفع ديون الحكومة الاتحادية البالغة 36.2 تريليون دولار بنحو 3.8 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل. وأقر المجلس ما وصفه ترامب بـ«مشروع القانون الكبير والجميل» بموافقة 215 صوتاً مقابل 214 بعد أن صوت كل الديمقراطيين وجمهوريان في المجلس ضده وصوت جمهوري ثالث بأنه «حاضر»، أي لا مع مشروع القانون ولا ضده.وسيحال مشروع القانون الآن إلى مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ومن المرجح أن تجرى عليه تغييرات خلال مناقشات تستمر أسابيع.


الإمارات اليوم
منذ 38 دقائق
- الإمارات اليوم
رعاية الطفولة في مجمع الفقه الإسلامي
كانت الطفولة حاضرة في مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي 26 في دولة قطر، للمرة الثانية في أجندة مجمع الفقه الإسلامي؛ لما للطفولة من الأهمية في الإسلام، وقد كتب فيه 28 باحثاً كتابات فقهية وتربوية، فإن الطفولة هي المستقبل المنشود لصلاح الدين والدنيا، ولذلك اعتنى بها الإسلام عناية كبيرة أمراً بوجوب التربية الحسنة، كما في قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم: «والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها»، ومن منطلق هذه المسؤولية كان لابد من تحديد موضوعات المسؤولية وواجباتها، وما يتعين أن ينشَّأ عليه الأطفال، وما لهم من الحقوق على الوالدين والمجتمع، فكان ذلك في هذا المؤتمر النافع الذي كان من مخرجاته القرار رقم 256، وقد نص على تحميل الأسرة والمجتمع والدولة المسؤولية الشرعية والقانونية والإنسانية في رعاية الطفل والحفاظ على هويته الإسلامية والوطنية، وعلى وجوب حماية الطفل من كل ما يؤدي إلى انتهاك حرمته وكرامته، كالابتزاز المتمثل في ممارسة الضغط والتهديد المادي والمعنوي عليه، والتَّنمُّر بوصفه إساءة مادية ومعنوية، والتحرش اللفظي والجنسي والإلكتروني، والتعنيف بمختلف صوره، ونص على أن حق الوالدين في التأديب المشروع ليس من التعنيف، وعلى وجوب حماية الطفل أثناء النزاعات المسلحة والحروب والكوارث، وفي أماكن اللجوء والنزوح، وعلى وجوب حماية هوية الطفل الجنسية، بما يضمن سلامة فطرته الإنسانية، كما نص على وجوب تنشئة الأطفال قِيمياً وأخلاقياً لضمان سلامتهم وحمايتهم عند استعمال الأجهزة الرقمية، كما نص على وجوب رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، والسعي نحو دمجهم في مجتمعاتهم، وتوفير البيئة المناسبة لذلك. ولا ريب أن هذه الواجبات هي جوهر ما يجب للأطفال في هذا العالم المفتوح، حتى ينشأوا نشأة تُقر الأعين، وتحمي الذمار، وتتقي العار. إن العالم اليوم يشهد انتقالاً من حياة بسيطة إلى حياة معقدة لا يمكن أن يكون الطفل صالحاً لنفسه ووطنه وأهله إلا بتحقيق هذه الواجبات، والعمل الجاد على صقل مهارته بما يحقق له الحياة الكريمة المنشودة، فإن لم تفعّل هذه الواجبات فإن وسائل الانحراف الفكري والأخلاقي، فضلاً عن الديني والوطني، بالمرصاد لكل طفل لا ينال هذه العناية الواجبة شرعاً وعقلاً، وعندئذ سيكون وبالاً على أهله ومجتمعه ووطنه. لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه


الإمارات اليوم
منذ 38 دقائق
- الإمارات اليوم
منصور بن محمد يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة تنمية المجتمع و«مسير»
شهد سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس اللجنة العليا لحماية حقوق أصحاب الهمم، توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة تنمية المجتمع في دبي ومبادرات «مسير» التابعة لمؤسسة أولادنا، بهدف تعزيز التنسيق المجتمعي، وتوسيع دائرة الشراكات المؤسسية في دعم وتمكين أصحاب الهمم، من خلال برامج ومبادرات ثقافية وتوعوية، تفتح مسارات جديدة للاندماج والمشاركة المجتمعية الفاعلة. وقّعت المذكرة عن الهيئة المدير التنفيذي لقطاع التمكين المجتمعي، ميثاء محمد الشامسي، وعن مبادرات «مسير» المدير العام للمبادرات، بدور سعيد الرقباني، بحضور عدد من ممثلي الجهات الحكومية والمجتمعية ذات العلاقة. وأكدت مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، حصة بنت عيسى بوحميد، أن الشراكة مع «مسير» تمثل نموذجاً فاعلًا لتوسيع الأثر الاجتماعي عبر أدوات التوعية والتمكين المجتمعي، وقالت: «دبي تنطلق من رؤية واضحة في أجندتها الاجتماعية (33)، تؤمن بأن التلاحم المجتمعي لا يتحقق إلا بإشراك جميع فئات المجتمع، وفي مقدمتها أصحاب الهمم، هذه الشراكة تسهم في بناء بيئة ثقافية واجتماعية تتيح التعبير عن القدرات، وتفتح المجال أمام فرص المشاركة المجتمعية الهادفة»، وأوضحت ميثاء الشامسي أن المذكرة تمثل امتداداً لنهج الهيئة في إشراك المجتمع المدني في تحقيق الأثر، وقالت: «من خلال التعاون مع (مسير)، نعمل على تطوير مبادرات نوعية في التوعية والثقافة والفن، تفتح المجال أمام أصحاب الهمم ليكونوا جزءاً حيوياً من النسيج المجتمعي، وهو ما يتماشى مع التوجهات الحكومية في جعل العمل المجتمعي التخصصي إحدى ركائز التنمية المستدامة». من جهتها، أكدت بدور سعيد الرقباني أن هذه الشراكة تُشكّل أساساً لتفعيل دور أصحاب الهمم كقادة رأي ومساهمين في الحراك الثقافي والاجتماعي، وقالت: «نعمل مع هيئة تنمية المجتمع على تصميم مبادرات تحتفي بالهوية وتُبرز التنوع، مثل حفل الموهوبين وأسبوع الأصم العربي وخلوات أصحاب الهمم. ونسعى إلى إيصال رسائل التمكين من خلال الفعل والتفاعل المجتمعي المباشر». وبموجب مذكرة التفاهم، يعمل الطرفان على تنفيذ برامج ومبادرات معرفية وثقافية مشتركة، تشمل تنظيم فعاليات مجتمعية لرفع الوعي مثل «أسبوع الأصم العربي» و«اليوم العالمي للغة الإشارة»، وكذلك تطوير برامج تكشف عن المواهب والقدرات الفنية لأصحاب الهمم، وعقد خلوات حوارية تجمع أصحاب الهمم مع ممثلي الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات النفع العام، كما تشمل تبادل المعرفة والخبرات والدراسات ذات العلاقة بمجالات الدمج والتوعية المجتمعية. وتُعد هذه الشراكة خطوة داعمة لتحقيق مستهدفات أجندة دبي الاجتماعية (33)، لاسيما في محاور العدالة الاجتماعية، وإشراك الفئات الأكثر عرضة، وتفعيل الأثر المجتمعي عبر التوعية والتمكين. حصة بوحميد: • الشراكة تسهم في بناء بيئة ثقافية واجتماعية تفتح المجال أمام فرص المشاركة المجتمعية الهادفة. بدور الرقباني: • تفعيل دور أصحاب الهمم كقادة رأي ومساهمين في الحراك الثقافي والاجتماعي