logo
كيف تجهّزين جسمك قبل عيد الأضحى؟ اختصاصية تغذية تُجيبك

كيف تجهّزين جسمك قبل عيد الأضحى؟ اختصاصية تغذية تُجيبك

مجلة سيدتيمنذ 2 أيام

قبل نحو أسبوع من موعد حلول عيد الأضحى المبارك، لا بد من الاهتمام بصحتنا أكثر من خلال الغذاء الصحي وتكثيف الأنشطة الرياضة والحركة اليومية، التركيز على ترطيب الجسم وتغذيته على نحو جيد.. هكذا استهلت اختصاصية التغذية الحائزة على ماجستير في الصحة العامة لمى غبالي نبوت ، عيادة Glama، حديثها لـ"سيّدتي"، وأجابت عن سؤال"كيف تجهّزين جسمك قبل عيد الأضحى؟" ، وأكدت على ضرورة اتباع الإرشادات والنصائح التالية خلال احتفاليات عيد الأضحى كذلك.
التركيز على الترطيب
بقاء الجسم رطباً على قدر من الأهمية لعملية الأيض. لذلك يُنصح بشرب كوب من الماء قبل نصف ساعة من كل وجبة. كما تناول الماء بين الوجبات؛ وذلك لتجنّب الخلط بين الشعور بالعطش والشعور بالجوع. ولأن الماء يُساهم في المساعدة على التخفيف من الكمية التي سنتناولها في كل وجبة.
مع الحرص على تناول ما لا يقل عن 8 أكواب من الماء يومياً موزعة على أوقات النهار كما أشرنا. ويمكن رفع هذه الكمية إذا كان الطقس حارّاً وعند القيام بمجهود بدني يؤدي إلى تعرّق الجسم.
الأكل الواعي
يُنصح دائماً باتباع طريقة الـMindful eating أي الأكل الواعي عند الجلوس إلى مائدة الطعام، بمعنى تناول الطعام ببطء ومضغ الطعام جيداً (نحو 20 مرة ليصبح مطحوناً قبل بلعه)، وذلك لأن عملية الهضم تبدأ من الفم.
قد تهمك قراءة فوائد الزنجبيل مع الليمون للدورة الدموية وعلاج الكولسترول وفق اختصاصية
التحدث أثناء الوجبات
خلال المناسبات الاجتماعية المختلفة مع العائلة أو الأصدقاء على طاولة الطعام، قد يكون من الجيد تبادل الأحاديث ومشاركة الأفكار Socializing، ونضع الشوكة والسكين في الطبق بين كل لقمة وأخرى، وكذلك المباشرة دائماً بطبق من السلطة والمقبلات المحضرة من الخضروات، كونها تؤمن الشعور بالشبع بفضل غناها بالألياف الغذائية.
عدم حذف أي وجبة
لا يجب حذف أي وجبة من الوجبات الرئيسة خلال اليوم، حتى ولو كنا نحضر أنفسنا للذهاب إلى غذاء أو عشاء، لأن ذلك يجلعنا في حالة من الجوع، فنفقد السيطرة على شهيتنا، ونأكل كميات أكبر، فيما الجسم يمتص الطعام بسرعة ويحوله إلى دهون في هذه الحالة، لأنه يكون أيضاً في حالة من الجوع؛ الأمر الذي يجعلنا عرضةً لزيادة الوزن.
ربما يكون من الجيد مطالعة خطوات بسيطة بدون حرمان لتخفيف الوزن قبل عيد الأضحى.. برأي اختصاصية
التركيز على تناول الألياف
تناول العناصر الغذائية الغنية الألياف بوفرة، مثل الخضروات والنشويات المحضرة من الحبوب الكاملة والفواكه (بكميات معتدلة نظراً لغنى الفواكه بالسكر)؛ لأن ذلك يخفف من حالة الجوع ويجعل الجسم رطباً كذلك، كون الخضروات والفواكه غنية بالماء.
تَصفُح قائمة الطعام
في حال كنا مدعوين لتناول الغداء في مطعم، لا بأس من تصفح قائمة الطعام الخاصة بالمطعم عبر الإنترنت (إذا كانت متوفرة على صفحتهم). يمكننا أيضاً التواصل مع المطعم للاستفسار عن الأطباق المقدّمة. هذه الخطوة تساعدنا على التخطيط المسبق لما سنأكله واحتساب السعرات الحرارية التي سنتناولها خلال هذا اليوم.
استبدال وجبة بأخرى
إذا كنا مدعوين إلى العشاء، من الأفضل أن نستبدل وجبة العشاء بالغداء، أي نتناول وجبة العشاء الخفيفة (قطعة توست مع ملعقة لبنة أو قطعة جبنة بيضاء..) في وقت الظهر، ونتناول وجبةً خفيفةً أو سلطة خضروات ملونةً مع قليل من زيت الزيتون والليمون الحامض، قبل الذهاب إلى الدعوة. بهذه الطريقة، لا نصل إلى الوجبة المدعوين إليها ونحن في حالة جوع شديد، ونتمكن من السيطرة بشكل أفضل على كمية الطعام التي نتناولها.
تجنّب السوائل خلال الطعام
كذلك يُفضل عدم شرب كميات كبيرة من السوائل أثناء الأكل، لأن ذلك يساعد الجسم في عملية الهضم. كما يُنصح بعدم تناول كميات كبيرة من الطعام، خصوصاً في وجبة العشاء، وعدم تناول الحلويات بعد الوجبة مباشرة ثم الذهاب إلى النوم، لأن ذلك قد يسبب اضطراباتٍ في النوم وأحلاماً مزعجة.
تذوق الحلويات بوعي
عدم تناول الحلويات في الفترة التي تسبق العيد. وتناولها باعتدال ووعي في فترة العيد، لأن الحلويات العربية خصوصاً غنية ب السعرات الحرارية (قطعة صغيرة نحو 200 سعرة حرارية فما فوق).
وخلال الزيارات يُنصح بتناول قطعة واحدة من أنواع الضيافة المختلفة فقط، على أن نختارها صغيرة الحجم.
تحضير الطعام بطريقة صحية
إن العمل على اختيار طرق الطهي الصحية، مثل الشواء والسلق والبخار والتقليل من الملح والدهون، مهمة جداً لإدارة الوزن، وخسارته أيضاً. كما أنها مهمة أيضاً للأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة وأمراض القلب.
النشاط والحركة
نشدد دائماً على أهمية الحركة والنشاط. أي المواظبة على ممارسة الرياضة وعدم إهمالها بحجة العيد.
وإذا كان الفرد لا يُمارس الرياضة عادةً، فمن الضروري زيادة معدل نشاطه اليومي وحركته (6 آلاف خطوة على الأقل في اليوم)، حسب العمر وصحة الجسم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي؟
هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي؟

الشرق الأوسط

timeمنذ 32 دقائق

  • الشرق الأوسط

هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي؟

تصاعد التحذيرات والتسريبات والتقديرات الاستخباراتية حول احتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية، في حال فشل المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، يعيد تعريف الخطوط الحمراء بشأن ما تعتبره إسرائيل «تهديداً وجودياً» لها، في ضوء متغيرات إقليمية ودولية عميقة. الحديث عن «ضربة وشيكة» لم يعد مجرد تكهنات صحافية، أو من أدبيات التوتر المعتاد بين الطرفين، بل بات مادة لتقارير استخباراتية، وتصريحات مباشرة وغير مباشرة من مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، ونقاشات مفتوحة في مراكز التفكير حول العالم. والأهم هو ما يرصده خبراء عسكريون من مناورات جوية وتحركات ذخيرة دقيقة، وتموضعات تشير إلى أن إسرائيل قد تكون قادرة على تنفيذ ضربة خلال سبع ساعات من اتخاذ القرار؛ ما يترك هامشاً زمنياً ضيقاً لأي تدخل أميركي محتمل. فهل نحن فعلاً أمام ساعة الصفر، أو أن ما يجري لا يزال جزءاً من لعبة الرسائل المعقدة التي تبعث بها إسرائيل والولايات المتحدة للضغط على إيران؟ وهل السياق الأوسع، لا سيما ما تغير على مستوى موازين القوى في المنطقة، يعزز احتمال الضربة أو يضعفه؟ إيران، رغم استمرارها في تخصيب اليورانيوم بنسبة تقترب من العتبة العسكرية (60 في المائة)، فقدت الكثير من مخالبها بعد الضربات القاسمة التي تعرض لها وكلاؤها الإقليميون، لا سيما «حزب الله» و«حماس»، وأفقدتهم جزءاً كبيراً من قدرات الردع والإسناد. كما أن الضربات الإسرائيلية المركّزة التي استهدفت منشآت عسكرية واستخباراتية إيرانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، والانفجارات الغامضة في ميناء شهيد رجائي في أبريل (نيسان) الفائت التي دمرت مخزون الوقود الصلب المُشغل للصواريخ الباليستية، تركت أثراً واضحاً على جاهزية طهران وقدرتها على التصعيد غير المتكافئ. يشكل هذا التأكُّل في أدوات الردع الإيرانية أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الخيار العسكري الإسرائيلي أكثر احتمالاً، لا سيما مع وجود حكومة إسرائيلية تُعرّف الأمن الوطني بمنطق «الوقاية الوقائية»، وتقدم أحياناً الحسابات العسكرية على الحسابات السياسية. زِد على ذلك أن الإجماعات الإسرائيلية تغيرت جذرياً بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، بحيث باتت الغريزة الحاكمة أن التهديدات الوجودية، مثل البرنامج النووي الإيراني، لا تحتمل الانتظار أو الرهان على المسارات الدبلوماسية البطيئة. وعليه، يُفهم تلويح واشنطن لتل أبيب بسحب التنسيق العسكري والدبلوماسي في حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ الضربة خارج الإطار الزمني الذي تحدده الإدارة الأميركية، وعلى نحو يتعارض مع المسار التفاوضي الجاري مع طهران. ويعزز الانطباع أن في الولايات المتحدة من ينظر بجدية بالغة إلى احتمال توجيه ضربة إسرائيلية لإيران. تلتقي المواقف العربية المحورية مع هذا التوجه؛ إذ أبدت عواصم رئيسية في المنطقة رفضها الصريح لأي خيار تصعيدي إسرائيلي يبدد فرصة الحلول الدبلوماسية، كما نقلت هذه الدول رسائل مباشرة إلى طهران، تحثها فيها على التجاوب مع مسار التهدئة وتجنب الانزلاق إلى مواجهة أوسع، قد تكون مدمرة لجميع الأطراف. يؤمل لهذه المظلة الأميركية - العربية أن تضعف احتمال التصعيد العسكري. فنتنياهو، مهما بدا واثقاً بقدرة بلاده على التحرك المنفرد، يدرك تماماً أن أي خطوة كبرى دون غطاء أميركي، وبالتعارض الحاد مع مصالح دول إقليمية وازنة، قد تكلّف إسرائيل ثمناً استراتيجياً باهظاً. وما يزيد المشهد تعقيداً هو أن الضربة الإسرائيلية، إن حصلت، لن تكون «جراحية» بالمعنى الكلاسيكي؛ فالمعلومات المتداولة تفيد بأنها ستكون عملية تمتد لأيام، تستهدف عدة مواقع ومنشآت في عمق إيران، وهو ما يعني أن احتمال الانزلاق إلى تصعيد مفتوح سيظل قائماً، ويفرض على إسرائيل حسابات أمنية ودفاعية معقدة، حتى لو لم يرتقِ الرد الإيراني المباشر إلى ما يُخشى منه. وإن كان ترمب لا يمانع تسريب تهديدات إسرائيلية عبر الإعلام لإبقاء الضغط على الطرف الإيراني، فإن ذلك لا يعدو كونه التقاءً مؤقتاً بين الحسابات الإسرائيلية والأميركية، لا يتجاوز الاستثمار في التلويح بالخطر. فالأكيد أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يفضل إنجاز اتفاق نووي «جيد» يقي الولايات المتحدة الانجرار إلى مواجهة إقليمية، خدمة لحساباته السياسية الداخلية والانتخابية، وخدمة لحساباته الشخصية، ورغبته في الحصول على أكبر عدد من ميداليات السلام، لا سيما «جائزة نوبل». ولكن، سواء أقدمت إسرائيل على الضربة أو لا، فإن ما يجري حالياً يكشف عن تغيرات جوهرية في قواعد اللعبة: فإيران التي كانت تردع عبر وكلائها، باتت أقل قدرة على ذلك. وإسرائيل التي كانت تنتظر الضوء الأخضر الأميركي، باتت تمتلك هامشاً أكبر للحركة. والولايات المتحدة التي كانت تمسك بكل الخيوط، باتت أسيرة حسابات «أميركا أولاً». إنها لحظة الحقيقة، بكل ما تعنيه من مخاطرة واستشراف. فإما أن تنجح الدبلوماسية في احتواء الانفجار عبر حل حقيقي ومستدام، أو نشهد أول فصول مواجهة قد تغيّر وجه الشرق الأوسط لعقود مقبلة.

إيقاع الفرج
إيقاع الفرج

الشرق الأوسط

timeمنذ 32 دقائق

  • الشرق الأوسط

إيقاع الفرج

في سوريا ولبنان رئيسان جديدان لا يعطيان البروتوكول أي أهمية خارج الضرورة القصوى. خلال بضعة أسابيع قام أحمد الشرع بزيارات فاقت عدد الزيارات التي قام بها بشار الأسد في ربع قرن. وفي الفترة نفسها قام جوزيف عون بزيارات عمل شملت العراق والكويت معاً، وهو ما لم يحدث من قبل، لأن رئيس لبنان كان يحتاج إلى إذن خاص من نظام الأسد للقيام ببعض الزيارات. وذات مرة اضطر ياسر عرفات للعودة من موسكو إلى القاهرة ليطير منها إلى الصين لأن العلاقة بين روسيا والصين كانت «العياذ بالله». تجاهل الرئيسان، الشرع وعون، كل التفاصيل التي لا معنى لها في أيام دقيقة وحالة حرجة، معظم زيارات الرئيس عون تمت في يوم واحد. وكان يعود إلى بيروت ليستأنف عمله. وبعض هذه الأعمال لا علاقة لها بالرئيس، أو بمهامه، لكن تلك الطريقة الوحيدة للقفز فوق البيروقراطيات المهترئة، والمظاهر الفارغة. أمضى الرئيس السابق ميشال عون 6 سنوات بطيئة، باهتة، تردت خلالها علاقات لبنان التاريخية حتى القعر. وقرر أحمد الشرع، الذي لا يعرفه أحد، أن يعرِّف هو بنفسه، وأن يزيل ما استطاع من غموض حول شخصه، وحرص على أن يبعد عن صورته نواب التصفيق في مجلس الشعب. وبرغم انحطاط السياسة في لبنان، فإن هذه الفرقة لم تظهر في بيروت. على الأقل في العلن. بعد 6 سنوات من الحركة البطيئة مع ميشال عون، تغير إيقاع العمل الرسمي في لبنان، وعادت الابتسامة العفوية إلى القصر. ولم يعد رئيس الوزراء يمثل متجهماً في حضرة رئيس جمهورية مكفهر. منذ سنوات، أو عقود، لم تنفرج مظاهر الحكم في دمشق بهذه الطريقة. والرئيس يُحترم، لكنه لا يرعب. والناس تخاف الحكم. وتخاف بعضها، لكنها لا تعتبر الابتسامة مؤامرة على الاستقرار. طبعاً العرب تعلموا (أو تعودوا) عبر السنين، ألا يبالغوا في التفاؤل. لكن سوريا ولبنان دولتان «مفتاحان» عبر العصور. ونادراً ما استدام فيهما التفاؤل. وكل خطوة متفائلة اليوم، يرافقها ألف ميل من الحذر والتردد. وألف عام من الأمل. وبقدر ما نحن معنيون في القطر اللبناني الشقيق، كلما شعرت سوريا بالارتياح، شعرنا بالفرج.

الشرق الأوسط عند مفترق طرق
الشرق الأوسط عند مفترق طرق

الشرق الأوسط

timeمنذ 32 دقائق

  • الشرق الأوسط

الشرق الأوسط عند مفترق طرق

تدخل المنطقة لحظة فارقة تقترب من حسم تاريخي طويل التأجيل، وسط انهيار تدريجي لمحور شمولي لطالما تغذّى على الآيديولوجيا والميليشيات وتصدير الأزمات. فالمشروع الإقليمي الذي استثمر لسنوات في الفوضى والسيطرة بالوكالة بدأ بالتراجع، ليس فقط تحت وطأة الضغوط الإقليمية والدولية، بل بفعل التآكل الداخلي في أدواته وشبكاته، حيث تتكشف هشاشته أمام اختبارات الدولة الحديثة وممكنات التغيير العميق. ولم تعد الشعارات المكرّرة، ولا القوة الميليشياوية قادرتين على إنتاج استقرار أو بناء سيادة حقيقية، بل أصبح ذلك عبئاً على الشعوب، وعقبة أمام اللحاق بموجة التحديث والإصلاحات المؤسسية التي باتت خياراً لا مفر منه. وفي مواجهة هذا الفراغ، تتقدّم دول الاعتدال، وفي مقدّمتها السعودية، بنموذج بديل يعيد الاعتبار لمنطق دولة المواطنة، ويقدّم مقاربة أمنية تنموية متكاملة تتجاوز المعالجات الظرفية أو الخطابات الآيديولوجية الجوفاء، نموذج يربط بين الاستقرار ومكافحة التطرف من جهة، وبين التنمية المستدامة وبناء تحالفات واقعية من جهة أخرى، من دون الارتهان للمظلات الخارجية أو التورط في محاور متصارعة. لقد أفرزت هذه الرؤية مساراً استباقياً ومتعدد المسارات، تُبنى فيه السياسات على إدارة الفراغات التي خلّفها انسحاب اللاعبين الدوليين، لا سيما في سوريا ولبنان، وعلى تفكيك منطق التبعية والوكالة الذي كان السمة الأبرز للمشروع الإيراني منذ بداياته. وفي هذا السياق، لا يمكن فهم التحولات الجارية في لبنان وسوريا إلا بأنها جزء من هذا الانتقال نحو شرق أوسط جديد. ففي لبنان، ورغم استمرار التعثّر في بناء دولة مركزية تتجاوز نموذج «الدولة داخل الدولة»، بدأت بنية «حزب الله» تتعرض لتآكل غير مسبوق، نتيجة لمعادلة أمنية إقليمية جديدة تفرضها الوقائع لا التوازنات القديمة. ومع انتخاب قيادة سياسية لبنانية أكثر توافقاً مع منطق الدولة، وبروز دعم دولي صريح لاستعادة القرار السيادي، يتحول الجنوب اللبناني من ساحة نفوذ إيرانية إلى منطقة اختبار حقيقي لجدوى إعادة التأسيس الجديد المبني على المواطنة. في المقابل، تخوض سوريا اليوم معركة مزدوجة: مواجهة بقايا «تنظيم داعش»، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة ضمن مسار شديد التعقيد، سواء في استيعاب كل المكونات أو التخلص من حالة الثورة للدولة، وعلى رأس ذلك ملف المقاتلين الأجانب، وسوريا تسع السوريين دون تمييز. ما يعقّد هذا المشهد هو الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأميركي، وتراجع قدرة الشركاء المحليين، خصوصاً قوات سوريا الديمقراطية، على ضبط السجون والمخيمات التي تضم آلاف المتشددين وعائلاتهم. وتدل المؤشرات على نمط جديد من التمرد المرن، كما ظهر في هجوم الميادين الأخير، ما يشي بأن التنظيم يتأقلم مع المتغيرات ويستغل الثغرات؛ لذا فإن تحدي «داعش» لم يعد شأناً محلياً، بل هو تهديد إقليمي يتطلب تنسيقاً متعدد الأطراف، لا سيما مع الانكشاف الأمني في مناطق مثل دير الزور ومحيطها. من هنا، تبرز أهمية النموذج السعودي بوصفه رافعة إقليمية لإعادة صياغة تحالف مكافحة الإرهاب، لا بوصفه التزاماً أمنياً، بل بأنه جزء من مشروع إقليمي أوسع يعيد إنتاج الاستقرار من خلال عدوى النموذج الناجح، ومن هنا فإن قراءة الحضور السعودي في دعم الإدارة السورية المؤقتة من زاوية أمنية وكيف قدمت فرصة ذهبية في الرهان على الاستقرار، وحث المجتمع الدولي وإدارة ترمب على رفع العقوبات في بُعده الأمني فحسب خطأ كبير، لأن ذلك يُعبّر عن تحول كبير ونوعي في فهم طبيعة التهديدات وأدوات مواجهتها، عبر دمج الملفات الأمنية والسياسية، وتفكيك بيئة الحواضن الفكرية والاجتماعية للتطرف. على عكس تجارب سابقة اتكأت على القوة الصلبة دون معالجة جذرية، يقدّم النموذج المعتدل السعودي مقاربة تنموية، تدمج الأمن بالإصلاح، والسيادة بالاستثمار في الداخل. إلا أن نجاح هذا المسار يظل مشروطاً بقدرة دمشق على إثبات الجدارة والالتزام، خصوصاً في إدارة ملف السجون والمخيمات، وتحقيق نوع من التفاهم مع قوات سوريا الديمقراطية، لا على أساس الإقصاء أو الإلغاء، بل من خلال تعاون واقعي يقدم مصلحة سوريا. وفي السياق ذاته، فإن المقاربة للملف السوري يجب أن تتسم من الدول المؤثرة بحساسية وتعالٍ على المصالح الضيقة. نحن أمام اختبار تاريخي لقدرة الشرق الأوسط على إنتاج معادلته الأمنية والسياسية من داخل نسيجه، بعيداً عن الهيمنة أو التدخلات الفوقية. فإذا نجحت دول الاعتدال، وفي مقدّمتها السعودية، في تحويل هذا الزخم إلى منظومة دائمة لتثبيت الاستقرار، وإذا استطاع لبنان أن يُعيد ترميم مؤسسات الدولة دون الخضوع لمنطق السلاح الموازي وكيانات ما دون الدولة، وسوريا أيضاً التي أمامها تحدي إعادة رسم أولوياتها الأمنية بالشراكة لا بالإقصاء، فإننا سنكون أمام شرق أوسط جديد لا يشبه الخرائط القديمة، بل يتجاوزها نحو واقع براغماتي أكثر قدرة على الصمود والشراكة، بعيداً عن شبح الانهيار الذي سيكون إن حدث، لا قدر الله، حلقة قاتمة من حلقات العنف التي ستعيد المنطقة إلى سرديات الفوضى مجدداً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store