logo
شهادات من مجزرة الصحافيين.. ووريت الأجساد وبقيت رائحة الدم

شهادات من مجزرة الصحافيين.. ووريت الأجساد وبقيت رائحة الدم

القدس العربي منذ يوم واحد
لا يزال الدم أحمر وكأنه يقطر من الجسد، بالرغم من أن الأجساد قد ووريت الثرى. رائحة الدم لا تزال حاضرة تغلق باب مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة.
الفراش المحترق والخيمة والقليل من الطعام الذي كانوا يريدون تحضيره لا يزال باقياً، بعد هذا الاستهداف المباشر لخيمة الصحافيين، غابت ستة أصوات للحقيقة في مدينة غزة، ولم تعد كاميرا 'الجزيرة' في المدينة منصوبة ترسل رسائلها إلى العالم عند رأس الساعة من أمام أكبر مستشفى تعرض لانتهاكات إسرائيلية في قطاع غزة.
محمد الخالدي، وأنس الشريف، ومحمد قريقع، ومحمد نوفل، ومؤمن عليوة، وإبراهيم ظاهر، وجميع الراحلين.. كان لكل منهم دور مختلف في إيصال الرسالة الصحافية إلى العالم. بهؤلاء الستة يرتفع عدد الشهداء الصحافيين إلى 238 شهيداً صحافياً قتلوا خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
خلال تفقد فريق 'القدس العربي' لموقع الاستهداف، خرج من المستشفى أحمد الحرازين متكئاً على كتف صديقه، لا يستطيع أن ينظر إلى من يقف أمامه. ومع ذلك خرج لتفقد الخيمة حيث كان يعمل برفقة زملائه، فهو يعمل مسؤولاً عن الدعم اللوجستي، وفي لحظة الاستهداف كان يقف في الجهة المقابلة لخيمة فريق الجزيرة المستهدفة، حيث خرج لجلب بعض الأدوات ليعدوا طعام العشاء البسيط الذي يقتاتون عليه في ليلتهم لمواصلة العمل.
أحمد الحزارين: 'خرجت لجلب الطحينة لنعد العشاء، ولم أبتعد عن الخيمة سوى عشرة أمتار، وحصل الاستهداف'
يقول الحرازين لـ'القدس العربي': 'خرجت لجلب الطحينة لنعد العشاء، ولم أبتعد عن الخيمة سوى عشرة أمتار، وقد حدث الاستهداف وأنا مقابل الخيمة، أصبت في ظهري ويدي ورجلي. ومع ذلك ركضت مسرعاً لأطمئن على زملائي، ولكن ما أن وصلت وجدتهم شهداء ويحترقون. من هول الصدمة سقطت على الأرض فاقداً للوعي، ولم أستفق إلا قبل قليل، وأشعر بأن عقلي قد توقف'.
ويضيف: 'أجد صعوبة في الحديث، ولكن ما حدث هو استهداف مباشر لخيمتنا التي كان بها أنس الشريف ومؤمن عليوة وإبراهيم ظاهر، وكان محمد قريقع يقف أمام الخيمة يستعد لموعد رسالته الصحافية في النشرة المسائية، فهو كان قد بدأ دوامه عند الخامسة عصراً ليستغل أنس الشريف ذلك الوقت ويستريح من جهد العمل. وأنا أعتقد أنه تم استهداف الخيمة لأن أنس ومحمد قريقع كانا يعملان على فضح جرائم الاحتلال بقطاع غزة'.
وذكر أن محمد الخالدي كان يستريح في الخيمة الخاصة بنقابة الصحافيين في الجهة المقابلة لخيمة الجزيرة؛ وكان محمد الخالدي صحافياً نازحاً من شمالي قطاع غزة يعمل طوال يومه في الميدان، وفي المساء يستريح في خيمة الصحافيين بالقرب من مجمع الشفاء الطبي. كان يعاني ويلات النزوح والتجويع، ويخبر كل زملائه وأصدقائه أنه يبحث عن بيت ليعيش فيه فترة نزوحه برفقة عائلته، لكنه قبل أن تصل خطواته إلى بيت يستقر فيه، وصل إلى مستقره الأخير.
في تلك اللحظات..
أما محمد صبح (35 عاماً) الذي يعمل مراسلاً صحافياً، فقال: 'ما حدث أمس (الأحد) هو استهداف مباشر لخيمة الصحافيين وتحديداً خيمة الجزيرة. كنت في تلك اللحظات أقف أنا ومحمد قريقع أمام الخيمة ونتحدث خلال انتظارنا لتقديم الرسالة المسائية الخاصة به في قناته والخاصة بي في قناتي، وتفاجأت بأني لا أشعر برجلي، ومن ثم سمعت صوت الانفجار وامتلأ المكان بمادة بيضاء'.
محمد صبح: حاولت السير، لم أتمكن وسقطت أرضاً. جاء الشباب يحملون شهيداً، سألتهم: من هذا؟ هل هو محمد قريقع؟ كان هو
وأضاف لـ'القدس العربي': 'حاولت السير، ولكن لم أتمكن وسقطت أرضاً. هذا كله حدث في الدقيقة الأولى. وأنا ملقى على الأرض، جاء الشباب يحملون شهيداً، سألتهم: من هذا؟ هل هو محمد قريقع؟ وبالفعل كان هو. جاءني مسعفون يحاولون إنقاذي، أخبرتهم بأني لست مصاباً من شدة هول اللحظة، فكانت النيران قد اشتعلت بزميلي الذي كان يحدثني عن آماله في الحياة'.
وأردف: 'لاحقاً جاء المسعفون بأنس الشريف، وكان قد احترق. وبعد ذلك تبين أني مصاب إصابة بليغة في ساقي وفي ظهري، فقد استقرت شظية من الصاروخ في ظهري بين الفقرتين الرابعة والخامسة، وساقي إصابتها صعبة. وتم نقلي من الشفاء إلى مستشفى آخر لتلقي العلاج الذي أنا بحاجة إليه، ولا أعلم إلى أي درجة مستوى خطورة الشظية التي تستقر في ظهري'.
وأردف بأنه يعاني صدمة بعد أن فقد زملاءه، وتحديداً محمد قريقع الذي كان يحدثه عن آماله في تحسين حياة ابنته، وكان مستبشراً خيراً بدخول المساعدات الغذائية ويأمل أن يُسمح بدخول غاز الطهي إلى القطاع لتحسين حياة أسرته، وتحديداً ليفرح قلب ابنته.
وذكر صبح أن أنس الشريف كان دائماً يتوقع أن يتم اغتياله نتيجة التحريض الواسع عليه من قبل الاحتلال، ومع ذلك كان مصراً على مواصلة العمل الصحافي، وعلى تقديم محتوى يفضح جرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة.
رسالة أنس الشريف
هذا الأمر دفعه لكتابة وصيته ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وقد ورد فيها:
'يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقة وحارات مخيم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة 'المجدل'، لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ.
عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا، ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكناً، ولم يوقفوا المذبحة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف. أوصيكم بفلسطين، درة تاج المسلمين، ونبض قلب كل حر في هذا العالم، أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العمر ليحلموا ويعيشوا في أمان وسلام'.
وذكر في وصيته أيضاً: 'فقد سُحقت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزقت وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران. أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة'.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الغارديان تكرم أنس الشريف وزملاءه وتقول إن إسرائيل تدير حربا عسكرية وأخرى للسيطرة على الرواية
الغارديان تكرم أنس الشريف وزملاءه وتقول إن إسرائيل تدير حربا عسكرية وأخرى للسيطرة على الرواية

القدس العربي

timeمنذ 9 ساعات

  • القدس العربي

الغارديان تكرم أنس الشريف وزملاءه وتقول إن إسرائيل تدير حربا عسكرية وأخرى للسيطرة على الرواية

لندن – 'القدس العربي': كرمت صحيفة 'الغارديان' ذكرى الصحافي الفلسطيني البارز أنس الشريف بنشر آخر كلماته في مقال بصفحة الرأي 'إذا وصلتكم هذه الكلمات، فاعلموا أن إسرائيل نجحت في قتلي وإسكات صوتي'. كما وخصص رسام الكاريكاتير بن جيننغز في 'الغارديان' رسمه لذكرى الصحافيين القتلى، وبدا فيه نتنياهو المتضخم وهو يدير ظهره للعالم وإلى جانبه صحافي قتيل ممدد على الأرض إلى جانب كاميرته ومن البعيد تبدو أطلال غزة وعلم فلسطيني، وتعليق صادر من نتنياهو 'لا شيء لكي تراه هنا'. وقال جيسون بيرك مراسل الصحيفة في تقرير له إن الصحافيين كانوا أبرز ضحايا الحرب في غزة، حيث كان بعضهم يعمل في مؤسسات معروفة وآخرون يعملون لصالح مؤسسات محلية. وكان العدد الأكبر منهم صحافيين بخبرة طويلة والبعض الآخر جددا على المهنة. حرب غزة الأكثر دموية منذ بداية توثيق الصحافيين القتلى في الحروب عام 1992، حيث قتل أكثر من 186 صحافيا إلى جانب أكثر من 61,000 فلسطيني وأشار إلى إحصائيات لجنة حماية الصحافيين التي اعتبرت حرب غزة الأكثر دموية منذ بداية توثيقها الصحافيين القتلى في الحروب عام 1992، حيث قتل أكثر من 186 صحافيا إلى جانب أكثر من 61,000 فلسطيني، وربما كان العدد أعلى. وتتهم لجنة حماية الصحافيين إسرائيل بأنها المسؤولة عن مقتل 20. وقدم بيرك سيرة للصحافيين الذين قتلتهم إسرائيل، إلى جانب الشريف، إسماعيل أبو حطب وفاطمة حسونة وحسن اصليح وحسام شبات وحمزة الدحدوح. وفي تقرير مطول آخر بصحيفة 'الغارديان' أعدته مراسلتها في القدس إيما غراهام- هاريسون قالت إن قتل الصحافيين الفلسطينيين ومنع الصحافيين الأجانب من تغطية الحرب في غزة هو جزء من حرب إسرائيلية أخرى للسيطرة على الرواية. وقالت إن الصحافيين والمؤثرين الذين يقدمون تغطية لدمار غزة يتعرضون للقتل والتكميم والإسكات. وقالت إن إسرائيل تدير حملتين في غزة: واحدة للسيطرة العسكرية على القطاع، وأخرى للسيطرة على كيفية فهم العالم لما يحدث هناك. ونظريا، يعتبر الصحافيون الفلسطينيون والمؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي الذين يوثقون المجاعة والقتل الجماعي وجرائم الحرب الإسرائيلية الأخرى في غزة مدنيين محميين بموجب القانون الدولي. إلا أن الحماية هذه والمكتوبة على الورق، لم يكن لها أي معنى على أرض الواقع في غزة، التي تعتبر أخطر مكان في العالم على الصحافيين، حيث قتل أكثر من 180 صحافيا فلسطينيا خلال 22 شهرا من الحرب، وفقا للجنة حماية الصحافيين. ومع أن استهداف الصحافيين محظور قانونيا، إلا أن اللجنة قالت إنه خلال الفترة نفسها، كان 26 صحافيا ضحايا لعمليات قتل مستهدف، وصفتها بالاغتيال. وكان آخرهم مراسل قناة الجزيرة، أنس الشريف، البالغ من العمر 28 عاما، والذي قتل يوم الأحد في غرفة أخباره المؤقتة خارج مستشفى، مع أربعة من زملائه. وتقول جماعات حرية الصحافة والصحافيين إن عمليات القتل المستهدف هذه جزء من حملة ترهيب لمنع التقارير الحيوية، والتي بررتها إسرائيل دوليا بتشويه سمعتها وادعاءات كاذبة بأن المستهدفين كانوا مقاتلين سريين من حماس. ومع منع الصحافيين الدوليين من العمل في وسائل الإعلام المستقلة، فإن العمل الذي يقوم به الصحافيون الفلسطينيون له أهمية بالغة، مع أن عددا من الصحافيين الأجانب دخلوا غزة ولكن بحراسة ورعاية الجيش الإسرائيلي. وأشارت الصحيفة إلى ما قالته جودي غينسبيرج، الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين: 'لا شك لدي في أن منع الوصول الدولي، وقتل الصحافيين، واستهداف المنشآت الإعلامية، ومعاقبة وسائل إعلام إسرائيلية مثل 'هآرتس' جزء من استراتيجية إسرائيلية متعمدة لإخفاء ما يحدث داخل غزة'. إسرائيل تدير حملتين في غزة: واحدة للسيطرة العسكرية على القطاع، وأخرى للسيطرة على كيفية فهم العالم لما يحدث هناك وأشارت إلى حادثة وقعت مؤخرا عندما غطّى طاقم من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) من طائرة عسكرية أردنية كانت تسقط مساعدات إنسانية على غزة، لكن إسرائيل منعتهم من تصوير الدمار الذي خلفته و'لقد شهدنا مثالا على السماح لطواقم الأخبار الدولية بتصوير عمليات الإنزال الجوي، ولكن ليس الدمار الذي خلفته' الحملة العسكرية الإسرائيلية. وفي تموز/يوليو، انتشر خبر الشريف، أحد أبرز الصحافيين الذين ما زالوا يعملون في غزة، على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي عندما انهار على الهواء أثناء تغطيته للجوع. حثه المارة على الاستمرار لأنه منح غزة صوتا. وبعد ذلك بوقت قصير، جدد متحدث عسكري إسرائيلي مزاعم، نشرت لأول مرة عام 2024، بأنه ناشط، بما في ذلك اتهامه بتزييف المجاعة الجماعية في 'حملة حماس الكاذبة للتجويع'. وأصدرت لجنة حماية الصحافيين تحذيرا صارخا من أن هذه المزاعم الإسرائيلية تعد تهديدا بالقتل. وقالت سارة القضاة، المديرة الإقليمية للجنة حماية الصحافيين آنذاك: 'تمثل هذه الاتهامات الأخيرة التي لا أساس لها من الصحة محاولة لاختلاق الموافقة على قتل الشريف'. وأضافت: 'هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الجيش الإسرائيلي الشريف، لكن الخطر على حياته أصبح الآن شديدا'. وكان الشريف قد توقع موته أيضا، ووصفه في بيان نشر على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه انتقام من إسرائيل بسبب تقاريره: 'إذا وصلتكم هذه الكلمات، فاعلموا أن إسرائيل نجحت في قتلي وإسكات صوتي'. نشرت إسرائيل ملفا من الوثائق التي تقول إنها عثرت عليها في غزة وتربط الشريف بحماس. وتنتهي هذه الوثائق في عام 2021، أي قبل عامين من بدء الحرب، ولا تحاول حتى التطرق إلى ظهوره المنتظم على الهواء مباشرة. وسيكون من الصعب جدا أن يجمع الشريف بين عمله كواحد من أهم الصحافيين وعضويته في خلية تابعة لحماس، وبخاصة أن غزة تعتبر من أكثر مناطق الأرض مراقبة على وجه البسيطة. وبنفس الطريقة نشرت إسرائيل وثيقة قالت إنها تربط الصحافي إسماعيل الغول بحماس التي منحته رتبة عسكرية مع أن عمره كان في ذلك الوقت عشرة أعوام. وتقول الصحيفة إن الأدلة التي قدمتها إسرائيل غير متناقضة وغير مقنعة، ولكنها تعكس مخاوف إسرائيل من ضغوط الحلفاء الغربيين، والحاجة إلى تظاهر على الأقل بالامتثال للقانون الدولي. لم يحاول الإسرائيليون حتى تبرير عمليات القتل الأخرى. لذا فهم يعترفون بقتل هؤلاء الصحافيين، وهم يعلمون أنهم صحافيون ورغم الضغوط الدولية، لم تقدم إسرائيل أي تفسير لمقتل زملاء شريف الأربعة، وهم مدنيون محميون قُتلوا في مكان عملهم. وقالت غينسبيرج إنها تخشى أن يكون ذلك بمثابة تحذير من تفاقم المخاطر التي لا يمكن تصورها أصلا. وقالت: 'ما يثير دهشتي هو أنهم لم يحاولوا حتى تبرير عمليات القتل الأخرى. لذا فهم يعترفون بقتل هؤلاء الصحافيين، وهم يعلمون أنهم صحافيون' و'أعتقد أن هذا مقصود لإحداث تأثير مخيف وإظهار أن إسرائيل قادرةٌ على فعل ما يحلو لها، وأن أحدًا لن يتخذ أي إجراء'. و'إذا كنا الآن في مرحلة يمكن فيها لإسرائيل استهداف طاقم إخباري بأكمله بهذه الوقاحة، فماذا يعني ذلك لسلامة أي من الصحافيين الآخرين العاملين هناك؟ من التالي؟'. وقال المؤرخ الفرنسي جان بيير فيليو، الذي منح تصريحا نادرا لدخول غزة لإجراء بحثٍ أكاديمي خلال الصراع، إن شهرا من البحث هناك أقنعه أيضا بأن إسرائيل تحاول إسكات التقارير الواردة من غزة. وقال في مقابلة مع صحيفة 'هآرتس' بعد الرحلة: 'الآن أفهم لماذا تمنع إسرائيل الصحافة الدولية من الوصول إلى مثل هذا المشهد المخيف'، و'على الرغم من أنني زرت عددا من مناطق الحرب في الماضي، من أوكرانيا إلى أفغانستان، مرورا بسوريا والعراق والصومال، إلا أنني لم أشهد قط، ولن أشهد قط، شيئا كهذا'.

غزة تودّع شهودها والعالم يطالب بالعدالة
غزة تودّع شهودها والعالم يطالب بالعدالة

العربي الجديد

timeمنذ 9 ساعات

  • العربي الجديد

غزة تودّع شهودها والعالم يطالب بالعدالة

تتواصل الإدانات العربية والدولية والأممية والحقوقية لاغتيال قوات الاحتلال مجموعة من الصحافيين الفلسطينيين ، الأحد الماضي، باستهداف خيمتهم أمام مستشفى الشهداء في مدينة غزة، بينهم مراسل "الجزيرة" أنس الشريف الذي وُصف بـ"عين" القطاع، حيث ترتكب إسرائيل إبادة جماعية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. كانت حشود من الفلسطينيين قد شيعت الصحافيين الستة، وهم أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة ومحمد الخالدي، صباح أمس الاثنين، في أجواء مشحونة بالغضب والحزن والهتافات. وحمل المشيعون، وبينهم من كان يرتدي سترات الصحافيين الزرقاء، الجثامين الملفوفة بالأكفان ووجوهها مكشوفة عبر الأزقة الضيقة إلى مقبرة الشيخ رضوان. ونظّم طاقم "الجزيرة" في مقر القناة في الدوحة، الاثنين، وقفة تكريمية للزملاء الخمسة الذين قتلتهم قوات الاحتلال (الشريف، وقريقع، وظاهر، ونوفل، وعليوة). تجمع العشرات في استديو وغرفة تحرير قناة الجزيرة في العاصمة القطرية، للتنديد بمقتل زملائهم، وتعهّدوا بمواصلة إعداد تقارير عن العدوان المستمر منذ 22 شهراً، ورفع بعضهم صور الصحافيين. بين الحاضرين في الدوحة مدير مكتب "الجزيرة" في غزة وائل الدحدوح الذي استشهدت زوجته وابنه وابنته وحفيده بضربات إسرائيلية، والمصوّر فادي الوحيدي الذي أصيب بالشلل بعد إصابته برصاصة في العنق خلال تغطيته الحرب في غزة. وقال الدحدوح بعد التجمّع: "كلما فقدنا عزيزاً وزميلاً، فقدنا جزءاً من هذا الجسد وهذه الأسرة الصحافية، وهذا شيء في غاية الصعوبة وفي غاية الإيلام". وأضاف: "نتضامن ونتفاعل ونتخذ ما نستطيع أن نتخذه، لكن هناك اعتداءات سافرة ضد القانون الدولي وضد كل شيء ما زالت مستمرة". وفي رام الله، شارك عشرات الفلسطينيين، مساء الاثنين، في وقفة تلتها مسيرة، تنديداً باستهداف إسرائيل الصحافيين واستمرار الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وجاءت الوقفة بدعوة من فعاليات شعبية وحركات وقوى سياسية ونقابة الصحافيين الفلسطينيين، رفضاً لسياسة الإبادة واستهداف الصحافيين الفلسطينيين في غزة. وردد المشاركون هتافات تشيد بالصحافيين وتندد باستهدافهم، وتطالب برفع الحصار عن غزة. وعلى هامش الوقفة، قال أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إن هؤلاء الصحافيين "قدموا حياتهم من أجل شعبهم ودفاعاً عن الحقيقة"، وأكد أن إسرائيل "اغتالت صوت الحقيقة، لكنها لم تفلح في ذلك، ويستمر الصحافيون الفلسطينيون في إرسال رسائلهم"، مشيراً إلى أن "238 صحافياً باسلاً شجاعاً تم اغتيالهم حتى اللحظة خلال حرب الإبادة". وأضاف: "رسالتنا للعالم ووكالات الأنباء بعد اعتراف إسرائيل بمسؤوليتها المباشرة عن الاغتيال الذي جرى، أنهم مطالبون بقطع كل أشكال العلاقات مع الإعلام الإسرائيلي والناطق الرسمي باسم الحكومة والحكومة وممثليها"، وأكد أن "فرض العقوبات بات ضرورة بعد تجاوز إسرائيل لكل القوانين بارتكابها الإبادة الجماعية في غزة". كما نظم ناشطون، مساء الاثنين، في العاصمة الأميركية واشنطن، تأبيناً رمزياً حداداً على أرواح صحافيي غزة، وذلك أمام مبنى يضم قنوات "فوكس نيوز" و"سي أن أن" و"إن بي سي" و"إم إس إن بي سي" وغيرها. أشعل المشاركون في التأبين الشموع حداداً على أرواح الصحافيين الذين اغتيلوا الأحد، وأكثر من 200 صحافي قتلتهم إسرائيل على مدار أكثر من عام ونصف، ووضعوا صوراً لأنس الشريف والصحافيين الآخرين عليها لون أحمر يرمز للدماء، مع خوذات كتب عليها "صحافة" وشاشة كاميرا محطمة، في إشارة إلى استهداف الصحافيين وكاميراتهم وأقلامهم من أجل قتل الحقيقة. وانتقد المحتجون الصمت الإعلامي الأميركي على مقتل الصحافيين في غزة، فضلاً عن قتل الفلسطينيين وسياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل، وقالوا إن هذا الهجوم المدروس على الصحافة يهدف إلى إسكات صوت الناس في غزة من خلال استهداف الصحافيين، منددين بما وصفوه بـ"نفاق الإعلام الأميركي". وأحضر المحتجون معهم مكبرات صوت وأدوات أخرى لإزعاج العاملين داخل المبنى، ورفعوا صوراً للأطفال الذين تبرز عظامهم من الجوع وتظهر على وجوههم وأجسادهم آثار المرض وسوء التغذية، ولافتات كتب عليها "إسرائيل فعلت هذا"، و"صمت وسائل الإعلام الأميركية وتزييف الحقيقة يساهم في قتل الأطفال والإبادة الجماعية". ونددت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بـ"خرق صارخ للقانون الإنساني الدولي". وقال المفوض فولكر تورك على "إكس" إن "على إسرائيل احترام وحماية جميع المدنيين بمن فيهم الصحافيون". ونددت منظمة مراسلون بلا حدود "بشدة وغضب بالاغتيال الذي أقرت به" إسرائيل لأنس الشريف الذي وصفته المنظمة بأنه كان "صوت المعاناة التي فرضتها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة"، داعية "الأسرة الدولية إلى تحرك قوي لوقف الجيش الإسرائيلي". وأكدت المنظمة أن "على مجلس الأمن أن يجتمع بصورة عاجلة بناء على القرار 2222 الصادر في 2015 والمتعلق بحماية الصحافيين في زمن النزاعات المسلحة" لتفادي "جرائم القتل المماثلة خارج إطار القانون للعاملين في مجال الإعلام". بدورها، دانت منظمة العفو الدولية "القتل المتعمد للصحافيين"، واصفة الشريف وزملاؤه بأنهم "عيون وأصوات غزة". وأنهم "ورغم الجوع والإرهاق، واصلوا التغطية بشجاعة من الخطوط الأمامية، رغم التهديدات بالقتل". واعتبرت منظمة العفو الدولية أنه "لم يشهد أي نزاع في التاريخ الحديث مقتل عدد أكبر من الصحافيين كما هو الحال في إبادة إسرائيل للفلسطينيين في قطاع غزة". وعقب استشهاد الشريف، نُشِرت عبر صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي رسالة تحمل تاريخ السادس من إبريل/ نيسان 2025، مع تعليق "هذا ما أوصى بنشره الحبيب الغالي أنس عند استشهاده/ إدارة الصفحة". وجاء فيها "إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي (...) عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مراراً، ورغم ذلك لم أتوانَ يوماً عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهداً على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكناً ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف". تناقل المتابعون هذه الرسالة على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما ترجمتها صحيفة ذا غارديان البريطانية، ونشرتها على موقعها الإلكتروني أمس الاثنين. عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎ تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎أنس جمال الشريف‎‏ (@‏‎anasjamal44‎‏) ‎‏ في يوليو/ تموز الماضي، انهار أنس الشريف على الهواء أثناء تغطيته للتجويع الإسرائيلي للفلسطينيين في القطاع. بعد ذلك بوقت قصير، أعاد متحدث باسم جيش الاحتلال تداول مزاعم، نشرت للمرة الأولى عام 2024، بأن الشريف "مقاتل"، وبأن تغطيته حول التجويع مفبركة ضمن "حملة حماس الزائفة حول الجوع". حينها أصدرت لجنة حماية الصحافيين تحذيراً شديد اللهجة، معتبرة أن تلك الادعاءات الإسرائيلية تمثّل تهديداً مباشراً بالقتل. وقالت آنذاك المديرة الإقليمية للجنة سارة قداح إن "هذه الاتهامات التي لا أساس لها تمثّل محاولة لصياغة موافقة على قتل الشريف. هذه ليست المرة الأولى التي يُستهدف فيها الشريف من قبل الجيش الإسرائيلي، لكن الخطر على حياته أصبح الآن بالغاً". المزاعم غير المدعمة بأي دلائل والمتناقضة كانت قد وجهتها إسرائيل ضد عدد من الصحافيين قبل اغتيالهم، وبينهم إسماعيل الغول. ورغم الضغط الدولي، لم تقدّم إسرائيل أي تفسير لقتل زملاء الشريف، وقالت الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين جودي غينسبرغ، لـ"ذا غارديان"، إنها تخشى أن يكون ذلك بمثابة تحذير من أن المخاطر – التي لا يمكن تخيلها أصلاً – قد تصاعدت أكثر. وأضافت: "ما يثير دهشتي هو أنهم لم يحاولوا حتى تبرير عمليات القتل الأخرى. لذا فهم يعترفون بقتل هؤلاء الصحافيين، مع علمهم بأنهم صحافيون. أعتقد أن هذا مقصود تماماً لإحداث أثر ردعي يُظهر أن إسرائيل يمكنها فعل ما تشاء، ولن يتخذ أحد أي إجراء. إذا وصلنا الآن إلى مرحلة تستطيع فيها إسرائيل استهداف طاقم إخباري كامل بهذه الصفاقة، فماذا يعني ذلك بالنسبة لسلامة أي من الصحافيين الآخرين الذين يعملون هناك؟ من التالي؟". وقال المؤرخ الفرنسي جان-بيير فيليو، الذي مُنح إذناً نادراً لدخول غزة لإجراء بحث أكاديمي خلال الإبادة، إن شهراً من البحث هناك أقنعه بأن إسرائيل تحاول إسكات التغطية من غزة. وأضاف في مقابلة مع صحيفة هآرتس بعد الرحلة: "الآن أفهم لماذا تمنع إسرائيل وصول الصحافة الدولية إلى مشهد مروّع كهذا. على الرغم من وجودي في عدد من مناطق الحروب في الماضي، من أوكرانيا إلى أفغانستان، مروراً بسورية والعراق والصومال، لم أختبر إطلاقاً، إطلاقاً، شيئاً كهذا".

حداد على أرواح أنس الشريف وزملائه أمام مقر وسائل إعلام أميركية في واشنطن
حداد على أرواح أنس الشريف وزملائه أمام مقر وسائل إعلام أميركية في واشنطن

العربي الجديد

timeمنذ 18 ساعات

  • العربي الجديد

حداد على أرواح أنس الشريف وزملائه أمام مقر وسائل إعلام أميركية في واشنطن

نظم ناشطون، مساء الاثنين في العاصمة الأميركية واشنطن، تأبيناً رمزياً حداداً على أرواح صحافيي غزة ، الذين قتلتهم إسرائيل هذا الأسبوع، وهم أنس الشريف ومحمد قريقع ومؤمن عليون وإبراهيم زاهر ومحمد نوفل ومصعب الشريف، وذلك أمام مبنى يضم تجمعاً لوسائل الإعلام الأميركية؛ الذي يضم قنوات "فوكس نيوز" و"سي أن أن" و"إن بي سي"، و"إم إس إن بي سي" و"ذا غارديان" و"سكاي نيوز" وغيرها. ويأتي الاحتجاج لحث هذه الوسائل على نقل حقيقة ما يحدث في غزة، متهمين إياها بالتورط في الإبادة الجماعية ودعم إسرائيل وتجاهل مقتل زملائهم الصحافيين لمجرد أنهم يمارسون المهنة في غزة. أشعل المشاركون في التأبين الشموع، حداداً على أرواح الصحافيين الذين اغتيلوا الأحد، وأكثر من 200 صحافي قتلهم إسرائيل على مدار أكثر من عام ونصف، ووضعوا صوراً لأنس الشريف والصحافيين الآخرين عليها لون أحمر يرمز للدماء، مع خوذات كتب عليها "صحافة" وشاشة كاميرا محطمة، في إشارة إلى استهداف الصحافيين وكاميراتهم وأقلامهم من أجل قتل الحقيقة. وانتقد المحتجون الصمت الإعلامي الأميركي على مقتل الصحافيين في غزة، فضلاً عن قتل الفلسطينيين وسياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل، وقالوا إن هذا الهجوم المدروس على الصحافة يهدف إلى إسكات صوت الناس في غزة من خلال استهداف الصحافيين، منددين بما وصفوه "نفاق الإعلام الأميركي". وأحضر المحتجون معهم مكبرات صوت وأدوات أخرى لإزعاج العاملين داخل المبنى، ورفعوا صوراً للأطفال الذين تبرز عظامهم من الجوع وتظهر على وجوههم وأجسادهم آثار المرض وسوء التغذية، ولافتات عليها "إسرائيل فعلت هذا"، و"صمت وسائل الإعلام الأميركية وتزييف الحقيقة يساهم في قتل الأطفال والإبادة الجماعية". تقارير عربية التحديثات الحية حرب الإبادة على غزة | شهداء ومصابون إثر قصف منازل بتل الهوى وقالت الناشطة حزامي برمدا منسقة "مخيم غزة الإعلامي" أمام مبنى وسائل الإعلام الأميركية في تصريحات لـ"العربي الجديد": "نحن نتواجد الليلة على وجه التحديد لأن إسرائيل اغتالت وقتلت مجموعة من الصحافيين وهذه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية"، مضيفة أن هناك نحو 230 صحافياً استهدفتهم إسرائيل عمداً لأنها تخشى نقل الحقيقة". ودعت برمدا الصحافة الأميركية للقيام بواجبها بدلاً من نقل الأكاذيب، وقالت: "إسرائيل خائفة من الأخبار التي تخرج من غزة لأنها تفكك دعايتها العالمية التي أفلتت منها لفترة طويلة، ولهذا تستهدف الصحافيين الشجعان الذين يعملون على الأرض في غزة، ولهذا نحن نطالب بمساءلة إسرائيل واتخاذ إجراءات ضدها وتكريم الصحافيين الذين يقتلون أمام العالم". بدورها أشارت الصحافية الأميركية المستقلة سناء سعيد، إلى أنها تشارك في هذه الوقفة الرمزية على أرواح الصحافي أنس الشريف وزملائه الذين قتلوا في غزة على يد إسرائيل. وأعربت سعيد في حديث لـ"العربي الجديد" عن حزنها مضيفة "بصفتي صحافية أعمل في هذه المهنة أشعر بالاشمئزاز من صمت وسائل الإعلام الأميركية. كل فلسطيني تم ذبحه على مدار العامين الماضيين وكل صحافي تم قتله واستهدافه من قبل إسرائيل وبدعم من الحكومة الأميركية دمهم مسؤولية وسائل الإعلام الأميركية التي لا تزال صامتة بل تروج للأكاذيب التي تؤدي لتبرير قتلهم".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store