ماسك وترامب
الشرخ الذي قد يُسقط الإمبراطورية
****************
ونَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا... لنا الصّدرُ دونَ العالَمينَ أوِ القَبرُ-أبو فراس الحمداني.
موجّهًا سبابته نحو الكاميرا، وبوجهٍ مكفهر ونبرة غاضبة متوترة، قال الرئيس ترامب: «إيلون يعلم كل شيء عن هذا القانون، بل يعلم أكثر منكم!»
فيردّ عليه إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، عبر منصته «إكس» بجملة واحدة: «هذا غير صحيح، لم يُعرض عليّ هذا القانون ولو مرة واحدة!»
كانت هذه التصريحات إيذانًا باندلاع حرب مفتوحة بين أقوى رجل في العالم، رئيس الولايات المتحدة، وبين أثرى رجل في العالم، إيلون ماسك.
الخلاف المعلن بينهما يتمحور حول قانون خفض التضخم الأمريكي، الذي يعارضه ماسك، إذ يتضمن خفض الضرائب، وزيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، ورفض تقليص برامج الرعاية الصحية. ويرى ماسك أن هذا القانون سيؤدي إلى تفاقم الدين العام الأمريكي، لا إلى خفضه كما يدّعي ترامب.
قد تبدو القصة عادية، فالصداقات والخيانات أمر مألوف في العلاقات البشرية. لكن عندما تكون بين ترامب وماسك، تتحول إلى قضية تملأ الشاشات وتشد انتباه العالم. فقد كلّفت هذه العلاقة ماسك 250 مليون دولار دعمًا لحملة ترامب، كما رافقه في سباق الرئاسة، وشارك في حفل التنصيب، ووقف مرارًا خلفه في المكتب البيضاوي، وكأنه يحمل مفاتيح البيت الأبيض، بينما لغة جسده تقول بوضوح: «أنا من أوصلكم إلى هنا.»
لكن الصداقة سرعان ما انهارت؛ إذ وصف ترامب ماسك بأنه ناكر للجميل، واتهمه بالتمرد حين بدا أن القانون يضر بمصالح شركته «تيسلا»، رغم أنه، قبل أشهر فقط، امتدحه كأفضل رجل مبيعات واشترى سيارة من إنتاجه على الهواء مباشرة.
فيردّ ماسك باتهام ترامب بالتورط في فضيحة جيفري إبستين، رجل الأعمال الأميركي الذي أُدين باستغلال القاصرات وتشغيل شبكة للاتجار الجنسي، قبل أن يُعثَر عليه ميتًا في زنزانته عام 2019 في ظروف غامضة.
يقابل ترامب ذلك بوصف ماسك بأنه رجل مضطرب بسبب تعاطيه المخدرات، فيردّ ماسك ساخرًا: «ترامب لا يفقه شيئًا في الاقتصاد.»
ظل السجال وتبادل الاتهامات في حدود المسموح به، إلى أن ألقى ماسك قنبلته في الخامس من هذا الشهر، مغرّدًا: «حان الوقت لإنشاء حزب جديد في الولايات المتحدة يمثل 80% من الطبقة الوسطى.»
أطلق لاحقًا استفتاءً حول هذا الحزب المقترح، فحصد تأييد 81% من المشاركين، ثم عاد وغرّد متحديًا: «ترامب أمامه ثلاث سنوات ونصف في البيت الأبيض، أما أنا فلدي، على الأقل، أربعون عامًا لأعيش.»
هزّت فكرة الحزب الجديد أركان السياسة الأمريكية وأربكت الدولة العميقة؛ فماسك معروف بتأييده للأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل حزب «فوكس» الإسباني واليمين المتطرف في ألمانيا، كما لا ينسى الصهاينة تحيته النازية المثيرة للجدل خلال حفل تنصيب ترامب.
رأى كثير من السياسيين أن ظهور هذا الحزب قد يطيح بالحزب الجمهوري. وقد انضم إلى ماسك عدد من أبرز النشطاء السياسيين الأمريكيين، من بينهم الجمهوري سكوت بريستر، الذي يُنسب إليه الفضل في تحويل ولاية بنسلفانيا من معقل للديمقراطيين إلى ولاية تصوّت لترامب.
قال بريستر: «أنا منجذب لفكرة الحزب الثالث. هذا الحزب سيقسم الأصوات، وسيفوز الديمقراطيون بكل شيء. أشعر بالانجذاب لهذا التغيير... لكنني خائف من الفوضى.»
بهذا التحدي، لم تعد معركة ماسك مقتصرة على الرئيس الأمريكي، الذي هدده بخسارة عقوده مع الدولة، بل امتدّت إلى الدولة العميقة نفسها، التي لوّحت بسحب جنسيته الأمريكية.
إن ظهور حزب جديد في الولايات المتحدة يُعدّ تحولًا جذريًا قد يهدد زعامتها للعالم. فالحزبان الكبيران، الديمقراطي والجمهوري، يتفقان في جوهر سياساتهما، لا سيما في دعم المصالح الاقتصادية الكبرى، وولائهما للمؤسسة الأمنية والعسكرية، وتبنيهما للسياسات الخارجية التوسعية، رغم تباينهما في السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
ويتجلى هذا التوافق بوضوح في موقفهما الموحد من دعم الكيان الصهيوني، كما يظهر جليًا في التواطؤ مع جرائم التطهير العرقي الجارية في غزة.
وفي حال نشأ هذا الحزب الجديد، الذي يعكس بصدق إرادة الناخب الأمريكي، فإن أثره على الكيان الصهيوني سيكون كبيرًا، وقد نشهد بوادر انفكاك أمريكي عنه، ما قد يُفضي في نهاية المطاف إلى انهياره.
لهذا، ليس من المستغرب أن نرى رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، المعروف بولائه المطلق للصهاينة، يبذل جهدًا كبيرًا في محاولة رأب الصدع بين ترامب وماسك.
يرى البعض أن ما يجري ليس سوى مسرحية تهدف لإلهاء الأمريكيين عن أزماتهم الداخلية وتمرير حزمة من القوانين. لكن برأيي، هذا الطرح غير دقيق؛ فالضرر قد وقع بالفعل على الطرفين.
فإيلون ماسك خسر، في يوم واحد، عشرين مليار دولار من ثروته بسبب تهديدات ترامب، بينما يواجه ترامب تآكلًا متسارعًا في قاعدته الشعبية، المتمثلة في البيض المقيمين خارج المدن الكبرى، فضلًا عن تصاعد احتجاجات الأجانب ضده في كاليفورنيا، وسط مخاوف من امتدادها إلى ولايات أخرى.
وكلما تعمّقت في متابعة هذا الصراع، ازددت قناعة بأنه ليس سوى تجلٍّ لصراع أعمق بين المال والنفوذ، وأن ما نراه اليوم قد يُسجَّل يومًا ما كأحد المسامير الأخيرة التي دُقّت في نعش الإمبراطورية الأمريكية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سواليف احمد الزعبي
منذ ساعة واحدة
- سواليف احمد الزعبي
ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي
#سواليف أثار #الرئيس_الأمريكي الجدل بمنشور عبر منصة 'تروث سوشيال' بدا وكأنه كلمات تحفيزية للقوات الأمريكية وقرع #طبول_الحرب لفي وقت ازدادت فيه #التوترات بين الولايات المتحدة و #إيران. وقال ترامب: 'أنا أكثر ثقة من أي وقت مضى بأن #جيش_الولايات_المتحدة سيضيف مجدا تلو الآخر في الأيام القادمة، وفي كل جيل قادم. ستستجمعون شجاعة لا تنضب. ستحمون كل شبر من تراب الولايات المتحدة، وستدافعون عن #أمريكا حتى أقاصي الأرض!'. كما أرفق مقطع فيديو يظهر تدريبات يجريها الجيش الأمريكي وعليها تعليق صوتي للرئيس الأمريكي قال فيه: 'حياة الجنود ليست وظيفة فقط مرتبطة بالاستدعاء أو تقليد مقدس ينتقل من الأب إلى الابن والأخ والأخت ومن جيل إلى آخر، في كل ساعة من الخطر، مواطنونا النبلاء استجابوا لهذا النداء، لقد تعلم أعداؤنا مرار أنه إذا تجرأوا على تهديد الشعب الأمريكي، فسوف يطاردك الجندي الأمريكي ويسحقك ويجعلك من الذاكرة'. وأضاف: 'آخر شيء ستسمعه في حياتك سيكون أزيز طائرات البلاك هوك المرعب، وانفجارات القنابل ودوي المدافع، وزئير لواء مشاة الجيش الأمريكي الهادر. بالنسبة لأعدائنا، لا يوجد خوف أعظم من جيش الولايات المتحدة'. وتابع الفيديو: 'الآن حان دوركم لحماية شعلة الحرية التي أضيئت لأول مرة قبل 250 عام بواسطة لواء كونكورد وبانكر هيل، أقف أمامكم اليوم وأنا أكثر ثقة من أي وقت مضى بأن جيش الولايات المتحدة سيضيف مجدا تلو الآخر في الأيام القادمة، وفي كل جيل قادم. ستستجمعون شجاعة لا تنضب. ستحمون كل شبر من تراب الولايات المتحدة، وستدافعون عن أمريكا حتى أقاصي الأرض'. تأتي تغريدة الرئيس الأمريكي عقب توجيه واشنطن أوامر لجميع سفاراتها الواقعة ضمن مدى الهجوم الإيراني المحتمل، في الشرق الأوسط وشرق أوروبا وشمال إفريقيا، بتفعيل لجان الطوارئ وتقديم خطط حماية مفصلة، فيما تستعد سفارتها في بغداد للإخلاء، وتُسجل مغادرة جزئية لعائلات الدبلوماسيين والعسكريين من البحرين والكويت. وأوردت 'واشنطن بوست' و'رويترز' و'أسوشيتد برس'، أنباء عن تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران وتحذيرات إيرانية من استهداف القواعد الأمريكية في المنطقة، في حال فشل المحادثات النووية ولجوء واشنطن إلى التصعيد. ووفقًا للمصادر ذاتها، يزداد القلق داخل أجهزة الاستخبارات الأميركية من إمكانية إقدام إسرائيل على تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران دون تنسيق مع واشنطن، ما قد يؤدي إلى إفشال المفاوضات الجارية، ويدفع طهران إلى ردّ انتقامي شبه مؤكد. وفي المقابل، نشرت منصة إيرانية رسمية ناطقة باللغة العربية على موقع 'إكس'، صورة تُظهر هجوما صاروخيا مفترضا، وأرفقتها بعبارة: 'سنفاوض به عند الضرورة'، وذلك في ظل التقارير عن تعثر المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الملف النووي الإيراني. وحذر وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده يوم الأربعاء، من أن بلاده سترد باستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة إذا انهارت المحادثات النووية مع واشنطن أو اندلع صراع مباشر. وقال ردا على التهديدات الأمريكية بالتحرك عسكريا إذا فشلت المفاوضات 'نحن نأمل أن تصل المفاوضات الى نتيجة'.


وطنا نيوز
منذ ساعة واحدة
- وطنا نيوز
إيران: دولة صديقة في المنطقة حذرت طهران من هجوم إسرائيلي محتمل
وطنا اليوم:قال مسؤول إيراني كبير لرويترز اليوم الخميس إن بلاده لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم بسبب تصاعد التوتر في المنطقة. وأضاف أن دولة 'صديقة' في المنطقة حذرت طهران من ضربة عسكرية محتملة. وقال المسؤول إن التوتر المتصاعد يهدف إلى 'التأثير على طهران لتغيير موقفها بشأن حقوقها النووية' خلال المحادثات المقررة مع الولايات المتحدة يوم الأحد في عُمان. وكان مسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا قالوا لصحيفة 'نيويورك تايمز'، إنّ إسرائيل تبدو وكأنها تستعد لشن هجوم قريبا على إيران، وهي خطوة قد تُشعل التوترات في الشرق الأوسط وتُعرقل أو تُؤخر جهود إدارة ترامب الرامية إلى التوصل لاتفاق يقطع الطريق أمام إيران لتطوير قنبلة نووية. وقد دفعت المخاوف من احتمال توجيه ضربة إسرائيلية والرد الإيراني المحتمل، الولايات المتحدة يوم الأربعاء إلى سحب دبلوماسييها من العراق، كما سمحت بالمغادرة الطوعية لأُسر العسكريين الأميركيين من الشرق الأوسط. ولا يزال من غير الواضح مدى حجم الهجوم الذي قد تكون إسرائيل بصدد التحضير له، لكنّ هذه التوترات المتصاعدة تأتي بعد أشهر من ضغط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على الرئيس ترامب لاستغلال ما تراه إسرائيل لحظة ضعف إيرانية لشن ضربة عسكرية. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه سلطة عُمان اليوم أن الجولة الـ6 من المحادثات النووية بين أميركا وإيران ستُعقد يوم الأحد المقبل في مسقط.


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
ثروة إيلون ماسك ترتفع بأكثر من 100 مليون دولار بعد اعتذاره لدونالد ترامب
ارتفعت ثروة الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إيلون ماسك، بمقدار 191 مليون دولار، لتصل إلى 411.4 مليار دولار، وذلك بعد اعتذاره العلني للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. اضافة اعلان جاء هذا الارتفاع في ثروته بعد أن عبّر ماسك عن أسفه لمنشوراته النقدية التي كان قد نشرها سابقاً بحق ترامب عبر منصة X (تويتر سابقاً)، مما فتح الباب أمام مصالحة محتملة بين الرجلين بعد خلاف قصير لكنه حاد. كتب ماسك عبر منصة X قائلاً: "أشعر بالندم على بعض منشوراتي حول الرئيس @realDonaldTrump الأسبوع الماضي. لقد بالغت." بدأ الخلاف بين ماسك وترامب عندما انتقد ماسك مشروع قانون مدعوم من ترامب، واصفاً إياه بـ"مشروع القانون القبيح الكبير" (The Big Ugly Bill). وقد جاء هذا الانتقاد بعد استقالة ماسك من منصب حكومي، مما أدى إلى تصاعد التوتر وتبادل تعليقات حادة على وسائل التواصل الاجتماعي. لاحقاً، قام ماسك بحذف بعض منشوراته التي هاجم فيها ترامب بشكل مباشر، بما في ذلك منشورات ربط فيها ترامب بأشخاص مثيرين للجدل ودعا فيها إلى عزله عن الحكم. وقد أثارت تلك التصريحات الكثير من الجدل والنقاشات الواسعة. وقبل نشر اعتذاره العلني، تواصل ماسك هاتفياً مع ترامب يوم الإثنين، وفقاً لتقارير إعلامية. وبعد نشر الاعتذار، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن الرئيس ترامب قدّر هذه المبادرة. وعلّق ترامب بنفسه على الأمر قائلاً: "أعتقد أنه كان من اللطيف جداً أن يفعل ذلك." ويبدو أن هذا التصريح ساهم في تعزيز انطباعات السوق بشكل إيجابي، ما انعكس بدوره على ثروة ماسك. حيث لم يسهم الاعتذار فقط في تخفيف حدة التوتر، بل أشار أيضاً إلى احتمال تجدد التعاون أو على الأقل تحسن العلاقة بين الطرفين في المستقبل.- وكالات