logo
أليسون شراجر تكتب: أوهام خفض الفائدة.. لماذا يراهن الأمريكيون على سراب اقتصادي؟

أليسون شراجر تكتب: أوهام خفض الفائدة.. لماذا يراهن الأمريكيون على سراب اقتصادي؟

البورصةمنذ يوم واحد

'ليس من المستبعد التوجه نحو 'القمع المالي'، أي استخدام أدوات تنظيمية أو إدارية تشجع المستثمرين على شراء السندات'
تعيش الحكومة الفيدرالية والأسواق المالية ومعظم الأمريكيين في حالة إنكار جماعي تجاه أسعار الفائدة.
كلما ظهر أحدهم على شاشة تلفزيونية اقتصادية أو تقدم للحصول على قرض عقاري أو وضع توقعات تتعلق بالديون طويلة الأجل أسمع دائماً عبارة متكررة بصيغة 'عندما تعود أسعار الفائدة إلى الانخفاض'.
يؤسفني أن أكون ناقلة الأنباء السيئة، لكن أسعار الفائدة لن تعود إلى الانخفاض، لاسيما إلى المستويات التي كانت سائدة في العقد الثاني من الألفية.
أي محاولة لخفضها قسراً- ما يُعرف اقتصادياً بـ'القمع المالي' لن تسفر سوى عن مزيد من الألم.
أسعار فائدة مرتفعة
في ظل ارتفاع مستويات الدين، وتراجع الترابط بين الاقتصادات العالمية وغموض توقعات التضخم والدورات الاقتصادية الطبيعية، من المرجح أن تبقى أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة.
هذا يمثل تحدياً كبيراً أمام خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية، إذ إن ارتفاع الفائدة يزيد كلفة اقتراض الحكومة الفيدرالية، ويزيد كذلك كلفة الاقتراض في القطاع الخاص، ما يحد من النمو الاقتصادي.
والأسوأ من ذلك بالنسبة للإدارة أن أسعار الفائدة المرتفعة تُبقي كلفة الإسكان عند مستويات عالية.
من ثم، لا يُستغرب أن يكون وزير الخزانة سكوت بيسنت، منهمكاً بمحاولة خفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، أو أن يكون الرئيس مهووساً بإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة.
لكن 'الفيدرالي' لا يملك سيطرة مباشرة على المستوى الطبيعي للفائدة إذ إنها تُحدد من خلال السوق، لا سيما بناء على توقعات التضخم، وتقييمات المخاطر والظروف الاقتصادية العامة.
مع تزايد الدين العام، وارتفاع احتمالات فرض رسوم جمركية، من المرجح أن ترتفع أسعار الفائدة أكثر.
حتى الآن، ما يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي متمسكاً بموقفه الرافض لخفض الفائدة.
لذلك، ليس من المستبعد أن نرى توجهاً نحو 'القمع المالي'- أي استخدام أدوات تنظيمية أو إدارية 'تشجع بقوة' المستثمرين على شراء السندات.
تاريخياً، كان ذلك يعني فرض ضوابط على رأس المال تُجبر المستثمرين على شراء ديون محلية، لكن هذا الخيار يبدو مستبعداً حالياً.
أما الأداة الأكثر شيوعاً فهي اللوائح التنظيمية.
وهناك بالفعل مؤشرات على مثل هذا التوجه.
السندات الأمريكية
إحدى تلك المؤشرات تُعرف بنسبة 'الرفع المالي التكميلي'.
بموجب هذه القاعدة، يتعين على البنوك الأمريكية أن تحتفظ بنسبة من رأس المال تتراوح بين 3% إلى 5% من إجمالي الأصول، بغض النظر عن مستوى المخاطر.
وتُجادل البنوك بأن معاملتها لسندات الخزانة الأمريكية كأصول ذات مخاطر تعني أنها محدودة في قدرتها على شراء هذه السندات، ما يقلص من سيولة سوق الدين الحكومي.
يدرس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حالياً تعديل طريقة احتساب هذه النسبة أو خفضها.
وهناك مبررات قوية لذلك، سواء من منظور إدارة المخاطر لدى البنوك أو بهدف تعزيز متانة سوق السندات الأمريكية.
ويبدو أن التوقيت مناسب للحكومة؛ لأن شراء البنوك مزيدا من السندات طويلة الأجل من شأنه أن يساهم في خفض العائدات.
شكل آخر محتمل من أشكال القمع المالي يتمثل في تنظيم العملات المستقرة، هي عملات مشفرة ترتبط قيمتها بالدولار الأمريكي وتُستخدم كوسيلة للتحوط من تقلبات العملة.
الأمل هو أن يؤدي التنظيم إلى تعزيز انتشار هذه العملات.
وإذا تحقق ذلك، فستكون له آثار مباشرة على سوق السندات إذ إن المُصدرين لهذه العملات عادة ما يشترون كميات كبيرة من سندات الخزانة قصيرة الأجل للتحوط.
كلما زاد الطلب على هذه العملات، زاد الطلب على سندات الخزانة، وبالتالي انخفضت عائداتها.
تغذية التضخم في الولايات المتحدة
لكن ينبغي القول إن القمع المالي لا يتمتع بسجل جيد.
فعادة ما يؤدي الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات أدنى من مستويات السوق إلى تغذية التضخم في الولايات المتحدة.
وفي حالات أخرى، تفقد هذه الاستراتيجية فعاليتها تدريجياً.
خذ اليابان مثالاً: تمكنت لعقود من تطبيق القمع المالي، حيث اشترت بنوكها وصناديق التقاعد كميات ضخمة من الدين المحلي، ما أبقى الفائدة منخفضة رغم الدين الحكومي المرتفع.
لكن عندما عاد التضخم، لم يستطع بنك اليابان رفع الفائدة، فتدهورت قيمة الين، ثم ارتفعت أسعار الفائدة في النهاية رغم كل التدابير المتخذة.
رغم ذلك، فإن السياسات الحكومية الحالية لا تخلو أيضاً من المخاطر.
فقد يكون تعديل نسبة الرفع المالية خطوة ضرورية لتعزيز سيولة سوق السندات، لكن إذا كان الهدف الأساسي منها هو خفض أسعار الفائدة، فإنها قد تؤدي إلى تسارع التضخم وتقويض قيمة الدولار الأمريكي.
أما التعديلات التنظيمية على العملات المشفرة -التي، رغم تسميتها الجذابة، لا تُعد من الأصول المستقرة فعلاً- فقد تزيد من هشاشة النظام المالي.
ليست هناك دوافع واضحة لامتلاك العملات المستقرة ما لم يكن الهدف هو تحقيق أرباح رأسمالية أو تنفيذ نشاطات غير قانونية.
وهذا يجعلها عرضة لانهيار مفاجئ في الطلب، ما قد يؤدي إلى موجة بيع مفاجئة في سوق السندات، وبالتالي إلى قفزة في أسعار الفائدة.
خفض الدين العام
بالطبع، هناك وسيلة مضمونة تستطيع الحكومة من خلالها خفض أسعار الفائدة هي أن تثبت للعالم أن لديها خطة حقيقية لخفض الدين العام على المدى الطويل من خلال إصلاح برامج الاستحقاقات.
لكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً جداً، ولهذا السبب بالتحديد، يدور الحديث اليوم عن القمع المالي بدلاً من الإصلاحات الهيكلية الحقيقية.
بقلم: أليسون شراجر، كاتبة مقالات رأي لدى 'بلومبرج'

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صعود النفط بأكثر من 4% .. وبرنت يقترب من مستوى 70 دولاراً
صعود النفط بأكثر من 4% .. وبرنت يقترب من مستوى 70 دولاراً

البورصة

timeمنذ 17 دقائق

  • البورصة

صعود النفط بأكثر من 4% .. وبرنت يقترب من مستوى 70 دولاراً

شهدت أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً في ختام تعاملات اليوم الأربعاء، مدفوعة بتفاؤل المستثمرين بتوصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق يُنهي الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. صعدت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم أغسطس بنسبة 4.34% أو 2.90 دولار إلى 69.77 دولار للبرميل عند التسوية. وقفزت العقود الآجلة لخام نايمكس الأمريكي تسليم يوليو بنسبة 4.88% أو ما يعادل 3.17 دولار إلى 68.15 دولار للبرميل. قال الرئيس الأمريكي 'دونالد ترامب' في تصريحات اليوم، إن المفاوضات مع الصين التي استمرت على مدار يومين في لندن أسفرت عن اتفاق البلدين على تحديد المستويات النهائية للرسوم الجمركية المتبادلة، مع رفع بكين القيود عن صادرات المعادن الأرضية النادرة مقابل سماح واشنطن باستقبال جامعاتها للطلاب الصينيين. وتلقى الذهب الأسود دعماً إضافياً من تطورات اقتصادية وجيوسياسية أخرى، إذ هددت إيران بقصف قواعد عسكرية أمريكية حال فشل المفاوضات النووية، فيما كشفت تقارير عن استعداد واشنطن لإخلاء سفاراتها في العراق جزئيًا بسبب 'مخاطر أمنية في المنطقة'. ومن جانبه، قال 'ترامب' في لقاء صحفي نُشر اليوم، إن ثقته تراجعت في احتمال موافقة إيران على التوقف عن تخصيب اليورانيوم تماماً. وعلى صعيد آخر، تزايدت احتمالات خفض الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر الماضي، بعدما أظهرت بيانات رسمية ارتفاع التضخم السنوي في أمريكا إلى 2.4% في مايو من 2.3% في أبريل، أي أقل من توقعات تسارعه إلى 2.5%.

بعد أنباء انهيار المفاوضات النووية.. ارتفاع كارثي في أسعار النفط
بعد أنباء انهيار المفاوضات النووية.. ارتفاع كارثي في أسعار النفط

الدولة الاخبارية

timeمنذ 17 دقائق

  • الدولة الاخبارية

بعد أنباء انهيار المفاوضات النووية.. ارتفاع كارثي في أسعار النفط

الخميس، 12 يونيو 2025 09:29 صـ بتوقيت القاهرة ارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي بأكثر من 4%، الأربعاء، مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، حيث أعرب الرئيس دونالد ترامب عن شكوكه في أن البلدين سيتوصلان إلى اتفاق نووي. وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" بمقدار 2.90 دولار، أي بنسبة 4.3%، لتغلق عند 69.77 دولار للبرميل. وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 3.17 دولار، أي بنسبة 4.9%، ليستقر عند 68.15 دولار؛ حسب شبكة (سي.إن.بي.سي) الأمريكية. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد قررت تقليص طاقمها الدبلوماسي في العراق، وسط تصاعد المخاطر الأمنية المرتبطة بتعثر المفاوضات النووية مع إيران. وعلى الرغم من عدم تنفيذ أي عملية إجلاء رسمية، إلا أن خطط الطوارئ قيد التنفيذ مع تصاعد التوترات بشكل حاد؛ مما يثير مخاوف جديدة بشأن استقرار الطاقة الإقليمية وإمدادات النفط الخام العالمية. تأتي الاستعدادات لسحب موظفي السفارة في أعقاب ما يبدو أنه انهيار في المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران.

بعد التوتر بين أمريكا وإيران.. ماذا يحدث في الكويت؟
بعد التوتر بين أمريكا وإيران.. ماذا يحدث في الكويت؟

الدولة الاخبارية

timeمنذ 18 دقائق

  • الدولة الاخبارية

بعد التوتر بين أمريكا وإيران.. ماذا يحدث في الكويت؟

الخميس، 12 يونيو 2025 09:45 صـ بتوقيت القاهرة أكدت سفارة الولايات المتحدة لدى الكويتت استمرار عملها المعتاد بكامل طاقمها، بعد أنباء عن تقليص الوجود الدبلوماسي الأمريكي بعدة دول. جاء ذلك في بيان أصدرته السفارة الأمريكية لدى الكويت "عقب إعلان صادر عن الإدارة الأمريكية بشأن تقليص حجم بعثتها الدبلوماسية في العراق"، وفق وكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا". ويأتي بيان السفارة بعد أنباء عن سماح الخارجية الأمريكية للموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم بالمغادرة من البحرين والكويت، وفق وكالة أسوشييتد برس نقلا عن مسؤولين أمريكيين. وقالت الوكالة في وقت سابق الأربعاء، إن الولايات المتحدة تستعد لإصدار أمر بمغادرة موظفيها غير الأساسيين من سفارتها ببغداد؛ إثر وصول المفاوضات مع إيران لطريق مسدود. ونقلت عن مسؤول أمريكي لم تسمه أن "وزارة الخارجية تستعد لإصدار أمر بمغادرة جميع الموظفين غير الأساسيين من السفارة الأمريكية في بغداد، نظرا لاحتمالية حدوث اضطرابات إقليمية". وأكدت السفارة الأمريكية لدى الكويت أنها "لم تجرِ أي تعديل على عدد موظفيها، وأنها تواصل عملها بشكل كامل كالمعتاد"، وفق "كونا". ونقلت الوكالة عن بيان السفارة أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ملتزم بالحفاظ على سلامة الأمريكيين في الداخل والخارج وأنه في إطار هذا الالتزام يتم باستمرار تقييم الوضع المناسب للكوادر في جميع السفارات وبناء على أحدث التحليلات تقرر تقليص حجم البعثة الأمريكية في العراق (دون تحديد الأسباب)". وأشارت إلى أن السفارة الأمريكية في الكويت "أوضحت أن هذا الإجراء لا يشمل بعثتها". وشددت على أن "وضع الموظفين لم يتغير وأن العمل مستمر بكامل الجاهزية"، وفق ذات المصدر. وتصاعدت التوترات في المنطقة في الأيام الأخيرة، إذ يبدو أن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامجها النووي وصلت إلى طريق مسدود، ما قد ينذر باللجوء إلى الخيار العسكري. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة مع بودكاست "بود فورس وان" أُذيعت الأربعاء، إن ثقته قلت في أن إيران ستوافق على وقف تخصيب اليورانيوم ضمن اتفاق نووي مع الولايات المتحدة. وتابع: "لا أرى نفس الحماسة لدى الإيرانيين لإبرام اتفاق وأعتقد أنهم سيرتكبون خطأ لكن سنرى". والاثنين الماضي، أعلنت الخارجية الإيرانية أن الجولة السادسة من المحادثات النووية مع الولايات المتحدة ستُعقد في 15 يونيو الجاري، بالعاصمة العُمانية مسقط. وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store