logo
البروفيسور أنس باري للجزيرة نت: يجب إنشاء جامعة ووزارة للذكاء الاصطناعي في المغرب

البروفيسور أنس باري للجزيرة نت: يجب إنشاء جامعة ووزارة للذكاء الاصطناعي في المغرب

الجزيرةمنذ يوم واحد

في عالم تتزايد فيه أهمية التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، أصبح الذكاء الاصطناعي بمثابة عصا سحرية تتمتع بالقدرة على إحداث نقلة نوعية وإحداث ثورة في مجالات مختلفة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والمالية والسياسة.
ومن بين الشخصيات العربية البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي والتحليل التنبئي، أثبت البروفيسور والباحث المغربي أنس باري مكانته في الابتكار والأبحاث بالولايات المتحدة، ويشغل حاليا منصب أستاذ في جامعة نيويورك (NYU) ومدير مختبر التحليل التوقعي والذكاء الاصطناعي في الجامعة.
وفي لقاء خاص مع الجزيرة نت، أشار باري إلى ضرورة اهتمام الشباب ببناء أسس قوية في الرياضيات وعلوم الحاسوب واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي، مؤكدا على ضرورة إنشاء أول جامعة ووزارة متخصصة في الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية.
المسار الأكاديمي
وُلد أنس باري في مدينة طنجة بالمغرب حيث درس في المدارس الحكومية وتخصص في الرياضيات. وأشار أنس في حديثه للجزيرة نت إلى أنه أكمل دراسته في جامعة الأخوين بإفران بتمويل من قرض طلابي، وحصل على بكالوريوس في علوم الحاسوب، متخرجا في صدارة دفعته عام 2007.
وعند التحاقه للعمل بشركة "ميرسك"، كان باري من أوائل الموظفين الذين أسهموا في بناء البنية التحتية لميناء طنجة المتوسط، وهو أحد أكبر الموانئ الصناعية في العالم وأكبر ميناء في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
ولتحقيق طموحاته الأكاديمية، تقدم بطلبه في برنامج فولبرايت ـوهو أحد أكثر المنح الدراسية شهرة في العالمـ وحصل على المنحة الدراسية في المحاولة الثانية.
وفي عام 2010، انتقل إلى واشنطن العاصمة ليكمل دراسة الماجستير ثم الدكتوراه في علوم الحاسوب بجامعة جورج واشنطن، وتخرج في صدارة دفعته بمعدل 99%.
وقد ركز بحثه في الدكتوراه على التنقيب في البيانات والذكاء الجماعي، وهما فرعان من الذكاء الاصطناعي. وأصبح من أوائل الباحثين الذي طوروا خوارزميات مستوحاة من الطبيعة، وتحديدا سلوك الطيور، لتصميم نماذج تحليل تنبؤية.
ويعتقد باري أن حلول العديد من مشاكل العالم موجودة في الطبيعة "هذا الإيمان قادني إلى التخصص في الذكاء الجماعي ودراسة السلوك الجماعي للأنواع الذكية مثل الطيور والنحل والدلافين لتطوير خوارزميات تُستخدم اليوم على نطلق واسع في منصات مثل نتفليكس وأمازون وأنظمة صنع القرار".
التدريس والبحث
بعد حصوله على الدكتوراه، انضم البروفيسور المغربي إلى مجموعة البنك الدولي في واشنطن العاصمة كعالم بيانات رئيسي، قبل العودة إلى الأوساط الأكاديمية كأستاذ في علوم الحاسوب بجامعة جورج واشنطن، حيث حصل على جائزة أفضل أستاذ للسنة.
وقبل 10 سنوات، انتقل إلى جامعة نيويورك ليشغل منصب أستاذ وباحث، ويدير مختبرا يضم أكثر من 29 عالما "أعمل مع نخبة من كبار العلماء في معهد كورانت، الذي يُعد أحد أفضل المراكز عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي".
وبالتوازي مع التدريس، شغل باري عدة أدوار استشارية مع مؤسسات معروفة، مثل وول ستريت ومنظمات الرعاية الصحية والأمم المتحدة وغيرها.
أول جامعة للذكاء الاصطناعي
وأكد الأستاذ في جامعة نيويورك للجزيرة نت على ضرورة إحداث تغيير جذري للنظام التعليمي في الدول العربية، من المدارس الابتدائية إلى الجامعات الحكومية بشكل خاص.
وقال "يجب على الحكومات إعطاء الأولوية للاستثمارات في الذكاء الاصطناعي لضمان ولوج الطلاب العرب سباق التنافس على المستوى العالمي والاستفادة من الإمكانات التكنولوجية لإعداد جيل جديد من المفكرين واستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاعات رئيسية، كالزراعة والسياحة والطاقة المتجددة".
وتابع البروفيسور باري "عندما شهدنا 3 ثورات تكنولوجية كبرى في القرن الماضي ـالحاسوب الشخصي والإنترنت والذكاء الاصطناعي- كنا في موقع المستهلك فقط. أما اليوم، فيمثل الذكاء الاصطناعي فرصة استثنائية لقيادة هذه الثورة بدل البقاء في مقعد المتفرجين والتابعين لها فقط".
وبالتالي، يقترح باري إنشاء أول جامعة متخصصة في الذكاء الاصطناعي في المغرب أو إحدى الدول العربية، تشمل كلية علوم الكمبيوتر وكلية التحليلات التنبؤية وكلية أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
ويعتبر البروفيسور المغربي أن هذه المبادرة ستضمن تخرج الآلاف من الخبراء في هذا المجال "وسيكون ذلك أفضل استثمار تقوم به الدول العربية في تاريخها. ومن موقع الجزيرة نت، أدعو إلى العمل الفوري وأنا مستعد للتعاون بخطة واضحة وقابلة للتنفيذ لتحقيق هذا الطموح واتخاذ خطوات جريئة وفعالة نحو المستقبل".
كما حثّ باري كل دول المنطقة على تطوير إستراتيجية وطنية لإنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي على غرار وزارة الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في الإمارات العربية المتحدة.
ويرى المتحدث أن التجربة الإماراتية نموذج يمكن الاحتذاء به بعد إطلاق جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في أبو ظبي وتعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم.
جوائز وابتكارات
وتقديرا لما حققه في التعليم والبحث، حصل أنس باري على جائزة مارتن لوثر كينغ لعام 2025، وتُمنح هذه الجائزة لأعضاء هيئة التدريس المتميزين الذين يُجسدون روح الدكتور كينغ الابن في دراسته وحياته وعمله في مجال العدالة، والذين يُروجون لمبادئ وأخلاقيات مساهمات كينغ العالمية الواسعة في أبحاثهم وتدريسهم وقيادتهم وجهودهم في بناء المجتمع.
وتعليقا على ذلك، قال البروفيسور إن "هذا التقدير يحمل معنى كبيرا لي ويعكس القيم التي أسعى لغرسها في طلابي، خاصة خدمة الناس والأمم، وهي قيم نجدها عند المغاربة والشعوب العربية".
وقد قاد أنس باري أول فريق من علماء الحاسوب والأطباء لتطوير نظام ذكاء اصطناعي قادر على التنبؤ بالحالات الشديدة من كوفيدـ19 في عام 2020، من خلال الجمع بين التحليلات التنبؤية والبيانات السريرية والعوامل الديمغرافية للمرضى وغيرها.
وفي عام 2021، أنشأ أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد وتتبع المعلومات المضللة حول فيروس كورونا وقياس مستوى الثقة في اللقاحات. وبعدها بعامين، شارك في إنشاء خوارزمية لإعادة تعريف أنظمة التوصية من خلال برنامج "بايرورانك" (PyRoRank) الذي استلهم سلوكه من الطريقة التي تنتظم بها أسراب الطيور ذاتيا.
وخلال الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، قاد البروفيسور فريقا من العلماء لتصميم أداة بيانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحليل نتائج الانتخابات والتنبؤ بها.
وعند سؤاله عن المشاريع التي يعمل عليها حاليا، قال باري إنه يركز على البحث في الذكاء الاصطناعي والطاقة النووية حيث يتعاون مع خبراء بارزين، من بينهم البروفيسور ديفيد ناغل ـوهو أحد كبار الباحثين العالميين في مجال الطاقةـ لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة لاستكشاف مصدر جديد واعد للطاقة يُعرف باسم التفاعلات النووية منخفضة الطاقة (LENR).
وأضاف "هدفنا هو تسريع البحث والتطوير التجاري لهذا المصدر النووي المبتكر، الذي قد يُحدث ثورة في إنتاج الطاقة العالمي. وقد تم عرض أعمالنا في أهم المؤتمرات الدولية للطاقة النووية، ولا نزال نواصل توسيع آفاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع".
وإلى جانب ذلك، يعمل مختبره البحثي على تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي في مجالات الرعاية الصحية، والتمويل، وعلوم المناخ، وتطوير الذكاء الاصطناعي.
وصفة النجاح
وعن وصفة النجاح في مجال الذكاء الاصطناعي، أكد أنه بالإضافة إلى الخبرة العملية والعلمية، يُعتبر الإصرار والالتزام وتعزيز حس الفضول والانفتاح على التعاون من كلمات السر للتفوق في هذا المجال.
كما ركز في حديثه للجزيرة نت على قيم إنسانية عديدة، مثل التفاني في العمل والصدق، قائلا "والدتي الراحلة رشيدة بارگاش غرست فيّ قيمة النزاهة والصدق في كل الجهود التي أبذلها، وكانت تقول لي دائما: اعمل بجد وأمانة في كل ما تقوم به".
وأضاف "المغاربة والشباب العربي شعوب موهوبة وملتزمة بالعمل الجاد لأنه يسري في دمائها. وبما أن الذكاء الاصطناعي مستمر في التطور والانتشار، سيتزايد الطلب على خريجي الجامعات الذين يملكون معرفة ومهارات متخصصة فيه. لذا، أنصحهم ببناء أسس قوية في الرياضيات وعلوم الحاسوب واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي، فعلى الرغم من إمكانياته الهائلة فإنه يأتي مع اعتبارات أخلاقية مهمة للغاية".
وقال البروفيسور "طوال مسيرتي المهنية، واجهت العديد من التحديات والرفض. عندما التحقت بجامعة الأخوين، كان تمويل دراستي صعبا ورغم مساعدة والديّ، اضطررت إلى أخذ قرض كبير من البنك. كما تم رفض طلبي للحصول على منحة فولبرايت في المرة الأولى، لكنني تقدمت مرة أخرى ونجحت".
وتابع أنس باري "واجهت العديد من الرفض في فرص العمل، وكنت عاطلا عن العمل لمدة تزيد عن سنة. استمرت حالات الرفض والإخفاقات عندما انتقلت إلى الولايات المتحدة. الرحلة لم تكن سهلة قط؛ فالفشل والرفض جزء من التجربة. نحن كبشر لا نفشل، بل نتعلم من إخفاقاتنا. وفي النهاية، أولئك الذين ينجحون هم الذين لا يستسلمون أبدا".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البروفيسور أنس باري للجزيرة نت: يجب إنشاء جامعة ووزارة للذكاء الاصطناعي في المغرب
البروفيسور أنس باري للجزيرة نت: يجب إنشاء جامعة ووزارة للذكاء الاصطناعي في المغرب

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

البروفيسور أنس باري للجزيرة نت: يجب إنشاء جامعة ووزارة للذكاء الاصطناعي في المغرب

في عالم تتزايد فيه أهمية التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، أصبح الذكاء الاصطناعي بمثابة عصا سحرية تتمتع بالقدرة على إحداث نقلة نوعية وإحداث ثورة في مجالات مختلفة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والمالية والسياسة. ومن بين الشخصيات العربية البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي والتحليل التنبئي، أثبت البروفيسور والباحث المغربي أنس باري مكانته في الابتكار والأبحاث بالولايات المتحدة، ويشغل حاليا منصب أستاذ في جامعة نيويورك (NYU) ومدير مختبر التحليل التوقعي والذكاء الاصطناعي في الجامعة. وفي لقاء خاص مع الجزيرة نت، أشار باري إلى ضرورة اهتمام الشباب ببناء أسس قوية في الرياضيات وعلوم الحاسوب واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي، مؤكدا على ضرورة إنشاء أول جامعة ووزارة متخصصة في الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية. المسار الأكاديمي وُلد أنس باري في مدينة طنجة بالمغرب حيث درس في المدارس الحكومية وتخصص في الرياضيات. وأشار أنس في حديثه للجزيرة نت إلى أنه أكمل دراسته في جامعة الأخوين بإفران بتمويل من قرض طلابي، وحصل على بكالوريوس في علوم الحاسوب، متخرجا في صدارة دفعته عام 2007. وعند التحاقه للعمل بشركة "ميرسك"، كان باري من أوائل الموظفين الذين أسهموا في بناء البنية التحتية لميناء طنجة المتوسط، وهو أحد أكبر الموانئ الصناعية في العالم وأكبر ميناء في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. ولتحقيق طموحاته الأكاديمية، تقدم بطلبه في برنامج فولبرايت ـوهو أحد أكثر المنح الدراسية شهرة في العالمـ وحصل على المنحة الدراسية في المحاولة الثانية. وفي عام 2010، انتقل إلى واشنطن العاصمة ليكمل دراسة الماجستير ثم الدكتوراه في علوم الحاسوب بجامعة جورج واشنطن، وتخرج في صدارة دفعته بمعدل 99%. وقد ركز بحثه في الدكتوراه على التنقيب في البيانات والذكاء الجماعي، وهما فرعان من الذكاء الاصطناعي. وأصبح من أوائل الباحثين الذي طوروا خوارزميات مستوحاة من الطبيعة، وتحديدا سلوك الطيور، لتصميم نماذج تحليل تنبؤية. ويعتقد باري أن حلول العديد من مشاكل العالم موجودة في الطبيعة "هذا الإيمان قادني إلى التخصص في الذكاء الجماعي ودراسة السلوك الجماعي للأنواع الذكية مثل الطيور والنحل والدلافين لتطوير خوارزميات تُستخدم اليوم على نطلق واسع في منصات مثل نتفليكس وأمازون وأنظمة صنع القرار". التدريس والبحث بعد حصوله على الدكتوراه، انضم البروفيسور المغربي إلى مجموعة البنك الدولي في واشنطن العاصمة كعالم بيانات رئيسي، قبل العودة إلى الأوساط الأكاديمية كأستاذ في علوم الحاسوب بجامعة جورج واشنطن، حيث حصل على جائزة أفضل أستاذ للسنة. وقبل 10 سنوات، انتقل إلى جامعة نيويورك ليشغل منصب أستاذ وباحث، ويدير مختبرا يضم أكثر من 29 عالما "أعمل مع نخبة من كبار العلماء في معهد كورانت، الذي يُعد أحد أفضل المراكز عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي". وبالتوازي مع التدريس، شغل باري عدة أدوار استشارية مع مؤسسات معروفة، مثل وول ستريت ومنظمات الرعاية الصحية والأمم المتحدة وغيرها. أول جامعة للذكاء الاصطناعي وأكد الأستاذ في جامعة نيويورك للجزيرة نت على ضرورة إحداث تغيير جذري للنظام التعليمي في الدول العربية، من المدارس الابتدائية إلى الجامعات الحكومية بشكل خاص. وقال "يجب على الحكومات إعطاء الأولوية للاستثمارات في الذكاء الاصطناعي لضمان ولوج الطلاب العرب سباق التنافس على المستوى العالمي والاستفادة من الإمكانات التكنولوجية لإعداد جيل جديد من المفكرين واستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاعات رئيسية، كالزراعة والسياحة والطاقة المتجددة". وتابع البروفيسور باري "عندما شهدنا 3 ثورات تكنولوجية كبرى في القرن الماضي ـالحاسوب الشخصي والإنترنت والذكاء الاصطناعي- كنا في موقع المستهلك فقط. أما اليوم، فيمثل الذكاء الاصطناعي فرصة استثنائية لقيادة هذه الثورة بدل البقاء في مقعد المتفرجين والتابعين لها فقط". وبالتالي، يقترح باري إنشاء أول جامعة متخصصة في الذكاء الاصطناعي في المغرب أو إحدى الدول العربية، تشمل كلية علوم الكمبيوتر وكلية التحليلات التنبؤية وكلية أخلاقيات الذكاء الاصطناعي. ويعتبر البروفيسور المغربي أن هذه المبادرة ستضمن تخرج الآلاف من الخبراء في هذا المجال "وسيكون ذلك أفضل استثمار تقوم به الدول العربية في تاريخها. ومن موقع الجزيرة نت، أدعو إلى العمل الفوري وأنا مستعد للتعاون بخطة واضحة وقابلة للتنفيذ لتحقيق هذا الطموح واتخاذ خطوات جريئة وفعالة نحو المستقبل". كما حثّ باري كل دول المنطقة على تطوير إستراتيجية وطنية لإنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي على غرار وزارة الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في الإمارات العربية المتحدة. ويرى المتحدث أن التجربة الإماراتية نموذج يمكن الاحتذاء به بعد إطلاق جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في أبو ظبي وتعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم. جوائز وابتكارات وتقديرا لما حققه في التعليم والبحث، حصل أنس باري على جائزة مارتن لوثر كينغ لعام 2025، وتُمنح هذه الجائزة لأعضاء هيئة التدريس المتميزين الذين يُجسدون روح الدكتور كينغ الابن في دراسته وحياته وعمله في مجال العدالة، والذين يُروجون لمبادئ وأخلاقيات مساهمات كينغ العالمية الواسعة في أبحاثهم وتدريسهم وقيادتهم وجهودهم في بناء المجتمع. وتعليقا على ذلك، قال البروفيسور إن "هذا التقدير يحمل معنى كبيرا لي ويعكس القيم التي أسعى لغرسها في طلابي، خاصة خدمة الناس والأمم، وهي قيم نجدها عند المغاربة والشعوب العربية". وقد قاد أنس باري أول فريق من علماء الحاسوب والأطباء لتطوير نظام ذكاء اصطناعي قادر على التنبؤ بالحالات الشديدة من كوفيدـ19 في عام 2020، من خلال الجمع بين التحليلات التنبؤية والبيانات السريرية والعوامل الديمغرافية للمرضى وغيرها. وفي عام 2021، أنشأ أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد وتتبع المعلومات المضللة حول فيروس كورونا وقياس مستوى الثقة في اللقاحات. وبعدها بعامين، شارك في إنشاء خوارزمية لإعادة تعريف أنظمة التوصية من خلال برنامج "بايرورانك" (PyRoRank) الذي استلهم سلوكه من الطريقة التي تنتظم بها أسراب الطيور ذاتيا. وخلال الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، قاد البروفيسور فريقا من العلماء لتصميم أداة بيانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحليل نتائج الانتخابات والتنبؤ بها. وعند سؤاله عن المشاريع التي يعمل عليها حاليا، قال باري إنه يركز على البحث في الذكاء الاصطناعي والطاقة النووية حيث يتعاون مع خبراء بارزين، من بينهم البروفيسور ديفيد ناغل ـوهو أحد كبار الباحثين العالميين في مجال الطاقةـ لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة لاستكشاف مصدر جديد واعد للطاقة يُعرف باسم التفاعلات النووية منخفضة الطاقة (LENR). وأضاف "هدفنا هو تسريع البحث والتطوير التجاري لهذا المصدر النووي المبتكر، الذي قد يُحدث ثورة في إنتاج الطاقة العالمي. وقد تم عرض أعمالنا في أهم المؤتمرات الدولية للطاقة النووية، ولا نزال نواصل توسيع آفاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع". وإلى جانب ذلك، يعمل مختبره البحثي على تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي في مجالات الرعاية الصحية، والتمويل، وعلوم المناخ، وتطوير الذكاء الاصطناعي. وصفة النجاح وعن وصفة النجاح في مجال الذكاء الاصطناعي، أكد أنه بالإضافة إلى الخبرة العملية والعلمية، يُعتبر الإصرار والالتزام وتعزيز حس الفضول والانفتاح على التعاون من كلمات السر للتفوق في هذا المجال. كما ركز في حديثه للجزيرة نت على قيم إنسانية عديدة، مثل التفاني في العمل والصدق، قائلا "والدتي الراحلة رشيدة بارگاش غرست فيّ قيمة النزاهة والصدق في كل الجهود التي أبذلها، وكانت تقول لي دائما: اعمل بجد وأمانة في كل ما تقوم به". وأضاف "المغاربة والشباب العربي شعوب موهوبة وملتزمة بالعمل الجاد لأنه يسري في دمائها. وبما أن الذكاء الاصطناعي مستمر في التطور والانتشار، سيتزايد الطلب على خريجي الجامعات الذين يملكون معرفة ومهارات متخصصة فيه. لذا، أنصحهم ببناء أسس قوية في الرياضيات وعلوم الحاسوب واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي، فعلى الرغم من إمكانياته الهائلة فإنه يأتي مع اعتبارات أخلاقية مهمة للغاية". وقال البروفيسور "طوال مسيرتي المهنية، واجهت العديد من التحديات والرفض. عندما التحقت بجامعة الأخوين، كان تمويل دراستي صعبا ورغم مساعدة والديّ، اضطررت إلى أخذ قرض كبير من البنك. كما تم رفض طلبي للحصول على منحة فولبرايت في المرة الأولى، لكنني تقدمت مرة أخرى ونجحت". وتابع أنس باري "واجهت العديد من الرفض في فرص العمل، وكنت عاطلا عن العمل لمدة تزيد عن سنة. استمرت حالات الرفض والإخفاقات عندما انتقلت إلى الولايات المتحدة. الرحلة لم تكن سهلة قط؛ فالفشل والرفض جزء من التجربة. نحن كبشر لا نفشل، بل نتعلم من إخفاقاتنا. وفي النهاية، أولئك الذين ينجحون هم الذين لا يستسلمون أبدا".

التحديات المناخية تعزز فرص الزراعة العمودية
التحديات المناخية تعزز فرص الزراعة العمودية

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

التحديات المناخية تعزز فرص الزراعة العمودية

تشير التقديرات إلى أن أساليب إنتاج الغذاء الحديثة الحالية ستصبح غير مستدامة مع تزايد سكان العالم. وفي الوقت نفسه، يصعّب تغير المناخ زراعة المحاصيل وتربية الماشية وصيد الأسماك بالطرق والأماكن نفسها، مما حتم المرور إلى ما تعرف بالزراعة العمودية. وتزداد حالات الجفاف والفيضانات تواترا وشدة، مما يُشكل تهديدا للأمن الغذائي العالمي، ويزيد من الضغوط على المزارعين ومربي الماشية. ومن المتوقع أن يُؤدي ارتفاع درجات حرارة المحيطات إلى تغيير نطاقات موطن العديد من أنواع الأسماك والرخويات، مما قد يُؤدي إلى اختلال النظم البيئية. وفقا لأحدث تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يؤثر الجفاف حاليا على مناطق كثيرة، ويتناقص معدل هطول الأمطار في هذه المناطق. وفي أفريقيا، يعاني ما بين 75 مليونا و250 مليون شخص من نقص المياه للاستخدام المنزلي والزراعة، مما سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي للقارة بنسبة 50%. ومن المتوقع أن يستمر هذا التناقص خلال العقود القليلة القادمة. وتتجه الأنظار نحو الزراعة العمودية لتوفير المزيد من المحاصيل سنويا، وتقليل الضغط على المزارع والأراضي الصالحة للزراعة في العالم. فعلى عكس الزراعة التقليدية التي تُزرع فيها المحاصيل في طبقة واحدة، فإن هذه الطريقة المبتكرة لإنتاج الغذاء في طبقات عمودية ومتراصة بالكامل تُناسب مختلف الهياكل، مثل صناديق الشحن أو ناطحات السحاب، وتتمتع بإمكانات هائلة من حيث الإنتاج وخفض الانبعاثات الغذائية. وتستخدم الزراعة العمودية تقنيات زراعية مُتحكما بها بيئيا لتحقيق أقصى استفادة من تقنيات الزراعة الداخلية. تتضمن هذه الطريقة التحكم في درجة الحرارة والإضاءة ومستويات الغاز بشكل اصطناعي، ويمكن إجراؤها جميعا داخليا في مساحات صغيرة أو ضيقة، لذلك يُقارن العديد من المزارعين الزراعة العمودية بالزراعة في البيوت المحمية. وتقوم الزراعة العمودية على أربعة جوانب أساسية يجب مراعاتها، وهي الترتيب المادي، والإضاءة، ووسط النمو، وخصائص الاستدامة، وذلك بهدف زيادة كمية الغذاء المُنتَجة لكل متر مربع. ولتحقيق ذلك، تُزرع المحاصيل في هياكل حية تشبه الأبراج. وللحفاظ على مستوى الإضاءة المثالي في المكان، يُستخدم مزيج من الإضاءة الطبيعية والاصطناعية. وتُحسّن إستراتيجيات مثل أحواض الزراعة الدوارة كفاءة الإضاءة، وبدلًا من التربة تستخدم الزراعة العموديةُ الزراعةَ الهوائية أو المائية أو مواد الزراعة المائية، مثل طحالب "السفاغنوم" وقشور جوز الهند وغيرها من الوسائط غير الترابية. ولموازنة تكاليف الطاقة في الزراعة، تتضمن تقنيات الزراعة العمودية جوانب استدامة متعددة، مثل الزراعة المائية -زراعة النباتات بدون تربة، والزراعة الهوائية- وزراعة الأسماك والنباتات معا في مكان واحد وغيرها. وتشير البيانات إلى انخفاض استهلاك المياه في الزراعة العمودية بنسبة تبلغ 95%. وتستخدم تقنية الزراعة الهوائية الداخلية، وهي طريقة زراعة بدون تربة بنظام ري بالرش يقلل من استهلاك النباتات للمياه بنسبة 95%؛ حيث تُزرع البذور في خرق، وتُستخدم زجاجات بلاستيكية مُعاد تدويرها كحاويات. يستخدم نظام الزراعة الهوائية الداخلية الرأسي للشركة مصابيح "ليد" (LED) تعتمد على أطوال موجية محددة لزيادة كفاءة التمثيل الضوئي للنبات إلى أقصى حد. زراعة مستدامة لا تقتصر فوائد الزراعة العمودية على زيادة إنتاجية المحاصيل الصغيرة فحسب، بل تشمل أيضا بعضا من أهم الطرق التي تُفيد بها بيئتنا من أهمها: إعلان توفير المساحة: يُوفّر تكديس طبقات من النباتات المساحة ويُنتج محاصيل أكثر، وتُتيح المزارع العمودية لأي شخص زراعة محاصيله بنفسه، سواء كان لديه حديقة خلفية أم لا. تقليل استهلاك المياه: تستهلك أنظمة الري الزراعي كميات كبيرة من المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم كفاءة أساليب الري. ستساعد درجات الحرارة المُتحكم بها والأنظمة الذكية على تقليل فاقد المياه واستهلاكها. تنويع المحاصيل: تتيح لك الزراعة العمودية زراعة محاصيل متعددة في آنٍ واحد، وزيادة الإنتاج الغذائي. بيئة مُتحكَم فيها: على عكس الحديقة الخارجية التي تتأثر بتغيرات درجات الحرارة وأشعة الشمس والصقيع، تُتيح لك الزراعة العمودية تحكما أكبر في بيئة نمو النباتات. وهو ما يزيد من فرص نجاح المحصول ويقلِّل من خسائره الناجمة عن الأمراض والطقس القاسي والآفات. ورغم أن الزراعة العمودية قد تبدو حلا ممتازا في المساحات المحدودة، فإنها لا تناسب جميع النباتات، إذ لا يمكن زراعة أي نوع من الخضروات أو الزهور المعمرة، ولا الأشجار والشجيرات. لا يمكن زراعة سوى عدد قليل من المحاصيل الغذائية عموديا نظرا لضيق المساحة واحتياجات النمو، ومع ذلك قد يكون الأمر فارقا. مستقبل الزراعة العمودية يُطلق الكثيرون على الزراعة العمودية اسم "الزراعة المستقبلية"، فمع انتقال جزء كبير من سكان العالم إلى المدن بحلول عام 2050 والتزايد السكاني المستمر، ستزداد الرغبة في التوافق مع البيئة المحيطة، لا سيما فيما يتعلق بالطعام العضوي والطبيعي. ويمكن للزراعة العمودية أن تساعد المحاصيل على الاستعداد لهذا التحدي المستقبلي من خلال الاستخدام الفعال للأراضي والمياه، فهي تقنية زراعية مستدامة تُنتج حلقات زراعية مستقرة دون المساس بالجودة، وهو أمر بالغ الأهمية نظرا لأن 40% من أراضي العالم قد تدهورت بالفعل، ووفقا لتقرير حديث للأمم المتحدة. ومن بين الأسباب التي قد تدفع الشركات إلى اعتماد الزراعة العمودية تعزيز سلسلة التوريد، وخفض تكاليف الإنتاج، وتحصيل الإيرادات من المنبع أو المصب، والوصول إلى قنوات توزيع جديدة. وحسب تقرير صادر عن الصندوق العالمي للطبيعة "دبيلو دبيلو إف" (WWF) عام 2020، نما نموذج الزراعة العمودية الداخلية بمعدل سنوي يزيد عن 24% منذ عام 2018، وتشير التقديرات إلى أنها مبيعاتها بلغت 3 مليارات دولار عالميًا بحلول عام 2024. وتُعدّ الولايات المتحدة الأميركية الآن الدولة التي تضم أكبر عدد من المزارع العمودية، في وقت يشهد فيه هذا القطاع ازدهارا في دول آسيوية بما في ذلك اليابان والصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وتايلند. كما توسعت المزارع العمودية في ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وهولندا وغيرها من الدول الأوروبية.

من الروبوتات البشرية وحتى آلات المراقبة.. الذكاء الاصطناعي يغير الحياة في الصين
من الروبوتات البشرية وحتى آلات المراقبة.. الذكاء الاصطناعي يغير الحياة في الصين

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

من الروبوتات البشرية وحتى آلات المراقبة.. الذكاء الاصطناعي يغير الحياة في الصين

قدّمت الحرب التجارية الضروس التي تخوضها حكومة الصين ضد إدارة ترامب فرصة ذهبية للشركات الصينية العاملة في قطاع التقنية، وتحديدا شركات تطوير الروبوتات والذكاء الاصطناعي. وأدركت حكومة شي جين بينغ بعد سنوات من اضطهاد عمالقة التكنولوجيا أن شركاتهم قادرة على دعم الاقتصاد الصيني وإنقاذه من الأزمة المقبلة بعد انحدار قيمة الاستثمار العقاري وضعف الطلب على المنتجات الصينية عامة. وربما كانت لحظة نجاح " ديب سيك" وإبهار العالم أحد العوامل التي جعلت حكومة الصين تدرك أهمية القطاع التكنولوجي، إذ تمكنت الشركة من تقديم نموذج ذكاء اصطناعي يوازي ذلك الذي تقدمه الشركات الأميركية ولكن بتكلفة أقل كثيرا. ورغم أن تأثير هذا النموذج على الاقتصاد الأميركي كان سلبيا فإن أثره كان معاكسا على الاقتصاد الصيني الذي شهد رغبة الملايين الاستثمار في الشركة الناشئة. معادلة من 3 أطراف يمكن تقسيم سلسلة تطوير الروبوتات عموما إلى 3 أجزاء، الأول وهو العقل أو الذكاء الاصطناعي الذي يدعم الروبوت ويجعله يقوم بوظائفه المختلفة، والثاني هو الهيكل المعدني أو العضلات التي تتحرك استجابة لأوامر العقل، وأخيرا النظرة الإبداعية التي تتمكن من دمج هذا الروبوت وسط وظائف المجتمع بشكل يناسب كلا الطرفين. وبينما تبدع الصين منذ اللحظة الأولى في الجزأين الثاني والثالث لكن التحدي الحقيقي كان في بناء الذكاء الاصطناعي القادر على التعامل مع الأوامر المعقدة وتنفيذها، لذا فإن ظهور "ديب سيك" على الساحة كان كفيلا لتلبية هذا الاحتياج وإتمام معادلة تطوير الروبوتات. ورغم أن شركات الروبوتات الصينية قد لا تعتمد مباشرة على النسخة مفتوحة المصدر من نموذج "ديب سيك" فإن مجرد ظهور النموذج كان كفيلا لإنارة الطريق أمام هذه الشركات، إذ أثبت أن تطوير نموذج ذكاء اصطناعي خارق لا يحتاج إلى الشرائح فائقة الأداء التي لا تستطيع هذه الشركات الوصول إليها. وهذا لا يعني أن الطريق أصبح ممهدا أمام الشركات الصينية لتطوير روبوتات ذكاء اصطناعي خارق، إذ لا تزال العقبات المعتادة في هذا القطاع تقف أمامها مثلما تقف أمام الشركات الأميركية، فبينما يمكن تطوير نموذج لغوي فائق عبر الاعتماد على البيانات المتاحة مجانا في الإنترنت فإن تدريب الروبوتات يحتاج إلى نوع آخر من البيانات يتمحور حول آلية التحرك في الفضاء الفيزيائي والتعامل مع الأشياء، وبفضل طبيعتها الخاصة فهي بيانات شحيحة التوافر. 60 درجة من الحرية في عالم الروبوتات توجد ما يعرف باسم "درجات الحرية"، وهي مفهوم يشير إلى قدرة الروبوت على التحرك في محاور مختلفة، وبالتالي تأدية وظائف أكثر تعقيدا وتطلب تحركات أكثر تعقيدا. ومن أجل فهم هذا المصطلح يمكن القول إن الذراع الروبوتية التي تمتلك مفصلا واحدا فقط وتتحرك بزاوية 360 درجة توصف بأنها ذات درجة حرية واحدة، وفي حال امتلاك الذراع أكثر من مفصل ترتفع درجات الحرية الخاصة بها، وعموما، فإن الأذرع الروبوتية تمتلك درجات حرية بين 3 و7 درجات. واستطاعت الشركة الصينية "يونيتري" تقديم روبوت ذكاء اصطناعي يدعى "إتش 1" قادر على الركض وتأدية حركات راقصة، وكان هذا الروبوت إحدى أبرز اللحظات في حفل مهرجان الربيع الصيني لهذا العام، إذ كان الروبوت يمتلك 27 درجة من درجات الحرية، ولكن بحسب ما يصف الخبراء فإن الروبوت القادر على محاكاة الوظائف البشرية يجب أن يمتلك 60 درجة من درجات الحرية. وفي مقابلة مع صحيفة "غارديان" قال روي ما الخبير الصيني في القطاع التكنولوجي والمقيم في سان فرانسيسكو إن تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه مع الروبوتات سرّعا عملية تطوير الروبوتات بشكل كبير، وأتاحا وجود العديد من الروبوتات التجارية التي تقدم الوظائف البسيطة. أداء الوظائف البسيطة ورغم أن روبوت "إتش 1" تمكن من إحداث ضجة كبيرة عالميا فإنه كان نموذجا استعراضيا في المقام الأول، فكل ما قام به كان مدربا عليه ولا يستطيع القيام بأي فعل آخر غيره، ولكن اختلف الأمر مع العديد من الروبوتات المصغرة الأخرى على عكس الروبوتات البشرية. وفي مدينة شنتشن -التي تعرف بكونها عاصمة المسيّرات في الصين- يظهر مشهد معتاد لطائرة مسيرة صغيرة تحلق بسرعة كبيرة طمعا في الوصول إلى وجهتها وتسليم الطعام قبل أن يصبح باردا، وذلك عبر مجموعة من كبائن تسليم الطعام التي انتشرت في أرجاء المدينة والحدائق المختلفة. وتعمل شركة "ميتوان" -التي تعد إحدى أكبر شركات توصيل الطعام في الصين- على توسيع أسطولها من المسيّرات القادرة على تسليم طلبات الطعام إلى الأماكن المختلفة عبر كبائن التسليم ضمن رحلة للتغلب على أوقات تسليم الطعام البشرية بمقدار 10%. وفي شوارع شنغهاي اعتاد المارة على رؤية الكلاب الآلية تلعب مع الأطفال أو تحمل الحقائب وتسير إلى جوار ملّاكها في الأماكن المختلفة، ناهيك عن أسطول "بايدو" من التاكسيات الآلية التي تغزو مدنا صينية عدة. أما في حدائق بكين العامة فبدأت الإدارة بالاعتماد على العربات ذاتية القيادة في مراقبة الحديقة والطرق المختلفة، وذلك عبر تزويدها بكاميرات ذات دقة عالية وقدرة على تتبع الحركة بشكل واضح وسريع، وذلك من أجل خفض تكلفة المراقبة الحديثة والحفاظ على أمن زوارها. المزيد من الاستخدامات الأمنية ورغم أن الحكومة الصينية لم تتوسع بعد في الاستخدامات الأمنية للروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي فإنه من المتوقع توسعها في هذه الاستخدامات بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، وربما كان ما تفعله إدارة حدائق بكين هو مجرد مثال بسيط على ما ينتظر الشعب الصيني. لكن هذه الاستخدامات تعتمد مباشرة على تطور الروبوتات البشرية وقدرتها على أداء المزيد من الحركات المعقدة ذات محاور الحركة الأكثر تعقيدا، ولكن مشهد ضباط الشرطة وقوات فض الاشتباك الآلية لن يكون غريبا خلال السنوات المقبلة. دعم حكومي واسع في مارس/آذار الماضي خرج رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ بتصريح مباشر، واعدا الشركات التقنية بأنه سيطلق العنان لإبداع الاقتصاد الرقمي مع تركيز خاص على مفهوم "الذكاء الاصطناعي المتجسد"، أي استخدام الذكاء الاصطناعي في الروبوتات. ويبدو أن الحكومة الصينية تنوي دعم هذا التصريح بشتى الطرق، إذ أعلنت حكومة إقليم قوانغدونغ -الذي يضم مدينة شنتشن- نيتها استثمار ما يقارب 7 ملايين دولار لتطوير مراكز الابتكار ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبحسب تقدير هيئة الطيران الصينية، فإن قطاع المسيّرات -التي تحلق على ارتفاع منخفض- سيشهد في السنوات المقبلة نموا واسعا يصل إلى 5 أضعاف الوضع الحالي خلال القرن المقبل، ومن المتوقع أن يزداد النمو أكثر من هذا. يشار إلى أن جاك ما مؤسس شركة "علي بابا" الشهيرة -والذي كان مطاردا في السنوات الماضية من الحكومة الصينية- حصل على دعوة خاصة لمقابلة الرئيس الصيني، إلى جانب مجموعة من مؤسسي كبرى الشركات التقنية الصينية، وهو ما يعزز توجه الحكومة الصينية في دعم التقنية والشركات الخاصة بها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store