logo
ازدواجية المقاربات في خطاب جعجع: شد العصب لا يعني الواقعية والمنطق

ازدواجية المقاربات في خطاب جعجع: شد العصب لا يعني الواقعية والمنطق

النشرةمنذ 5 أيام
في ظل المشهد ال​ لبنان ​ي المأزوم سياسيًا واقتصاديًا، يبرز خطاب رئيس ​ حزب القوات اللبنانية ​ ​ سمير جعجع ​ كواحد من أكثر الخطابات حدة وقوة. ولكن، في مقابل الانشراح لوجود مثل هذه القوة والحدية، فإن هذا الموقف يحمل تناقضات جوهرية تكشف عمق المأزق السياسي الذي يعيشه البلد، وتُظهر كيف أن حتى من يرفع شعارات الحسم والمواجهة ينزلق أحيانًا إلى تسويات ظرفية تُفرغ المواقف من محتواها.
أولى هذه المفارقات تكمن في موقفه من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون. فمن جهة، يقدّمه جعجع على اعتبار انه حليف استراتيجي ويمتدحه بشدة باعتباره رجل المرحلة، خصوصاً بعد زيارته في قصر بعبدا منذ فترة. ومن جهة أخرى، لا يتردد في توجيه انتقادات مبطّنة له باعتباره يتلكأ في اتخاذ مواقف حاسمة، لا سيّما في ما يتعلق بضبط الأمن أو التعاطي مع ​ سلاح حزب الله ​. هذا التناقض يُظهر تردّدًا في رسم العلاقة مع رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية (الرئيس عون هو القائد الأعلى للقوات المسلحة)، وكأن جعجع يريد رئيسًا "قويًا" يواجه سلاح الحزب على ان "ينأى" هو بنفسه عن أي تداعيات وتصعيد داخلي قد ينجم عن ذلك.
الأمر نفسه ينسحب على موقفه من الحكومة ورئيسها ​ نواف سلام ​. فرغم أن حزب القوات يشارك بفعالية في الحكومة ويدعم استمرارها، نجده ينتقدها عند كل قرار لا يعجبه، حتى لو كان وزراؤه قد صوتوا عليه. هذا يعكس تناقضًا في التوجه: دعم الاستقرار الحكومي من جهة، وتحميل الحكومة نفسها مسؤولية العجز من جهة أخرى، وكأن المطلوب أن تتحرك الدولة وفق التوجه الذي يريده هو حصراً.
في ما يتعلق بسلاح حزب الله، يتبنى جعجع خطابًا تصعيديًا حين يقول ان لا خوف من حرب أهليّة إذا طُرحت مسألة نزع السلاح بالقوة، لكنه في المقابل يؤيّد عدم دخول الجيش إلى الضاحية الجنوبيّة، ما يعني ان السبب الفعلي لذلك واضح: الخشية من الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة مع الحزب، واحتمال تفجّر الوضع داخليًا. ما يعني أن "الخوف من الحرب" هو قاعدة مستترة تحكم خياراته، حتى حين يُنكر ذلك علنًا.
أما في ما يخص العلاقات الإقليمية، فإن جعجع يكيل بمكيالين. فهو يحمّل حزب الله مسؤولية خرق التفاهمات الأمنية مع إسرائيل، لكنه يتغاضى عن عدم التزام إسرائيل بتعهداتها، وكأنه "يبرر" اعتداءاتها، مع العلم انه اعلن مرارا ًوتكرارا عدم تأييده هذه الاعتداءات. والامر نفسه ينسحب على النظام السوري الجديد الذي يعفيه رئيس القوات من المسؤولية، متذرعًا بعدم صدور مواقف عدائيّة منه تجاه لبنان، متناسيًا ما جرى على الحدود، وتراخيه المتعمّد في أي انفتاح عملي تجاه لبنان، ورفضه إعادة النازحين السوريين فيما كان يحمّل (أي جعجع) نظام الأسد (وعن حق) مسؤولية بقاء هؤلاء في البلد. وهل تساءل جعجع عن السبب الذي يجعل العالم يهرول لتقديم المساعدات المادية والاقتصادية الى النظام السوري فيما الأوضاع هناك تشهد عدم استقرار فادح على الصعد الأمنية والاقتصادية والسياسية والشعبية؟ ولماذا لا يصح هناك ما يصح في لبنان؟ ولو ارتُكبت المجازر التي شهدتها مناطق سوريّة، في لبنان (لا سمح الله)، هل كنا امام المشهد الدولي نفسه؟.
النقطة الوحيدة التي يمكن اعتبارها واقعية في كلامه، كانت قوله بأن سلاح حزب الله لم يعد يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل. لكنه عاد ليُناقض نفسه، حين اعتبر أن هذا السلاح هو العقبة الوحيدة أمام السلام في لبنان، متجاهلاً أن العقبة الحقيقية ليست السلاح، بل الرغبة الإسرائيليّة غير المعلنة في اتمام لبنان الى موجة الموقعين على التطبيع او على اتفاق سلام انما بشروط إسرائيلية وبرعاية أميركية بطبيعة الحال، وهو ما يعرف الجميع أنه قادم لا محالة، ولكن ليس عبر الإرادة الحرة بل عبر الضغوط السياسية والاقتصادية معًا.
في المحصّلة، لم ينجح جعجع في استقطاب الشريحة الأكبر من اللبنانيين، واكتفى بمؤيديه ومناصريه الذين سيلتفون حوله مهما كانت أقواله، انما كان بمقدوره اعتماد مقاربة اكثر منطقيّة تجذب اليه عدداً اكبر بكثير من اللبنانيين التواقين الى سماع صوت المنطق والعقل والطروحات العملية الفاعلة للتخلص من الازمات التي يقع فيها لبنان، بدل اعتماد مواقف لا يمكن أن تصمد أمام اختبار الواقع.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علي المقداد: لن نوقّع على قرار بإعدام السيادة
علي المقداد: لن نوقّع على قرار بإعدام السيادة

الديار

timeمنذ دقيقة واحدة

  • الديار

علي المقداد: لن نوقّع على قرار بإعدام السيادة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تناول النائب في كتلة "الوفاء للمقاومة"، علي المقداد، مشاركة الثنائي في جلسة مجلس الوزراء وما سبقها من اتصالات مستمرة، مشيرًا إلى "التهويل الإعلامي والسياسي الذي صوّر الجلسة على أنها مفصلية أو تاريخية". وأوضح في حديث الى إذاعة "سبوتنيك" أن "الأَولى والأهم هو عقد جلسات مفصلية تبحث في قضايا مصيرية كالأراضي المحتلة، والأسرى، وإعادة الإعمار"، متسائلًا: "هل هذه الجلسة ضرورة للبنان، أم للعدو الإسرائيلي والأميركي؟'، منتقدًا في السياق' التماهي مع الخطاب الإسرائيلي والأميركي". وحول احتمال طرح التصويت على نزع سلاح "حزب الله"، قال المقداد: "لن نوقّع على قرار بإعدام السيادة أو محو قسم كبير من اللبنانيين عن الوجود". وأكد أن "حلّ الأزمات الداخلية يجب أن يكون لبنانيًا، بعيدًا من الضغوط الخارجية'، مشددًا على أن 'الأولوية اليوم هي حماية البلد أمام التهديد الوجودي". وأضاف: "رئيس الجمهورية جوزاف عون، مؤتمن على الدستور، وقد تحدّث عن انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة ووقف الاعتداءات، قبل أن يشير إلى موضوع السلاح باعتباره شأنًا داخليًا لبنانيًا". وفي ما يتعلق بالتحركات الأخيرة في الضاحية الجنوبية، أوضح المقداد أنها 'تحركات عفوية تعبّر عن نبض الشارع'، نافيًا وجود قرار يشبه ما حصل عام 2008 وأدى إلى أحداث 7 أيار. وختم بالقول: 'كفى للبنان أن يعاني مما عاناه سابقًا، وعلى اللبنانيين الجلوس إلى طاولة واحدة والبحث في حلول مشتركة'.

فياض بعد اللقاء مع باسيل: ندرك أن الظرف دقيق وصعب ولكن على لبنان ألّا يفرط بمصالحه
فياض بعد اللقاء مع باسيل: ندرك أن الظرف دقيق وصعب ولكن على لبنان ألّا يفرط بمصالحه

الديار

timeمنذ دقيقة واحدة

  • الديار

فياض بعد اللقاء مع باسيل: ندرك أن الظرف دقيق وصعب ولكن على لبنان ألّا يفرط بمصالحه

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أشار عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​علي فياض​، بعد لقاء وفد من "​حزب الله​" رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​، إلى أنّ "أننا تناقشنا مع رئيس التيار في العديد من الأمور، وأهمها استمرار العدوان الإسرائيلي على ​لبنان​، وتشاركنا وجهات النظر حول المخاطر القائمة والمحتملة التي يتعرض لها البلد". ولفت إلى أنّ "أسوأ المخاطر التي يتعرض لها لبنان هي تحويل المشكلة من لبنانية - إسرائيلية إلى لبنانية - لبنانية، وكلما تماسك الموقف الداخلي اللبناني، كلما كنا أقدر على الحد من المخاطر على البلد". وأوضح فياض أنّ "المخاطر لا تختصّ بمكوّن دون آخر، ولا بمنطقة دون أخرى، ونحن ندرك أن الظرف دقيق وصعب، ولكن على لبنان ألّا يفرّط بمصالحه". وقال: "نريد موقفًا لبنانيًا رسميًا واحدًا ومتماسكًا، ونتمسك جميعًا بالأولويات، ومنها انسحاب العدو الإسرائيلي، وإعادة الأسرى، وبدء الإعمار كمدخل لإطلاق مسار المعالجة التي يتولاها اللبنانيون فيما بينهم".

حكم وضع صورة المتوفي على الحائط ومواقع التواصل لطلب الدعاء له.. الإفتاء توضح
حكم وضع صورة المتوفي على الحائط ومواقع التواصل لطلب الدعاء له.. الإفتاء توضح

صدى البلد

timeمنذ 28 دقائق

  • صدى البلد

حكم وضع صورة المتوفي على الحائط ومواقع التواصل لطلب الدعاء له.. الإفتاء توضح

نشرت دار الإفتاء المصرية ، فيديو عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أجابت فيه عن عدد من الأسئلة الواردة من المتابعين، كان من أبرزها سؤال حول حكم نشر صور المتوفين على منصات التواصل بهدف طلب الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة. وأجاب الشيخ محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة وأمين الفتوى بدار الإفتاء، موضحًا أنه لا يوجد في الشريعة ما يمنع من ذلك، وأن الحكم في هذه المسائل يُبنى على المقاصد. وأضاف أن نشر صورة المتوفى بنية التذكير والدعاء له يُعد من الأعمال الطيبة التي قد تُثير في نفوس من يعرفونه الرغبة في الدعاء له بإخلاص، مما يعود بالنفع عليه في آخرته. وفي سؤال آخر تلقته دار الإفتاء ونشرته أيضًا عبر فيديو منفصل على صفحتها، أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى، عن مدى شعور المتوفى بزيارة أقاربه للمقابر، حيث شدد على أهمية استمرار المسلم في زيارة المقابر وعدم الانقطاع عنها، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها، فإنها تذكر الآخرة". وأشار الشيخ عويضة إلى أن زيارة القبور تذكّر المسلم بآخرته وتربطه بأحبائه من المتوفين، موضحًا أنه ثبت عن النبي ﷺ قوله: "ما من مسلم يمر بقبر أخيه فسلم عليه إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام". واختتم بالإشارة إلى ما ذكره الإمام ابن الجوزي عن امرأة صالحة ظهرت له في المنام وطلبت منه ألا ينقطع عن زيارتها، مؤكدة أنها تُبشر بزيارته، في دلالة على أن الأموات يشعرون بزيارة الأحياء ويأنسون بها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store