"توتر بارد" بين فرنسا وإسرائيل.. ماكرون يحيي إرث ديغول
وجهت الحكومة الإسرائيلية في تصعيد غير مسبوق بين باريس وتل أبيب، انتقادات لاذعة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
واتهمت إسرائيل ماكرون بأنه يسير في "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية".
جاء ذلك على خلفية تصريحات ماكرون التي شدد فيها على "الواجب الأخلاقي" للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسط تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة.
وفتحت التصريحات الباب أمام تساؤلات حقيقية: هل تسير فرنسا وإسرائيل نحو قطيعة دبلوماسية غير مسبوقة؟
ويرى الدكتور بيار بلان، الباحث في العلاقات الدولية بمعهد الدراسات السياسية في بوردو، والمتخصص في الشرق الأوسط أن "ما نشهده حاليًا ليس مجرد موقف رمزي من فرنسا، بل بداية تحوّل استراتيجي في مقاربتها للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي".
وقال بلان إن "حديث ماكرون عن الواجب الأخلاقي للاعتراف بفلسطين يعكس ضغطًا داخليًا متناميًا من النخب الأكاديمية والسياسية والشارع الفرنسي، خصوصًا بعد المجازر المتكررة التي تُرتكب في غزة تحت غطاء الحرب على الإرهاب".
واعتبر أن ماكرون يسعى إلى استعادة التوازن الأخلاقي والدبلوماسي لفرنسا، بعد أن كانت متهمة في السنوات الماضية بمجاراة السياسات الأمريكية والإسرائيلية، خصوصًا في عهد ترامب.
وأشار إلى أن "فرنسا اليوم، ومن خلال تصريحات ماكرون، تعيد التأكيد على أنها لاعب مستقل على الساحة الدولية، يملك الحق في توجيه الانتقادات لحلفائه عندما تنتهك حقوق الإنسان، وهذا ينطبق على إسرائيل كما ينطبق على روسيا في أوكرانيا".
وفيما يخص القطيعة المحتملة، أوضح بلان: "لا أرى أن الأمور ستصل إلى قطيعة دبلوماسية كاملة بين باريس وتل أبيب".
وتابع: "لكننا دخلنا بوضوح في مرحلة توتر بارد، قد تتجسد في تقليص التعاون العسكري والأمني، وتعليق بعض الزيارات الرسمية، وربما تعطيل صفقات استراتيجية في مجالات التكنولوجيا والدفاع".
بدورها، قالت لور دي شاتيل، الخبيرة في السياسة الفرنسية تجاه الشرق الأوسط في مركز أبحاث IRIS (المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية) إن "الصحوة الفرنسية في الملف الفلسطيني ليست فقط ردة فعل إنسانية، بل هي إعادة تموضع سياسي ذكي في عالم متعدد الأقطاب، حيث لم تعد فرنسا مستعدة لتلقي الإملاءات الإسرائيلية أو الأمريكية دون شروط.
ورأت شاتيل أن تصريحات ماكرون تعبر عن قناعة عميقة بأن استمرار دعم إسرائيل دون محاسبة يقوّض سمعة فرنسا في الجنوب العالمي، من العالم العربي إلى إفريقيا جنوب الصحراء".
واعتبرت أن السياسة الفرنسية تجاه فلسطين تعيد إحياء مبدأ "التوازن" الذي ارتكز عليه الجنرال ديغول منذ عقود، حينما انتقد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967.
وتابعت أن "ماكرون يدرك أن الوضع في غزة لم يعد يحتمل، وأن التغاضي عن الانتهاكات اليومية يُظهر ازدواجية أخلاقية فرنسية ترفضها شعوب بأكملها، ولهذا، فإن التصعيد الدبلوماسي ضد إسرائيل بمنزلة إنذار: إمّا وقف الجرائم في غزة، وإما ستواصل فرنسا الاصطفاف إلى جانب الحق الفلسطيني بشكل أكثر جرأة".
وعن احتمالات القطيعة، قالت دي شاتيل: "لا يمكن الحديث عن قطيعة دبلوماسية شاملة، فالروابط العميقة لا تزال قائمة، لكننا سنشهد ما يمكن تسميته بـ'العزلة السياسية الطوعية' لإسرائيل من قبل فرنسا في المحافل الدولية، وربما دعم اعتراف أوسع بفلسطين داخل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي".
ورغم أن الرئيس الفرنسي أوضح أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية مشروط بـ"نزع سلاح حماس" و"عدم مشاركتها في الحكم"، إلا أن ذلك لم يهدئ غضب تل أبيب.
فقد ذهب البيان الإسرائيلي إلى حد القول إن "العيد الوطني لإيمانويل ماكرون سيكون في 7 أكتوبر"، في إشارة إلى تاريخ هجوم حماس على إسرائيل، وكأنها تتهمه بالتواطؤ الضمني.
ولم ينجُ وزير الخارجية الفرنسي، جان-نوييل بارو، من الانتقادات الإسرائيلية، وذلك بعد أن صرّح عبر فيديو على مواقع التواصل أن إسرائيل "تقوض الإطار السياسي الذي يسمح بتحقيق السلام في المنطقة".
وفي رسالة على منصة "إكس" كتب رئيس الكنيست أمير أوحانا موجهًا كلامه مباشرة إلى الوزير الفرنسي: "أنت تقف في الجانب الخطأ من التاريخ"، مضيفًا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "يعني مكافأة حماس على 7 أكتوبر".
وفي تحد صريح للموقف الفرنسي والدولي، جدّدت الحكومة الإسرائيلية التزامها بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية.
جاء ذلك على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من موقع مستوطنة "سا-نور" في شمال الضفة، قائلًا: "نحن نعود إلى هنا اليوم برسالة واضحة إلى ماكرون وأصدقائه: يمكنهم الاعتراف بدولة فلسطينية على الورق، أما نحن فسنقيم الدولة اليهودية على الأرض" وفق تعبيره.
ورغم حدة الهجوم الإسرائيلي، لم يتراجع ماكرون عن مواقفه، بل كرر في خطابه بسنغافورة: "إذا تخلى الغرب عن غزة وترك إسرائيل تفعل ما تشاء، فسنفقد مصداقيتنا أمام بقية العالم".
وأكد الرئيس الفرنسي رفضه لمعادلة "الكيل بمكيالين"، مشددًا على أن هذا المبدأ يسري على كل النزاعات، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 27 دقائق
- ليبانون 24
بشأن رفع العقوبات.. إيران تطالب بـ"ضمانات" أميركية
حثّت إيران الولايات المتحدة على تقديم "ضمانات" بشأن رفع العقوبات المفروضة عليها، عقب اقتراح أميركي بشأن اتفاق نووي محتمل. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في مؤتمر صحفي أسبوعي في طهران"نريد ضمانات بشأن رفع العقوبات"، مضيفا "حتى الآن، لم يرغب الطرف الأميركي في توضيح هذه المسألة". وأتت تصريحات بقائي غداة تقرير صادر عن الأمم المتحدة يظهر أن طهران كثفت إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب. وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأحد بأن إيران سرعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60% القريبة من مستوى 90% المطلوب للاستخدام العسكري، قبل أسبوع من اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا. وقال الموفد الأميركي في المحادثات النووية ستيف ويتكوف الشهر الماضي إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستعارض أي تخصيب. وصرح ويتكوف لموقع برايتبارت نيوز "لا يمكن أن يكون لدى إيران برنامج لتخصيب اليورانيوم مجددا. هذا خطنا الأحمر. لا تخصيب". وتعهدت إيران مواصلة تخصيب اليورانيوم "مع أو بدون اتفاق" بشأن برنامجها النووي. وأوردت صحيفة نيويورك تايمز السبت أن كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الابيض قالت "أرسل المبعوث الخاص ويتكوف اقتراحا مفصلا ومقبولا للنظام الإيراني ، ومن مصلحته قبوله". وأشارت الصحيفة نقلا عن مسؤولين مطلعين على المحادثات الدبلوماسية أن الاقتراح عبارة عن سلسلة من النقاط الموجزة وليس مسودة كاملة. وأجرت طهران وواشنطن 5 جولات من المباحثات بوساطة عمانية منذ نيسان مع تأكيد الجانبين إحراز تقدم، رغم تباين معلن بينهما بشأن احتفاظ إيران بالقدرة على تخصيب اليورانيوم.


سيدر نيوز
منذ ساعة واحدة
- سيدر نيوز
مداهمات إسرائيلية مستمرة في الضفة الغربية، والسفير الأمريكي ينتقد دعوة فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية
قالت مصادر فلسطينية إن الجيش الإسرائيلي نفّذ خلال ليل الأحد/الإثنين سلسلة مداهمات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، تخللتها هجمات شنها مستوطنون ضد سكان وممتلكات فلسطينية، ما أسفر عن وقوع إصابات وأضرار مادية. وأفادت المصادر بأن القوات الإسرائيلية اقتحمت بلدة دورا جنوبي مدينة الخليل، وداهمت عشرات المنازل هناك، واعتقلت عدداً من الشبان الفلسطينيين، من بينهم سجناء سابقون. وفي سياق متصل، ذكرت مصادر طبية فلسطينية أن شاباً أُصيب بالرصاص في قرية برقا إلى الشرق من مدينة رام الله، مساء الأحد، خلال مواجهات أعقبت هجوماً نفذه مستوطنون على اثنين من أبناء القرية، تعرّضا للضرب المبرح، وتعرضت مركبتهما للتخريب. وأضافت المصادر أن إطلاق نار وقع عقب محاولة السكان التصدي للمستوطنين، ما أسفر عن إصابة شاب ثانٍ بجروح. وفي مدينة أريحا، أُصيب شاب فلسطيني بجروح وكدمات، بعد أن أوقفته قوة عسكرية إسرائيلية على أحد الحواجز عند مدخل المدينة، واعتدت عليه بالضرب، وفقاً لمصادر فلسطينية، إذ نُقل على إثر ذلك إلى المستشفى لتلقي العلاج. من جانب آخر، انتقد السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، بشدة دعوة باريس للاعتراف بدولة فلسطينية، مقترحاً في تصريح ساخر أنه 'إذا كانت فرنسا مصممة على ذلك، فلتقتطع جزءاً من الريفييرا الفرنسية وتُقيم دولة فلسطينية هناك'. وتترأس فرنسا هذا الشهر، بالشراكة مع السعودية، مؤتمراً دولياً في الأمم المتحدة يهدف إلى إحياء مسار حل الدولتين، الذي تعارضه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما أعلنت باريس أنها قد تعترف بدولة فلسطينية هذا العام. وفي مقابلة مع شبكة 'فوكس نيوز' السبت، وصف هاكابي المبادرة في الأمم المتحدة بأنها 'غير مناسبة على الإطلاق في وقت تخوض فيه إسرائيل حرباً'، وقال: 'السابع من أكتوبر/ تشرين أول بدّل الكثير من الأمور'، في إشارة إلى هجوم حماس على إسرائيل عام 2023، الذي اشتعلت فيه الحرب في غزة. وأضاف: 'إذا كانت فرنسا مصممة على رؤية دولة فلسطينية، لدي اقتراح لها: اقتطعوا جزءاً من الريفييرا الفرنسية وأقيموا عليها دولة فلسطينية، هذا أمر مرحّب به لهم، لكن غير مرحّب بهم أن يفرضوا هذا النوع من الضغط على دولة ذات سيادة'. وفي السياق نفسه، اتهمت إسرائيل الجمعة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشن 'حملة صليبية على الدولة اليهودية' بعد دعوته الدول الأوروبية إلى تشديد موقفها تجاه إسرائيل إذا لم تخفف من حصارها على قطاع غزة. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت في اليوم السابق أنها بصدد إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، فيما تعهّد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ببناء 'دولة يهودية إسرائيلية' في الضفة الغربية المحتلة. وتدين الأمم المتحدة هذه المستوطنات بانتظام باعتبارها غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتعدها عقبة رئيسية أمام حل الدولتين، لكن هاكابي، المدافع البارز عن إسرائيل، قال إنه 'لا يوجد احتلال' في الأراضي الفلسطينية.


بيروت نيوز
منذ 3 ساعات
- بيروت نيوز
دوافعه لا تزال قيد التحقيق.. الكشف عن هوية منفذ هجوم كولورادو الذي استهدف مؤيدين لإسرائيل
تعرفت سلطات إنفاذ القانون في ولاية كولورادو الأميركية على المشتبه به الذي هاجم عددا من المؤيدين لإسرائيل في مدينة بولدر بواسطة زجاجة حارقة (مولوتوف)، أمس الأحد. والمشتبه به يدعى محمد سليمان، وفق سلطات إنفاذ القانون، وتم اعتقاله من دون أن يبدي أي مقاومة. وفي وقت سابق، أعلن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي) أن الوكالة تحقق في 'هجوم إرهابي مستهدف' في بولدر بولاية كولورادو، وسط تقارير عن هجوم على مظاهرة مؤيدة لإسرائيل في المدينة. وقال كاش باتيل عبر منصة 'إكس': 'نحن على علم بهجوم إرهابي مستهدف في بولدر بولاية كولورادو ونحقق فيه بشكل كامل'، مضيفا أن 'عناصرنا وقوات إنفاذ القانون المحلية موجودة في الموقع، وسوف نشارك التحديثات مع توفر المزيد من المعلومات'. وأفادت وسائل إعلام أميركية أن عدة أشخاص أصيبوا في هجوم باستخدام زجاجات حارقة (مولوتوف)، بمدينة بولدر. ووقع الهجوم بعد ظهر أمس الأحد في منطقة بيرل ستريت مول، وهي منطقة تسوق شهيرة. وأُصيب عدة أشخاص في الهجوم ونقلوا إلى مستشفيات قريبة، من بينهم سليمان نفسه، الذي يتلقى العلاج تحت حراسة الشرطة. وأوضحت شرطة بولدر أنها لم تصنف الحادث حتى الآن كهجوم إرهابي، مشيرة إلى أن دوافع سليمان لا تزال قيد التحقيق بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفدرالي. ونقل موقع 'أكسيوس' الإخباري الأميركي عن مسؤول كبير في البيت الأبيض، قوله إنه تم إطلاع الرئيس دونالد ترامب على تفاصيل الهجوم في بولدر. كما كتب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على منصة 'إكس': نحن متحدون في الدعاء من أجل ضحايا الهجوم الإرهابي الموجّه الذي وقع بعد ظهر اليوم في بولدر. الإرهاب لا مكان له في بلدنا العظيم'. بينما قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون: 'نحن نواجه موجة من الإرهاب المعادي للسامية ضد اليهود في الولايات المتحدة'.(سكاي نيوز)