
بعثة صندوق النقد تنهي زيارتها إلى لبنان: الأولوية لملف المصارف
ترأس رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، قبل ظهر اليوم الخميس، في السرايا الحكومية، الاجتماع الختامي مع بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة أرنستو راميرز، بحضور كل من وزيري المالية ياسين جابر والاقتصاد والتجارة عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد والنائب الثالث للحاكم سليم شاهين والمدير العام لوزارة المالية جورج معراوي، إضافة إلى مستشاري رئيس الجمهورية ورئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لمياء المبيض.
وفي تصريح له عقب الاجتماع، أوضح وزير المالية ياسين جابر أن اللقاء جاء بهدف وضع خلاصة شاملة للمحادثات التي جرت مع الصندوق، وتأكيد الأولويات وخطة العمل اللازمة للتحضير للزيارة المقبلة المتوقعة نهاية الصيف أو مطلع الخريف. وأشار إلى أن المحادثات حققت تقدمًا ملموسًا، وبات هناك تصور أوضح للبرنامج الذي يُعمل عليه، مؤكدًا أن الأولوية في المرحلة المقبلة هي لمعالجة ملف
المصارف
. وقال: "لكي ينمو الاقتصاد اللبناني، لا بد من وجود قطاع مصرفي فاعل. وفي الوقت نفسه، من الضروري حلّ أزمة المودعين ليعرف الناس مصير ودائعهم". وأضاف أن القطاع المصرفي ضروري أيضًا للانتقال من الاقتصاد النقدي، الذي أدى إلى إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، إلى اقتصاد منظم قادر على استقطاب الأموال المكدسة في المنازل، والتي لا تفيد الاقتصاد في وضعها الحالي. وأوضح أن إعادة هذه الأموال إلى النظام المصرفي من شأنها أن تساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية من خلال إعادة إقراضها واستثمارها.
وفي ما يتعلق بالإصلاحات الأخرى المطلوبة، لفت جابر إلى أن هناك حاجة لإجراء تدقيق شامل في أداء
المؤسسات العامة
المستقلة بهدف تحسين فعاليتها. كما يجرى العمل حاليًا على إصلاح نظام الجمارك، وقد اتُّفق مؤخرًا على إدخال أجهزة سكانر حديثة إلى المرافئ اللبنانية، واعتماد آلية الفحص المسبق للواردات.
أما في ما يخص النظام الضريبي، فأشار إلى أن خطط التحديث تشمل أيضًا البنية التحتية للمؤسسات الحكومية، بما فيها إدخال أنظمة معلوماتية جديدة إلى عدد من الوزارات، بتمويل من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي على شكل تقديمات لا قروض. وأكد جابر أن "ما نقوم به هو ورشة إصلاح شاملة، وصندوق النقد هو شريك استشاري أساسي لنا، يساعدنا في تشخيص المشكلات واقتراح العلاجات الملائمة. وإذا كانت الحكومة جادة في الإصلاح، فعليها أن تباشر بتنفيذ هذه العلاجات بدءًا من
قطاع الكهرباء
ووصولًا إلى قطاع الاتصالات وغيره من المرافق العامة".
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
صندوق النقد مستعد لدعم لبنان ويرحب بالإصلاحات المالية
وردًا على سؤال حول ما يُشاع عن عدم تجاوب لبنان مع متطلبات صندوق النقد، نفى جابر ذلك قائلًا: "لا أعلم من أطلق هذه المزاعم، لكن من المنتظر أن يصدر بعد الظهر بيان رسمي عن صندوق النقد يوضح مجريات الأمور. المؤكد أن الصندوق وصف لنا العلاج، وعلى الدولة تطبيقه".
وحول خطة العمل للفترة التي تسبق الزيارة المقبلة، أوضح جابر أن لكل وزارة برنامجًا تعمل عليه. فمثلًا، من الآن وحتى نهاية حزيران، يُتوقع تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، ما سيفسح المجال لتطبيق القانون الذي ظل معطّلًا منذ سنوات. وستبدأ عملية إعادة هيكلة القطاع، بحيث يُقسم إلى ثلاثة قطاعات: الإنتاج، والنقل، والتوزيع، على أن يُفتح الإنتاج والتوزيع أمام القطاع الخاص، بينما يبقى النقل بيد الدولة. وقد حصل لبنان لهذا الغرض على قرض بقيمة 250 مليون دولار لتحديث شبكة النقل.
كما أشار إلى أن الدولة تعمل على مكننة الإدارة العامة، وهو أمر لطالما طُلب من لبنان ولم يتحقق حتى اليوم، وقُدِّم بالفعل طلب للحصول على قرض إضافي بقيمة 250 مليون دولار لهذا الغرض. وشدد على أن هذه القروض استثمارية، وليست إنفاقية، وهي تهدف إلى إحداث تغيير حقيقي في البنية الاقتصادية والإدارية للدولة. وتابع جابر القول: "لدينا رأسمال بشري هائل يخدم في الخارج، وقد آن الأوان لتوظيفه في خدمة الوطن، فالمعركة الآن هي معركة بناء الدولة والمؤسسات".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
تسونامي اقتصادي داخل إسرائيل بسبب الحرب مع إيران
المصائب الاقتصادية والمالية لا تأتي فرادى لإسرائيل، فمنذ انطلاق شرارة الحرب الإيرانية - الإسرائيلية ودولة الاحتلال تشهد ما يشبه "تسونامي" اقتصادي، وزلزال مالي واستثماري وتكنولوجي، إذ تعمقت الأزمات المعيشية التي يواجهها المواطن، وتضخمت الأسعار، واختفت سلع رئيسية من الأسواق، فضلاً عن خسائر فادحة في كل الأنشطة الاقتصادية، تضاف إلى الخسائر الناتجة عن كلفة حرب غزة والتي تقدر بأكثر من 86 مليار دولار، وهروب مزيد من الأموال إلى الخارج، واندفاع إسرائيليين نحو الهرب والبحث عن ملاذات آمنة وجنسيات أخرى، وتصاعد القلاقل بين المستثمرين المحليين، وتراجع شهية الشركات الأجنبية عن الاستثمار في إسرائيل، وتقلص الأنشطة القائمة. ومع حدة الضربات الإيرانية غير المتوقعة للكيان، علقت صناديق استثمار عالمية كبرى عمليات ضخ أموال واستثمارات جديدة في الأسواق الإسرائيلية انتظاراً لما تسفر عنه تلك الحرب المفتوحة وتطور الأوضاع الأمنية على الأرض، وبدأ كبار المستثمرين الأجانب يعيدون حساباتهم وقراراتهم المتعلقة بالاستثمارات الحالية أو المستقبلية، متسائلين بحسرة: "هل تلك إسرائيل واحة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، والتي تحولت بين ليلة وضحاها إلى بلد تسكن الفوضى كل جنباته؟". مع ارتفاع وتيرة الحرب بين إيران وإسرائيل تشهد دولة الاحتلال فوضى مالية، فهناك تراجع في أسعار الأسهم داخل بورصة تل أبيب، وانخفاض في قيمة الشيكل مقابل الدولار ومع استهداف صواريخ إيران مواقع نفطية استراتيجية وحساسة مثل محطات الوقود الحيوية وشركات إنتاج الكهرباء كما حدث في مدينة حيفا تتعمق الأزمة المالية داخل إسرائيل والتي يصاحبها عجز ضخم ومتزايد في الموازنة العامة بسبب الكلفة الضخمة للحرب على إيران، وضخامة الإنفاق العسكري والمدني، وكلفة استدعاء جنود احتياط، والتعويضات المقرر صرفها للمؤسسات والجهات المتضررة من الضربات الصاروخية ، وزيادة الإنفاق على القبة الحديدية حيث تقدر تكلفة اعتراض صاروخ واحد باستخدام المنظومة بنحو 1.5 مليون دولار. في تُقدّر التكلفة الشهرية لجندي الاحتياط بنحو 14 ألف دولار. كما تأثرت قطاعات حيوية مثل الصادرات والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والبنوك والخدمات المالية والاستثمار المباشر. موقف التحديثات الحية طبول الحرب تقرع في الخليج... ما الخسائر المتوقعة؟ ومع ارتفاع وتيرة الحرب بين إيران وإسرائيل تشهد دولة الاحتلال فوضى مالية، فهناك تراجع في أسعار الأسهم داخل بورصة تل أبيب، وانخفاض في قيمة الشيكل مقابل الدولار، واعتراف رسمي بتسبب الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة في أضرار مادية مباشرة داخل منشآت نفطية واقتصادية استراتيجية، من بينها منشآت غاز وخطوط أنابيب نفط وخطوط نقل وقود. انتقلت حالة الفوضى تلك إلى الأسواق والمحال التجارية ونقاط البيع والتي شهدت نفاداً سريعاً للسلع الأساسية بسبب التكالب الشديد على الشراء من قبل المستهلكين تحسباً لطول أمد الحرب وزيادة المخاطر الأمنية والجيوسياسية، واختفت سلع غذائية ومشتقات وقود ومستلزمات طبية، وشهدت شوارع تل أبيب اصطفاف طوابير طويلة من المتسوقين أمام المتاجر والمولات، وبسبب نقص المشتقات النفطية، خصوصاً وقود المركبات والديزل الصناعي، تم تفعيل مخزونات الطوارئ. إسرائيل على أبواب أزمة اقتصادية ومالية جديدة وحادة بسبب الإنفاق الحربي، أزمة تقود إلى تضخم مالي وتعميق العجز في خزانة الدولة ورفع الضرائب وخفض الأجور صاحب تلك التطورات انهيار غير مسبوق في قطاع السياحة الإسرائيلي بسبب توقف رحلات الطيران وإغلاق المطارات الرئيسية ومنها مطار بن غوريون، وإعلان شركة العال الإسرائيلية إلغاء رحلاتها حتى يوم 23 يونيو/ حزيران. خسائر تضاف إلى خسائر أخرى قدرت بقيمة 3.4 مليارات دولار تكبدها القطاع منذ بدء حرب الإبادة على غزة، مع انخفاض بأكثر من 90% في عدد السيّاح الأجانب، وإعلان شركات طيران دولية وقف رحلاتها من وإلى تل أبيب لفترات طويلة. ومع توجيه إيران ضربات موجعة إلى البنية التحتية في إسرائيل بخاصة في تل أبيب وحيفا يشهد قطاع البناء والتشييد انهياراً إضافياً يضاف إلى خسائر اقتصادية تكبدها القطاع تقدر بنحو 131 مليار شيكل (36.5 مليار دولار) منذ بداية الحرب، وفق أرقام جمعية اتحاد مقاولي البناء في إسرائيل. إسرائيل على أبواب أزمة مالية جديدة وحادة وتسونامي اقتصادي جديد بسبب الإنفاق الحربي، أزمة تقود إلى تضخم مالي وتعميق العجز في خزانة الدولة ورفع الضرائب وخفض الأجور ومخصصات الرفاه الاجتماعي.


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
مصر تعتمد "أبوظبي القابضة" مؤسسة حكومية وتعفيها من ضريبة الأرباح
وافق مجلس النواب المصري ، اليوم الأحد، على القرار الرئاسي رقم 211 لسنة 2025، المتعلق بالموافقة على البروتوكول رقم 2 الملحق بالاتفاقية المبرمة بين حكومتي مصر والإمارات بشأن تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب في ما يخص الضرائب على الدخل. وتنص الاتفاقية على اعتماد "شركة أبوظبي التنموية القابضة" و"صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية" بكونهما مؤسستين حكوميتين. وبموجب هذا الاعتماد، تستفيد المؤسستان من الإعفاءات الضريبية المنصوص عليها في اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الموقعة في العاصمة الإماراتية أبوظبي بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، التي وافق عليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في عام 2020. ويُعد البروتوكول مكملًا للاتفاقية الأصلية، وتُعتبر نصوصه جزءًا لا يتجزأ منها، حيث يتضمن تعريفًا موسعًا لمصطلح "الحكومة" لأغراض تطبيق حكم المادة الرابعة والعشرين المتعلقة بالدخل العائد للحكومة والجهات التابعة لها. بالنسبة إلى مصر، يشمل مصطلح "الحكومة" صندوق مصر السيادي باعتباره المالك المستفيد الحقيقي، بالإضافة إلى الكيانات التي يملكها بشكل مباشر أو غير مباشر بنسبة لا تقل عن 50% من رأسمالها، وذلك في حدود نسبة الملكية، مع نسب الملكية غير المباشرة إلى الصندوق. أما بالنسبة إلى دولة الإمارات، فيتضمن التعريف شركة أبوظبي القابضة بصفتها المالك المستفيد الحقيقي، وكذلك الكيانات المملوكة لها بشكل مباشر أو غير مباشر بنسبة لا تقل عن 50% من رأسمالها، وذلك في حدود نسبة الملكية، مع نسب الملكية غير المباشرة إلى الشركة. وتشمل الإعفاءات الضريبية المنصوص عليها في الاتفاقية بين الدولتين ما يتعلق بأي دخل ناتج من: توزيعات الأرباح (المادة الـ10)، والفوائد (المادة الـ11)، والأرباح الرأسمالية (المادة الـ13). ويشمل مصطلح "الحكومة" كلًّا من الحكومات المحلية وأجهزتها ومؤسساتها المالية الحكومية التابعة لها، والمصرف المركزي التابع للدولة المتعاقدة الأخرى، وأية مؤسسة أو هيئة يُتَّفَق عليها بين حكومتي الدولتين من وقت لآخر. أسواق التحديثات الحية أسواق الخليج تنزف بأول جلسة بعد حرب إيران وإسرائيل.. أسوأ أداء بمصر وأشار تقرير مجلس النواب إلى أن البروتوكول يُشجّع على الاستثمار ، ويزيد من فرص العمل بين مصر والإمارات، ويُسهم في تحقيق الأهداف المنشودة من الاتفاقية الأصلية، ومن المتوقع أن يُعزز الشراكة الاقتصادية بين البلدين ويدفع عجلة التنمية. وكان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في مصر قد وافق في وقت سابق على مجموعة من عمليات استحواذ شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ) على حصص في ثلاث شركات بترول مصرية، ضمن مجموعة من الصفقات الأخرى. وقد أسهمت صفقة ضخمة مع الشركة، البالغة قيمتها 35 مليار دولار، في دعم الاقتصاد المصري وسط أزمة ديون متفاقمة خلال العام الماضي. وتُعد "أبوظبي القابضة" أحد صناديق الثروة السيادية الرئيسية في إمارة أبوظبي. وفي فبراير/شباط 2024، أُعلن مشروع "رأس الحكمة" باستثمارات تصل إلى 24 مليار دولار نقدًا، مقابل حق تطوير الأرض الواقعة على ساحل البحر المتوسط. ويتضمن المشروع إنشاء مرافق سياحية ومنطقة حرة، بالإضافة إلى منطقة استثمارية وخمسة مراسٍ بحرية، ومنطقة سكنية تمتد على مساحة 80 مليون متر مربع، وتستوعب نحو 190 ألف فيلا وشقة، بما يُوفر سكناً ترفيهيًا لنحو مليوني نسمة. وتقع منطقة رأس الحكمة على بُعد 200 كيلومتر إلى الغرب من مدينة الإسكندرية، بالقرب من مناطق منتجعات صيفية فاخرة ذات شواطئ رملية بيضاء، تحظى بشعبية كبيرة بين الأثرياء من المصريين.


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
غلاء الإيجارات في تركيا يدفع آلاف لاجئين سوريين للعودة إلى منازهم المدمرة
بدأت آلاف العائلات السورية اللاجئة الاستعداد للعودة الطوعية إلى سورية، مع اقتراب انتهاء العام الدراسي في تركيا، على الرغم من الظروف الصعبة التي تنتظرهم، بدءًا من الدمار الواسع في مساكنهم، وانتهاءً بغلاء تكاليف المعيشة، خصوصًا الإيجارات وأسعار الأثاث. وبينما يشكّل ارتفاع الإيجارات في تركيا عاملًا ضاغطًا للعودة، لا يبدو الواقع السكني في سورية أكثر سهولة، حيث ترتفع الإيجارات رغم غياب الخدمات الأساسية، ما يضع العائلات السورية أمام معادلة قاسية: البقاء في تركيا بتكاليف مرهقة، أم العودة إلى سورية بكل ما تحمله من أعباء الترميم وإعادة التأسيس؟ تركيا تضيق بالمستأجرين السوريين يقول أحمد الزعبي، وهو لاجئ سوري من مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، يعيش في ولاية غازي عنتاب التركية منذ عام 2019، ويعمل في محل سوبر ماركت يمتلكه، قرر بيع جزء كبير من المواد الغذائية بالجملة، تمهيدًا لعودته إلى سورية لـ"العربي الجديد": "منزلي في تدمر لم يُقصف، لكنه تعرّض للسرقة من قبل المليشيات التي كانت منتشرة في المدينة قبيل سقوط نظام بشار الأسد المخلوع". ويضيف الزعبي: "كنت في تدمر صاحب مطعم للحوم، وعملي كان جيدًا... الآن أستعد للعودة بعد حوالى 15 يومًا، بعد أن ينهي أطفالي امتحاناتهم الدراسية ويحصلوا على الجلاء المدرسي". ويوضح الزعبي أن قرار العودة لم يكن سهلًا، لكنه جاء نتيجة عدة عوامل، أبرزها، حسب تعبيره، تحرر سورية من نظام بشار الأسد الذي كان سبب هجرتهم، وثانيًا الغلاء الفاحش في أسعار الإيجارات بتركيا، إذ ارتفع إيجار منزله خلال الأشهر الستة الماضية من 6000 إلى 18000 ليرة تركية، أي بزيادة تجاوزت 200%. ويقدّر الزعبي تكلفة العودة الطوعية لعائلته المكوّنة من 8 أشخاص بنحو 1200 دولار، 300 دولار لنقل العائلة من عنتاب إلى معبر باب الهوى، و700 دولار لنقل أثاث المنزل، و200 دولار من المعبر إلى مدينة تدمر. سورية ليست أرخص.. لكنها وطن من جهته، يقول اللاجئ السوري عصام الحموي من منطقة سقبا في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ويقيم حاليًا في إسطنبول لـ"العربي الجديد" إنه قرر أيضًا العودة إلى سورية، رغم أن منزله مدمر بالكامل نتيجة الحملة العسكرية لقوات النظام عام 2017. ويضيف: "رغم دمار منزلي، قررت العودة بعد تحرير سورية من النظام السابق، العودة قرار حتمي بالنسبة إليّ، لكنها ليست سهلة". ويتحدث الحموي عن التكاليف الباهظة التي تواجهه، من نقل أثاث منزله من إسطنبول إلى الغوطة الشرقية، ما سيكلفه حوالى 1700 دولار، ومع أن الأثاث عمره أكثر من خمس سنوات، إلا أنه لا يستطيع شراء أثاث جديد في سورية، فحتى الإيجار وحده سيكلفه نحو 1000 دولار لمدة 6 أشهر. ويضيف: "لا توجد خيارات مريحة... في تركيا الإيجارات ترتفع بشكل جنوني، وفي سورية لا توجد بنية تحتية، لكن الأسعار لا تقل أيضًا، والراتب غير كافٍ لأي استقرار". سياحة وسفر التحديثات الحية الخطوط الجوية السورية تستأنف رحلاتها إلى تركيا بعد انقطاع 14 عاماً في المقابل، تُظهر شهادات العائدين أن غلاء الإيجارات في تركيا كان سببًا حاسمًا في قرارهم بالعودة، لكن المقارنة بين كلفة السكن في سورية وتركيا ليست لصالح أي من الطرفين. ففي تركيا، تجاوزت إيجارات المنازل في بعض المدن الحدودية مثل غازي عنتاب والريحانية 15 إلى 20 ألف ليرة تركية شهريًا، فيما تصل في إسطنبول إلى أرقام أعلى، وسط منافسة شديدة في سوق الإيجارات. أما في سورية، فالوضع لا يبدو أفضل، حيث ترتفع الإيجارات في دمشق، وحلب، ومدن أخرى، لتصل إلى مئات الدولارات شهريًا، رغم انعدام الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وإنترنت، وارتفاع تكاليف الترميم لمن تضررت بيوتهم. وبين ضغط ارتفاع الأسعار ، وصعوبة إعادة إعمار المنازل في الداخل، يقف آلاف السوريين أمام خيارات صعبة، لا تقل قسوة عن ظروف النزوح الأولى. فالمفاضلة باتت بين وطن ممزق يحاول النهوض، وبلد مضيف باتت تكاليف العيش فيه لا تُحتمل. هل كانت العودة إلى سورية متسرعة؟ بدوره، يقول مصطفى العاهي، وهو أحد العائدين من مدينة إسكندرون التركية الواقعة ضمن ولاية هاتاي إلى ريف العاصمة السورية دمشق، في حديث لـ"العربي الجديد": "لقد عدت أنا وعائلتي المكونة من 5 أشخاص قبل حوالى 4 أشهر، ولديّ ثلاثة أطفال. للأسف، كان قرار العودة متسرعًا نوعًا ما، ولم أكن أعلم أن وضع البنى التحتية في سورية سيئ إلى هذه الدرجة بفعل النظام المخلوع. فأنا خرجت من سورية عام 2012، ولم أزرها قط بعد الخروج منها". ويضيف العاهي: "استأجرت منزلًا في ريف دمشق بقيمة 250 دولارًا، وهو تقريبًا السعر نفسه الذي كنت أدفعه في إسكندرون، لكن الفارق كبير جدًا. ففي تركيا كانت تتوفر فرص العمل، أما في سورية، فحتى بعد مرور حوالى 7 أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، لا تزال فرص العمل ضئيلة جدًا. والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والإنترنت غائبة أو ضعيفة جدًا، وكل شيء يحتاج لمعاناة طويلة. هذا العام مثلًا، عانينا من انقطاع المياه بسبب قلة الأمطار، وكذلك من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وضعف في الشبكات". ويتابع العاهي حديثه، قائلًا: "لو عاد القرار لي، لما عدت في هذا التوقيت. سورية بلد اجتماعي جميل جدًا، لكنها منهكة بالكامل وبحاجة إلى جهود جبارة من الحكومة السورية الجديدة، ودعم حقيقي من دول الخليج وقطر والسعودية ودول الاتحاد الأوروبي، كي تُؤمَّن عودة حقيقية وآمنة لملايين اللاجئين في دول الجوار وأوروبا". وبين ضغط ارتفاع الأسعار، وصعوبة إعادة الإعمار، يقف آلاف السوريين أمام خيارات صعبة، لا تقل قسوة عن ظروف النزوح الأولى. فالمفاضلة باتت بين وطن ممزق يحاول النهوض، وبلد مضيف باتت تكاليف العيش فيه لا تُحتمل.