
ثلث أطفالها يعانون من السمنة.. المكسيك تحظر الوجبات السريعة
في قرار يُعد بمثابة ثورة غذائية، أعلنت المكسيك حظر بيع الوجبات السريعة في مدارسها، لتضع حداً لما وصفته السلطات بـ«أسوأ أزمة سمنة أطفال في العالم».
بدأ الحظر رسميا أمس (السبت)، على أن يتم التطبيق صباح غد (الإثنين) أول أيام الأسبوع الدراسي، ليفتح صفحة جديدة في معركة الدولة ضد وباء السمنة والسكري الذي يهدد أجيالها الصاعدة.
الحكومة المكسيكية، التي أطلقت على هذه الخطوة اسم «وداعا للوجبات السريعة» عبر منشور على منصة «إكس»، وضعت قواعد صارمة تستهدف المنتجات المصنعة المحملة بالملح والسكر، مثل المشروبات الغازية، ورقائق البطاطس، والوجبات الخفيفة القادمة.
هذه الأطعمة، التي كانت لعقود جزءًا من يوميات تلاميذ المكسيك، باتت الآن خارج أسوار المدارس الـ255 ألف المنتشرة في البلاد.
ويرجع قرار السلطات المكسيكية إلى الأرقام التي وصفتها بـ«المقلقة»، حيث يعاني أكثر من ثلث أطفال من السمنة أو زيادة الوزن، وفقا لتقارير السلطات.
أخبار ذات صلة
وتشير منظمة يونيسف إلى أن الأطفال المكسيكيين هم الأعلى استهلاكا للوجبات السريعة في أمريكا اللاتينية، حيث تشكل هذه الأطعمة 40% من سعراتهم الحرارية اليومية.
هذا الواقع دفع الحكومة إلى اتخاذ موقف حاسم، معتمدة على تجارب سابقة لم تحقق نجاحا كبيرا، لكنها الآن تعول على فرض غرامات مالية وإجراءات رقابية مشددة.
رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، التي تبنت هذا المشروع بقوة، أكدت أن تناول تاكو الفاصوليا أفضل بكثير من كيس رقائق البطاطس، وماء زهرة الكركديه يتفوق على الصودا، مؤكدة أن التحدي لا يقتصر على تغيير العادات الغذائية بل يمتد إلى واقع المدارس، حيث لا يتوفر الماء الصالح للشرب مجانا إلا في 4% منها، ما يثير تساؤلات حول جدوى الخطة في ظل نقص البنية التحتية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 3 أيام
- Independent عربية
إسرائيل تسمح للأمم المتحدة بإدخال 100 شاحنة مساعدات إلى غزة
أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة في جنيف، اليوم الثلاثاء، أن المنظمة الدولية حصلت من إسرائيل على إذن بإدخال "نحو 100 شاحنة" مساعدات إلى قطاع غزة المحاصر الذي يتضور أهله جوعاً. وفي التفاصيل، سمحت إسرائيل بدخول تسع شاحنات تحمل مساعدات تابعة للأمم المتحدة إلى قطاع غزة أمس الإثنين، وهو ما وصفه مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة بأنه "قطرة في محيط" بعد 11 أسبوعاً من الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل. وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لايركه خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إن خمساً منها عبرت معبر كرم أبو سالم، وحصلت الأمم المتحدة اليوم على الإذن لتسلمها. وبمجرد أن تسمح القوات الإسرائيلية للشاحنات بالمرور إلى قطاع غزة، تتسلم فرق الأمم المتحدة المساعدات قبل أن تنقلها لتوزيعها. ويتولى برنامج الأغذية العالمي توزيع أربع من الشاحنات الأولى والـ"يونيسف" واحدة. وأضاف لايركه أن "الخطوة التالية هي تسلمها ثم توزيعها من خلال النظام المعتمد حالياً، وهو النظام الذي أثبت كفاءته". وقال المتحدث "لقد طلبنا الإذن وحصلنا عليه لإدخال مزيد من الشاحنات اليوم... ونتوقع أن يعبر عدد كبير منها، ونأمل في أن تعبر جميعها الحدود اليوم"، وقال إنها "نحو 100" شاحنة، لكنه لا يعرف على وجه التحديد متى ستدخل إلى قطاع غزة. ورداً على سؤال حول حياة الرضع المعرضة للخطر في غزة، قال لايركه "نعلم يقيناً أن هناك من الأطفال الرضع من هم في حاجة ماسة إلى تلك المكملات الغذائية، وإذا لم يحصلوا عليها فسيكونون عرضة لخطر الموت"، مشيراً إلى أن المساعدات تحوي أطعمة ومنتجات غذائية للأطفال والرضع. 50 قتيلاً قالت السلطات الصحية في غزة إن ضربات جوية إسرائيلية قتلت 50 فلسطينياً في الأقل اليوم الثلاثاء فيما تواصل إسرائيل قصفها على رغم الضغوط الدولية المتزايدة عليها لوقف العمليات العسكرية والسماح بدخول المساعدات إلى القطاع من دون عوائق. وقال مسعفون في غزة إن الهجمات استهدفت منزلين، مما أسفر عن سقوط 18 قتيلاً بينهم نساء وأطفال، ومدرسة تؤوي عائلات نازحة إلى جانب مناطق أخرى. ولم يصدر أي تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي الذي أصدر تحذيراً أمس الإثنين لسكان خان يونس جنوب قطاع غزة يخبرهم بضرورة الإخلاء والتوجه إلى الساحل استعداداً لهجوم "غير مسبوق". وقال المسعفون إن غارات اليوم استهدفت خان يونس ومناطق إلى الشمال، منها دير البلح والنصيرات وجباليا ومدينة غزة. من جانبه، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني، اليوم، مقتل 44 فلسطينياً بينهم أطفال، في غارات جوية شنتها الطائرات الإسرائيلية على مناطق متفرقة في قطاع غزة. وقال المتحدث باسم الجمعية محمود بصل إن طواقم الدفاع المدني نقلت 44 قتيلاً على الأقل ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين العزل فجر اليوم (الثلاثاء) في مناطق عديدة في قطاع غزة، "غالبيتهم من الأطفال والنساء، وعشرات الجرحى جراء مجازر جديدة". واليوم، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إنه وزعيمي فرنسا وكندا يشعرون بالفزع إزاء التصعيد في قطاع غزة، وجدد دعوتهم إلى وقف إطلاق النار. ضغوط في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي رد بنيامين نتنياهو أمس الإثنين على إدانة قادة فرنسا وبريطانيا وكندا للحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، معتبراً موقفهم بمثابة "منح حركة 'حماس' جائزة كبرى". وجاء في بيان لنتنياهو "بالطلب من إسرائيل وضع حد لحرب دفاعية نخوضها من أجل بقائنا قبل القضاء على إرهابيي (حماس) عند حدودنا وبالمطالبة بدولة فلسطينية، يقدم قادة لندن وأوتاوا وباريس جائزة كبرى لهجوم الإبادة الجماعية على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) مع التشجيع على مزيد من هذه الفظائع". وقال نتنياهو في شريط مصور إن "القتال شديد ونحن نحقق تقدماً. سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع. لن نستسلم. غير أن النجاح يقتضي أن نتحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له". وهدد قادة بريطانيا وفرنسا وكندا أمس الإثنين باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل إذا لم توقف حملتها العسكرية التي استأنفتها على غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات. يأتي هذا التحرك بعد إعلان الجيش الإسرائيلي بدء عملية جديدة الجمعة وقول نتنياهو في وقت سابق الإثنين إن إسرائيل ستسيطر على قطاع غزة بأكمله. وحذر خبراء دوليون من مجاعة تلوح في الأفق. فلسطيني يحمل أمتعته أثناء مروره عبر جباليا فراراً من شمال قطاع غزة (أ ف ب) وجاء في بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية "منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي". جهود وقف النار أضاف البيان "نعارض أي محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، ولن نتردد في اتخاذ مزيد من الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الهدف"، وفق ما نقلته وكالة "رويترز". وقال القادة الثلاثة "دعمنا دوماً حق إسرائيل في الدفاع عن الإسرائيليين ضد الإرهاب، لكن هذا التصعيد غير متناسب على الإطلاق". وأضافوا أنهم لن يقفوا متفرجين بينما تواصل حكومة نتنياهو "هذه الأعمال الفظيعة". وعبروا أيضاً عن دعمهم الجهود التي تقودها الولايات المتحدة وقطر ومصر من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وقالوا إنهم ملتزمون الاعتراف بدولة فلسطينية كمساهمة في تحقيق حل الدولتين. ووصف منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر دخول شاحنات المساعدات بأنه "قطرة في محيط" الاحتياجات في القطاع الفلسطيني المحاصر، والذي يعاني الجوع. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ضغوط على نتنياهو من جانبها نقلت قناة "العربية" عن مصادر أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب خيَّر إسرائيل بين إنهاء الحرب في غزة والتخلي عنها. وقالت إن الضغط الأميركي لإبرام صفقة في غزة جاء بعد ضغط خليجي غير مسبوق. ولفتت المصادر إلى أن توتراً يسود في مكتب نتنياهو بسبب رسالة ترمب حول غزة. وأوضحت أن مفاوضات أميركية مباشرة تجري مع حركة "حماس"، بالتوازي مع مفاوضات الدوحة غير المباشرة. يأتي ذلك فيما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أفادت صحيفة عن مصدر مطلع بأن أعضاء في إدارة ترمب أخبروا إسرائيل بأن واشنطن ستتخلى عنها إن لم تنه الحرب في قطاع غزة. وقال المصدر إن نتنياهو يستطيع إنها الحرب في غزة ومعه الغالبية إن أراد ذلك، لكنه يفتقر للإرادة السياسية، على حد وصفه. وأضاف قائلاً إن "نتنياهو روَّج لفكرة استئناف المساعدات في اجتماع مجلس الوزراء مساء الأحد على أنها مجرد مسألة شكلية". وتابع "ضغوط ترمب تزايدت في الأيام الأخيرة مع استدعاء إسرائيل عشرات الآلاف من جنود الاحتياط وتصعيدها قصف غزة واقترابها من نقطة اللاعودة في الحرب". منظمة الصحة العالمية حذرت من أن مليوني شخص يتضورون جوعاً في القطاع (أ ب) ارتفاع حصيلة الضربات الإسرائيلية إلى 91 قتيلاً وكان الدفاع المدني في غزة أعلن أن 91 شخصاً قتلوا بضربات وهجمات الإثنين مع تكثيف إسرائيل عملياتها في القطاع الفلسطيني. وقال مدير الإمداد الطبي في الجمعية محمد المغير إن الحصيلة تشمل قتلى سقطوا منذ فجر الإثنين. وكانت الحصيلة السابقة للدفاع المدني تفيد بمقتل 52 شخصاً. وضع حد للمعاناة في غزة من جانبه قال مدير مستشفى فلسطيني في القدس الشرقية لوكالة الصحافة الفرنسية الإثنين إن الأوضاع في غزة "كارثية" بعد حصار مطبق مفروض منذ أسابيع يمنع دخول المساعدات الإنسانية، داعياً دول العالم إلى التحرك من أجل وضع حد لمعاناة المدنيين. ويتولى فادي الأطرش منصب المدير التنفيذي لمستشفى أوغوستا - فيكتوريا، وهو مرفق طبي في القدس الشرقية يقدم الرعاية لفلسطينيين من الأراضي المحتلة وغزة. وقال الأطرش إنه "لم يعد يجد الكلمات" لوصف الأزمة التي يواجهها الناس في قطاع غزة المدمر والمحاصر. وتابع "نحن نواجه وضعاً حرجاً وكارثياً للغاية"، وقد دُمِّرت كل مكونات نظام الرعاية الصحية "واستنفدت طاقة" طواقم الرعاية الصحية. حالياً يقدم المستشفى الذي كان له فرع في غزة دمرته الضربات الإسرائيلية، الرعاية الصحية في القطاع بما تيسر من موارد محدودة، وفق الأطرش. وأمس الإثنين أجرى الأطرش زيارة إلى فنلندا التي لا تعترف بدولة فلسطينية في إطار جولة على دول الشمال. وقال "إن رسالتي الأساسية لدول الشمال هي ممارسة الضغط لوقف الحرب". وتمنع إسرائيل منذ 11 أسبوعاً دخول المساعدات الإنسانية من غذائية وطبية ووقود إلى غزة، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من أن "مليوني شخص يتضورون جوعاً" في القطاع. وانضم رئيس فنلندا ألكسندر شتوب إلى قادة أوروبيين آخرين في حض إسرائيل على ضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقال شتوب في منشور على "إكس" إن "التهجير القسري للسكان هو جريمة حرب ولا يمكن أن يكون جزءاً من أي حل". وقررت إسرائيل في الشهر الحالي توسيع نطاق عمليتها العسكرية في غزة، لكنها سمحت الإثنين بدخول كمية محدودة من المساعدات إلى القطاع.


الشرق الأوسط
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- الشرق الأوسط
«يونيسف»: قصف مدفعي يحرم ألف مريض من المياه في الفاشر بالسودان
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، اليوم الأربعاء، أنّ نحو ألف مريض في حالة حرجة في إقليم دارفور في غرب السودان يعانون من انعدام شبه كامل لمياه الشرب، بعدما دمّر قصف مدفعي صهريجاً في أحد المستشفيات. ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، كان الصهريج مركوناً خارج المستشفى السعودي، وهو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في مدينة الفاشر التي يناهز عدد سكانها مليوني نسمة. والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس، التي لا تزال خارج سيطرة «قوات الدعم السريع». وتحاصر الأخيرة المدينة منذ مايو (أيار) 2024، وتواصل قصفها وشنّ هجمات على أطرافها. وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة، في بيان: «أمس، تمّ تدمير صهريج مياه تدعمه (يونيسف) في مجمع المستشفى السعودي في الفاشر، بنيران المدفعية، ما أدى إلى تعطيل الوصول إلى المياه الآمنة لنحو ألف مريض يعانون من أمراض خطيرة». وأضافت: «تواصل (يونيسف) دعوة جميع الأطراف إلى الالتزام بواجباتها بموجب القانون الدولي وإنهاء جميع الهجمات على البنية التحتية المدنية الحيوية أو بالقرب منها». ويشهد السودان منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 حرباً دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو تسببت في مقتل عشرات آلاف المدنيين ونزوح 13 مليوناً، وأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة من الأسوأ في التاريخ الحديث. وقسمت الحرب البلاد إلى مناطق نفوذ، حيث يسيطر الجيش على وسط السودان وشماله وشرقه، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها على معظم إقليم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب. وفي أبريل الماضي، قدّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ ما بين 70 و80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضرّرة جراء النزاع في السودان، أصبحت خارج الخدمة، مشيرة إلى الفاشر بشكل رئيسي.


صحيفة سبق
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- صحيفة سبق
لماذا تبقى القصص في ذاكرتنا... وتذوب الأرقام؟
"ليس كل ما يُقال ليبقى... ولكن كل ما يُروى يعيش فينا." هل تتذكر آخر قصة أثرت فيك؟ ربما سمعتها منذ سنوات، أو قرأتها في لحظة عابرة، لكنها بقيت معك... تفاصيلها، مشاعرها، وربما حتى صوت الراوي. وفي المقابل، كم من الأرقام والحقائق مرت أمامنا، ثم اختفت دون أثر يُذكر؟ ليست المسألة تفضيلًا عاطفيًا فحسب، بل حقيقة تؤكدها دراسات علمية حول تأثير السرد على الدماغ والذاكرة. فأدمغتنا تتذكر القصص أكثر مما تتذكر الإحصاءات، لأننا لا نفكر فقط... نحن نروي. نتعلّم، ونواسي، ونُلهم، ونقنع... من خلال الحكاية، قبل أي شيء آخر. لماذا يؤثر فينا "السرد القصصي" أكثر من أي رقم؟ يرى باحثون أن الإنسان بطبيعته "كائن سردي"، يفهم العالم من حوله من خلال القصص، لا الحقائق المجردة. وعندما نستمع إلى قصة، لا يعمل جزء واحد من دماغنا، بل عدة مناطق تنشط في آنٍ واحد: مراكز اللغة، العاطفة، التخيل، وحتى الحركة. أما المعلومات الرقمية، فتُعالج غالبًا في مناطق محدودة، ولا تحفّز الاستجابة العاطفية بالشكل نفسه. وهنا يظهر الفرق الكبير بين ما يُقال للعقل، وما يُروى للوجدان. ما يحدث حين نسمع قصة مؤثرة ليس مجرد تعاطف، بل محاكاة عصبية تشعر أجسادنا وكأنها تعيش التجربة، فتصبح القصة جزءًا من ذاكرتنا العاطفية. من هنا، تظهر القوة النفسية للسرد القصصي: •تمنحنا المعنى: في لحظات الألم أو الغموض، تساعد القصة في تفسير ما نمر به. •تخلق تواصلًا عميقًا: مع الآخرين ومع أنفسنا. •تسهم في الشفاء: لذلك تُستخدم القصص اليوم في العلاج النفسي، من خلال إعادة سرد التجارب وفهم الذات. •تزرع الأمل: لأننا نرى أنفسنا في أبطال الحكايات، فنؤمن أن التحوّل ممكن. قصة واحدة... أقوى من ألف رقم في إحدى الحملات التي أطلقتها منظمة "يونيسف" للتوعية بأهمية التعليم في المناطق النائية، لم تبدأ الحملة بأرقام حول نسب الأمية أو معدلات التسرب، بل بدأت بقصة فتاة صغيرة تُدعى ليلى. ليلى، من قرية في بنغلادش، كانت تمشي أكثر من 4 كيلومترات يوميًا للوصول إلى مدرستها. كانت تحلم بأن تصبح معلمة، وتحمل كتبها في حقيبة خيطتها والدتها من قماش قديم. لم تكن القصة مأساوية، لكنها كانت صادقة، إنسانية، ومفعمة بالأمل. تجاوز التفاعل مع الحملة كل التوقعات، لأن الناس لم يتأثروا بالنسب المئوية، بل تأثروا بوجه ليلى، وبكلماتها البسيطة، وبحلمها. هذا ليس استثناءً، بل قاعدة متكررة: ففي كل مرة نحاول إيصال فكرة إنسانية، تعليمية، أو حتى اجتماعية، تبقى القصة هي الجسر الأسرع إلى القلوب، والعقول، والذاكرة. حتى في العلاج النفسي، لا تُبنى الجلسات على مفاهيم مجردة، بل تُستحضر قصص الطفولة والعلاقات والمواقف، ويُعاد فهمها من زوايا جديدة.لأن السرد ليس مجرد تَذكّر... بل طريقة لإعادة بناء الذات. حين تروي... فأنت تعيد ترتيب نفسك ربما لهذا السبب، لا يقتصر أثر القصص على الكتب أو الأفلام. بل يمتد إلى الحملات التوعوية، والتعليم، والتسويق، والعلاقات الإنسانية. حتى في المحاضرات المجتمعية، كثيرًا ما تكون القصة الواقعية هي الجسر الحقيقي نحو التأثير. فحين تُروى تجربة قريبة من حياة الناس، تُصبح المعلومة أكثر وضوحًا، والرسالة أكثر حضورًا. وأنا شخصيًا، لطالما وجدت أن تضمين القصص في محاضراتي يُحدث فرقًا واضحًا في تفاعل الحضور وعمق الفهم. كثير من التفاهم يبدأ حين نشارك قصتنا، لا موقفنا فقط. نحتاج إلى أن نروي، لا لنقنع الآخرين فقط، بل لنفهم أنفسنا، ونلملم أجزاءنا، ونمنح مشاعرنا صوتًا ومعنى. في عالم مزدحم بالمعلومات، تبقى القصة هي الشيء الوحيد القادر على لمس القلب، هي التي تجعل الحقيقة "تُرى"، والشعور "يُسمع"، والمعرفة "تُعاش". قد ننسى رقمًا قرأناه البارحة، لكننا لا ننسى قصة عشناها أو سمعناها، لأنها لم تمر فقط عبر العقل، بل عبر القلب. لهذا، نحن لا نبحث فقط عن معلومات دقيقة أو بيانات موثقة، بل عن شيء يفسرنا، يمنحنا صوتًا، ويجعل معاناتنا مفهومة ومرئية. نحتاج إلى أن نُروى... وأن نُفهم كما نحن، لا كما تُقاس مشاعرنا بالأرقام. وفي النهاية، نحن لا نبحث فقط عن المعلومات، وهذا تمامًا ما يفعله السرد القصصي.