logo
لماذا كان لحريق سنترال رمسيس كل هذا الأثر؟

لماذا كان لحريق سنترال رمسيس كل هذا الأثر؟

الجزيرة١١-٠٧-٢٠٢٥
عاد الشعب المصري في الأيام الماضية إلى حياة ما قبل عصر الإنترنت، بعد تعطل خدمات الإنترنت عقب اندلاع حريق في سنترال رمسيس المركزي تسبب في توقف هذه الخدمات مباشرة.
استمر الحريق مدة جاوزت الـ 20 ساعة، وفق ما نشرت صحيفة "آر تي عربية" (RT Arabic) انخفضت فيها كفاءة الإنترنت داخل مصر إلى 62% من قوتها الرئيسية حسب التقارير.
ورغم أن الانخفاض لم يكن إلا 62% من كفاءة الإنترنت في مصر، إلا أن غالبية الخدمات التي تعتمد على الإنترنت أو شبكات الاتصالات الموحدة توقفت تماما لتعاني الدولة من شبه شلل رقمي.
وشملت الخدمات التي توقفت خدمات الاتصال الهاتفي عبر شبكات الهواتف المحمولة والشبكات الأرضية، فضلا عن الاتصال بشبكات الإنترنت بشتى الطرق وخدمات الإنترنت البنكي وتحويل الأموال الفوري وشبكات المدفوعات الرقمية بمختلف أنواعها وحتى الخدمات الاعتيادية في بعض البنوك، سواء كانت تتم داخل فرع البنك نفسه أو بماكينات الصراف الآلي المنتشرة في الشوارع، وإضافة إلى ذلك تعطلت خدمات الأرقام الموحدة وخدمات "واتساب" وغيرها من الخدمات الرقمية.
ولم يكن إطفاء الحريق كافيا لتعود هذه الخدمات بكامل قوتها، فرغم إطفاء الحريق المبدئي الذي حدث في يوم الاثنين السابع من يوليو/تموز الجاري، إلا أن جزءا كبيرا من الخدمات لا يزال متأثرا.
نقطة اتصال واحدة بالعالم الخارجي
يعالج سنترال رمسيس بمفرده 40% من حركة الاتصالات والبيانات التي تتم داخل الدولة، وذلك رغم أن عمر المبنى اقترب من 100 عام، فضلا عن وجوده في منطقة متكدسة بالسكان.
وبحسب بعض الخبراء الذين نشروا تحليلاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي فإن سنترال رمسيس يمثل نقطة الاتصال بالكابلات البحرية الواردة إلى مصر والمسؤولة عن تزويد الدولة بخدمة الإنترنت، فضلا عن كونه نقطة ربط بين شبكات الهواتف الداخلية والشبكات الخارجية لضمان وصول المكالمات الدولية داخل البلاد، كما أنه يعد نقطة الانتقال بين الاتصالات الداخلية، إذ يستخدم مباشرة في نقل المكالمات بين شبكات الهواتف المحمولة والهواتف الأرضية.
ويضم مبنى السنترال جزءا مخصصا لقواعد البيانات الخاصة بخدمات البنوك والمعاملات المالية لأشهر بنوك مصر، فضلا عن شبكة المدفوعات الرقمية واللحظية، وذلك في مبنى غير مؤهل لاستضافة قواعد البيانات كونه بني في عام 1927.
وهذا بحسب الخبراء يفسر كل هذه الأضرار فور اشتعال الحريق رغم عدة محاولات من الأجهزة المختصة بإخماد الحريق الذي تطلب 20 ساعة تقريبا، وهو ما يشير إلى شدة الحريق وعدم قدرة أجهزة الإطفاء الداخلية التعامل معه، كما وضح وزير الاتصالات في جلسة مجلس الشعب.
ومن المتوقع بناء على تصريحات الحكومة، أن يظل سنترال رمسيس خارج الخدمة لمدة تتجاوز الأسبوع حتى يعود المبنى كاملا إلى العمل بكامل قوته، ولكن هل تظل خدمات الإنترنت متوقفة حتى يعود السنترال بكامل قوته للعمل؟
الانتقال إلى البنية البديلة
وضحت رئاسة مجلس الوزراء المصري في بيان رسمي عبر صفحتها، أن المركز القومي للاتصالات نقل حركة الإنترنت الثابت إلى سنترال الروضة المجاور لسنترال رمسيس من أجل استعادة الخدمات، ونسّق بين شبكات المحمول الثلاث لاستخدام بوابات بديلة من سنترال رمسيس.
أسفرت هذه الجهود عن عودة خدمات الإنترنت والهاتف المحمول بشكل كبير في عدة مناطق من الدولة، ورغم ذلك لا تزال بعض المناطق والخدمات متأثرة بانقطاع الخدمات وتواجه تحديات في الوصول إلى الإنترنت.
ويذكر أن الحكومة المصرية أعلنت في أغسطس/آب الماضي افتتاح 3 مراكز بيانات عملاقة على مساحة تجاوزت 130 ألف متر مربع في منطقة العين السخنة، وفق تقرير "سي إن إن عربية" في ذلك الوقت، فضلا عن عدة مراكز بيانات تبنى في العاصمة الإدارية الجديدة بإشراف شركة "أوراسكوم" كما ذكر الموقع الرسمي للشركة.
وحسب تقرير "أوراسكوم" عن مراكز البيانات الجديدة التي بدأ البناء فيها عام 2020، فإن هذه المراكز تبنى على مساحة تتجاوز 38 ألف متر مربع، وتعتمد على تخزين قواعد البيانات تحت الأرض في مساحات مبردة ومعالجة بآلية ملائمة لتجنب الحرائق والأزمات المماثلة.
أكثر من مجرد أنظمة إطفاء حرائق
يقول ألكسندر كونييف، مدير البنية التحتية في الحرم الجنوبي لشركة "آي إكسيليرات" (IXcellerate) المختصة في بناء مراكز البيانات عالميا، في مدونة نشرها الموقع الرسمي للشركة، أن مراكز البيانات هي مبانٍ من طبيعة خاصة لما تحتويه من خوادم ووحدات إلكترونية ومولدات طاقة، لذا فإن الحرائق في هذه المباني تعد الأخطر نظرا لعواقبها.
وتشرح التدوينة آليات حدوث الحرائق وطرق مواجهتها مع اختلاف الأسباب التي تؤدي إلى اندلاع الحرائق، كما توضح أن آلية عملية إطفاء الحريق خطأً قد تتسبب في ضرر أكبر لمركز البيانات والخوادم الموجودة بداخلها.
ويؤكد أن إطفاء الحرائق في مراكز البيانات ليست مهمة سهلة، يمكن أن تترك لرجال الإطفاء دون تدريبهم عليها، مضيفا أن عمليات التدريب الدورية لفرق الإطفاء على التعامل مع الطبيعة الخاصة لمراكز البيانات، هي مفتاح النجاح في مواجهة هذه الحرائق.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خبير اقتصادي: مصر ثاني أكبر مدين في العالم وصندوق النقد يفرض شروطا مذلة
خبير اقتصادي: مصر ثاني أكبر مدين في العالم وصندوق النقد يفرض شروطا مذلة

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

خبير اقتصادي: مصر ثاني أكبر مدين في العالم وصندوق النقد يفرض شروطا مذلة

حذر الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور محمد فنيش من خطورة إدمان الدول العربية على الاقتراض من صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أن مصر باتت ثاني أكبر مدين في العالم بعد الأرجنتين. كما دعا فنيش إلى إعادة النظر في هيكلة المؤسسات المالية الدولية التي تهيمن عليها القوى الغربية منذ عقود. وأكد أن 40 عاماً من الحكم العسكري في ليبيا شهدت أخطاء كبيرة ونهاية مأساوية، مقارناً ذلك بالعهد الملكي الذي وصفه بأنه لم تحدث فيه المظالم التي شهدتها الفترة اللاحقة. واعتبر الخبير الدولي أن إدريس (ملك ليبيا) كان رجلاً حكيماً يتمتع بنظرة مستقبلية، حيث حذر شعبه من مشاكل الرخاء عند تصدير أول شحنة نفط ليبية عام 1961. يُذكر أن فنيش ولد في طرابلس عام 1936، وشغل منصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي بين عامي 1978 و1992. وتنقل في مسيرته التعليمية من ليبيا إلى القاهرة حيث حصل على البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1960، ثم سافر إلى الولايات المتحدة حيث نال الماجستير في الاقتصاد عام 1968 والدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1972. ولفت فنيش -في حديثه لحلقة (2025/20) من برنامج "المقابلة"- إلى تجربته الثرية مع المفكر الجزائري مالك بن نبي في القاهرة خلال الخمسينيات، حيث سكن معه لأكثر من سنتين وتأثر بأفكاره حول الحضارة والتنمية. ووصف الخبير الاقتصادي الدولي بن نبي بأنه شخصية مركبة تجمع بين روحانية الصوفي وحماس الداعية ودقة المهندس، مشيراً إلى أن حياته كانت مكرسة للإجابة عن سؤال: لماذا تقدم الآخرون وتأخر المسلمون. شروط مذلة وانتقد الخبير الاقتصادي شروط صندوق النقد التي يصفها بالمذلة، موضحاً أن هذه المؤسسات تطالب الدول المقترضة بتخفيض الإنفاق ورفع أسعار الفائدة وإلغاء الدعم، مما يضر بالاقتصادات المحلية. واستشهد بتجربة ماليزيا التي رفضت الاقتراض من هذا الصندوق أثناء الأزمة الآسيوية وكانت أول دولة تخرج من الأزمة. وأوضح فنيش أن الهيمنة الغربية على المؤسسات المالية الدولية تتجسد في كون رئيس البنك الدولي أميركياً ورئيس صندوق النقد أوروبياً، بينما تملك الولايات المتحدة حق النقض على جميع القرارات المهمة بحكم حصتها التصويتية البالغة 18%، واعتبر أن هذا النظام لم يتغير كثيراً منذ اتفاقية بريتون وودز بالأربعينيات. وتطرق الخبير الاقتصادي إلى الوضع الحالي في ليبيا، محذراً من تزايد تدخل القوى الخارجية كلما تأخر الليبيون في حل مشاكلهم. وأشار إلى أن ليبيا تملك كل المقومات للنجاح من موارد نفطية وموقع إستراتيجي وتجانس سكاني، لكنها تعاني من هجرة العقول حيث يوجد ألف طبيب ليبي في ألمانيا وحدها. وحذر من خطورة الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، معتبراً أنها ليست في مصلحة أميركا ولا العالم، واعتبر أن السياسات الحمائية التي تتبناها إدارة الرئيس دونالد ترامب تتناقض مع دور أميركا كقائد للنظام الاقتصادي العالمي. وفي السياق الفلسطيني، انتقد فنيش صمت العالم العربي والإسلامي تجاه ما يحدث في فلسطين، مشيراً إلى أن مليارين من البشر و60 دولة إسلامية تقف صامتة أمام هذه الإبادة، في وقت يتظاهر الغربيون في شوارع أوروبا وأميركا. ودعا الخبير الاقتصادي الدولي إلى ضرورة إظهار الصوت العربي والإسلامي، حتى لو لم تكن المشاركة بالسلاح ممكنة.

هل تكون الصين طريق مصر للخروج من أزمتها الاقتصادية؟‎
هل تكون الصين طريق مصر للخروج من أزمتها الاقتصادية؟‎

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

هل تكون الصين طريق مصر للخروج من أزمتها الاقتصادية؟‎

القاهرة – زار رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ القاهرة في توقيت تمر فيه مصر بأزمة اقتصادية حادة على خلفية التحديات الداخلية والخارجية، وذلك في إشارة إلى التقارب السريع بين البلدين والشراكة الاقتصادية. وحاليا تُعد الصين من أكبر شركاء مصر، وتحتل المرتبة العاشرة بين الدول المستثمرة في السوق المصرية، وتستهدف الحكومة المصرية رفع ترتيبها لتصبح ضمن أكبر 5 مستثمرين في البلاد. مبادلة الديون في إطار هذه الزيارة، وقّع البلدان مجموعة من الاتفاقيات التي تعزز التعاون في مجالات متعددة، من بينها مبادلة الديون، والتعاون المالي، والتنمية الخضراء وخفض الانبعاثات الكربونية، إلى جانب تعزيز التجارة الإلكترونية، ودعم معايير الجودة، والتعاون في قطاع الصحة. وشهد العام الماضي 2024 الاحتفال بالذكرى العاشرة لترفيع العلاقات بين مصر والصين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة، كما أن العام المقبل 2026 سيكون عام الاحتفال بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين. ويرى خبراء ومراقبون مصريون أنه في إطار سياسة تنويع الشراكات الدولية لم يعد التعاون مع بكين خيارًا هامشيًا، بل مسارًا إستراتيجيًا تمليه الضرورة وتغذّيه الطموحات الاقتصادية والسياسية المشتركة. لكن ما الذي تبحث عنه مصر في بكين تحديدًا؟ هل تسعى وراء التمويل في ظل أزمة سيولة؟ أم تطمح إلى نقل التكنولوجيا والخبرات؟ أم إلى بديل إستراتيجي في نظام عالمي يعاد تشكيله؟ في المقابل، كيف ترى بكين هذا التقارب؟ هل تتعامل مع مصر كشريك اقتصادي تقليدي، أم كحلقة محورية في مبادرة " الحزام والطريق" وبوابة عبور نحو أسواق أفريقيا وأوروبا؟ فرصة ذهبية وصف عضو مجلس الأعمال المصري الصيني علي موسى مصر بأنها "دولة محورية في مبادرة "الحزام والطريق"، بفضل موقعها الجغرافي الإستراتيجي وقناة السويس التي تمثل نقطة ارتكاز لوجستية تُمكّن الصين من الوصول السريع والآمن للأسواق العالمية، ما يجعل مصر شريكا رئيسيا في خطط بكين التوسعية". إعلان ورغم ذلك، يضيف في تصريح للجزيرة نت، أن الصين كيان اقتصادي عملاق ولديه بدائل كثيرة ولذلك ينبغي أن تلبي مصر طموحات وتطلعات المستثمرين الصينيين في توفير مناخ استثماري يساعد على بقاء وتوسع الشركات الصينية في ظل الأجواء التنافسية. يرى موسى أن الإقبال الصيني المتزايد على الاستثمار في مصر يُمثّل فرصة ذهبية للاقتصاد المصري للاستفادة من إمكانيات ثاني أكبر اقتصاد في العالم و بديل إستراتيجي هام. لكنه حذر من وجود تحديات تعرقل جذب المزيد من الاستثمارات، أبرزها تعقيد الإجراءات الجمركية، وارتفاع أسعار الأراضي والضرائب، وزيادة التكاليف على المصنعين، كما شدد على ضرورة التوسع في الميكنة الصناعية، وتأسيس صناعات ثقيلة قادرة على دعم سلاسل الإنتاج المحلية. الدور المالي للصين على المستوى المالي، تناولت المباحثات بين الجانبين اتفاقية مبادلة العملات، وإجراء التسويات التجارية بالعملتين المحليتين، وإصدار مصر لسندات "الباندا" بسوق المال الصيني، وتعزيز الربط بين أنظمة المدفوعات، فضلًا عن توسيع حضور البنوك الصينية في مصر، وتمكين البنوك المصرية من التوسع في الصين. وكانت مصر أول دولة أفريقية تصدر سندات "الباندا" المقومة باليوان في 2023 بقيمة 500 مليون دولار، لتمويل مشروعات تنموية وخضراء. الصين في مشروعات مصر إلى جانب الاستثمار تلعب الصين دورا محوريا في دعم جهود التنمية في مصر من خلال مشاركة العديد من الشركات الصينية في تنفيذ عدد من المشروعات التنموية المهمة في السوق المصرية مثل: مشروع بناء وتشغيل حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة. أبراج مدينة العلمين الجديدة على الساحل الشمالي. القطار الكهربائي الخفيف بتكلفة 1.3 مليار دولار. تنمية وتطوير المنطقة الصناعية الصينية "تيدا" بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. الشركات الصينية تُقبِل الشركات الصينية بشكل متزايد على التوسع تحديدا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي وصلت إلى أكثر من 200 شركة وسط توقعات بمضاعفة هذا الرقم إلى ألف شركة بحلول عام 2030 من خلال ضخ مليارات الدولارات في قطاعات عديدة ومتنوعة. واستقطبت المنطقة خلال العامين الماضيين عشرات المشروعات بإجمالي استثمارات بلغت 6 مليارات دولار، شكّلت الاستثمارات الصينية منها نحو 40%، بحسب بيان للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وتستضيف مصر أكثر من 3050 شركة صينية بإجمالي استثمارات مباشرة تبلغ 1.2 مليار دولار حتى نهاية فبراير/شباط 2025. كما تستهدف مضاعفة استثمارات الصين لديها إلى 16 مليار دولار خلال 4 سنوات، مقارنة بنحو 8 مليارات دولار حاليا، وفق تصريحات رئيس جهاز التمثيل التجاري المصري، عبد العزيز الشريف. وقفز حجم التبادل التجاري بين مصر والصين إلى نحو 17 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ16 مليارًا في 2023، بزيادة بلغت 6%، لكن الميزان التجاري يميل بشدة لصالح الصين. تحديات عالمية وإقليمية اعتبر مصطفى إبراهيم نائب رئيس مجلس الأعمال المصري-الصيني أن "التوقيت أهم من الحدث، بمعنى أن هناك تحديات عالمية وإقليمية تواجه كلا البلدين (مصر والصين) ويبحثان عن شركاء جدد أكثر مرونة وجاذبية، وسط توقعات أن تتفاقم المشاكل بين بكين وواشنطن على خلفية الخلافات التجارية، كما أن مصر تمثل مركزا حيويا في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية". وبشأن ما يميز استثمارات الصين، قال إبراهيم للجزيرة نت إنها تركز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعات التعدينية والإلكترونية والكهربائية وصناعة السيارات، وهو ما يتماشى مع تطلعات مصر لنقل التكنولوجيا وتوطين صناعات إستراتيجية تعزز قدرتها الإنتاجية ضمن وجودها في مجموعة بريكس. وأوضح إبراهيم أن معظم هذه الاستثمارات تتمركز في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باعتبارها منطقة حرة توفر بيئة أكثر استقرارا، بعيدا عن تعقيدات الإجراءات الإدارية وتقلبات العملة التي تواجه المستثمرين في باقي أنحاء البلاد. تبقى مسألة معالجة الاختلالات في الميزان التجاري بين البلدين إذ يرى نائب رئيس مجلس الأعمال المصري-الصيني أنه من الصعب معالجتها إلا بشكل جزئي من خلال فتح السوق الصينية أمام المزيد من الصادرات المصرية لأسباب تتعلق بحجم الإنتاج، لافتا إلى أن أغلب صادرات مصر منتجات زراعية ولا تتجاوز 400 مليون دولار.

من البيع إلى البورصة.. هل تغير مصر أدوات التخارج من الشركات؟
من البيع إلى البورصة.. هل تغير مصر أدوات التخارج من الشركات؟

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

من البيع إلى البورصة.. هل تغير مصر أدوات التخارج من الشركات؟

القاهرة- تعود قضية تخارج الدولة المصرية من الاقتصاد، بما يشمل الجهات السيادية، إلى واجهة المشهد من جديد، لكن هذه المرة في إطار مختلف، وبعد خلاف واضح مع صندوق النقد الدولي أحد أبرز الداعمين لهذا التوجه ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي. وفي ظل تصاعد الضغوط من جانب الصندوق، بدأت الحكومة تغيير أدوات تنفيذ برنامج التخارج، مع الميل المتزايد إلى طرح حصص من الشركات الحكومية بالبورصة بدلاً من البيع المباشر لمستثمرين إستراتيجيين، وفقًا لمصادر حكومية مطلعة. عدم وفاء الحكومة المصرية كان صندوق النقد الدولي قد قرر دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج إقراض مصر ، البالغ قيمته 8 مليارات دولار، وتأجيلهما إلى الخريف المقبل، وذلك بسبب عدم وفاء الحكومة بتنفيذ برنامج تخارج الدولة من القطاعات الاقتصادية، وفقًا لما تم الاتفاق عليه سابقًا وأعلن عنه من قبل الحكومة نفسها. وفي بيان واضح اللهجة، شدد الصندوق على أن تطبيق سياسة ملكية الدولة وبرنامج تخارج الاستثمارات الحكومية من القطاعات الاقتصادية، التي تعهدت الدولة بتقليص وجودها فيها، سيكون محوريًا لتعزيز دور القطاع الخاص، وتمكينه من الإسهام بفعالية في دفع عجلة النمو الاقتصادي في مصر. إعلان متكرر في مايو/أيار الماضي، كشفت وزارة المالية عن خطة الحكومة لطرح حصص في 11 شركة مملوكة للدولة خلال العام المالي 2025/2026، وذلك في إطار برنامج الطروحات الحكومية، وفقًا للتقرير المالي الصادر عن الوزارة. وتسعى الحكومة من خلال هذه الخطوة إلى جمع ما بين 4 و5 مليارات دولار، بهدف تعزيز موارد الدولة ودعم جهود الإصلاح الاقتصادي. وتشمل قائمة الشركات 5 كيانات تابعة للقوات المسلحة، وهي: الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية). الشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي). شركة سيلو فودز للصناعات الغذائية. شركة "تشيل أوت" لتشغيل محطات الوقود. الشركة الوطنية للطرق. شركات القوات المسلحة تنمو بقوة وشهدت عشرات الشركات التابعة للقوات المسلحة منذ 2014، ما أثار مخاوف لدى عدد من رجال الأعمال المحليين والمستثمرين الأجانب بشأن المنافسة وتكافؤ الفرص، وفق وكالة رويترز. وثمة 60 شركة تابعة للقوات المسلحة تعمل في 19 صناعة، من إجمالي 24 مدرجة على جدول تصنيف الصناعات، حسب تقديرات البنك الدولي. وفي فبراير/شباط 2023، أعلن مجلس الوزراء عن اتجاه الدولة لطرح أسهم بنحو 32 شركة، وذلك على مدار عام كامل حتى نهاية الربع الأول من عام 2024، سواء أكان الطرح عاما من خلال البورصة، أو لمستثمر إستراتيجي، أو كليهما، وهو ما لم يحدث إلا بطرح عدد أقل بكثير. سبب الخلاف في أول تعليق رسمي عقب قرار صندوق النقد الدولي، كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن "أسعار بيع الأصول لم تكن عادلة" وأرجع ذلك إلى "الظروف الجيوسياسية التي أثّرت سلبًا على مناخ الاستثمار". وأوضح أن مصر حققت جميع المستهدفات المتفق عليها باستثناء بند الطروحات، ولم يتم تنفيذ الحجم المطلوب منها، مؤكدا أن تأجيل الطروحات جاء لحماية أصول الدولة وضمان بيعها بقيمتها العادلة، وليس لمجرد استيفاء الأهداف الشكلية. طرح أم بيع؟ وتعتزم الحكومة، وفقا لمصادر رسمية، طرح حصص من بنك القاهرة وشركتي "وطنية" و"صافي" عبر البورصة، وذلك لتسريع خطوات البرنامج قبل موعد المراجعتين الخامسة والسادسة لصندوق النقد الدولي. لكن هذا التحول يطرح تساؤلات منها: هل اختارت الحكومة البورصة لتوسيع قاعدة الملكية وجذب شريحة أوسع من المستثمرين الصغار والمحليين؟ أم أن صعوبة التوصل إلى اتفاقات مباشرة مع مستثمرين إستراتيجيين دفعت بها نحو المسار الأقل حساسية سياسيا؟ ويرتكز برنامج الطروحات الحكومية على آليات متنوعة للتخارج من الأصول، تشمل: الطرح العام عبر البورصة. البيع لمستثمر إستراتيجي. الدمج بين الطريقتين. لماذا الطرح بالبورصة؟ يرى شريف عثمان رئيس شركة "بويز إنفستمنت" للاستشارات الاستثمارية في واشنطن أنه إذا اتجهت الحكومة لطرح الشركات عبر البورصة بدلًا من البيع المباشر، فقد لا يعكس ذلك قناعة بسوق المال، بل ربما يكون خطوة تكتيكية لتهدئة الضغوط الدولية. واستبعد المحلل المالي -في تصريح للجزيرة نت- أن يكون التوجه نحو طرح الشركات في البورصة ناتجًا عن قناعة بأفضلية هذا الخيار، مرجحًا أن يعود السبب إلى صعوبة إبرام صفقات مباشرة مع مستثمرين إستراتيجيين لاعتبارات تتعلق بالتسعير والسيادة والضغوط السياسية. وقال إن الطرح يعزز الشفافية والمساءلة، ويعطي إشارات إيجابية لصندوق النقد والمجتمع الدولي بأن الحكومة منفتحة على الإصلاح الهيكلي وتحفيز الاستثمار المحلي ويشجع الاستثمار المحلي وصغار المستثمرين. ماذا تحقق؟ تعهدت مصر مطلع العام الجاري بإسراع الخطى في إجراءات برنامج الطروحات الحكومية، بهدف جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، وتعظيم دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، ورفع مشاركته في الاستثمارات العامة خلال الأعوام المقبلة. ومنذ بدء عمل اللجنة المعنية ببرنامج الطروحات الحكومية وحتى الآن، نجحت الدولة في تنفيذ 21 صفقة ضمن 11 قطاعا اقتصاديًا مختلفا، بإجمالي قيمة بلغت نحو 6 مليارات دولار، بحسب ما تم الإعلان عنه رسميًا. حماية الأصول بشأن آليات تخارج الدولة من الشركات، عبّرت الدكتورة عالية المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عن تأييدها لطرح هذه الشركات في سوق المال بدلاً من بيعها مباشرة لمستثمرين إستراتيجيين. وفي تعليق للجزيرة نت، قالت الدكتورة عالية إن "الطرح في البورصة يتيح توسيع قاعدة الملكية أمام المواطنين والمستثمرين الصغار، ويُجنّب الدولة وضع أصولها الإستراتيجية بالكامل تحت سيطرة مستثمرين أجانب" مشيرة إلى سوابق شهدت "شراء أجانب أصولا مصرية ثم إغلاقها لاحقًا". وشددت الدكتورة عالية على أنه في حال اللجوء للبيع المباشر، ينبغي أن تتضمن العقود بنودًا واضحة تضمن استمرار نشاط الشركات وتطويرها وتوسيعها مع تشغيل عمالة محلية، بما يحفظ الأصول العامة ويحقق فائدة اقتصادية مستدامة. وأكدت الخبيرة الاقتصادية أن أي عملية طرح يجب أن تُدار باعتبارها خطوة لصالح الاقتصاد الوطني على المدى الطويل، لا مجرد صفقة وسيلة سريعة للحصول على الدولار لسد عجز الموازنة أو خدمة الدين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store