logo
لماذا خسر ترمب واليمين دعم الناخبين الذكور من الشباب؟

لماذا خسر ترمب واليمين دعم الناخبين الذكور من الشباب؟

Independent عربية١٦-٠٥-٢٠٢٥

"سأمنحه بضعة أيام، أو بضعة أسابيع، لأرى كيف ستسير الأمور"، بهذه العبارة عبر ديف بورتنوي مالك شركة "بارستول سبورتس" Barstool Sports، عن موقفه المتردد تجاه خطة ترمب الجمركية. هذ الموقف يعكس نهجاً عاماً بين الشباب في ما يتعلق بالسياسة في الولايات المتحدة. وعلى رغم أن بورتنوي قد يبدو علامة مبكرة على تغير أوسع، فإنه ليس وحده في هذا.
المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي وشخصيات عامة مثل بورتنوي يمثلون جزءاً من موجة متنامية من مؤيدي ترمب السابقين الذين باتوا يتعاملون معه الآن بشك وريبة، وعلى المنصات نفسها التي يُعتقد أنها ساعدت ترمب على الفوز سابقاً.
أصبح الشباب، على رغم تقلب مواقفهم وميلهم في الوقت نفسه إلى المراقبة الشديدة للأمور، محط اهتمام مختلف أطياف المشهد السياسي. فعلى اليسار، يسعى البعض إلى إعادة تعريف مفهوم الذكورة بمصطلحات تقدمية. أما على اليمين، فانخفضت بصورة حادة معدلات التأييد بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و29 سنة. فما الذي يحدث؟
الشباب الذكور يُمثلون كتلة تصويتية متقلبة - وهم بالفعل بدأوا في تغيير مواقفهم. وقد أشارت "مبادرة أبحاث الشباب الذكور"، وهي جهة ترصد توجهاتهم السياسية، أخيراً إلى أن "شهر العسل بين ترمب وهؤلاء الشباب قد يكون قد انتهى".
لقد أمضيت العامين الماضيين في التحدث مع شباب من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وما سمعته باستمرار هو شعورهم العميق بالحاجة إلى استعادة السيطرة على حياتهم في عالم يشعرون بأنه يسلبهم تلك السيطرة. وكلما حاول الجانبان السياسيان فرض أجنداتهما عليهم، زاد نفورهم. فعدد متزايد من الشباب لا يتجاوب مع محتوى المؤثرين السياسيين بقدر تجاوبهم مع مواضيع مثل اللياقة البدنية أو تحسين الذات.
قد يبدو إلقاء اللوم على "الفضاء الذكوري" إجابة سهلة. فمسلسل "مراهَقة" Adolescence على منصة "نتفليكس" - الذي يُصور فتى انجذب إلى هذا النوع من الخطاب وقتل زميلته في صف الدراسة - أثار ما وصفه ريتشارد ف. ريفز من "المعهد الأميركي للفتيان والرجال" American Institute of Boys and Men بـ "الذعر الأخلاقي". لا شك أن تأثير هذا العالم حقيقي، إذ يتفاعل ستة من كل 10 شبان مع مؤثري "الرجولة" بانتظام – لكن قصة الاستياء أعمق بكثير من مجرد ذلك.
المشكلة ليست أنهم ينزلقون نحو التطرف، بل في أنهم يفقدون الإيمان بالعالم من حولهم. قد يعتقد البعض أنه تم "تنويرهم" عبر الخطاب الذكوري، مقتنعين بأنهم اكتشفوا حقائق مجتمعية صادمة عن وضع الرجال في المجتمع، أو ربما لأنهم يتعرضون لمحتوى سلبي يهدف إلى زيادة التفاعل. في كلتا الحالتين، لا تتطابق هذه السردية مع الواقع الفعلي، إذ يشير "معهد موفمبر لصحة الرجال" Movember Institute of Men's Health إلى أن الفئة الأكثر تفاعلاً مع هذا النوع من المحتوى غالباً ما تكون من الشباب المتعلمين، والعاملين، والمستقرين مالياً، والمرتبطين بعلاقات.
يتميز أبناء "الجيل زد" Gen Z بتوافق نادر بين مختلف الأطياف السياسية، في اعتبار أن القضية الأكثر أهمية بالنسبة إليهم هي الوظائف والاقتصاد. فهم يتقاسمون القلق نفسه، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، من أن النظام الاقتصادي الذي نجح مع آبائهم لن يوفر لهم الاستقرار نفسه أو الفرص. ويقول نحو أربعة من كل 10 أميركيين ما دون سن الـ30، إنهم "بالكاد يتدبرون أمورهم" من الناحية المالية. فقد تراجعت فرص العمل بالنسبة إلى الخريجين الجدد بصورة ملحوظة، ولا يشعر سوى 56 في المئة منهم بالتفاؤل حيال مستقبلهم المالي.
وقد عمقت جائحة "كوفيد" هذا الشعور بعدم اليقين. فأحد الشباب الذين قابلتهم وصف شعوره بأنه تأخر عامين في تكوين نفسه. وبالنسبة إلى أفراد الفئة العمرية الأولى من "جيل زد" Gen Z 1.0 - أي أولئك الذين كانوا يتابعون دراستهم الجامعية خلال فترة الوباء - فإنهم يشعرون بصورة خاصة بأن الأعوام الحاسمة التي كان من المفترض أن تؤهلهم للنجاح المالي والاجتماعي على المدى الطويل، قد ضاعت. لذا، من غير المستغرب أن أقل من نصف هؤلاء الشباب، يشعرون بالانتماء إلى مجتمعهم.
مع تغيّر الأهداف التقليدية في الحياة عبر الطيف الجندري، لم يعد واضحاً أين ينبغي للشباب أن يوجهوا طاقاتهم. فقط 48 في المئة من الشباب الأميركيين يرون أن إنجاب الأطفال أمر مهم. وبالنسبة لبعضهم، بدأت مُثل جديدة تترسّخ، أبرزها نموذج الرجولة الفائقة المرتبطة بعالم التكنولوجيا. فقد أصبحت "ريادة الأعمال" المهنة الأكثر إثارة للإعجاب بين الشباب، متقدمة على الرياضة والموسيقى. كما يتزايد الشعور بانعدام الأمان العاطفي، إذ يقل عدد الرجال الذين يشعرون بالثقة في إمكانية العثور على شريك طويل الأمد بنسبة 10 في المئة مقارنة بالنساء. وقد يُعزى ذلك جزئياً إلى أن كثيراً من النساء يعبرن عن صعوبة إيجاد شريك يلبي توقعاتهن - وهي فجوة في التوقعات لا يعرف الرجال كيف يمكنهم جسرها.
فما الدور الذي يُفترض أن تضطلع به الحكومة الأميركية تجاه هؤلاء الشباب؟ يزداد شعور الشباب الذكور بالشك في أن الحكومة ستعمل لصالحهم - وربما يعود ذلك إلى خيبة أملهم المتزايدة بسبب اتساع فجوة الدخل والتفكك الاجتماعي. ويُعد إيلون ماسك مثالاً على هذا التحول؛ إذ تراجعت شعبيته بين الرجال من جيل الألفية من 51.5 في المئة في يناير (كانون الثاني) إلى 34.7 في المئة في أبريل (نيسان)، مع تزايد التصور بأنه بات أكثر ارتباطاً بالمؤسسة الحاكمة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد أن تلاشت آمالهم في أن تقدم الحكومة حلولاً حقيقية، بدأ الشباب الذكور يبحثون عن بدائل أخرى. وهنا يدخل "الفضاء الذكوري" على الخط، مشجعاً إياهم على تبني نمط "الرجل السيغما" Sigma Male القائم على الاستقلالية والاكتفاء الذاتي. ومع تآكل الثقة في الحلول الجماعية، يبرز التفكير العدائي، ما يؤدي إلى نشوء جيل يزداد انقسامه على أساس النوع الاجتماعي. وفي ظل غياب الثقة في نظام قادر على معالجة هذه التحديات، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم مضطرين للاعتماد على أنفسهم.
مع تلاشي الآمال في أن تقدم الحكومة حلولاً ملموسة، بدأ الشباب يبحثون عن بدائل أخرى. وهنا يبرز المجال الذكوري الذي يعزز فكرة "الرجل السيغما" Sigma Male، القائمة على الاستقلالية والاكتفاء الذاتي. ومع تراجع الثقة في الحلول الجماعية، يتصاعد التفكير العدائي، مما يسهم في تشكيل جيل منقسم على نحو متزايد على أساس النوع الاجتماعي. وفي ظل غياب الثقة في نظام قادر على معالجة مخاوف الشباب وتلبية حاجاتهم، يجد هؤلاء أنفسهم مُجبرين على الاعتماد على أنفسهم.
في الواقع، إن القيم التي تحظى بإعجاب الشباب غالباً ما تكون مرتبطة بالشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين. ويشير المؤسس المشارك لـ"مبادرة أبحاث الشباب"Young Men Research Initiative، آرون سميث، إلى أن تحسين الرسائل التي تركز على مفاهيم الحماية والرعاية قد يكون وسيلة فعالة للتواصل.
الشباب لا تحركهم الأيديولوجيا بمقدار ما تحركهم المخاوف الحقيقية من أن المستقبل الذي يتطلعون إليه قد يبدو غامضاً أو بعيد المنال. إن إعادة جذب هذه الفئة لن تتحقق من خلال إصلاحات سطحية أو حلول سريعة - مثل التفكير الجندري الصفري (اعتبار مكسب أحد الجنسين خسارة للآخر)، أو تحسين قنوات التواصل، أو إعادة إحياء وظائف التصنيع. بدلاً من ذلك، ينبغي على القادة تخصيص مساحة سياسية حقيقية تُمكن الشباب من الإسهام في بناء المستقبل الذي يطمحون إليه، والأهم من ذلك، الإنصات لهم.
أليس لاسمان هي زميلة في مركز الأبحاث "نيو أميركا" New America متخصصة في المواضيع الاقتصادية، تغطي شؤون "الجيل زد" والسياسة والذكورة. عملت سابقاً مستشارة في شركة "ماكينزي"، والأمم المتحدة، و"منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، ولديها خبرة متخصصة في الاقتصاد والنوع الاجتماعي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إسرائيل تعلن استعادة "الأرشيف السوري الرسمي" للجاسوس إيلي كوهين
إسرائيل تعلن استعادة "الأرشيف السوري الرسمي" للجاسوس إيلي كوهين

Independent عربية

timeمنذ 5 أيام

  • Independent عربية

إسرائيل تعلن استعادة "الأرشيف السوري الرسمي" للجاسوس إيلي كوهين

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اليوم الأحد استرجاع نحو 2500 وثيقة وصورة ومقتنيات شخصية كانت ضمن "الأرشيف السوري الرسمي" الخاص بعميل جهاز "الموساد" إيلي كوهين الذي أدى مهمات استخباراتية حتى انكشاف أمره وإعدامه في دمشق عام 1965. وجاء ضمن بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء "في عملية سرية معقدة نفذها جهاز 'الموساد' بالتعاون مع جهة استخباراتية شريكة، جرى استرجاع الأرشيف السوري الرسمي المتعلق بإيلي كوهين. ويحوي هذا الأرشيف آلاف المواد التي احتفظت بها الاستخبارات السورية لعقود تحت حراسة مشددة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكوهين الذي جسدت "نتفليكس" سيرته في مسلسل قصير لاقى نجاحاً واسعاً يُعد بطلاً قومياً في إسرائيل منذ أعدمته السلطات السورية شنقاً في ساحة المرجة في دمشق عام 1965 بعد ما نجح في اختراق أعلى مستويات النظام في هذا البلد. قد لا يكون إيلي كوهين أهم جاسوس زرعه "الموساد" الإسرائيلي في العالم العربي لكنه ربما يكون الأكثر شهرة. وارتبطت به عملية تجنيد معقدة، إذ زُرع في قلب المجتمع السياسي والاقتصادي والعسكري في سوريا، باسم مستعار لشخص سوري غير موجود وبهوية مزورة، ونفذ كوهين المهمة المطلوبة منه في ظل تبدل الأنظمة من عام 1962 إلى عام 1965، من انهيار الوحدة إلى قيام نظام حزب البعث. ومنذ إعدامه في ساحة المرجة في دمشق في الـ18 من مايو (أيار) 1965 لا تزال إسرائيل تبحث عنه. وقبل إعدامه مارست إسرائيل ضغطاً دولياً لتفادي حكم من هذا النوع، لكنها فشلت. ثم حاولت استعادة جثته ونقلها عبر الحدود اللبنانية لكن من دون جدوى، مما استدعى من النظام دفنها في مكان سرّي. وبعد اندلاع الثورة في سوريا منتصف مارس (آذار) عام 2011 والتدخل الروسي، استمرت محاولات تل أبيب لاسترجاع الرفات من دون نتيجة. لكن في يوليو (تموز) عام 2018 أعلنت استعادتها الساعة التي كانت في معصم يده قبل إعدامه وسلمتها إلى زوجته.

لماذا خسر ترمب واليمين دعم الناخبين الذكور من الشباب؟
لماذا خسر ترمب واليمين دعم الناخبين الذكور من الشباب؟

Independent عربية

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • Independent عربية

لماذا خسر ترمب واليمين دعم الناخبين الذكور من الشباب؟

"سأمنحه بضعة أيام، أو بضعة أسابيع، لأرى كيف ستسير الأمور"، بهذه العبارة عبر ديف بورتنوي مالك شركة "بارستول سبورتس" Barstool Sports، عن موقفه المتردد تجاه خطة ترمب الجمركية. هذ الموقف يعكس نهجاً عاماً بين الشباب في ما يتعلق بالسياسة في الولايات المتحدة. وعلى رغم أن بورتنوي قد يبدو علامة مبكرة على تغير أوسع، فإنه ليس وحده في هذا. المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي وشخصيات عامة مثل بورتنوي يمثلون جزءاً من موجة متنامية من مؤيدي ترمب السابقين الذين باتوا يتعاملون معه الآن بشك وريبة، وعلى المنصات نفسها التي يُعتقد أنها ساعدت ترمب على الفوز سابقاً. أصبح الشباب، على رغم تقلب مواقفهم وميلهم في الوقت نفسه إلى المراقبة الشديدة للأمور، محط اهتمام مختلف أطياف المشهد السياسي. فعلى اليسار، يسعى البعض إلى إعادة تعريف مفهوم الذكورة بمصطلحات تقدمية. أما على اليمين، فانخفضت بصورة حادة معدلات التأييد بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و29 سنة. فما الذي يحدث؟ الشباب الذكور يُمثلون كتلة تصويتية متقلبة - وهم بالفعل بدأوا في تغيير مواقفهم. وقد أشارت "مبادرة أبحاث الشباب الذكور"، وهي جهة ترصد توجهاتهم السياسية، أخيراً إلى أن "شهر العسل بين ترمب وهؤلاء الشباب قد يكون قد انتهى". لقد أمضيت العامين الماضيين في التحدث مع شباب من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وما سمعته باستمرار هو شعورهم العميق بالحاجة إلى استعادة السيطرة على حياتهم في عالم يشعرون بأنه يسلبهم تلك السيطرة. وكلما حاول الجانبان السياسيان فرض أجنداتهما عليهم، زاد نفورهم. فعدد متزايد من الشباب لا يتجاوب مع محتوى المؤثرين السياسيين بقدر تجاوبهم مع مواضيع مثل اللياقة البدنية أو تحسين الذات. قد يبدو إلقاء اللوم على "الفضاء الذكوري" إجابة سهلة. فمسلسل "مراهَقة" Adolescence على منصة "نتفليكس" - الذي يُصور فتى انجذب إلى هذا النوع من الخطاب وقتل زميلته في صف الدراسة - أثار ما وصفه ريتشارد ف. ريفز من "المعهد الأميركي للفتيان والرجال" American Institute of Boys and Men بـ "الذعر الأخلاقي". لا شك أن تأثير هذا العالم حقيقي، إذ يتفاعل ستة من كل 10 شبان مع مؤثري "الرجولة" بانتظام – لكن قصة الاستياء أعمق بكثير من مجرد ذلك. المشكلة ليست أنهم ينزلقون نحو التطرف، بل في أنهم يفقدون الإيمان بالعالم من حولهم. قد يعتقد البعض أنه تم "تنويرهم" عبر الخطاب الذكوري، مقتنعين بأنهم اكتشفوا حقائق مجتمعية صادمة عن وضع الرجال في المجتمع، أو ربما لأنهم يتعرضون لمحتوى سلبي يهدف إلى زيادة التفاعل. في كلتا الحالتين، لا تتطابق هذه السردية مع الواقع الفعلي، إذ يشير "معهد موفمبر لصحة الرجال" Movember Institute of Men's Health إلى أن الفئة الأكثر تفاعلاً مع هذا النوع من المحتوى غالباً ما تكون من الشباب المتعلمين، والعاملين، والمستقرين مالياً، والمرتبطين بعلاقات. يتميز أبناء "الجيل زد" Gen Z بتوافق نادر بين مختلف الأطياف السياسية، في اعتبار أن القضية الأكثر أهمية بالنسبة إليهم هي الوظائف والاقتصاد. فهم يتقاسمون القلق نفسه، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، من أن النظام الاقتصادي الذي نجح مع آبائهم لن يوفر لهم الاستقرار نفسه أو الفرص. ويقول نحو أربعة من كل 10 أميركيين ما دون سن الـ30، إنهم "بالكاد يتدبرون أمورهم" من الناحية المالية. فقد تراجعت فرص العمل بالنسبة إلى الخريجين الجدد بصورة ملحوظة، ولا يشعر سوى 56 في المئة منهم بالتفاؤل حيال مستقبلهم المالي. وقد عمقت جائحة "كوفيد" هذا الشعور بعدم اليقين. فأحد الشباب الذين قابلتهم وصف شعوره بأنه تأخر عامين في تكوين نفسه. وبالنسبة إلى أفراد الفئة العمرية الأولى من "جيل زد" Gen Z 1.0 - أي أولئك الذين كانوا يتابعون دراستهم الجامعية خلال فترة الوباء - فإنهم يشعرون بصورة خاصة بأن الأعوام الحاسمة التي كان من المفترض أن تؤهلهم للنجاح المالي والاجتماعي على المدى الطويل، قد ضاعت. لذا، من غير المستغرب أن أقل من نصف هؤلاء الشباب، يشعرون بالانتماء إلى مجتمعهم. مع تغيّر الأهداف التقليدية في الحياة عبر الطيف الجندري، لم يعد واضحاً أين ينبغي للشباب أن يوجهوا طاقاتهم. فقط 48 في المئة من الشباب الأميركيين يرون أن إنجاب الأطفال أمر مهم. وبالنسبة لبعضهم، بدأت مُثل جديدة تترسّخ، أبرزها نموذج الرجولة الفائقة المرتبطة بعالم التكنولوجيا. فقد أصبحت "ريادة الأعمال" المهنة الأكثر إثارة للإعجاب بين الشباب، متقدمة على الرياضة والموسيقى. كما يتزايد الشعور بانعدام الأمان العاطفي، إذ يقل عدد الرجال الذين يشعرون بالثقة في إمكانية العثور على شريك طويل الأمد بنسبة 10 في المئة مقارنة بالنساء. وقد يُعزى ذلك جزئياً إلى أن كثيراً من النساء يعبرن عن صعوبة إيجاد شريك يلبي توقعاتهن - وهي فجوة في التوقعات لا يعرف الرجال كيف يمكنهم جسرها. فما الدور الذي يُفترض أن تضطلع به الحكومة الأميركية تجاه هؤلاء الشباب؟ يزداد شعور الشباب الذكور بالشك في أن الحكومة ستعمل لصالحهم - وربما يعود ذلك إلى خيبة أملهم المتزايدة بسبب اتساع فجوة الدخل والتفكك الاجتماعي. ويُعد إيلون ماسك مثالاً على هذا التحول؛ إذ تراجعت شعبيته بين الرجال من جيل الألفية من 51.5 في المئة في يناير (كانون الثاني) إلى 34.7 في المئة في أبريل (نيسان)، مع تزايد التصور بأنه بات أكثر ارتباطاً بالمؤسسة الحاكمة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وبعد أن تلاشت آمالهم في أن تقدم الحكومة حلولاً حقيقية، بدأ الشباب الذكور يبحثون عن بدائل أخرى. وهنا يدخل "الفضاء الذكوري" على الخط، مشجعاً إياهم على تبني نمط "الرجل السيغما" Sigma Male القائم على الاستقلالية والاكتفاء الذاتي. ومع تآكل الثقة في الحلول الجماعية، يبرز التفكير العدائي، ما يؤدي إلى نشوء جيل يزداد انقسامه على أساس النوع الاجتماعي. وفي ظل غياب الثقة في نظام قادر على معالجة هذه التحديات، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم مضطرين للاعتماد على أنفسهم. مع تلاشي الآمال في أن تقدم الحكومة حلولاً ملموسة، بدأ الشباب يبحثون عن بدائل أخرى. وهنا يبرز المجال الذكوري الذي يعزز فكرة "الرجل السيغما" Sigma Male، القائمة على الاستقلالية والاكتفاء الذاتي. ومع تراجع الثقة في الحلول الجماعية، يتصاعد التفكير العدائي، مما يسهم في تشكيل جيل منقسم على نحو متزايد على أساس النوع الاجتماعي. وفي ظل غياب الثقة في نظام قادر على معالجة مخاوف الشباب وتلبية حاجاتهم، يجد هؤلاء أنفسهم مُجبرين على الاعتماد على أنفسهم. في الواقع، إن القيم التي تحظى بإعجاب الشباب غالباً ما تكون مرتبطة بالشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين. ويشير المؤسس المشارك لـ"مبادرة أبحاث الشباب"Young Men Research Initiative، آرون سميث، إلى أن تحسين الرسائل التي تركز على مفاهيم الحماية والرعاية قد يكون وسيلة فعالة للتواصل. الشباب لا تحركهم الأيديولوجيا بمقدار ما تحركهم المخاوف الحقيقية من أن المستقبل الذي يتطلعون إليه قد يبدو غامضاً أو بعيد المنال. إن إعادة جذب هذه الفئة لن تتحقق من خلال إصلاحات سطحية أو حلول سريعة - مثل التفكير الجندري الصفري (اعتبار مكسب أحد الجنسين خسارة للآخر)، أو تحسين قنوات التواصل، أو إعادة إحياء وظائف التصنيع. بدلاً من ذلك، ينبغي على القادة تخصيص مساحة سياسية حقيقية تُمكن الشباب من الإسهام في بناء المستقبل الذي يطمحون إليه، والأهم من ذلك، الإنصات لهم. أليس لاسمان هي زميلة في مركز الأبحاث "نيو أميركا" New America متخصصة في المواضيع الاقتصادية، تغطي شؤون "الجيل زد" والسياسة والذكورة. عملت سابقاً مستشارة في شركة "ماكينزي"، والأمم المتحدة، و"منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، ولديها خبرة متخصصة في الاقتصاد والنوع الاجتماعي.

تراجع العقود الأميركية وسط مخاوف تجارية وترقّب لقرار «الفيدرالي»
تراجع العقود الأميركية وسط مخاوف تجارية وترقّب لقرار «الفيدرالي»

الشرق الأوسط

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

تراجع العقود الأميركية وسط مخاوف تجارية وترقّب لقرار «الفيدرالي»

تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، يوم الاثنين، بعدما فجّر الرئيس دونالد ترمب موجة جديدة من المخاوف بشأن تداعيات حرب تجارية عالمية بإعلانه فرض رسوم جمركية جديدة، في وقتٍ تترقب فيه الأسواق قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية، هذا الأسبوع. كان ترمب قد أعلن، يوم الأحد، فرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المائة على الأفلام المُنتَجة خارج الولايات المتحدة، دون أن يُقدّم تفاصيل واضحة حول آليات تنفيذ هذا القرار، مما أثار حالة من الغموض، وفق «رويترز». وتراجعت أسهم شركات إنتاج الأفلام والتلفزيون، التي تُنفذ أعمالها خارج الولايات المتحدة، في تعاملات ما قبل الافتتاح؛ إذ هبط سهم «نتفليكس» بنسبة 3.3 في المائة، في حين خسرت أسهم شركتيْ والت ديزني ووارنر براذرز ديسكفري 1.5 في المائة و2.7 في المائة على التوالي. كما شهدت أسهم الفئة «ب» لشركة بيركشاير هاثاواي، التي يرأسها المستثمر المخضرم وارن بافيت، انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، عقب إعلان تنحي بافيت عن منصبه بصفته الرئيس التنفيذي للشركة. وبحلول الساعة 5:05 صباحاً، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 287 نقطة (0.69 في المائة)، وتراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 48.5 نقطة (0.85 في المائة)، في حين خسر مؤشر ناسداك 100 نحو 191.75 نقطة (0.95 في المائة). وكانت الأسواق قد التقطت أنفاسها، الأسبوع الماضي، مع ظهور إشارات على تراجع التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، بعد أسابيع من سياسة الرسوم الجمركية المتبادلة التي هزّت الأسواق العالمية. وأنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 جلسة الجمعة محققاً مكاسبه التاسعة على التوالي، وهي أطول سلسلة مكاسب منذ عام 2004. وتتجه الأنظار، هذا الأسبوع، نحو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي من المتوقع أن يُبقي أسعار الفائدة دون تغيير، في وقتٍ يترقب فيه المستثمرون تعليقات مسؤولي السياسة النقدية لتقييم توجّههم بشأن تخفيف السياسة، خلال الفترة المقبلة، في ظلّ تصاعد الضغوط التجارية. وكانت بيانات الأسبوع الماضي قد أظهرت انكماش الاقتصاد الأميركي، خلال الربع الأول، للمرة الأولى منذ عام 2022، نتيجة مسارعة المستوردين إلى شراء السلع، قبل بدء تطبيق الرسوم، ما أثار مخاوف من تباطؤ النمو، رغم متانة سوق العمل. وقال محللو «رايتسون آي سي إيه بي»: «قوة بيانات الوظائف لشهر أبريل (نيسان) قد تساعد الأسواق على تجاوز الأثر السلبي المفاجئ لتقرير الناتج المحلي الإجمالي الأخير، ما يضع (الاحتياطي الفيدرالي) في وضع ترقّب، خلال هذا الأسبوع». ويُظهر تسعير الأسواق توقعات بخفض واحد للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، بحلول يوليو (تموز) المقبل، وخفض إجمالي قدرُه 116 نقطة أساس قبل نهاية العام، وفقاً لبيانات بورصة لندن للأوراق المالية. ويتركز اهتمام المستثمرين على كيفية تكيّف الشركات مع حالة عدم اليقين الناتجة عن القرارات التجارية. ومن المقرر أن تعلن شركات مثل «أونسيمي» لصناعة الرقائق، و«هنري شاين» لتوزيع منتجات طب الأسنان، نتائجها قبل إغلاق الأسواق، في حين تعلن شركتا فورد وبالانتير نتائجهما بعد الإغلاق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store