logo
سحب ملف الهيدروجين الأخضر من بنعلي: تصحيح للمسار أم بداية لتغييرات أوسع؟

سحب ملف الهيدروجين الأخضر من بنعلي: تصحيح للمسار أم بداية لتغييرات أوسع؟

المغرب الآن٠٧-٠٣-٢٠٢٥

في خطوة حاسمة تعكس عدم رضا رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن أداء وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، ترأس أخنوش اجتماع لجنة القيادة المكلفة بـ'عرض المغرب' في مجال الهيدروجين الأخضر، دون أي حضور أو تمثيل لبنعلي، في إشارة واضحة إلى سحب هذا الملف الحساس من يدها. جاء هذا القرار بعد سلسلة من التصريحات المثيرة للجدل للوزيرة، والتي أظهرت تناقضًا صارخًا مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تسريع وتيرة الاستثمار في الطاقات المتجددة، وعلى رأسها الهيدروجين الأخضر.
pic.twitter.com/BW9LSZnnVD
— المغرب الآن Maghreb Alan (@maghrebalaan) March 7, 2025
وكانت ليلى بنعلي قد صرحت، خلال لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني قبل أسابيع، بأن الدولة لن تقدم أي دعم مالي لمشاريع الطاقات الجديدة، بما فيها الهيدروجين الأخضر، محملةً القطاع الخاص وحده مسؤولية تحمل المخاطر المالية والتكنولوجية. هذا التصريح لم يمر دون تداعيات، إذ أثار استياء الفاعلين في المجال، كما استغلته وسائل إعلام جزائرية وصفحات معادية للوحدة الترابية للمملكة لتقديم صورة مشوهة عن الاستراتيجية المغربية في الطاقات المتجددة، ما زاد من الضغط على الحكومة لاتخاذ موقف واضح تجاه الوزيرة.
عندما تنجح الاستراتيجيات.. الجميع يريد أن يكون في الصورة!
في مشهد يعكس ديناميكية السياسة المغربية، يظهر الملك محمد السادس كحَكَمٍ وموجِّهٍ رئيسي في تحديد مسار البلاد، سواء في النجاحات أو التحديات. ففي لحظات الإنجاز، تتصدر الأحزاب السياسية والطبقة الحاكمة الواجهة، مسارعةً إلى تقديم نفسها كأبطال للقصة، مستفيدةً سياسيًا وإعلاميًا من المكاسب المحققة. لكن، عندما تواجه الاستراتيجيات عقبات أو لا تسير كما هو مخطط، يلجأ الجميع إلى الاختباء خلف القصر الملكي، محوِّلين المسؤولية إلى الملك، وكأنه الحلقة الوحيدة في سلسلة القرارات.
هذا المشهد يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة المشاركة السياسية في المغرب، وهل تُعتبر الأحزاب والوزراء شركاء حقيقيين في صناعة القرار، أم أنهم مجرد منفذين لرؤية ملكية واضحة؟ وفي سياق ملف الهيدروجين الأخضر، يبدو أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، قد قرر كسر هذه الحلقة، بسحب الملف من الوزيرة ليلى بنعلي، في خطوة تعكس رغبته في تحمل المسؤولية الكاملة عن نجاح أو فشل هذا الورش الاستراتيجي.
سحب الملف: قرار إداري أم تصحيح لمسار استراتيجي؟
يثير سحب ملف الهيدروجين الأخضر من يد الوزيرة تساؤلات جوهرية حول خلفيات القرار ودلالاته السياسية والاقتصادية. هل كان القرار مجرد إجراء إداري لضبط الإيقاع الحكومي، أم أنه يعكس أزمة ثقة بين رئيس الحكومة ووزيرته؟ ولماذا لم تتم محاسبة الوزيرة بشكل مباشر على تصريحاتها المتناقضة مع التوجيهات الملكية؟
لا شك أن الملف يحمل أبعادًا تتجاوز الخلاف داخل الحكومة، إذ يرتبط بسمعة المغرب كمركز جذب للاستثمارات الطاقية، خصوصًا في ظل المنافسة الإقليمية مع الجزائر التي تحاول فرض نفسها كمصدر بديل للهيدروجين الأخضر نحو أوروبا. في هذا السياق، يمكن النظر إلى تحركات أخنوش على أنها محاولة لإنقاذ صورة 'عرض المغرب' وضمان استمرارية الزخم الاستثماري الذي بدأ يتشكل حول هذا المشروع الطموح.
الاستثمار في الهيدروجين الأخضر: رهان استراتيجي أم صراع مصالح؟
من الواضح أن ملف الهيدروجين الأخضر لم يكن مجرد ورش اقتصادي، بل تحول إلى ساحة مواجهة غير معلنة بين رؤى مختلفة داخل الحكومة. فمن جهة، هناك التوجه الملكي الداعي إلى تسريع المشاريع الطاقية وتعزيز جاذبية المغرب كوجهة استثمارية، ومن جهة أخرى، هناك عراقيل تقنية وبيروقراطية ساهمت في تباطؤ التنفيذ.
لكن، هل يعود فشل بنعلي إلى عدم كفاءتها الإدارية فقط، أم أن هناك تداخلًا لمصالح لوبيات معينة داخل قطاع الطاقة قد ساهم في عرقلتها؟ ولماذا لم يتم تعيين شخصية أخرى أكثر كفاءة بدلًا من سحب الملف بالكامل منها؟ هذه الأسئلة تبقى مفتوحة في انتظار قرارات مستقبلية قد تعيد ترتيب المشهد داخل وزارة الانتقال الطاقي.
ما بعد سحب الملف: هل نشهد تغييرات حكومية أوسع؟
إذا كان سحب ملف الهيدروجين الأخضر من يد ليلى بنعلي يعكس فشلها في تنزيل التوجيهات الملكية، فهل يمكن أن يكون هذا القرار مقدمة لتعديلات حكومية أوسع؟ وهل سيشمل التقييم وزراء آخرين أخفقوا في ملفات استراتيجية؟
بناءً على المعطيات الحالية، يبدو أن حكومة أخنوش تمر بمرحلة تقييم داخلي صارم، خصوصًا مع اقتراب منتصف الولاية الحكومية، حيث يصبح الضغط أكبر لتحقيق إنجازات ملموسة قبل الانتخابات المقبلة. وبالتالي، قد لا يكون ملف الهيدروجين الأخضر سوى بداية لمسلسل تغييرات أوسع قد تشمل وزارات أخرى أثبتت محدودية أدائها.
لا يمكن إنكار أن ملف الهيدروجين الأخضر يظل أحد أهم المشاريع الاستراتيجية للمغرب خلال العقد القادم، وهو ما يجعل أي تعثر في تنفيذه محط اهتمام واسع. لكن في المقابل، يبقى السؤال الأهم: هل كان الفشل بسبب الوزيرة وحدها، أم أن هناك عوامل هيكلية أخرى تحتاج إلى إصلاح شامل لضمان نجاح هذا الورش الطاقي الطموح؟
ما هو مؤكد، أن المغرب ماضٍ في تحقيق طموحاته الطاقية، لكن الطريق إلى ذلك لن يكون بدون تحديات، والقدرة على تجاوزها ستكون معيارًا حقيقيًا لمدى نجاعة التدبير الحكومي الحالي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعدما فشل فيه بنكيران والعثماني…أخنوش ينجح بجرأة في طي ملف الأساتذة المتعاقدين
بعدما فشل فيه بنكيران والعثماني…أخنوش ينجح بجرأة في طي ملف الأساتذة المتعاقدين

زنقة 20

timeمنذ 9 ساعات

  • زنقة 20

بعدما فشل فيه بنكيران والعثماني…أخنوش ينجح بجرأة في طي ملف الأساتذة المتعاقدين

زنقة 20. الرباط سجل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أمس الإثنين بمجلس النواب، ما وصفه بتحمل حكومته لمسؤوليتها التاريخية بجرأة سياسية منقطعة النظير في طي ملف المتعاقدين بشكل نهائي، بعد ترسيم أزيد من 115.000 موظفة وموظف بالقطاع، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسوية وضعيتهم المالية والإدارية ابتداء من يوليوز 2024، بقيمة إجمالية تجاوزت مليارَين و400 مليون درهم. وأبرز خلال جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع 'إصلاح التعليم من مدرسة الريادة إلى جامعة التميز لبناء أجيال مغرب الغد'، أن السنة الماضية تميزت بإقرار النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية، مؤكدا أنه شكل لحظة متميزة من التوافق الوطني، تريد الحكومة من خلاله تحقيق نهضة تربوية شاملة، ورد الاعتبار لمهنة التدريس بالمملكة. وذكر في هذا السياق، بتفعيل الزيادة العامة في الأجور البالغة 1.500 درهم، وذلك باستفادة 330.000 موظف من الشطر الأول من هذه الزيادة بكلفة مالية بلغت حوالي 5 مليارات درهم. إضافة إلى صرف التعويضات التكميلية لفائدة 100.000 موظف بقيمة إجمالية تناهز مليار درهم، بالإضافة إلى تنظيم الترقية بالاختيار برسم سنة 2022 لحوالي 12.000 موظف بتكلفة فاقت مليارَيْ درهم. وأضاف رئيس الحكومة، بأن السنة الجارية شهدت تسوية الوضعية الإدارية والمالية، ولاسيما أداء المستحقات الناجمة عن التوظيف والترسيم والترقية عن طريق الامتحان ابتداء من نهاية يناير 2025، ومواصلة أداء المستحقات المتعلقة بالترقية في الرتبة بأثر رجعي من سنة 2017 إلى غاية سنة 2023. كما نوه بـ'الروح الإيجابية والعلاقة المثمرة التي تجمع الحكومة بالمركزيات النقابية داخل الحوار الاجتماعي القطاعي، وذلك بهدف تسوية كل الملفات المتبقية، بما ينعكس إيجابا على تحسين وضعيتهم المهنية والاجتماعية على حد سواء'.

أسعار النفط تتراجع عالمياً… والمغاربة يسددون الفاتورة باهظة
أسعار النفط تتراجع عالمياً… والمغاربة يسددون الفاتورة باهظة

عبّر

timeمنذ 14 ساعات

  • عبّر

أسعار النفط تتراجع عالمياً… والمغاربة يسددون الفاتورة باهظة

رغم الانخفاض المتواصل في أسعار النفط على المستوى العالمي، لا تزال أسعار المحروقات في المغرب تشكل عبئاً متزايداً على الأسر المغربية، ما يعيد إلى الواجهة الجدل المحتدم حول سياسة تحرير الأسعار التي تنتهجها حكومة عزيز أخنوش، ويفتح الباب أمام تساؤلات ملحة حول العدالة الطاقية وفعالية شعار 'الدولة الاجتماعية'. تراجع أسعار النفط عالميا… واستقرار مغربي مريب في بيانات السوق ليوم الثلاثاء 20 ماي، تراجع سعر خام برنت إلى 65.39 دولاراً للبرميل، في حين استقر خام غرب تكساس الوسيط عند 62.72 دولاراً، مدفوعاً بعوامل دولية أبرزها تعثر المحادثات النووية بين واشنطن وطهران، وتراجع التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما انعكس مباشرة بانخفاض أسعار المحروقات في عدة دول. لكن في السوق المغربي، لا يزال سعر لتر الغازوال يتجاوز 12 درهماً، والبنزين يصل إلى حدود 14 درهماً في بعض المناطق، في تناقض صارخ مع مؤشرات السوق العالمية. أرباح ضخمة على حساب المستهلك رغم إنخفا أسعار النفط في مجمل دول العالم بحسب الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، فإن المحروقات تصل إلى الموانئ المغربية بأقل من 5 دراهم للتر، لكن يتم بيعها للمستهلك بأكثر من الضعف، نتيجة ما سماه بـ'الضرائب المرتفعة والأرباح الفاحشة' التي تحققها الشركات الموزعة. أرقام صادمة: أرباح الشركات الموزعة بلغت أكثر من 80 مليار درهم بنهاية 2024. أرباح الطن الواحد من الغازوال ارتفعت من 600 درهم إلى أكثر من 2000 درهم. أرباح الطن من البنزين تجاوزت 3000 درهم. هذه الأرقام تثير موجة من السخط الشعبي، خصوصاً وأنها تأتي في وقت تتدهور فيه القدرة الشرائية للمواطن، وتتصاعد فيه أصوات تطالب بإنصاف الفئات الهشة والمتوسطة. شعار 'الدولة الاجتماعية' تحت المجهر تتعارض هذه السياسات، بحسب المراقبين، مع الخطاب الحكومي المتكرر حول 'الدولة الاجتماعية'. ففي ظل تدهور الخدمات الصحية والتعليمية، يجد المواطن المغربي نفسه مطالبًا بتحمل أسعار قريبة من نظيرتها الأوروبية، رغم أن متوسط دخله لا يتجاوز خُمس دخل المواطن الأوروبي. سامير… هل تكون جزءًا من الحل؟ يشير العديد من الخبراء، وبينهم الحسين اليماني، إلى أن إعادة تشغيل مصفاة ' سامير ' بمدينة المحمدية قد تساهم بشكل كبير في استقرار الأسعار والتحكم في هوامش الربح، بدل ترك السوق في يد عدد محدود من الفاعلين. ويرى متابعون أن وجود مصفاة وطنية سيمكن من تحقيق السيادة الطاقية وتوفير مخزون استراتيجي، خاصة في أوقات الأزمات الدولية وتقلبات الأسواق. هل المغرب بحاجة لمراجعة سياسته الطاقية؟ مع تزايد التلويح الحكومي بـتحرير أسعار مواد أساسية أخرى مثل السكر والدقيق وغاز البوتان، تتصاعد المخاوف من موجة غلاء شاملة قد تعصف بما تبقى من القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة. دور الدولة في الحماية الاجتماعية. في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار النفط عالميًا، يجد المواطن المغربي نفسه في مواجهة فاتورة لا تتوقف عن الارتفاع، في غياب رقابة صارمة على الأسعار، وتضاؤل الخيارات أمامه. فهل ستتحرك الحكومة نحو تسقيف الأسعار، أو إعادة تنظيم القطاع النفطي؟ أم سيبقى المواطن وحده من يؤدي ثمن الليبرالية غير المنضبطة؟

أخنوش: مؤسسات الريادة قلّصت الفوارق الاجتماعية بين مدارس القرى والمدن
أخنوش: مؤسسات الريادة قلّصت الفوارق الاجتماعية بين مدارس القرى والمدن

LE12

timeمنذ 21 ساعات

  • LE12

أخنوش: مؤسسات الريادة قلّصت الفوارق الاجتماعية بين مدارس القرى والمدن

خلص عزيز أخنوش، رئيس الحكومة إلى أن مدارس الريادة تُعد نموذجًا واعدًا للحد من التفاوتات والفوارق الاجتماعية. جريدة le12 سجّل وقال أخنوش، في تفاعله مع أسئلة النواب حول موضوع: 'إصلاح التعليم من مدرسة الريادة إلى جامعة التميز لبناء أجيال مغرب الغد'، إن التقييم العام الذي خلُص إليه التقرير يؤكد أنه، ولأول مرة، تقلّصت الفروقات الكبيرة بين مؤسسات الريادة في العالم القروي ونظيرتها في المدن، حيث بات لها تقريبًا نفس مستوى الأداء العام. وخلص رئيس الحكومة إلى أن مدارس الريادة تُعد نموذجًا واعدًا للحد من التفاوتات والفوارق الاجتماعية. وأشار في هذا السياق إلى اقتناع الحكومة بالدور المحوري لجميع المؤسسات الدستورية، واحترامها للعمل الهام الذي تقوم به، مؤكدًا أن التفاعل مع بعض التقارير التي تُثبت صحة التشخيص الذي سبق أن قامت به الحكومة، دفع إلى تشكيل هيئة للحكامة يترأسها الوزير الوصي على القطاع، تعقد اجتماعات شهرية، إلى جانب إحداث هيئات جهوية تضم مختلف المتدخلين. وأوضح وشدّد على أن مؤسسات مستقلة ومكاتب دراسات قامت بتقييم برنامج مدارس الريادة، وخلصت إلى أنه خيار صائب من شأنه إنقاذ المدرسة المغربية مع مرور الوقت، مشيرًا إلى أن الآباء يلمسون الفائدة المحصّلة من تعليم أبنائهم في هذه المدارس، وأن الأساتذة والمديرين والمفتشين يبذلون جهودًا كبيرة لإنجاح هذا الورش الإصلاحي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store