logo
التضييقيات الإسرائيلية تعرقل توزيع الخبز في غزة

التضييقيات الإسرائيلية تعرقل توزيع الخبز في غزة

الجزيرةمنذ 3 ساعات

وصفت جمعية أصحاب المخابز في قطاع غزة الآلية التي اعتمدها برنامج الغذاء العالمي لتوزيع الخبز بأنها مجحفة وأنها لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات الفلسطينيين، في حين برر البرنامج التابع ل لأمم المتحدة قراره بأنه لم يحصل حتى الآن على تصريح من السلطات الإسرائيلية لتوزيع المواد الغذائية والطحين (الدقيق) مباشرة على العائلات في غزة.
وقال رئيس الجمعية عبد الناصر العجرمي -للأناضول- إن الآلية الجديدة التي اعتمدها البرنامج تقضي بتشغيل المخابز وفق كميات محدودة من الدقيق والسكر والزيت والخميرة والوقود، لإنتاج الخبز وتسليم الكميات الجاهزة له، والذي يتولى بدوره توزيعه على المستفيدين.
وشدّد العجرمي على أن خطة البرنامج لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين والنازحين في ظل حالة المجاعة والحصار المشدد والإغلاق المستمر منذ مارس/آذار الماضي.
وأوضح أن الجمعية قدمت مقترحا بديلا يقوم على توزيع كيس من الطحين (الدقيق) بشكل مباشر لكل أسرة في مرحلة أولى، بما يضمن الحد الأدنى من الأمن الغذائي ويمتص حالة الغضب الشعبي، ومن ثم تشغيل المخابز في مرحلة ثانية.
وأضاف أن البرنامج رفض المقترح وفضّل الاستمرار بآلية تشغيل المخابز وتوزيع الخبز عبر المندوبين.
من جهة أخرى، أبدى رئيس جمعية أصحاب المخابز في غزة تخوف أصحاب المخابز من العمل في ظل تدهور الوضع الأمني وحالة الفوضى التي يخلقها الاحتلال الإسرائيلي بتشديد الحصار ومنع دخول المساعدات الغذائية بكميات كافية.
وحذر من تكرار حوادث السطو المسلح على شاحنات نقل المواد الخام، مشيرًا إلى أن تلك الحوادث تسببت في تعطل وصول الإمدادات للمخابز، وفاقمت من معاناة الفلسطينيين في ظل المجاعة المستمرة.
والخميس، اتهم المكتب الإعلامي في غزة جيش الاحتلال الإسرائيلي بتمكين عمليات نهب المساعدات الإنسانية وشاحنات الأدوية، عبر استهداف منسقي الإغاثة ومسارات التوزيع، لافتا إلى أن غارات نفذت وسط القطاع في اليوم ذاته، أسفرت عن استشهاد 6 من عناصر تأمين المساعدات.
تعليق أممي
في المقابل، قال برنامج الأغذية العالمي إنه لم يحصل حتى الآن على تصريح من السلطات الإسرائيلية لتوزيع المواد الغذائية والطحين مباشرة على العائلات في غزة.
وأضاف البرنامج الأغذية العالمي -في بيان- أنه يعمل مع عدد محدود من المخابز والشركاء لإنتاج وتوزيع الخبز في غزة باعتباره الحل الوحيد الممكن حاليا، مشيرا إلى أنه يواجه تحديات عدة، من بينها القيودُ المفروضة على طرق التوزيع، وقلةُ عدد المخابز، والكمياتُ القليلة من المواد التي يسمح بإدخالها إلى غزة.
وأكد برنامج الأغذية العالمي أنه يدرك مدى قسوة الوضع على الأُسر في غزة، لا سيما تلك التي ترعى أطفالا أو كبار سن أو أشخاصا من ذوي الإعاقة أو المرضى.
وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي عبير عطيفة إن لدى الأمم المتحدة نظاما يعمل لتوزيع المساعدات يقوم على أسس المبادئ الإنسانية.
وأضافت -في اتصال بالجزيرة- أن الخطة البديلة التي تعمل عليها إسرائيل لن تكون كافية، لأن حجم المساعدات التي ستدخل غزة ستكون قليلة.
والأربعاء، أدخل الاحتلال الإسرائيلي 87 شاحنة محملة بالمساعدات لصالح عدد من المؤسسات الدولية والأهلية للمرة الأولى منذ 81 يوما من الإغلاق الإسرائيلي المشدد للمعابر.
إعلان
وفي وقت سابق أمس الجمعة، اعتبر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني ما يصل من مساعدات إلى قطاع غزة بأنه مجرد إبرة في كومة قش، مؤكدا أن قطاع غزة لا يزال يعاني من أزمة إنسانية وإغاثية كارثية.
وأوضح لازاريني أن أقل ما يحتاجه الفلسطينيون في القطاع 500-600 شاحنة يوميًا تُدار من خلال الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا.
ومنذ مدة، تروج تل أبيب وواشنطن لتوزيع المساعدات بطريقة تستهدف إفراغ شمال القطاع من سكانه الفلسطينيين، عبر تحويل مدينة رفح (جنوب) إلى مركز رئيسي لتوزيع الإغاثة، وجلب طالبي المساعدات إليها.
ومنذ الثاني من مارس/آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، مما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 176 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

واشنطن بوست: حلفاء إسرائيل يهددون بقطع العلاقات التجارية بسبب غزة
واشنطن بوست: حلفاء إسرائيل يهددون بقطع العلاقات التجارية بسبب غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

واشنطن بوست: حلفاء إسرائيل يهددون بقطع العلاقات التجارية بسبب غزة

قالت صحيفة واشنطن بوست إن عددا من كبار حلفاء إسرائيل وشركائها التجاريين أعلنوا هذا الأسبوع أنهم سيعيدون النظر في الاتفاقيات التجارية معها، نظرا للأوضاع الإنسانية والأزمة الحادة في قطاع غزة. وأكدت بريطانيا أن الحصار الإسرائيلي على غزة والعملية البرية الجديدة سيعرقلان "مباحثات متقدمة" بشأن اتفاقية تجارية جديدة معها، دون التأثير على اتفاقيتهما الحالية، كما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن الاتحاد، المكون من 27 دولة، سيجري مراجعة لاتفاقيته التجارية مع إسرائيل. ومع أن الآثار الكاملة لإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية لا تزال غير واضحة، فإن الدول المعنية من أهم شركاء إسرائيل التجاريين، إذ تمثل نحو 31% من صادراتها العام الماضي و37% من وارداتها، وفقا لبيانات المكتب المركزي للإحصاء في البلاد. وقد نددت إسرائيل بهذه التحركات من قبل أوروبا، وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين إن تصريحات كالاس تعكس "سوء فهم تاما للواقع المعقد الذي تواجهه إسرائيل"، وأبلغت السلطات الإسرائيلية الوكالات الإنسانية أنها قد ترسل 100 شاحنة يوميا إلى غزة هذا الأسبوع، بعد تجميد تام دام قرابة 3 أشهر. غير أن جماعات الإغاثة تقول إن هناك حاجة إلى مزيد، كما أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ذكر بأن نحو 500 شاحنة كانت تدخل غزة كل يوم عمل قبل الحرب، وحذرت الأمم المتحدة من أن القطاع بأكمله معرض لخطر المجاعة، خاصة أن بعض المرافق الطبية القليلة المتبقية شهدت زيادة في عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. وذكّرت الصحيفة بأن أجهزة الكمبيوتر والمنتجات الإلكترونية والبصرية كانت أكبر فئة من صادرات إسرائيل العام الماضي، إذ مثّلت ما يقرب من 17 مليار دولار من إجمالي صادرات البلاد البالغة 60 مليار دولار، وفقا للمكتب المركزي للإحصاء. وحسب إدارة التجارة الخارجية الإسرائيلية، فإن الدوائر الإلكترونية المتكاملة كانت أكبر منتج صدرته إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي، في حين كانت "بوليمرات البروبيلين وغيرها من الأوليفينات، بأشكالها الأولية"، هي أكبر الصادرات إلى المملكة المتحدة، تليها الفواكه الطازجة والمجففة.

قناة إسرائيلية: الأجهزة الأمنية ترى فرصة مناسبة لصفقة مع حماس
قناة إسرائيلية: الأجهزة الأمنية ترى فرصة مناسبة لصفقة مع حماس

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

قناة إسرائيلية: الأجهزة الأمنية ترى فرصة مناسبة لصفقة مع حماس

قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن هناك إجماعا داخل الأجهزة الأمنية في إسرائيل بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لإطلاق سراح الأسرى من قطاع غزة، في حين قال عضو كنيست إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقتل كل حل. ونقلت القناة الإسرائيلية عن مصادر مطلعة لم تسمها أن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير قال في مناقشات مغلقة إن الضغط العسكري خلق ظروفا مناسبة لإعادة المختطفين، وعلى إسرائيل استغلال نافذة الفرص التي نشأت من أجل المضي قدما نحو صفقة. وأوضحت القناة أن تصريحات زامير جاءت في أعقاب قرار نتنياهو إعادة الوفد الإسرائيلي من الدوحة، وبالتوازي مع تشديده لمواقفه العلنية. وأضافت أنه مع ذلك، هناك إجماع داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على إمكانية التوصل إلى صفقة في الوقت الراهن. والخميس، قرر نتنياهو إعادة جميع أعضاء وفد التفاوض الإسرائيلي من العاصمة الدوحة، وذلك بسبب "إصرار القيادي في حركة حماس خليل الحية على الحصول على ضمانات من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب كجزء من الصفقة"، وفق المصدر ذاته. وقالت القناة إنه بسبب انهيار المحادثات، تستعد إسرائيل لتوسيع القتال في قطاع غزة. وفي السياق ذاته، قال عضو الكنيست عوفر كسيف إن هناك صفقة تبادل مطروحة قد تؤدي إلى تحرير جميع الأسرى دفعة واحدة. وأكد كسيف أن نتنياهو يقتل كل حل، وأن "علينا مقاومة حكومة الموت والرفض ولن نكون أداة في يد الطاغية"، حسب تعبيره. أسباب سياسية من جهتها، نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن الوسيط الإسرائيلي السابق غرشون باسكين أن نتنياهو يعرقل عمدا التوصل إلى اتفاق مع حماس لأسباب سياسية وليست أمنية. وأبلغ باسكين، الذي شارك في مفاوضات صفقة جلعاد شاليط عام 2011، صحيفة معاريف أن الولايات المتحدة عرضت على إسرائيل ضمانات كان من الممكن أن تسمح بإنهاء مرحلة القتال لكن نتنياهو رفضها. والثلاثاء، أوعز نتنياهو بعودة كبار أعضاء الوفد الإسرائيلي المتواجد في الدوحة منذ نحو أسبوع، والإبقاء على الطواقم الفنية فقط، قبل أن يوجه الخميس بإعادة بقية أعضاء الوفد. وكان الوفد الإسرائيلي في الدوحة يضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) ومكتب نتنياهو. والأربعاء، شدد نتنياهو في مؤتمر صحفي هو الأول له منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي على رغبة بلاده في التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت مع حماس، محددا شروطا تعجيزية للحركة الفلسطينية نحو إنهاء الحرب تنتهي بتهجير فلسطينيي القطاع إلى الخارج. وقال نتنياهو "إذا سنحت فرصة لوقف إطلاق نار مؤقت من أجل إعادة مزيد من المختطفين، وأؤكد وقف إطلاق نار مؤقت، فنحن مستعدون لذلك". وأردف مدعيا "حققنا الكثير (من أهداف الحرب) بالفعل، لكن المهمة لم تنتهِ بعد، قضينا على عشرات آلاف المسلحين وصفّينا كبار (القادة بحماس)، وعلى الأرجح أيضا (القيادي) محمد السنوار". واستطرد "قبل 3 أيام، أصدرتُ تعليمات، بالتنسيق مع وزير الدفاع (يسرائيل) كاتس، ببدء مرحلة جديدة من الحرب، في إشارة إلى عملية " عربات جدعون" البرية واسعة النطاق بشمال وجنوب غزة. وأضاف "في نهاية هذه المرحلة، ستكون جميع مناطق قطاع غزة تحت سيطرة أمنية إسرائيلية، وسيتم القضاء على حماس بالكامل"، حسب ادعائه. وسبق أن احتلت إسرائيل قطاع غزة عام 1967، ثم انسحبت منه في 2005، وفككت مستوطنات أقامتها فيه. شروط نتنياهو وعدّد نتنياهو شروطه لإنهاء الحرب قائلا "مستعد لإنهاء القتال وفق شروط واضحة: إعادة جميع المختطفين، ونفي قيادة حماس من غزة، ونزع سلاح حماس". وترفض الفصائل الفلسطينية نزع سلاح المقاومة، ما دام احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية مستمرا. وأضاف نتنياهو أنه بعد إنهاء الحرب بهذه الشروط "نبدأ تنفيذ خطة ترامب" بشأن التهجير. وفي مارس/آذار الماضي، اعتمدت كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، ويستغرق تنفيذها 5 سنوات، وتكلف نحو 53 مليار دولار. لكن إسرائيل والولايات المتحدة رفضتا الخطة، وتمسكتا بمخطط ترامب لتهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول أخرى ومنظمات إقليمية ودولية. ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين. وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 176 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات الآلاف من النازحين.

لماذا تهاجم أوروبا نتنياهو الآن تحديدًا؟
لماذا تهاجم أوروبا نتنياهو الآن تحديدًا؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

لماذا تهاجم أوروبا نتنياهو الآن تحديدًا؟

أشهرت العديد من الدول الأوروبية مواقفَ ضد استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وطالبت بوقف الحرب وإدخال المساعدات فورًا، رافضة بشدّة سياسة التجويع التي ملأت أخبارها أركان المعمورة. بريطانيا علّقت مفاوضاتها بشأن التجارة الحرّة مع إسرائيل، وفرضت عقوبات على أفراد وكيانات تشجّع الاستيطان في الضفة الغربية، في 20 أيار/ مايو الجاري، مهدّدة على لسان رئيس وزرائها كير ستارمر ووزير خارجيتها ديفيد لامي بفرض عقوبات جديدة خلال الأيام والأسابيع القادمة إن لم تستجب إسرائيل لدعواتها بإدخال المساعدات فورًا. الموقف البريطاني جاء بعد بيان مشترك لبريطانيا وفرنسا وكندا شديد اللهجة، مهدّدًا "باتخاذ إجراءات إذا لم توقف إسرائيل هجومها على غزة وترفع القيود على المساعدات"، مؤكّدًا على أنهم "لن يقفوا مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو أفعالها الفاضحة". وفي نفس السياق، صوّت الاتحاد الأوروبي في 20 أيار/ مايو، بأغلبية 17 صوتًا من أصل 27 على مراجعة اتّفاقية الشراكة مع إسرائيل، وفقًا لمعايير القانون الدولي، وحقوق الإنسان، ما يفتح الباب على احتمال فرض عقوبات لاحقًا. هذا، بالإضافة إلى تصديق البرلمان الإسباني على النظر في مقترح حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل، وإعلان فرنسا على لسان رئيس وزرائها فرانسوا بايرو؛ بأن حركة الاعتراف بدولة فلسطين لن تتوقف، في إشارة إلى عزم فرنسا وبريطانيا وكندا الاعتراف بدولة فلسطين. صحوّة أوروبية متأخّرة صحيح أنّ المواقف الأوروبية جاءت متأخّرة جدًا، وما زالت تتحاشى وصف ما يجري في قطاع غزة بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية وجرائم الحرب، لكنها مهمّة لأنها صادرة عن دول صديقة وراعية لإسرائيل تاريخيًا. وهي دول لطالما لاحقت كل ناقد لسياسات إسرائيل العنصرية وانتهاكاتها للقوانين الدولية وحقوق الإنسان بذريعة معاداة السامية، ما يشكّل تحولًا في مواقف تلك الدولة وفشلًا للرواية الإسرائيلية المبنية على المظلومية، وتهاوي سرديتها الاحتلالية المبنية على مبدأ الدفاع عن النفس والدفاع عن الحضارة والنور، في مواجهة محور الشر والظلام، فأصبحت إسرائيل اليوم في عيون أصدقائها ورعاتها قاتلة للأطفال، ومرتكبة لانتهاكات مروّعة بحق المدنيين العزّل. هذا التغيّر في المواقف دفع مصدرًا في الخارجية الإسرائيلية للتعليق على الموضوع لصحيفة يديعوت أحرونوت في 21 أيار/ مايو بالقول؛ "نحن أمام أسوأ وضع مررنا به على الإطلاق والعالم ليس معنا.. نحن أمام تسونامي حقيقي سيزداد سوءًا". على أهمية المواقف الأوروبية تلك، فإنها لم ترقَ بعد إلى مستوى الفعل والترجمة إلى إجراءات قويّة وعقوبات مؤثّرة اقتصاديًا وعسكريًا على إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية وسياسة التجويع المتوحّشة بحق الأطفال والمدنيين العزّل في غزة، وهذا استحقاق سياسي وأخلاقي لا بد منه إذا أرادت الدول الأوروبية أن تستعيد جزءًا من مصداقيتها التي سقطت بدعمها إسرائيل، وبصمتها على جرائمها طوال 19 شهرًا، والتي ارتقت إلى حد الإبادة الجماعية المتوحّشة. دون اتخاذ الدول الأوروبية عقوبات جادّة وثقيلة توقف جرائم إسرائيل وتوقف عدوانها على غزة؛ ستكون تلك المواقف مجرّد وسيلة مكشوفة لتبرئة الذات أمام الرأي العام الدولي، لأن الجميع يعرف قدرات الاتحاد الأوروبي على الضغط على إسرائيل، فالاتحاد الأوروبي أكبر وأهم شريك لإسرائيل وفقًا لاتفاقية الشراكة الموقعة بينهما منذ العام 1995، والتي دخلت حيّز التنفيذ في 1 يونيو/ جزيران 2000. وتعد هذه الاتفاقية مجالًا للتعاون المشترك بينهما في السياسة، والتنمية الاقتصادية، والتبادل التجاري، والتعاون العلمي والتكنولوجي، والثقافة، وتعتبر احترام حقوق الإنسان جزءًا أساسيًا من بنودها. وفي سياق التفسير لأسباب هذا التحوّل في الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل ونتنياهو، يمكن الإشارة إلى عدة مسائل أهمها: أن إسرائيل فشلت في مقاربتها العسكرية، ولا يوجد أفق لنجاح هذه المقاربة رغم وحشيتها، علاوة على أن حكومة نتنياهو المتطرفة ما زالت تصرّ على استمرار العدوان على قطاع غزة بهدف تهجير الفلسطينيين، كما جاء بشكل واضح وجلي على لسان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ما يجعل أفق الصراع غامضًا ومربكًا لكافة الأطراف، وربما يحمل في طياته مع طول الزمن اضطرابات شرق أوسطية، واضطرابات داخل بعض الدول العربية؛ بسبب الاحتقان المتعاظم لدى الشعوب العربية، ما يُقلق الأوروبيين شركاء العرب في حوض البحر الأبيض المتوسط، الذي لم يهدأ منذ "الربيع العربي" 2011. تحوّل العدوان الصهيوني على غزة إلى حالة من العبث بأرواح المدنيين والأطفال قتلًا وتجويعًا، ما شكّل حرجًا للحكومات الغربية أمام شعوبها التي لم تهدأ في رفضها العدوان والإبادة والتجويع، وخاصة في أهم الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا، وهولندا، والنرويج، ويلجيكا، وبريطانيا التي شهدت يوم السبت الماضي 17 أيار/ مايو مسيرة شارك فيها نحو نصف مليون بريطاني وبريطانية. استمرار التوحّش الإسرائيلي وارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي أبشع الفظائع ضد المدنيين والأطفال، يهدّد السلطة الأخلاقية للمنظومة الغربية التي لطالما تغنّت بها مقارنة بالدول الأخرى، واستخدمتها في الضغط على أنظمة بعينها، ولذلك فإن الاستدراك الأوروبي من باب القانون الدولي وحقوق الإنسان يعدّ محاولة، ولو متأخرة، لإنقاذ صورة المنظومة الغربية، ولاسترداد مصداقيتها أمام العالم وشعوبها الناقدة والناقمة على إسرائيل؛ بسبب وحشيتها وارتكابها إبادة جماعية وتجويعًا لأكثر من مليونَي إنسان في قطاع غزة. الموقف الأوروبي يستمد قوّته أيضًا من توجه الإدارة الأميركية لوقف إطلاق النار في غزة، وحدوث تباين في الموقف الأميركي مع إسرائيل في معالجة الملف النووي الإيراني عبر المفاوضات، وانسحاب واشنطن من الاشتباك مع الحوثيين في اليمن، ورفع العقوبات الأميركية عن سوريا، فذلك يجعل المواقف الأوروبية تتقاطع مع رغبة أميركية لوقف الحرب على غزة، وهو ما يفسّر امتناع واشنطن عن انتقاد تلك المواقف، ما يعد قبولًا ضمنيًا لها. فرصة عربية التغيّر في الموقف الأوروبي يوفّر فرصة سانحة للدول العربية، لانتهازها في تفعيل مواقفها ضد إسرائيل المحتلة وحربها المجنونة والعبثية في قطاع غزة. الدول العربية تملك أوراقًا مهمّة وقوّية يمكن أن تشكل عاملًا حاسمًا لوقف الإبادة الجماعية، ومن ثم رفع الحصار، والبدء بالإعمار وفقًا للخطة العربية. فكما بدأ الاتحاد الأوروبي بالتهديد والشروع في إجراءات تدريجية، يمكن أن يفعل العرب ذلك وأكثر؛ بوقف التطبيع وقطع العلاقات السياسية ووقف كافة الشراكات الأمنية والاقتصادية إذا لم توقف إسرائيل العدوان وحرب الإبادة على غزة وفتح المعابر لدخول المساعدات فورًا، فبريطانيا ليست أولى بفلسطين من العرب، أهل الجوار والعمق الإستراتيجي لفلسطين. وإذا كان البعض يخشى من ردة فعل واشنطن، فهذا انتفى الآن قياسًا على صمت واشنطن على المواقف الأوروبية الناقدة والمهدّدة لإسرائيل بالعقوبات في أقرب الآجال، هذا ناهيك عن إعراب واشنطن عن رغبتها في وقف الحرب وإشاعة السلام في المنطقة. وليس أسوأ على المنطقة من استمرار العدوان على غزة، وتهجير الشعب الفلسطيني، فهذه وصفة باعثة للاضطراب ومهدّدة لأمن المنطقة وسلامتها، ولذلك يصبح التحرّك الآن أكثر جدوى وأقدر على حماية المنطقة العربية من عبث إسرائيل المحتلة التي ترى في الصمت العربي تشجيعًا لها على التمادي والغطرسة، واستمرار العدوان على غزة والضفة الغربية، وسوريا، ولبنان. الدول العربية تملك الإمكانات والقدرة على ممارسة الضغط المباشر على إسرائيل المحتلة، كما أن تفعيل أوراق قوّتها سيحفّز واشنطن ويدفع الرئيس ترامب أيضًا لحسم موقفه بوقف العدوان على غزة ومنع تهجير الفلسطينيين، وفي ذلك حماية للقضية الفلسطينية وأمن المنطقة وسلامتها من شرّ إسرائيل وغطرستها المنفلتة من عقالها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store