
اللاحرب
يعرف الرئيس عون أن الوضع الداخلى فى لبنان لا يتحمل تبعات إبرام اتفاق سلام ليس له من اسمه نصيب، أيًا ما كانت الضغوط الأمريكية عليه. وعلاوة على أن مثل هذا الاتفاق لا يُحقَّق سلامًا حقيقيًا، كما ثبت فى اتفاقات عدة أبرمتها دول عربية مع الكيان الإسرائيلى، فالتطبيع ليس إلا وصفة لحرب أهلية لبنانية جديدة. قطاع واسع من الشعب اللبنانى يرفض أى تطبيع مع الكيان الإسرائيلى. لا يقتصر هذا الرفض على حزب الله وأنصاره الكُثُر فى الطائفة الشيعية بالأساس، بل يشمل أحزابًا وتيارات سياسية تختلف فيما بينها على قضايا كثيرة، ولكنها تتفق على أن التطبيع مع الكيان الإسرائيلى خط أحمر. وما الحديث عن أن حزب الله هو الذى يقف ضد هذا التطبيع، إلا حرمان لأحزاب وتيارات شتى من شرف رفض الانصياع للضغوط الأمريكية ومقاومة أى علاقة مع الكيان، الذى ترتكب حكومته جرائم إبادة شاملة غير مسبوقة فى التاريخ الحديث.
كما أن الوضع بين لبنان والكيان الإسرائيلى لا يتطلب أكثر من اتفاق أمنى قد يتضمن تنسيقًا عسكريًا فى المناطق الحدودية، وليس أكثر من ذلك، لتجنب نشوب حرب جديدة. ولذا أصاب الرئيس عون عندما قال إن السلام بالنسبة إلى لبنان هو اللاحرب. وفى تاريخ الصراع العربى-الصهيونى حالة قريبة ولكنها ليست مشابهة، وهى حالة «اللاسلم واللاحرب» التى كان الراحل الكبير محمد حسنين هيكل أول من كتب عنها فى فبراير 1972 فى «الأهرام» لوصف الوضع بين مصر والكيان الإسرائيلى عقب حرب الاستنزاف. لكن حالة «اللاسلم واللاحرب» تلك كانت مؤقتة انتهت بعد 20 شهرًا من بدء الحديث عنها. أما حالة اللاحرب التى يسعى إليها الرئيس اللبنانى فقد تستمر إلى أجل غير مسمى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 7 ساعات
- أخبارنا
د. عامر سبايلة : إيران: فشل المفاوضات وتفعيل ما تبقى من الجبهات
أخبارنا : تشير تطورات المشهد الإقليمي إلى احتمالية دخول المنطقة في مرحلة تصعيدية جديدة، عنوانها الأبرز تعثّر عودة إيران إلى المفاوضات وفقاً للشروط الأميركية، والتهديد الأميركي المتزايد بتقديم الدعم النوعي لإسرائيل في إطار جولة المواجهة القادمة مع طهران. تعثّرت المفاوضات المتعلقة بالهدنة في غزة، وتبنّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لهجة تلويم حادّة تطال حماس بسبب إفشالها المستمر للصفقة، وهو ما يمكن تفسيره إسرائيلياً على الأرض بعمليات نوعية وتعزيز لفكرة تفريغ غزة ديموغرافيا، وهي الفكرة التي ستعمل عليها حكومة نتنياهو بشكل أكبر في المرحلة القادمة. ويتوافق هذا التصعيد أيضاً مع الخطوات التي تعمل إسرائيل عليها في الضفة الغربية في إطار سعيها لضم أراضٍ واسعة وخلق واقع جديد. من هنا، يمكن رصد أيضاً ردّة فعل وزير المالية سموتريتش على تصريح الرئيس الفرنسي ماكرون بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، حيث كان ردّه بالإعلان ضمنيا عن أراضٍ في الضفة الغربية، وهو ما قد يدفع هذه الحكومة الإسرائيلية إلى تسريع هذه الخطوة، مستفيدين أيضاً من موقف الرئيس ترامب، الذي أشار إلى كلام ماكرون بوصفه عديم القيمة والأثر، حيث صرح ترامب قائلاً عن ماكرون قائلاً: "ما يقوله لا يهم." على الصعيد اللبناني، لا توحي الرسائل القادمة من حزب الله بامتثال الحزب للشروط الأميركية، كما أن تسليم سلاح الحزب لا يبدو أمرًا ممكنًا بسهولة، وهو ما يفتح المشهد اللبناني على سيناريو التصعيد، خصوصاً مع استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات متكرّرة تستهدف ترسانة حزب الله وعناصره. ويواكب هذا التصعيد الإسرائيلي، الذي يجعل المشهد اللبناني مفتوحا على احتمالية التدهور الأمني، سعي أميركي دبلوماسي مباشر لتعديل مهام قوات اليونيفيل وتحويلها إلى قوات فرض سلام، مما يعني دورًا أكبر على الأرض واحتمالية مواجهة ميدانية مع حزب الله. أما الجبهة السورية، التي كان عنوانها الأبرز في الأسابيع الماضية "مواجهات السويداء"، فإن الدخول الإسرائيلي على خط المواجهة المباشرة ناتج أيضاً عن قلق حقيقي من تحويل المناطق المحاذية للجولان إلى مناطق فوضى يمكن استغلالها لخلق حالة من الانفلات الأمني تستثمر في استهداف الداخل الإسرائيلي. وتخشى إسرائيل من أن يشكّل هذا الوضع المناخ الأمثل لعودة إيران ووكلائها إلى النشاط الفعلي ضدها. أما جبهة اليمن، فهي الجبهة التي لم تهدأ، والتي أبقت على حالة استهداف إسرائيل بالصواريخ، حتى وإن لم تؤدِّ هذه الاستهدافات إلى أضرار كبيرة، فإنها ما تزال تشكّل تهديداً حقيقياً بالنسبة لإسرائيل، خصوصاً وأن هذه الجبهة هي الأكثر صعوبة حتى الآن، والأقل اختراقاً على المستوى الاستخباري، مما يعكس استعصاءً استخبارياً واضحاً – على الأقل في المرحلة الحالية، مما يجعلها الجبهة الأمثل بالنسبة لإيران للإبقاء على مناخ التهديد قائماً، ويمنح إيران القدرة على الحفاظ على جزء من توازن الردع، لا سيما بعد انتقال إسرائيل للعمل المباشر داخل إيران أثناء حرب الأيام الـ12 أو بعدها. وفي ظل تعثّر إنجاز أي من الملفات العالقة على كافة الجبهات، من غزة إلى لبنان، اليمن وإيران، فإن المنطق الإيراني لا بد أن يتجه نحو تخفيض الضغوط باستخدام آخر ما تبقّى من أوراق، في ظل تعثّر الحلول وتعطّل التسويات الدبلوماسية. فالجبهات التي كانت تسعى إيران من خلالها لتهديد إسرائيل تم احتواؤها إلى حدّ كبير، والسعي الإيراني لفرض المواجهة على إسرائيل من حدودها أو من داخلها، كما جرى في السابع من أكتوبر، لم يعد خياراً قائماً. بل إن إسرائيل قلبت المعادلة بفرض المواجهة على إيران داخل أراضيها، وبالتالي فإن تخفيف الضغوط على إيران اليوم قد يتم عبر سعيها للاستفادة ممّا تبقى من قدرات لوكلائها، وتفعيل عوامل الخطر المحيطة بإسرائيل من الجبهات القريبة، أو حتى عبر التطورات في القدرات الصاروخية القادمة من اليمن. إن تفعيل إيران لما تبقّى من جبهات يأتي في إطار الاستفادة من حالة الضغط الحالي في أي مفاوضات مقبلة.

سرايا الإخبارية
منذ 16 ساعات
- سرايا الإخبارية
د. خالد السليمي يكتب: "إسرائيل" والخرائط المُتغيّرة .. من دفاع الوجود إلى حرب الامتداد
بقلم : لعبة الخرائط المُتبدلة وغياب اليقين الاستراتيجي في خضم عالمٍ يتغير بخطى متسارعة تدخل إسرائيل مرحلة جديدة من سياستها الاستراتيجية، تتجاوز فيها خطوط الدفاع إلى آفاق التمدد والهيمنة، لم تعُد الحدود الجغرافية سوى فكرة مؤقتة في عقل صانع القرار الإسرائيلي، بل غدت الأدوات الأمنية والسياسية تُوظَّف لفرض واقع جديد بالقوة، ومنذ السابع من تشرين الأول 2023، اتخذت إسرائيل من مجزرة غزة منصةً لإعادة صياغة معادلة الردع الإقليمية، مستفيدةً من الغطاء الغربي وتردد بعض الأنظمة العربية في اتخاذ مواقف حاسمة، وها هي تفتح على نفسها جبهات متعددة، في الجنوب والشمال، وفي العمق الإقليمي، وكأنها تسابق الزمن لرسم خريطة جديدة على أنقاض الوضع القديم. من دبلوماسية التطبيع إلى أحلام التقسيم منذ توقيع "اتفاقيات أبراهام" عام 2020 تحركت إسرائيل نحو بناء شبكة تحالفات أمنية واقتصادية مع دول عربية تحت عنوان "السلام"، لكنها في الحقيقة كانت تزرع بذور التغلغل الاستراتيجي، فبالنسبة لإسرائيل، السلام ليس نهاية الحرب، بل مرحلة لإعادة التموضع، استخدمت تل أبيب تلك الاتفاقيات لشرعنة وجودها الإقليمي، وفي الوقت ذاته لتقويض العمق العربي من الداخل، تسللت إلى المنظومات التكنولوجية، والنسيج الاجتماعي، وسعت إلى تحويل التطبيع من خيار سياسي إلى واقع أمني استراتيجي يخدم أطماعها في التوسع والهيمنة. غزة... بداية الزلزال جاءت عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023 بمثابة الزلزال الذي أطاح بأسس الرواية الأمنية الإسرائيلية، لم تكن مُجرد اختراق أمني، بل لحظة سقوط كامل لأسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وما تبعها من حملة إبادة همجية على غزة، أسفرت عن استشهاد أكثر من 59 ألف فلسطيني، وأكثر من 145 ألف إصابة حتى تموز 2025، حيثُ كانت انعكاساً لحالة الهلع الاستراتيجي داخل إسرائيل، لجأت إلى سياسة الأرض المحروقة، وقصفت المدنيين والمستشفيات وحتى قوافل المساعدات، تحت غطاء صمت دولي مريب، لكن المقاومة، رغم الحصار والقصف، ظلّت تقاتل، وتعيد تعريف مفاهيم الصمود والردع، وتفرض معادلة جديدة. تمدُد الجبهة الشمالية وتفكك الجبهة الداخلية منذ تشرين الثاني 2023، بدأت جبهة الشمال تشتعل تدريجياً، حيث دخل حزب الله اللبناني المعركة بشكل تكتيكي، أربك الحسابات الإسرائيلية، وأجبر الجيش الإسرائيلي على إعادة تموضعه، ومع تهديدات الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله بتوسيع الضربات لتشمل العمق الإسرائيلي، بدأت المستوطنات في الجليل الأعلى تُخلى، ومناطق صناعية حيوية تُغلق، في الوقت ذاته، تعيش الجبهة الداخلية الإسرائيلية حالة من الهشاشة والانقسام السياسي، في ظل تراجع ثقة الجمهور بقيادة نتنياهو وتآكل شرعيته، وقد حذر الجنرال عاموس يادلين (الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية) في كانون الأول 2023 من أن "إسرائيل تخسر معركة الشرعية الدولية وتخوض حرباً على أكثر من جبهة بلا أفق سياسي". الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن... شريك في الجريمة بالصمت والتسليح خلال فترة حكم الرئيس جو بايدن، تحولت الولايات المتحدة من "وسيط نزيه" إلى شريك مباشر في العدوان على غزة، فقد أرسل بايدن في تشرين الأول 2023 حاملة الطائرات "جيرالد فورد" إلى البحر المتوسط، ووافق على تزويد إسرائيل بأكثر من 14 مليار دولار كمساعدات عسكرية إضافية، التقطت العدسات دموعه المصطنعة في تل أبيب، بينما كانت طائرات (F-35) تقصف مخيمات اللاجئين في رفح وخان يونس، ومع ذلك، تجاهل بايدن دعوات وقف إطلاق النار، ورفض الاعتراف بجرائم الحرب، بل استخدم الفيتو الأمريكي ضد قرارات وقف العدوان في مجلس الأمن أكثر من خمس مرات خلال ستة أشهر. ترامب يعود... وموقف مختلف من المغامرات الإسرائيلية عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني 2025 غيّرت ملامح التوازن السياسي الأمريكي-الإسرائيلي، ورغم أن ترامب يُعرف بدعمه لإسرائيل، إلا أن تصريحاته الأخيرة أظهرت اختلافاً في مقاربة الأزمة، ففي آذار 2025، صرح في مقابلة مع(Fox News) : نتنياهو فقد السيطرة، والعدوان على غزة أضرّ بمصالحنا مع الدول العربية، نحن نحتاج إعادة تقييم علاقتنا بالمغامرات الإسرائيلية"، هذه اللغة الصادمة دفعت وسائل إعلام إسرائيلية إلى مهاجمته، فيما بدأت دوائر القرار في تل أبيب بالتوجس من انفكاك الغطاء الأمريكي الكامل، مما قد يُحدث شرخاً استراتيجياً في تحالفهما التاريخي. خطر التمدد إلى الأردن وسيناريوهات الرد التقارير الاستخبارية الغربية بدأت تحذّر من محاولة إسرائيلية للتلاعب بالحدود الشرقية، وخلق ظروف تمهّد لفرض "ترانسفير ناعم" لسكان غزة والضفة إلى الأردن، السيناريو ليس جديداً، بل تعود جذوره إلى خطة إيغال ألون (1967) وتصريحات أفيغدور ليبرمان عام 2013 حين قال: "الأردن هو فلسطين، والحل هناك"، وفي آذار 2025، تم ضبط طائرات مسيّرة إسرائيلية قرب الحدود الأردنية، ما اعتُبر رسالة اختبارية، وقد أكدت مصادر أمنية أردنية حينها أن "أي اعتداء سيتم الرد عليه فوراً، وبما يفوق حجم التوقع"، هذا التصعيد يتطلب جهوزية استراتيجية وموقفاً دولياً واضحاً. السيناريوهات المتوقعة... ما بعد الزلزال في ظل التصعيد المستمر، ثمة سيناريوهات متعددة تتشكل على طاولة صناع القرار في المنطقة، الأول: استمرار العدوان الإسرائيلي وتمدده نحو الحدود مع لبنان وسوريا، مما قد يؤدي إلى حرب إقليمية مفتوحة، الثاني: محاولة فرض تهجير قسري جزئي أو كامل للفلسطينيين نحو الأردن وسيناء، تحت ذرائع إنسانية، الثالث: انهيار الداخل الإسرائيلي نتيجة الانقسام السياسي وفقدان الثقة بقيادة نتنياهو، مما يفتح الباب لانتخابات مبكرة، أما الرابع، فهو سيناريو التدويل، حيث تدخل قوى كبرى على الخط بفرض تسوية جديدة، جميع هذه السيناريوهات تحمل تهديدات وجودية تتطلب استشرافاً استباقياً وتحالفات إقليمية وقرارات سيادية حاسمة. الأردن والموقف الثابت في وجه التمدد الإسرائيلي رغم الضغوط الإقليمية والدولية، ظل الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، صامداً في وجه محاولات تصدير الأزمة الإسرائيلية إلى دول الجوار، لم ينجرّ الأردن إلى أي محاور تخدم أجندات طائفية أو ميليشيائية، بل اختار الدفاع عن القدس والمقدسات بهدوء القوة وعقلانية الرد، وقف الأردن في وجه مخططات التهجير القسري في غزة والضفة الغربية، وأكد في جميع المحافل أن الأمن القومي الأردني والفلسطيني لا يمكن تجزئته، وفي رسالة واضحة، قال جلالة الملك خلال القمة العربية في الرياض عام 2024: "لن نسمح بأن يُعاد تشكيل المنطقة على حسابنا، ولن نكون وطناً بديلاً". حكمة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسن في هندسة التوازن الإقليمي في لحظة يغيب فيها العقل الاستراتيجي عن بعض عواصم القرار، يبرز جلالة الملك عبدالله الثاني كصوتٍ عاقل يقود منطق التوازن لا الانجرار، لم يسقط في فخ الانفعال، بل سعى إلى تأمين الجبهة الداخلية، وتعزيز الجبهة الدبلوماسية، وحشد الرأي العام العالمي ضد العدوان على غزة، وخلال زيارته إلى برلين في أبريل 2025، قال بوضوح: "السلام لا يولد من رحم القتل، ولا من ركام المدن المدمرة"، هذه الحكمة جعلت الأردن اليوم مركز توازن إقليمي، ومحور استقرار في بيئةٍ تموج بالصراعات. التوصيات الاستراتيجية لمواجهة مرحلة ما بعد أكتوبر: 1. تعزيز وحدة الموقف العربي من خلال قمة طارئة تضع خطوطاً حمراء أمام أي محاولة تهجير أو تقسيم. 2. تحصين الجبهة الداخلية الأردنية أمنياً وسياسياً وإعلامياً، والتصدي لأي محاولات اختراق. 3. إعادة صياغة الخطاب الإعلامي العربي لكشف جرائم الاحتلال وفضح داعميه. 4. المطالبة بتحقيق دولي مستقل في جرائم الحرب في غزة بموجب القانون الدولي. 5. التحرك العربي نحو مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية بمبادرة جماعية. 6. مراجعة اتفاقيات السلام والتطبيع والتهديد الحقيقي بتجميدها حتى وقف العدوان والانسحاب من الأراضي المحتلة. 7. الاستعداد العسكري والاستخباري لأي سيناريو مفاجئ من الجانب الإسرائيلي. 8. دعم جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في حماية القدس ورفض الوطن البديل كعقيدة وطنية لا مساومة عليها.


أخبارنا
منذ يوم واحد
- أخبارنا
د. ذيب القرالة : براك .. هل (يورط) حزب الله؟
أخبارنا : يبدو ان ( الازمة ) في لبنان تأخذ تدريجيا خطوات يومية باتجاه ( الانزلاق ) الى منحنيات خطيرة ، في ضوء اختلاف ( الاجندات ) و ( النوايا ) و ( المصالح ) لدى مختلف الاطراف المنخرطة فيها، في ضوء الضغوط الدولية والاقليمية على بيروت ، وربط الدعم و المساعدات التي ستُقدم لها ، بنزع سلاح حزب الله ، الذي يرفض هذا الامر بوضوح لاعتقاده ان قوته ودوره المستقبلي يعتمد فقط على سلاحه ، وليس على اي وعود او تطمينات من اي طرف كان . التصريحات ( الضبابية ) التي اطلقها السفير الأمريكي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توم باراك ، خلال زياراته الثلاث الى لبنان ( المُعلنة و المفاجئة ) تؤشر الى ان هناك ( مُصيبة ) تُطهى على نار هادئة ، لكي يتم انضاجها في الوقت المناسب ، لكل من اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية. براك الذي قال ان وجود لبنان كله على المحك ، وانه قد يعود الى الارتباط بالشام ، عاد واكد ان نزع سلاح حزب الله هو مسألة داخلية للغاية ، و أن عدم تسليم هذا السلاح سيكون مخيبا للآمال لكن ( لن تكون هناك عواقب ) من جانب بلاده على لبنان. وخلال الفترة الماضية نقل برًاك الى لبنان ورقتين تطالبان بنزع كامل لسلاح حزب الله وخاصة الثقيل ( الصواريخ والمسيرات ) الذي يؤذي اسرائيل ، وان هذا الأمر حاسم ويجب ان يكون ضمن جدول زمني يبلغ منتهاه قبل نهاية العام الجاري. وفي تصريحات اخرى ، لفت برًاك الى ان امريكا لن تجبر اسرائيل على فعل اي شيء، لكنه اكد انه لن يكون هناك ( حربا اسرائيلية ) على لبنان ، والسؤال هو ما هي الخطة التي يعمل عليها هذا الرجل؟ في ضوء تباين رسائله ( حمالة الأوجه ) خاصة انه يعلم تفاصيل ( الموقف الصعب ) الذي تعيشه الحكومة اللبنانية ، التي تخشى ان يؤدي نزع سلاح الحزب بالقوة من خلال الجيش ( ان استطاع ) الى حرب اهلية، قد تستدعي تدخلا دوليا ، خاصة اذا ما اصبحت تداعياتها عابرة للحدود، فهل هذا هو المطلوب والمُراد ؟ تلك المواقف المتناقضة ، وجدت صداها في اعلان حزب الله المتكرر ، انه لن يسلم سلاحه، فهل نجح برًاك في ( توريط ) حزب الله ، واوهمه انه لن يكون هناك عواقب ( امريكية - اسرائيلية ) ضد الحزب في حال عدم تسليم السلاح، وهل بلع الحزب ( الطُعم )واكد على لسان امينه العام انه لن يُسلًم سلاحه ، لان اسرائيل لم تنسحب من التلال المحتلة في لبنان ،ولم تلتزم بالاتفاق الموقع معها في ٢٧ تشرين الثاني الماضي. ومما يؤكد ان النية مبيتة لدى اسرائيل ،هو مطالبتها لواشنطن بالعمل على انهاء مهمة قوات اليونيفل في جنوب لبنان، واللافت ان الكونغرس الامريكي لم يجدد موازنات قوات ( اليونيفل ) القادمة ، علما بان واشنطن تقدم ثلث موازنة اليونيفل . لبنان الرسمي ، بعيش حالة قلق عميق ، وعدم قدرة على اتخاذ اي قرار ، وهو واقع بين نارين ، نار تشدد مواقف الحزب والخوف من وقوع حرب اهلية ، ونار الضغوط الامريكية والدولية عليه . ورغم مطالبة لبنان، بضمانات امريكية بانسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية ، وبعدم الاعتداء على لبنان، الا ان ردود واشنطن خيبت آماله لانها تركت الابواب مشرعة امام اسرائيل لكي تفعل ما تشاء . واذا كان الموقف الرسمي اللبناني صعب ومعقد ، فان مؤيدي الحزب يعبرون ايضا عن مخاوفهم من ان لا تكتفي اسرائيل بنزع سلاح حزب الله ،بل تذهب الى تهجير الشيعة من جنوب لبنان، معتبرين ان هناك خطرا آخر يواجههم وقد يأتي من الجهاديين في سوريا. والطرف اللبناني الاخر المعادي للحزب، يضع يده على قلبه ، وفئات كثيرة منه تعتبر ان قرار حزب الله بعدم تسليم السلاح، هو قرار ايراني، في ضوء خشية طهران من استهدافها مرة ثانية ، ولذلك هي ستحاول قدر المستطاع ، الحفاظ على اذرعها في المنطقة فعالة ، لكي يتم استخدامها كورقة ضغط و ( أداة ردع ). واذا كانت اسرائيل والولايات المتحدة ، تركزان على ضرورة نزع السلاح الثقيل من الحزب ، فان قطاعات من الشعب اللبناني تعتبر ان ( السلاح الفردي ) لحزب الله هو الاخطر ، لاعتقادها انه سيوجه ضد اللبنانيين ، في اية مواجهة قادمة. في ضوء كل هذه التباينات في المواقف لدى مختلف الاطراف ، سيبقى لبنان يتقلى على الجمر ، وظروفه مهيأة لجميع السيناريوهات، التي ترتبط ارتباطا مباشرا ، بالتطورات الجارية و ( المفاجئة ) في الاقليم ، الذي ستكون موجة ( نزع السلاح) من الجميع ، احد ابرز ملامحه، تمهيدا لارساء قواعد الشرق الاوسط الجديد، الذي لا سلاح مؤثر فيه ، الا سلاح اسرائيل المسيطر والمُهيمن.